نص السؤال
كيف تتأذَّى الملائكةُ مما يتأذَّى منه بنو آدمَ، مع أن الملائكةَ مخلوقةٌ مِن نورٍ، والناسَ مِن ترابٍ؟
عبارات مشابهة للسؤال
الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.
الجواب التفصيلي
الملائكةُ عليهِم السلامُ مخلوقاتٌ نورانيَّة، وهم غيبٌ أطلَعنا اللهُ على أخبارِهم بالقَدْر الذي أراده سبحانه وتعالى ولا عِلمَ لنا بعالَم الملائكة إلا في حدودِ ما أخبرَنا عنهم الله سبحانه في قرآنه الكريم، أو من خلال أحاديثِ رسولِ الله ﷺ وأيُّ كلام عن الملائكة خارجَ هذا النطاق يُعدُّ رجمًا بالغيب.
ومن أهمِّ وظائفِهم مباشَرةُ وإمضاءُ تدبيرِ اللهِ تعالى في مخلوقاته، وكتابةُ أعمال بني آدم، وحضورُهم أماكن اجتماع الناس للعبادة في المساجدِ ونحوها.
ولحِرصِ الإسلامِ على نظافة المسلم، خاصةً عند اجتماعه بالآخرين في المساجد لأداء الشعائر، نهى النبيُّ ﷺ عن حضور المساجدِ لمن له رائحةٌ تؤذي الناس، فعن جابرٍ رضي الله عنه، قال: نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أكْلِ البصَلِ والكُرَّاثِ، فغلبتْنا الحاجَةُ، فأكلَنا منها، فقال:
«مَنْ أكَلَ مِن هذِه الشَّجرةِ المُنْتِنةِ، فلا يقْرَبَنَّ مسجِدَنا، فإن الملائكةَ تأذَّى، مما يتأذَّى منه الإنسُ»
[مسلم: 563].
والحديثُ يدلُّ على تأذِّي الملائكةِ ممَّا يتأذَّى منه الناسُ، وهذا قد يُفهَم منه أحدُ أمرين:
الأول:
إما أن تركيبَ خلق الملائكةِ يتشابَهُ مع تركيب خَلق الناسِ في هذه الجُزئية، وهي التأذِّي من الروائحِ المُنْتنة، خصوصًا رائحةَ الثَّوم والبصل، فتكونُ من الأمور المشترَكة بين خلقِ الملائكة وخلقِ الإنسان.
ولا يوجَدُ مانعٌ عقليٌّ من إمكانية ذلك، فاللهُ يخلُق ما يشاء ويختار.
الثاني:
أو يكون المرادُ هو أن ما يؤذي المؤمنين من الروائح في المساجد وأماكن اجتماعهم يؤذي الملائكةَ من حيث إنهم يكرهون أذيَّةَ المسلم، ويستاؤون لذلك، فهم حفَظَتُه والملازِمون والمستغفرون له، والداعون له بالمغفرة والوقاية من العذاب، قال تعالى:
{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
[غافر:7- 9]
فإذا كان هذا حالُهم معه، فإنهم يتأذَّوْن لأذاه، ويستقْذِرون ما يستقْذِر، ويدعون له بالوقاية من كل سوء وسيِّئة.
والحاصلُ:
أنه لا إشكالَ في الأمر، سواءٌ كان تأذِّيهم بسبب تركيبِهم وأصلِ خِلْقتِهم أو تبعًا لأذية المسلم، فليحرِصِ المسلمُ على نظافته، خاصَّة في المساجد وأماكن اجتماع الناس، وليستشعِرْ قُربَ الملائكة منه فيحثُّه ذلك على مزيد اعتناء واهتمام.
المراجع
علاقة الإنسان بالملائكة: https://www.alukah.net/sharia/...
كتاب «عالمُ الملائكةِ الأبرار» https://waqfeya.com/book.php?b...