نص السؤال

إنكار وجود إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام

المصدر: شبهات المشككين في الإسلام

الجواب التفصيلي

إنكار وجود إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام (*)

مضمون الشبهة:

ينكر بعض المتوهمين وجود إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - ويزعمون أن ورود قصتهما واسميهما في التوراة والإنجيل والقرآن، لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي.

وجها إبطال الشبهة:

1)  إنكار وجود إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، لا دليل عليه، وهو مناقض للعقل، وللمنهج العلمي.

2) اتفاق الكتب السابقة والقرآن على ذكر قصة إبراهيم وإسماعيل - عليه السلام - يعد دليلا قاطعا على وجودهما؛ لأن ذلك من قبيل المتواتر الذي لا يقبل التواطؤ[1] على الكذب، ولأن هناك أحداثا لا يعرفها الإنسان إلا عن طريق الوحي الإلهي.

التفصيل:

أولا. إنكار وجود إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، لا دليل عليه، ومناقض للعقل، وللمنهج العلمي:

إن إنكار وجود إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - هو إنكار لجزء من الدين، وهو بدعة[2] كانت شائعة في القرن التاسع عشر، فقد كان الغالب في ذلك القرن أن التواريخ الدينية لا تصلح أن تكون أساسا للتواريخ العلمية.

وهذا الانطباع السائد[3] آنذاك قد تغير في معيار البحث الحديث؛ لأنه مناقض للعلم نفسه، عدا ما هو ظاهر من مناقضة للدين، فقد ثبت اليوم أن الأخبار الدينية سبقت المباحث الحفرية والمقارنات العلمية إلى تقرير أحكام التاريخ، التي صحت في رأي المتأخرين بالبراهين الحديثة.

وعلى أننا إذا سلمنا - جدلا - بأن إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - ليسا هما اللذين رفعا قواعد البيت الحرام وأن قصة مجيئهما إلى أرض العرب ليست حقيقة فمن الذي رفع قواعد البيت؟! وإلى من تنسب قبائل العرب؟! إن الذي ينكر أمرا لا بد أن يعلل الأسباب التي من أجلها أنكر ذلك الشيء، والذي ينفي عن زيد القيام بعمل ما وآثاره موجودة في الواقع لا بد أن يثبته لعمرو وإلا كان كلاما وادعاء بلا حق... ثم إننا نسأل أيضا إلى من تنسب العرب العدنانيون والقحطانيون إذا لم يكونوا أبناء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام؟!

إن هذا الادعاء مجرد زعم لا دليل عليه، وليس كل من ينكر شيئا، أو يشكك فيه، يقبل منه إنكاره وتشكيكه.

ثانيا. اتفاق الكتب السابقة مع القرآن على ذكر قصة إبراهيم وإسماعيل يعد دليلا قاطعا على وجودهما، وأن هناك أحداثا لا يستطيع الإنسان معرفتها إلا عن طريق الدين:

لو سلمنا بهذا الزعم، وهو عدم وجود سيدنا إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - والقول بأسطورية قصتهما؛ لأنكرنا - قياسا على ذلك - كثيرا من الحقائق التي لا مصدر لها إلا الدين، مثل خلق آدم - عليه السلام - وحياته، وخلق الكون، وتفاصيل الأمم التي لا يعرف التاريخ عنها شيئا إلا عن طريق الدين.

واتفاق الكتب الدينية، التي بأيدي أتباع الملل اليوم على ذكر إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام -، مهما اختلفت في بعض التفاصيل، وتناقل الأتباع والأمم قصتهما عبر الأجيال - ينهض دليلا قاطعا على وجودهما؛ لأن ذلك من قبيل المتواتر الذي لا يقبل التواطؤ على الكذب فيه عادة، فهو أشبه بثبوت البلدان النائية[4] عند من لم يرها.

إن المسلم به يقينا لدى المؤمن أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يتقول القرآن، وأن القرآن لم يختلق قصص السابقين:

(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)

(يوسف:111)

بل ذكرها آية على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم -

قال تعالى:

(تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين)

(هود:49)

وقال تعالى:

(ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون)

(يوسف:102)

فالقول بأن قصة أي نبي - بما في ذلك زعمهم أن قصة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - أسطورة ينطوي على اتهام صريح للقرآن بأنه يتضمن ما لا حقيقة له ويعد هذا من قبيل مشاركة الكفار في كفرهم؛

إذ قالوا:

(إن هذا إلا أساطير الأولين)

(الأنعام:25) [5].

وحاشا لكتاب الله أن يكون كذلك، بل هو تنزيل من رب العالمين.

يقول الشيخ الغزالي عمن ادعى أن حادثة وجود إبراهيم وابنه إسماعيل - عليهما السلام - أسطورة: وعنده أن اليهود الذين استوطنوا بلاد العرب اخترعوها قبيل الإسلام أو بعده، وهو يرى في اختراعهم لها نوعا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب وبين الإسلام واليهودية وبين القرآن والتوراة... وعنده أن هذه الأسطورة غير مأذون لها أن تدخل دائرة التاريخ وإن شفع لها التوراة والزبور والإنجيل والقرآن!! إذ نحن إذ رجعنا إلى التوراة نجدها تتحدث عن إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - وبني إسماعيل في الإصحاح الخامس والعشرين من سفر التكوين وفي الإصحاح الأول من أخبار اليوم الأول وهذان الموضعان من التوارة لا سيما الأول منهما من أقدم أسفار التوراة لأنهما معاصران لموسى عليه السلام.

