نص السؤال
المصدر: شبهات المشككين في الإسلام
الجواب التفصيلي
دعوى وجود أحاديث ضعيفة وموضوعة في صحيح مسلم(*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض الواهمين أن صحيح مسلم يحوي كثيرا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ويستدلون على ذلك بما ورد في حديث الإسراء الذي رواه مسلم من قول أنس بن مالك «وذلك قبل أن يوحى إليه» إذ تكلم الحفاظ على هذه اللفظة وضعفوها؛ متسائلين كيف تكون ليلة الإسراء التي فرضت فيها الصلاة قبل الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟
وكذلك حديث«خلق الله التربة يوم السبت» وقد اتفق الناس على أن يوم السبت لم يقع فيه خلق، وأن ابتداء الخلق كان يوم الأحد.
وأيضا الحديث الوارد عن أبي سفيان أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسلم: «يا رسول الله أعطني ثلاثا: تزوج ابنتي أم حبيبة، وابني معاوية اجعله كاتبا، وأمرني أن أقاتل الكفار، كما قاتلت المسلمين، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سأله...»، ويرون أن في هذا الحديث من الوهم ما لا يخفى على أحد؛ إذ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج من أم حبيبة وهي بالحبشة، وأصدقها النجاشي، وأبو سفيان أسلم يوم الفتح، فكيف يطلب منه الزواج منها وهو متزوجها في الأصل؟
ويدعون كذلك أن به أحاديث موضوعة بدليل حديث «إن طالت بك مدة أوشك أن ترى قوما يغدون في سخط الله ويروحون في لعنته...» وهذا الحديث قد عده ابن الجوزي في الموضوعات.
ويتساءلون: كيف نسميه صحيحا، وقد ورد فيه أحاديث موضوعة وضعيفة؟ رامين من وراء ذلك إلى زعزعة ثقة المسلمين في صحيح مسلم.
وجوه إبطال الشبهة:
1) لقد أجمع نقاد الحديث وصيارفته - قديما وحديثا - على أن أحاديث صحيح مسلم كلها أحاديث صحيحة، وهؤلاء هم أهل الفن الذين يعتد بأقوالهم في ذلك، ولو أن به أحاديث غير صحيحة لما أجمعوا على ذلك، لا سيما أنهم قد درسوا غير الصحيحين وبينوا أن فيها الصحيح والضعيف.
2) إن حديث الإسراء والمعراج الذي رواه مسلم حديث صحيح، ولفظة «قبل أن يوحى إليه» لا تعني أن الإسراء والمعراج كان قبل البعثة، وإنما المعنى قبل أن يوحى إليه في شأن الإسراء والمعراج، لا الوحي بالرسالة، ويشهد لذلك قوله في الحديث نفسه أن جبريل قال لبواب السماء لما قال له: «أبعث إليه؟ قال: نعم».
3) إن حديث «خلق التربة يوم السبت» حديث صحيح، فالصحيح أن بداية الخلق كانت يوم السبت لا يوم الأحد؛ إذ الآثار القائلة بأن بداية الخلق كانت يوم الأحد ضعيفة لا تصح، عامتها من الإسرائيليات، وتسمية الأيام هذه مأخوذة من أهل الكتاب.
4) إن قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم «أزوجكها»؛ أي أرضى بزواجك من أم حبيبة فاقبل مني الرضا، وطلب ذلك تطيبا لقلبه، ويرى بعضهم أنه طلب منه أن يتزوج ابنته الأخرى التي كانت تكنى بأم حبيبة وخفي عليه تحريم الجمع بينهما.
5) لقد أخطأ ابن الجوزي عندما أورد في كتابه الموضوعات حديث «إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوما...»؛ إذ إنه حديث صحيح رواه مسلم وغيره، و"أفلح" المذكور في السند ثقة مشهور، صالح الحديث، وقد روي هذا الحديث من طرق أخرى تثبت صحته.
أولا. خلو صحيح مسلم من الأحاديث الضعيفة والموضوعة مطلقا، وإجماع الأمة على صحة كل ما فيه:
لقد أجمع نقاد الحديث وصيارفته قديما وحديثا على أن أحاديث صحيح مسلم صحيحة كلها، وأجمعت الأمة كذلك على صحة كل ما جاء في الصحيحين، وقد كثرت أقوال علماء الحديث في ذلك، وهم أهل هذا العلم الذين قضوا حياتهم في دراسته؛ حتى عرفوا كل صغيرة وكبيرة فيه، فهم الذين يعتد بقولهم في ذلك، وسوف نقتصر على ذكر بعض هذه الأقوال ليتبين لكل مدع صحة كل ما في صحيح مسلم من أحاديث.
يقول الإمام مسلم وهو مصنف الصحيح: "عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أن له علة تركته، وكل ما قال: إنه صحيح، وليست له علة، فهو هذا الذي أخرجته"([1]).
ويقول ابن الصلاح (ت: 643هـ) في بيان أقسام الحديث الصحيح: "وأعلاها الأول، وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيرا "صحيح متفق عليه" يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم، لا اتفاق الأمة عليه، لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه؛ لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول"([2]).
وقد جزم ابن كثير بأنه ليس في الصحيحين حديث ضعيف، فقال: "ثم حكي أن الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول، سوى أحرف يسيرة، انتقدها بعض الحفاظ، كالدارقطني وغيره، ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث؛ لأن الأمة معصومة عن الخطأ، فما ظنت صحته ووجب عليها العمل به، لا بد وأن يكون صحيحا في نفس الأمر، وهذا جيد"([3]).
وقد سئل النووي - رحمه الله - هل في صحيح البخاري ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، والمسانيد المشهورة، حديث غير صحيح وأحاديث باطلة.
أو في بعضها دون بعض؟
أجاب رحمه الله: أما البخاري ومسلم فأحاديثهما صحيحة، وأما باقي السنن وأكثر المسانيد؛ ففيها الصحيح، والحسن، والضعيف، والمنكر، والباطل([4]).
وقال النووي في مقدمة شرح صحيح مسلم: "... وإنما يفترق الصحيحان وغيرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يجب العمل به مطلقا، وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر، وتوجد فيه شروط الصحيح([5]).
وقال الشوكاني في شأن الصحيحين: "ولا حاجة لنا في الكلام على رجال إسناده، فقد أجمع أهل هذا الشأن أن أحاديث الصحيحين أو أحدهما، كلها من المعلوم صدقه، المقبول المجمع على ثبوته، وعند هذه الإجماعات تندفع كل شبهة، ويزول كل تشكيك"([6]).
وقال أيضا: "واعلم أن ما كان من أحاديث هذا الكتاب في أحد الصحيحين فقد أسفر فيه صبح الصحة لكل ذي عينين؛ لأنه قد قطع عرق النزاع ما صح من الإجماع على تلقي جميع الطوائف الإسلامية لما فيها بالقبول، وهذه رتبة فوق رتبة التصحيح عند جميع أهل المعقول والمنقول، على أنهما قد جمعا في كتابيهما أنواع الصحيح، مما اقتدى به وبرجاله من تصدى بعدها للتصحيح"([7]).
وقال المحدث الشيخ أحمد شاكر: "الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر، أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها طعن أو ضعف، وإنما انتقد الدراقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه، وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها، فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين، أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها، وانتقدوها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم، واحكم عن بينة، والله الهادي إلى سواء السبيل"([8]).
هذه هي آراء نقاد الحديث وصيارفته في صحيح مسلم خاصة، وفي الصحيحين عامة، وما حكموا بعدم وجود أي من الأحاديث الضعيفة والموضوعة فيه إلا للمنهج الصارم الذي وضعه الإمام مسلم في اختياره للأحاديث التي جمعها في صحيحه، فقد سلك الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه طرقا بالغة في الاحتياط والإتقان، والورع والمعرفة، وذلك مصرح بكمال ورعه، وتمام معرفته، وغزارة علومه، وشدة تحقيقه بحفظه، وتشدده في هذا الشأن، وتمكنه من أنواع معارفه، وعلو محله في التمييز بين دقائق علومه لا يهتدي إليها إلا أفراد في الأعصار، فرحمه الله،... وإنه لا يعرف حقيقة حاله إلا من أحسن النظر في كتابه مع كمال أهليته، ومعرفته بأنواع العلوم التي يفتقر إليها صاحب هذه الصناعة([9]).
