نص السؤال
ادعاء أن البخاري روى عن الضعفاء في صحيحه
عبارات مشابهة للسؤال
الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.
الجواب التفصيلي
ادعاء أن البخاري روى عن الضعفاء في صحيحه(*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المغالطين أن الإمام البخاري روى عن الضعفاء والمجروحين، الذين تكلم فيهم، ويستدلون على ذلك بورود هذا التضعيف في كتب الرجال، وبذكر الإمام ابن حجر في مقدمة الفتح لهؤلاء الرجال الذين تكلم فيهم.
هادفين من وراء ذلك إلى الطعن في صحيح البخاري من خلال الطعن في رجاله الذين روى عنهم.
وجوه إبطال الشبهة:
1) لقد اتبع البخاري منهجا علميا في انتقاء الرواة، فلم يخرج في الأصول إلا لمن هو ثقة متصف بالعدالة، وعلى الرغم من تشدد البخاري في شروط صحة الحديث إلا أن نقاد الحديث لم يتركوا حديثا أو راويا للبخاري دون تمحيص؛ حتى أثبتوا صحة أحاديثه، وبينوا عدالة رواته.
2) حصول اسم الصدق لمن خرج لهم البخاري في المتابعات والشواهد والتعاليق متحقق، وإن كانوا يتفاوتون في درجات الضبط وغيره، وقد قال الشيخ أبو الحسن المقدسي فيمن خرج عنه في الصحيح: "هذا جاز القنطرة" أي أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه.
3) معرفة البخاري بالحديث وعلله، وبالرواة وأحوالهم، وإقرار كبار العلماء له بهذه المعرفة يقف حائلا أمام القول بروايته عن الضعفاء في صحيحه.
التفصيل:
أولا. منهج البخاري ودقته العلمية في انتقاء الرواة:
إن البخاري لم يخرج في الأصول إلا لمن هو ثقة متصف بالعدالة وعلى الرغم من تشدد البخاري في شروط صحة الحديث إلا أن النقاد من أهل السنة لم يتركوا له حديثا من غير تمحيص، فقد صنف البخاري كتابه من ستمائة ألف حديث، في ست عشرة سنة، وما وضع فيه حديثا إلا وصلى ركعتين، ثم استخار الله تعالى في وضعه، ولم يخرج فيه إلا ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسند المتصل الذي توفر في رجاله العدالة والضبط واللقيا، ولم يكن يكتفي بإمكان معاصرة التلميذ للشيخ، بل اشترط ضرورة ثبوت سماعه عنه ولقياه له، وبهذا خرج كتابه على هذه الشروط الدقيقة، مجردا من الأحاديث الضعيفة والحسنة، ومقتصرا على الأحاديث الصحيحة فقط، وقد بوب البخاري كتابه تبويبا علميا فقهيا يدل على أنه كان دقيق النظر جدا، بعيد الغور في الاستنباط.
وأما عن دقته وتأنيه في انتقاء الرواة الذين يحدث عنهم، فإنه كان لا يسمع بشيخ في الحديث إلا رحل إليه واختبره وسأل عنه قبل أن يأخذ منه، ويؤكد هذا ما ذكره الذهبي في السير من أن محمد بن أبي حاتم سمع البخاري يقول: "كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته، ونسبته، وحمله الحديث، إن كان رجلا فهيما، فإن لم يكن سألته أن يخرج إلي أصله ونسخته[1].
·شرط البخاري في صحيحه:
لم ينص الإمام البخاري على الشرط الذي أخرج بموجبه أحاديث كتابه، ولكن العلماء استنبطوا ذلك من منهجه، وكل منصف يرى أن البخاري اختار رواته ممن اشتهروا بالعدالة والضبط والإتقان، وهذا لا يخفى على عالم، كما لا يخفى منهجه الخاص في كتابه، الذي يدل على عظيم فهمه وسعة علمه وقوة استنباطه.
وكما استقرأ العلماء شرط البخاري من منهجه، استنبطوه أيضا من اسم كتابه، الذي سماه "الجامع الصحيح المسند المختصر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه". فعلم من قوله الصحيح أنه احترز عن إدخال الضعيف في كتابه، وقد صح عنه أنه قال: (ما أدخلت في الجامع إلا ما صح).
