نص السؤال

ادعاء أن القرآن الكريم أصابه اللحن بشهادة عثمان بن عفان رضي الله عنه

عبارات مشابهة للسؤال

الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.

الجواب التفصيلي

ادعاء أن القرآن الكريم أصابه اللحن بشهادة عثمان بن عفان رضي الله عنه (*)


مضمون الشبهة: 


يدعي بعض المتوهمين أن بالقرآن الكريم لحنا؛ مستدلين على ذلك بما جاء عن عثمان بن عفان - لما عرضت عليه المصاحف - أنه قال: " إن فيها لحنا، لا تغيروها، فإن العرب ستغيرها وستعربها، ويتساءلون: إذا كان عثمان نفسه يعترف بوقوع اللحن، فكيف يكون مصحفه موضع ثقة وإجماع من الصحابة والمسلمين من بعدهم؟! وذلك بغية تشكيك المسلمين في القرآن الذي بين أيديهم، وهز ثقتهم في التسليم بسلامته.

وجوه إبطال الشبهة: 

1) إن ما ذهب إليه بعضهم من وقوع اللحن في القرآن زعم لا يستند إلى دليل؛ إذ إن كل ما ورد في ذلك الشأن فقط روايتان ضعيفتان مضطربتان، منقطعتا السند، وللعلماء في تفنيدهما أقوال كثيرة، وإذا علمنا ما بلغه القرآن من التواتر، وتبينا ما عليه الروايتان من الضعف؛ تساءلنا: كيف يطعن بالضعيف في المتواتر؟!
2) إن في عدم اعتراض أحد من كبار الصحابة على عثمان فيما ذهب إليه ما يقدح في ثبوت الرواية - أو خطأ فهمهم لها إن ثبتت - وإذا تذكرنا موقف عثمان - رضي الله عنه - مع عبد الله بن مسعود، ورفض الثاني كتابة الأول المعوذتين في مصحفه في بادئ الأمر، وتذكرنا أيضا معارضي عثمان من الشيعة والخوارج؛ نتساءل: لماذا لم يعترض أحد من هؤلاء ولا أولئك بشأن اللحن في المصحف مع حرص المعارضين على تصيد هناته؟! وإذا كان شيء من الاعتراض قد حدث؛ فلماذا لم نسمع بذلك في قليل ولا كثير؟!!
3) لو سلمنا جدلا بصحة هاتين الروايتين عن عثمان - رضي الله عنه - فيجب تأويلهما على ما عرف عن عثمان - رضي الله عنه - من دقة وحرص في جمع القرآن الكريم، وذلك بأن يحمل لفظ (لحنا)، على معنى القراءة واللغة دون الرسم.


التفصيل: 


أولا. رواية اللحن هذه ضعيفة، والقرآن متواتر، فكيف يطعن بالضعيف في المتواتر؟


إن المتأمل في الأدلة التي يستدل بها هؤلاء المغالطون لإثبات وجود اللحن والخطأ في القرآن الكريم، يجدها أدلة متهافتة لا تقوم على شيء من الحق، فقد استدل هؤلاء بروايتين عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ذكرت أولاهما: "أن عثمان - رضي الله عنه - حين عرض عليه المصحف قال: أحسنتم وأجملتم إن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بألسنتها"، وجاء في الرواية الثانية عن عكرمة أنه قال: "لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان فوجد فيها حروفا من اللحن فقال: لا تغيروها فإن العرب ستغيرها، أو قال ستعربها بألسنتها، لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف".


ونحن بدورنا نوضح تهافت هؤلاء المغالطين فنقول: إن هاتين الروايتين ضعيفتان مضطربتان، منقطعتا السند ومضطربتا المتن، متناقضتان من حيث الغرض، فقد قال الإمام السخاوي: عن رواية أحسنتم وأجملتم، وإن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بألسنتها - رواية ضعيفة الإسناد ومنقطعة، وكذلك مضطربة المتن، ونقل ذلك عنه الألوسي في تفسيره، وهذا إقرار من الألوسي على كلام الإمام السخاوي [1].


