نص السؤال
إن مُعاوِيةَ رضيَ اللهُ عنه لم يكن مِن عدولِ الصحابة؛ فقد كان يَبيعُ الأصنامَ، ويُحِلُّ الرِّبا؛ وهذا مُسقِطٌ لعدالتِه.
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
ما الجوابُ عن الطعنِ في عدالةِ مُعاوِيةَ رضيَ اللهُ عنه؟
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
ويتبيَّنُ ذلك مِن وجوه:
1- دعاءُ النبيِّ ^ لمُعاوِيةَ بالهدايةِ، لا يستقيمُ مع هذه الشبهة:
فقد جاء في الحديثِ الصحيحِ: أن النبيَّ ^ دعا لمُعاوِيةَ رضيَ اللهُ عنه، فقال: «اللَّهُمَّ، اجْعَلْهُ هادِيًا مَهْديًّا، واهْدِ به»؛ رواه البخاريُّ في «التاريخِ الكبير» (5/240)، والتِّرمِذيُّ في «جامعِه» (3843)، ولا يكونُ هذا الدعاءُ متحقِّقًا لو صَحَّ بيعُهُ الأصنامَ؛ لكونِهِ حينئذٍ مُضِلًّا، لا هاديًا.
2- ذكَرَ أهلُ العِلمِ أن الخبَرَ الذي فيه بيعُ مُعاوِيةَ للأصنامِ مِن وضعِ الشِّيعة:
حيثُ جاء في «المنتخَبِ مِن العِلَل»: قال الخلَّالُ (227): «قال مُهَنَّا: سألتُ أحمدَ عن حديثِ الأعمشِ، عن أبي وائلٍ؛ أن مُعاوِيةَ لَعِبَ بالأصنامِ، فقال: ما أغلَظَ أهلَ الكوفةِ على أصحابِ رسولِ الله»، ولم يَصِحَّ الحديثُ، وقال: «تكلَّم به رجُلٌ مِن الشيعة».
3- الروايةُ التي فيها بيعُ مُعاوِيةَ للأصنامِ، لا تَصِحُّ:
روَى البَلَاذُريُّ في «أنسابِ الأشراف» (5/137)، مِن طريقِ جَريرٍ، عن الأعمشِ، عن أبي وائلٍ، قال: «كُنتُ مع مسروقٍ بالسِّلْسِلةِ، فمرَّت به سفائنُ فيها أصنامٌ مِن صُفْرٍ، تماثيلُ الرجالِ، فسأَلهم عنها، فقالوا: بعَثَ بها مُعاوِيةُ إلى أرضِ السِّنْدِ والهِنْدِ تُباعُ له، فقال مسروقٌ: لو أَعلَمُ أنهم يقتُلُونَني، لَغَرَّقْتُها، ولكنِّي أخافُ أن يعذِّبوني، ثم يَفْتِنوني، واللهِ ما أَدْري أيُّ الرجُلَيْنِ مُعاوِيةُ؟! أرَجُلٌ قد يَئِسَ مِن الآخِرةِ، فهو يتمتَّعُ مِن الدنيا، أم رَجُلٌ زُيِّنَ له سوءُ عمَلِه؟!»؛ وهذه الروايةُ لا تَصِحُّ؛ فالروايةُ معلولةٌ؛ فالأعمشُ لم يصرِّحْ بالسماعِ؛ وهذا مَظِنَّةُ ثبوتِ التدليسِ؛ بسببِ نكارةِ الحديث.
4- القولُ بجوازِ رِبا الفضلِ، وأنه لا يحرُمُ إلا نسيئةً، لم ينفرِدْ مُعاوِيةُ رضيَ اللهُ عنه به، وكانوا متأوِّلينَ في ذلك، أو لم يبلُغْهُمُ الحديثُ المانعُ:
بل جاء عن جمعٍ مِن الصحابة: عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، وابنِ عُمَرَ، والبَرَاءِ بنِ عازبٍ، وزَيْدِ بنِ أَرْقَمَ، رضيَ اللهُ عنهم.
وفي «صحيحِ مسلمٍ» (1594)، مِن طريقِ سعيدٍ الجُرَيْريِّ، عن أبي نَضْرةَ، قال: «سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: أَيَدًا بِيَدٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟ إِنَّا سَنَكْتُبُ إِلَيْهِ فَلَا يُفْتِيكُمُوهُ ...»، الحديثَ.
وجاء عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضيَ الله عنه في «صحيحِ مسلم» (1594)، عن أبي نَضْرةَ، قال: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا، فَإِنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: مَا زَادَ فَهُوَ رِبًا، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِمَا ... وقد رَجَعا عن هذا»، الحديثَ.
وفي «صحيحِ مسلمٍ» (1594)، عن أبي نَضْرةَ، قال: «فَأَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بَعْدُ، فَنَهَانِي، وَلَمْ آتِ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَبُو الصَّهْبَاءِ؛ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهُ بِمَكَّةَ، فَكَرِهَهُ».
