نص السؤال

الزعم أن الحديث لم يكتب إلا في عهد عمر بن عبد العزيز

عبارات مشابهة للسؤال

الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.

الجواب التفصيلي

الزعم أن الحديث لم يكتب إلا في عهد عمر بن عبد العزيز(*)

مضمون الشبهة:

يزعم بعض المشككين أن السنة لم تكتب إلا في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز (ت: 101هـ)؛ مستدلين على ذلك - حسب فهمهم الخاطئ - بقوله لأبي بكر بن محمد بن حزم: "انظروا ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو سنة ماضية، أو حديث عمرة (بنت عبد الرحمن بن زرارة, تريبة عائشة رضي الله عنها وتلميذتها) فاكتبه، فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله". رامين من وراء ذلك إلى الطعن في صحة السنة النبوية، لتأخر تدوينها عن زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

وجها إبطال الشبهة:

1) الكتابة في اللغة هي مطلق خط الشيء دون مراعاة لجمع الصحف المكتوبة في ديوان، أما التدوين فهو جمع هذه الصحف في ديوان يحفظها؛ لذلك فكتابة السنة كانت منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والتدوين كان في عهد عمربن عبد العزيز.

2) إن السنة النبوية تنوقلت كتابة في كتب وصحائف منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم، مرورا بعصر الخلفاء الراشدين، حتى وصلت إلى مرحلة التدوين الرسمي في عهد عمر بن عبد العزيز.

التفصيل:

أولا. الفرق بين الكتابة والتدوين:

إن الفهم الصحيح لمعنى كلمة (الكتابة)، وكلمة (التدوين) وإدراك الفرق بين المعنيين يحدد إلى حد كبير الرد الصحيح على أعداء السنة في قولهم إن تدوين السنة تأخر إلى القرن الثاني الهجري، وها نحن نوضح الفرق بين الكتابة والتدوين والتصنيف باعتبارها مراحل مرت بها السنة المطهرة حفظا وتدوينا، حتى وصلت إلى الذروة في القرن الثالث الهجري:

·   الكتابة: جاء في اللسان: كتب الشيء كتبا وكتابا وكتابة، وكتبه: خطه، فكتابة الشيء: خطه[1].

·  التدوين: جاء في اللسان: والديوان مجتمع الصحف[2]، وجاء في تاج العروس: وقد دونه تدوينا: جمعه. وعليه فالتدوين هو جمع الصحف المشتتة أو المتناثرة في ديوان ليحفظها.

·  التصنيف: جاء في اللسان: والتصنيف: تمييز الأشياء بعضها عن بعض، وصنف الشيء: ميز بعضه عن بعض، وتصنيف الشيء: جعله أصنافا[3]، وعليه فالتصنيف: تمييز الجزئيات، كأن يصنف المصنف الصواب من الخطأ، أو الأهم من المهم.

ومن هذه التعريفات اللغوية يتضح لنا أن الكتابة غير التدوين، فالكتابة: مطلق خط الشيء، دون مراعاة لجمع الصحف المكتوبة في إطار يجمعها. أما التدوين: فمرحلة تالية للكتابة، ويكون بجمع الصحف المكتوبة في ديوان يحفظها. وعلى ذلك فقول بعض الأئمة: إن السنة دونت في نهاية القرن الأول الهجري لا يفيد أنها لم تكتب طيلة هذا القرن، بل يفيد أنها كانت مكتوبة، لكنها لم تصل لدرجة التدوين - جمع الصحف في دفتر - وما فهمه المعاصرون - من أن التدوين هو الكتابة - فهم خاطئ، منشؤه عدم التمييز بين الكتابة والتدوين، وليس في حديثهم شيء يتعلق بالكتابة.

والمتتبع لكلام الأئمة السابقين يتضح له أنه كان معلوما لديهم الفرق بين الكتابة والتدوين، وأنهم كانوا يعلمون أن السنة النبوية كتبت منذ أيامها الأولى، وأما التدوين فظهرت منه صور فردية خلال القرن الأول الهجري، ثم كثر وشاع بعد ذلك[4].

وبناء على هذا يعد الخليفة عمر بن عبد العزيز أول من أمر بجمع الأحاديث وتدوينها في كتب خاصة، فكتب إلى الآفاق: "انظروا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجمعوه"، وكتب إلى أهل المدينة: "انظروا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتبوه، فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله".