ونخلص من هذا كله إلى أن كل ما في صحيح مسلم من أحاديث هي أحاديث صحيحة لا ضعف فيها، وأن الأمثلة التي استدل بها الزاعمون على وجود حديث ضعيف أو موضوع فيه لا تثبت أمام النقد الحديثي النزيه، والدقة العلمية المجردة، وتحري الحق.
ولو أن به شيئا من الضعيف أو الموضوع؛ لما أجمع العلماء والأمة على صحة ما فيه لا سيما وأنهم درسوا كل كتب السنة، وبينوا أن منها ما هو صحيح كله دون وجود ضعيف أو موضوع فيه كصحيحي البخاري ومسلم، وأن منها ما هو يشتمل على الصحيح والضعيف كالسنن والمسانيد وغيرها.
ثانيا. حديث الإسراء والمعراج وما جاء فيه من لفظة "قبل أن يوحى إليه" حديث صحيح:
إن حديث الإسراء الذي أورده المشككون حديث صحيح، فقد أورده مسلم في صحيحه من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر قال: «سمعت أنس بن مالك يحدثنا عن ليلة أسرى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسجد الكعبة، أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام...»الحديث ([10]).
وقد روى البخاري هذا الحديث أيضا عن عبد العزيز بن عبد الله، حدثني سليمان عن شريك بن عبد الله أنه قال: «سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم: أيهم هو؟ فقال أوسطهم: هو خيرهم...»الحديث([11]).
قال ابن حجر: وصرح المذكورون(يعني: الخطابي، وابن حزم، وعبدالحق، وغيرهم) أن شريكا تفرد بذلك، وفي دعوى التفرد نظر؛ فقد وافقه كثير بن خنيس... عن أنس، كما أخرجه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في كتاب "المغازي" من طريقه([12]).
وقال ابن حزم: الآفة من شريك، ورد أبو الفضل بن طاهر على ذلك بقوله: تعليل الحديث بتفرد شريك، ودعوى ابن حزم أن الآفة منه شيء لم يسبق إليه؛ فإن شريكا قبله أئمة الجرح والتعديل ووثقوه، ورووا عنه، وأدخلوا حديثه في تصانيفهم، واحتجوا به([13]).
قال الحافظ المزي في تهذيبه: "قال عباس الدوري عن يحيى بن معين، والنسائي: ليس به بأس، وقال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال: ابن عدي: وشريك رجل مشهور من أهل المدينة، حدث عنه مالك وغير مالك من الثقات، وحديثه إذا روى عنه ثقة لا بأس به إلا أن يروي عنه ضعيف([14]).
قال ابن طاهر: وحديثه هذا رواه عنه ثقة وهو سليمان بن بلال([15])، وإذا كان الحديث صحيح الإسناد كما بينا، فالسؤال الآن: كيف يكون الإسراء قبل البعثة؟
قال ابن حجر: قوله«فلم يرهم» أي: بعد ذلك «حتى أتوه ليلة أخرى» ولم يعين المدة التي بين المجيئين، فيحمل على أن المجيء الثاني كان بعد أن أوحي إليه، وحينئذ وقع الإسراء والمعراج، وإذا كان بين المجيئين مدة فلا فرق في ذلك بين أن تكون تلك المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين، وبهذا يرتفع الإشكال عن رواية شريك، ويحصل به الوفاق أن الإسراء كان في اليقظة، بعد البعثة وقبل الهجرة، ويسقط تشنيع الخطابي وابن حزم، وغيرهما بأن شريكا خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثة.
وأما ما ذكره بعض الشراح أنه كان بين الليلتين اللتين أتاه فيهما الملائكة سبع، وقيل: تسع، وقيل: عشر، وقيل: ثلاثة عشر، فيحمل على إرادة السنين لا كما فهمه الشارح المذكور أنها ليال، وبذلك جزم ابن القيم في هذا الحديث نفسه، وأقوى ما يستدل به أن المعراج بعد البعثة، قوله في هذا الحديث نفسه أن جبريل قال لبواب السماء إذ قال له: «أبعث؟ قال: نعم»؛ فإنه ظاهر في أن المعراج كان بعد البعثة، فيتعين ما ذكرته من التأويل([16]).
وقال ابن حجر أيضا: "وأجاب بعضهم عن قوله: "أن القبلية هنا في أمر مخصوص، وليست مطلقة، واحتمل أن يكون المعنى قبل أن يوحى إليه في شأن الإسراء والمعراج مثلا؛ أي: أن ذلك وقع بغتة قبل أن ينذر به، ويؤيده قوله في حديث الزهري:«فرج سقف بيتي»([17])([18]).
وبهذا يتبين أنه لا إشكال في هذا الحديث سندا ولا متنا؛ إذ إن شريكا هذا قبله أئمة الجرح والتعديل، وأن هذا الحديث رواه عن ثقة، وأنه لم ينفرد به، فقد وافقه عليه غيره بذلك، ولا إشكال في الجمع بين قوله:«قبل أن يوحي إليه»، وقوله: «وقد بعث؟ قال: نعم».
ثالثا. إن حديث "خلق الله التربة" صحيح، ولا تعارض فيه مع الآثار القائلة بأن أول الخلق يوم الأحد:
إن حديث "خلق الله التربة" حديث صحيح الإسناد رواه الإمام مسلم في صحيحه
من حديث أبي هريرة قال: «أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال: خلق الله - عز وجل - التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم - عليه السلام - بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل»([19]).
ورواه أحمد أيضا في مسنده، بسند صحيح([20])، ورواه النسائي في التفسير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن جرير، وغيرهم([21]).
ومن ثم، فإن قولهم: إن هذا الحديث مخالف للآثار القائلة بأن أول الخلق كان يوم الأحد، وهو الذي نزل عليه أسماء الأيام "الأحد، الاثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس" - قول لا يصح؛ لأن الآثار القائلة بأن ابتداء الخلق كان يوم الأحد، ما كان منها مرفوعا فهو أضعف من هذا الحديث بكثير، وأما غير المرفوع فعامته من قول عبد الله بن سلام وكعب الأحبار، ووهب بن منبه، ومن يأخذ من الإسرائليات، وتسمية الأيام كانت قبل الإسلام تقليدا لأهل الكتاب، فجاء الإسلام وقد اشتهرت وانتشرت فلم ير ضرورة إلى تغييرها؛ لأن إقرار الأسماء التي قد عرفت واشتهرت لا يعد اعترافا بمناسبتها لما أخذت منه أو بنيت عليه، إذ قد أصبحت لا تدل على ذلك، وإنما تدل على مسمياتها فحسب، ولأن القضية ليست مما يجب اعتقاده أو يتعلق به نفسه حكم شرعي، فلم تستحق أن يحتاط لها بتغيير ما اشتهر وانتشر من تسمية الأيام.
وتلك التسمية قد خصت أيام لم يأت في القرآن منها شيء، وجاء فيه اسما اليومين الباقيين - الجمعة والسبت؛ لأنه لا تعلق لهما بتلك التسمية المدخولة وعلى مقتضى الحديث يكون الجمعة سابعا، وهو وتر مناسب لفضل الجمعة،
كما ورد«إن الله وتر يحب الوتر»([22])
ويضاف إلى هذا اليوم يوم الإثنين، فإنه على هذا الحديث يكون الثالث، وهو المناسب لفضله، وفي الصحيح:
«فيه ولدت، وفيه أنزل علي»([23])
فأما الخميس فإنما ورد فضل صومه، وقد يوجه ذلك بأنه لما امتنع صوم اليوم الفاضل وهو الجمعة لأنه عيد الأسبوع عوض عنه بصوم اليوم الذي قبله، وفي ذلك ما يقوي شبه الجمعة بالعيد، وفي الصحيحين في حديث الجمعة
«نحن الآخرون السابقون»([24])([25]).
