نص السؤال

قد يكونُ الرِّبا محرَّمًا في وقتٍ سابقٍ، وأما اليومَ، فإن العالَمَ مبنيٌّ عليه، ويحتاجُ إليه في حركةِ الاقتصاد.

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

حكمُ الفوائدِ البنكيَّة.

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

يَذهَبُ بعضُ الناسِ: إلى محاوَلةِ إباحةِ الرِّبا؛ بحجَّةِ المصلحةِ أو الضرورةِ، وقد يحتجُّون على ذلك بعموماتٍ فقهيَّة.

ويستنِدون في ذلك إلى أن الرِّبا أصبَحَ في هذا العصرِ ضرورةً اقتصاديَّةً، ومصلحةً قامت عليها دُوَلٌ ومجتمَعاتٌ.

وهذا خطأٌ مِن وجوهٍ كثيرةٍ، منها:

1- أن الذي حرَّمه هو مَن يَعلَمُ المصالحَ على اختلافِ الزمانِ والمكانِ والأحوال، والشريعةُ أنزَلَها اللهُ تعالى اللطيفُ الخبيرُ، وهي شريعةٌ كاملةٌ أكمَلَها اللهُ، وأتَمَّ بها النعمةَ، وثبَتَ عند العقلاءِ دقَّةُ أحكامِها. 

2- أن الضرورةَ هي حالٌ عارضةٌ تنقُلُ المسألةَ مِن حكمٍ إلى حكمٍ آخَرَ؛ لظرفٍ خاصٍّ؛ لدفعِ الضرَرِ أو ما يَلحَقُ به مِن مشقَّةٍ شديدةٍ؛ فهي لا تكونُ نظامًا عامًّا.

ثم الضرورةُ لا تكونُ مصلحةً مقصودةً، بل هي احتياجٌ غيرُ مرادٍ دفعًا لمفسدةٍ.

3- أن الربا قليلَهُ وكثيرَهُ ضرَرٌ وفسادٌ؛ فالمصلحةُ التي تراعيها الشريعةُ: أن يُدفَعَ، لا أن يُجلَبَ، وجاء الوعيدُ الشديدُ فيه:

قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}

[البقرة:278-279].

وقال عليه الصلاةُ والسلامُ:

«اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ»

متفَقٌ عليه؛ رواه البخاري (2766)، ومسلم (89)

فقرَنهُ هنا بكبائرِ الذنوب.

وقد صَحَّ عنه ﷺ أنه:

«لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»

رواه مسلم (1598)

 وبما سبَقَ يتبيَّنُ: أن الرِّبا كلَّه محرَّمٌ، قليلَهُ وكثيرَهُ، وأنه ضرَرٌ، وأن الذي حرَّمه يَعلَمُ المصالحَ والمفاسدَ والأحوالَ على مدى العصور؛ فلا يُباحُ بتعليلاتٍ واهيةٍ؛ كالمصلحةِ أو التفريقِ بين قروضِ الإنتاجِ فتُباحُ، وقروضِ الاستهلاكِ، أو إباحةِ الرِّبا المتفَقِ عليه، أو غيرِ ذلك مما تبطُلُ به الشريعةُ كلِّيًّا أو جزئيًّا؛ بالإضافةِ إلى جرِّه للضرَرِ حتى لو ظَنَّ صاحبُهُ المصلحةَ.