ومن قوله (المسند) أن مقصوده الأصلي تخريج الأحاديث المتصل إسنادها بالصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من قول، أو فعل، أو تقرير، وأن ما وقع في الكتاب من غير ذلك، فإنما وقع تبعا وعرضا، لا أصلا وموضوعا. ولم يكتف الإمام البخاري بشرطه أن يعاصر الرواي من يروي عنه، بل أوجب ثبوت لقائه له، ولو مرة واحدة، ومن هنا قال العلماء: للبخاري شرطان: شرط المعاصرة، وشرط اللقاء، في حين أن الإمام مسلما قد اكتفى بالمعاصرة، وهذا لا يوهن شرط مسلم؛ لأن الثقة لا يروي عن شيخ إلا ما سمعه منه، كما لا يروي عمن لم يسمعه، ولكن هذا زيادة تشدد من الإمام البخاري، فهو لا يرضى خبرا إلا إذا صرح الراوي بسماعه ممن فوقه، أو ثبت لقاؤه لمن يروي عنه إذا قال (عن فلان)؛ لأن عن لا تفيد السماع عنده.
فبمجموع تلك الصفات وصف الأئمة صحيح البخاري قديما وحديثا بأنه أصح الكتب المصنفة في الحديث على عمومها، وأجمع الأئمة من أهل الحديث على أن جميع ما فيه من المتصل المرفوع صحيح، وقد تلقته الأمة بالقبول؛ ولذلك عكف الناس على دراسته وحفظه، كما عكف كثير من الأئمة والعلماء على شرحه وبيان ما تضمنه من علوم وفوائد[2].
وقد احتل صحيح البخاري مكانة مرموقة بين العلماء تعد هي الأعلى عناية بكتاب بعد القرآن الكريم، حيث تكاثرت الأقلام على شرحه حتى وصلت شروحه إلى اثنين وثمانين ما بين المطول والمختصر، والمجمل والمفصل.
ومما يؤكد كبير عناية البخاري بحال الراوي قوله: "تركت عشرة آلاف حديث لرجل فيه نظر، وتركت مثله أو أكثر منه لغيره لي فيه نظر"[3]، ومما يبين فساد هذه الشبهة، أن البخاري لايحتج بأحد من الرجال إلا من كان في الطبقة الأولى، وهي التي تتصف بغاية الحفظ والإتقان وطول الملازمة للشيخ[4].
ومما يؤكد صحة ما قلناه في دحضنا لهذه الشبهة ما ذكره النووي إذ يقول: "اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة، وقد صح أن مسلما ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث، وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار الذي قاله الجماهير وأهل الإتقان والحذق والغوص على أسرار الحديث"[5].
فهل بعد هذه الشهادة شهادة، وهل بعد كل هذه الدقة العلمية التي كان يتبعها البخاري في انتقاء الرواة يتهم رجاله بالضعف؟!
ثانيا. عدالة كل من روى لهم البخاري وصحة ضبطه وعدم غفلته:
إن كل من أخرج له البخاري في صحيحه هو عدل ضابط صحيح الحديث، وقد فصل ذلك ابن حجر في مقدمة فتح الباري فقال: يينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج البخاري لأي راو كان مقتض لعدالته عنده، وصحة ضبطه، وعدم غفلته، ولا سيما ما انضاف إلى ذلك من إطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين، وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيح، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيه، هذا إذا خرج له في الأصول، فأما إن خرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق، فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره، مع حصول اسم الصدق لهم، وحينئذ إذا وجدنا لغيره في أحد منهم طعنا؛ فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام، فلا يقبل إلا مبين السبب، مفسرا بقادح يقدح في عدالة هذا الراوي، وفي ضبطه مطلقا، أو في ضبطه لخبر بعينه؛ لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة، منها ما يقدح، ومنها ما لا يقدح، وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح: "هذا جاز القنطرة" يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه.
وقال الشيخ أبو الفتح القشيري في "مختصره": وهكذا نعتقد وبه نقول، ولا نخرج عنه إلا بحجة ظاهرة وبيان شاف يزيد في غلبة الظن على المعنى الذي قدمناه من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بـ"الصحيحين"، ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما.