وبهذا يتبين أن هذا الحديث حديث صحيح لا إشكال فيه؛ إذ إن الصحيح أن بداية الخلق كانت يوم السبت لا يوم الأحد، كما ثبت بهذا الحديث الشريف.
رابعا. إن قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: «أزوجكها» يعني: أرضى بالزواج فاقبل مني الرضا، ولا يعني أنه لم يتزوجها من قبل:
إن حديث أبي سفيان([26]) يرجع الطعن فيه إلي أن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش، وولدت له، وهاجر بها وهما مسلمان إلى أرض الحبشة، لكنه تنصر، وثبتت أم حبيبة على دينها، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي يخطبها عليه، فزوجه إياها، وأصدقها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة آلاف درهم، وذلك سنة سبع من الهجرة، وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة فدخل عليها، فنحت بساط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يجلس عليه، ولا خلاف على أن أبا سفيان أسلم يوم الفتح سنة ثمان، فكيف طلب أبو سفيان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزواج بأم حبيبة، وهي متزوجة منه قبل الهجرة؟
أجاب الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم على ذلك الادعاء بقوله: وما توهمه ابن حزم من منافاة هذا الحديث لتقدم زواجها غلط منه وغفلة؛ لأنه يحتمل أنه(أي: أبوسفيان) سأله تجديد عقد النكاح تطييبا لقلبه؛ لأنه كان ربما يرى عليها غضاضة من رياسته ونسبه أن تزوج ابنته بغير رضاه، أو أنه ظن أن إسلام الأب في مثل هذا يقتضي تجديد العقد، وقد خفي أوضح من هذا على أكبر مرتبة من أبي سفيان ممن كثر علمه، وطالت صحبته، وهذا كلام أبي عمرو - رحمه الله(يعني: ابن الصلاح).
وليس في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جدد العقد، ولا قال لأبي سفيان إنه يحتاج إلى تجديده، فلعله - صلى الله عليه وسلم - أراد بقوله: نعم إن مقصودك يحصل، وإن لم يكن بحقيقة عقد([27]).
وقالت طائفة من العلماء: لما سمع أبو سفيان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق نساءه لما آلى منهن، أقبل إلى المدينة، وقال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما قال، ظنا منه أنه طلقها فيمن طلق.
وقال الزرقاني: وقد ظهر لي الجواب بأن المعنى يديم التزوييج ولا يطلق... ثم قال: ولا ينافيه قوله: "عندي"؛ لأن الإضافة لأدنى ملابسة، ولا بأس به، فإنه قريب"([28]).
وقالت طائفة أخرى: إن الحديث صحيح، ولكن وقع الغلط والوهم من أحد الرواة في تسمية أم حبيبة؛ إذ إن التي عرضها أبو سفيان على النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته الأخرى، وليست أم حبيبة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يبعد للجميع خفاء التحريم عليه (أي: أبوسفيان رضي الله عنه)، فقد خفي ذلك على ابنته وهي أفقه منه وأعلم حين قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:«هل لك في أختي بنت أبي سفيان؟ فقال: "أفعل ماذا؟" قلت: تنكحها، قال: "أو تحبين ذلك؟" قالت: لست لك بمخلية، وأحب من شركني في الخير أختي، قال: فإنها لا تحل لي»([29])، فهذه هي التي عرضها أبو سفيان على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماها الراوي من عنده أم حبيبة، وقيل: بل كانت كنيتها أيضا أم حبيبة([30]).
ويرى المعلمي اليماني أن أقرب تأويل له أن زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان قبل إسلام أبي سفيان كانت بدون رضاه، فأراد بقوله «أزوجكها» أرضى بالزواج، فأقبل مني الرضا([31]).
وبهذ، فإن الحديث صحيح لا يخالف حقائق التاريخ، ويؤول كما سبق، وهذه كلها تأويلات صحيحة مقبولة تؤيد الحديث الذي معنا، وتبين الإشكال الذي فيه.
خامسا. لقد أخطأ ابن الجوزي عندما أورد حديث "إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوما..." في الموضوعات:
إن هذا الحديث حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه عن عبيد الله بن سعيد، وأبو بكر بن نافع، وعبد بن حميد، قالوا: حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا أفلح بن سعيد، حدثني عبد الله بن رافع - مولى أم سلمة - قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن طالت بك مدة، أوشكت أن ترى قوما يغدون في سخط الله، ويروحون في لعنته، في أيديهم مثل أذناب البقر»([32]).
وقد أكد السيوطي - رحمه الله - صحة هذا الحديث في اللآلئ المصنوعة فقال: "لا والله ما هو بباطل، بل صحيح في نهاية الصحة، أخرجه مسلم عن جماعة من مشايخه، عن أبي عامر في صحيحه([33]).
قال الحافظ ابن حجر في القول المسدد: وهذا الحديث أخرجه مسلم عن جماعة من مشايخه، عن أبي عامر العقدي بهذا، وأخرجه من وجه آخر كما سيأتي، ولم أقف في كتاب الموضوعات لابن الجوزي على شيء حكم عليه بالوضع، وهو في أحد الصححين غير هذا الحديث، وإنها لغفلة شديدة منه.
و"أفلح" المذكور (أي في سند الحديث) يعرف بالقبائي، مدني من أهل قباء، ثقة مشهور، وثقه ابن معين، وابن سعد، وقال ابن معين أيضا والنسائي: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ صالح الحديث، وأخرج له مسلم في صحيحه، وقد روى عنه عبدالله بن المبارك وطبقته، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما إلا أن العقيلي قال: لم يرو عنه ابن مهدي، قلت وليس هذا بجرح، وقد غفل ابن حبان، فذكره في الطبقة الرابعة من الثقات، وقد أخطأ ابن الجوزي في تقليده لابن حبان في هذا الموضع خطأ شديدا، وغلط ابن حبان في "أفلح"، فضعفه بهذا الحديث... وتعقب الذهبي في الميزان كلام ابن حبان هذا، فقال: حديث "أفلح" صحيح غريب، وابن حبان ربما جرح الثقة، حتى كأنه لايدري ما يخرج من رأسه، وقد تابعه سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، كما أخرجه أحمد، والحاكم، والبيهقي في الدلائل، وابن حبان في صحيحه، قال: ولقد أساء ابن الجوزي لذكره في الموضوعات حديثا في صحيح مسلم، وهذا من عجائبه([34]).
والعجيب في هذا أن الحاكم أخرج هذا الحديث في المستدرك، وقال عنه: صحيح على شرط الشيخين ويتلخص تعقبه هذا فيما يأتي:
1. إن الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
2. إن أفلح ثقة مشهور، وثقه ابن معين، وابن سعد، والنسائي، وأبو حاتم الرازي.
3. إن ابن حبان قد غلط في تجريح أفلح وأدخله في الضعفاء مع أنه ذكره في الطبقة الرابعة من ثقاته، وقد قلد ابن الجوزي ابن حبان في هذا فوقع فيما وقع فيه ابن حبان.
4. إن أفلح لم يتفرد بالرواية، بل تابعه عليها سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، وأخرجه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في الدلائل، وابن حبان في صحيحه([35]).
ونخلص من هذا إلى أن أفلح بن سعيد ثقة صحيح الحديث، وعليه فالحديث الذي رواه مسلم - وفي سنده أفلح - حديث صحيح، وقد أخطأ من جعله في الموضوعات.
الخلاصة:
· لقد أجمع نقاد الحديث وصيارفته قديما وحديثا على أن أحاديث صحيح مسلم كلها أحاديث صحيحة، وهؤلاء هم الذين يعتد بقولهم في هذا العلم.