وأما الرواية الثانية - رواية عكرمة - فإن عكرمة لم يسمع من عثمان أصلا، وإنما رويت عن يحيى بن يعمر عن عثمان بن عفان، ويحيى أيضا - لم يسمع من عثمان.
ورد الرواية الأولى جماعة من العلماء، كالإمام أبي بكر الباقلاني والحافظ أبي عمرو الداني، وأبي القاسم الشاطبي والجعبري، وغيرهم  [2]. "ولا يخفى على المتأمل ما في الروايتين من اضطراب وتناقض، فإن قوله: أحسنتم وأجملتم مدح وثناء، وقوله: إن فيه لحنا يشعر بالتقصير والتفريط، فكيف يصح في العقول أن يمدح على التقصير والتفريط؟!"  [3] هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كما يقول السيوطي: كيف يظن بالصحابة أنهم يلحنون في الكلام؛ فضلا عن القرآن، وهم الفصحاء اللد [4]؟


ثم كيف يظن بهم في القرآن الذي تلقوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أنزل، وحفظوه وضبطوه وأتقنوه؟
ثم كيف يظن بهم اجتماعهم كلهم على الخطأ في كتابته؟
ثم كيف يظن بهم عدم تنبيههم ورجوعهم عنه؟
ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضى ذلك الخطأ، وهو مروي بالتواتر خلفا عن سلف؟
ويمضي السيوطي فيقول محقا: هذا مما يستحيل عقلا وشرعا وعادة. 


ويقول الداني: هذا الخبر لا تقوم عندنا بمثله حجة ولا يصح به دليل من جهتين: 
الأولى: أنه - مع تخليط في إسناده، واضطراب في ألفاظه - مرسل؛ لأن ابن يعمر وعكرمة، لم يسمعا من عثمان شيئا ولا رأياه.
الثانية: أن ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان - رضي الله عنه - لما فيه من الطعن عليه مع محله من الدين، ومكانه في الإسلام، وشدة اجتهاده في بذل النصيحة، واهتباله بما فيه الصلاح للأمة، فغير ممكن أن يتولى - رضي الله عنه - لهم جمع الصحف مع سائر الصحابة الأخيار الأنقياء الأبرار ليرتفع الاختلاف في القرآن بينهم، ثم يترك لهم فيه - مع ذلك - لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده، ممن لا شك أنه لا يدرك مداه، ولا يبلغ غايته، ولا غاية من شاهده، ثم يقول - رحمه الله -: هذا ما لا يجوز لقائل أن يقوله، ولا يحل لأحد أن يعتقده.
ويقول الإمام ابن الجزري: كيف يصح أن يكون عثمان - رضي الله عنه - يقول ذلك في مصحف جعل للناس إماما، يقتدى به، ثم يتركه لتقيمه العرب بألسنتها، ويكون ذلك بإجماع من الصحابة؟! وهو لم يأمر بكتابة مصحف واحد، إنما كتب بأمره عدة مصاحف، ووجه كلا منها إلى مصر من أمصار المسلمين.


فماذا يقول أصحاب هذا القول فيها؟ أيقولون: إنه رأى اللحن في جميعها متفقا عليه فتركه لتقيمه العرب بألسنتها؟ أم رآه في بعضها؟
فإن قالوا: في بعض دون بعض، فقد اعترفوا بصحة بعضها، ولم يذكر أحد منهم، ولا من غيرهم أن اللحن كان في مصحف دون مصحف، ولم تأت المصاحف مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءات، وليس ذلك بلحن؛ وإن قالوا: رآه في جميعها، لم يصح أيضا، إذ يكون مناقضا في نصب إمام يقتدى به على هذه الصورة [5].


وأما تناقض الروايتين من حيث الغرض؛ إذ كان الغرض من كتابة المصاحف في عهد عثمان - رضي الله عنه - على حرف قريش أن تكون مرجعا عاما يرجع إليه المسلمون عند الاختلاف في حروف القرآن وقراءاته؛ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يكل تصحيحها إليهم؟! إن صح هذا فسيصل بنا إلى الدور المحال، إذ تكون صحة قراءاتهم متوقفة على القراءة وفق المصاحف التي كتبها لهم عثمان، وصحة المصاحف وسلامتها من اللحن متوقفة على صحة قراءتهم، وهذا ما ننزه عنه أي عاقل، فضلا عن عثمان رضي الله عنه  [6].
فالروايتان ضعيفتان من حيث الإسناد، ومضطربتان من حيث المتن، ومتناقضتان من حيث الغرض، فلا يجوز الاحتجاج بهما بحال من الأحوال.


