نص السؤال
المصدر: شبهات المشككين في الإسلام
الجواب التفصيلي
دعوى مخالفة القرآن الكريم التوراة في عدد آيات موسى عليه السلام (*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المشككين تعارض القرآن الكريم مع الكتاب المقدس في عدد الآيات التي جاء بها موسى عليه السلام، ففي حين أنها في التوراة عشر آيات، نجد القرآن يقول: إنها تسع، ويستدلون على ذلك
بقوله تعالى:
(ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات)
(الإسراء: ١٠١).
وجها إبطال الشبهة:
1) القرآن الكريم صاحب الكلمة الفصل في عدد الآيات التي ابتلي بها بنو إسرائيل؛ لأن القرآن ثبتت حجته تاريخيا بصحة سنده، وبموافقة المؤرخين له.
2) إن مفسري التوراة أنفسهم قد اختلفوا في عدد هذه الآيات، وهذا الاختلاف من شأنه أن يثبت صحة ما ورد في القرآن.
التفصيل:
أولا. القرآن الكريم هو الحجة وثبتت حجته، والكتب الأخرى لم تثبت حجتها:
إن ما ثبتت حجته يكون حجة على ما لم تثبت حجته، والقرآن حجة تاريخية موثقة، ويبدو أن الزاعمين لا تزيد معلوماتهم التاريخية عما جاء في الكتاب المقدس، وأن القرآن الكريم - وهو صاحب كلمة الفصل الحق - يذكر أن الله - عز وجل - آتى موسى - عليه السلام - تسع آيات بينات:
(ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا)
(الإسراء:101)
أمر الله - سبحانه وتعالى - موسى أن يعلم فرعون وقومه، بأن الله سيوقع عليهم العذاب الشديد، جزاء تكذيبهم، وامتناعهم عن إطلاق بني إسرائيل، فأرسل الله عليهم أنواعا من العذاب وصنوفا[1] من البلاء، وكانت بمثابة إنذار لهم من الله - عز وجل - ليعودوا إلى رشدهم، وأظهر هذه الابتلاءات أو الآيات التسع التي أرسلها الله على قوم فرعون، وهي:
· القحط والجدب: وهو الذي عبر عنه القرآن بـ "السنين"، وهي أعوام الجدب التي أصابتهم حيث لا يستغل فيها زرع، ولا ينتفع بضرع.
· النقص من الثمرات: وهي قلة الثمار من الأشجار بسبب الجوائح والعاهات.
· الطوفان: وهو كثرة الأمطار المتلفة للزوع والثمار، وهو مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقيل: المراد فيضان نهر النيل عليهم.
· الجراد: وقد أرسله الله على آل فرعون بشكل غير معهود، فكان يغطي الخضراء، ويحجب ضياء الشمس لكثرته، وكان لا يترك لهم زرعا ولا ثمرا.
· القمل: وهو السوس الذي يفسد الحبوب، وقيل: هو القمل المعروف، وقيل: هو البعوض الذي أقض مضاجعهم ولم يمكنهم من الغمض ولا العيش.
· الضفادع: وقد كثرت عندهم حتى نغصت عليهم عيشهم حيث كانت تسقط في أطعمتهم وأوانيهم، وتقفز على فرشهم وملابسهم.
· الدم: وهو من الآيات الواضحة، فقد استحال الماء دما، فلا يسقون من بئر، ولا نهر إلا انقلب إلى دم في الحال.
· العصا: وكانت من معجزات موسى - عليه السلام - حيث تنقلب إلى حية تسعى.
· اليد: إذ كان يضع يده في جيبه، ثم يخرجها بيضاء من غير سوء آية أخرى، قال تعالى: )ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا (101)( (الإسراء).
فكان هؤلاء كلما شاهدوا آية أظهروا الأسف والندم، وجاءوا إلى موسى - عليه السلام - يطلبون منه أن يدعو ربه ليكشف عنهم الرجز [2] والعذاب، فإذا رفعت عنهم تلك الآية عادوا إلى شر مما كانوا عليه، حتى كانت الآية الكبرى التي لم ينج منها أحد من فرعون وجنوده، ألا وهي الغرق في البحر:
(فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين (55) فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين (56)
(الزخرف) [3] [4].