فهل يتفضل علينا صاحب هذا الافتراء على العلم فيخبرنا كيف تسنى [6] لهؤلاء الدساسين من اليهود الذين استوطنوا بلاد العرب أن يدسوا هذه الأسطورة قبيل الإسلام أو بعيد الإسلام في أسفار منسوبة إلى عصر أقدم من الإسلام بأزمان كثيرة جدا؟! وكيف دسوا هذه الدسيسة في التوراة وهم في يثرب أو في خيبر أو في غيرهما من بلاد العرب، ولم يشعر بهم سائر يهود العالم[7]؟!

الخلاصة:

·من المعلوم أن عدم وجود مؤرخ يكتب قصة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام -، لا ينفي أنها موجودة في سجل الحياة؛ فإن الجد الذي يكمل العشرة من أجدادي، لم أعلم اسمه ولم يسجله تاريخ، فهل معنى ذلك أنه ليس لي جد عاشر؟ وعلى النافي أن يثبت أن حوادث عصرهما مسجلة، كبيرها وصغيرها بيد مؤرخين كانوا في تلك الأمكنة، تسجيلا يخالف ما ورد في القرآن الكريم. ومن ناحية أخرى فإن الأخبار الواردة عن إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - أخبار متواترة والتواتر حجة قطعية، وبالتالي فلا يجوز الشك فيها أو الطعن عليها.

المراجع

  1. (*) العالم الإسلامي والمكائد الدولية، فتحي يكن، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1414هـ/ 1994م. دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، محمد الغزالي، نهضة مصر، القاهرة، ط5، 2002م. 
  2. التواطؤ: الاتفاق. 
  3.  البدعة: كل حادث لم يوجد في الكتاب والسنة، سواء أكان في العادات أم في العبادات، وسواء أكان مذموما أم غير مذموم. 
  4. السائد: المنتشر. 
  5.  النائية: البعيدة. 
  6. قصص الأنبياء، ابن كثير، تحقيق: محمد عبد الملك الزغبي، دار المنار، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2001م، ص142. 
  7.  تسنى: جاز.
  8.  دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، محمد الغزالي، نهضة مصر، القاهرة، ط5، 2002م، ص31.

الجواب التفصيلي

إنكار وجود إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام (*)

مضمون الشبهة:

ينكر بعض المتوهمين وجود إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - ويزعمون أن ورود قصتهما واسميهما في التوراة والإنجيل والقرآن، لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي.

وجها إبطال الشبهة:

1)  إنكار وجود إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، لا دليل عليه، وهو مناقض للعقل، وللمنهج العلمي.

2) اتفاق الكتب السابقة والقرآن على ذكر قصة إبراهيم وإسماعيل - عليه السلام - يعد دليلا قاطعا على وجودهما؛ لأن ذلك من قبيل المتواتر الذي لا يقبل التواطؤ[1] على الكذب، ولأن هناك أحداثا لا يعرفها الإنسان إلا عن طريق الوحي الإلهي.

التفصيل:

أولا. إنكار وجود إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، لا دليل عليه، ومناقض للعقل، وللمنهج العلمي:

إن إنكار وجود إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - هو إنكار لجزء من الدين، وهو بدعة[2] كانت شائعة في القرن التاسع عشر، فقد كان الغالب في ذلك القرن أن التواريخ الدينية لا تصلح أن تكون أساسا للتواريخ العلمية.

وهذا الانطباع السائد[3] آنذاك قد تغير في معيار البحث الحديث؛ لأنه مناقض للعلم نفسه، عدا ما هو ظاهر من مناقضة للدين، فقد ثبت اليوم أن الأخبار الدينية سبقت المباحث الحفرية والمقارنات العلمية إلى تقرير أحكام التاريخ، التي صحت في رأي المتأخرين بالبراهين الحديثة.

وعلى أننا إذا سلمنا - جدلا - بأن إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - ليسا هما اللذين رفعا قواعد البيت الحرام وأن قصة مجيئهما إلى أرض العرب ليست حقيقة فمن الذي رفع قواعد البيت؟! وإلى من تنسب قبائل العرب؟! إن الذي ينكر أمرا لا بد أن يعلل الأسباب التي من أجلها أنكر ذلك الشيء، والذي ينفي عن زيد القيام بعمل ما وآثاره موجودة في الواقع لا بد أن يثبته لعمرو وإلا كان كلاما وادعاء بلا حق... ثم إننا نسأل أيضا إلى من تنسب العرب العدنانيون والقحطانيون إذا لم يكونوا أبناء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام؟!

إن هذا الادعاء مجرد زعم لا دليل عليه، وليس كل من ينكر شيئا، أو يشكك فيه، يقبل منه إنكاره وتشكيكه.

