نص السؤال

هل بعث النبي محمد بأي نوع من أنواع المعجزات؟

المؤلف: مركز رواد الترجمة

المصدر: قاموس الأسئلة الشائعة حول الإسلام

الجواب التفصيلي

هل بعث النبي محمد بأي نوع من أنواع المعجزات؟

الحمد لله، لقد بعث نبينا صلى الله عليه وسلم بمعجزات كثيرة، قال ابن كثير رحمه الله: (وقد جمع الأئمة في ذلك ما زاد على ألف معجزة، فمن أبهرها وأعظمها القرآن العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وإعجازه من جهة لفظه ومعناه، أما لفظه ففي أعلى غايات فصاحة الكلام، وكل من ازدادت معرفته بهذا الشأن ازداد للقرآن تعظيماً في هذا الباب، وقد تحدى الفصحاء والبلغاء في زمانه مع شدة عدواتهم له، وحرصهم على تكذيبه، بأن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله، أو بسورة، فعجزوا، وأخبرهم أنهم لا يطيقون ذلك أبداً، بل قد تحدى الجن والإنس قاطبة على أن يأتوا بمثله فعجزوا، وأخبرهم بذلك،

فقال الله تعالى:

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}

[الإسراء: 88]

إلى غير ذلك من الوجوه المثبتة لإعجازه، وأما معناه فإنه في غاية التعاضد والحكمة، والرحمة والمصلحة، والعاقبة الحميدة والاتفاق، وتحصيل أعلى المقاصد، وتبطيل المفاسد، إلى غير ذلك مما يظهر لمن له لب وعقل صحيح خال من الشبه والأهواء، نعوذ بالله منها ونسأله الهدى. 

ومن ذلك أنه نشأ بين قوم يعرفون نسبه ومرباه ومدخله ومخرجه، يتيمًا بين أظهرهم أمينًا صادقًا بارًّا راشدًا، كلهم يعرف ذلك، ولاينكره إلا من عاند وسفسط وكابر، وكان أُمِّيًّا لا يحسن الكتابة ولا يعانيها ولا أهلها، وليس في بلادهم من علم الأولين، ولا من يعرف شيئاً من ذلك فجاءهم على رأس أربعين سنة من عمره يخبر بما مضى مفصَّلًا مبينًا، يشهد له علماء الكتب المتقدمة البصيرون بها المهتدون بالصدق...، ومن ذلك ما أخبر صلى الله عليه وسلم به في هذا القرآن، وفيما صح عنه من الأحاديث، من الغيوب المستقبلة المطابقة لخبره حذو القُذَّة بالقُذَّة، مما يطول استقصاؤه ههنا، ومن ذلك ما أظهره الله تعالى على يديه من خوارق العادات الباهرة، فمن ذلك: ما أخبر الله عز وجل عنه في كتابه العزيز من انشقاق القمر، وذلك أن المشركين سألوه آيةً، وكان ذلك ليلًا، فأشار إلى القمر، فصار فرقتين، فسألوا من حولهم من الأحياء، لئلا يكون قد سحرهم فأخبروهم بمثل ما رأوا، وهذا متواتر عنه عند أهل العلم بالأخبار، وقد رواه غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ومن ذلك ما ظهر ببركة دعائه...، 