ثانيا. اختلاف مفسري التوراة في عدد هذه الآيات:
إن مفسري التوارة صرحوا بالاختلاف في عدد هذه الآيات، فالآية الثانية وهي الضفادع، يوجد من يقول: إنها التماسيح، والآية الثالثة، قال بعضهم: إنها ضربة القمل، وقال بعضهم: إنها ضربة البعوض، والآية الرابعة قال بعضهم: إنها ذباب الكلب خاصة، وقيل: مطلق الذباب. وفي القرآن الكريم أن الآيات التسع فيها آية الطوفان، فقد ورد ذكره في
قوله تعالى:
(فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين)
(الأعراف:133)
في حين أن التوراة ليس فيها هذه الآية[5].
وهذا الاختلاف بين مفسري التوراة يؤكد أن ما جاء في القرآن هو الصواب.
الخلاصة:
· القرآن الكريم أخبر أن آيات موسى - عليه السلام - تسع، وهي: العصا، واليد، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والسنين، ونقص الثمرات، والقرآن صاحب الكلمة الفصل في ذلك؛ لأنه ثبتت حجته تاريخيا، والكتاب المقدس لم تثبت حجته تاريخيا، فأيادي التحريف قد عبثت به.
· لقد اختلف مفسرو التوراة أنفسهم بشأن هذه الآيات، سواء من حيث العدد أم التسمية، ففي الآية الثالثة - على سبيل المثال - نجد أن منهم من قال: إنها القمل، ومنهم من قال: إنها ضربة البعوض؛ مما يؤكد عدم صدق هذه التوراة واضطراب ما جاءت به من أخبار.
المراجع
- (*) حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين، د. محمود حمدي زقزوق، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، ط2، 1425/ 2004م.
- الصنوف: جمع صنف، وهو النوع.
- الرجز: العذاب.
- آسفونا: أغضبونا بكثرة عصيانهم.
- النبوة والأنبياء، محمد علي الصابوني، دار الصابوني، مكة المكرمة، 1390هـ، ص180: 182.
- حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين، د. محمود حمدي زقزوق، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، ط2، 1425/ 2004م، ص503.
الجواب التفصيلي
دعوى مخالفة القرآن الكريم التوراة في عدد آيات موسى عليه السلام (*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المشككين تعارض القرآن الكريم مع الكتاب المقدس في عدد الآيات التي جاء بها موسى عليه السلام، ففي حين أنها في التوراة عشر آيات، نجد القرآن يقول: إنها تسع، ويستدلون على ذلك
بقوله تعالى:
(ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات)
(الإسراء: ١٠١).
وجها إبطال الشبهة:
1) القرآن الكريم صاحب الكلمة الفصل في عدد الآيات التي ابتلي بها بنو إسرائيل؛ لأن القرآن ثبتت حجته تاريخيا بصحة سنده، وبموافقة المؤرخين له.
2) إن مفسري التوراة أنفسهم قد اختلفوا في عدد هذه الآيات، وهذا الاختلاف من شأنه أن يثبت صحة ما ورد في القرآن.
التفصيل:
أولا. القرآن الكريم هو الحجة وثبتت حجته، والكتب الأخرى لم تثبت حجتها:
إن ما ثبتت حجته يكون حجة على ما لم تثبت حجته، والقرآن حجة تاريخية موثقة، ويبدو أن الزاعمين لا تزيد معلوماتهم التاريخية عما جاء في الكتاب المقدس، وأن القرآن الكريم - وهو صاحب كلمة الفصل الحق - يذكر أن الله - عز وجل - آتى موسى - عليه السلام - تسع آيات بينات:
(ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا)
(الإسراء:101)
أمر الله - سبحانه وتعالى - موسى أن يعلم فرعون وقومه، بأن الله سيوقع عليهم العذاب الشديد، جزاء تكذيبهم، وامتناعهم عن إطلاق بني إسرائيل، فأرسل الله عليهم أنواعا من العذاب وصنوفا[1] من البلاء، وكانت بمثابة إنذار لهم من الله - عز وجل - ليعودوا إلى رشدهم، وأظهر هذه الابتلاءات أو الآيات التسع التي أرسلها الله على قوم فرعون، وهي:
· القحط والجدب: وهو الذي عبر عنه القرآن بـ "السنين"، وهي أعوام الجدب التي أصابتهم حيث لا يستغل فيها زرع، ولا ينتفع بضرع.
