نص السؤال
لماذا نقولُ بالتحريفِ والضياعِ في كُتُبِ أهلِ الكتاب؟
عبارات مشابهة للسؤال
الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.
الجواب التفصيلي
تحريف الكتاب المقدس أمر ثابت شرعيا وعلميا، وهو أمر لا يختص بقوله المسلمين من منطلق ديني، بل هو مقتضى البحث العلمي بمقاييس معتبرة.
أولا: أدلة من القرآن الكريم:
من منطلق شرعي وعلمي أيضا: فقد سجَّل القرآن الكريم هذه الحقيقةَ في آياتٍ كثيرة تدُل على وجود التحريف في كتب أهل الكتاب؛ قال تعالى:
{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75]
وقوله تعالى:
{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]
وواضح هنا أن التحريف المذكور في الآيات كان على الحقيقة، وليس تحريفًا للمعاني فقط، مما يدُلُّ على أن تحريفَ الكَلِمِ المذكورِ كان واقعًا ملموسًا ومعايَشًا؛ قال تعالى:
{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78]
وكما نَصَّ القرآنُ الكريمُ على تحريفِ التوراةِ والإنجيل؛ فقد نَصَّ كذلك على نصوصٍ مفقودةٍ مِن التوراةِ والإنجيلِ؛ يقولُ تعالى في القرآنِ عن التوراةِ الحقيقيَّة، وكذلك الإنجيلِ الحقيقيِّ:
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157]
فلو كانت التوراةُ أو الإنجيلُ بين أيدينا صَحيحَيْن غيرَ مُحرَّفَيْن؛ لوجَدْنا هذا الذي نصَّ القرآن على ذِكره فيهما، وهذا دليلٌ على أن النُّسَخ الموجودة مُحرَّفة لا مَحالةَ، ودليلٌ أيضًا على أن أهل الكتاب قد أخفَوُا التوراةَ الحقيقيَّة، بما فيها من ذِكر النبي ﷺ.
ثانيًا: الكتابُ المقدَّسُ نَفْسُهُ ينُصُّ على ذلك التحريف:
ففي سِفْر «إِرمِيَا» نجدُ غضَبَ الربِّ على الكَهَنةِ، ومَن يتنبَّؤون ويقولون للشعبِ الكَذِبَ بدلًا مِن كلامِ الربِّ الإلهِ: «لأن الأنبياءَ والكَهَنةَ تنجَّسوا جميعًا، بل في بيتي وجَدتُّ شرَّهم يقولُ الربُّ: لذلك يكونُ طريقُهم لهم كمزالقَ في ظلامٍ دامسٍ، فيُطرَدون ويسقُطون فيها؛ لأنِّي أَجلِبُ عليهم شرًّا سنةَ عقابِهم، يقولُ الربُّ: وقد رأيتُ مِن أنبياءِ السامرةِ حَمَاقةً.
تنبَّؤوا بالبَعْلِ، وأضلُّوا شعبي إسرائيلَ، وفي أنبياءِ أُورْشَلِيمَ رأيتُ ما يُقشَعَرُّ منه، يفسُقون، ويسلُكون بالكَذِب، ويشدِّدون أيادِيَ فاعلي الشرِّ حتى لا يُرجِعوا الواحدَ عن شرِّه، صاروا لي كلُّهم كسَدُومَ، وسكَّانُها كعمورةَ؛ لذلك هكذا قال ربُّ الجنودِ عن الأنبياء: هأنذا أُطعِمُهم أَفْسِنْتِينًا وأَسقيهم ماءَ العَلقَم؛ لأنه من عند أنبياء أورشليم خرَج نفاقٌ في كل الأرض، هكذا قال رب الجنود، لا تَسمَعوا لكلام الأنبياء الذين يتنبَّؤون لكم؛ فإنهم يجعَلونكم باطلًا، يتكلَّمون برُؤيا قلبِهم لا عن فمِ الرب، قائلين قولًا لمُحتَقِريَّ: قال الرب يكون لكم سلامٌ! ويقولون لكل مَن يسيرُ في عناد قلبِه: لا يأتي عليكم شرٌّ». (إرميا 23: 11- 17).