ثانيا. عدم اعتراض كبار الصحابة على هذا اللحن دليل قاطع على عدم وقوعه: 


إن سلمنا - جدلا - بصحة هذا الرواية، فلماذا لم ينكر الصحابة الكرام على عثمان - رضي الله عنه - لا سيما عبد الله بن مسعود الذي كان له موقف من مصحف عثمان ابن عفان، حيث رفض في البداية كتابة المعوذتين، كما رفض أيضا تسليم مصحفه لعثمان؟
هل يعقل أن عبد الله - مع موقفه هذا - يترك عثمان بن عفان ليعبث في المصحف؟ وإن كان عارضه، فلماذا لم يشتهر وينتشر، لا سيما وقد ظهر لعثمان معارضون ألداء من الشيعة والخوارج؟ ولو كان حدث مثل ذلك، لاتخذوه حجة لإدانته.


وإذا نظرنا إلى موقف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نجد منهم اعتراضا على مثل هذا اللحن المزعوم، بل نراهم يتكاتفون ويتعاونون في عملية الجمع، كما نراهم يثنون على فعل عثمان هذا ويمدحونه، فهذا علي - رضي الله عنه - يقول: "يا معشر الناس، اتقوا الله وإياكم والغلو في عثمان وقولكم حراق مصاحف، فوالله ما حرقها إلا عند ملأ منا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" ويقول أيضا: "لو كنت الوالي وقت جمع عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان".
وقال مصعب بن سعد: "أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، وقال: لم ينكر ذلك منهم أحد [7].


فهذا إجماع من الصحابة، وإقرار لفعل عثمان - رضي الله عنه - ولو كان هناك أدنى لحن في جمع المصحف لما أقروه، ولما أجمعوا على مدحه؛ لأنهم لم يكونوا يتهاونون فيما هو أدنى من ذلك من أمور الدين، فما بالنا والقضية هنا تمس جوهر الدين ومصدره الأول؟
ولقد وصلت مصاحف عدة من جمع عثمان إلى البلدان الإسلامية، فلو وجدوا فيها خطأ، لما سكت أحد من المسلمين عنه، ولكنهم أجمعوا على صحتها وقبولها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة ويد الله على الجماعة» [8]  [9]. 


ثالثا. إذا صحت هذه الرواية يجب تأويلها بما يتناسب ودقة عثمان وحرصه في عملية الجمع: 


إن المتأمل في هذين الأثرين المرويين عن عثمان - رضي الله عنه - يجدهما يخالفان ما كان عليه عثمان - رضي الله عنه - من دقته وكمال ضبطه، وحفظه القرآن وملازمة قراءته ومدارسته، حتى صار في ذلك ممن يؤخذ عنهم القرآن، وقد حرص غاية الحرص على إحاطة كتابة المصاحف بسياج قوي، لكي لا يتطرق إلى القرآن لحن أو تحريف أو تبديل، وجعل من نفسه حارسا أمينا على كتاب المصاحف في عهده، والمرجع عند أي اختلاف في كيفية الرسم، فقد قال عثمان لرهط القرشيين: إذا اختلفتم أنتم وزيد في حرف فاكتبوه بلسان قريش، وقد اختلفوا في كلمة "التابوت" أيكتبونه بالتاء أم بالهاء؟ ورفعوا الأمر إليه، فأمرهم أن يكتبوه بالتاء، فإذا كان هذا شأنه في حرف لا يغير المعنى، ولا يعتبر تحريفا ولا تبديلا؛ لاستناده إلى الحروف التي نزل بها القرآن، فكيف يعقل منه أن يرى منهم لحنا، ثم يقرهم عليه أو يتساهل فيه؟!


وأخرج أبو عبيدة عن عبد الله بن هانئ، قال: كنت عند عثمان - رضي الله عنه - وهم يعرضون المصاحف، فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب، فيها: "لم يتسن" وفيها: "لا تبديل للخلق"، وفيها: "فأمهل الكافرين" فدعا بالدواة، وكتب: (لم يتسنه) فألحق فيها الهاء، ومحا "فأمهل" وكتب (فمهل) ومحا أحد اللامين من "للخلق" وكتب (لا تبديل لخلق الله). 
فهل يصح في العقول ممن هذا شأنه أن يرى لحنا في المصاحف ثم يقرهم عليه، ويدعه للعرب تصلحه؟ ومن أحق بإصلاح اللحن والخطأ منه - رضي الله عنه - وهو من هو في حفظ القرآن والحفاظ عليه [10].