قلت (أي ابن حجر): فلا يقبل الطعن في أحد منهم إلا بقادح واضح؛ لأن أسباب الجرح مختلفة، ومدارها على خمسة أشياء: البدعة، أو المخالفة، أو الغلط، أو جهالة الحال، أو دعوى الانقطاع في السند، بأن يدعى في الراوي أنه كان يدلس أو يرسل.
فأما جهالة الحال: فمندفعة عن جميع من أخرج لهم في الصحيح؛ لأن شرط الصحيح أن يكون راويه معروفا بالعدالة، فمن زعم أن أحدا منهم مجهول، فكأنه نازع المصنف في دعواه أنه معروف، ولا شك أن المدعي لمعرفته مقدم على من يدعي عدم معرفته، لما مع المثبت من زيادة العلم، ومع ذلك فلا تجد في رجال الصحيح أحدا ممن يسوغ اطلاق اسم الجهالة عليه أصلا كما سنبينه.
وأما الغلط: فتارة يكثر من الراوي وتارة يقل؛ فحيث يوصف بكونه كثير الغلط ينظر فيما أخرج له، إن وجد مرويا عنده أو عند غيره من رواية غير هذا الموصوف بالغلط، علم أن المعتمد أصل الحديث لا خصوص هذه الطريق، وإن لم يوجد إلا من طريقه فهذا قادح يوجب التوقف عن الحكم بصحة ما هذا سبيله، وليس في الصحيح بحمد الله من ذلك شيء؛ وحيث يوصف بقلة الغلط كما يقال: سيء الحفظ أو له أوهام، أو له مناكير، وغير ذلك من العبارات، فالحكم فيه كالحكم في الذي قبله، إلا أن الرواية عن هؤلاء في المتابعات أكثر منها عند المصنف من الرواية عن أولئك.
وأما المخالفة: وينشأ عنها الشذوذ والنكارة، فإذا روى الضابط والصدوق شيئا فرواه من هو أحفظ منه، أو أكثر عددا بخلاف ما روى، بحيث يتعذر الجمع بينهما على قواعد المحدثين، فهذا شاذ، وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ، فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكرا، وهذا ليس في الصحيح منه إلا نزر يسير.
وأما دعوى الانقطاع: فمدفوعة عمن أخرج لهم البخاري؛ لما علم من شرطه، ومع ذلك فحكم من ذكر من رجاله بتدليس أو إرسال أن تسبر أحاديثهم الموجودة عنده بالعنعنة، فإن وجد التصريح بالسماع فيها اندفع الاعتراض، وإلا فلا.
وأما البدعة: فالموصوف بها إما أن يكون ممن يكفر بها أو يفسق، فالمكفر بها لا بد أن يكون ذلك التكفير متفقا عليه من قواعد جميع الأئمة، كما في غلاة الروافض من دعوى بعضهم حلول الإلهية في علي أو غيره، أو الإيمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيامة، أو غير ذلك، وليس في الصحيح من حديث هؤلاء شيء ألبتة.
والمفسق بها، كبدع الخوارج والروافض الذين لا يغلون ذلك الغلو، وغير هؤلاء من الطوائف المخالفين لأصول السنة خلافا ظاهرا، لكنه مستند إلى تأويل ظاهره سائغ، فقد اختلف أهل السنة في قبول حديث من هذا سبيله إذا كان معروفا بالتحرز من الكذب، مشهورا بالسلامة من خوارم المروءة، موصوفا بالديانة والعبادة فقيل: يقبل مطلقا، وقيل: يرد مطلقا، والثالث: التفصيل بين أن يكون داعية أو غير داعية، فيقبل غير الداعية ويرد حديث الداعية، وهذا المذهب هو الأعدل، وصارت إليه طوائف الأئمة[6].
ثم سرد ابن حجر رحمه الله أسماء من طعن فيهم من رجال البخاري في سبع وسبعين صفحة بترتيب المعجم، وبين بطلان هذا الطعن في جميع الرواة الذين تكلم فيهم، ولنأخذ مثلا واحدا على ذلك وهو الراوي الأول "أحمد بن بشير الكوفي أبو بكر مولى عمرو بن حريث المخزومي، قال النسائي فيه: ليس بذلك القوي، وقال عثمان الدرامي: متروك، وقواه ابن معين وأبو زرعة وغيرهما، أخرج له البخاري حديثا واحدا تابعه عليه مروان بن معاوية وأبو أسامة، وهو في كتاب "الطب"، فأما تضعيف النسائي له فشعر بأنه غير حافظ، وأما كلام عثمان الدارمي فقد رده الخطيب بأنه اشتبه عليه براو آخر اتفق اسمه واسم أبيه، وهو كما قال الخطيب رحمه الله تعالى، وروى له الترمذي وابن ماجه[7].
