نص السؤال

ادعاء عدم تثبت الصحابة في كتابة الحديث

عبارات مشابهة للسؤال

الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.

الجواب التفصيلي

ادعاء عدم تثبت الصحابة في كتابة الحديث(*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض الطاعنين أن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يكتبون الحديث خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - على عجل, ودون تثبت مما يقول، وهذا يعني أن في السنة جانبا كبيرا من الأحاديث غير موثوق بها. ويستدلون على ذلك بأن هناك من بين الصحابة من أنكر أحاديث صحابة آخرين وردها، وأن بعضهم كانوا ينهون عن تحديث الناس بأحاديث ينكرونها.

ويهدفون من وراء ذلك إلى التشكيك في صحة ما انتهى إلينا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وجوه إبطال الشبهة:

1) لقد توافرت عوامل كثيرة لحفظ السنة النبوية، والتثبت في نقلها، وكتابتها من حيث شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - وطريقة تعليمه لأصحابه، ومادة السنة نفسها، والمتلقين لها.

2) ما ورد عن تثبت الصحابة ورد أحاديث بعضهم بعضا، إنما كان لزيادة الاستيثاق والحيطة والتثبت، وكان ذلك في حالات قليلة، ولو كانت تدل على وجود خلط أو اضطراب في السنة - نتيجة التعجل - لوجدنا الشاهد يرد حديث الغائب، لكن الحقيقة أنه كان يؤيده ويثبته.

3) لم يكن امتناع الصحابة عن التحديث ببعض الأحاديث بسبب إنكارهم لها - كما زعموا - بل كان من باب مخاطبة الناس على قدر عقولهم، فعدم إدراكهم لدلالات بعض الأحاديث قد يؤدي إلى تكذيبهم لها، ومن ثم تكذيبهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

التفصيل:

أولا. توافر عوامل الحيطة والتثبت في السنة:

اصطفى الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليبلغ الرسالة الإلهية إلى الناس جميعا؛ يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، وأعد الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - لهذه المهمة إعدادا كاملا، فرباه بعنايته، وكلأه برعايته، وعصمه من الناس، وعلمه ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيما.

وقد قام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأداء الرسالة خير قيام، وأدى الأمانة الإلهية على أكمل وجه:

(وما هو على الغيب بضنين)

التكوير: [24] [1]

قال الشافعي رحمه الله: "إن الله - عز وجل - وضع رسوله - صلى الله عليه وسلم - موضع الإبانة لما افترض على خلقه في كتابه، ثم على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يكن ما افترض على لسانه نصا في كتاب الله.

فأبان في كتابه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدي إلى صراط مستقيم: صراط الله، ففرض على العباد طاعته، وأمرهم بأخذ ما آتاهم والانتهاء عما نهاهم عنه"[2].

ولقد حرص الرسول - صلى الله عليه وسلم - على تبليغ المسلمين سنته الشريفة، وحبب إلى أصحابه - رضي الله عنه - حفظ الحديث وتبليغه، فوضع منهج التلقي والتحديث، وأرسى بينهم قاعدة التثبت العلمي التي ساروا عليها، واتخذوها منهجا في الرواية بعد ذلك، وسار الصحابة في حرصهم على حضور مجالس الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى جانب ما يقومون به من أمور المعاش، وإذا تعذر على بعضهم الحضور تناوب مع غيره، كما كان يفعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث قال:

«كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينزل يوما وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك»

[3][4].

واستنادا إلى ما سبق، فإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبلغا عن ربه، وقد بلغ رسالته على أكمل وجه، وقد أوجب الله على المسلمين طاعته، فكان لزاما عليهم أن يسمعوا له ويحضروا مجالسه، ويحفظوا ما يقوله ويكتبوا ما يمليه عليهم.

ولذلك فإن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نقلوا السنة بحيطة وتثبت، بل بأعلى درجات الحيطة والتثبت، ولقد توافرت عوامل كثيرة ساعدت على حفظ السنة ونقلها وكتابتها صحيحة سليمة من الخلط أو الخطأ، ومن هذه العوامل:

1.   هديه - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ السنة:

إن الدارس لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ السنة وتعليمها يجد أنه - صلى الله عليه وسلم - نهج نهجا يؤدي إلى حفظ السنة حفظا سليما، دون اختلاط كلمة بكلمة، ودون عجلة تؤدي إلى عدم السماع أو عدم الإدراك, يتضح هذا مما يأتي:

·  كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحدث أصحابه إلا إذا كانوا في حالة يكون سماعهم لحديثه سماعا تاما، يدلنا على هذا ما أخرجه البخاري عن جرير بن عبد الله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له في حجة الوداع:

«استنصت الناس[5]... الحديث»

[6].