وفيه أيضًا: «لم أُرسِلِ الأنبياءَ، بل هم جروا، لم أتكلَّم معهم، بل هم تنبَّؤوا، ولو وقَفوا في مجلسي لأخبَروا شعبي بكلامي وردُّوهم عن طريقهم الرديء، وعن شر أعمالهم، ألعَلِّي إلهٌ من قريب، يقول الرب: ولستُ إلهًا من بعيد، إذا اختبأ إنسان في أماكنَ مُستَتِرة أفما أراه أنا؟ يقول الرب: أما أملأ أنا السمواتِ والأرضَ؟ يقول الرب: قد سمِعتُ ما قالته الأنبياءُ الذين تنبَّؤوا باسمي بالكذِب قائلين: حلَمْتُ، حلَمْتُ.
حتى متى يوجَد في قلب الأنبياء المُتنبِّئين بالكذِب، بل هم أنبياءُ خِداع قلبِهم. الذين يُفكِّرون أن يُنسوا شعبي اسمي بأحلامهم التي يَقُصُّونها الرجُل على صاحبه كما نسِيَ آباؤهم اسمي لأجل البَعل، النبي الذي معه حلَمَ فلْيَقُصَّ حُلمًا، والذي معه كلِمتي فلْيَتكلَّم بكلمتي بالحق، ما للتِّبن مع الحِنطة؟ يقول الرب: أليست هكذا كلمتي كنار، يقول الرب: وكمِطرَقة تُحطِّم الصخر؟ لذلك هأنذا على الأنبياء، يقول الرب: الذين يَسرِقون كلمتي بعضُهم من بعض. هأنذا على الأنبياء، يقول الرب: الذين يأخُذون لسانَهم ويقولون: قال هأنذا على الذين يتنبؤون بأحلام كاذبة، يقولُ الربُّ: الذين يقُصُّونها ويُضِلُّون شَعْبي بأكاذيبِهم ومفاخَراتِهم، وأنا لم أُرسِلْهم ولا أمَرْتُهم، فلم يُفِيدوا هذا الشعبَ فائدةً؟! يقولُ الربُّ: أمَّا وحيُ الربِّ، فلا تذكُروهُ بعدُ؛ لأن كلمةَ كلِّ إنسانٍ تكونُ وَحْيَه؛ إذْ قد حرَّفْتم كلامَ الإلهِ الحيِّ ربِّ الجنودِ إلهِنا». (إرميا 23: 21- 36).
ونجدُ فيه أيضًا: «كيف تقولون نحن حكماءُ. وشريعةُ الرب معنا؟ حقًّا إنه إلى الكذِب حولَها قلَمُ الكَتَبة الكاذب». (إرميا 8: 8).
وفي سِفْرِ «إِشعِياءَ» نجدُ تغييرَ وتبديلَ الشرائعِ: «والأرضُ تدنَّستْ تحت سُكَّانِها؛ لأنهم تعَدَّوُا الشرائعَ، غيَّروا الفريضةَ، نكَثُوا العهدَ الأبَديَّ؛ لذلك لعنةٌ أكَلَتِ الأرضَ، وعُوقِبَ الساكِنون فيها؛ لذلك احترَقَ سُكَّانُ الأرضِ، وبَقِيَ أناسٌ قلائلُ». (إشعياء 24: 5، 6).
فلا عجبَ لقَتَلة الأنبياء الذين رمَوْهم بالعظائم، أن يكتُموا نعتَ رسول الله ﷺ وصفتَه، وقد جحَدوا نُبوة المسيح ورمَوْه وأُمَّه بالعظائم، ونعتُه والبِشارةُ به موجودان في كتُبهم، ومع هذا أطبَقوا على جَحْد نُبوته، وإنكار بِشارة الأنبياء به، وهو الذي لم يَفعَلْ بهم ما فعَلهُ بهم محمَّدٌ ﷺ مِن القتلِ، والسبيِ، وغنيمةِ الأموال، وتخريبِ الديار، وإجلائِهم منها؛ فكيف لا تتواصى هذه الأُمَّةُ بكتمانِ نعتِهِ وصفتِهِ، وتبدِّلُهُ مِن كُتُبِها؟!
ومِن العجيبِ: أنهم والنصارى يُقِرُّون أن التوراةَ كانت طُولَ مملكةِ بني إسرائيلَ عند الكاهنِ الأكبرِ الهارونيِّ وحدَه.