وقد ختم ابن حجر كلامه بعد سرد من أخرج لهم البخاري أحاديثهم بصورة الاتصال، فقال: فقد وضح من تفاصيل أحوالهم ما فيه غنى للمتأمل، ولاح من تمييز المقالات فيهم، ومقدار ما أخرج المؤلف لكل منهم ما ينفي عنه وجوه الطعن للمتعنت[8].
ثم ذكر - رحمه الله - فصلا في تمييز أسباب الطعن في المذكورين قائلا: ومنه يتضح من يصلح منهم للاحتجاج به ومن لا يصلح، وهو على قسمين:
القسم الأول: من ضعفه بسبب الاعتقاد، وقد قدمنا حكمه.
القسم الثاني: فيمن ضعف بأمر مردود، كالتحامل، أو التعنت، أو عدم الاعتماد على المضعف؛ لكونه من غير أهل النقد، ولكونه قليل الخبرة بحديث من تكلم فيه أو بحاله، أو لتأخر عصره، ونحو ذلك، ويلتحق به من تكلم فيه بأمر لا يقدح في جميع حديثه، كمن ضعف في بعض شيوخه دون بعض، وكذا من اختلط، أو تغير حفظه، أو كان ضابطا لكتابه دون الضبط لحفظه، فإن جميع هؤلاء لا يجمل إطلاق الضعف عليهم، بل الصواب في أمرهم التفصيل كما قدمناه[9].
وقال الحافظ الذهبي: من أخرج له الشيخان أو أحدهما على قسمين:
أحدهما: ما احتجا به في الأصول.
وثانيهما: من خرجا له متابعة وشهادة واعتبارا، فمن احتجا به أو أحدهما ولم يوثق ولا غمز، فهو ثقة، حديثه قوي، ومن احتجا به أو أحدهما وتكلم فيه فتارة: يكون الكلام فيه تعنتا، والجمهور على توثيقه، فهذا حديثه قوي أيضا.
وتارة: يكون الكلام في تليينه وحفظه له اعتبار، فهذا حديثه لا ينحط عن مرتبة الحسن التي قد نسميها من أدنى درجات الصحيح، فما في الكتابين بحمد الله رجل احتج به البخاري أو مسلم في الأصول وروايته ضعيفة بل حسنة أو صحيحة[10].
قال الزيلعي رحمه الله: صاحبا الصحيح - رحمهما الله - إذا أخرجا لمن تكلم فيه فإنهم ينتقون من حديثه ما توبع عليه، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلا، ولا يروون ما تفرد به، لا سيما إذا خالفه الثقات، كما أخرج مسلم لأبي أويس حديث: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي".
لأنه لم يتفرد به، بل رواه غيره من الأثبات، كمالك، وشعبة، وابن عيينة؛ فصار حديثه متابعة[11].
وكما روي أنه كل من خرج له في صحيح البخاري فقد جاز القنطرة، فلا معدل فيه إلا ببرهان بين، "وروي أن البخاري لما أتم جامعه الصحيح عرضه على: أحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المديني، وجلة من العلماء الثقات فشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث، وقال فيها العقيلي: القول فيها قول البخاري، فلا مأخذ عليه، وابن الصلاح يجزم بصحة ما في البخاري من الحديث، والجمهور على أن الجامع الصحيح هو أصح كتاب في السنة، ويعتبرونه بعد القرآن عند البحث والاجتهاد"[12].