وفي هذا دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يحدثهم إلا إذا كانوا في حالة إنصات وإصغاء. وما كان الصحابة - رضي الله عنهم - بأهل ضوضاء وفوضى، وإنما حدث ذلك من أجل كثرة الزحام، ولعدم علمهم بأنه - صلى الله عليه وسلم - سيحدثهم، فلما أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يحدثهم أمر جريرا أن يطلب منهم الإنصات، ودليلنا على أن الصحابة ما كانوا أهل ضوضاء وفوضى، وإنما كانوا أهل سكينة وهدوء - ما رواه أسامة بن شريك قال:

«أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير»

[7].

·   كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحدث أصحابه إلا إذا كانوا في حالة شوق إلى السماع؛ إذ ذاك آكد لرسوخ المسموع، وضمان عدم الملل والسآمة, يدلنا على هذا ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال:

«كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا»

[8].

·   كان - صلى الله عليه وسلم - إذا تكلم حرص على أن يفهم كلامه، فإذا كانت الكلمة تحتاج إلى إعادة أعادها، وقد يقولها ثلاثا؛ وذلك حتى يطمئن إلى أنها قد عقلت عنه، فكم من أمور يحتاج الذهن أن تكرر له حتى يستوعبها، يدلنا على هذا ما أخرجه البخاري عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

«أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه»

[9].

·   كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تحدث تحدث بترو، لا يدخل الكلام بعضه في بعض، ولا يسرده سردا، وهذا أدعى لسلامة المسموع، وحفظ السامع، وفهم الحديث، يدلنا على هذا ما أخرجه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت:

«كان كلام رسول الله كلاما فصلا، يفهمه كل من سمعه»

[10]

وفي رواية مسلم:

«إنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث حديثا لوعده العاد لأحصاه»

[11].

·   كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحيانا يقدم الفائدة في صورة سؤال, مما يجعل السامع يتشوق إلى الجواب، وهذا يجذب انتباهه أكثر، فحينما يجيب - صلى الله عليه وسلم - يقع حديثه في القلب كل موقع، ويرسخ في الذهن أيما رسوخ.

·   استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل لتقريب المراد وإيصاله إلى الذهن كي يفهم ويعقل ويحفظ، فمثل لهم البعيد بالقريب، والمجهول بالمعلوم، والمعنوي بالمحسوس، وفي ذلك من التقريب ما فيه، فضلا عن أنه يصبح قرينة تذكر بالجواب، وكل هذا أدعى إلى الحفظ وتمكين اللفظ في القلب.

2.    ما أوتيه النبي - صلى الله عليه وسلم - من البلاغة وجوامع الكلم:

لقد اصطفى الله - عز وجل - رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعله أفصح العرب، وأكمل الخلق بلاغة وأدبا، كما اختصه بجوامع الكلم؛ فهو يعبر عن المعاني الكثيرة باللفظ القليل، وأي تعبير يساوي قوله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصحية»[12]، حتى قال الخطابي: "ليس في الكلام كلمة مفردة تستوفي بها العبارة عن معنى هذه الكلمة"[13].

ولهذين الأمرين - البلاغة وجوامع الكلم - دور كبير في حفظ السنة؛ أما البلاغة، فجعلت أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - محببة إلى نفوس العرب؛ إذ هم أصحاب الفصاحة، الذين يعقدون أسواق الأدب يتبارون في البيان، وأما جوامع الكلم، فكان سبيل التعبير عن المعاني الكثيرة بألفاظ قليلة وتعبيرات وجيزة، وهذا أيسر في الحفظ وأسهل للاستيعاب.

3.    سمو تعاليم السنة:

لقد وجدت الأمة في السنة النبوية نظاما يفوق كل نظام، وأسلوب حياة يسمو على كل الأنظمة، وماذا بعد حكم:

«لا ضرر ولا ضرار»

[14]

لقد نقلوا السنة إلى حياة يسودها السمو الخلقي الذي يسمو على كل رأي وتفكير مهما كان، ويوافق الفطر، بل وتسعد به في كل زمان ومكان، مما جعلهم في أعلى درجات الحب للسنة، ينفذون كل تعاليمها، ويحرصون على معرفة كل نصوصها، مما كان سببا في الحفاظ على السنة، فإن تحويلها إلى واقع عملي جعلها في أعلى درجات الحفظ، وحبهم لها جعلها في أعلى درجات طلب أهلها لها[15].

