نص السؤال
كيف نثبت أن هناك يومًا للحساب بعد الموت وأن هناك حياة بعد الموت؟
عبارات مشابهة للسؤال
الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.
الجواب التفصيلي
الحمد لله،
الإيمان بالغيب ليس بالأمر السهل، ويحتاج إيمانًا صادقًا ويقينًا جازمًا للتصديق به؛ ولذلك كان مَن يؤمن بما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم من الأمور الغيبية مثابًا بالجنة والدرجات العلى؛ لأنه تجاوز هذه المرحلة ولم يصبح من الماديين الذين ينكرون ما لا يدركونه بحواسهم،
ولكن لتقريب ذلك عدة أدلة، منها:
1. أن هناك أشياء كثيرة غائبة عنا، ولا نعرف حقيقتها، ونحن وكلُّ البشرِ مؤمنون بها، ومنها شيء لا يمكن إنكاره، ألا وهو الروح، فكلُّ إنسانٍ يعرف أن بين جنبيه روحًا، وأنها إذا انفصلت جزئيًا بالنوم تعطلت حواسه، وإذا انفصلت كليًّا مات ولم تَعُدْ، فلا يوجد عاقل يشكُّ في موت الأحياء، لكنه لا يعرف أين تذهب هذه الروح وما مصيرها، ولا يمكن للعقل أن يحدد ما بعد هذه المرحلة، فلا بد من مصدر آخر غير المحسوسات.
2. من الأشياء التي تورثنا الجزم والقطع واليقين من غير الحواس الخمس الأخبار المؤكدة، فكثير منا لم يذهب إلى استراليا، لكنه لا يشك أن هناك قارة بهذا الاسم وفيها أناس يعيشون، لتواتر الأخبار عنها وتنوعها، وأما الإيمان بالبعث وبيوم القيامة تحديدًا فهذا أمرٌ تواترت به أخبار الرسل، فهو ثابت عند اليهود والنصارى والمسلمين، وقد أخبر الله عز وجل عن ذلك في القرآن الكريم في آيات كثيرة.
3. أيهما أقرب للواقعية: احتمالية أن يكون الإنسان خُلق بالصدفة، وأنَّ عيشَ الناس وموتهم ليس وراءه غاية ولا هدف، وما خُلق لهم على هذه الأرض وُجد للاستمتاع فقط، دون قيد أو حساب، أو الاحتمال المقابل له، وهو أن وراء هذا الكون والوجود هدف وغاية، وأن كل ما هو قابل للزوال لا بد أن يرجع لفاعل لا يزول، وأن هذا الإتقان يدل على حكمة هذا الفاعل، وأن الظالم وإن مات فيما يبدو سعيدًا لا بد له من مجازاة ومحاسبة، وأن الذي تعب في العمل الصالح وفي نفع الآخرين يستحق أن يُكافأ، وكل ذلك في يوم الحساب؟
4. في القرآن الكريم أمثلة حسية كثيرة للبعث، منها عالم النبات، وكيف تبدو خضرتها وحياتها للناس ثم بعد أشهر تموت وتجف، ثم إذا جاء موعدها وأصابها المطر عادت لها الخضرة من جديد بإذن الله تعالى، فالذي أحياها قادرٌ على إحياء الموتى،
5. أن يفكر الإنسان في المبدأ، وأن الذي خلقه من العدم قادرٌ على إعادته وإحيائه، وهو أهون عليه سبحانه،
قال تعالى:
{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}
[يس: 77 - 83]،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.