وعليه، فقد كان الجامع الصحيح للإمام البخاري أحد الأنهار الكبرى التي صبت فيها الروافد المتدفقة من عهد الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وفي هذا يقول ابن حجر فلما رأى البخاري - رضي الله عنه - هذه التصانيف ورواها وانتشق رياها، واستجلى محياها، وجدها بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح والتحسين، والكثير منها يشمله التضعيف، فلا يقال لغثه ثمين، فحرك همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب فيه أمين، وقوى عزمه على ذلك ما سمعه من أستاذه أمير المؤمنين في الحديث والفقه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه حين قال: "لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"[13]. ومعنى هذا أن المؤلفات التي انتشرت في عهد التابعين وتابعي التابعين كانت تشمل بعض الأحاديث الضعيفة بمعايير البخاري الصارمة، فكان عليه أن يتحاشى كل ضعيف ولا يقبل إلا الصحيح، وهذا هو نص كلامه إذ يقول أيضا: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحيح حتى لا يطول"[14]، وكما ذكرنا من قبل أن البخاري عندما أتم كتابه "الجامع" عرضه على أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلى بن المديني، وغيرهم من كبار المحدثين: "ومعنى نفي الصحة عن أربعة أحاديث أنهم فحصوا الكتاب حديثا حديثا قبل أن يشهدوا له بالصحة، ويالها من شهادة نطق بها أئمة المحدثين في عصره، وحتى هذه الأحاديث الأربعة وجدت من النقاد من يثبت أنها صحيحة، وأن البخاري على حق في إثبات صحتها طبقا لمعاييره الصارمة، وأن الذين نفوا صحتها كانوا هم المخطئين، بحسب ما قاله العقيلي في المسألة وقال الحافظ أبو بكر الحازمي: "إن شرط الصحيح أن يكون إسناده متصلا، وأن يكون راويه مسلما صادقا، غير مدلس، ولا مختلط، متصفا بصفات العدالة، ضابطا متحفظا، سليم الذهن، قليل الوهم، سليم الاعتقاد".
وأوجز ابن حجر أهم شروط الصحة عند البخاري فقال إنها: "الاتصال وإتقان الرجال وعدم العلل"[15]، وقال أيضا: إن البخاري لم يخرج في الأصول إلا لمن هو ثقة متصف بالعدالة، فأما من خرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق، فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره، مع حصول اسم الصدق لهم[16].
ولقد انتقدت بعض روايات البخاري، كما ذكرنا - وتبين أن الحق فيها للبخاري - ولكن أحدا لم يقل قط إنه روى عن "رجال ضعفاء"، كما يدعون.
ثالثا. معرفة البخاري بالحديث وعلله وبالرواة وأحوالهم، وإقرار كبار العلماء له بهذه المعرفة يقف حائلا أمام القول بروايته عن الضعفاء في صحيحه:
نال الإمام البخاريص رحمه الله منزلة سامية لم ينلها إمام من المحدثين من قبله ولا من بعده، ولكن هذه المنزلة لم ينلها الإمام بماله، ولا بجاهه، ولا بإمارة أو ولاية، بل كان ذلك محصلة لهمة عالية، وعزم قوي، وعلم كثير دقيق، ونفس لا تعرف الراحة أو الكسل؛ حتى بلغ الأمر أن أساتذته صاروا له أقرانا؛ لأنه روى عن شيوخهم - أي شيوخ شيوخه - ما لم يحصلوه، فحصلوا ما فاتهم معرفته من خلاله، فصار أستاذا وشيخا بعد أن كان تلميذا، فإن كنت لا تدرك قدر هذه المنزلة السامية التي بلغها، فاعلم قيمة ما كان يحمله الإمام البخاري - رحمه الله - من علم يغمر به جنبات نفسه كما يغمر به عقول العلماء بعده.
ومن ثم، كان الإمام البخاري رحمه الله ذا همة عالية، دفعته هذه الهمة إلى طلب أعلى سند للحديث؛ حتى كان بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - في عدد من الأحاديث ثلاثة رواة فقط، ولا تقف همته عند هذا الحد، بل تتعداه إلى معرفة رواة كل حديث يرويه من حيث معيشتهم، وأسمائهم، وكناهم، وعدالتهم، ولم يكن ذلك بالأمر الشاق عليه؛ لأن أغلبهم كانوا شيوخه، فكان يعلم عنهم كل شيء، لذلك لم يكن البخاري ليترك حديثا حتى ينزفه ويلم به إلماما تاما.
ومما يدل على هذا ما رواه أبو سعيد المؤدب قال: "سمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: لم يكن يشبه طلب محمد للحديث طلبنا، كان إذا نظر في حديث رجل أنزفه"[17].