ويقول ابن الانباري: "فكيف يدعى على عثمان - بعد ذلك - أنه رأى فسادا فأمضاه، وهو يوقف على ما كتب، ويرفع إليه - كما رأينا - الخلاف الواقع من الناسخين ليحكم بالحق، ويلزمهم إثبات الصواب وتخليده"؟
ويستبعد محمد طاهر الكردي وجود هذا اللحن بقوله: "من المشاهد أنه لو أمر أحد الملوك أو الأمراء، بنسخ مصحف أو كتاب لا يقدمه الكاتب إليه إلا بعد العناية بتصحيحه، والتثبت من عدم وجود أي غلط فيه، فكيف بهؤلاء الصحابة الذين بذلوا أنفسهم لله تعالى، لا يتحرون في كتابة وضبط المصحف الكريم، الذي هو أساس الدين الإسلامي الحنيف؟ هذا، ولقد وصلت عدة مصاحف من جمع عثمان إلى البلدان الإسلامية، فلو وجدوا فيها خطأ، أو لحنا، لما سكت أحد من المسلمين عليه، ولكنهم أجمعوا على صحتها وقبولها، ولهذا كان إجماعهم حجة، على أنك لن تجد من المسلمين عناية بشيء كعنايتهم بكتاب الله تعالى الذي "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"، سواء في نسخه أو تصحيحه أو حفظه أو حرمته، وهذا لا يحتاج إلى دليل، ثم يقول: وانظر: كم من المصاحف لا تعد ولا تحصى، قد كتبت منذ بدء الإسلام إلى يومنا هذا - أي أربعة عشر قرنا - فهل رأيت فيه تبديلا أو تغييرا مع كثرة أعداء الدين من مختلف الأجناس والعقول [11]؟


تأويل الخبر (على فرض صحته): 
يمكن على فرض صحة هذا الخبر - وهو ليس صحيحا كما مر بنا - أن: 
يؤول معنى اللحن بما يتفق والصحيح المتواتر عن عثمان - رضي الله عنه - في نسخ المصاحف وجمع القرآن، من نهاية التثبت والدقة والضبط، وذلك بأن يراد بكلمة "لحن" في الروايات التي ذكروها: القراءة واللغة دون الرسم.


قال عمر رضي الله عنه: إنا لنرغب عن كثير من لحن أبي "يعني لغة أبي" وهو المعنى اللغوي لكلمة "لحن" وعليه يكون المعنى: أن في القرآن ورسم المصحف وجها في القراءة، لا تلين به ألسنتهم مرة واحدة، ولكنها لا تلبث أن تلين به ألسنتهم جميعا بالمران وكثرة تلاوة القرآن بهذا الوجه، وقد ضرب بعض أجلة العلماء لذلك مثلا كلمة (الصراط)، كتبت بالصاد المبدلة من السين، فتقرأ العرب بالصاد عملا بالرسم، وبالسين عملا بالأصل.
أن يكون معنى قول عثمان رضي الله عنه: "لو أن الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل، لم توجد هذه الحروف"، كما يقول أبو عمرو: 
"أي لم توجد فيه مرسومة بتلك الصور المبنية على المعاني، دون الألفاظ المخالفة لذلك؛ إذ كانت قريش ومن ولي نسخ المصاحف من غيرها، قد استعملوا ذلك، أي رسم اللفظ حسب أحد معانيه الكثيرة التي يتحملها الرسم الآخر في كثير من الكتابة، وسلكوا فيها تلك الطريقة، ولم تكن ثقيف وهذيل مع فصاحتهما يستعملان ذلك، فلو أنهما وليتا من أمر المصاحف ما وليه من تقدم من المهاجرين والأنصار، لرسمتا تلك الحروف جميعها على حال استقرارها في اللفظ، ووجودها في المنطق دون المعاني والوجوه؛ إذ ذاك هو المعهود عندهما، والذي جرى عليه استعمالهما.
ثم يقول أبو عمرو: هذا تأويل قول عثمان عندي - لو ثبت وجاء مجيء الحجة - وبالله التوفيق [12].
وبعد أن تبين لنا أن هذا الخبر غير صحيح، بل على فرض صحته يمكن تأويله بما يتوافق مع المعروف عن دقة الصحابة واعتنائهم بالقرآن الكريم، فلا يحق لأحد أن يدعي وجود الخطأ واللحن في القرآن الكريم.


