نص السؤال

زواجُ النبيِّ ^ بأكثرَ مِن أربعِ نِسْوةٍ، وعدمُ الاكتفاءِ بامرأةٍ واحدةٍ، أليس هذا دليلًا على الشهوانيَّة؟

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

تعدُّدُ الزوجات.

الحكمةُ مِن تعدُّدِ زواجِ النبيِّ ^.

نظرةُ الإسلامِ الشهوانيَّةُ للمرأة. 

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

يُمكِنُ إزالةُ الإشكالِ الواردِ في السؤالِ مِن خلالِ النِّقاطِ التالية:

أوَّلًا: تعدُّدُ الزوجاتِ في اليهوديَّةِ والنصرانيَّة:

إن تعدُّدَ الزوجاتِ في الأصلِ ليس مقصورًا على الإسلامِ، بل هو مما تقرَّر في اليهوديَّةِ والنصرانيَّة، وقد جاء إثباتُهُ في «العهدِ القديمِ»؛ كما في «سِفْرِ اللاويِّين» (18/18)، ولم يأتِ في «الإنجيلِ» ما يخالفُهُ، بل غايةُ ما فيه: أن الأُسْقُفَ والشَّمَّاسَ لا يكونُ له أكثرُ مِن زوجةٍ، أما عمومُ النصارى، فجائزٌ؛ كما في «تيموثاوس الأولى» (3/12).

ثانيًا: التعدُّدُ مِن سُنَنِ الأنبياءِ عليهم السلامُ:

وقد كان التعدُّدُ معهودًا حتى عند الأنبياءِ عليهم السلامُ،

وقد قال تعالى:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}

[الرعد: 38]،

 وعلى سبيلِ المثالِ: فقد كان ليَعقُوبَ عليه السلامُ أربعُ زوجاتٍ؛ كما في «سِفْرِ التكوين» (29/23)، ولداودَ عليه السلامُ (400) امرأةٍ مِن الزوجاتِ والإماء؛ كما في «سِفْرِ التكوين» (28/9)، وكذلك كان لسليمانَ عليه السلامُ ألفُ امرأةٍ؛ كما في «سِفْرِ الملوكِ الأوَّل» (11/3)، وجاء في «الصحيحَيْنِ»: أنه طاف على (99) امرأةً في ليلةٍ واحدةٍ؛ رجاءَ أن يُرزَقَ مِن كلِّ واحدةٍ منهُنَّ بغلامٍ يجاهِدُ في سبيلِ الله تعالى؛ رواه البخاري (2819)، ومسلم (1654).

ثالثًا: ما تعدَّد زواجُ النبيِّ ^ إلا بعد الخمسين:

لم يكن النبيُّ محمَّدٌ ^

{بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}

[الأحقاف: 9]،

فقد عَلِمْنا أن هذا كان مِن سُنَنِ الأنبياء، وهو مقرَّرٌ في كلِّ الشرائع، ومع ذلك لم يعدِّدِ النبيُّ ^ الزواجَ إلا بعد أن جاوَزَ الخمسينَ سنةً؛ بل لم يتزوَّجْ بِكْرًا إلا عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، بل أغلَبُهنَّ كُنَّ أراملَ، ومنهنَّ سَوْدةُ رضِيَ اللهُ عنها كانت قد قارَبَتِ السبعين.

رابعًا: الحِكْمةُ مِن تعدُّدِ زواجِ النبيِّ ^:

ولو تأمَّلْنا زواجَهُ ^، لوجَدْناهُ لحِكَمٍ ساميةٍ تَدفَعُ هذه الفِرْيةَ الكبيرةَ (الشهوانيَّةَ)؛ إذْ لو كان كذلك، لظهَرَ هذا في رَيْعانِ شبابِهِ وقوَّتِه؛ فإنه ^ لم يَشرَبِ الخمرَ في الجاهليَّةِ ولو لمرَّةٍ واحدةٍ، ولم يَذهَبْ لبيتٍ مِن بيوتِ البِغاءِ التي كانت منتشِرةً في مكَّةَ في الجاهليَّة؛ بل لم يُعرَفْ عنه ^ إلا كمالُ العِفَّةِ والأمانة، وصيانتِهِ لنفسِه؛ فكانوا في الجاهليَّةِ يلقِّبونه بـ «الصادقِ الأمين».

