نص السؤال
المصدر: شبهات المشككين في الإسلام
الجواب التفصيلي
الزعم أن كتاب أهل الكتاب خير الكتب، ونبيهم خير الأنبياء(*)
مضمون الشبهة:
يزعم أهل الكتاب أن كتابهم خير الكتب، ونبيهم خير الأنبياء، ويفتخرون على المسلمين بأن نبيهم كان قبل نبينا، وكتابهم قبل كتابنا، وينتهون من هذا التخاصم أنهم أولى بالله من المسلمين.
وجوه إبطال الشبهة:
1) قيام حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الكتاب.
2) الدين ليس بالتمني ولا الغرور ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال، وليس كل من ادعى شيئا يحصل له بمجرد الدعوى.
3) لا يقبل العمل الصالح إلا مع الإيمان.
4) ليس هناك أحسن دينا ممن أخلص لله في العبادة واتبع ملة إبراهيم حنيفا.
التفصيل:
أولا. قيام الحجة للمسلمين:
في هذه يتخاصم أهل الأديان، فاليهود يقولون للمسلمين: نحن خير منكم، ديننا قبل دينكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن على دين إبراهيم، ولن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، ولن تمسنا النار إلا أياما معدودات، ولن يعذبنا الله فنحن أبناؤه وأحباؤه، وقالت النصارى مثل ذلك، فقال المسلمون: كتابنا بعد كتابكم وهو قاض عليه ونبينا بعد نبيكم، وديننا بعد دينكم، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم، فنحن خير منكم، نحن على دين إبراهيم وإسماعيل، وإسحاق عليه السلام، ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا، فلا دين إلا الإسلام.
فهنا تخاصم أهل الكتاب والمسلمون، وافتخر أهل الكتاب عليهم، وقد أفلح الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان؛ لأن القرآن نسخ كل كتاب، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، وقد أمر أهل الكتاب أن يؤمنوا به وبكتابه وأن يعملوا بمقتضاه.
ثانيا. الدين ليس بالتمني، ولكنه بالإيمان والعمل الصالح:
لقد قضى الله - عز وجل - بين أهل الأديان في ذلك،
فقال:
(ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا)
(النساء:123)
والمعنى في هذه الآية: أن الدين ليس بالتمني ولا بالغرور، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال، وليس كل من ادعى شيئا حصل له بمجرد دعواه، ولا كل من قال إنه هو على الحق سمع قوله بمجرد ذلك حتى يكون له من الله برهان، فليس لأحد النجاة بمجرد التمني، بل العبرة بطاعة الله سبحانه واتباع ما شرعه الله على ألسنة الرسل الكرام، ولهذا قال (من يعمل سوءا يجز به)
وهذا كقوله سبحانه وتعالى:
(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (8)
(الزلزلة).
وقد قيل: إن الخطاب في قوله: (ليس بأمانيكم) للمسلمين، وقيل: للمشركين، ولعل الصواب هو الثاني؛ لأن المسلمين لم يجر لأمانيهم ذكر فيما مضى من الآيات قبل هذه الآية، وقد وعد الله المؤمنين أن يكفر عنهم سيئاتهم، ولم يعد أولئك،
قال سبحانه وتعالى:
(والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون)
(العنكبوت:7)
ثالثا. الإيمان شرط في قبول العمل الصالح:
بين الله - عز وجل - أن الأعمال الصالحة لا تقبل إلا مع الإيمان، وإلا فالشرك يحبطها
كما قال سبحانه وتعالى:
(لئن أشركت ليحبطن عملك)
(الزمر: ٦٥)
وذلك أن المشركين كانوا في افتخارهم يفخرون بخدمة الكعبة وإطعام الحجيج وسقايتهم، وكان اليهود والنصارى يفخرون بسبقهم،
فقال سبحانه وتعالى:
(ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)
(النساء:124)
رابعا. الإسلام هو دين الحق:
من ردود القرآن بعد ذلك أيضا أنه خير بين الأديان
فقال:
(ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا)
(النساء: ١٢٥)
فلا أحد أحسن دينا ممن أخلص العمل لربه - عز وجل - فعمل إيمانا واحتسابا، وهو متبع في عمله ما شرعه الله له واتبع ملة إبراهيم حنيفا، وهؤلاء هم محمد - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه إلى يوم القيامة،
قال سبحانه وتعالى:
(إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا)
(آل عمران: ٦٨)[1].
الخلاصة:
·لقد قضى الله تعالى بين أهل الأديان حين اختلفوا في أيهم على حق، ورد الجميع إلى ميزان واحد وجعله معيار القبول عند الله تعالى؛ وهو الإيمان بالله مع العمل الصالح، وأنه لا قيمة عند الله لعمل لا يصدر عن الإيمان.
·الدين هو الإسلام ملة إبراهيم - عليه السلام - وأحسن العمل هو الإحسان، وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
·الدين ليس بالتمني أو الغرور، لكنه ما وقر في القلب وصدقه العمل، وكان خالصا لله ومنطويا تحت ملة إبراهيم حنيفا.
المراجع
- (*) الآيات التي ورد فيها الرد على الشبهة: (النساء/ 123: 125، آل عمران/ 67، 68، الزمر/ 65).
- التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، مج3، ج5، ص208.