وهذا أمرٌ عرَفهُ عقلًا العالَمُ: فحذَّر (أفلاطونُ) في كتابِهِ «القانونِ» مِن الرِّبا، وكان (أرِسْطو) يَلعَنُ الرِّبا والمرابِين، ويعتبِرُ أن النقودَ لا تَلِدُ النقودَ، واعتقَدَ (بلوتارك) أن المرابِين أكثرُ ظلمًا مِن الغزاةِ الأجانب، وكذلك في العصورِ الوسطى: كان (تُوما الأَكْوِينيُّ) يحذِّرُ مِن الرِّبا، وكذلك (لينكول أوريزم)، ووضَعتِ الكنيسةُ المرابِين في خانةِ المُومِسات، وكانت صارمةً في قراراتِها بتحريمِ الرِّبا، واستمَرَّتْ كذلك حتى عام (1917م)؛ حيثُ اعترَفَ الفاتيكان رسميًّا بمشروعيَّةِ الفائدة.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال: 

يشكِّكُ السائلُ في تحريمِ الرِّبا اليومَ، أو بعضِ صُوَرِهِ؛ ظنًّا منه أن ذلك مقتضَى المصلحةِ أو الضرورة.

مختصَرُ الإجابة:

الشريعةُ أُنزِلَتْ مِن حكيمٍ خبيرٍ، وهو سبحانه لا تَخْفى عليه المصالحُ وحاجاتُ العصورِ؛ على اختلافِ الزمانِ والمكانِ والأحوال.

والضرورةُ تكونُ في حالٍ عارضةٍ، وللأفرادِ، ولا تكونُ أصلًا عامًّا أو نظامًا؛ فالأصلُ دفعُها، لا بقاؤُها.

ثم الربا نفسُهُ قليلُهُ وكثيرُهُ ضرَرٌ وفسادٌ، وهو مِن كبائرِ الذنوب، ومما توعَّد اللهُ عليه بالحربِ؛ وبالتالي: فالأصلُ دفعُه؛ فلا يُباحُ بتعليلاتٍ واهية. وقد حذَّر منه عقلاءُ العالَمِ: أفلاطونُ، 

وأرِسْطو، وبلوتارك، وتُوما الأَكْوِينيُّ، ولينكول أوريزم، وكذلك كانت الكنيسةُ صارمةً في قراراتِها بتحريمِ الرِّبا، واستمَرَّتْ كذلك حتى عام (1917م)؛ حيثُ اعترَفَ الفاتيكانُ رسميًّا بمشروعيَّةِ الفائدة.

وعلى ذلك: فإجازةُ الرِّبا بحُجَّةِ المصلحةِ يَجْري على منهجِ كثيرٍ ممن لم يقدِّرْ كمالَ الشريعة، وكمالَ مَن أنزَلَها.

وتحريمُ الرِّبا ليس تشدُّدًا، بل هو منهجٌ حكيمٌ يَحْمي مصالحَ الناس، سواءٌ أدرَكوها أو لم يُدرِكوها، مع أن العقلاءَ يُدرِكون ذلك. ولا يَصِحُّ التوقُّفُ عن طاعةِ الشريعةِ حتى تُدرَكَ الحكمةُ، أو تُعرَفَ المَفسَدةُ؛ لأن معنى ذلك أن الشريعةَ لا حُكْمَ لها، وإنما الحكمُ للنظرِ الخاصِّ الذي يشترِكُ فيه المؤمِنُ والكافر، وهذا الإيمانُ المشروطُ ليس بالإيمانِ الذي أراده اللهُ تعالى.

خاتمة الجواب

خاتِمةُ الجواب - توصية:

إجازةُ الرِّبا بحُجَّةِ المصلحةِ يَجْري على منهجِ كثيرٍ ممن لم يقدِّرْ كمالَ الشريعة، وكمالَ مَن أنزَلَها.

وتحريمُ الرِّبا ليس تشدُّدًا، بل هو منهجٌ حكيمٌ يَحْمي مصالحَ الناس، سواءٌ أدرَكوها أو لم يُدرِكوها، مع أن العقلاءَ يُدرِكون ذلك. ولا يَصِحُّ التوقُّفُ عن طاعةِ الشريعةِ حتى تُدرَكَ الحكمةُ، أو تُعرَفَ المَفسَدةُ؛ لأن معنى ذلك أن الشريعةَ لا حُكْمَ لها، وإنما الحكمُ للنظرِ الخاصِّ الذي يشترِكُ فيه المؤمِنُ والكافر، وهذا الإيمانُ المشروطُ ليس بالإيمانِ الذي أراده اللهُ تعالى.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال: 

يشكِّكُ السائلُ في تحريمِ الرِّبا اليومَ، أو بعضِ صُوَرِهِ؛ ظنًّا منه أن ذلك مقتضَى المصلحةِ أو الضرورة.