واليهودُ تُقِرُّ أن السبعينَ كاهنًا اجتمَعوا على اتِّفاقٍ مِن جميعِهم على تبديلِ ثلاثةَ عشَرَ حرفًا مِن التوراة؛ وذلك بعد المسيحِ في عهدِ القياصرةِ الذين كانوا تحت قهرِهم؛ حيث زال المُلْكُ عنهم، ولم يَبْقَ لهم مَلِكٌ يخافونه، ويأخُذُ على أيديهم، ومَن رَضِيَ بتبديلِ موضعٍ واحدٍ مِن كتابِ الله، فلا يُؤمَنُ منه تحريفُ غيرِه.
واليهودُ تُقِرُّ أيضًا: أن السامرةَ حرَّفوا مواضِعَ مِن التوراة، وبدَّلوها تبديلًا ظاهرًا، وزادُوا ونقَصوا، والسامرةَ تدَّعي ذلك عليهم».
وأما الإنجيلُ: فإن الذي بأيدي النصارى منه أربعة كتُب مختلِفة من تأليف أربعة رجال: متَّى، ومُرْقُس، ولوقا، ويوحنَّا. فكيف يُنكَر تطرُّقُ التبديل والتحريف إليهما؟
ثالثا: من أقوال علماء أهل الكتاب:
وهذه هي بعض من آراء علماء اليهود والنصارى وأحبارهم، تعترِف بتحريف الكتاب المقدَّس بعَهدَيْه: القديمِ، والجديدِ؛ ففي كتاب له بعُنوان «هل الكتاب المقدَّس كلامُ الله»، وإجابة عن هذا السؤال، يقول عالم مسيحي مشهور، هو «د. جراهام سكروغي» من معهد مودي في مدينة شيكاغو: «إنه من وَضْع البَشَر إلا أنه سَماوي»، ويقول أيضًا: «نَعمْ، إن الكتاب المقدَّس من وَضْع البَشَر، ولو أن البعض يُنكِرون ذلك لشدَّة تعصُّبهم.
لقد مرَّت هذه الأسفار في عقول البَشَر، وكُتِبت بلُغة البَشَر ودُبِّجت بأقلامهم وبأساليبهم الخاصة».
ويقول عالم مسيحي آخَر مشهور هو «كنث كراغ مطران» القِدِّيس الإنجليكاني في كتابه «نداء المِئذنة» عن الكتاب المقدَّس ما نصُّه: «إنه نِتاجٌ مُلَخَّص، مُكَثَّف، مُحَرَّر، مُختار، منسوخ، وكلماتُ شهود في أسفارِ العهدِ الجديد،
إن هذه الأسفارَ خُلاصةُ تَجرِبةٍ وتاريخٍ».
ويقولُ مجموعةٌ مِن علماءِ الدِّينِ المسيحيِّ عن الكتابِ المقدَّسِ «نسخةِ الملكِ جيمس»، التي تُعَدُّ مِن أدَقِّ النُّسَخِ، وقد لاقت ثناءً كبيرًا مِن علماءِ اللاهوتِ، يقولون: «إلا أن في نسخةِ الملكِ جيمس هذه عيوبًا خطيرةً مُهلِكةً، وهي كثيرةٌ؛ مما يستدعي إعادةَ التعديلِ والتنقيح»، ليس هذا الكلامُ لنا، بل هي أقوالٌ لعلماءِ المسيحيَّة، بل ولأكثرِ علمائِهم شُهْرةً؛ فمِن أفواهِهم نُدينُهم!
ويؤكِّدُ تشيندورف الذي عثَرَ على نسخةِ سَيْناءَ - أهمِّ النُّسَخِ للكتابِ المقدَّس - في دير سانت كاترين عامَ (1844م)، والتي تَرجِعُ إلى القرنِ الرابعِ: «إنها تَحْتوي على الأقلِّ على (16000 تصحيح)، تَرجِعُ على الأقلِّ إلى سبعةِ مصحِّحينَ أو معالِجينَ للنصِّ، بل قد وجَدَ أن بعضَ المواقعِ قد تَمَّ كشطُها ثلاثَ مرَّات، وكُتِبَ عليها للمرَّةِ الرابعة».
وقد اكتشَفَ ديلتش أحدُ خبراءِ العهدِ القديم، وأستاذٌ متخصِّصٌ في اللغةِ العبريَّةِ، حوالَيْ (3000) خطأٍ مختلِفٍ في نصوصِ العهدِ القديمِ التي عالَجها بإجلالٍ وتحفُّظ.
