نص السؤال

إن الدِّينَ الإسلاميَّ وأتباعَهُ يَغلِبُ عليهم التشدُّدُ، ونحن نحتاجُ إلى المسلِمين المعتدِلين، والإسلامِ الوسَطيِّ المعتدِل.

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

مفهومُ التشدُّدِ والاعتدالِ في الإسلام.

الجواب التفصيلي


إن مِن أكبرِ أسبابِ هذه الشبهةِ: ما يتمثَّلُ في وقوعِ بعضِ الناسِ تحت سطوةِ ضغطِ الماكينةِ الإعلاميَّةِ الرهيبةِ في عصرِنا، التي تَسْعى لربطِ الإسلامِ بالغُلُوِّ والتطرُّف، وأسهَمَ في زيادةِ الإشكالِ أدواتُ بعضِ المسلِمين وعقولُهم، رسَّخوا هذا الانطباعَ السلبيَّ في نفوسِ الكثيرينَ بممارَساتٍ مغالِيةٍ ينسُبُونها إلى الدِّين؛ فجَنَوْا على دينِهم وهُوِيَّتِهم، وجعَلوها مَحَلَّ تُهْمةٍ وعيبٍ، ثمَّ أسهَمَ آخَرون مِن المسلِمين في تأكيدِ هذا الانطباعِ السلبيِّ بالحرصِ على استحضارِ وصفِ الاعتدالِ عند ذِكرِ الإسلام؛ ليتأكَّدَ لكثيرٍ مِن المراقِبين: أن الإسلامَ مِن حيثُ هو لا يمثِّلُ قِيَمَ الاعتدالِ والوسَطيَّة.

غيرَ أن الجوابَ عن هذه الشبهةِ على جهةِ التفصيلِ يحتاجُ منا إلى إيضاحِ أمرَيْنِ اثنَيْن:

1- التشدُّدُ في الدِّينِ لا خيرَ فيه:

إن التشدُّدَ في الدِّينِ شرٌّ لا خيرَ فيه، وإذا كان النبيُّ ^ قد قال: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ»؛ رواه مسلم (2594)؛ فكذلك الشدَّةُ شرٌّ لا تأتي إلا بالشرّ؛ ولذلك تكاثَرَتِ الأحاديثُ، وتنوَّعتْ عباراتُها في التحذيرِ منها؛ فقال ^:

أوَّلًا:

«إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا»؛

رواه البخاري (39).

ثانيًا:

«إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ»؛

رواه أحمد (3248)، وابنُ خُزَيمةَ (2867)، وغيرُهما. وانظر: «السلسلةَ الصحيحة» (1283).

ثالثًا:

«لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِتَشْدِيدِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَسَتَجِدُونَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ»؛

رواه أبو داودَ (4904)، وغيرُه. وانظر: «السلسلة الصحيحة» (3124).

2- ضابطُ معرفةِ الاعتدالِ الممدوحِ، والتمييزُ بينه وبين التشدُّدِ المذمومِ، هو الشريعةُ نفسُها:

فالإسلامُ يَحمِلُ في ذاتِهِ جوابًا عن حدودِ الاعتدال؛ فمَن تمسَّك بالإسلامِ حقًّا بأحكامِهِ وتشريعاتِهِ وحدودِه، فهو الواقعُ في مربَّعِ الاعتدال، المبرَّأُ مِن مظاهرِ الغُلُوِّ وصُوَرِ الجَفَاء، وليس ضابطُ الاعتدالِ مستوحًى مِن معاييرَ خارجةٍ عن الإسلامِ تحدِّدُ للإسلامِ مفهومَ الاعتدال.

فليس للمسلِمِ أن يحكِّمَ أعرافَهُ وتقاليدَهُ، أو أهواءَهُ الشخصيَّةَ، أو رضوخَهُ لهَيمَنةِ ثقافةٍ وافدةٍ على الإسلام، فيستخرِجَ مِن ممارَستِهِ هذه مظاهرَ الاعتدالِ المنشودِ الذي يُمتدَحُ صاحبُه؛ بل الواجبُ محاكَمةُ هذه جميعًا إلى أصولِ الشريعةِ ومحكَماتِها؛ فما كان موافِقًا لها، فهو الاعتدالُ، وما كان مخالِفًا، فليس مِن الاعتدالِ، ولو ملَأَ صاحِبُها فضاءَ الدنيا حديثًا عن الاعتدال.