· إن أقوال العلماء عن صحة كل ما في صحيح مسلم كثيرة لا تحصى، ومنها قول مسلم نفسه: "عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار إلى أن له علة تركته، وكل ما قال: إنه صحيح، وليست له علة، فهو هذا الذي أخرجته".
· كان حكم هؤلاء العلماء والنقاد بعدم وجود أي أحاديث ضعيفة أو موضوعة في صحيح مسلم راجع إلى المنهج الصارم الذي وضعه الإمام مسلم في أثناء اختياره للأحاديث التي وضعها في صحيحه.
· إن حديث الإسراء والمعراج الذي رواه مسلم حديث صحيح، رواه البخاري أيضا، وغيرهما، ولفظة: «قبل أن يوحى إليه» صحيحة؛ يدل على هذا قوله في الحديث:«حتى أتوه في ليلة أخرى»، ولم يعين هذه المدة، فيحمل على أن المجيء الثاني للملائكة كان بعد أن أوحي إليه، وحينئذ وقع الإسراء والمعراج، وهذا يعني أن الإسراء كان في اليقظة بعد البعثة، وقبل الهجرة، ويشهد لذلك أيضا قوله في الحديث نفسه أن جبريل - عليه السلام - قال لبواب السماء لما قال له: أبعث؟ قال: نعم، هذا وقد يكون المراد بقوله: «قبل أن يوحى إليه» أي: في شأن الإسراء والمعراج، لا الوحي والرسالة. هذا عن المتن أما السند فلا إشكال فيه إذ إن شريكا هذا قبله أئمة الجرح والتعديل، ووثقوه، كما أنه لم ينفرد به.
· إن حديث «خلق الله التربة يوم السبت» لا يتعارض مع الآثار القائلة بأن أول أيام الخلق الستة يوم الأحد؛ لأن هذه الآثار ما كان منها مرفوعا فهو أضعف من هذا الحديث بكثير، وأما غير المرفوع فعامته من قول عبد الله بن سلام وكعب الأحبار، ومن يأخذ عن الإسرائليات، وبذلك فهو حديث صحيح.
· إن قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم «أزوجكها» يقصد ابنته لا يعني أنه لم يكن متزوجا بها قبل ذلك، ولكن أبو سفيان سأله تجديد عقد النكاح تطيبا لقلبه؛ لأنه ربما كان يرى غضاضة من رياسته ونسبه أن تزوج ابنته بغير رضاه، أو أنه ظن أن إسلام الأب في مثل هذا يقتضي تجديد العقد، وقيل إنه طلب منه أن يتزوج ابنته الأخرى، وكانت تكنى بأم حبيبة أيضا، وقد خفي عليه تحريم الجمع بين الأختين، كما خفي على أم حبيبة نفسها حين طلبت من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج أختها معها، وبهذا يتبين أنه لا إشكال في صحة الحديث كما ذكر العلماء جميعا.
· لقد أخطأ ابن الجوزي عندما أورد حديث «إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوما...» في الموضوعات؛ لأن هذا الحديث حديث صحيح، أكد السيوطي صحته في اللآلئ المصنوعة فقال بأن أفلح - المذكور في السند ويطعن في الحديث بسببه - ثقة مشهور، صالح الحديث، وثقه ابن معين، وابن سعد، والنسائي، وأبو حاتم الرازي، ومن ثم فوضع ابن الجوزي له في الموضوعات غفلة شديدة منه.
ولم ينفرد أفلح بهذه الرواية, بل تابعه عليها سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وأخرجه الحاكم، والبيهقي في الدلائل، وابن حبان في صحيحه.
المراجع
- (*) السنة المطهرة، د. سيد أحمد رمضان المسير، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط3، 1424هـ/ 2003م. أسباب رد الحديث وما ينتج عنها من أنواع، د. محمد محمود بكار، دار طيبة، الرياض، ط2، 1418هـ/ 1997م.
- [1]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 131).
- [2]. علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح)، ابن الصلاح، تحقيق: نور الدين عتر، المكتبة العلمية، بيروت، 1401هـ/ 1981م، ص 24.
- [3]. الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، القاهرة، ط3، 1399هـ/ 1979م، ص 29.
- [4]. المنثورات وعيون المسائل المهمات، النووي، ص 285 نقلا عن: مكانة الصحيحين والدفاع عن صحيح مسلم، عبد العزيز ندى العتيبي الأثري، شركة غراس للنشر والتوزيع، الكويت، ط1، 1427هـ/ 2007م، ص 19.
- [5]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 125).
- [6]. انظر: قطر الولي على حديث الولي، الشوكاني، ص230، نقلا عن: مكانة الصحيحين: عبد العزيز العتيبي، شركة غراس للنشر والتوزيع، الكويت، ط1، 1427هـ/ 2007م، ص25.
- [7]. تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين، الشوكاني، دار القلم، بيروت، ط1، 1984م، ص 3.
- [8]. الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، القاهرة، ط3، 1399هـ/ 1979م، هامش ص29.
- [9]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 126، 127) بتصرف.
- [10]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى السموات وفرض الصلوات، (2/ 603، 604)، رقم (407).
- [11]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التوحيد، باب: ما جاء في قوله عز وجل: ) وكلم الله موسى تكليما (164) (، (13/ 486)، رقم (7517).
- [12]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 488).
- [13]. أضواء على أحاديث الإسراء والمعراج، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، ص 49.
- [14]. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، أبو الحجاج يوسف المزي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1413هـ/ 1992م، (12/ 476، 477).
- [15]. أضواء على أحاديث الإسراء والمعراج، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، ص 49.
- [16]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 488، 489).
- [17]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ذكر إدريس عليه السلام، (6/ 431، 432)، رقم (3342). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى السماوات، وفرض الصلاة، (2/ 604)، رقم (408).
- [18]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 494).
- [19]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام، (9/ 3910)، رقم (6920).
- [20]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، (16/ 146)، رقم (8323). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
- [21]. أضواء على حديث "خلق الله التربة"، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، ص 9، 10.
- [22]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الدعوات، باب: لله مائة اسم غير واحدة، (11/ 218)، رقم (6410). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الدعوات، باب: في أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها، (9/ 3793)، رقم (6683).
- [23]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة وعاشوراء، والاثنين والخميس، (4/ 1817)، رقم (2704).
- [24]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجمعة، باب: فرض الجمعة، (2/ 412)، رقم (876). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجمعة، باب: هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، (4/ 1441)، رقم (1948).
- [25]. الأنوار الكاشفة لما في كتاب: "أضواء على السنة" من الزلل والتضليل والمجازفة، عبد الرحمن بن يحيي المعلمي اليماني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م، ص188، 189 بتصرف.
- [26]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفضائل، باب: من فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه، (9/ 3639)، رقم (6292).
- [27]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3640).
- [28]. دفاع عن حديث فضائل أبي سفيان رضي الله عنه، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1426هـ/ 1995م، ص 19، 18.
- [29]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الرضاع، باب: تحريم الربية وأخت المرأة، (5/ 2251)، رقم (3522).
- [30]. انظر: دفاع عن حديث فضائل أبي سفيان رضي الله عنه، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1426هـ/ 1995م، ص 20، 19.
- [31]. الأنوار الكاشفة، عبد الرحمن المعلمي اليماني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م، ص 224.
- [32]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، (9/ 3960)، رقم (7063).
- [33]. اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، جلال الدين السيوطي، دار المعرفة، بير وت، ط3، 1401هـ/ 1918م، (2/ 183).
- [34]. القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد، ابن حجر العسقلاني، إدارة ترجمان السنة، باكستان، ط 4، 1402هـ/ 1982م، ص 37: 39.
- [35]. الوضع في الحديث، د. عمر بن حسن فلاتة، مكتبة الغزالي، دمشق، مؤسسة مناهل العرفان، بيروت، 1401هـ/ 1981، (2/ 174، 175).