ويقولُ القِسُّ «شورر»: «إن الهدَفَ مِن القولِ بالوحيِ الكاملِ للكتابِ المقدَّسِ، والمفهومَ الراميَ إلى أن يكونَ اللهُ هو مؤلِّفَهُ، هو زعمٌ باطلٌ، ويتعارَضُ مع المبادئِ الأساسيَّةِ لعقلِ الإنسانِ السليم، الأمرُ الذي تؤكِّدُهُ لنا الاختلافاتُ البيِّنةُ للنصوص؛ لذلك لا يُمكِنُ أن يتبنَّى هذا الرأيَ إلا إنجيليُّون جاهِلون، أو مَن كانت ثقافتُهم ضَحْلةً».
وحتى أشهَرُ آباءِ الكنيسةِ أوجستين قد صرَّح بعدمِ الثقةِ في الكتابِ المقدَّسِ لكثرةِ الأخطاءِ التي تَحْتويها المخطوطاتُ اليدويَّة.
وقد ذكَرَتْ مَجلَّةُ «استيقظوا» وهي مَجلَّةُ طائفةٍ مسيحيَّةٍ تُدْعى «شهودَ يَهْوَه»، تصدُرُ في نيويورك في مقالٍ بعنوانِ: «50000 خطأٍ في الكتابِ المقدَّس»: أنه: «ربَّما هناك خمسونَ ألفَ خطأٍ - ربما تسرَّب الخطأُ إلى نصوصِ الكتابِ المقدَّس - خمسونَ ألفَ عيبٍ خطيرٍ، لكنَّ الكتابَ المقدَّسَ ككلٍّ، فهو صحيحٌ».
والجديرُ بالذكرِ في موضوعِ التحريفاتِ هذا: أن علماءَ اللاهوتِ يُجمِعون اليومَ على أن أجزاءَ مختلِفةً مِن الكتابِ المقدَّسِ، لم يكتُبْها المؤلِّفون الذين يُعْزى إليهم أسماءُ هذه الكتب.
لذلك يُعقَدُ الإجماعُ اليومَ على أنه: لم تُكتَبْ كتُبُ مُوسى - وهي الكتُبُ الأُولى مِن الكتابِ المقدَّس: التكوينُ، والخروجُ، واللاويِّينَ، والعدَدُ، والتثنيةُ - بواسطتِهِ؛ على الرغمِ مِن أن موسى يتكلَّمُ إلى حدٍّ ما بضميرِ المتكلِّم.
كذلك: يُطلَقُ كثيرًا في الكتابِ المقدَّسِ على «الزَّبُورِ»: «زَبُورُ داودَ»، والتي لا يُمكِنُ أن يكونَ داودُ - عليه السلام - هو قائِلَها.
كذلك: لا ينبغي أن تُنسَبَ أقوالُ سليمانَ إليه.
ومِن المسلَّمِ به أيضًا: أن جزءًا يسيرًا فقطْ مِن كتابِ إشعياءَ يُمكِنُ أن يُنسَبَ إليه.
وكذلك: يَبْدو أن إنجيلَ «يُوحَنَّا» لم يكتُبْهُ يوحنَّا الحَوَاريّ.
كذلك: لم يكتُبِ القدِّيس «بُطرُس» الخطابات التي نُسِبت إليه لإعلاء مكانتها.
ويُمكِنُ أن يقالَ الشيءُ نفسُهُ على خطابِ «يَهُوذا»، وعلى خطاباتِ «بُولُسَ» الوهميَّةِ المختلَقةِ. وهذا الواقعُ يَكْفي لإثباتِ التحريفاتِ الكبيرةِ البيِّنةِ والمعتمَدةِ التي لحِقَتْ بالنصوص، والتي لا يُمكِنُ لإنسانٍ عاقلٍ أن يدَّعِيَ أن اللهَ قد أَوْحى بكلِّ هذه التحريفاتِ إلى كاتبِيها، أو يدَّعِيَ أنه لم يَعرِفْها أفضلَ مِن ذلك.
وختامًا: لا يُمكِنُ التشكيكُ في طُرُقِ جمعِ القرآنِ وتدوينِه؛ فقد كانت وَفْقَ أدقِّ ضوابطِ معاييرِ التوثيق؛ فالواجبُ بعد ذلك هو تأمُّلُ مقاصدِ القرآنِ ومعانيهِ، والنَّهَلِ مِن مَعِينِهِ الصافي في شتَّى العلوم.
المراجع :
براهين النبوَّة، سامي عامري.