ومِن حِكَمِ تعدُّدِ زواجِهِ ^: حِكَمٌ (تعليميَّةٌ، وتشريعيَّةٌ، واجتماعيَّةٌ، وسياسيَّة):

أما الحِكْمةُ التعليميَّةُ: فالنبيُّ ^ هو خاتَمُ الأنبياء، وشريعتُهُ عامَّةٌ لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، وكانت زوجاتُهُ خيرَ عونٍ على تحقيقِ واجبِ البلاغ؛ لكثرةِ المصاحَبةِ، واطِّلاعِ الزوجةِ على ما لا يطَّلِعُ عليه غيرُها، ومعلومٌ دورُهنَّ في تعليمِ النساء، ولا يَخْفى دورُ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها في ذلك على وجهِ الخصوص.

وأما الحكمةُ التشريعيَّةُ: فتتجلَّى مثلًا في زواجِ النبيِّ ^ مِن زينبَ بنتِ جَحْشٍ رضِيَ اللهُ عنها، وإبطالِ عادةِ التبنِّي.

وأما الحكمةُ الاجتماعيَّةُ: فقد حرَصَ النبيُّ ^ أن يَربِطَ بين بطونِ قُريشٍ وبين القبائلِ العربيَّةِ بهذا الرِّباطِ الوثيق.

وأما الحكمةُ السياسيَّةُ: فقد كان زواجُهُ ^ ببعضِ النساءِ طريقًا لتأليفِ القلوبِ وجمعِ القبائل:

فقد تزوَّج بجُوَيريَةَ بنتِ الحارثِ، وكان ذلك سببًا في عِتْقِ قومِها، وقد أسلَموا جميعًا، وكانوا للمسلِمين بعد أن كانوا عليهم.

وتزوَّج بأمِّ حَبِيبةَ بعد أن تنصَّر زوجُها، وهي في الحبشةِ وحدَها، وكان هذا سببًا في تأليفِ أبي سُفْيانَ وإسلامِه.

خامسًا: كثرةُ زواجِ النبيِّ ^ دليلٌ على صدقِ نبوَّتِه:

بعد أن عرَفْنا أن التعدُّدَ مقرَّرٌ في كلِّ الشرائع، وأن تعدُّدَ زواجِ النبيِّ ^ ما كان إلا في آخِرِ حياتِه، وكان لحِكَمٍ ساميةٍ؛ فإنه أيضًا دليلٌ على صدقِ نبوَّتِهِ ^.

فقد يستطيعُ الإنسانُ أن يتجمَّلَ أمامَ الناس، ويُظهِرَ ما ليس فيه، أما زوجتُهُ، فهي مِن أخبرِ الناسِ به؛ لسقوطِ الكُلْفةِ بينهما، وكثرةِ المعاشَرة.

وقد تستُرُ الزوجةُ على زوجِها ما تراهُ مِن عيبٍ ونقصٍ، أما إذا كان الإنسانُ له أكثرُ مِن زوجةٍ، فيصعُبُ جِدًّا أن تتواطَأْنَ كلُّهُنَّ على سترِ عيبِهِ ونقصِه؛ فهذا بعيدٌ جِدًّا.

والمشاهَدُ: أن زوجاتِ النبيِّ ^ ما نقَلْنَ عنه إلا كلَّ كمالٍ، في حسنِ طبعٍ وأخلاقٍ وعبادةٍ؛ فكان هذا مِن دلائلِ نبوَّتِهِ ^.

وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (65)، (148)، (241).

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى أن الإسلامَ قد أباح التعدُّدَ، وجعَلَ للرجُلِ أن يتزوَّجَ بأربعِ نِسْوةٍ؛ بل زاد نبيُّهم على الأربعِ، فجعَلَ نظرةَ الإسلامِ ونبيِّ الإسلامِ للمرأةِ نظرةً شهوانيَّةً فحَسْبُ.

مختصَرُ الإجابة:

إن تعدُّدَ الزوجاتِ في الأصلِ ليس مقصورًا على الإسلامِ، بل هو مما تقرَّر في اليهوديَّةِ والنصرانيَّة، وقد جاء إثباتُهُ في «العهدِ القديم»، ولم يأتِ في «الإنجيلِ» ما يخالِفُهُ، بل غايةُ ما فيه: أن الأُسْقُفَ والشَّمَّاسَ لا يكونُ له أكثرُ مِن زوجةٍ، أما عمومُ النصارى، فجائزٌ.