4.    قوة ذاكرة الصحابة واستعدادهم الفطري:

إن المتتبع لحياة العرب في الجاهلية وصدر الإسلام يتضح له أن العرب كانوا أصحاب ذاكرة قوية، يذهبون إلى أسواق الأدب، فيلقي الشاعر قصيدته مرة واحدة فتحفظ، بل وتنقد.

ويتضح هذا الأمر لمن درس أحوال العرب الفكرية؛ ولذا جاء في وصف هذه الأمة: "أناجيلهم في صدورهم"[16]؛ أي: صحفها صدورها.

فكانوا يعتمدون على صدورهم في حفظ أنسابهم ومفاخرهم وأشعارهم وكل ما لهم, فهذا ابن عباس رضي الله عنهما يحفظ في سمعة واحدة قصيدة عمر بن أبي ربيعة التي مطلعها.

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر

غداة غد أم رائح فمهجر[17]

وها هو ذا قتادة يقول: "ما سمعت أذناي شيئا قط إلا وعاه قلبي"[18].

وهذا ابن شهاب الزهري يقول: "إني لأمر بالبقيع فأسد آذاني مخافة أن يدخل فيها شيء من الخنا[19]، فوالله ما دخل أذني شيء قط فنسيته".

ولقد انتفع الصحابة - ومن بعدهم - بهذه الملكة في خدمة الكتاب والسنة، فكانت عاملا من عوامل الحفاظ على السنة، إذ سجلوها في صدورهم وتناقلوها فيما بينهم[20].

ولا ريب أن حفظ السنة أيسر وأسهل من حفظ الأنساب التي برع فيها العرب براعة فائقة لا مثيل لها.

ولا ننسى قبل ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرالصحابة - رضي الله عنهم - بحفظ سنته وتبليغها إلى من يستطيعون، وحذرهم من ترك سنته؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم:

«لا ألفين أحدكم متكئا على أريكة، يأتيه الأمر من أمرى - مما أمرت به أو نهيت عنه - فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه»

[21].

كما أمرهم - صلى الله عليه وسلم - بتبليغ سنته بقوله:

«ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب»

[22]

وحضهم على التمسك بالسنة بقوله:

«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض»

[23].

ولا نظن أن الصحابة لا يحتاطون ولا يتثبتون في الحديث وكتابته وحفظه بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم:

«نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره»

[24].

وكانت وفود القبائل والمدن ترد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة لتلقي القرآن وتلقي العلم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرهم عند عودتهم أن يعلموا أقوامهم إذا رجعوا إليهم، فعندما ودع النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد القيس بعدما علمهم قال لهم:

«... احفظوه، وأخبروه من وراءكم»

[25][26].

وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من يكذب عليه، فقال:

«من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»

[27].

أونظن بعد هذا كله أن ينقل صحابي من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه دون تثبت أو حيطة، أو يكتبه على عجل دون تمهل أو روية؟ وأين تذهب هذه العوامل جميعا؟ وأين يكون التسرع والاضطراب والرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يحدثهم إلا وهم مشتاقون إلى سماعه، وهم في حالة هدوء، ويكرر الكلام أكثر من مرة، ويرسله إرسالا، مع تقديم الكلام أحيانا في هيئة سؤال للتشويق وتمام الفائدة، فضلا عما أوتيه النبي - صلى الله عليه وسلم - من جوامع الكلم، ووجازة العبارة، والتعبير عن المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة، إضافة إلى قوة ذاكرتهم واستعدادهم الفطري للحفظ، وقد استخدموا هذه الذاكرة في حفظ السنة؟

ولننح كل هذا جانبا - مع أهميته - ولنذكر ما كان عليه صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تذاكرهم فيما بينهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما يسمعونه منه ليحفظوه كما كانوا يحفظون القرآن الكريم، ولقد كانوا - رضي الله عنهم - يقبلون على ما يسمعون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قرآن وسنة فلا يفارقونه حتى يحفظوه، ويتعلموا ما فيه من علم, ثم يطبقون ذلك هم وأهلوهم.

قال أبو عبد الرحمن السلمي:

«حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن؛ كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود، وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا العلم والعمل جميعا»

[28].

هذه هي العوامل التي تضامنت وتوافرت في سبيل حفظ السنة المشرفة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، تمثلت في شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - من حيث هو مرب ومعلم، وفوق هذا وأكثر منه من حيث هو رسول رب العالمين؛ والسنة من حيث مادتها؛ والصحابة وهم الطلاب الذين تلقوا السنة وشاركوا في تطبيقها، وتجاوبوا مع المعلم الأول، بقلوب عظيمة انطوت على رغبة ملحة وإرادة قوية في اتباع ما يتم به إيمانهم، ويقطع صلتهم بما كانوا فيه من ضلال. كل ذلك كان له الأثر الكبير في حفظ الصحابة للسنة دقيقها وجليلها، ثم نقلها إلى التابعين الذين نقلوها إلى من بعدهم.

