نص السؤال

إن الأديانَ جميعًا تَدْعو إلى المحبَّةِ والسلامِ ونَشْرِ الخير؛ فلهذا ما المانعُ مِن الدعوةِ إلى الوَحْدةِ بين الأديان، وإزالةِ الفوارقِ بينها؟

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

الموقفُ مِن وَحْدةِ الأديان.

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

إن الدعوةَ إلى وَحْدةِ الأديانِ مِن شناعاتِ العصرِ ومحدَثاتِه، وهي إحدى نتائجِ الهزيمةِ النفسيَّةِ التي يُعاني منها المفكِّرون المنتسِبون إلى الإسلام.

وقد وُجِدَتْ هذه الدعوةُ قديمًا عند بعضِ أهلِ الزندقةِ مِن غُلاةِ الصوفيَّة وغيرِهم.

ولكنْ كانت هذه الأفكارُ منبوذةً لا يَنطِقُ بها إلا هؤلاءِ الذين يَعِيشون على هامشِ المجتمَع، وليس لهم فيه أدنى تأثيرٍ.

أما الجديدُ في هذا العصرِ، فهو أن أصحابَ هذه الدعوةِ الكُفْريَّةِ يَعقِدون المؤتمَراتِ، ويُقِيمون الندَواتِ، وتُفتَحُ لهم وسائلُ الإعلامِ، وتُنشَرُ أفكارُهم في كلِّ مكانٍ.

وهذه الدعوةُ تُروَّجُ مِن جهاتٍ ومنظَّماتٍ لا تهتمُّ بحقيقةِ هذه الدعوة، بل تستثمِرُها لأغراضِها الفكريَّةِ أو السياسيَّةِ أو الاقتصاديَّةِ، أو للسيطرةِ على العالَمِ، ونَشْرِ الإلحادِ والإباحيَّةِ تحت غطاءِ الدعوةِ إلى وَحْدةِ الأديانِ الثلاثة، ونبذِ التعصُّبِ بجامعِ الإيمانِ بالله.

وهنا: ينبغي التأكيدُ على جملةٍ مِن الحقائقِ المتصِلةِ بـ «نظريَّةِ وَحْدةِ الأديان»:

أوَّلًا: هذه النظريَّةُ كفريَّةٌ؛ لمناقَضتِها لصريحِ الإسلام:

فشريعةُ الإسلامِ ناسخةٌ لغيرِها مِن الشرائع، والقرآنُ الكريمُ مُهَيْمِنٌ على غيرِهِ مِن الكتُب، وهو الكتابُ السماويُّ الوحيدُ الذي صِينَ مِن التحريفِ والتبديل، وما بأيدي النصارى واليهودِ اليومَ كلُّه محرَّفٌ، وما كان منسوبًا إلى موسى وعيسى عليهما السلامُ، فهو مِن شرعٍ محرَّفٍ مبدَّلٍ؛ فتحرُمُ نسبتُهُ إليهما، فضلًا عن أن يجوزَ لأحدٍ اتِّباعُه، أو أن يكونَ دِينَ أحدٍ مِن الأنبياء، لا موسى، ولا عيسى، ولا غيرِهما؛

قال اللهُ تعالى:

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}

[آل عمران: 85].

والمسلِمون أتباعُ جميعِ الأنبياء، أما اليهودُ والنصارى: فيؤمِنون ببعضٍ، ويكفُرون ببعضٍ؛ فهم لا يؤمِنون بمحمَّدٍ ^، ولا يتَّبِعونه.

ثم إن الإيمانَ بمحمَّدٍ ^ وبشريعتِهِ واجبٌ على الخلقِ كافَّةً:

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}

[آل عمران: 70].

ولهذا قرَّر أهلُ العلمِ: أن مِن المعلومِ بالاضطرارِ مِن دِينِ المسلِمينَ، وباتِّفاقِ جميعِ المسلِمين: أن مَن سوَّغ اتِّباعَ غيرِ دينِ الإسلام، أو اتِّباعَ شريعةٍ غيرِ شريعةِ محمَّدٍ ^ -: فهو كافرٌ، وهو ككفرِ مَن آمَنَ ببعضِ الكتاب، وكفَرَ ببعضِ الكتاب .