فمن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم دعا الله تعالى في السَّخْلةِ التي كانت مع ابن مسعود في الرعي، وسمى الله وحلبها، فَدَرَّت عليه، فشرب وسقى أبا بكر، وكذلك فعل في شاة أم معبد، ودعا للطفيل بن عمرو، فصارت آيةٌ في طرف سوطه نورٌ يلمع يُرى مِن بُعد، وكذلك حصل لأُسيد بن الحُضير وعَبَّاد بن بِشر الأنصاري، وقد خرجا من عنده في ليلة ظلماء، ودعا الله على السبعة الذي سخروا منه وهو يصلي، فقُتِلوا ببدر، ودعا على ابن أبي لهب، فسلط الله عليه السبع بالشام وِفْقَ دعائه عليه السلام، ودعا على سراقة فساخت يدا فرسه في الأرض، ثم دعا الله فأطلقها، ورمى كفار قريش في بدر بقبضة من حصباء فأصاب كلًّا منهم شيءٌ منها وهزمهم الله، وكذلك فعل يوم حنين سواء، وأعطى يوم بدر لعكاشة بن محصن جَذْلًا من حطب فصار في يده سيفًا ماضيًا، وأخبر عمه العباس -وهو أسير- بما دفن هو وأم الفضل من المال تحت عتبة بابهم، فأقرَّ له بذلك، وأخبر عمير بن وهب بما جاء له من قتله معتذرًا بأنه جاء في فداء أسارى بدر، فاعترف له بذلك، وأسلم من وقته رضي الله عنه، وردَّ يومَ أحد عينَ قتادة بن النعمان الظفري بعد أن سالت على خده -وقيل: بعدما صارت في يده- فصارت أحسن عينيه، فلم تكن تُعرف من الأخرى، وأطعم يوم الخندق الجمَّ الغفيرَ الذين يقاربون ألفًا من سخلة وصاع شعير ببيت جابر، كما أطعم يومئذٍ من نزر يسير من تمر، جاءت به ابنة بشير، وكذلك أطعم نحو الثمانين من طعام كادت تواريه يده المكرَّمة، وكذلك فعل يوم أصبح عروسًا بزينب بنت جحش، وأما يوم تبوك فكان أمرًا هائلًا، أطعم الجيش وملؤوا كل وعاء معهم من قدر ربضة العنز طعامًا، وأعطى أبا هريرة رضي الله عنه مزودًا فأكل منه دهره، وجهَّز منه في سبيل الله شيئًا كثيرًا، ولم يزل معه إلى أيام مقتل عثمان...، ودعا الله تعالى لما قحطوا فلم ينزل عن المنبر حتى تحدر الماء على لحيته صلى الله عليه وسلم من سقف المسجد، وقد كان قبله لا يرى في السماء سحابة ولا قزعة ولا قدر الكف، ثم لما استصحى لهم انجاب السحاب عن المدينة حتى صارت المدينة في مثل الإكليل، ودعا الله على قريش فأصابهم من الجهد ما لا يُعبَّر عنه، حتى استرحموه، فعطف عليهم فأفرج عنهم، وأُتي بإناء فيه ماء ليتوضأ به، فرغب إليه أقوام هناك أن يتوضؤوا معه فوضع يده في ذلك الإناء، فما وسعها، ثم دعا الله، فنبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، وكذلك فعل يوم الحديبية، وكان الجيش ألفاً وأربعمائة، قال جابر: (ولو كنا مائة ألف لكفانا)، وكذلك فعل في بعض أسفاره بقطرة من ماء في سقاء، قال الراوي: لما أمرني أن أفرغها في الوعاء خشيت أن يشربها يابس القربة. 

فوضع يده فيها، ودعا الله تعالى، فنبع الماء من بين أصابعه لأصحابه، حتى توضؤوا وشربوا. وكذلك بعث سهمه إلى عين الحديبية فوضعت فيها فجاشت بالماء حتى كفتهم.. وفيما ذكرنا كفاية إن شاء الله تعالى)، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المراجع

  1. ينظر: الفصول في السيرة ص: 228-236.

الجواب التفصيلي

هل بعث النبي محمد بأي نوع من أنواع المعجزات؟

الحمد لله، لقد بعث نبينا صلى الله عليه وسلم بمعجزات كثيرة، قال ابن كثير رحمه الله: (وقد جمع الأئمة في ذلك ما زاد على ألف معجزة، فمن أبهرها وأعظمها القرآن العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وإعجازه من جهة لفظه ومعناه، أما لفظه ففي أعلى غايات فصاحة الكلام، وكل من ازدادت معرفته بهذا الشأن ازداد للقرآن تعظيماً في هذا الباب، وقد تحدى الفصحاء والبلغاء في زمانه مع شدة عدواتهم له، وحرصهم على تكذيبه، بأن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله، أو بسورة، فعجزوا، وأخبرهم أنهم لا يطيقون ذلك أبداً، بل قد تحدى الجن والإنس قاطبة على أن يأتوا بمثله فعجزوا، وأخبرهم بذلك،

فقال الله تعالى:

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}

[الإسراء: 88]

إلى غير ذلك من الوجوه المثبتة لإعجازه، وأما معناه فإنه في غاية التعاضد والحكمة، والرحمة والمصلحة، والعاقبة الحميدة والاتفاق، وتحصيل أعلى المقاصد، وتبطيل المفاسد، إلى غير ذلك مما يظهر لمن له لب وعقل صحيح خال من الشبه والأهواء، نعوذ بالله منها ونسأله الهدى. 

ومن ذلك أنه نشأ بين قوم يعرفون نسبه ومرباه ومدخله ومخرجه، يتيمًا بين أظهرهم أمينًا صادقًا بارًّا راشدًا، كلهم يعرف ذلك، ولاينكره إلا من عاند وسفسط وكابر، وكان أُمِّيًّا لا يحسن الكتابة ولا يعانيها ولا أهلها، وليس في بلادهم من علم الأولين، ولا من يعرف شيئاً من ذلك فجاءهم على رأس أربعين سنة من عمره يخبر بما مضى مفصَّلًا مبينًا، يشهد له علماء الكتب المتقدمة البصيرون بها المهتدون بالصدق...، ومن ذلك ما أخبر صلى الله عليه وسلم به في هذا القرآن، وفيما صح عنه من الأحاديث، من الغيوب المستقبلة المطابقة لخبره حذو القُذَّة بالقُذَّة، مما يطول استقصاؤه ههنا، ومن ذلك ما أظهره الله تعالى على يديه من خوارق العادات الباهرة، فمن ذلك: ما أخبر الله عز وجل عنه في كتابه العزيز من انشقاق القمر، وذلك أن المشركين سألوه آيةً، وكان ذلك ليلًا، فأشار إلى القمر، فصار فرقتين، فسألوا من حولهم من الأحياء، لئلا يكون قد سحرهم فأخبروهم بمثل ما رأوا، وهذا متواتر عنه عند أهل العلم بالأخبار، وقد رواه غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ومن ذلك ما ظهر ببركة دعائه...، 