وقد كان التعدُّدُ معهودًا حتى عند الأنبياءِ عليهم السلامُ؛

قال تعالى:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}

[الرعد: 38]،

وعلى سبيلِ المثالِ: فقد كان ليَعقُوبَ عليه السلامُ أربعُ زوجاتٍ، ولداودَ عليه السلامُ (400) امرأةٍ مِن الزوجاتِ والإماء، وكذلك كان لسليمانَ عليه السلامُ ألفُ امرأةٍ، وجاء في «الصحيحَيْنِ»: أنه طاف على (99) امرأةً في ليلةٍ واحدةٍ؛ رجاءَ أن يُرزَقَ مِن كلِّ واحدةٍ منهُنَّ بغلامٍ يجاهِدُ في سبيلِ اللهِ تعالى.

ولم يكن النبيُّ محمَّدٌ ^

{بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}

[الأحقاف: 9]

، ومع ذلك لم يعدِّدِ الزواجَ ^ إلا بعد أن جاوَزَ الخمسينَ سنةً، بل لم يتزوَّجْ بِكْرًا إلا عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، بل أغلَبُهنَّ كُنَّ أراملَ، ومنهنَّ سَوْدةُ رضِيَ اللهُ عنها كانت قد قارَبتِ السبعين.

ولو تأمَّلْنا زواجَهُ ^، لوجَدْناهُ لحِكَمٍ ساميةٍ تَدفَعُ هذه الفِرْيةَ الكبيرةَ (الشهوانيَّةَ)؛ إذْ لو كان كذلك، لظهَرَ هذا في رَيْعانِ شبابِهِ وقوَّتِه؛ فإنه ^ لم يَشرَبِ الخمرَ في الجاهليَّةِ ولو لمرَّةٍ واحدةٍ، ولم يَذهَبْ لبيتٍ مِن بيوتِ البِغاءِ التي كانت منتشِرةً في مكَّةَ في الجاهليَّة، بل لم يُعرَفْ عنه ^ إلا كمالُ العِفَّةِ والأمانةِ، وصيانتِهِ لنفسِه؛ فكانوا في الجاهليَّةِ يلقِّبونه بـ «الصادقِ الأمين». كما أن تعدُّدَ زواجِهِ ^ كان لحِكَمٍ ساميةٍ: تعليميَّةٍ وتشريعيَّة، واجتماعيَّةٍ وسياسيَّة، وهو أيضًا دليلٌ على صدقِ نبوَّتِهِ ^.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى أن الإسلامَ قد أباح التعدُّدَ، وجعَلَ للرجُلِ أن يتزوَّجَ بأربعِ نِسْوةٍ؛ بل زاد نبيُّهم على الأربعِ، فجعَلَ نظرةَ الإسلامِ ونبيِّ الإسلامِ للمرأةِ نظرةً شهوانيَّةً فحَسْبُ.

مختصَرُ الإجابة:

إن تعدُّدَ الزوجاتِ في الأصلِ ليس مقصورًا على الإسلامِ، بل هو مما تقرَّر في اليهوديَّةِ والنصرانيَّة، وقد جاء إثباتُهُ في «العهدِ القديم»، ولم يأتِ في «الإنجيلِ» ما يخالِفُهُ، بل غايةُ ما فيه: أن الأُسْقُفَ والشَّمَّاسَ لا يكونُ له أكثرُ مِن زوجةٍ، أما عمومُ النصارى، فجائزٌ.

وقد كان التعدُّدُ معهودًا حتى عند الأنبياءِ عليهم السلامُ؛

قال تعالى:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}

[الرعد: 38]،

وعلى سبيلِ المثالِ: فقد كان ليَعقُوبَ عليه السلامُ أربعُ زوجاتٍ، ولداودَ عليه السلامُ (400) امرأةٍ مِن الزوجاتِ والإماء، وكذلك كان لسليمانَ عليه السلامُ ألفُ امرأةٍ، وجاء في «الصحيحَيْنِ»: أنه طاف على (99) امرأةً في ليلةٍ واحدةٍ؛ رجاءَ أن يُرزَقَ مِن كلِّ واحدةٍ منهُنَّ بغلامٍ يجاهِدُ في سبيلِ اللهِ تعالى.