الجواب التفصيلي
دعوى وجود أحاديث ضعيفة وموضوعة في صحيح مسلم(*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض الواهمين أن صحيح مسلم يحوي كثيرا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ويستدلون على ذلك بما ورد في حديث الإسراء الذي رواه مسلم من قول أنس بن مالك «وذلك قبل أن يوحى إليه» إذ تكلم الحفاظ على هذه اللفظة وضعفوها؛ متسائلين كيف تكون ليلة الإسراء التي فرضت فيها الصلاة قبل الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟
وكذلك حديث«خلق الله التربة يوم السبت» وقد اتفق الناس على أن يوم السبت لم يقع فيه خلق، وأن ابتداء الخلق كان يوم الأحد.
وأيضا الحديث الوارد عن أبي سفيان أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسلم: «يا رسول الله أعطني ثلاثا: تزوج ابنتي أم حبيبة، وابني معاوية اجعله كاتبا، وأمرني أن أقاتل الكفار، كما قاتلت المسلمين، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سأله...»، ويرون أن في هذا الحديث من الوهم ما لا يخفى على أحد؛ إذ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج من أم حبيبة وهي بالحبشة، وأصدقها النجاشي، وأبو سفيان أسلم يوم الفتح، فكيف يطلب منه الزواج منها وهو متزوجها في الأصل؟
ويدعون كذلك أن به أحاديث موضوعة بدليل حديث «إن طالت بك مدة أوشك أن ترى قوما يغدون في سخط الله ويروحون في لعنته...» وهذا الحديث قد عده ابن الجوزي في الموضوعات.
ويتساءلون: كيف نسميه صحيحا، وقد ورد فيه أحاديث موضوعة وضعيفة؟ رامين من وراء ذلك إلى زعزعة ثقة المسلمين في صحيح مسلم.
وجوه إبطال الشبهة:
1) لقد أجمع نقاد الحديث وصيارفته - قديما وحديثا - على أن أحاديث صحيح مسلم كلها أحاديث صحيحة، وهؤلاء هم أهل الفن الذين يعتد بأقوالهم في ذلك، ولو أن به أحاديث غير صحيحة لما أجمعوا على ذلك، لا سيما أنهم قد درسوا غير الصحيحين وبينوا أن فيها الصحيح والضعيف.
2) إن حديث الإسراء والمعراج الذي رواه مسلم حديث صحيح، ولفظة «قبل أن يوحى إليه» لا تعني أن الإسراء والمعراج كان قبل البعثة، وإنما المعنى قبل أن يوحى إليه في شأن الإسراء والمعراج، لا الوحي بالرسالة، ويشهد لذلك قوله في الحديث نفسه أن جبريل قال لبواب السماء لما قال له: «أبعث إليه؟ قال: نعم».
3) إن حديث «خلق التربة يوم السبت» حديث صحيح، فالصحيح أن بداية الخلق كانت يوم السبت لا يوم الأحد؛ إذ الآثار القائلة بأن بداية الخلق كانت يوم الأحد ضعيفة لا تصح، عامتها من الإسرائيليات، وتسمية الأيام هذه مأخوذة من أهل الكتاب.
4) إن قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم «أزوجكها»؛ أي أرضى بزواجك من أم حبيبة فاقبل مني الرضا، وطلب ذلك تطيبا لقلبه، ويرى بعضهم أنه طلب منه أن يتزوج ابنته الأخرى التي كانت تكنى بأم حبيبة وخفي عليه تحريم الجمع بينهما.
5) لقد أخطأ ابن الجوزي عندما أورد في كتابه الموضوعات حديث «إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوما...»؛ إذ إنه حديث صحيح رواه مسلم وغيره، و"أفلح" المذكور في السند ثقة مشهور، صالح الحديث، وقد روي هذا الحديث من طرق أخرى تثبت صحته.
أولا. خلو صحيح مسلم من الأحاديث الضعيفة والموضوعة مطلقا، وإجماع الأمة على صحة كل ما فيه:
لقد أجمع نقاد الحديث وصيارفته قديما وحديثا على أن أحاديث صحيح مسلم صحيحة كلها، وأجمعت الأمة كذلك على صحة كل ما جاء في الصحيحين، وقد كثرت أقوال علماء الحديث في ذلك، وهم أهل هذا العلم الذين قضوا حياتهم في دراسته؛ حتى عرفوا كل صغيرة وكبيرة فيه، فهم الذين يعتد بقولهم في ذلك، وسوف نقتصر على ذكر بعض هذه الأقوال ليتبين لكل مدع صحة كل ما في صحيح مسلم من أحاديث.
يقول الإمام مسلم وهو مصنف الصحيح: "عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أن له علة تركته، وكل ما قال: إنه صحيح، وليست له علة، فهو هذا الذي أخرجته"([1]).
ويقول ابن الصلاح (ت: 643هـ) في بيان أقسام الحديث الصحيح: "وأعلاها الأول، وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيرا "صحيح متفق عليه" يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم، لا اتفاق الأمة عليه، لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه؛ لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول"([2]).
وقد جزم ابن كثير بأنه ليس في الصحيحين حديث ضعيف، فقال: "ثم حكي أن الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول، سوى أحرف يسيرة، انتقدها بعض الحفاظ، كالدارقطني وغيره، ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث؛ لأن الأمة معصومة عن الخطأ، فما ظنت صحته ووجب عليها العمل به، لا بد وأن يكون صحيحا في نفس الأمر، وهذا جيد"([3]).
وقد سئل النووي - رحمه الله - هل في صحيح البخاري ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، والمسانيد المشهورة، حديث غير صحيح وأحاديث باطلة.
أو في بعضها دون بعض؟
أجاب رحمه الله: أما البخاري ومسلم فأحاديثهما صحيحة، وأما باقي السنن وأكثر المسانيد؛ ففيها الصحيح، والحسن، والضعيف، والمنكر، والباطل([4]).
وقال النووي في مقدمة شرح صحيح مسلم: "... وإنما يفترق الصحيحان وغيرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يجب العمل به مطلقا، وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر، وتوجد فيه شروط الصحيح([5]).
وقال الشوكاني في شأن الصحيحين: "ولا حاجة لنا في الكلام على رجال إسناده، فقد أجمع أهل هذا الشأن أن أحاديث الصحيحين أو أحدهما، كلها من المعلوم صدقه، المقبول المجمع على ثبوته، وعند هذه الإجماعات تندفع كل شبهة، ويزول كل تشكيك"([6]).
وقال أيضا: "واعلم أن ما كان من أحاديث هذا الكتاب في أحد الصحيحين فقد أسفر فيه صبح الصحة لكل ذي عينين؛ لأنه قد قطع عرق النزاع ما صح من الإجماع على تلقي جميع الطوائف الإسلامية لما فيها بالقبول، وهذه رتبة فوق رتبة التصحيح عند جميع أهل المعقول والمنقول، على أنهما قد جمعا في كتابيهما أنواع الصحيح، مما اقتدى به وبرجاله من تصدى بعدها للتصحيح"([7]).
وقال المحدث الشيخ أحمد شاكر: "الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر، أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها طعن أو ضعف، وإنما انتقد الدراقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه، وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها، فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين، أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها، وانتقدوها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم، واحكم عن بينة، والله الهادي إلى سواء السبيل"([8]).
هذه هي آراء نقاد الحديث وصيارفته في صحيح مسلم خاصة، وفي الصحيحين عامة، وما حكموا بعدم وجود أي من الأحاديث الضعيفة والموضوعة فيه إلا للمنهج الصارم الذي وضعه الإمام مسلم في اختياره للأحاديث التي جمعها في صحيحه، فقد سلك الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه طرقا بالغة في الاحتياط والإتقان، والورع والمعرفة، وذلك مصرح بكمال ورعه، وتمام معرفته، وغزارة علومه، وشدة تحقيقه بحفظه، وتشدده في هذا الشأن، وتمكنه من أنواع معارفه، وعلو محله في التمييز بين دقائق علومه لا يهتدي إليها إلا أفراد في الأعصار، فرحمه الله،... وإنه لا يعرف حقيقة حاله إلا من أحسن النظر في كتابه مع كمال أهليته، ومعرفته بأنواع العلوم التي يفتقر إليها صاحب هذه الصناعة([9]).