ثانيًا: دَلالةُ الواقعِ على بطلانِ دعوةِ التقريبِ بين الأديان:

فقد دلَّتِ الوثائقُ والحقائقُ على أمورٍ يطولُ عرضُها بالتفصيل، لكنَّها تدُلُّ بالمجمَلِ على إصرارِ النصارى على دينِهم وعدمِ اقترابِهم مِن الحقِّ؛ حيثُ يَجهَرون بالسوءِ في ملتقَياتِ التقارُب؛ كما نجدُ ذلك في كلامِ (يُوحَنَّا بُولِس الثاني)، و(رئيسِ أساقفةِ أسبانيا)، و(الأبِ مُورِيس بُورْمانْس)، كما أبى النصارى الزاعِمون أنهم يَسْعَوْنَ إلى التقارُبِ مع المسلِمين: مجرَّدَ التسليمِ بنبوَّةِ محمَّدٍ ^، وعلى نشرِ كفرِهم: «التنصير»، واستغلالِ دعوةِ التقريبِ لذلك، وتشويهِ صورةِ الإسلام.

وهذه الأمورُ بمجمَلِها: تدُلُّ على أن «دعوةَ التقريبِ ووَحْدةِ الأديانِ»، هي في حقيقتِها تقريبٌ مِن طرَفٍ واحدٍ؛ فالمطلوبُ هو أن يتنازَلَ المسلِمون عن دينِهم ونبيِّهم ^، دون أيِّ تنازُلٍ يقدِّمُهُ اليهودُ والنصارى! مع أنهم على الباطل، ونحنُ على الحقّ.

ثالثًا: وجوبُ سلوكِ المسلكِ الشرعيِّ في دعوةِ غيرِ المسلِمينَ إلى الإسلام:

يجبُ على المسلِمين دعوةُ أتباعِ سائرِ المِلَلِ لدينِ الإسلام، وجهادُهم على ذلك؛

قال اللهُ تعالى:

{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}

[التوبة: 29].

كما يجبُ على كلِّ مسلِمٍ أن يتبرَّأَ مِن اليهودِ والنصارى، ويُبغِضَهم بغضًا دينيًّا، ويعتقِدَ كفرَهم؛

قال اللهُ تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

[المائدة: 51]

، والآياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ:

قال اللهُ تعالى:

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}

[الأعراف: 158].

وفي «صحيحِ مسلمٍ» (153): أن النبيَّ ^ قال: 

«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ».

ونقولُ لأهلِ الكتابِ كما قال اللهُ تعالى:

{انْتَهُوا خَيْرَا لَكُمْ}

[النساء: 171].

وقد بيَّن أهلُ العلمِ في هذا العصرِ وجوبَ اجتنابِ مضامِينِ الدعوةِ لوَحْدةِ الأديان، فقرَّروا: أنه لا يجوزُ العملُ بشيءٍ مما يدعو إليه دعاةُ وَحْدةِ الأديان؛ فلا يجوزُ لمسلِمٍ طباعةُ التوراةِ والإنجيلِ، وتوزيعُهما، ونشرُهما، وإن نظريَّةَ طبعِهما مع القرآنِ الكريمِ في غِلافٍ واحدٍ مِن الضلالِ البعيد، والكفرِ العظيم؛ لِمَا فيها مِن الجمعِ بين الحقِّ الذي في القرآنِ الكريم، والباطلِ الذي في التوراةِ والإنجيل، ولِمَا فيهما مِن التحريفِ والتبديل، وأن ما فيهما مِن حقٍّ، فهو منسوخٌ، ولا يجوزُ الاستجابةُ لدعوتِهم ببناءِ «مَسجِدٍ، وكنيسةٍ، ومَعبَدٍ» في مجمَّعٍ واحدٍ؛ لِمَا في ذلك مِن الدَّيْنونةِ والاعترافِ بدينٍ يُعبَدُ اللهُ به سوى الإسلام، وإخفاءِ ظهورِهِ على الدِّينِ كلِّه.

وقالوا: هذه المساجدُ مِن شعائرِ الإسلامِ؛ فواجبٌ تعظيمُها، ورعايةُ حُرْمتِها، وعِمارتُها، ومِن تعظيمِها ورعايتِها: عدمُ الرِّضا بحلولِ كنائسِ الكَفَرةِ ومعابدِهم في حَرَمِها، وفي جِوارِها، وإقرارِ إنشائِها في بلادِ الإسلام، ورفضُ مساجِدِ المضارَّةِ بالإسلام، والضِّرارِ بالمسلِمين في بلادِ الكافِرين.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:                                                           

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى مشترَكاتٍ كثيرةً بين الأديانِ - حسَبَ زعمِهِ - ويريدُ أن يَصِلَ مِن ذلك إلى القولِ بأن جميعَ الأديانِ صحيحةٌ، وكلَّها طرُقٌ تؤدِّي إلى اللهِ تعالى. 