وروى البخاري في صحيحه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم (والي المدينة وقاضيها في خلافته):

«انظروا ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا»

[5]

كما أمر العالم الجليل ابن شهاب الزهري أن يجمع الحديث والسنن، وفي ذلك يقول الإمام الزهري: "أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنة فكتبناها دفترا دفترا، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترا".

وبذلك يمكننا أن نعتبر أن تدوين السنة تدوينا رسميا إنما بدأ على رأس المائة الثانية في خلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز.

"وهكذا لم يمض القرن الأول الهجري إلا والسنة النبوية قد بدأ تدوينها تدوينا رسميا برعاية الدولة ودعم الخلفاء وتشجيعهم، وكان الفضل في ذلك للخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، الذي أمر المسئولين في أقاليم الدولة الإسلامية بأن يعتنوا بالحديث الشريف، كما شجع العلماء على عقد حلقات لدراسة الحديث في المساجد، بل شاركهم بنفسه في ذلك، ووزع قبل وفاته ما كتبه الإمام ابن شهاب الزهري على الأمصار، ثم مالبث هذا التيار من النشاط العلمي الذي أزكاه الخليفة عمر بن عبد العزيز، أن اتسع وتضخم مع بداية القرن الثاني، فبعد أن كان أهل الحديث يجمعون الأحاديث المختلفة في الصحف والكراريس، أصبحوا يرتبون الأحاديث على الأبواب، فظهرت الجوامع والمصنفات، واشتهر من أصحابها: الأوزاعي بالشام (ت: 146هـ)، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المصري بمكة، وسفيان الثوري بالكوفة (ت: 161هـ)، وحماد بن سلمة بالبصرة (ت: 167هـ)، ومالك بن أنس بالمدينة (ت: 174هـ)، وعبد الله بن المبارك بخراسان (ت: 181هـ)، وغيرهم كثيرون.

وفي القرن الثالث الهجري ظهرت كتب جامعة، ومسانيد كبيرة، ومعاجم مطولة لجمع السنة النبوية، فالكتب الجامعة المبوبة مثل: صحيح البخاري ومسلم وسنن ابن ماجه وأبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم، و المسانيد الكبيرة مثل: مسند الإمام أحمد، ومسند البزار, والمعاجم الكبيرة مثل: معجم الطبراني الكبير.

وهكذا اعتنت الأمة الإسلامية بسنة نبيها أيما عناية، ونقلتها الأجيال الأولى إلى من جاء بعدها بكل دقة وحرص وأمانة، فرحم الله سلفنا الذين حملوا السنة وبلغوها لنا رحمة واسعة"[6].

بهذا يتبين لنا أن الخلط وعدم التفريق بين الكتابة والتدوين كان السبب في هذا الاشتباه، فكتابة الحديث النبوي كانت منذ عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - مرورا بالصحابة، ثم التابعين, إلى أن جاء عصر التدوين بمعناه الحقيقي الصحيح، والذي بدأ على يدي الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز الذي نادى بضرورة حفظ السنة وتدوينها، وتوزيع الكتب على البلاد الإسلامية خوفا من ضياع العلم وذهاب أهله. فكان الإمام ابن شهاب الزهري أول من قام بتدوين الحديث وجمعه بناء على طلب أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز.

ثانيا. السنة النبوية تنوقلت كتابة في كتب وصحائف منذ زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرورا بعصر الراشدين حتى وصلت إلى مرحلة التدوين الرسمي في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:

لقد أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بكتابة أحاديثه، فاعتنى بكتابتها كثير من الصحابة - رضي الله عنهم - في حياته وبعد مماته صلى الله عليه وسلم، حفاظا عليها، ولأجل أن يبلغوها إلى الأجيال التالية، فكانت جهود هذا الجيل المبارك وما كتبوه من الصحف هي الأساس الأول في تدوين السنة، والنواة الأولى لما صنف في القرنين الثاني والثالث من الجوامع والمسانيد والسنن وغيرها من دواوين السنة[7].