ونخلص من هذا كله إلى أن كل ما في صحيح مسلم من أحاديث هي أحاديث صحيحة لا ضعف فيها، وأن الأمثلة التي استدل بها الزاعمون على وجود حديث ضعيف أو موضوع فيه لا تثبت أمام النقد الحديثي النزيه، والدقة العلمية المجردة، وتحري الحق.
ولو أن به شيئا من الضعيف أو الموضوع؛ لما أجمع العلماء والأمة على صحة ما فيه لا سيما وأنهم درسوا كل كتب السنة، وبينوا أن منها ما هو صحيح كله دون وجود ضعيف أو موضوع فيه كصحيحي البخاري ومسلم، وأن منها ما هو يشتمل على الصحيح والضعيف كالسنن والمسانيد وغيرها.
ثانيا. حديث الإسراء والمعراج وما جاء فيه من لفظة "قبل أن يوحى إليه" حديث صحيح:
إن حديث الإسراء الذي أورده المشككون حديث صحيح، فقد أورده مسلم في صحيحه من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر قال: «سمعت أنس بن مالك يحدثنا عن ليلة أسرى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسجد الكعبة، أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام...»الحديث ([10]).
وقد روى البخاري هذا الحديث أيضا عن عبد العزيز بن عبد الله، حدثني سليمان عن شريك بن عبد الله أنه قال: «سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم: أيهم هو؟ فقال أوسطهم: هو خيرهم...»الحديث([11]).
قال ابن حجر: وصرح المذكورون(يعني: الخطابي، وابن حزم، وعبدالحق، وغيرهم) أن شريكا تفرد بذلك، وفي دعوى التفرد نظر؛ فقد وافقه كثير بن خنيس... عن أنس، كما أخرجه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في كتاب "المغازي" من طريقه([12]).
وقال ابن حزم: الآفة من شريك، ورد أبو الفضل بن طاهر على ذلك بقوله: تعليل الحديث بتفرد شريك، ودعوى ابن حزم أن الآفة منه شيء لم يسبق إليه؛ فإن شريكا قبله أئمة الجرح والتعديل ووثقوه، ورووا عنه، وأدخلوا حديثه في تصانيفهم، واحتجوا به([13]).
قال الحافظ المزي في تهذيبه: "قال عباس الدوري عن يحيى بن معين، والنسائي: ليس به بأس، وقال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال: ابن عدي: وشريك رجل مشهور من أهل المدينة، حدث عنه مالك وغير مالك من الثقات، وحديثه إذا روى عنه ثقة لا بأس به إلا أن يروي عنه ضعيف([14]).
قال ابن طاهر: وحديثه هذا رواه عنه ثقة وهو سليمان بن بلال([15])، وإذا كان الحديث صحيح الإسناد كما بينا، فالسؤال الآن: كيف يكون الإسراء قبل البعثة؟
قال ابن حجر: قوله«فلم يرهم» أي: بعد ذلك «حتى أتوه ليلة أخرى» ولم يعين المدة التي بين المجيئين، فيحمل على أن المجيء الثاني كان بعد أن أوحي إليه، وحينئذ وقع الإسراء والمعراج، وإذا كان بين المجيئين مدة فلا فرق في ذلك بين أن تكون تلك المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين، وبهذا يرتفع الإشكال عن رواية شريك، ويحصل به الوفاق أن الإسراء كان في اليقظة، بعد البعثة وقبل الهجرة، ويسقط تشنيع الخطابي وابن حزم، وغيرهما بأن شريكا خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثة.
وأما ما ذكره بعض الشراح أنه كان بين الليلتين اللتين أتاه فيهما الملائكة سبع، وقيل: تسع، وقيل: عشر، وقيل: ثلاثة عشر، فيحمل على إرادة السنين لا كما فهمه الشارح المذكور أنها ليال، وبذلك جزم ابن القيم في هذا الحديث نفسه، وأقوى ما يستدل به أن المعراج بعد البعثة، قوله في هذا الحديث نفسه أن جبريل قال لبواب السماء إذ قال له: «أبعث؟ قال: نعم»؛ فإنه ظاهر في أن المعراج كان بعد البعثة، فيتعين ما ذكرته من التأويل([16]).
وقال ابن حجر أيضا: "وأجاب بعضهم عن قوله: "أن القبلية هنا في أمر مخصوص، وليست مطلقة، واحتمل أن يكون المعنى قبل أن يوحى إليه في شأن الإسراء والمعراج مثلا؛ أي: أن ذلك وقع بغتة قبل أن ينذر به، ويؤيده قوله في حديث الزهري:«فرج سقف بيتي»([17])([18]).
وبهذا يتبين أنه لا إشكال في هذا الحديث سندا ولا متنا؛ إذ إن شريكا هذا قبله أئمة الجرح والتعديل، وأن هذا الحديث رواه عن ثقة، وأنه لم ينفرد به، فقد وافقه عليه غيره بذلك، ولا إشكال في الجمع بين قوله:«قبل أن يوحي إليه»، وقوله: «وقد بعث؟ قال: نعم».
ثالثا. إن حديث "خلق الله التربة" صحيح، ولا تعارض فيه مع الآثار القائلة بأن أول الخلق يوم الأحد:
إن حديث "خلق الله التربة" حديث صحيح الإسناد رواه الإمام مسلم في صحيحه
من حديث أبي هريرة قال: «أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال: خلق الله - عز وجل - التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم - عليه السلام - بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل»([19]).
ورواه أحمد أيضا في مسنده، بسند صحيح([20])، ورواه النسائي في التفسير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن جرير، وغيرهم([21]).
ومن ثم، فإن قولهم: إن هذا الحديث مخالف للآثار القائلة بأن أول الخلق كان يوم الأحد، وهو الذي نزل عليه أسماء الأيام "الأحد، الاثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس" - قول لا يصح؛ لأن الآثار القائلة بأن ابتداء الخلق كان يوم الأحد، ما كان منها مرفوعا فهو أضعف من هذا الحديث بكثير، وأما غير المرفوع فعامته من قول عبد الله بن سلام وكعب الأحبار، ووهب بن منبه، ومن يأخذ من الإسرائليات، وتسمية الأيام كانت قبل الإسلام تقليدا لأهل الكتاب، فجاء الإسلام وقد اشتهرت وانتشرت فلم ير ضرورة إلى تغييرها؛ لأن إقرار الأسماء التي قد عرفت واشتهرت لا يعد اعترافا بمناسبتها لما أخذت منه أو بنيت عليه، إذ قد أصبحت لا تدل على ذلك، وإنما تدل على مسمياتها فحسب، ولأن القضية ليست مما يجب اعتقاده أو يتعلق به نفسه حكم شرعي، فلم تستحق أن يحتاط لها بتغيير ما اشتهر وانتشر من تسمية الأيام.
وتلك التسمية قد خصت أيام لم يأت في القرآن منها شيء، وجاء فيه اسما اليومين الباقيين - الجمعة والسبت؛ لأنه لا تعلق لهما بتلك التسمية المدخولة وعلى مقتضى الحديث يكون الجمعة سابعا، وهو وتر مناسب لفضل الجمعة،
كما ورد«إن الله وتر يحب الوتر»([22])
ويضاف إلى هذا اليوم يوم الإثنين، فإنه على هذا الحديث يكون الثالث، وهو المناسب لفضله، وفي الصحيح:
«فيه ولدت، وفيه أنزل علي»([23])
فأما الخميس فإنما ورد فضل صومه، وقد يوجه ذلك بأنه لما امتنع صوم اليوم الفاضل وهو الجمعة لأنه عيد الأسبوع عوض عنه بصوم اليوم الذي قبله، وفي ذلك ما يقوي شبه الجمعة بالعيد، وفي الصحيحين في حديث الجمعة
«نحن الآخرون السابقون»([24])([25]).