وخلاصة ما سبق أن الصحابة انطلقوا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انطلاق المحافظ على الدين، ولقد توفرت العوامل التي تساعدهم على الحفاظ على السنة، وإذا ثبت أن الصحابة كانوا يكتبون خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، فإنهم ما كانوا يكتبون الأحاديث على عجل كما يدعي المشككون، وإنما كانوا في غاية التثبت والحيطة، وقد توفرت العوامل التي تساعد على هذا من إرسال النبي - صلى الله عليه وسلم - للكلام وتكراره، واستنصات الناس عند الحديث، وشغف الصحابة لسماع الحديث حتى إنهم ليجلسون أمامه وكأن على رءوسهم الطير، مع ما ذكرناه من قوة ذاكرتهم, فكيف يستقيم الاضطراب أو الخلط أو الكتابة على عجل مع كل هذه العوامل؟!

ثانيا. تثبت الصحابة في قبول الحديث:

لقد احتاط الصحابة - رضي الله عنهم - في تلقيهم الحديث عن بعضهم البعض، وقد ورد هذا عن الخلفاء الراشدين، فقد روي عن أبي قبيصة بن ذؤيب قال:

«جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها، فقال: ما لك في كتاب الله من شيء وما أعلم لك في سنة رسول الله، فقال أبو بكر: ما أجد لك في كتاب الله شيئا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال: مثل ما قال المغيرة، فأنفذ لها أبو بكر السدس...»

[29].

ومنه ما رواه أبو سعيد الخدري أنه قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال:

«استأذنت على عمر ثلاثا فلم يأذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع, فقال: والله ليقيمن عليه بينة، أمنكم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم، فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك»

[30].

ولم يكن عمر - رضي الله عنه - يعلم أن المرأة ترث من دية زوجها، بل يرى أن الدية

للعاقلة حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان الكلابي يخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، فترك رأيه لذلك[31]، وقال: لو لم نسمع بهذا لقضينا بخلافه[32].

وكذلك عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لم يكن عنده علم بأن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها الميت، حتى حدثته الفريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري بقصتها لما توفي زوجها، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها:

«امكثي حتى يبلغ الكتاب أجله»

[33]

فأخذ به عثمان.

وأهدي له مرة صيد كان قد صيد لأجله، فهم بأكله حتى أخبره علي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد لحما أهدي له[34].

وأخرج أبو داود عن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه - قال:

«كنت إذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وإذا حدثني غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر...» الحديث

[35].

ومن التوقف في قبول الحديث ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن أبا هريرة - رضي الله عنه - حدثه بحديث: "من تبع جنازة فله قيراط"، فتوقف فيه ابن عمر حتى سأل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فصدقت أبا هريرة، وعندئذ قبل ابن عمر رضي الله عنهما الحديث وندم على أنه لم يعمل به، وقال:

«لقد فرطنا في قراريط كثيرة»

[36][37].

والأمثلة في هذا الأمر كثيرة، وقد ذهب المدعون يستدلون بهذه الروايات على أن الحديث كتب على عجل، وكأن الصحابي الذي كان يرد حديث صحابي آخر كان يرده في لفظ أخطأ فيه؛ أو لأنه لم يرو هكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما لم يحدث وما لم يكن، فإن أحدهم كان يطلب شاهدا يؤكد أن هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك لأنهم كانوا يكذبون ناقل الحديث، فلم يثبت أن أحدا من الصحابة - رضي الله عنهم - رمى أخاه بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كانوا يحتاطون ويتثبتون، ولقد نفى البراء - رضي الله عنه - الكذب عنه وعن إخوانه - رضي الله عنهم - فقال: "ليس كلنا كان يسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت لنا ضيعة وأشغال، ولكن الناس لم يكونوا يكذبون يومئذ، فيحدث الشاهد الغائب"[38].

ويقول أنس بن مالك - رضي الله عنه - نافيا الكذب عن الصحابة رضي الله عنهم: "وما كان بعضنا يكذب على بعض"[39]، ولكن كانوا يتشددون في الرواية ويحتاطون فيها حتى لا يأخذوا حديثا منقطعا، فكان بعضهم يروي عن بعض، حتى يعرفوا من سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن هنا نشأت بذور الإسناد والحرص على بيان سلسلة من نقلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونظرا لهذا الاهتمام البالغ بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد وصلت إلينا نقية كما أداها الصحابة خالية من الخطأ والتحريف لم تشبها شائبة.