الخلاصة: 


•  إن الروايتين اللتين رويتا عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ويستدل بهما المغالطون لإثبات وجود اللحن في القرآن الكريم - هما روايتان ضعيفتا الإسناد، وفيهما اضطراب وانقطاع يذهب بالثقة بهما، وغير خفي على المتـأمل ما فيهما من تناقض، فإن قوله: "أحسنتم وأجملتم" مدح وثناء، وقوله: إن فيه لحنا يشعر بالتقصير، فكيف يصح عقلا أن يمدحهم على التقصير؟ 
•  إن الغرض من كتابة المصاحف في عهد عثمان هو أن تكون مرجعا عاما يرجع إليه المسلمون عند الاختلاف في القراءات، فكيف يكل عثمان - رضي الله عنه - أمر تصحيح هذه المصاحف إلى هؤلاء القراء؟
•  لو جوزنا فرضا أن عثمان بن عفان قد تساهل في إصلاح هذا اللحن، فكيف يدعه جمهور المسلمين من المهاجرين والأنصار دون أن يصححوه؟ وهم الذين لا يخشون في الحق لومة لائم ولا يقرون الباطل، ولو صحت هذه المقالة عن عثمان لأنكروا عليه ذلك.
•  على فرض صحة هذين الأثرين فيمكن أن نأولهما بما يتفق مع ما عرف عن عثمان - رضي الله عنه - من دقة وحفظ القرآن الكريم، وذلك بأن يحمل لفظ (لحنا) على معنى اللغة، ويكون المعنى: أن في رسم القرآن وكتابته في المصاحف وجها في القراءة لا تلين به ألسنة العرب جميعا، ولكنها لا تلبث أن تلين به ألسنتهم بالمران وكثرة تلاوة القرآن.

المراجع

  1. (*) مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، مكتبة مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط1، 1417هـ / 1996م. المدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1423هـ / 2003م. [1]. المدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1423هـ / 2003م، ص361 بتصرف.
  2.  [2]. رسم المصحف بين المؤيدين والمعارضين، د. عبد الحي الفرماوي، مكتبة الأزهر، القاهرة، ط1، 1397هـ/ 1977م، ص115. 
  3.  [3]. المدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1423هـ / 2003م، ص 362. 
  4.  [4]. اللد: شديد الخصومة. 
  5.  [5]. رسم المصحف بين المؤيدين والمعارضين، د. عبد الحي الفرماوي، مكتبة الأزهر، القاهرة، ط1، 1397هـ/ 1977م، ص 116، 117. 
  6.  [6]. المدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1423هـ / 2003م، ص 362 بتصرف. 
  7.  [7]. البرهان على سلامة القرآن من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان، د. أحمد بن منصور آل سبالك. مركز البحث العلمي للدراسات وإحياء التراث الإسلامي، مصر، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص93 بتصرف. 
  8.  [8]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الفتن، باب لزوم الجماعة (2167) بنحوه، والحاكم في مستدركه، كتاب العلم، باب كتاب العلم (339)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير (2729). 
  9.  [9]. رسم المصحف بين المؤيدين والمعارضين، د. عبد الحي الفرماوي، مكتبة الأزهر، القاهرة، ط1، 1397هـ/ 1977م، ص121. 
  10.  [10]. المدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1423هـ / 2003م، ص362، 363 بتصرف يسير. 
  11.  [11]. رسم المصحف بين المؤيدين والمعارضين، د. عبد الحي الفرماوي، مكتبة الأزهر، القاهرة، ط1، 1397هـ/ 1977م، ص121. 
  12.  [12]. رسم المصحف بين المؤيدين والمعارضين، د. عبد الحي الفرماوي، مكتبة الأزهر، القاهرة، ط1، 1397هـ/ 1977م، ص124، 125.