وبهذا يتبين أن هذا الحديث حديث صحيح لا إشكال فيه؛ إذ إن الصحيح أن بداية الخلق كانت يوم السبت لا يوم الأحد، كما ثبت بهذا الحديث الشريف.
رابعا. إن قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: «أزوجكها» يعني: أرضى بالزواج فاقبل مني الرضا، ولا يعني أنه لم يتزوجها من قبل:
إن حديث أبي سفيان([26]) يرجع الطعن فيه إلي أن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش، وولدت له، وهاجر بها وهما مسلمان إلى أرض الحبشة، لكنه تنصر، وثبتت أم حبيبة على دينها، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي يخطبها عليه، فزوجه إياها، وأصدقها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة آلاف درهم، وذلك سنة سبع من الهجرة، وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة فدخل عليها، فنحت بساط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يجلس عليه، ولا خلاف على أن أبا سفيان أسلم يوم الفتح سنة ثمان، فكيف طلب أبو سفيان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزواج بأم حبيبة، وهي متزوجة منه قبل الهجرة؟
أجاب الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم على ذلك الادعاء بقوله: وما توهمه ابن حزم من منافاة هذا الحديث لتقدم زواجها غلط منه وغفلة؛ لأنه يحتمل أنه(أي: أبوسفيان) سأله تجديد عقد النكاح تطييبا لقلبه؛ لأنه كان ربما يرى عليها غضاضة من رياسته ونسبه أن تزوج ابنته بغير رضاه، أو أنه ظن أن إسلام الأب في مثل هذا يقتضي تجديد العقد، وقد خفي أوضح من هذا على أكبر مرتبة من أبي سفيان ممن كثر علمه، وطالت صحبته، وهذا كلام أبي عمرو - رحمه الله(يعني: ابن الصلاح).
وليس في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جدد العقد، ولا قال لأبي سفيان إنه يحتاج إلى تجديده، فلعله - صلى الله عليه وسلم - أراد بقوله: نعم إن مقصودك يحصل، وإن لم يكن بحقيقة عقد([27]).
وقالت طائفة من العلماء: لما سمع أبو سفيان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق نساءه لما آلى منهن، أقبل إلى المدينة، وقال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما قال، ظنا منه أنه طلقها فيمن طلق.
وقال الزرقاني: وقد ظهر لي الجواب بأن المعنى يديم التزوييج ولا يطلق... ثم قال: ولا ينافيه قوله: "عندي"؛ لأن الإضافة لأدنى ملابسة، ولا بأس به، فإنه قريب"([28]).
وقالت طائفة أخرى: إن الحديث صحيح، ولكن وقع الغلط والوهم من أحد الرواة في تسمية أم حبيبة؛ إذ إن التي عرضها أبو سفيان على النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته الأخرى، وليست أم حبيبة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يبعد للجميع خفاء التحريم عليه (أي: أبوسفيان رضي الله عنه)، فقد خفي ذلك على ابنته وهي أفقه منه وأعلم حين قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:«هل لك في أختي بنت أبي سفيان؟ فقال: "أفعل ماذا؟" قلت: تنكحها، قال: "أو تحبين ذلك؟" قالت: لست لك بمخلية، وأحب من شركني في الخير أختي، قال: فإنها لا تحل لي»([29])، فهذه هي التي عرضها أبو سفيان على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماها الراوي من عنده أم حبيبة، وقيل: بل كانت كنيتها أيضا أم حبيبة([30]).
ويرى المعلمي اليماني أن أقرب تأويل له أن زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان قبل إسلام أبي سفيان كانت بدون رضاه، فأراد بقوله «أزوجكها» أرضى بالزواج، فأقبل مني الرضا([31]).
وبهذ، فإن الحديث صحيح لا يخالف حقائق التاريخ، ويؤول كما سبق، وهذه كلها تأويلات صحيحة مقبولة تؤيد الحديث الذي معنا، وتبين الإشكال الذي فيه.
خامسا. لقد أخطأ ابن الجوزي عندما أورد حديث "إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوما..." في الموضوعات:
إن هذا الحديث حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه عن عبيد الله بن سعيد، وأبو بكر بن نافع، وعبد بن حميد، قالوا: حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا أفلح بن سعيد، حدثني عبد الله بن رافع - مولى أم سلمة - قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن طالت بك مدة، أوشكت أن ترى قوما يغدون في سخط الله، ويروحون في لعنته، في أيديهم مثل أذناب البقر»([32]).
وقد أكد السيوطي - رحمه الله - صحة هذا الحديث في اللآلئ المصنوعة فقال: "لا والله ما هو بباطل، بل صحيح في نهاية الصحة، أخرجه مسلم عن جماعة من مشايخه، عن أبي عامر في صحيحه([33]).
قال الحافظ ابن حجر في القول المسدد: وهذا الحديث أخرجه مسلم عن جماعة من مشايخه، عن أبي عامر العقدي بهذا، وأخرجه من وجه آخر كما سيأتي، ولم أقف في كتاب الموضوعات لابن الجوزي على شيء حكم عليه بالوضع، وهو في أحد الصححين غير هذا الحديث، وإنها لغفلة شديدة منه.
و"أفلح" المذكور (أي في سند الحديث) يعرف بالقبائي، مدني من أهل قباء، ثقة مشهور، وثقه ابن معين، وابن سعد، وقال ابن معين أيضا والنسائي: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ صالح الحديث، وأخرج له مسلم في صحيحه، وقد روى عنه عبدالله بن المبارك وطبقته، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما إلا أن العقيلي قال: لم يرو عنه ابن مهدي، قلت وليس هذا بجرح، وقد غفل ابن حبان، فذكره في الطبقة الرابعة من الثقات، وقد أخطأ ابن الجوزي في تقليده لابن حبان في هذا الموضع خطأ شديدا، وغلط ابن حبان في "أفلح"، فضعفه بهذا الحديث... وتعقب الذهبي في الميزان كلام ابن حبان هذا، فقال: حديث "أفلح" صحيح غريب، وابن حبان ربما جرح الثقة، حتى كأنه لايدري ما يخرج من رأسه، وقد تابعه سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، كما أخرجه أحمد، والحاكم، والبيهقي في الدلائل، وابن حبان في صحيحه، قال: ولقد أساء ابن الجوزي لذكره في الموضوعات حديثا في صحيح مسلم، وهذا من عجائبه([34]).
والعجيب في هذا أن الحاكم أخرج هذا الحديث في المستدرك، وقال عنه: صحيح على شرط الشيخين ويتلخص تعقبه هذا فيما يأتي:
1. إن الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
2. إن أفلح ثقة مشهور، وثقه ابن معين، وابن سعد، والنسائي، وأبو حاتم الرازي.
3. إن ابن حبان قد غلط في تجريح أفلح وأدخله في الضعفاء مع أنه ذكره في الطبقة الرابعة من ثقاته، وقد قلد ابن الجوزي ابن حبان في هذا فوقع فيما وقع فيه ابن حبان.
4. إن أفلح لم يتفرد بالرواية، بل تابعه عليها سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، وأخرجه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في الدلائل، وابن حبان في صحيحه([35]).
ونخلص من هذا إلى أن أفلح بن سعيد ثقة صحيح الحديث، وعليه فالحديث الذي رواه مسلم - وفي سنده أفلح - حديث صحيح، وقد أخطأ من جعله في الموضوعات.
الخلاصة:
· لقد أجمع نقاد الحديث وصيارفته قديما وحديثا على أن أحاديث صحيح مسلم كلها أحاديث صحيحة، وهؤلاء هم الذين يعتد بقولهم في هذا العلم.