مختصَرُ الإجابة:

هذه الدعوةُ - كما لا يَخْفى على كلِّ مسلِمٍ - فيها ضلالٌ شرعيٌّ وعقليٌّ مِن جهةٍ، واستحالةٌ واقعيَّةٌ مِن جهةٍ أخرى:

فإن أصولَ كلِّ ديانةٍ مبنيَّةٌ على بطلانِ الآخَرِ؛ فكيف يُمكِنُ الجمعُ بينها؟! والعقلاءُ مِن اليهودِ والنصارى يَعلَمون ذلك، ويَعلَمون أن مَن يقولُ به، فهو كافرٌ عندهم؛ لأنه يُبطِلُ دِينَهم؛ ولذلك فهي مستحيلةٌ واقعًا.

أما مِن الجهةِ الشرعيَّةِ والعقليَّةِ: فالدعوةُ إلى تقريبِ الأديانِ مردودةٌ؛ لكونِها رغبةً عن ملَّةِ إبراهيمَ عليه السلامُ، وحَيْدةً عن الصراطِ المستقيم، وابتغاءً لدِينِ غيرِ الإسلامِ الذي بُعِثَ به محمَّدٌ ^، وطعنًا في رسالةِ نبيِّنا محمَّدٍ ^، وفي القرآنِ العظيمِ وهيمنتِهِ على الكُتُبِ السابقة، واتِّباعًا لغيرِ سبيلِ المؤمِنين، ومخالَفةً لإجماعِ المسلِمين، وموالاةً لأعداءِ الدِّين، وفتنةً عن بعضِ ما أنزَلَ الله، وتسويةً لأهلِ الإيمانِ بأهلِ الشركِ وعُبَّادِ الأوثان، ومداهَنةً في دِينِ الله، ولَبْسًا للحقِّ بالباطلِ، وصدًّا عن سبيلِ الله؛ وواحدٌ مِن هذه الأمورِ يَكْفي في إبطالِها؛ فكيف إذا اجتمَعَتْ؟!

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:                                                           

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى مشترَكاتٍ كثيرةً بين الأديانِ - حسَبَ زعمِهِ - ويريدُ أن يَصِلَ مِن ذلك إلى القولِ بأن جميعَ الأديانِ صحيحةٌ، وكلَّها طرُقٌ تؤدِّي إلى اللهِ تعالى. 

مختصَرُ الإجابة:

هذه الدعوةُ - كما لا يَخْفى على كلِّ مسلِمٍ - فيها ضلالٌ شرعيٌّ وعقليٌّ مِن جهةٍ، واستحالةٌ واقعيَّةٌ مِن جهةٍ أخرى:

فإن أصولَ كلِّ ديانةٍ مبنيَّةٌ على بطلانِ الآخَرِ؛ فكيف يُمكِنُ الجمعُ بينها؟! والعقلاءُ مِن اليهودِ والنصارى يَعلَمون ذلك، ويَعلَمون أن مَن يقولُ به، فهو كافرٌ عندهم؛ لأنه يُبطِلُ دِينَهم؛ ولذلك فهي مستحيلةٌ واقعًا.

أما مِن الجهةِ الشرعيَّةِ والعقليَّةِ: فالدعوةُ إلى تقريبِ الأديانِ مردودةٌ؛ لكونِها رغبةً عن ملَّةِ إبراهيمَ عليه السلامُ، وحَيْدةً عن الصراطِ المستقيم، وابتغاءً لدِينِ غيرِ الإسلامِ الذي بُعِثَ به محمَّدٌ ^، وطعنًا في رسالةِ نبيِّنا محمَّدٍ ^، وفي القرآنِ العظيمِ وهيمنتِهِ على الكُتُبِ السابقة، واتِّباعًا لغيرِ سبيلِ المؤمِنين، ومخالَفةً لإجماعِ المسلِمين، وموالاةً لأعداءِ الدِّين، وفتنةً عن بعضِ ما أنزَلَ الله، وتسويةً لأهلِ الإيمانِ بأهلِ الشركِ وعُبَّادِ الأوثان، ومداهَنةً في دِينِ الله، ولَبْسًا للحقِّ بالباطلِ، وصدًّا عن سبيلِ الله؛ وواحدٌ مِن هذه الأمورِ يَكْفي في إبطالِها؛ فكيف إذا اجتمَعَتْ؟!