وعن أبي جعفر قال: "سمعت أبا عمر سليم بن مجاهد يقول: كنت عند محمد بن سلام البيكندني، فقال: لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث. قال: فخرجت في طلبه حتى لحقته، قال: أنت الذي يقول: إني أحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم، وأكثر، ولا أجيئك بحديث من الصحابة والتابعين إلا عرفتك مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم، ولست أروي حديثا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي من ذلك أصل أحفظه حفظا عن كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم"[18].
وعليه، فإن كبار العلماء من أهل الحديث كانوا يقدمون الإمام البخاري على أنفسهم في المعرفة والنظر، ولا يدل ذلك إلا على سعة اطلاعه، وقوة بصيرته، ودقة أحكامه؛ فقد روى الإمام الذهبي في السير قال: قال محمد بن أبي حاتم: سمعت إبراهيم بن محمد بن سلام يقول: إن الرتوت[19] من أصحاب الحديث مثل: سعيد بن أبي مريم، ونعيم بن حماد، والحميدي، وحجاج بن منهال، وإسماعيل بن أبي أويس، والعدني، والحسن الخلال بمكة، ومحمد بن ميمون صاحب ابن عيينة، ومحمد بن العلاء، والأشج، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وإبراهيم بن موسى الفراء، كانوا يهابون محمد بن إسماعيل، ويقضون له على أنفسهم في المعرفة والنظر"[20].
وهذه شهادة موثقة من كبار أئمة الحديث - كما ترى - تقضي للإمام البخاري بالعلم والمعرفة بالحديث، وبتقدمه على كبار علماء الحديث.
فهذا هو إمامه وشيخه إسحاق بن راهويه أمير المؤمنين في الحديث - كما سماه أهل العلم - يسأل تلميذه الإمام البخاري عما أشكل عليه فهمه من الحديث، وفق ما روى الإمام الذهبي في السير قال:
قال محمد بن أبي حاتم: "سمعت أبا بكر المديني بالشاش زمن عبد الله بن أبي عرابة يقول: كنا بنيسابور عند إسحاق ابن راهويه، وأبو عبد الله(يعني البخاري) في المجلس، فمر إسحاق بحديث كان دون الصحابي عطاء الكيخاراني، فقال إسحاق: يا أبا عبد الله، أيش كيخاران؟ فقال: قرية باليمن، كان معاوية بن أبي سفيان بعث هذا الرجل، وكان يسميه "أبو بكر"، فأنسيته إلى اليمن، فمر بكيخاران، فسمع منه عطاء حديثين، فقال له إسحاق: يا أبا عبد الله. كأنك شهدت القوم[21].
ويروي الذهبي سندا آخر عن ابن حمدون قال: رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى الذهلي يسأله عن الأسامي والكنى والعلل، ومحمد بن إسماعيل يمر فيه مثل السهم[22]، كأنه يقرأ:
(قل هو الله أحد)
(الإخلاص:1)
ويسوق الذهبي رواية أخرى تؤكد سعة علم الإمام البخاري، فيقول: قال محمد بن أبي حاتم: "سئل عبد الله بن عبد الرحمن عن حديث محمد بن كعب: لا يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه عليه، وقيل له: محمد يزعم أن هذا صحيح، فقال: محمد أبصر مني؛ لأن همه النظر في الحديث، وأنا مشغول مريض، ثم قال: محمد أكيس خلق الله؛ إنه عقل عن الله ما أمره به، ونهى عنه في كتابه، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ محمد القرآن شغل قلبه وبصره وسمعه، وتفكر في أمثاله، وعرف حلاله وحرامه"[23].
لكل ما تقدم أثنى كبار العلماء على الإمام البخاري رحمه الله سواء كانوا من شيوخه أو من أقرانه.
قال حاشد بن إسماعيل: "سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم يجئنا من خراسان مثل محمد بن إسماعيل".
وعن أبي حاتم الرازي قال: "محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق".
وقال أبو عبد الله الحاكم: "محمد بن إسماعيل البخاري إمام أهل الحديث"[24].
لذا فلم يكن البخاري ليخفى عليه الحديث الضعيف؛ لأنه تقريبا كان يعرف كل الأحاديث الضعيفة، كما يحفظ كما كبيرا أيضا من الأحاديث الصحيحة التي لا يستطيع أحد أن يقدح فيها بعلة، ولما اختار البخاري تصنيف الصحيح انتقى أقل من ثمانية آلاف حديث من مائة ألف حديث صحيح، وصحة هذه الأحاديث مبنية على روايته عن العدول لا عن الضعفاء.