ولم يكن النبيُّ محمَّدٌ ^

{بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}

[الأحقاف: 9]

، ومع ذلك لم يعدِّدِ الزواجَ ^ إلا بعد أن جاوَزَ الخمسينَ سنةً، بل لم يتزوَّجْ بِكْرًا إلا عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، بل أغلَبُهنَّ كُنَّ أراملَ، ومنهنَّ سَوْدةُ رضِيَ اللهُ عنها كانت قد قارَبتِ السبعين.

ولو تأمَّلْنا زواجَهُ ^، لوجَدْناهُ لحِكَمٍ ساميةٍ تَدفَعُ هذه الفِرْيةَ الكبيرةَ (الشهوانيَّةَ)؛ إذْ لو كان كذلك، لظهَرَ هذا في رَيْعانِ شبابِهِ وقوَّتِه؛ فإنه ^ لم يَشرَبِ الخمرَ في الجاهليَّةِ ولو لمرَّةٍ واحدةٍ، ولم يَذهَبْ لبيتٍ مِن بيوتِ البِغاءِ التي كانت منتشِرةً في مكَّةَ في الجاهليَّة، بل لم يُعرَفْ عنه ^ إلا كمالُ العِفَّةِ والأمانةِ، وصيانتِهِ لنفسِه؛ فكانوا في الجاهليَّةِ يلقِّبونه بـ «الصادقِ الأمين». كما أن تعدُّدَ زواجِهِ ^ كان لحِكَمٍ ساميةٍ: تعليميَّةٍ وتشريعيَّة، واجتماعيَّةٍ وسياسيَّة، وهو أيضًا دليلٌ على صدقِ نبوَّتِهِ ^.

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

يُمكِنُ إزالةُ الإشكالِ الواردِ في السؤالِ مِن خلالِ النِّقاطِ التالية:

أوَّلًا: تعدُّدُ الزوجاتِ في اليهوديَّةِ والنصرانيَّة:

إن تعدُّدَ الزوجاتِ في الأصلِ ليس مقصورًا على الإسلامِ، بل هو مما تقرَّر في اليهوديَّةِ والنصرانيَّة، وقد جاء إثباتُهُ في «العهدِ القديمِ»؛ كما في «سِفْرِ اللاويِّين» (18/18)، ولم يأتِ في «الإنجيلِ» ما يخالفُهُ، بل غايةُ ما فيه: أن الأُسْقُفَ والشَّمَّاسَ لا يكونُ له أكثرُ مِن زوجةٍ، أما عمومُ النصارى، فجائزٌ؛ كما في «تيموثاوس الأولى» (3/12).

ثانيًا: التعدُّدُ مِن سُنَنِ الأنبياءِ عليهم السلامُ:

وقد كان التعدُّدُ معهودًا حتى عند الأنبياءِ عليهم السلامُ،

وقد قال تعالى:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}

[الرعد: 38]،

 وعلى سبيلِ المثالِ: فقد كان ليَعقُوبَ عليه السلامُ أربعُ زوجاتٍ؛ كما في «سِفْرِ التكوين» (29/23)، ولداودَ عليه السلامُ (400) امرأةٍ مِن الزوجاتِ والإماء؛ كما في «سِفْرِ التكوين» (28/9)، وكذلك كان لسليمانَ عليه السلامُ ألفُ امرأةٍ؛ كما في «سِفْرِ الملوكِ الأوَّل» (11/3)، وجاء في «الصحيحَيْنِ»: أنه طاف على (99) امرأةً في ليلةٍ واحدةٍ؛ رجاءَ أن يُرزَقَ مِن كلِّ واحدةٍ منهُنَّ بغلامٍ يجاهِدُ في سبيلِ الله تعالى؛ رواه البخاري (2819)، ومسلم (1654).

ثالثًا: ما تعدَّد زواجُ النبيِّ ^ إلا بعد الخمسين:

لم يكن النبيُّ محمَّدٌ ^

{بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}

[الأحقاف: 9]،

فقد عَلِمْنا أن هذا كان مِن سُنَنِ الأنبياء، وهو مقرَّرٌ في كلِّ الشرائع، ومع ذلك لم يعدِّدِ النبيُّ ^ الزواجَ إلا بعد أن جاوَزَ الخمسينَ سنةً؛ بل لم يتزوَّجْ بِكْرًا إلا عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، بل أغلَبُهنَّ كُنَّ أراملَ، ومنهنَّ سَوْدةُ رضِيَ اللهُ عنها كانت قد قارَبَتِ السبعين.

