نص السؤال

دعوى أن الصحابة تحرجوا من تدوين الحديث وروايته لعدم شرعيته

عبارات مشابهة للسؤال

الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.

الجواب التفصيلي

دعوى أن الصحابة تحرجوا من تدوين الحديث وروايته لعدم شرعيته(*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المشككين أن كبار الصحابة كانوا يتحرجون من رواية الحديث وتدوينه، ويستدلون على ذلك بما أثر عنهم من أقوال ينهون فيها عن تدوين السنة النبوية، وبأن الخلفاء الراشدين كانوا ينهون حفاظ الحديث عن التحديث به، بل كانوا يزجرون من يكثر من التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. هادفين من وراء ذلك كله إلى التشكيك في كيفية تدوين السنة ورواية الصحابة لها.

وجوه إبطال الشبهة:

1) إن تحرج الصحابة - رضي الله عنهم - في رواية الحديث النبوي الشريف وكتابته، وتثبتهم - بشتى طرق التثبت - مما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم - أمر ثابت تنص عليه كتب السنة والتاريخ والطبقات. وقد تحولت هذه المحمدة العظمى لدى مثيري هذه الشبهة إلى مذمة، وذلك عن طريق قلب النتائج التي تسلم إليها تلك المحمدة.

2) إن الأقوال التي أثرت عن كبار الصحابة في المنع من كتابة الحديث تدل دلالة واضحة على مدى حرصهم وحيطتهم في رواية الحديث وكتابته، وهي في الوقت نفسه موقوتة بالعلة التي دفعتهم إلى مثل هذا، وهي الخوف من أن تختلط السنة بالقرآن في بادئ الأمر، فلما انتفت هذه العلة وجدنا الصحابة المانعين أنفسهم يكتبون الأحاديث.

3) لقد كره الخلفاء الراشدون كثرة التحديث، ونهوا المكثرين من الصحابة، إلا أن هذه الكراهة شملت نوعين فقط من الأحاديث، وهما: أحاديث الرخص، والأحاديث التي يصعب فهمها على العامة من الناس، ولم تكن هذه الكراهة مطلقة، كما يفهم من كلام مثيري هذه الشبهة، وكل هذا أدى إلى حفظ السنة لا ضياعها كما يدعي المغرضون فبقيت نقية كما خرجت من فم المصطفى صلى الله عليه وسلم.

التفصيل:

أولا. "التحرج" كلمة حق أريد بها باطل:

من المسلمات التي يؤمن بها العقل المنصف أن يمدح المرء بمحمدة له، وأن يذم بمذمة فيه. لكن... أن تغيب محامد المرء ولو كثرت، وتذاع مساويه ولو قلت، فهذا مما لا يقبله عقل ولا منطق. وإذا كان أحد الشعراء تعجب من هذا الأمر، قائلا:

إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا

مني وما سمعوا من صالح دفنوا

فإنه يحق لنا - نحن المسلمين - أن نعجب أشد العجب مما درج عليه المشككون والطاعنون من تحويل المحاسن إلى مساوئ، والمحامد إلى مذمات؛ وذلك أن هؤلاء ما فتئوا يطعنون في الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - فيما كان ينبغي أن يحمدوا من أجله.

وإن المرء ليعجب من موقف هؤلاء تجاه تحرج الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - من رواية الحديث الشريف وتدوينه؛ فإذا افترضنا - جدلا - أن الصحابة الكرام لم يتحرجوا في هذا الصدد، ولم يتثبتوا فيما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مشافهة وكتابة وتدوينا - جاز لنا أن نتوقع من المشككين جميعهم الطعن تلو الطعن في الصحابة - والتابعين من بعدهم - والذهاب إلى أن عدم تحرج هؤلاء الصحابة والتابعين لا بد أن يسلم إلى نتيجة مؤداها أن السنة النبوية التي بين أيدينا الآن محرفة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل شيئا منها.

أما أن يطعن في الصحابة الكرام لأنهم تحرجوا في رواية الحديث وكتابته فهذا لا يقبل عقلا.