قال ابن عدي: حدثني محمد بن أحمد القومسي، سمعت محمد بن خميرويه، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: "أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح"[25].
وتأسيسا على ما سبق، فإن من يقول: إن الإمام البخاري يروي عن الضعفاء ويقدح في معرفة الإمام بعلل الحديث ورجاله، يناقض الواقع، ويناقض كذلك شهادة كبار العلماء له من شيوخه وأقرانه وتلاميذه بمعرفته للحديث رجالا وعللا، صحة وضعفا.
كذلك لا يقدح في الإمام البخاري وصحيحه إلا المغرضون الذين ينكرون ضياء الشمس في وضح النهار، وماذا عليك أن تقول إن قال لك قائل: إن الشمس تشرق الآن من الغرب، وتغرب من الشرق، وإن الصفر أكبر من العشرة؟ إن هؤلاء لا يلتفت إلى كلامهم؛ لأنهم يطمسون أنوار الحقائق.
إن الإمام البخاري رحمه الله كان عالما بالرجال وعدالتهم، وبالحديث: صحيحه وضعيفه، شهد بذلك كبار العلماء له، فالإمام الترمذي - رحمه الله - يشهد له بالمعرفة التامة في العلل والتاريخ والأسانيد حين يقول: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل، والتاريخ، ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل[26].
والدارمي يسأل عن حديث سالم بن أبي حفصة، فيقول: "كتبناه مع محمد، ومحمد يقول: سالم ضعيف. فقيل له: ما تقول أنت؟ قال: محمد أبصر مني"[27].
وأبو زرعة يسأل: عن ابن لهيعة، فيقول: "تركه أبو عبد الله بن محمد بن إسماعيل، ويسأل عن محمد بن حميد، فيقول: تركه أبو عبد الله"[28].
إن الأمر لا يقتصر على هؤلاء العلماء فقط، بل يدخل ضمن هذا الإطار واحد من أكبر علماء الجرح والتعديل في تاريخ الأمة الإسلامية، موصوف بالتشدد في الحكم على الرجال هو الإمام العلم يحيى بن معين - رحمه الله - الذي ينقاد للإمام البخاري في معرفته بالرجال.
قال محمد بن أبي حاتم حكيت لمهيار بالبصرة عن قتيبة بن سعيد، قال: "رحل إلي من شرق الأرض وغربها، فما رحل إلي مثل محمد بن إسماعيل، فقال مهيار: صدق، أنا رأيته مع يحيى بن معين، وهما يختلفان جميعا إلى محمد بن إسماعيل، فرأيت ينقاد له في المعرفة"[29].
إن هذا الانقياد من الإمام العلم يحيى بن معين - رحمه الله - وغيره - كما ذكرنا - للإمام البخاري رحمه الله في معرفة الرجال لا يعني إلا أن الإمام البخاري أعلم منه بأحوال الراوة؛ لزيادة علم عند البخاري لا يعلمها يحيى، لذلك انقاد له، ليس ذلك فقط، بل أضف إلى ذلك دقة البخاري في الحكم على الرجال توثيقا وتضعيفا، وهو - أي البخاري - من أعدل المحدثين وعلماء الرجال حكما على الرواة، كما تذكر كتب مصطلح الحديث وكتب الرجال، فكيف يروي البخاري عن الضعفاء في صحيحه إذن وهو المشهود له بالمعرفة الدقيقة بعلم الحديث والرجال والعلل؟
قال أبو حامد أحمد بن حمدون القصار: سمعت مسلم بن الحجاج، وجاء إلى البخاري، فقبل بين عينيه، وقال: دعني أقبل رجليك، ثم قال: حدثك محمد بن سلام، حدثنا مخلد بن يزيد الحراني، أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل، عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في كفارة المجلس، فما علته؟ قال محمد بن إسماعيل: هذا حديث مليح، ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا حديثا غير هذا الحديث الواحد في هذا الباب، إلا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا سهيل، عن عون بن عبد الله قوله، قال محمد: وهذا أولى، فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماع من سهيل، فقال له مسلم: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك[30].
