نص السؤال

توهم تناقض القرآن بشأن اختصاص الشفاعة بالله - عز وجل - وحده

عبارات مشابهة للسؤال

الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.

الجواب التفصيلي

توهم تناقض القرآن بشأن اختصاص الشفاعة بالله - عز وجل - وحده


مضمون الشبهة: 


يزعم بعض المتوهمين وجود تناقض بين

قوله سبحانه وتعالى:

(قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون (44))

(الزمر)،

وقوله سبحانه وتعالى:

(ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون (4))

(السجدة: ٤)،


وبين قوله  سبحانه وتعالى:

(يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون (3))

(يونس)

، ويتساءلون: كيف أن الله يقرر في الموضعين الأولين أنه لا شفاعة لغيره، ويثبت في الموضع الثالث وجود شفعاء من دونه؟ ويستدلون بذلك على وقوع التناقض في القرآن، ليثبتوا زعمهم بأن القرآن من صنع البشر، وليس كتابا إلهيا. 


وجه إبطال الشبهة: 


الشفاعة لله وحده، فلا شفاعة إلا بإذنه، ولا يشفع أحد إلا لمن يرتضي الله له ذلك. 


التفصيل: 


الشفاعة لله وحده ولا يشفع أحد إلا لمن يرتضي الله له ذلك: 


 لا يجترئ أحد على الشفاعة عند الله إلا بإذنه تعالى؛ إذ هو تعالى أعلم بموضع الحكمة والصواب، وفي ذلـك دليـل علـى عزتــه وكبريائـــه:

(الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)

(البقرة:٢٥٥). 


 ويعلق الطاهر ابن عاشور على آية سورة يونس فيقول: وفي إجراء هذه الصفات - صفات خلق السماوات والأرض والاستواء على العرش وتدبير الأمر - على الله - سبحانه وتعالى - تعريض بالرد على المشركين؛ إذ جعلوا لأنفسهم آلهة لا تخلق ولا تعلم،

كما قال سبحانه وتعالى:

(لا يخلقون شيئا وهم يخلقون (20))

(النحل)،

ولذلك حسن وقع جملة:

(ما من شفيع إلا من بعد إذنه)

(يونس: ٣)

، عقب جملة (الذي خلق) بتمامها؛ لأن المشركين جعلوا آلهتهم شفعاء فإذا أنذروا بغضب الله يقولون:

(هؤلاء شفعاؤنا عند الله)

(يونس: ١٨)

، أي: حماتنا من غضبه، فبعد أن وصف الإله الحق بما هو منتف عن آلهتهم نفي عن آلهتهم وصف الشفاعة عند الله وحماية المغضوب عليهم منه. 
 وأكد النفي بـ"من" التي تقع بعد حرف النفي لتأكيد النفي وانتفاء الواصف عن جميع أفراد الجنس الذي دخلت "من" على اسمه، بحيث لم تبق لآلهتهم خصوصية. 
 وزيادة "إلا من بعد إذنه" احتراس لإثبات شفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - بإذن الله،

قال سبحانه وتعالى:

(ولا يشفعون إلا لمن ارتضى)

(الأنبياء: ٢٨)

، والمقصود من ذلك عنده نافذة كشفاعة الند عند نده [1]. 
 وكذلك الحال في كل الآيات التي تثبت أن الشفاعة لله وحده دون غيره، وجاءت نسبة الشفاعة لله وحده - ولمن أذن لهم - ردا على الكفار الذين كانوا يقولون عن الأصنام::

(هؤلاء شفعاؤنا عند الله)

(يونس: ١٨)

، فكان الجواب من الله - عز وجل - واضحا

(قل لله الشفاعة جميعا)

(الزمر: ٤٤). 


 وقيل: إن المراد بقوله: (شفيع) في سورة يونس: أن الله تبارك وتعالى يدبر الأمر وحده، فهو لا ثاني له؛ لأنه لم يكن معه أحد، ثم خلق الأشياء من بعد أمره أن يكون الخلق فكان. إنه أوجد العالم وحده لا شريك يعينه، ولم يحدث شيء في الوجود محل الزعم إلا من بعد قوله:

(كن فيكون (117))

(البقرة). 


الخلاصة: 


•   ليس هناك أي وجه للتناقض بين الآيات التي بين أيدينا، وذلك لأن: الآيات الثلاث تذكر أن الله وحده هو المتصرف في خلقه، ولا يشفع عنده إلا من أذن له فأي تناقض بين هذه الآيات؟ أليست الشفاعة في هذا كله لله وحده؟ أفلا تذكرون؟ 
•   نفى الله تعالى الشفاعة التي يعتقدها المشركون في معبوداتهم، وأثبتها له وحده ولمن يأذن له فيها، فهو سبحانه ينفيها في حال ويثبتها في حال آخر. 

المراجع

  1. ) رد مفتريات على الإسلام، د. عبد الجليل شلبي، دار القلم، الكويت، ط1، 1405هـ/ 1982م. [1]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، د. ت، مج6، ج17، ص87، 88.