ولا تدل هذه الروايات على أن هناك كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما كان ذلك للاختلاف في فهم تلك الأحاديث وما تدل عليه، أو أن مدلول الحديث كان معمولا به أولا ثم نسخ بعد ذلك، ولم يبلغ راويه هذا النسخ فلم يترك العمل به، أو توقف الصحابي فيما لم يبلغه قبل من الأحاديث حتى يتأكد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قالها، وعندما يتأكد للصحابي أن ما توقف فيه قد روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يتردد في التسليم به والعمل بما جاء فيه، فالأمر لا يعدو أن يكون للاستظهار والتثبت والحيطة.

ومن هنا يأول ما جاء عن أبي بكر - رضي الله عنه - بأن ذلك لم يكن إلا زيادة في الاحتياط والتثبت، وخاصة أن توريث الجدة إثبات لحكم لم يرد في القرآن الكريم، فكان تشريعا لا بد فيه من الاحتياط والتوقي، وليس ذلك خطة دائمة له، وطريقة درج عليها، فلم يرو عنه أنه طلب راويا آخر إلا في تلك الحادثة.

وأما حديث أبي موسى في الاستئذان، فإن عمر - رضي الله عنه - لم يكذب أبا موسى ولم يرتب منه؛ لأنه صحابي، والصحابة أبعد الناس عن الكذب، ولكنه أحب أن يستوثق، بدليل أنه لما رجع معه أبو سعيد الخدري وشهد له، قال عمر - رضي الله عنه - لأبي موسى:

«إني لم أتهمك، ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم»

[40]

ويجوز للإمام أن يتوقف مع انتفاء التهمة لمثل هذه المصلحة.

ويشهد لعدم تكذيب عمر - رضي الله عنه - لأحد من الصحابة ما رواه البخاري من تناوب عمر - رضي الله عنه - ورجل من الأنصار على مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإتيان كل منهما بالخبر عن رسول الله وحديثه إلى صاحبه في اليوم الذي لا يحضر فيه.

وأما ما روي عن علي - رضي الله عنه - واستحلافه للراوي، فإن هذه لم تكن خصلة له، وإنما هو كبقية الصحابة في استيثاقه واحتياطه في رواية الأحاديث، وهو إن استحلف فإنه لا يستحلف لتهمة الكذب، ولكن للاحتياط ونقل الحديث على وجهه الصحيح.

وقد نقل عنه أنه قبل خبر المقداد بن الأسود في حكم المذي من غير تحليف[41]، ولم يستحلف أبا بكر - رضي الله عنه - فيما رواه عنه بل قال: وصدق أبو بكر، فلم يكن الاستحلاف قاعدة عامة[42].

ظهر إذن مما سبق أن ما ورد عن الصحابة من طلب التأكد إنما هو للاحتياط والاستيثاق وأخذ الحيطة في تلقي الحديث، فلقد كانوا حريصين على نقل الحديث على أكمل وجه، ولقد روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يقول: "من سمع حديثا فحدث به كما سمع، فقد سلم"[43].

ولا شك أن هذا التثبت وتلك الحيطة تناقض ما قاله المدعون من عدم تثبت الصحابة وعدم حيطتهم أو تعجلهم في نقل الحديث وكتابته.

كما أن هذه الروايات - التي استدلوا بها على كتابة الصحابة للحديث على عجل - لم يذكر فيها أن الصحابي الذي شهد للراوي خطأ الراوي، أو ذكر خلاف ما قال، بل هو يصدق على ما قاله بحروفه، ويقول: هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كانوا يستدلون بهذه الروايات على أن الحديث كتب على عجل، فأين الخطأ الذي وقع من الصحابي الراوي، ولم نجد أن أي صحابي شهد للراوي قد خطأ الراوي، ولو كان ثمة خطأ فيما يخبر به الراوي لبينه ووضحه وأظهره من يشهد له، وحاشا لله أن يكذب صحابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أن يقول حديثا ويشهد بنسبه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم أنه ليس بحديث، كيف ذلك وقد سمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:

«من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»

[44]

وسمع وعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين»

[45]

وحاشا للصحابة العدول الذين علم تعديلهم بتعديل الله ورسوله لهم أن يكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

"إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال الله له:

(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمـك مـن النـاس إن الله لا يهـدي القـوم الكافريـن)

المائدة: [67].