هذا هو المنهجُ الذي يجبُ أن يكونَ عميقًا في وعيِ كلِّ مسلِمٍ؛ فلا يكتفي بمجرَّدِ رفعِ لافتةِ الاعتدال، واتِّخاذِهِ شعارًا؛ بل يجبُ فحصُ هذه الدعوى وَفْقَ منهجِ الشريعةِ؛ لمعرفةِ الصحيحِ مِن المغشوش.

وتَلحَظُ هنا: أن شيوعَ ظاهرةِ التساهُلِ في اللَّمْزِ، والاتِّهامَ بالغُلُوِّ والتطرُّفِ، لا يُضعِفُ تأثيرَ مثلِ هذه التُّهْمةِ في الواقع؛ فلا يَبْقى لها ذاك الأثَرُ في صرفِ الوجوهِ والقلوبِ عنه؛ لأن كلَّ طرَفٍ يُطلِقُ على الآخَرِ تُهْمةَ الغُلُوِّ، ثمَّ يتفاخَرُ بالانتسابِ إلى الاعتدال؛ فالحلُّ لمعالَجةِ إشكالاتِ التطرُّفِ والغُلُوِّ: هو التحاكُمُ إلى كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِهِ ^؛ لمعرفةِ مواطِنِ الغُلُوِّ والتطرُّف، والجفاءِ والتساهُل، ولنُدرِكَ موضعَ الاعتدالِ حقًّا، ونَعِيَ دائرتَه، وهو ما يحتِّمُ على كلِّ طرَفٍ أن يُثبِتَ اعتدالَهُ مِن خلالِ التزامِهِ بدلائلِ الكتابِ والسنَّة، لا مِن خلالِ الشِّعاراتِ والدَّعاوى الفارغة.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى في ممارَساتِ كثيرٍ مِن المسلِمين وتصرُّفاتِهم تشدُّدًا مِن وجهةِ نظرِهِ؛ فهو يتعجَّبُ مِن تلك التصرُّفات، ويتساءَلُ عن دِينِ الإسلام؛ هل هو دينٌ متشدِّد؟

ولعلَّه يريدُ أن يتَّخِذَ مِن تصرُّفاتِ بعضِ المسلِمين سببًا للطعنِ في دِينِ الإسلام، ورميِهِ بالتشدُّدِ والرَّهْبانيَّة.

مختصَرُ الإجابة:

التشدُّدُ في الدِّينِ ليس هو التمسُّكَ به والحرصَ عليه؛ وإنما هو تجاوُزُ الحدِّ المشروعِ في تطبيقِ الأوامرِ، والإتيانِ بالسُّنَنِ، أو الابتداعُ فيه ما ليس منه، مبالَغةً في التعبُّدِ لله، أما التمسُّكُ بالدِّينِ، فهو مطلوبٌ مِن كلِّ مسلِم.

إن دِينَنا الإسلاميَّ هو دِينُ الاعتدالِ، وحين نقولُ: «الإسلامُ»، فهو الإسلامُ بأحكامِهِ وأصولِه، هو دِينُ العدلِ والاعتدال، والرحمةِ والنجاةِ في الدنيا والآخِرة، نَفخَرُ بذلك، ونُعْلي الصوتَ به، ولا نَخجَلُ منه، ولا نطأطِئُ الرأسَ بسبب ضغطٍ إعلاميٍّ يجيءُ مِن هنا أو هناك.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى في ممارَساتِ كثيرٍ مِن المسلِمين وتصرُّفاتِهم تشدُّدًا مِن وجهةِ نظرِهِ؛ فهو يتعجَّبُ مِن تلك التصرُّفات، ويتساءَلُ عن دِينِ الإسلام؛ هل هو دينٌ متشدِّد؟

ولعلَّه يريدُ أن يتَّخِذَ مِن تصرُّفاتِ بعضِ المسلِمين سببًا للطعنِ في دِينِ الإسلام، ورميِهِ بالتشدُّدِ والرَّهْبانيَّة.

مختصَرُ الإجابة:

التشدُّدُ في الدِّينِ ليس هو التمسُّكَ به والحرصَ عليه؛ وإنما هو تجاوُزُ الحدِّ المشروعِ في تطبيقِ الأوامرِ، والإتيانِ بالسُّنَنِ، أو الابتداعُ فيه ما ليس منه، مبالَغةً في التعبُّدِ لله، أما التمسُّكُ بالدِّينِ، فهو مطلوبٌ مِن كلِّ مسلِم.