ومُعاوِيةُ رضيَ الله عنه وغيرُهُ مِن الصحابة ممَّن قالوا بجوازِ رِبا الفضلِ، قالوا ذلك متأوِّلينَ: أن الرِّبا لا يحرُمُ إلا في النَّسيئة.
وقد يُحمَلُ قولُ مَن قال مِن الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم بجوازِ رِبا الفضلِ، على أن تحريمَهُ لم يبلُغْهُ عن رسولِ اللهِ ^. ففي «صحيحِ مسلِمٍ» (4037): قال مُعاوِيةُ رضيَ اللهُ عنه - لمَّا بلَغهُ عن عُبَادةَ النهيُ عن رِبا الفضلِ -: «أَلَا مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ^ أَحَادِيثَ قَدْ كُنَّا نَشْهَدُهُ وَنَصْحَبُهُ، فَلَمْ نَسْمَعْهَا مِنْهُ؟!».
مختصر الجواب
مختصَرُ الإجابة:
هذه الشبهةُ مبنيَّةٌ على عدمِ تمييزٍ بين المرويَّاتِ صحيحِها وضعيفِها، والجوابُ عنها يحتاجُ إلى تمييزِ الصحيحِ والضعيفِ منها في هذا الموضوع.
فلم يَصِحَّ أن مُعاوِيةَ كان يَبيعُ الأصنامَ، بل ذلك مِن وضعِ الشِّيعة.
أما إباحتُهُ لرِبا الفضلِ، فهذا لم ينفرِدْ به مُعاوِيةُ رضيَ اللهُ عنه، بل هو قولُ ابنِ عبَّاسٍ وغيرِهِ مِن الصحابة، وكانوا في ذلك مجتهِدينَ متأوِّلين، وقد يقالُ: «إن الحديثَ في النهيِ لم يبلُغْهم». ويضافُ إلى ذلك: أن معاويةَ رضيَ اللهُ عنه قد دعا له النبيِّ ^ بالهدايةِ؛ وهذا لا يستقيمُ مع هذه الشبهة
خاتمة الجواب
خاتِمةُ الجواب - توصية:
إن النظرَ النقديَّ في الرواياتِ المناقِضةِ للأصولِ الثابتةِ في عدالةِ الصحابةِ، أمرٌ لازمٌ، ويُرجَعُ فيه إلى جهابذةِ النُّقَّادِ مِن أئمَّةِ الحديثِ الذين صانوا دِينَ النبيِّ ^، وحَفِظوه. ويُوصَى بالرجوعِ إلى كتابِ «فضائلِ الصحابةِ» للإمامِ أحمدَ؛ لمعرفةِ ما جاء في فضلِ مُعاوِيةَ رضيَ اللهُ عنه مما يناقِضُ هذه الروايات.
مختصر الجواب
مختصَرُ الإجابة:
هذه الشبهةُ مبنيَّةٌ على عدمِ تمييزٍ بين المرويَّاتِ صحيحِها وضعيفِها، والجوابُ عنها يحتاجُ إلى تمييزِ الصحيحِ والضعيفِ منها في هذا الموضوع.
فلم يَصِحَّ أن مُعاوِيةَ كان يَبيعُ الأصنامَ، بل ذلك مِن وضعِ الشِّيعة.
أما إباحتُهُ لرِبا الفضلِ، فهذا لم ينفرِدْ به مُعاوِيةُ رضيَ اللهُ عنه، بل هو قولُ ابنِ عبَّاسٍ وغيرِهِ مِن الصحابة، وكانوا في ذلك مجتهِدينَ متأوِّلين، وقد يقالُ: «إن الحديثَ في النهيِ لم يبلُغْهم». ويضافُ إلى ذلك: أن معاويةَ رضيَ اللهُ عنه قد دعا له النبيِّ ^ بالهدايةِ؛ وهذا لا يستقيمُ مع هذه الشبهة
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
ويتبيَّنُ ذلك مِن وجوه:
1- دعاءُ النبيِّ ^ لمُعاوِيةَ بالهدايةِ، لا يستقيمُ مع هذه الشبهة:
فقد جاء في الحديثِ الصحيحِ: أن النبيَّ ^ دعا لمُعاوِيةَ رضيَ اللهُ عنه، فقال: «اللَّهُمَّ، اجْعَلْهُ هادِيًا مَهْديًّا، واهْدِ به»؛ رواه البخاريُّ في «التاريخِ الكبير» (5/240)، والتِّرمِذيُّ في «جامعِه» (3843)، ولا يكونُ هذا الدعاءُ متحقِّقًا لو صَحَّ بيعُهُ الأصنامَ؛ لكونِهِ حينئذٍ مُضِلًّا، لا هاديًا.
2- ذكَرَ أهلُ العِلمِ أن الخبَرَ الذي فيه بيعُ مُعاوِيةَ للأصنامِ مِن وضعِ الشِّيعة:
حيثُ جاء في «المنتخَبِ مِن العِلَل»: قال الخلَّالُ (227): «قال مُهَنَّا: سألتُ أحمدَ عن حديثِ الأعمشِ، عن أبي وائلٍ؛ أن مُعاوِيةَ لَعِبَ بالأصنامِ، فقال: ما أغلَظَ أهلَ الكوفةِ على أصحابِ رسولِ الله»، ولم يَصِحَّ الحديثُ، وقال: «تكلَّم به رجُلٌ مِن الشيعة».