كان يكتفي بإرسال الأفراد من أصحابه الأمناء دعاة ومبلغين عنه القرآن والسنة، وكان الناس عربهم وعجمهم يقبلون ويصدقون بكل ما جاءهم به هؤلاء الأفراد لا يشكون في شيء مما بلغهم به كل واحد بمفرده، والناس على اختلاف شعوبهم ومللهم لهم عقول وفطر ومدارك، ومع ذلك لم يكذبوا هؤلاء الأفراد ولا شكوا في صدقهم أو حقيقة ما بلغوهم"[46].

ولا ريب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرسلهم وهو يعلم أنهم سيعلمون الناس القرآن والسنة والأحكام، ولم يكن ليبعثهم دون أن يتأكد من قدرتهم على تحمل هذه التبعة، وقد أدوا المهمة كما هي، فأين الكتابة على عجل أو الحفظ دون تثبت كما يزعمون؟

ثالثا. امتناع الصحابة عن التحديث بما لا تفهمه العامة:

لقد كان تثبت الصحابة - رضي الله عنهم - قائما على ميزان النقد العلمي الصحيح؛ لهذا منع الصحابة الرواة من أن يحدثوا بما يعلو على فهم العامة؛ لأن في هذا مدعاة لتكذيبهم للمحدث فيما لا يفهمونه، ومدعاة للخطأ والشك في الدين[47].

وقد روى مسلم في مقدمة صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله:

«كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع»

[48].

وذلك لأن تحديث العامة بكل شيء مدعاة إلى تكذيبهم للمحدث فيما لا يفهمونه، ومن هنا قال عليرضي الله عنه:

«حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله»

[49]

وقد سار الصحابة - رضي الله عنهم - على هذا الهدي النبوي، فامتنعوا عن التحديث بما لا تدركه عامة الناس خشية أن يفتنوا فيتركوا بعض الفرائض الدينية.

وقد روى مسلم عن ابن مسعود أنه قال:

«ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة»

[50].

ويروي البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يقول:

«حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاءين، فأما أحدهما فبثثته (أي نشرته)، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم»

[51].

وما زال الصحابة والتابعون والأئمة يكرهون التحديث بما يكون مثار فتن وقلاقل بسبب قصور بعض الناس في الفهم.

لذلك أمسك الصحابة عن التحديث بما يكون ذريعة للتقصير والتهاون بسبب قصور النظر، أو يكون سلما لأهل الأهواء والبدع ومن هم على شاكلتهم حتى لا تكون فتنة في الأرض وفساد كبير[52].

والواقع الحي يقرر أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم - ومن تبعهم - اختلفت مشاربهم وتباينت قدراتهم وتنوعت أنشطتهم، شأنهم في ذلك شأن جميع الناس، فهم لم يكونوا خلاف المعهود من أمور الفطرة.

ولما كان هذا معلوما للصحابة فقد كانوا يدركون اختلاف القدرات البشرية، ولذا لم يعاملوا الناس معاملة واحدة، ولكنهم راعوا ما بين الناس من تفاوت

في المدارك، وقدروا ما بينهم من تباين في التنبه، ولحظوا ما بينهم من فروق حيوية، فانتقوا لكل ما يناسبه من الأقوال ليصلوا بهم إلى حكم الله ويقودهم إلى المنهج الإسلامي[53].

يتبين لنا مما سبق أن النهي عن تحديث العامة ببعض الأحاديث كان خوفا من عدم فهم العامة لهذه الأحاديث التي لا تدركها عقولهم، ومن ثم يكذبون المحدث لهم بها مما قد ينتج عنه تكذيب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما قال، وفتح باب فتنة كبيرة وفساد عظيم، وليس ذلك لأن الأحاديث لم تحفظ أو لم تكتب بتثبت وحيطة، أو لأنها كتبت على عجل.

الخلاصة:

·   تثبت المسلمين وحيطتهم في نقل الحديث من خصائصهم والبدهيات المعروفة عنهم، حتى توصلوا من خلالها إلى علم الإسناد الذي كانوا يعتبرونه دينا، فكيف يتهم المسلمون بعد ذلك بعدم الحيطة والتثبت؟!

·   لقد حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على تبليغ المسلمين سنته الشريفة، وحرص المسلمون على تلقيها وحضور مجالسه صلى الله عليه وسلم، وكتبوا الأحاديث وتدارسوها فيما بينهم حتى حفظوها كما هي.