ولقد وردت أحاديث كثيرة تثبت أن السنة كما كانت تنقل مشافهة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تنقل كذلك كتابة، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:

·  ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: «كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر يتكلم في الغضب والرضا؟! فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومأ بأصبعه إلى فيه، وقال: اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق»[8].

·  قال عبد الله بن عمرو: "ما يرغبني في الحياة إلا خصلتان: الصادقة والوهط، فأما الصادقة فصحيفة كتبتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الوهط فأرض تصدق بها عمرو بن العاص كان يقوم عليها"[9].

·  عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:

«ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر حديثا مني إلا ما كان من ابن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب»

[10].

إن هذه الأدلة التي ذكرناها لدليل قاطع على أن أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تكتب في عهده - صلى الله عليه وسلم - بإذنه وتحت سمعه وبصره.

الكتابة في عهد الصحابة:

أما عن كتابة السنة في عصر الراشدين - رضي الله عنهم - فقد كثرت الكتابة في عصرهم خوفا من الضياع والنسيان، ونستدل على كتابتها آنذاك بما يأتي:

·    روى الطبراني أن أبا بكر كتب كتابا إلى عمرو بن العاص ذكر فيه الأحاديث النبوية[11].

·   عن عامر بن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال:

«كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فكتب إلي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم...»

[12].

·   يبدو أن عمر - رضي الله عنه - كان قد جمع أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاصة بالصدقات في رسالة واحدة، وقد قرأها نافع على ابن عمر عدة مرات[13].

·   جمع سمرة بن جندب - رضي الله عنه - مجموعة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث بها إلى ابنه سليمان، وقد أثنى الإمام محمد بن سيرين على هذه الرسالة فقال: "في رسالة سمرة إلى ابنه علم كثير"[14].

·   كان أنس بن مالك - رضي الله عنه - يحث أولاده على كتابة العلم، قال ثمامة بن عبد الله: كان أنس يقول لبنيه: "قيدوا العلم بالكتاب"[15]، حتى نقل عنه أنه كان يقول: "كنا لا نعد علم من لم يكتب علمه علما"[16]، وهذا نص في أن كل من كان يعد في الصحابة عالما كان معتنيا بكتابة العلم، والمقصود بالعلم هنا الأحاديث النبوية.

وحتى تتم الفائدة ويتضح أن تدوين الحديث لم يكن على نطاق ضيق من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل شمل جمعا كبيرا من الصحابة نذكر بعض الصحف وأصحابها كما نذكر عدد الذين كانوا يكتبون من الصحابة وهم ليسوا قلة.

أصحاب الصحف والمجاميع:

ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وسمرة بن جندب، وأنس بن مالك، وسعد بن عبادة الأنصاري وغيرهم ممن لم يشتهروا.

الصحابة الذين كتبوا الحديث على وجه العموم:

ومنهم: أبو أيوب الأنصاري، وأبو بكرة الثقفي، ونفيع بن الحارث، وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأبو ريحانة الأزدي شمعون بن يزيد الأنصاري الخزرجي، وأبوسعيد الخدري, وأبو موسى الأشعري، وأبي بن كعب، وأسيد بن حضير، والبراء بن عازب، وجابر بن سمرة، وجرير بن عبد الله، والحسن بن علي، ورافع بن خديج الأنصاري، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وسلمان الفارسي، والضحاك بن سفيان الكلابي، والضحاك بن قيس، وعبد الرحمن بن عائذ، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وعمرو بن حزم الأنصاري، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومعاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة، ونعمان بن بشير، وواثلة بن الأسقع.

الصحابيات اللاتي كتبن الحديث:

ومنهن: أسماء بنت عميس، وسبيعة الأسلمية، وعائشة بنت أبي بكر الصديق، وفاطمة بنت قيس، وفاطمة بنت محمد[17].