إن الإمام البخاري رحمه الله لم يذكر للإمام مسلم - رحمه الله - علة الحديث - التي لا يعلمها غير البخاري فقط - وإنما ذكر له الطريق الصحيح لهذا الحديث، فأي البراهين يريدها المغالطون للحقائق بعد الذي سقناه؟ إذا كان البخاري لا يترك حديثا حتى يعرف جميع طرقه ورجاله وعلله، وإذا كان أئمة علم الحديث يسلمون له بذلك، وإذا كان البخاري قد انتقى صحيحه من بين مائة ألف حديث صحيح، وإذا كان البخاري له كتابان في الضعفاء: هما الضعفاء الصغير، والضعفاء الكبير، وإذا كانت أحكامه على الراوة أحكاما عادلة، ثم هو بعد ذلك مستفيض العدالة لا يكذب، مسلم له بالإمامة والإمارة في علم الحديث، فكيف نصدق من يقول بعد ذلك: إن الإمام البخاري روى عن الضعفاء في صحيحه؟!
الخلاصة:
· لم يخرج البخاري في الأصول إلا لمن هو ثقة متصف بالعدالة.
· لم يخرج البخاري في صحيحه إلا ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسند المتصل الذي توفر في رجاله العدالة والضبط واللقيا، ولم يكن يكتفي بإمكان معاصرة التلميذ للشيخ، بل اشترط ثبوت سماعه منه ولقياه به، وبهذا خرج أول كتاب في السنة على هذه الشروط الدقيقة مجردا من الأحاديث الضعيفة والحسنة، ومقتصرا على الأحاديث الصحيحة فقط.
· وصف الأئمة صحيح البخاري قديما وحديثا بأنه أصح الكتب المصنفة في الحديث، وبأن رجاله عدول، ثقات.
· إن تخريج البخاري لأي راو كان مقتض لعدالته عنده، وصحة ضبطه، وعدم غفلته وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح: "هذا جاز القنطرة"، يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه، ولذلك فلا يقبل الطعن في أحد منهم.
·علم البخاري بالصحيح والضعيف من الحديث، والثقات والضعفاء من الرواة، وإحاطته بكل طرق وعلل الحديث الذي يرويه، وشهادة العلماء له بذلك، كل ذلك يقف حائلا أمام القول بروايته عن الضعفاء في صحيحه.
المراجع
- (*) الإمام البخاري وصحيحه الجامع، أحمد فريد، دار العقيدة، القاهرة، ط1، 1426هـ/ 2006م.
- [1]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 406).
- [2]. السنة، د. عبد الله شحاته، دار أخبار اليوم، القاهرة، 2001، ص41: 43 بتصرف.
- [3]. دراسات في منهج النقد عند المحدثين، د. محمد على قاسم العمري، دار النفائس، الأردن، ط1، 1420هـ/ 2000م، ص 106.
- [4]. النكت على كتاب ابن الصلاح، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: ربيع بن هادي المدخلي، دار الراية، جدة، ط4، 1417هـ، (1/ 286) بتصرف.
- [5]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 116، 117).
- [6]. هدى الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص403، 404.
- [7]. هدى الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 405.
- [8]. هدى الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 479.
- [9]. هدى الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 484.
- [10]. الموقظة في علم مصطلح الحديث، شمس الدين الذهبي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط3، 1418هـ، ص80.
- [11]. نصب الراية لأحاديث الرواية مع حاشية بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، جمال الدين عبدالله بن يوسف الزيلعي، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1418هـ/ 1997م، (1/ 10).
- [12]. السنة الإسلامية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين، د. رءوف شلبي، دار الطباعة الحديثة، مصر، د. ت، ص241.
- [13]. هدى الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 8، 9 بتصرف.
- [14]. هدى الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 9.
- [15]. هدى الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 13 بتصرف.
- [16]. هدى الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م ، 3، 4 بتصرف.
- [17]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 427).
- [18]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 417).
- [19]. الرتوت: كبار العلماء.
- [20]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 425).
- [21]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 415).
- [22]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 432).
- [23]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 426).
- [24]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 431).
- [25]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 415).
- [26]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م،(12/ 432).
- [27]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 426).
- [28]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 426).
- [29]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 429، 430).
- [30]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (12/ 436، 437).