لقد اعترف هؤلاء المشككون بالحق، إلا أنهم قلبوا النتيجة التي يؤدي إليها؛ اعترفوا بأن الصحابة تحرجوا في رواية الحديث الشريف وكتابته، وهذا حق لا نختلف معهم فيه، ولكننا نختلف معهم في ذهابهم إلى أن الدافع الذي دفعهم إلى مثل هذا التحرج إيمانهم بأن السنة ليست شرعا كالقرآن، وبأن في القرآن غنى عنها.

إن تحرج الصحابة في رواية الحديث النبوي الشريف وكتابته وتدوينه، وتثبتهم - بشتى طرق التثبت - فيما يروى عنه صلى الله عليه وسلم - أمر ثابت تنص عليه كتب السنة والتاريخ والطبقات.

"فلا تنازع في أن كثيرا من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتحرجون من رواية الحديث - أي من ترديده - وأنهم كثيرا ما كانوا يتثبتون حينما يسمعون حديثا من أحد الرواة، وليس معنى هذا رفضهم للسنة، أو أنها ليست من الدين، بل كانوا يقفون هذا الموقف حتى يتأكدوا من صحة ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم"[1].

وإن مظاهر التحرج والتثبت في هذا الصدد كثيرة، منها:

1.   تحامي الرواية عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والإقلال منها.

2.   التشدد في الحرص على أداء الحديث كما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم.

3.   التثبت في قبول الحديث والاحتياط في روايته والعمل به.

4.   الارتحال في طلب الحديث[2].

لقد بلغ تحرج الصحابة وتثبتهم في رواية الحديث النبوي مبلغا عظيما، حتى إننا نرى منهم من تأخذه الرعدة ويقشعر جلده ويتغير لونه ورعا واحتراما لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذا ما روي عن عمرو بن ميمون قال:

«ما أخطأني ابن مسعود عشية خميس إلا أتيته فيه, قال: فما سمعته يقول بشيء قط: قال رسول الله. فلما كان ذات عشية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فنكس رأسه، قال: فنظرت إليه، فهو قائم محللة أزرار قميصه، قد اغرورقت عيناه، وانتفخت أوداجه. قال: أو دون ذلك، أو فوق ذلك، أو قريبا من ذلك، أو شبيها بذلك»

[3].

ومن المظاهر التي تؤكد تثبت الصحابة فيما يروى عنه - صلى الله عليه وسلم - ارتحالهم - ومن بعدهم التابعون - في طلب الحديث، فلقد اهتموا بالرحلة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما تفرقوا في الأمصار بعد الفتوحات؛ فرحل - على سبيل المثال -

«جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أنيس في الشام واستغرق شهرا ليسمع منه حديثا واحدا لم يبق أحد يحفظه غير ابن أنيس»

[4][5].

ورحل أبو أيوب الأنصاري إلى عقبة بن عامر في مصر فلما لقيه قال: حدثنا ما سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ستر المسلم لم يبق أحد سمعه غيري وغيرك، فلما حدثه ركب أبو أيوب راحلته وانصرف عائدا إلى المدينة ولم يحل رحله[6].

ثم استمرت الرحلة في جيل التابعين حيث تفرق الصحابة في الأمصار بعد الفتوحات يحملون معهم ميراث النبوة، وما كان يتيسر أن يحيط أحد علما بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون الرحلة إلى الأمصار، وملاحقة الصحابة المتفرقين فيها.

"قال سعيد بن المسيب، سيد التابعين: إن كنت لأسير في طلب الحديث الواحد مسيرة الليالي والأيام. وقال بسر بن عبد الله الحضرمي: إن كنت لأركب إلى مصر من الأمصار في الحديث الواحد لأسمعه. وقال عامر الشعبي: لم يكن أحدا من أصحاب عبد الله بن مسعود أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق"[7].

فهل يعقل أيها الطاعنون أن يتكبد المرء عناء الرحلة والسفر طيلة شهر - أو أقل أو أكثر - لكي يطلب ويلتمس حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يؤمن بأنه ليس من الدين في شيء، وبأن في القرآن غنى عنه؟!

ونخلص مما سبق كله إلى أن تحرج الصحابة من رواية الحديث وكتابته يؤكد تثبتهم من صحة ما ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحاديث، لكي ينقلوه إلى من بعدهم صحيحا سالما من أي زيف أو تدليس أو وضع، ولا يفهم من ذلك بحال من الأحوال أنه دليل على أن السنة لديهم لم تكن من الدين، كما ادعى مثيرو هذه الشبهة.