وهذا هو حال كتابة السنة في عهد الصحابة الكرام، وموقفهم من تسجيلها في الصحائف المختلفة، ووصيتهم تلاميذهم بها، ومن الطبيعي أن يجعلهم تلاميذهم من التابعين أسوة حسنة في هذا الأمر، ويمتثلوا أوامرهم بذلك، ويطبقوا وصاياهم، ويظهر مدى اهتمام تلاميذ الصحابة بكتابة السنة عنهم فيما يأتي من أدلة[18]:

o  قال بشير بن نهيك: "كتبت عن أبي هريرة كتابا، فلما أردت أن أفارقه قلت: يا أبا هريرة، إني كنت أكتب عنك كتابا فأرويه عنك؟ قال: نعم اروه عني"[19].

o  قال أبو الزعيزعة (كاتب مروان): "إن مروان أرسل إلى أبي هريرة فجعل يسأله, وأجلسني خلف السرير وأنا أكتب، حتى إذا كان رأس الحول دعاه فأقعده من وراء الحجاب فجعل يسأله عن ذلك الكتاب٬ فما زاد ولا نقص ولا قدم ولا أخر"[20].

o  لهمام بن منبه صحيفة عن أبي هريرة طبعت عدة مرات بتحقيق د. محمد حميد الله رحمه الله، وهي صحيفة صحيحة تضم نحو مائة وأربعين حديثا[21].

o  قال وكيع: "سمعت شعبة يقول: حديث أبي سفيان عن جابر إنما هي صحيفته"[22]، وأثبت البخاري سماع أبي سفيان من جابر، فأبو سفيان قد كتب ما سمعه من جابر بن عبد الله في صحيفته.

o  عن سعيد بن جبير قال: "كنت أكتب عند ابن عباس في صحيفة، وأكتب في نعلي"[23].

o  قال ابن سنان: "خرجت في وفد من أهل الأنبار إلى الحجاج في واسط نتظلم إليه من عامله علينا ابن الرفيل، فدخلت ديوانه فرأيت شيخا والناس حوله يكتبون عنه، فسألت عنه فقيل: أنس بن مالك"[24].

o  يقول الأصمعي عن أبي الزناد: قال عروة: "كنا نقول: لا نتخذ كتابا مع كتاب الله، فمحوت كتبي، فوالله وددت أن كتبي عندي، إن كتاب الله قد استمرت مريرته"[25]، أي: أن كتاب الله قد قوي واستحكم فلا خوف عليه من اختلاطه بالسنة، وعروة بن الزبير قد توفي عام (94 أو 95 هـ)؛ أي قبل أمر عمر بن عبد العزيز بتدوين السنة.

وما ذكرناه من كتابة الصحابة - رضي الله عنهم - للأحاديث وكتابة تلاميذهم عنهم إنما هو غيض من فيض، وقليل من كثير، وكل هذه الأخبار التي ذكرناها هنا كانت قبل أمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر بن محمد بن حزم بتدوين السنة، فهل بعد ذلك كله نقول: إن السنة لم تكتب إلا في عهد عمر بن عبد العزيز؟!

وبناء على ما سبق بيانه فإن السنة النبوية قد نقلت كتابة في كتب وصحائف بالتوازي مع المشافهة منذ زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرورا بعصر الراشدين حتى وصلت إلى مرحلة التدوين الرسمي في عهد عمر بن عبد العزيز، وعليه فلا معنى لزعمهم أن السنة لم تكتب إلا في مطلع القرن الثاني الهجري في عهد عمر بن عبد العزيز.

الخلاصة:

·   هناك فرق جلي بين الكتابة والتدوين، فالكتابة هي مجرد الخط في الصحف، أما التدوين فهو جمع الصحف المكتوبة في ديوان يحفظها.

·   القول بأن السنة دونت في نهاية القرن الأول لا يفيد أنها لم تكتب طيلة هذا القرن، بل يفيد أنها كانت مكتوبة، لكنها لم تجمع في ديوان واحد إلا في عهد عمر بن عبد العزيز.

·   من خلال بيان الفرق بين الكتابة والتدوين نقول: إن السنة النبوية كتبت منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحف متفرقة، وتم جمعها في دواوين منذ أمر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز بذلك حتى ظهرت الكتب الجامعة، والمسانيد الكبيرة، والمعاجم المطولة.

·    إن إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه في كتابة أحاديثه كان دافعا لاهتمام الصحابة بكتابة السنة.

·   من صور اهتمام الصحابة بجمع السنة وكتابتها منذ زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - موقف عبد الله بن عمرو بن العاص من كتابة كل ما سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحيفته الصادقة، وكثرة أحاديث ابن عمرو عن أبي هريرة لكتابته وعدم كتابة أبي هريرة.