فمن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم دعا الله تعالى في السَّخْلةِ التي كانت مع ابن مسعود في الرعي، وسمى الله وحلبها، فَدَرَّت عليه، فشرب وسقى أبا بكر، وكذلك فعل في شاة أم معبد، ودعا للطفيل بن عمرو، فصارت آيةٌ في طرف سوطه نورٌ يلمع يُرى مِن بُعد، وكذلك حصل لأُسيد بن الحُضير وعَبَّاد بن بِشر الأنصاري، وقد خرجا من عنده في ليلة ظلماء، ودعا الله على السبعة الذي سخروا منه وهو يصلي، فقُتِلوا ببدر، ودعا على ابن أبي لهب، فسلط الله عليه السبع بالشام وِفْقَ دعائه عليه السلام، ودعا على سراقة فساخت يدا فرسه في الأرض، ثم دعا الله فأطلقها، ورمى كفار قريش في بدر بقبضة من حصباء فأصاب كلًّا منهم شيءٌ منها وهزمهم الله، وكذلك فعل يوم حنين سواء، وأعطى يوم بدر لعكاشة بن محصن جَذْلًا من حطب فصار في يده سيفًا ماضيًا، وأخبر عمه العباس -وهو أسير- بما دفن هو وأم الفضل من المال تحت عتبة بابهم، فأقرَّ له بذلك، وأخبر عمير بن وهب بما جاء له من قتله معتذرًا بأنه جاء في فداء أسارى بدر، فاعترف له بذلك، وأسلم من وقته رضي الله عنه، وردَّ يومَ أحد عينَ قتادة بن النعمان الظفري بعد أن سالت على خده -وقيل: بعدما صارت في يده- فصارت أحسن عينيه، فلم تكن تُعرف من الأخرى، وأطعم يوم الخندق الجمَّ الغفيرَ الذين يقاربون ألفًا من سخلة وصاع شعير ببيت جابر، كما أطعم يومئذٍ من نزر يسير من تمر، جاءت به ابنة بشير، وكذلك أطعم نحو الثمانين من طعام كادت تواريه يده المكرَّمة، وكذلك فعل يوم أصبح عروسًا بزينب بنت جحش، وأما يوم تبوك فكان أمرًا هائلًا، أطعم الجيش وملؤوا كل وعاء معهم من قدر ربضة العنز طعامًا، وأعطى أبا هريرة رضي الله عنه مزودًا فأكل منه دهره، وجهَّز منه في سبيل الله شيئًا كثيرًا، ولم يزل معه إلى أيام مقتل عثمان...، ودعا الله تعالى لما قحطوا فلم ينزل عن المنبر حتى تحدر الماء على لحيته صلى الله عليه وسلم من سقف المسجد، وقد كان قبله لا يرى في السماء سحابة ولا قزعة ولا قدر الكف، ثم لما استصحى لهم انجاب السحاب عن المدينة حتى صارت المدينة في مثل الإكليل، ودعا الله على قريش فأصابهم من الجهد ما لا يُعبَّر عنه، حتى استرحموه، فعطف عليهم فأفرج عنهم، وأُتي بإناء فيه ماء ليتوضأ به، فرغب إليه أقوام هناك أن يتوضؤوا معه فوضع يده في ذلك الإناء، فما وسعها، ثم دعا الله، فنبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، وكذلك فعل يوم الحديبية، وكان الجيش ألفاً وأربعمائة، قال جابر: (ولو كنا مائة ألف لكفانا)، وكذلك فعل في بعض أسفاره بقطرة من ماء في سقاء، قال الراوي: لما أمرني أن أفرغها في الوعاء خشيت أن يشربها يابس القربة. 

فوضع يده فيها، ودعا الله تعالى، فنبع الماء من بين أصابعه لأصحابه، حتى توضؤوا وشربوا. وكذلك بعث سهمه إلى عين الحديبية فوضعت فيها فجاشت بالماء حتى كفتهم.. وفيما ذكرنا كفاية إن شاء الله تعالى)، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المراجع

  1. ينظر: الفصول في السيرة ص: 228-236.