ثانيا. التفسير الصحيح لأقوال مانعي كتابة الحديث من الصحابة في الصدر الأول:

لقد استند مثيرو هذه الشبهة إلى الأقوال التي أثرت عن كبار الصحابة في كراهة كتابة الحديث في الصدر الأول - في الذهاب إلى أن ذلك دليل على أنهم أيقنوا أن السنة ليست من الدين.

هذا وقد فسر د. محمد عجاج الخطيب هذه الأقوال تفسيرا يضع الحق في نصابه، ويدفع ما ذهب إليه هؤلاء الطاعنون، وذلك في سياق حديثه عن كتابة الحديث في عصر الصحابة، يقول: "مع ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من إباحة للكتابة، ومع ما كتب في عهده من الأحاديث على أيدي من سمح لهم بالكتابة - نرى الصحابة يحجمون عن الكتابة، ولا يقدمون عليها في عهد الخلافة الراشدة؛ حرصا منهم على سلامة القرآن الكريم والسنة الشريفة، فنجد بينهم - رضي الله عنهم - من كره كتابة السنة، ومن أباحها، ثم ما لبث الأمر أن كثر المجيزون للكتابة، بل روي عن بعض من كره الكتابة أولا إباحته لها آخرا، وذلك حين زالت علة الكراهة.

فهذا عمر يفكر في جمع السنة، ثم لا يلبث أن يعدل عن ذلك، فعن عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فأشاروا عليه بأن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له، فقال: "إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا"[8].

وهذا يدل على خشية عمر من أن يهمل كتاب الله أو أن يضاهى به كتاب غيره، ونحن نرى عمر نفسه يأبى أن يبقي رأيه مكتوبا ويأبى إلا أن يمحوه؛ فعندما طعن استدعى طبيبا، فعرف دنو أجله، فنادى ابنه قائلا: "يا عبد الله بن عمر، ناولني الكتف، فلو أراد الله - عز وجل - أن يمضي ما فيه أمضاه، فقال له ابن عمر: أنا أكفيك محوها، فقال: لا والله، لا يمحوها أحد غيري، فمحاها عمر بيده، وكان فيها فريضة الجد"[9].

ونرى عمر نفسه حين يأمن حفظ القرآن، يكتب بشيء من السنة إلى بعض عماله وأصحابه، فعن أبي عثمان النهدي قال:

«كنا مع عتبة بن فرقد، فكتب إليه عمر بأشياء يحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان فيما كتب إليه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يلبس الحرير في الدنيا إلا من ليس له في الآخرة منه شيء إلا هكذا، وقال بأصبعيه السبابة والوسطى. قال أبو عثمان: فرأيت أنها أزرار الطيالسة حين رأينا الطيالسة»

[10].

وها هو ذا ابن مسعود يقول: "القلوب أوعية، فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بما سواه"[11]. وهذا يدل على أنه خشي أن يشتغل الناس بكتابة السنة ويدعوا القرآن، أو أن يشتغلوا بغير القرآن الكريم، ونراه يكتب بعض السنة بيده حين زالت علة المنع، فعن مسعر عن معن قال: "أخرج إلي عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود كتابا وحلف لي أنه خط أبيه بيده"[12].

وقد بلغ ابن مسعود: "أن عند ناس كتابا يعجبون به، فلم يزل بهم حتى أتوه به فمحاه، ثم قال: إنما هلك أهل الكتاب قبلكم أنهم أقبلوا على كتب علمائهم وتركوا كتاب ربهم"[13].

وها هو ذا زيد بن ثابت يقول: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا ألا نكتب شيئا من حديثه"[14].

وقال ابن عباس: "إنا لا نكتب العلم ولا نكتبه"[15].