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

إن الدعوةَ إلى وَحْدةِ الأديانِ مِن شناعاتِ العصرِ ومحدَثاتِه، وهي إحدى نتائجِ الهزيمةِ النفسيَّةِ التي يُعاني منها المفكِّرون المنتسِبون إلى الإسلام.

وقد وُجِدَتْ هذه الدعوةُ قديمًا عند بعضِ أهلِ الزندقةِ مِن غُلاةِ الصوفيَّة وغيرِهم.

ولكنْ كانت هذه الأفكارُ منبوذةً لا يَنطِقُ بها إلا هؤلاءِ الذين يَعِيشون على هامشِ المجتمَع، وليس لهم فيه أدنى تأثيرٍ.

أما الجديدُ في هذا العصرِ، فهو أن أصحابَ هذه الدعوةِ الكُفْريَّةِ يَعقِدون المؤتمَراتِ، ويُقِيمون الندَواتِ، وتُفتَحُ لهم وسائلُ الإعلامِ، وتُنشَرُ أفكارُهم في كلِّ مكانٍ.

وهذه الدعوةُ تُروَّجُ مِن جهاتٍ ومنظَّماتٍ لا تهتمُّ بحقيقةِ هذه الدعوة، بل تستثمِرُها لأغراضِها الفكريَّةِ أو السياسيَّةِ أو الاقتصاديَّةِ، أو للسيطرةِ على العالَمِ، ونَشْرِ الإلحادِ والإباحيَّةِ تحت غطاءِ الدعوةِ إلى وَحْدةِ الأديانِ الثلاثة، ونبذِ التعصُّبِ بجامعِ الإيمانِ بالله.

وهنا: ينبغي التأكيدُ على جملةٍ مِن الحقائقِ المتصِلةِ بـ «نظريَّةِ وَحْدةِ الأديان»:

أوَّلًا: هذه النظريَّةُ كفريَّةٌ؛ لمناقَضتِها لصريحِ الإسلام:

فشريعةُ الإسلامِ ناسخةٌ لغيرِها مِن الشرائع، والقرآنُ الكريمُ مُهَيْمِنٌ على غيرِهِ مِن الكتُب، وهو الكتابُ السماويُّ الوحيدُ الذي صِينَ مِن التحريفِ والتبديل، وما بأيدي النصارى واليهودِ اليومَ كلُّه محرَّفٌ، وما كان منسوبًا إلى موسى وعيسى عليهما السلامُ، فهو مِن شرعٍ محرَّفٍ مبدَّلٍ؛ فتحرُمُ نسبتُهُ إليهما، فضلًا عن أن يجوزَ لأحدٍ اتِّباعُه، أو أن يكونَ دِينَ أحدٍ مِن الأنبياء، لا موسى، ولا عيسى، ولا غيرِهما؛

قال اللهُ تعالى:

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}

[آل عمران: 85].

والمسلِمون أتباعُ جميعِ الأنبياء، أما اليهودُ والنصارى: فيؤمِنون ببعضٍ، ويكفُرون ببعضٍ؛ فهم لا يؤمِنون بمحمَّدٍ ^، ولا يتَّبِعونه.

ثم إن الإيمانَ بمحمَّدٍ ^ وبشريعتِهِ واجبٌ على الخلقِ كافَّةً:

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}

[آل عمران: 70].

ولهذا قرَّر أهلُ العلمِ: أن مِن المعلومِ بالاضطرارِ مِن دِينِ المسلِمينَ، وباتِّفاقِ جميعِ المسلِمين: أن مَن سوَّغ اتِّباعَ غيرِ دينِ الإسلام، أو اتِّباعَ شريعةٍ غيرِ شريعةِ محمَّدٍ ^ -: فهو كافرٌ، وهو ككفرِ مَن آمَنَ ببعضِ الكتاب، وكفَرَ ببعضِ الكتاب .