مختصَرُ الإجابة:

الشريعةُ أُنزِلَتْ مِن حكيمٍ خبيرٍ، وهو سبحانه لا تَخْفى عليه المصالحُ وحاجاتُ العصورِ؛ على اختلافِ الزمانِ والمكانِ والأحوال.

والضرورةُ تكونُ في حالٍ عارضةٍ، وللأفرادِ، ولا تكونُ أصلًا عامًّا أو نظامًا؛ فالأصلُ دفعُها، لا بقاؤُها.

ثم الربا نفسُهُ قليلُهُ وكثيرُهُ ضرَرٌ وفسادٌ، وهو مِن كبائرِ الذنوب، ومما توعَّد اللهُ عليه بالحربِ؛ وبالتالي: فالأصلُ دفعُه؛ فلا يُباحُ بتعليلاتٍ واهية. وقد حذَّر منه عقلاءُ العالَمِ: أفلاطونُ، 

وأرِسْطو، وبلوتارك، وتُوما الأَكْوِينيُّ، ولينكول أوريزم، وكذلك كانت الكنيسةُ صارمةً في قراراتِها بتحريمِ الرِّبا، واستمَرَّتْ كذلك حتى عام (1917م)؛ حيثُ اعترَفَ الفاتيكانُ رسميًّا بمشروعيَّةِ الفائدة.

وعلى ذلك: فإجازةُ الرِّبا بحُجَّةِ المصلحةِ يَجْري على منهجِ كثيرٍ ممن لم يقدِّرْ كمالَ الشريعة، وكمالَ مَن أنزَلَها.

وتحريمُ الرِّبا ليس تشدُّدًا، بل هو منهجٌ حكيمٌ يَحْمي مصالحَ الناس، سواءٌ أدرَكوها أو لم يُدرِكوها، مع أن العقلاءَ يُدرِكون ذلك. ولا يَصِحُّ التوقُّفُ عن طاعةِ الشريعةِ حتى تُدرَكَ الحكمةُ، أو تُعرَفَ المَفسَدةُ؛ لأن معنى ذلك أن الشريعةَ لا حُكْمَ لها، وإنما الحكمُ للنظرِ الخاصِّ الذي يشترِكُ فيه المؤمِنُ والكافر، وهذا الإيمانُ المشروطُ ليس بالإيمانِ الذي أراده اللهُ تعالى.

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

يَذهَبُ بعضُ الناسِ: إلى محاوَلةِ إباحةِ الرِّبا؛ بحجَّةِ المصلحةِ أو الضرورةِ، وقد يحتجُّون على ذلك بعموماتٍ فقهيَّة.

ويستنِدون في ذلك إلى أن الرِّبا أصبَحَ في هذا العصرِ ضرورةً اقتصاديَّةً، ومصلحةً قامت عليها دُوَلٌ ومجتمَعاتٌ.

وهذا خطأٌ مِن وجوهٍ كثيرةٍ، منها:

1- أن الذي حرَّمه هو مَن يَعلَمُ المصالحَ على اختلافِ الزمانِ والمكانِ والأحوال، والشريعةُ أنزَلَها اللهُ تعالى اللطيفُ الخبيرُ، وهي شريعةٌ كاملةٌ أكمَلَها اللهُ، وأتَمَّ بها النعمةَ، وثبَتَ عند العقلاءِ دقَّةُ أحكامِها. 