هؤلاء معظم الذين كرهوا كتابة الحديث في الصدر الأول، قال الخطيب البغدادي: "إن كراهة الكتابة في الصدر الأول إنما هي لئلا يضاهى بكتاب الله - عز وجل - غيره، أو يشتغل عن القرآن بسواه؛ ونهي عن الكتب القديمة أن تتخذ؛ لأنه لا يعرف حقها من باطلها؛ وصحيحها من فاسدها، مع أن القرآن كفى عنها، وصار مهيمنا عليها، ونهي عن كتب العلم في صدر الإسلام، لقلة الفقهاء في ذلك الوقت، والمميزين بين الوحي وغيره؛ لأن أكثر الأعراب لم يكونوا فقهوا في الدين، ولا جالسوا العلماء العارفين، فلم يؤمن أن يلحقوا ما يجدون من الصحف بالقرآن، ويعتقدوا أن ما اشتملت عليه كلام الرحمن"[16]، أضف إلى هذا ورع الصحابة وخشيتهم من أن يكون ما يملونه أو يقيدونه غير ما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم"[17].

ونخلص من هذا كله إلى أن الأقوال السابقة التي أثرت عن بعض الصحابة في المنع من كتابه الحديث - تسلم إلى نتيجة تخالف النتيجة التي زيفها هؤلاء المتعسفون، فهي تدل على مدى حرص الصحابة وحيطتهم في رواية الحديث وكتابته، وهي في الوقت نفسه موقوتة بالعلة التي دفعتهم إلى مثل هذا التحرج، وهي الحفاظ على كتاب الله عز وجل، والحرص على عدم إهماله، والخوف من اختلاط السنة به، فلما انتفت هذه العلة وجدنا الصحابة المتحرجين أنفسهم يكتبون الأحاديث.

 ثالثا. نوعا الأحاديث التي نهى الخلفاء عن الإكثار من روايتها:

لقد ادعى مثيرو هذه الشبهة أن الخلفاء الراشدين كانوا ينهون حفاظ الحديث عن التحديث به، لا سيما المكثرون منهم.

وإن في قولهم هذا جزءا من الحق أريد به باطل؛ وذلك أنهم خلصوا من ادعائهم السابق إلى أن الخلفاء الراشدين لم يؤمنوا بأن للسنة دورا كبيرا في التشريع الإسلامي، فأهملوها، بل ومنعوا الناس من التحديث بها.

 وقد تكفل د. عبد العظيم المطعني بذكر الحقيقة كاملة، وذلك في سياق تفنيده لادعائهم هذا، يقول: "أما شبهة نهي الخلفاء عن الإكثار من التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بالأحاديث التي كانت محفوظة في صدور الرجال، فكان من الحيطة الاقتصاد في سوقها، وعدم الإسراف في التحديث بها. على أن هناك حقيقة يجب أن نضعها في الاعتبار وهي:

أن كراهة كثرة التحديث في عصر الخلفاء لم تكن شاملة لكل الأحاديث، بل كانت مقصورة على أحاديث الرخص؛ خشية أن يركن إليها الناس ويتركوا أحاديث العزائم.

كذلك كانوا يكرهون ذكر الأحاديث التي قد يكون فيها مشكلات يصعب فهمها على عامة الناس، وقد اعتنى علماء الحديث من بعد بهذا النوع وعالجوه علاجا علميا جيدا، مثل "مشكل الآثار" للطحاوي، و "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة.

هذان النوعان هما اللذان كانا موضع كراهة الإكثار منهما. أما أحاديث العمل والأحكام الفقهية، وكل ما يتعلق بأعمال المكلفين إيجابا وحظرا، فهذه لم تكن محظورة ولا منهيا عنها. وهذا ما غفل عنه، أو تغافل عنه دعاة هدم السنة النبوية"[18].

وخلاصة القول أن مثيري هذه الشبهة اعترفوا بالحق إلا أنهم أرادوا به باطلا؛ وذلك بقلب النتائج التي تسلم إليها المقدمات.

وإلا فأي عيب في التحرج من رواية أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وكتابتها؟! وأية مذمة بل وأية منقصة في أن يسلك الصحابة الكرام كل الطرق التي تعينهم على الحفاظ على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وتمكنهم من أن يؤدوها للأجيال التي بعدهم سليمة صحيحة، لا وضع فيها ولا تدليس؟!

إن العيب كل العيب فيمن يلبسون الأمور على الناس، ويحاولون أن تتحول محامد الصحابة - رضي الله عنهم - إلى مطاعن يطعن فيهم بسببها.