رابعًا: الحِكْمةُ مِن تعدُّدِ زواجِ النبيِّ ^:

ولو تأمَّلْنا زواجَهُ ^، لوجَدْناهُ لحِكَمٍ ساميةٍ تَدفَعُ هذه الفِرْيةَ الكبيرةَ (الشهوانيَّةَ)؛ إذْ لو كان كذلك، لظهَرَ هذا في رَيْعانِ شبابِهِ وقوَّتِه؛ فإنه ^ لم يَشرَبِ الخمرَ في الجاهليَّةِ ولو لمرَّةٍ واحدةٍ، ولم يَذهَبْ لبيتٍ مِن بيوتِ البِغاءِ التي كانت منتشِرةً في مكَّةَ في الجاهليَّة؛ بل لم يُعرَفْ عنه ^ إلا كمالُ العِفَّةِ والأمانة، وصيانتِهِ لنفسِه؛ فكانوا في الجاهليَّةِ يلقِّبونه بـ «الصادقِ الأمين».

ومِن حِكَمِ تعدُّدِ زواجِهِ ^: حِكَمٌ (تعليميَّةٌ، وتشريعيَّةٌ، واجتماعيَّةٌ، وسياسيَّة):

أما الحِكْمةُ التعليميَّةُ: فالنبيُّ ^ هو خاتَمُ الأنبياء، وشريعتُهُ عامَّةٌ لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، وكانت زوجاتُهُ خيرَ عونٍ على تحقيقِ واجبِ البلاغ؛ لكثرةِ المصاحَبةِ، واطِّلاعِ الزوجةِ على ما لا يطَّلِعُ عليه غيرُها، ومعلومٌ دورُهنَّ في تعليمِ النساء، ولا يَخْفى دورُ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها في ذلك على وجهِ الخصوص.

وأما الحكمةُ التشريعيَّةُ: فتتجلَّى مثلًا في زواجِ النبيِّ ^ مِن زينبَ بنتِ جَحْشٍ رضِيَ اللهُ عنها، وإبطالِ عادةِ التبنِّي.

وأما الحكمةُ الاجتماعيَّةُ: فقد حرَصَ النبيُّ ^ أن يَربِطَ بين بطونِ قُريشٍ وبين القبائلِ العربيَّةِ بهذا الرِّباطِ الوثيق.

وأما الحكمةُ السياسيَّةُ: فقد كان زواجُهُ ^ ببعضِ النساءِ طريقًا لتأليفِ القلوبِ وجمعِ القبائل:

فقد تزوَّج بجُوَيريَةَ بنتِ الحارثِ، وكان ذلك سببًا في عِتْقِ قومِها، وقد أسلَموا جميعًا، وكانوا للمسلِمين بعد أن كانوا عليهم.

وتزوَّج بأمِّ حَبِيبةَ بعد أن تنصَّر زوجُها، وهي في الحبشةِ وحدَها، وكان هذا سببًا في تأليفِ أبي سُفْيانَ وإسلامِه.

خامسًا: كثرةُ زواجِ النبيِّ ^ دليلٌ على صدقِ نبوَّتِه:

بعد أن عرَفْنا أن التعدُّدَ مقرَّرٌ في كلِّ الشرائع، وأن تعدُّدَ زواجِ النبيِّ ^ ما كان إلا في آخِرِ حياتِه، وكان لحِكَمٍ ساميةٍ؛ فإنه أيضًا دليلٌ على صدقِ نبوَّتِهِ ^.

فقد يستطيعُ الإنسانُ أن يتجمَّلَ أمامَ الناس، ويُظهِرَ ما ليس فيه، أما زوجتُهُ، فهي مِن أخبرِ الناسِ به؛ لسقوطِ الكُلْفةِ بينهما، وكثرةِ المعاشَرة.

وقد تستُرُ الزوجةُ على زوجِها ما تراهُ مِن عيبٍ ونقصٍ، أما إذا كان الإنسانُ له أكثرُ مِن زوجةٍ، فيصعُبُ جِدًّا أن تتواطَأْنَ كلُّهُنَّ على سترِ عيبِهِ ونقصِه؛ فهذا بعيدٌ جِدًّا.

والمشاهَدُ: أن زوجاتِ النبيِّ ^ ما نقَلْنَ عنه إلا كلَّ كمالٍ، في حسنِ طبعٍ وأخلاقٍ وعبادةٍ؛ فكان هذا مِن دلائلِ نبوَّتِهِ ^.

وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (65)، (148)، (241).