·       لقد توافرت في السنة عوامل عدة ساعدت على حفظ السنة ونقلها كما هي، ومن هذه العوامل:

o   هديه - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ السنة إلى الصحابة، من استنصات الناس قبل الحديث إليهم، وشوق الصحابة للاستماع إليه، وجلوسهم أمامه كأن على رءوسهم الطير، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولهم بالموعظة، ولا يحدثهم إلا في وقت تشوقهم للسماع، وتكرار النبي - صلى الله عليه وسلم - للكلام حتى يحفظ عنه - صلى الله عليه وسلم - ويفهم، كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتي جوامع الكلم وهذا أيسر في الحفظ.

o       سمو تعاليم السنة المشرفة.

o   حرص الصحابة على تلقيها, وصدورها من الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مناسبات مختلفة جعلها ترتبط بهذه الظروف والتي عرفت فيما بعد بأسباب ورود الحديث عند العلماء, كل هذا أدى إلى حفظ السنة كما هي، كما أن قوة ذاكرة الصحابة تنفي أن يحفظ الحديث بغير لفظه.

o   كان الصحابة يكتبون الحديث بعد حضور المجلس، وهذا أدعى بأن يكون بغير عجلة؛ لأنهم كانوا يتذاكرونه فيما بينهم ويكتبونه كما ورد عن

النبي صلى الله عليه وسلم.

·   إن عدالة الصحابة معلومة بتعديل الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لهم، كما أنهم علموا عقوبة الكذب على رسول الله، وكل هذا ينفي أن يكونوا قد كتبوا الحديث على عجل دون التثبت من ألفاظه.

·   إن تثبت الصحابة وطلبهم - في بعض الأحيان - شاهدا يشهد بسماعه حديثا رواه آخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعني تكذيب الراوي الأول، أو أن الكلام لم يرو بلفظه، وإنما هو زيادة استثياق، وزيادة في الحيطة والتثبت, ودليل ذلك أنه لم يرد أن أحدهم خطأ الراوي الأول مما يدل على أنه رواه كما هو.

·   كان النبي - صلى الله عليه وسلم - المبلغ عن ربه يرسل الأفراد من أصحابه إلى الأمصار لتعليمهم القرآن والسنة، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبعثهم دون أن يتأكد من قدرتهم على تحمل هذه التبعة، وأنهم قادرون على تبليغ القرآن وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هي دون خلط أو اضطراب أو تخليط، ولقد قاموا بهذه المهمة على أكمل وجه، وصدقهم الناس فيما قالوا.

·   إن امتناع الصحابة عن تحديث العامة بما لا يفهمونه كان الغرض منه ألا يكذب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحتى لا يقع الخلط والشك في الدين، ولا تقع الفتن والقلاقل، وليس سبب ذلك أن الحديث كتب على عجل كما يزعم المبطلون.

المراجع:


(*) دفاع عن الحديث النبوي، د. أحمد عمر هاشم، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2000م.

[1]. السنة النبوية وعلومها، د. أحمد عمر هاشم، مكتبة غريب، القاهرة، ط2، د. ت، ص46 بتصرف.

[2]. اختلاف الحديث، الإمام الشافعي، تحقيق: عامر أحمد حيدر، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، ص35.

[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: التناوب في العلم، (1/ 223)، رقم (89).

[4]. السنة النبوية وعلومها، د. أحمد عمر هاشم، مكتبة غريب، القاهرة، ط2، د. ت، ص49.

[5]. استنصت الناس: أي: اطلب منهم أن ينصتوا، والإنصات أبلغ من الاستماع؛ إذ الاستماع عدم الكلام، والإنصات عدم الكلام، واشتغال الذهن بما يقال.

[6]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: الإنصات للعلماء، (1/ 262)، رقم (121).

[7]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الطب، باب: في الرجل يتداوى، (10/ 239)، رقم (3849). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3855).

[8]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: ما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، (1/ 195)، رقم (68).

[9]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، (1/ 227)، رقم (95).

[10]. حسن: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الأدب، باب: الهدي في الكلام، (13/ 126)، رقم (4829). وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (4839).

[11]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الزهد، باب: التثبت في الحديث، (9/ 4089)، رقم (7374).

[12]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الإيمان، باب: الدين النصيحة، (1/ 166) معلقا. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: بيان أن الدين النصيحة، (1/ 431)، رقم (193).

[13]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (1/ 167).

[14]. أخرجه مالك في الموطأ، كتاب: الأقضية، باب: القضاء في المرفق، (2/ 745)، رقم (1429).

[15]. السنة النبوية: مكانتها، عوامل بقائها، تدوينها، د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي، دار النصر، القاهرة، 1989م، ص62: 66 بتصرف.

[16]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (1/ 34).

