نص السؤال
كيف ينظر الإسلام إلى التعليم والعلوم المادية والتكنولوجيا؟
عبارات مشابهة للسؤال
الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.
الجواب التفصيلي
يمثل إطار الفكر الإسلامي نظرة شاملة للحياة والعالم. المسلم مطالب باكتساب المعرفة الدينية والدنيوية. دعا الإسلام في الواقع إلى العلم في وقت اتسم فيه العالم كله بالجهل. في غضون سنوات، أصبح الجيل الأول من المسلمين شعبًا متعلمًا متحضرًا؛ لأن الإسلام أيقظ فيه ملكة العقل. لقد فهم هؤلاء المسلمون الأوائل من تعاليم دينهم أن العلم النافع ضروري لمصلحة النفس والإنسانية. ومن ثم، طلبوا العلم لدرجة أنهم تجاوزوا الدول الأخرى في التنمية والإنتاجية وحملوا شعلة الحضارة لعدة قرون.
يزخر التاريخ الإسلامي بأمثلة للإبداع العلمي والثقافي. ورث المسلمون علم الأمم التي أتت قبلهم وطوروه ووضعوه في
سياق إطار أخلاقي دقيق. قدم العلم الإسلامي مساهمة حيوية في إثراء وتقدم الحضارة الإنسانية.
بينما كانت أوروبا لا تزال في العصور المظلمة، كان المسلمون الملتزمون بدينهم يحرزون تقدمًا كبيرًا في مجالات الطب والرياضيات والفيزياء وعلم الفلك والجغرافيا والعمارة والأدب والتأريخ على سبيل المثال لا الحصر. العديد من الإجراءات الجديدة المهمة مثل استخدام الجبر والأرقام العربية ذات مبدأ الرقم صفر – وهي أمور ضرورية في تقدم الرياضيات – نُقلتْ إلى أوروبا في العصور الوسطى من البلاد الإسلامية. تم تطوير الأدوات المتطورة، مثل الأسطرلاب والرباع quadrant، وكذلك الخرائط الملاحية الجيدة، لأول مرة بأيدي المسلمين. فقط بعد أن غفل الناس عن معتقداتهم والتزاماتهم الدينية، توقفت الإنجازات العلمية للعالم الإسلامي وتراجع إلى الخلف.
وبالمثل، فإن الإسلام لا يعارض الآن أي اختراعات حديثة تعود بالنفع على البشرية. يكفي أن تستخدم باسم الله وفي سبيله. في الواقع، ليس للآلات والأدوات والأجهزة دين أو وطن، ويمكن استخدامها لأغراض الخير أو الشر، والطريقة التي تُستخدم بها يمكن أن تؤثر على جزء كبير من سكان الأرض. إن شيئًا بسيطًا مثل كأس الزجاج يمكن أن يُملأ بالشراب المغذي أو بالسم. والتلفاز يمكن أن يقدّم التعليم أو الفجور. الأمر متروك للمستخدم لاتخاذ القرار، والمسلم مأمور باستخدام جميع الوسائل المتاحة له بينما يحظر عليه التسبب في الضرر لنفسه أو للآخرين. إن عدم استخدام الوسائل المناسبة لتحقيق المنفعة هو في الواقع تجاهل للتعاليم الإسلامية.
إن أي حكومة إسلامية حقيقة مطالبة أن تحاول قدر المستطاع أن توفر جميع الوسائل التي تعزز التعليم المناسب لمواطنيها. التعليم حق لجميع الأفراد وواجب أخلاقي على كل مسلم قادر. جميع الأفراد القادرين والأذكياء والمهرة في المجتمع الإسلامي
يجب عليهم أن يتعلموا، ليس فقط أن يتعلموا أساسيات دينهم، بل كذلك الأمور الدنيوية الضرورية. علاوة على ذلك، يجب على المؤهلين دراسة كل مجال مفيد من مجالات العلم. على سبيل المثال، بما أن كل مجتمع يحتاج إلى أطباء، يصبح لزامًا على بعض الناس أن يَلِجوا إلى مجال الطب لتلبية احتياجات المجتمع.
يعد التقدم في العلوم والتكنولوجيا من السبل والوسائل الضرورية لتحقيق تنمية العالم الإسلامي. يدعو الإسلام المسلمين إلى طلب العلم بأوسع معاني الكلمة. قال النبي محمد، "طلب العلم فريضة على كل مسلم".:
"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ"
3: 190
"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ"
39: 9
"يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ"
58:11
تشجع آيات القرآن على دراسة الكون الذي يحيط بنا والتأمل فيه، وخاصةً تلك العلوم التي تمنح البشر القدرة على الاستفادة من العالم من حولهم. يحض القرآن على البحث، ويحتوي على إشارات إلى مجموعة متنوعة من الموضوعات التي ثبت
أنها دقيقة علميًا.:
"سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ"
41:53
وهكذا عندما يكون لدى المسلم نية صادقة وسليمة في طلب العلم، سيكون للعلم أيضًا تأثير إيجابي على عقيدته؛ لأن العلم يعزز الأدلة النصية على وجود الخالق سبحانه وتعالى، ويساعد المرء على تدبّر التلميحات العلمية العديدة الموجودة في القرآن.
ليست هناك على الإطلاق أي حقيقة علمية راسخة تتناقض مع تعاليم الإسلام. كل ما يكتشفه العلم الحديث يزيد فقط من معرفة المسلم بخلق الله البديع. وهكذا يشجع الإسلام بقوة المساعي العلمية ودراسة آيات الله في الطبيعة. كما يرحب بالتقدم التكنولوجي المفيد ويتيح للناس الاستمتاع بثمار الإبداع البشري.
بالنسبة للمسلم، فإن الصراع بين العلم والدين أمر مستحيل، لأن الدين يأتي من عند الله وبالمثل يأتي منه نظام الخلق والنماء. إن النهج الحديث المادي البحت للتقدم العلمي والتكنولوجي قد منح الإنسان حقًا قدرًا من الراحة الجسدية، ولكن لم يقدم له الراحة العقلية أو الروحية. يدعو الإسلام إلى دمج المعرفة في نظام قيميّ عادل ومتوازن حيث يتم تشجيع أي أمر مفيد للنماء الروحي والعالمي.
رواه ابن ماجه.
رواه مسلم.
تم ذكر بعض هذه الأمثلة مسبقًا.