نص السؤال

ادعاء أن موسى - عليه السلام - تعدى على ملك الموت بلطمه، وفقء عينه

عبارات مشابهة للسؤال

الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.

الجواب التفصيلي

ادعاء أن موسى - عليه السلام - تعدى على ملك الموت بلطمه، وفقأ عينه(*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المتوهمين أن موسى - عليه السلام - لم يطع أمر ملك الموت حين أرسله الله إليه ليقبض روحه، وتعدى عليه بلطمه، وفقأ عينه؛ ويستدلون على ذلك بما جاء في الصحيح من طريق طاوس عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفا قال: «أرسل ملك الموت إلى موسى - عليه السلام - فلما جاءه صكه[1] فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت. قال: ارجع إليه، فقل له يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب، ثم ماذا؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن...» الحديث [2].

وجها إبطال الشبهة:

1) موسى - عليه السلام - ما كان يعلم أنه ملك الموت حين لطمه؛ لأنه جاءه على صورة إنسان ودخل عليه بلا استئذان فكان فعله دفاعا عن نفسه.

2) كان لطم موسى لملك الموت لأنه لم يخبره، وقد ثبت أن ملك الموت لم يقبض نبيا من الأنبياء إلا بعد إخبار الله تعالى له.

التفصيل:

أولا. موسى - عليه السلام - ما كان يعلم أنه ملك الموت حين لطمه؛ لأنه جاءه على صورة إنسان ودخل عليه بلا استئذان فكان فعله دفاعا عن نفسه:

إن الله - عز وجل - لم يبعث ملك الموت لموسى - عليه السلام - وهو يريد قبض روحه في المرة الأولى، وإنما بعثه إليه اختبارا، وموسى - عليه السلام - ما كان يعلم حين لطمه أنه ملك الموت؛ لأنه جاءه على صورة إنسان فلما رأى موسى إنسانا يريد الاعتداء عليه دافعه، حيث إن الإنسان مأمور بدفع من يعتدي عليه.

وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط - عليهما السلام - في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء، ولو عرفهم إبراهيم - عليه السلام - لما قدم لهم المأكول، ولو عرفهم لوط - عليه السلام ـلما خاف عليهم من قومه.

قال الخطابي: إن موسى - عليه السلام ـدفعه عن نفسه لما ركب فيه من الحدة وإن الله رد عين ملك الموت؛ ليعلم موسى - عليه السلام - أن الذي جاءه من عند الله، فلهذا استسلم حينئذ.

ثانيا. كان لطم موسى - عليه السلام - لملك الموت لأنه لم يخيره، فقد ثبت أنه لم يقبض نبي حتى يخبره الله تعالى:

 كان لطم موسى - عليه السلام ـلملك الموت وفقأ عينه؛ لأنه لم يخيره بين الموت والحياة؛ لأن هذه سنة الله - سبحانه تعالى - في قبض أرواح الأنبياء؛

فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت:

«كنت أسمع أنه لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة»[3].

فلهذا لـما خير موسى - عليه السلام ـفي المرة الثانية أذعن[4] واستسلم لأمر الله سبحانه وتعالى.

ويرجح د. أبو النور الحديدي الجواب الأول لأنه يستبعد من موسى - عليه السلام ـأن يلطم ملك الموت حتى ولو أراد قبض روحه من غير أن يخبره، لأنه يعلم أن ملك الموت لا يقبض روح إنسان إلا بأمر الله تعالى، ولو كان موسى - عليه السلام ـيعلم أنه ملك الموت لقال له: كيف تقبض روحي، أو أني قبل أن تخيرني والأنبياء لا يقبضون إلا أن يخيروا؟

فالأصح أنه لم يعلم في المرة الأولى أنه ملك الموت، ومن حق الإنسان مدافعة المعتدى، بدليل استسلامه له لما عرف أنه ملك الموت جاء لقبض روحه[5].

الخلاصة:

·   موسى - عليه السلام - ما كان يعلم حين لطم - ملك الموت - أنه ملك الموت؛ لأنه جاءه على صورة إنسان، وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط - عليهما السلام - في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء، وما فعله موسى من لطم الملك كان دفاعا عن نفسه، إذ إن الإنسان مأمور بدفع من يعتدي عليه.

·   كان لطم موسي لملك الموت - عليهما السلام - لأن ملك الموت لم يخير موسى بين الحياة والموت، وسنة الله تعالى في قبض أرواح الأنبياء هو تخييرهم.

المراجع

  1. (*) عصمة الأنبياء والرد على الشبه الموجهة إليهم، د. محمد أبو النور الحديدي، مطبعة الأمانة، القاهرة، 1399هـ/ 1979م. 
  2.  صكه: دفعه بقوة وضربه. 
  3.  أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب من أحب الدفء ليلا في الأرض المقدسة أو نحوها (1274)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى عليه السلام (6297).
  4. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب مرض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووفاته (4171)، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب في فضل عائشة رضي الله عنها (6448).
  5.  أذعن: خضع. 
  6. عصمة الأنبياء والرد على الشبه الموجهة إليهم، د. محمد أبو النور الحديدي، مطبعة الأمانة، القاهرة، 1399هـ/ 1979م، ص350 بتصرف.