[17]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، مكتبة التوعية، القاهرة، 1428هـ، 2007م، (1/ 296).

[18]. شرح علل الترمذي، ابن رجب الحنبلي، تحقيق: نور الدين عتر، (1/ 151).

[19]. الخنا: فحش الكلام.

[20]. السنة النبوية: مكانتها، عوامل بقائها، تدوينها، د. عبد المهدي عبد القادر، دار النصر، القاهرة، 1989م، ص73.

[21]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: السنة، باب: لزوم السنة، (12/ 230)، رقم (4592). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (4605).

[22]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب، (1/ 240)، رقم (105).

[23]. أخرجه مالك في الموطأ بلاغا، كتاب: القدر، باب: النهي عن القول بالقدر، (2/ 899)، رقم (1594).

[24]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: العلم، باب: الحث على تبليغ السماع، (7/ 347، 348)، رقم (2794). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (2656).

[25]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: تحريض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفد عبد القيس على أن يحفظوا، (1/ 221)، رقم (87).

[26]. دراسات في السنة النبوية، صديق عبد العظيم أبو الحسن، دار هجر، القاهرة، ط2، 1408هـ/ 1988م، ص60.

[27]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، (1/ 242)، رقم (108). صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، (1/ 169).

[28]. حسن: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، رقم (23529)، وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده حسن.

[29]. حسن: أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب: الفرائض، (13/ 390)، رقم (6031). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان: رجاله ثقات.

[30]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثا، (11/ 28)، رقم (6244).

[31]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الفرائض، باب: المرأة ترث من دية زوجها، (8/ 102، 103)، رقم (2925). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (2927).

[32]. رفع الملام عن الأئمة الأعلام، ابن تيمية، مكتبة السنة، القاهرة، ط1، 1418هـ/ 1998م، ص13.

[33]. صحيح: أخرجه الدارمي في سننه، كتاب: الطلاق، باب: خروج المتوفى عنها زوجها، (2/ 221)، رقم (2287). وصححه حسين سليم أسد في تعليقه على سنن الدارمي.

[34]. رفع الملام عن الأئمة الأعلام، ابن تيمية، مكتبة السنة، القاهرة، ط1، 1418هـ/ 1998م، ص18.

[35]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الوتد، باب: الاستغفار، (4/ 268)، رقم (1518). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (1521).

[36]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: فضل اتباع الجنائز، (3/ 229)، رقم (1324). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجنائز، باب: فضل الصلاة على الجنائز واتباعها، (4/ 1546)، رقم (2154).

[37]. توثيق السنة في القرن الثاني الهجري، د. رفعت فوزي عبد المطلب، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1400هـ/ 1981م، ص33.

[38]. المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، الرامهرمزي، تحقيق: د. محمد عجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت، ط2، 1404هـ/ 1984م، ص235.

[39]. الكامل في ضعفاء الرجال، الحافظ أبو أحمد بن عدي الجرجاني، تحقيق: د. سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، ط3، 1409هـ/ 1998م، (1/ 157).

[40]. صحيح: أخرجه مالك في الموطأ، كتاب: الاستئذان، باب: الاستئذان، ص376، رقم (1768).

[41]. صحيـح مسلـم (بشرح النووي)، كتـاب: الحيـض، بـاب: المــذي، (2/ 848)، رقم (682).

[42]. في السنة النبوية ومصطلح الحديث، د. حسين سمرة، دار الهاني، القاهرة، 1427هـ/ 2006م، ص50: 56 بتصرف.

[43]. الكفاية في معرفة أصول علم الرواية، الخطيب البغدادي، مكتبة ابن عباس، القاهرة، 2002م، (1/ 506).

[44]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، (1/ 242)، رقم (107). صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، (1/ 169).

[45]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: وجوب الرواية عن الثقات، (1/ 168).

[46]. حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام، ربيع بن هادي عمير المدخلي، دار المنهاج، القاهرة، ط1، 1426هـ/ 2005م، ص94.

[47]. دفاع عن الحديث النبوي، د. أحمد عمر هاشم، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2000م، ص50.

[48]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: النهي عن الحديث بكل ما سمع، (1/ 170).

[49]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، (1/ 272) معلقا.

[50]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: النهي عن الحديث بكل ما سمع، (1/ 170، 171).

[51]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: حفظ العلم، (1/ 261)، رقم (120).

[52]. علوم السنة وعلوم الحديث، د. عبد اللطيف محمد عامر، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2000م، ص87.

[53]. في رحاب السنة النبوية، د. إبراهيم عوضين، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1412هـ/ 1992م، ص15 بتصرف.