·   لقد استمر اهتمام الصحابة بكتابة السنة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا يكتبون الأحاديث ويبعثون بها إلى الأمصار المختلفة، ويحثون تلامذتهم على تقييد العلم بالكتاب.

·   وعليه فإن السنة النبوية نقلت كتابة منذ زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرورا بعهد الصحابة والتابعين بالتوازي مع نقلها بالمشافهة حتى وصلت إلى عهد عمر بن عبد العزيز حيث دونت تدوينا رسميا تحت رعاية الدولة وبدعم منها.

المراجع:


(*) السنة النبوية حجية وتدوينا، محمد صالح الغرسي، السنة النبوية حجية وتدوينا، محمد صالح الغرسي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1, 1422هـ/ 2002م. السنة قبل التدوين، د. محمد عجاج الخطيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط4، 1425هـ/ 2004م. دفع الشبهات عن السنة النبوية، د. عبد المهدي عبد القادر، دار الإيمان، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2001م. منهجية جمع السنة وجمع الأناجيل، د. عزية علي طه، دار البحوث، القاهرة، 1987م.

[1]. لسان العرب، ابن منظور، مادة: كتب.

[2]. لسان العرب، ابن منظور، مادة: دون.

[3]. لسان العرب، ابن منظور، مادة: صنف.

[4]. السنة النبوية: مكانتها، عوامل بقائها، تدوينها، د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي، دار النصر، القاهرة، 1989م، ص96: 98 بتصرف.

[5]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري), كتاب: العلم, باب: كيف يقبض العلم, (1/ 234)، رقم (34).

[6]. من جهود الأمة في حفظ السنة، د. أحمد حسين محمد إبراهيم، مطبعة الحسين الإسلامية، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص129: 133 بتصرف.

[7]. السنة النبوية حجية وتدوينا، د. محمد صالح الغرسي، السنة النبوية حجية وتدوينا، محمد صالح الغرسي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1, 1422هـ/ 2002م، ص58 بتصرف.

[8]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، (11/ 56)، رقم (6802). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.

[9]. أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، كتاب‚ العلم، باب: ذكر الرخصة، (1/ 305).

[10]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: كتابة العلم، (1/ 249)، رقم (113).

[11]. المعجم الكبير، الطبراني، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة العلوم والحكم، العراق، ط2، 1404هـ/ 1983م، (1/ 19).

[12]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإمارة، باب: الناس تبع لقريش، (7/ 2866)، رقم (4622).

[13]. التاريخ الكبير، البخاري، تحقيق‚ السيد هاشم، دار الفكر، بيروت، د. ت، (1/ 218).

[14]. تهذيب التهذيب، ابن حجر، دار الفكر، بيروت، ط1، 1404هـ/ 1984م، (4/ 207).

[15]. تقييد العلم، الخطيب البغدادي، تحقيق: يوسف العش، دار إحياء السنة النبوية، بيروت، ط2، 1974م، ص96.

[16]. تقييد العلم، الخطيب البغدادي، تحقيق: يوسف العش، دار إحياء السنة النبوية، بيروت، ط2، 1974م، ص96.

[17]. انظر: كتابة الحديث بأقلام الصحابة، د. ساجد الرحمن الصديقي، دار الحديث، القاهرة، 2001م، ص43: 98.

[18]. السنة النبوية حجية وتدوينا، محمد صالح الغرسي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1, 1422هـ/ 2002م، ص63: 67.

[19]. تقييد العلم، الخطيب البغدادي، تحقيق: يوسف العش، دار إحياء السنة النبوية، بيروت، ط2، 1974م، ص101.

[20]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط9، 1423هـ/ 1993م، (2/ 598).

[21]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط9، 1423هـ/ 1993م، (5/ 311).

[22]. الكفاية في معرفة أصول علم الرواية، الخطيب البغدادي، مكتبة ابن عباس، القاهرة، 2002م، (2/ 365).

[23]. أخرجه الدارمي في سننه، المقدمة، باب: من رخص في كتابة العلم، (1/ 138)، رقم (500).

[24]. تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (8/ 259).

[25]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط9، 1423هـ/ 1993م، (4/ 436).