ثانيا. اتفاق الكتب السابقة مع القرآن على ذكر قصة إبراهيم وإسماعيل يعد دليلا قاطعا على وجودهما، وأن هناك أحداثا لا يستطيع الإنسان معرفتها إلا عن طريق الدين:

لو سلمنا بهذا الزعم، وهو عدم وجود سيدنا إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - والقول بأسطورية قصتهما؛ لأنكرنا - قياسا على ذلك - كثيرا من الحقائق التي لا مصدر لها إلا الدين، مثل خلق آدم - عليه السلام - وحياته، وخلق الكون، وتفاصيل الأمم التي لا يعرف التاريخ عنها شيئا إلا عن طريق الدين.

واتفاق الكتب الدينية، التي بأيدي أتباع الملل اليوم على ذكر إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام -، مهما اختلفت في بعض التفاصيل، وتناقل الأتباع والأمم قصتهما عبر الأجيال - ينهض دليلا قاطعا على وجودهما؛ لأن ذلك من قبيل المتواتر الذي لا يقبل التواطؤ على الكذب فيه عادة، فهو أشبه بثبوت البلدان النائية[4] عند من لم يرها.

إن المسلم به يقينا لدى المؤمن أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يتقول القرآن، وأن القرآن لم يختلق قصص السابقين:

(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)

(يوسف:111)

بل ذكرها آية على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم -

قال تعالى:

(تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين)

(هود:49)

وقال تعالى:

(ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون)

(يوسف:102)

فالقول بأن قصة أي نبي - بما في ذلك زعمهم أن قصة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - أسطورة ينطوي على اتهام صريح للقرآن بأنه يتضمن ما لا حقيقة له ويعد هذا من قبيل مشاركة الكفار في كفرهم؛

إذ قالوا:

(إن هذا إلا أساطير الأولين)

(الأنعام:25) [5].

وحاشا لكتاب الله أن يكون كذلك، بل هو تنزيل من رب العالمين.

يقول الشيخ الغزالي عمن ادعى أن حادثة وجود إبراهيم وابنه إسماعيل - عليهما السلام - أسطورة: وعنده أن اليهود الذين استوطنوا بلاد العرب اخترعوها قبيل الإسلام أو بعده، وهو يرى في اختراعهم لها نوعا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب وبين الإسلام واليهودية وبين القرآن والتوراة... وعنده أن هذه الأسطورة غير مأذون لها أن تدخل دائرة التاريخ وإن شفع لها التوراة والزبور والإنجيل والقرآن!! إذ نحن إذ رجعنا إلى التوراة نجدها تتحدث عن إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - وبني إسماعيل في الإصحاح الخامس والعشرين من سفر التكوين وفي الإصحاح الأول من أخبار اليوم الأول وهذان الموضعان من التوارة لا سيما الأول منهما من أقدم أسفار التوراة لأنهما معاصران لموسى عليه السلام.

فهل يتفضل علينا صاحب هذا الافتراء على العلم فيخبرنا كيف تسنى [6] لهؤلاء الدساسين من اليهود الذين استوطنوا بلاد العرب أن يدسوا هذه الأسطورة قبيل الإسلام أو بعيد الإسلام في أسفار منسوبة إلى عصر أقدم من الإسلام بأزمان كثيرة جدا؟! وكيف دسوا هذه الدسيسة في التوراة وهم في يثرب أو في خيبر أو في غيرهما من بلاد العرب، ولم يشعر بهم سائر يهود العالم[7]؟!

الخلاصة:

·من المعلوم أن عدم وجود مؤرخ يكتب قصة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام -، لا ينفي أنها موجودة في سجل الحياة؛ فإن الجد الذي يكمل العشرة من أجدادي، لم أعلم اسمه ولم يسجله تاريخ، فهل معنى ذلك أنه ليس لي جد عاشر؟ وعلى النافي أن يثبت أن حوادث عصرهما مسجلة، كبيرها وصغيرها بيد مؤرخين كانوا في تلك الأمكنة، تسجيلا يخالف ما ورد في القرآن الكريم. ومن ناحية أخرى فإن الأخبار الواردة عن إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - أخبار متواترة والتواتر حجة قطعية، وبالتالي فلا يجوز الشك فيها أو الطعن عليها.

المراجع

  1. (*) العالم الإسلامي والمكائد الدولية، فتحي يكن، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1414هـ/ 1994م. دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، محمد الغزالي، نهضة مصر، القاهرة، ط5، 2002م. 
  2. التواطؤ: الاتفاق. 
  3.  البدعة: كل حادث لم يوجد في الكتاب والسنة، سواء أكان في العادات أم في العبادات، وسواء أكان مذموما أم غير مذموم. 
  4. السائد: المنتشر. 
  5.  النائية: البعيدة. 
  6. قصص الأنبياء، ابن كثير، تحقيق: محمد عبد الملك الزغبي، دار المنار، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2001م، ص142. 
  7.  تسنى: جاز.
  8.  دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، محمد الغزالي، نهضة مصر، القاهرة، ط5، 2002م، ص31.