نص السؤال

ادعاء أن بين الله والجنة نسبًا

عبارات مشابهة للسؤال

الإنسانُ لا يكونُ حُرًّا إلا إذا أنكَرَ وجودَ الله؛ فإنه ما دام يُثبِتُ وجودَ اللهِ، فلا بُدَّ مِن اتِّباعِ أوامرِهِ، واجتنابِ نواهيه.

الجواب التفصيلي

ادعاء أن بين الله والجنة نسبا(*)

مضمون الشبهة:

لـما قال المشركون: إن الملائكة بنات الله، قال لهم أبو بكر: فمن أمهاتهن؟! قالوا: بنات سروات الجن. وزعمت طائفة أخرى منهم أن الله - سبحانه وتعالى - هو وإبليس أخوان! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا،

قال سبحانه وتعالى:

(وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا)

(الصافات:١٥٨).

وجه إبطال الشبهة:

الجن يعلمون كذب المشركين في دعواهم؛ فإنهم يشهدون الحساب ويحضرون العذاب، والله - عز وجل - منزه عن كل نقيصة.

التفصيل:

الجن يعلمون كذب المشركين في دعواهم:

هناك بعض الآراء لأهل التأويل في معنى النسب الذي أخبر الله - عز وجل - أن المشركين جعلوه له سبحانه، فقال بعضهم: هو أنهم - يقصد المشركين - قالوا: إن الله وإبليس أخوان. وقال بعضهم: هو أنهم قالوا: الملائكة بنات الله. والجنة هي الملائكة، وقالوا: إن الله تزوج من الجن فخرج منهما الملائكة.

وقد رد الله - عز وجل - عليهم دعواهم هذه بأن أعلمهم أن الجنة أنفسهم يعلمون أنهم سوف يشهدون الحساب ويحضرونه، وهم يعلمون كذب المشركين في افترائهم على الله، وسوف يجازون على ذلك بالإحضار للعذاب، والإحضار إذا أطلق فالمراد به العذاب؛ ولذا فهم يتبرءون من هذه النسبة، لما يعلمون من أنهم من أهل السعير، لا من عالم الأرواح الطاهرة، فما بال هؤلاء المشركين يهرفون[1] بما لا يعرفون؟!

قال سبحانه وتعالى:

(ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون)

(الصافات:58)

فالمراد بالجنة هنا هم الشياطين وليس الملائكة كما يرى بعضهم؛ إذ إن خلق الملائكة من نور لا من نار كالجن، والملائكة معصومون ولا يتناسلون ولا يتصفون بذكورة ولا أنوثة بخلاف الجن[2].

ولعل ظاهر العلم في الآية حاصل للجنة فيما مضى، ويجوز أن يكون من استعمال الماضي في موضع المستقبل لتحقيق وقوعه،

كقوله سبحانه وتعالى:

(أتى أمر الله)

(النحل:١)

أي: ستعلم الجنة ذلك يوم القيامة، والمقصود أنهم - أي هؤلاء المشركين - يتحققون ذلك ولا يستطيعون دفع العذاب عنهم؛ فقد كانوا يعبدون الجن لاعتقاد وجاهتهم عند الله بالنسب الذي توهموه لهم، ولو كان بينهم وبين الله نسب، أو كانوا شركاء له في وجوب الطاعة لما عذبهم.

ويتبع الله - عز وجل - حكاية قولهم الباطل بما يتضمن تنزيه الله - سبحانه وتعالى - عما نسبوه إليه،

فقال:

(سبحان الله عما يصفون)

(الصافات:159)

فعجيب أن يخطر أمر مثل ذلك على بال ويحدث به نفسا، فضلا عن أن يجعله معتقدا ويتظاهر به مذهبا، وهو تنزيه يوحي بتسفيه أحلامهم وتجهيل نفوسهم واستركاك عقولهم، فلا نسبة تقتضي النسب بوجه ما فضلا عن استحالة ذلك عقلا[3].

الخلاصة:

إن زعم المشركين أن هناك نسبا بين الله والجنة هو مجرد هذيان منهم لا دليل عليه، والجنة أنفسهم يعلمون كذب هؤلاء المشركين، وسيتبرءون منهم يوم القيامة، فلو كان بينهم وبين الله نسب لدفعوا عن أنفسهم وعن أتباعهم العذاب

سبحانه وتعالى:

(عما يقولون علوا كبيرا)

(الإسراء:43)

المراجع

  1. (*) الآية التي وردت فيها الشبهة: (الصافات/ 158). الآيتان اللتان ورد فيهما الرد على الشبهة: (الصافات/ 159، 160). 
  2.  يهرف: يهذي ويخلط في كلامه.
  3.  محاسن التأويل، القاسمي، دار الحديث، القاهرة، ط1، 1424هـ/2003م، ج8، ص113، 114 بتصرف. 
  4. الكشاف، الزمخشري، الدار العالمية، بيروت، د. ت، ج3، ص355 بتصرف.