نص السؤال
المؤلف: مركز رواد الترجمة
المصدر: قاموس الأسئلة الشائعة حول الإسلام
الجواب التفصيلي
الحمد لله، الإسلام يعلمنا أنه هو الدين الحق، وأن الأرض لله يورثها من يشاء، وأن الله تعالى هو الذي يختار من يَدخل ومن لا يَدخل إلى أي أرض شاءها، وإذا كان البشر يضعون شروطًا من قبل أنفسهم لدخول دولتهم ويرون ذلك حقًّا لهم فكذلك المسلمون، والفرق أن هذا الشرط من الله تعالى وليس باجتهاد البشر، وفي الإجابة تفصيل، فأما مكة فهي أرض مقدَّسة يتعلق بها عبادتان عظيمتان، فهي قبلة المسلمين في الصلاة، ويقصدها المسلمون لأداء مناسك الحج، وقد قال ربنا سبحانه وتعالى مبيِّنًا سبب منع الكفار من دخول حدود الحرم المكي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]، والمعنى أن المشرك نجس نجاسة معنوية، فالشرك قذارة وقبح، والإسلام طهارة وحُسن، وأما المدينة فلا مانع من دخولهم لها لكن لا يدخلون المساجد إلا بإذنٍ من المسلمين، وهذه قصة لها علاقة بمنع دخول الكافر للحرم، كان إبراهيم الخواص رحمه الله إذا أراد سفرًا لم يحدِّث به أحدًا، وإنما يأخذ رَكْوته ويمشي، والرَّكْوَة إناء صغير للماء، قال أحد تلاميذه: فبينا نحن معه في مسجده تناول ركوته ومشى فاتبعته فلم يكلمني حتى وافينا الكوفة فأقام بها يومَه وليلتَه، ثم خرج نحو القادسية فلما وافاها قال لي: يا حامد إلى أين؟ قلت: يا سيدي، خرجت بخروجك قال: أنا أريد مكة إن شاء الله. قلت: وأنا إن شاء الله أريد مكة فمشينا يومنا وليلتنا. فلما كان بعد أيام إذا شاب قد انضم إلينا في بعض الطريق فمشى يومًا وليلةً لا يسجد لله -عز وجل- سجدة، فعَرَّفتُ إبراهيم وقلت: إن هذا الغلام لا يصلي. فجلس وقال له: يا غلام، ما لَكَ لا تصلي، والصلاةُ أوجبُ عليك من الحج؟ فقال: يا شيخ، ما عليَّ صلاةٌ. قال: ألستَ برجل مسلم؟ قال: لا. قال: أي شيء أنت؟ قال: نصراني.. وادعت نفسي أنها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتُها إلى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود، أثير ساكني وأمتحن خاطري. -يعني تخبر نفسه هل هو صادقٌ في التوكل على الله-، فقام إبراهيم ومشى وقال: دعه يكون معك. فلم يزل يُسايِرُنا إلى أن وافينا بطن مُرٍّ -اسم موضع- فقام إبراهيم ونزع ملابسه وطهَّرها بالماء ثم جلس، وقال له: ما اسمك؟ قال: عبد المسيح. فقال: يا عبد المسيح، هذا دهليز مكة وقد حرم الله على أمثالك الدخول إليه وقرأ: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] والذي أردتَ أن تستكشف من نفسك فقد بان لك، فاحذر أن تدخل مكة، فإن رأيناك بمكة أنكرنا عليك. قال حامد: فتركناه ودخلنا مكة، وخرجنا إلى الموقف فبينا نحن جلوس بعرفات إذا هو قد أقبل وعليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فأكب على إبراهيم يقبِّل رأسَه فقال له: ما وراءك يا عبد المسيح؟ فقال: هيهات، أنا اليومَ عبدُ مَن المسيحُ عبدُه. فقال له إبراهيم: حدثني حديثك. فقال: جلستُ مكاني حتى أقبلت قافلة الحاج فقمت وتنكَّرت في زِيِّ المسلمين كأني محرم، فساعةَ وقعتْ عيني على الكعبة اضمحلَّ عندي كل دين سوى الإسلام، فأسلمت واغتسلت وأحرمت وها أنا أطلبك يومي. فالتفت إلينا إبراهيم وقال: يا حامد، انظر إلى بركة الصدق في النصرانية كيف هداه إلى الإسلام؟ وصحبَنَا حتى مات بين الفقراء -رحمه الله-، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
ينظر: كتاب التوابين لابن قدامة (ص: 297).