· النقص من الثمرات: وهي قلة الثمار من الأشجار بسبب الجوائح والعاهات.
· الطوفان: وهو كثرة الأمطار المتلفة للزوع والثمار، وهو مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقيل: المراد فيضان نهر النيل عليهم.
· الجراد: وقد أرسله الله على آل فرعون بشكل غير معهود، فكان يغطي الخضراء، ويحجب ضياء الشمس لكثرته، وكان لا يترك لهم زرعا ولا ثمرا.
· القمل: وهو السوس الذي يفسد الحبوب، وقيل: هو القمل المعروف، وقيل: هو البعوض الذي أقض مضاجعهم ولم يمكنهم من الغمض ولا العيش.
· الضفادع: وقد كثرت عندهم حتى نغصت عليهم عيشهم حيث كانت تسقط في أطعمتهم وأوانيهم، وتقفز على فرشهم وملابسهم.
· الدم: وهو من الآيات الواضحة، فقد استحال الماء دما، فلا يسقون من بئر، ولا نهر إلا انقلب إلى دم في الحال.
· العصا: وكانت من معجزات موسى - عليه السلام - حيث تنقلب إلى حية تسعى.
· اليد: إذ كان يضع يده في جيبه، ثم يخرجها بيضاء من غير سوء آية أخرى، قال تعالى: )ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا (101)( (الإسراء).
فكان هؤلاء كلما شاهدوا آية أظهروا الأسف والندم، وجاءوا إلى موسى - عليه السلام - يطلبون منه أن يدعو ربه ليكشف عنهم الرجز [2] والعذاب، فإذا رفعت عنهم تلك الآية عادوا إلى شر مما كانوا عليه، حتى كانت الآية الكبرى التي لم ينج منها أحد من فرعون وجنوده، ألا وهي الغرق في البحر:
(فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين (55) فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين (56)
(الزخرف) [3] [4].
ثانيا. اختلاف مفسري التوراة في عدد هذه الآيات:
إن مفسري التوارة صرحوا بالاختلاف في عدد هذه الآيات، فالآية الثانية وهي الضفادع، يوجد من يقول: إنها التماسيح، والآية الثالثة، قال بعضهم: إنها ضربة القمل، وقال بعضهم: إنها ضربة البعوض، والآية الرابعة قال بعضهم: إنها ذباب الكلب خاصة، وقيل: مطلق الذباب. وفي القرآن الكريم أن الآيات التسع فيها آية الطوفان، فقد ورد ذكره في
قوله تعالى:
(فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين)
(الأعراف:133)
في حين أن التوراة ليس فيها هذه الآية[5].
وهذا الاختلاف بين مفسري التوراة يؤكد أن ما جاء في القرآن هو الصواب.
الخلاصة:
· القرآن الكريم أخبر أن آيات موسى - عليه السلام - تسع، وهي: العصا، واليد، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والسنين، ونقص الثمرات، والقرآن صاحب الكلمة الفصل في ذلك؛ لأنه ثبتت حجته تاريخيا، والكتاب المقدس لم تثبت حجته تاريخيا، فأيادي التحريف قد عبثت به.
· لقد اختلف مفسرو التوراة أنفسهم بشأن هذه الآيات، سواء من حيث العدد أم التسمية، ففي الآية الثالثة - على سبيل المثال - نجد أن منهم من قال: إنها القمل، ومنهم من قال: إنها ضربة البعوض؛ مما يؤكد عدم صدق هذه التوراة واضطراب ما جاءت به من أخبار.
المراجع
- (*) حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين، د. محمود حمدي زقزوق، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، ط2، 1425/ 2004م.
- الصنوف: جمع صنف، وهو النوع.
- الرجز: العذاب.
- آسفونا: أغضبونا بكثرة عصيانهم.
- النبوة والأنبياء، محمد علي الصابوني، دار الصابوني، مكة المكرمة، 1390هـ، ص180: 182.
- حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين، د. محمود حمدي زقزوق، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، ط2، 1425/ 2004م، ص503.