ثانيًا: دَلالةُ الواقعِ على بطلانِ دعوةِ التقريبِ بين الأديان:

فقد دلَّتِ الوثائقُ والحقائقُ على أمورٍ يطولُ عرضُها بالتفصيل، لكنَّها تدُلُّ بالمجمَلِ على إصرارِ النصارى على دينِهم وعدمِ اقترابِهم مِن الحقِّ؛ حيثُ يَجهَرون بالسوءِ في ملتقَياتِ التقارُب؛ كما نجدُ ذلك في كلامِ (يُوحَنَّا بُولِس الثاني)، و(رئيسِ أساقفةِ أسبانيا)، و(الأبِ مُورِيس بُورْمانْس)، كما أبى النصارى الزاعِمون أنهم يَسْعَوْنَ إلى التقارُبِ مع المسلِمين: مجرَّدَ التسليمِ بنبوَّةِ محمَّدٍ ^، وعلى نشرِ كفرِهم: «التنصير»، واستغلالِ دعوةِ التقريبِ لذلك، وتشويهِ صورةِ الإسلام.

وهذه الأمورُ بمجمَلِها: تدُلُّ على أن «دعوةَ التقريبِ ووَحْدةِ الأديانِ»، هي في حقيقتِها تقريبٌ مِن طرَفٍ واحدٍ؛ فالمطلوبُ هو أن يتنازَلَ المسلِمون عن دينِهم ونبيِّهم ^، دون أيِّ تنازُلٍ يقدِّمُهُ اليهودُ والنصارى! مع أنهم على الباطل، ونحنُ على الحقّ.

ثالثًا: وجوبُ سلوكِ المسلكِ الشرعيِّ في دعوةِ غيرِ المسلِمينَ إلى الإسلام:

يجبُ على المسلِمين دعوةُ أتباعِ سائرِ المِلَلِ لدينِ الإسلام، وجهادُهم على ذلك؛

قال اللهُ تعالى:

{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}

[التوبة: 29].

كما يجبُ على كلِّ مسلِمٍ أن يتبرَّأَ مِن اليهودِ والنصارى، ويُبغِضَهم بغضًا دينيًّا، ويعتقِدَ كفرَهم؛

قال اللهُ تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

[المائدة: 51]

، والآياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ:

قال اللهُ تعالى:

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}

[الأعراف: 158].

وفي «صحيحِ مسلمٍ» (153): أن النبيَّ ^ قال: 

«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ».

ونقولُ لأهلِ الكتابِ كما قال اللهُ تعالى:

{انْتَهُوا خَيْرَا لَكُمْ}

[النساء: 171].

وقد بيَّن أهلُ العلمِ في هذا العصرِ وجوبَ اجتنابِ مضامِينِ الدعوةِ لوَحْدةِ الأديان، فقرَّروا: أنه لا يجوزُ العملُ بشيءٍ مما يدعو إليه دعاةُ وَحْدةِ الأديان؛ فلا يجوزُ لمسلِمٍ طباعةُ التوراةِ والإنجيلِ، وتوزيعُهما، ونشرُهما، وإن نظريَّةَ طبعِهما مع القرآنِ الكريمِ في غِلافٍ واحدٍ مِن الضلالِ البعيد، والكفرِ العظيم؛ لِمَا فيها مِن الجمعِ بين الحقِّ الذي في القرآنِ الكريم، والباطلِ الذي في التوراةِ والإنجيل، ولِمَا فيهما مِن التحريفِ والتبديل، وأن ما فيهما مِن حقٍّ، فهو منسوخٌ، ولا يجوزُ الاستجابةُ لدعوتِهم ببناءِ «مَسجِدٍ، وكنيسةٍ، ومَعبَدٍ» في مجمَّعٍ واحدٍ؛ لِمَا في ذلك مِن الدَّيْنونةِ والاعترافِ بدينٍ يُعبَدُ اللهُ به سوى الإسلام، وإخفاءِ ظهورِهِ على الدِّينِ كلِّه.

وقالوا: هذه المساجدُ مِن شعائرِ الإسلامِ؛ فواجبٌ تعظيمُها، ورعايةُ حُرْمتِها، وعِمارتُها، ومِن تعظيمِها ورعايتِها: عدمُ الرِّضا بحلولِ كنائسِ الكَفَرةِ ومعابدِهم في حَرَمِها، وفي جِوارِها، وإقرارِ إنشائِها في بلادِ الإسلام، ورفضُ مساجِدِ المضارَّةِ بالإسلام، والضِّرارِ بالمسلِمين في بلادِ الكافِرين.