- في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج2، ص762.
الجواب التفصيلي
الزعم أن كتاب أهل الكتاب خير الكتب، ونبيهم خير الأنبياء(*)
مضمون الشبهة:
يزعم أهل الكتاب أن كتابهم خير الكتب، ونبيهم خير الأنبياء، ويفتخرون على المسلمين بأن نبيهم كان قبل نبينا، وكتابهم قبل كتابنا، وينتهون من هذا التخاصم أنهم أولى بالله من المسلمين.
وجوه إبطال الشبهة:
1) قيام حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الكتاب.
2) الدين ليس بالتمني ولا الغرور ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال، وليس كل من ادعى شيئا يحصل له بمجرد الدعوى.
3) لا يقبل العمل الصالح إلا مع الإيمان.
4) ليس هناك أحسن دينا ممن أخلص لله في العبادة واتبع ملة إبراهيم حنيفا.
التفصيل:
أولا. قيام الحجة للمسلمين:
في هذه يتخاصم أهل الأديان، فاليهود يقولون للمسلمين: نحن خير منكم، ديننا قبل دينكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن على دين إبراهيم، ولن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، ولن تمسنا النار إلا أياما معدودات، ولن يعذبنا الله فنحن أبناؤه وأحباؤه، وقالت النصارى مثل ذلك، فقال المسلمون: كتابنا بعد كتابكم وهو قاض عليه ونبينا بعد نبيكم، وديننا بعد دينكم، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم، فنحن خير منكم، نحن على دين إبراهيم وإسماعيل، وإسحاق عليه السلام، ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا، فلا دين إلا الإسلام.
فهنا تخاصم أهل الكتاب والمسلمون، وافتخر أهل الكتاب عليهم، وقد أفلح الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان؛ لأن القرآن نسخ كل كتاب، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، وقد أمر أهل الكتاب أن يؤمنوا به وبكتابه وأن يعملوا بمقتضاه.
ثانيا. الدين ليس بالتمني، ولكنه بالإيمان والعمل الصالح:
لقد قضى الله - عز وجل - بين أهل الأديان في ذلك،
فقال:
(ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا)
(النساء:123)
والمعنى في هذه الآية: أن الدين ليس بالتمني ولا بالغرور، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال، وليس كل من ادعى شيئا حصل له بمجرد دعواه، ولا كل من قال إنه هو على الحق سمع قوله بمجرد ذلك حتى يكون له من الله برهان، فليس لأحد النجاة بمجرد التمني، بل العبرة بطاعة الله سبحانه واتباع ما شرعه الله على ألسنة الرسل الكرام، ولهذا قال (من يعمل سوءا يجز به)
وهذا كقوله سبحانه وتعالى:
(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (8)
(الزلزلة).
وقد قيل: إن الخطاب في قوله: (ليس بأمانيكم) للمسلمين، وقيل: للمشركين، ولعل الصواب هو الثاني؛ لأن المسلمين لم يجر لأمانيهم ذكر فيما مضى من الآيات قبل هذه الآية، وقد وعد الله المؤمنين أن يكفر عنهم سيئاتهم، ولم يعد أولئك،
قال سبحانه وتعالى:
(والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون)
(العنكبوت:7)
ثالثا. الإيمان شرط في قبول العمل الصالح:
بين الله - عز وجل - أن الأعمال الصالحة لا تقبل إلا مع الإيمان، وإلا فالشرك يحبطها
كما قال سبحانه وتعالى:
(لئن أشركت ليحبطن عملك)
(الزمر: ٦٥)
وذلك أن المشركين كانوا في افتخارهم يفخرون بخدمة الكعبة وإطعام الحجيج وسقايتهم، وكان اليهود والنصارى يفخرون بسبقهم،
فقال سبحانه وتعالى:
(ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)
(النساء:124)
رابعا. الإسلام هو دين الحق:
من ردود القرآن بعد ذلك أيضا أنه خير بين الأديان
فقال:
(ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا)
(النساء: ١٢٥)
فلا أحد أحسن دينا ممن أخلص العمل لربه - عز وجل - فعمل إيمانا واحتسابا، وهو متبع في عمله ما شرعه الله له واتبع ملة إبراهيم حنيفا، وهؤلاء هم محمد - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه إلى يوم القيامة،
قال سبحانه وتعالى:
(إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا)
(آل عمران: ٦٨)[1].
الخلاصة:
·لقد قضى الله تعالى بين أهل الأديان حين اختلفوا في أيهم على حق، ورد الجميع إلى ميزان واحد وجعله معيار القبول عند الله تعالى؛ وهو الإيمان بالله مع العمل الصالح، وأنه لا قيمة عند الله لعمل لا يصدر عن الإيمان.
·الدين هو الإسلام ملة إبراهيم - عليه السلام - وأحسن العمل هو الإحسان، وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
·الدين ليس بالتمني أو الغرور، لكنه ما وقر في القلب وصدقه العمل، وكان خالصا لله ومنطويا تحت ملة إبراهيم حنيفا.
المراجع
- (*) الآيات التي ورد فيها الرد على الشبهة: (النساء/ 123: 125، آل عمران/ 67، 68، الزمر/ 65).
- التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، مج3، ج5، ص208.
- في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج2، ص762.