· إن أقوال العلماء عن صحة كل ما في صحيح مسلم كثيرة لا تحصى، ومنها قول مسلم نفسه: "عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار إلى أن له علة تركته، وكل ما قال: إنه صحيح، وليست له علة، فهو هذا الذي أخرجته".
· كان حكم هؤلاء العلماء والنقاد بعدم وجود أي أحاديث ضعيفة أو موضوعة في صحيح مسلم راجع إلى المنهج الصارم الذي وضعه الإمام مسلم في أثناء اختياره للأحاديث التي وضعها في صحيحه.
· إن حديث الإسراء والمعراج الذي رواه مسلم حديث صحيح، رواه البخاري أيضا، وغيرهما، ولفظة: «قبل أن يوحى إليه» صحيحة؛ يدل على هذا قوله في الحديث:«حتى أتوه في ليلة أخرى»، ولم يعين هذه المدة، فيحمل على أن المجيء الثاني للملائكة كان بعد أن أوحي إليه، وحينئذ وقع الإسراء والمعراج، وهذا يعني أن الإسراء كان في اليقظة بعد البعثة، وقبل الهجرة، ويشهد لذلك أيضا قوله في الحديث نفسه أن جبريل - عليه السلام - قال لبواب السماء لما قال له: أبعث؟ قال: نعم، هذا وقد يكون المراد بقوله: «قبل أن يوحى إليه» أي: في شأن الإسراء والمعراج، لا الوحي والرسالة. هذا عن المتن أما السند فلا إشكال فيه إذ إن شريكا هذا قبله أئمة الجرح والتعديل، ووثقوه، كما أنه لم ينفرد به.
· إن حديث «خلق الله التربة يوم السبت» لا يتعارض مع الآثار القائلة بأن أول أيام الخلق الستة يوم الأحد؛ لأن هذه الآثار ما كان منها مرفوعا فهو أضعف من هذا الحديث بكثير، وأما غير المرفوع فعامته من قول عبد الله بن سلام وكعب الأحبار، ومن يأخذ عن الإسرائليات، وبذلك فهو حديث صحيح.
· إن قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم «أزوجكها» يقصد ابنته لا يعني أنه لم يكن متزوجا بها قبل ذلك، ولكن أبو سفيان سأله تجديد عقد النكاح تطيبا لقلبه؛ لأنه ربما كان يرى غضاضة من رياسته ونسبه أن تزوج ابنته بغير رضاه، أو أنه ظن أن إسلام الأب في مثل هذا يقتضي تجديد العقد، وقيل إنه طلب منه أن يتزوج ابنته الأخرى، وكانت تكنى بأم حبيبة أيضا، وقد خفي عليه تحريم الجمع بين الأختين، كما خفي على أم حبيبة نفسها حين طلبت من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج أختها معها، وبهذا يتبين أنه لا إشكال في صحة الحديث كما ذكر العلماء جميعا.
· لقد أخطأ ابن الجوزي عندما أورد حديث «إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوما...» في الموضوعات؛ لأن هذا الحديث حديث صحيح، أكد السيوطي صحته في اللآلئ المصنوعة فقال بأن أفلح - المذكور في السند ويطعن في الحديث بسببه - ثقة مشهور، صالح الحديث، وثقه ابن معين، وابن سعد، والنسائي، وأبو حاتم الرازي، ومن ثم فوضع ابن الجوزي له في الموضوعات غفلة شديدة منه.
ولم ينفرد أفلح بهذه الرواية, بل تابعه عليها سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وأخرجه الحاكم، والبيهقي في الدلائل، وابن حبان في صحيحه.
المراجع
- (*) السنة المطهرة، د. سيد أحمد رمضان المسير، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط3، 1424هـ/ 2003م. أسباب رد الحديث وما ينتج عنها من أنواع، د. محمد محمود بكار، دار طيبة، الرياض، ط2، 1418هـ/ 1997م.
- [1]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 131).
- [2]. علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح)، ابن الصلاح، تحقيق: نور الدين عتر، المكتبة العلمية، بيروت، 1401هـ/ 1981م، ص 24.
- [3]. الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، القاهرة، ط3، 1399هـ/ 1979م، ص 29.
- [4]. المنثورات وعيون المسائل المهمات، النووي، ص 285 نقلا عن: مكانة الصحيحين والدفاع عن صحيح مسلم، عبد العزيز ندى العتيبي الأثري، شركة غراس للنشر والتوزيع، الكويت، ط1، 1427هـ/ 2007م، ص 19.
- [5]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 125).
- [6]. انظر: قطر الولي على حديث الولي، الشوكاني، ص230، نقلا عن: مكانة الصحيحين: عبد العزيز العتيبي، شركة غراس للنشر والتوزيع، الكويت، ط1، 1427هـ/ 2007م، ص25.
- [7]. تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين، الشوكاني، دار القلم، بيروت، ط1، 1984م، ص 3.
- [8]. الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، القاهرة، ط3، 1399هـ/ 1979م، هامش ص29.
- [9]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 126، 127) بتصرف.
- [10]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى السموات وفرض الصلوات، (2/ 603، 604)، رقم (407).
- [11]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التوحيد، باب: ما جاء في قوله عز وجل: ) وكلم الله موسى تكليما (164) (، (13/ 486)، رقم (7517).
- [12]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 488).
- [13]. أضواء على أحاديث الإسراء والمعراج، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، ص 49.
- [14]. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، أبو الحجاج يوسف المزي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1413هـ/ 1992م، (12/ 476، 477).
- [15]. أضواء على أحاديث الإسراء والمعراج، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، ص 49.
- [16]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 488، 489).
- [17]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ذكر إدريس عليه السلام، (6/ 431، 432)، رقم (3342). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى السماوات، وفرض الصلاة، (2/ 604)، رقم (408).
- [18]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 494).
- [19]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام، (9/ 3910)، رقم (6920).
- [20]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، (16/ 146)، رقم (8323). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
- [21]. أضواء على حديث "خلق الله التربة"، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، ص 9، 10.
- [22]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الدعوات، باب: لله مائة اسم غير واحدة، (11/ 218)، رقم (6410). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الدعوات، باب: في أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها، (9/ 3793)، رقم (6683).
- [23]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة وعاشوراء، والاثنين والخميس، (4/ 1817)، رقم (2704).
- [24]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجمعة، باب: فرض الجمعة، (2/ 412)، رقم (876). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجمعة، باب: هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، (4/ 1441)، رقم (1948).
- [25]. الأنوار الكاشفة لما في كتاب: "أضواء على السنة" من الزلل والتضليل والمجازفة، عبد الرحمن بن يحيي المعلمي اليماني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م، ص188، 189 بتصرف.
- [26]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفضائل، باب: من فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه، (9/ 3639)، رقم (6292).
- [27]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3640).
- [28]. دفاع عن حديث فضائل أبي سفيان رضي الله عنه، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1426هـ/ 1995م، ص 19، 18.
- [29]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الرضاع، باب: تحريم الربية وأخت المرأة، (5/ 2251)، رقم (3522).
- [30]. انظر: دفاع عن حديث فضائل أبي سفيان رضي الله عنه، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1426هـ/ 1995م، ص 20، 19.
- [31]. الأنوار الكاشفة، عبد الرحمن المعلمي اليماني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م، ص 224.
- [32]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، (9/ 3960)، رقم (7063).
- [33]. اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، جلال الدين السيوطي، دار المعرفة، بير وت، ط3، 1401هـ/ 1918م، (2/ 183).
- [34]. القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد، ابن حجر العسقلاني، إدارة ترجمان السنة، باكستان، ط 4، 1402هـ/ 1982م، ص 37: 39.
- [35]. الوضع في الحديث، د. عمر بن حسن فلاتة، مكتبة الغزالي، دمشق، مؤسسة مناهل العرفان، بيروت، 1401هـ/ 1981، (2/ 174، 175).