الجواب التفصيلي
الحمد لله، الإسلام يعلمنا أنه هو الدين الحق، وأن الأرض لله يورثها من يشاء، وأن الله تعالى هو الذي يختار من يَدخل ومن لا يَدخل إلى أي أرض شاءها، وإذا كان البشر يضعون شروطًا من قبل أنفسهم لدخول دولتهم ويرون ذلك حقًّا لهم فكذلك المسلمون، والفرق أن هذا الشرط من الله تعالى وليس باجتهاد البشر، وفي الإجابة تفصيل، فأما مكة فهي أرض مقدَّسة يتعلق بها عبادتان عظيمتان، فهي قبلة المسلمين في الصلاة، ويقصدها المسلمون لأداء مناسك الحج، وقد قال ربنا سبحانه وتعالى مبيِّنًا سبب منع الكفار من دخول حدود الحرم المكي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]، والمعنى أن المشرك نجس نجاسة معنوية، فالشرك قذارة وقبح، والإسلام طهارة وحُسن، وأما المدينة فلا مانع من دخولهم لها لكن لا يدخلون المساجد إلا بإذنٍ من المسلمين، وهذه قصة لها علاقة بمنع دخول الكافر للحرم، كان إبراهيم الخواص رحمه الله إذا أراد سفرًا لم يحدِّث به أحدًا، وإنما يأخذ رَكْوته ويمشي، والرَّكْوَة إناء صغير للماء، قال أحد تلاميذه: فبينا نحن معه في مسجده تناول ركوته ومشى فاتبعته فلم يكلمني حتى وافينا الكوفة فأقام بها يومَه وليلتَه، ثم خرج نحو القادسية فلما وافاها قال لي: يا حامد إلى أين؟ قلت: يا سيدي، خرجت بخروجك قال: أنا أريد مكة إن شاء الله. قلت: وأنا إن شاء الله أريد مكة فمشينا يومنا وليلتنا. فلما كان بعد أيام إذا شاب قد انضم إلينا في بعض الطريق فمشى يومًا وليلةً لا يسجد لله -عز وجل- سجدة، فعَرَّفتُ إبراهيم وقلت: إن هذا الغلام لا يصلي. فجلس وقال له: يا غلام، ما لَكَ لا تصلي، والصلاةُ أوجبُ عليك من الحج؟ فقال: يا شيخ، ما عليَّ صلاةٌ. قال: ألستَ برجل مسلم؟ قال: لا. قال: أي شيء أنت؟ قال: نصراني.. وادعت نفسي أنها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتُها إلى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود، أثير ساكني وأمتحن خاطري. -يعني تخبر نفسه هل هو صادقٌ في التوكل على الله-، فقام إبراهيم ومشى وقال: دعه يكون معك. فلم يزل يُسايِرُنا إلى أن وافينا بطن مُرٍّ -اسم موضع- فقام إبراهيم ونزع ملابسه وطهَّرها بالماء ثم جلس، وقال له: ما اسمك؟ قال: عبد المسيح. فقال: يا عبد المسيح، هذا دهليز مكة وقد حرم الله على أمثالك الدخول إليه وقرأ: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] والذي أردتَ أن تستكشف من نفسك فقد بان لك، فاحذر أن تدخل مكة، فإن رأيناك بمكة أنكرنا عليك. قال حامد: فتركناه ودخلنا مكة، وخرجنا إلى الموقف فبينا نحن جلوس بعرفات إذا هو قد أقبل وعليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فأكب على إبراهيم يقبِّل رأسَه فقال له: ما وراءك يا عبد المسيح؟ فقال: هيهات، أنا اليومَ عبدُ مَن المسيحُ عبدُه. فقال له إبراهيم: حدثني حديثك. فقال: جلستُ مكاني حتى أقبلت قافلة الحاج فقمت وتنكَّرت في زِيِّ المسلمين كأني محرم، فساعةَ وقعتْ عيني على الكعبة اضمحلَّ عندي كل دين سوى الإسلام، فأسلمت واغتسلت وأحرمت وها أنا أطلبك يومي. فالتفت إلينا إبراهيم وقال: يا حامد، انظر إلى بركة الصدق في النصرانية كيف هداه إلى الإسلام؟ وصحبَنَا حتى مات بين الفقراء -رحمه الله-، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
ينظر: كتاب التوابين لابن قدامة (ص: 297).