2- أن الضرورةَ هي حالٌ عارضةٌ تنقُلُ المسألةَ مِن حكمٍ إلى حكمٍ آخَرَ؛ لظرفٍ خاصٍّ؛ لدفعِ الضرَرِ أو ما يَلحَقُ به مِن مشقَّةٍ شديدةٍ؛ فهي لا تكونُ نظامًا عامًّا.

ثم الضرورةُ لا تكونُ مصلحةً مقصودةً، بل هي احتياجٌ غيرُ مرادٍ دفعًا لمفسدةٍ.

3- أن الربا قليلَهُ وكثيرَهُ ضرَرٌ وفسادٌ؛ فالمصلحةُ التي تراعيها الشريعةُ: أن يُدفَعَ، لا أن يُجلَبَ، وجاء الوعيدُ الشديدُ فيه:

قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}

[البقرة:278-279].

وقال عليه الصلاةُ والسلامُ:

«اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ»

متفَقٌ عليه؛ رواه البخاري (2766)، ومسلم (89)

فقرَنهُ هنا بكبائرِ الذنوب.

وقد صَحَّ عنه ﷺ أنه:

«لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»

رواه مسلم (1598)

 وبما سبَقَ يتبيَّنُ: أن الرِّبا كلَّه محرَّمٌ، قليلَهُ وكثيرَهُ، وأنه ضرَرٌ، وأن الذي حرَّمه يَعلَمُ المصالحَ والمفاسدَ والأحوالَ على مدى العصور؛ فلا يُباحُ بتعليلاتٍ واهيةٍ؛ كالمصلحةِ أو التفريقِ بين قروضِ الإنتاجِ فتُباحُ، وقروضِ الاستهلاكِ، أو إباحةِ الرِّبا المتفَقِ عليه، أو غيرِ ذلك مما تبطُلُ به الشريعةُ كلِّيًّا أو جزئيًّا؛ بالإضافةِ إلى جرِّه للضرَرِ حتى لو ظَنَّ صاحبُهُ المصلحةَ.

وهذا أمرٌ عرَفهُ عقلًا العالَمُ: فحذَّر (أفلاطونُ) في كتابِهِ «القانونِ» مِن الرِّبا، وكان (أرِسْطو) يَلعَنُ الرِّبا والمرابِين، ويعتبِرُ أن النقودَ لا تَلِدُ النقودَ، واعتقَدَ (بلوتارك) أن المرابِين أكثرُ ظلمًا مِن الغزاةِ الأجانب، وكذلك في العصورِ الوسطى: كان (تُوما الأَكْوِينيُّ) يحذِّرُ مِن الرِّبا، وكذلك (لينكول أوريزم)، ووضَعتِ الكنيسةُ المرابِين في خانةِ المُومِسات، وكانت صارمةً في قراراتِها بتحريمِ الرِّبا، واستمَرَّتْ كذلك حتى عام (1917م)؛ حيثُ اعترَفَ الفاتيكان رسميًّا بمشروعيَّةِ الفائدة.

خاتمة الجواب

خاتِمةُ الجواب - توصية:

إجازةُ الرِّبا بحُجَّةِ المصلحةِ يَجْري على منهجِ كثيرٍ ممن لم يقدِّرْ كمالَ الشريعة، وكمالَ مَن أنزَلَها.

وتحريمُ الرِّبا ليس تشدُّدًا، بل هو منهجٌ حكيمٌ يَحْمي مصالحَ الناس، سواءٌ أدرَكوها أو لم يُدرِكوها، مع أن العقلاءَ يُدرِكون ذلك. ولا يَصِحُّ التوقُّفُ عن طاعةِ الشريعةِ حتى تُدرَكَ الحكمةُ، أو تُعرَفَ المَفسَدةُ؛ لأن معنى ذلك أن الشريعةَ لا حُكْمَ لها، وإنما الحكمُ للنظرِ الخاصِّ الذي يشترِكُ فيه المؤمِنُ والكافر، وهذا الإيمانُ المشروطُ ليس بالإيمانِ الذي أراده اللهُ تعالى.