الخلاصة:

·   إن تحرج الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - في رواية الحديث وتدوينه أمر ثابت ومقرر، وهو محمدة من محامدهم، وقد تحولت هذه المحمدة إلى مذمة على ألسنة الطاعنين الذين قلبوا النتائج التي تسلم إليها هذه المحمدة.

·   إن مظاهر تحرج الصحابة الكرام في رواية الحديث النبوي وتدوينه, وتثبتهم - كثيرة, منها: تشددهم في الحرص على أداء الحديث كما سمع عن النبي صلى الله عليه وسلم, وارتحالهم في طلب الحديث، وكان ذلك كله من أجل الحفاظ على السنة وليس إهمالا لها.

·   إن الأقوال التي رويت عن الصحابة في المنع من كتابة الحديث كانت موقوتة بالعلة التي انطلقت منها هذه الأقوال، وهي الخوف من أن يختلط القرآن بالسنة، فلما أمن ذلك الخوف كتب هؤلاء المانعون أنفسهم الأحاديث.

·   لقد نهى الخلفاء الراشدون عن كثرة التحديث بأحاديث الرخص، والأحاديث التي قد تكون فيها مشكلات ويصعب على العامة فهمها، دون غيرها من الأحاديث، ولم يطلقوا نهيهم كما ادعى المغرضون.

 المراجع:


(*) الشفاعة: محاولة لفهم الخلاف القديم بين المؤيدين والمعارضين، د. مصطفى محمود، دار أخبار اليوم، القاهرة، 1999م. دور السنة في إعادة بناء الأمة، جواد موسى محمد عفانة، جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، ط1، 1419هـ/ 1999م. السنة قبل التدوين، د. محمد عجاج الخطيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط4، 1425هـ/ 2004م، أخطاء وأوهام في أضخم مشروع تعسفي لهدم السنة النبوية، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1999م. شبهات القرآنيين حول السنة النبوية، د. محمد محمد مزروعة. www.saaid.net

[1]. أخطاء وأوهام في أضخم مشروع تعسـفي لهدم السنة النبوية، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1999م، ص15.

[2]. انظر: من جهود الأمة في حفظ السنة، د. أحمد حسين محمد إبراهيم، مطبعة الحسين الإسلامية، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص77: 86.

[3]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، المقدمة، باب: التوقي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (1/ 10)، رقم (23). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (23).

[4]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: الخروج في طلب العلم، (1/ 208، 209) معلقا.

[5]. انظر: السنة النبوية حجية وتدوينا، محمد صالح الغرسي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1, 1422هـ/ 2002م,ص42: 46.

[6]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، مكتبة التوعية، القاهرة، 1428هـ/ 2007م، (1/ 392).

[7]. المحدث الفاصل، الرامهرمزي، تحقيق: د. محمد عجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت، ط2، 1404هـ/ 1984م، ص224.

[8]. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب: الجامع للإمام معمر بن راشد الأزدي، باب: كتاب العلم، (11/ 257)، رقم (20484).

[9]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر, مكتبة التوعية، القاهرة، 1428هـ/ 2007م، (1/ 275).

[10]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: اللباس و الزينة، باب: تحريم لبس الحرير، (8/ 3190)، رقم (5314).

[11]. تقييد العلم، الخطيب البغدادي، تحقيق: يوسف العش، دار إحياء السنة النبوية، بيروت، ط2، 1974م، ص54.

[12]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، مكتبة التوعية، القاهرة، 1428هـ/ 2007م، (1/ 311).

[13]. أخرجه الدارمي في سننه، المقدمة، باب: من لم ير كتابة الحديث، (1/ 133)، رقم (469).

[14]. تقييد العلم، الخطيب البغدادي، تحقيق: يوسف العش، دار إحياء السنة النبوية، بيروت، ط2، 1974م، ص35.

[15]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، مكتبة التوعية، القاهرة، 1428هـ/ 2007م، (1/ 275).

[16]. تقييد العلم، الخطيب البغدادي، تحقيق: يوسف العش، دار إحياء السنة النبوية، بيروت، ط2، 1974م، ص57.

[17]. السنة قبل التدوين، د. محمد عجاج الخطيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط4، 1425هـ/ 2004م، ص309: 315 بتصرف.

[18]. أخطاء وأوهام في أضخم مشروع تعسفي لهدم السنة النبوية، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1999م، ص16، 17.