نص السؤال
أليس الإسلام دين حرب؟
عبارات مشابهة للسؤال
الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.
الجواب التفصيلي
على سبيل المثال،
يستشهد المنتقدون في العادة بأية من القرآن:
"فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ".
ولكن من أجل فهم هذه الآية، من الضروري إعادتها إلى سياقها الصحيح. فبعد عدة حملات عسكرية حاول فيها الوثنيون في مكة إبادة المسلمين، تم التوصل إلى اتفاق سلام بين الجانبين. إلا أن الوثنيين ما لبثوا أن انتهكوا هذه المعاهدة، لذا أُصدرت تعليمات للجيش المسلم باستئناف القتال ضد أولئك الذين كانوا يقاتلونهم. وفي ضوء السياق التاريخي لهذه الآية، فإن الشخص غير المتحيز سيتفق بالتأكيد على أنه لا يمكن استخدامها كدليل على أن الإسلام يروج للعنف أو يأمر بقتل أي شخص غير مسلم.
الأشخاص المشار إليهم في هذه الآية هم العرب الوثنيون الذين شنوا حربًا على النبي ونقضوا عهدهم ومعاهداتهم معه. فلا تتحدث الآية عن العرب الوثنيين الآخرين الذين لم ينقضوا معاهداتهم ويحملوا السلاح ضد المسلمين. كما أنها لا تتحدث بالتأكيد عن اليهود أو المسيحيين أو الوثنيين خارج الجزيرة العربية.
الآية التي تلي هذه الآية، والتي يتجاهلها الخصوم بالطبع، تكمل الصورة:
"وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ". 9: 6
هل سيأمر في أيامنا هذه قائد جيش جنوده بعدم قتل العدو خلال معركة ما ثم توصيله إلى مكان آمن؟
هذا ما أمر به الله في القرآن. إن الإسلام - على عكس أي نظام آخر- يبقي الحرب على مستوى من الرحمة واحترام العدو. وهو يأمر بأن تتعامل الجيوش مع العدو بشكل عادل حتى في ساحة المعركة، ورسم خطًا واضحًا للتمييز بين المحاربين وغير المحاربين في أراضي العدو. إذ يأمر النبي محمد جيوشه ألا يقتلوا شيخًا كبيرًا ولا طفلًا ولا امرأة وبالنسبة لهؤلاء الأعداء المقاتلين وأولئك الذين يؤخذون كأسرى حرب، فإن قائمة حقوقهم طويلة. فيجب ألا يكون هناك تعذيب، ولا قتل للجرحى وللعٌزل ولا تشويه لجثث العدو. ولو كان الغرض من المعركة هو إجبار الكفار على قبول الإسلام، فلم يكن النبي ليأمر المسلمين أبدًا بالكف عن القتال بمجرد توقف العدو ولم يكن ليحرم قتل الكهنة والرهبان.
علاوة على ذلك، لا يسمح الإسلام بالحرب إلا في ظروف محددة وحرجة وباعتباره حلًا أخيرًا عندما تفشل كل المحاولات الأخرى لتحقيق السلام والعدالة. فهذا هو الخيار المنطقي لأي أمة فالدول الغربية نفسها تقر بضرورة الحرب من أجل إرساء السلام أو المحافظة عليه، ولا تعتبره شرًا مستطيرًا.
كان محمد نبي الرحمة، لكنه اضطر إلى اللجوء إلى المعركة عندما رفضت بعض القوى الرحمة والأخلاق، وسعت إلى حرمان الآخرين منها. فكان عليه في بعض الأوقات أن يقاتل من أجل أن ينجو برسالته لا أكثر. ولكن إجمالي عدد الأيام التي كان على النبي أن يقضيها في الحرب الدفاعية يصل إلى أقل من عام، ولم تستمر أشهَر معاركه لأكثر من يوم واحد. فبمجرد ضمان الأمن، يعود على الفور إلى السلام والدبلوماسية.
يقول القرآن بوضوح:
"وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" 2: 190
"وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" 8:61
لا يجوز إشهار الأسلحة إلا ضد أولئك الذين يواصلون اضطهاد الآخرين وقمعهم ومنعهم من اتباع ضمائرهم في مسائل الإيمان. وحتى عندما يُضطر المسلمون إلى القتال وغزو الأراضي، فإن واجبهم حينئذ هو إرساء قانون الله والحفاظ على العدالة لجميع الناس، مسلمين وغير مسلمين. وليس من حقهم إجبار رعاياهم على اعتناق الإسلام، فلغير المسلمين حق وحرية البقاء على عقيدتهم وممارستها، وعليهم احترام القوانين الإسلامية وعدم إثارة الاضطرابات والفوضى.
رواه أبو داود. رواه أحمد.