3- الروايةُ التي فيها بيعُ مُعاوِيةَ للأصنامِ، لا تَصِحُّ:
روَى البَلَاذُريُّ في «أنسابِ الأشراف» (5/137)، مِن طريقِ جَريرٍ، عن الأعمشِ، عن أبي وائلٍ، قال: «كُنتُ مع مسروقٍ بالسِّلْسِلةِ، فمرَّت به سفائنُ فيها أصنامٌ مِن صُفْرٍ، تماثيلُ الرجالِ، فسأَلهم عنها، فقالوا: بعَثَ بها مُعاوِيةُ إلى أرضِ السِّنْدِ والهِنْدِ تُباعُ له، فقال مسروقٌ: لو أَعلَمُ أنهم يقتُلُونَني، لَغَرَّقْتُها، ولكنِّي أخافُ أن يعذِّبوني، ثم يَفْتِنوني، واللهِ ما أَدْري أيُّ الرجُلَيْنِ مُعاوِيةُ؟! أرَجُلٌ قد يَئِسَ مِن الآخِرةِ، فهو يتمتَّعُ مِن الدنيا، أم رَجُلٌ زُيِّنَ له سوءُ عمَلِه؟!»؛ وهذه الروايةُ لا تَصِحُّ؛ فالروايةُ معلولةٌ؛ فالأعمشُ لم يصرِّحْ بالسماعِ؛ وهذا مَظِنَّةُ ثبوتِ التدليسِ؛ بسببِ نكارةِ الحديث.
4- القولُ بجوازِ رِبا الفضلِ، وأنه لا يحرُمُ إلا نسيئةً، لم ينفرِدْ مُعاوِيةُ رضيَ اللهُ عنه به، وكانوا متأوِّلينَ في ذلك، أو لم يبلُغْهُمُ الحديثُ المانعُ:
بل جاء عن جمعٍ مِن الصحابة: عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، وابنِ عُمَرَ، والبَرَاءِ بنِ عازبٍ، وزَيْدِ بنِ أَرْقَمَ، رضيَ اللهُ عنهم.
وفي «صحيحِ مسلمٍ» (1594)، مِن طريقِ سعيدٍ الجُرَيْريِّ، عن أبي نَضْرةَ، قال: «سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: أَيَدًا بِيَدٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟ إِنَّا سَنَكْتُبُ إِلَيْهِ فَلَا يُفْتِيكُمُوهُ ...»، الحديثَ.
وجاء عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضيَ الله عنه في «صحيحِ مسلم» (1594)، عن أبي نَضْرةَ، قال: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا، فَإِنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: مَا زَادَ فَهُوَ رِبًا، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِمَا ... وقد رَجَعا عن هذا»، الحديثَ.
وفي «صحيحِ مسلمٍ» (1594)، عن أبي نَضْرةَ، قال: «فَأَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بَعْدُ، فَنَهَانِي، وَلَمْ آتِ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَبُو الصَّهْبَاءِ؛ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهُ بِمَكَّةَ، فَكَرِهَهُ».
ومُعاوِيةُ رضيَ الله عنه وغيرُهُ مِن الصحابة ممَّن قالوا بجوازِ رِبا الفضلِ، قالوا ذلك متأوِّلينَ: أن الرِّبا لا يحرُمُ إلا في النَّسيئة.
وقد يُحمَلُ قولُ مَن قال مِن الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم بجوازِ رِبا الفضلِ، على أن تحريمَهُ لم يبلُغْهُ عن رسولِ اللهِ ^. ففي «صحيحِ مسلِمٍ» (4037): قال مُعاوِيةُ رضيَ اللهُ عنه - لمَّا بلَغهُ عن عُبَادةَ النهيُ عن رِبا الفضلِ -: «أَلَا مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ^ أَحَادِيثَ قَدْ كُنَّا نَشْهَدُهُ وَنَصْحَبُهُ، فَلَمْ نَسْمَعْهَا مِنْهُ؟!».
خاتمة الجواب
خاتِمةُ الجواب - توصية:
إن النظرَ النقديَّ في الرواياتِ المناقِضةِ للأصولِ الثابتةِ في عدالةِ الصحابةِ، أمرٌ لازمٌ، ويُرجَعُ فيه إلى جهابذةِ النُّقَّادِ مِن أئمَّةِ الحديثِ الذين صانوا دِينَ النبيِّ ^، وحَفِظوه. ويُوصَى بالرجوعِ إلى كتابِ «فضائلِ الصحابةِ» للإمامِ أحمدَ؛ لمعرفةِ ما جاء في فضلِ مُعاوِيةَ رضيَ اللهُ عنه مما يناقِضُ هذه الروايات.