إن دِينَنا الإسلاميَّ هو دِينُ الاعتدالِ، وحين نقولُ: «الإسلامُ»، فهو الإسلامُ بأحكامِهِ وأصولِه، هو دِينُ العدلِ والاعتدال، والرحمةِ والنجاةِ في الدنيا والآخِرة، نَفخَرُ بذلك، ونُعْلي الصوتَ به، ولا نَخجَلُ منه، ولا نطأطِئُ الرأسَ بسبب ضغطٍ إعلاميٍّ يجيءُ مِن هنا أو هناك.

الجواب التفصيلي


إن مِن أكبرِ أسبابِ هذه الشبهةِ: ما يتمثَّلُ في وقوعِ بعضِ الناسِ تحت سطوةِ ضغطِ الماكينةِ الإعلاميَّةِ الرهيبةِ في عصرِنا، التي تَسْعى لربطِ الإسلامِ بالغُلُوِّ والتطرُّف، وأسهَمَ في زيادةِ الإشكالِ أدواتُ بعضِ المسلِمين وعقولُهم، رسَّخوا هذا الانطباعَ السلبيَّ في نفوسِ الكثيرينَ بممارَساتٍ مغالِيةٍ ينسُبُونها إلى الدِّين؛ فجَنَوْا على دينِهم وهُوِيَّتِهم، وجعَلوها مَحَلَّ تُهْمةٍ وعيبٍ، ثمَّ أسهَمَ آخَرون مِن المسلِمين في تأكيدِ هذا الانطباعِ السلبيِّ بالحرصِ على استحضارِ وصفِ الاعتدالِ عند ذِكرِ الإسلام؛ ليتأكَّدَ لكثيرٍ مِن المراقِبين: أن الإسلامَ مِن حيثُ هو لا يمثِّلُ قِيَمَ الاعتدالِ والوسَطيَّة.

غيرَ أن الجوابَ عن هذه الشبهةِ على جهةِ التفصيلِ يحتاجُ منا إلى إيضاحِ أمرَيْنِ اثنَيْن:

1- التشدُّدُ في الدِّينِ لا خيرَ فيه:

إن التشدُّدَ في الدِّينِ شرٌّ لا خيرَ فيه، وإذا كان النبيُّ ^ قد قال: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ»؛ رواه مسلم (2594)؛ فكذلك الشدَّةُ شرٌّ لا تأتي إلا بالشرّ؛ ولذلك تكاثَرَتِ الأحاديثُ، وتنوَّعتْ عباراتُها في التحذيرِ منها؛ فقال ^:

أوَّلًا:

«إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا»؛

رواه البخاري (39).

ثانيًا:

«إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ»؛

رواه أحمد (3248)، وابنُ خُزَيمةَ (2867)، وغيرُهما. وانظر: «السلسلةَ الصحيحة» (1283).

ثالثًا:

«لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِتَشْدِيدِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَسَتَجِدُونَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ»؛

رواه أبو داودَ (4904)، وغيرُه. وانظر: «السلسلة الصحيحة» (3124).

2- ضابطُ معرفةِ الاعتدالِ الممدوحِ، والتمييزُ بينه وبين التشدُّدِ المذمومِ، هو الشريعةُ نفسُها:

فالإسلامُ يَحمِلُ في ذاتِهِ جوابًا عن حدودِ الاعتدال؛ فمَن تمسَّك بالإسلامِ حقًّا بأحكامِهِ وتشريعاتِهِ وحدودِه، فهو الواقعُ في مربَّعِ الاعتدال، المبرَّأُ مِن مظاهرِ الغُلُوِّ وصُوَرِ الجَفَاء، وليس ضابطُ الاعتدالِ مستوحًى مِن معاييرَ خارجةٍ عن الإسلامِ تحدِّدُ للإسلامِ مفهومَ الاعتدال.

فليس للمسلِمِ أن يحكِّمَ أعرافَهُ وتقاليدَهُ، أو أهواءَهُ الشخصيَّةَ، أو رضوخَهُ لهَيمَنةِ ثقافةٍ وافدةٍ على الإسلام، فيستخرِجَ مِن ممارَستِهِ هذه مظاهرَ الاعتدالِ المنشودِ الذي يُمتدَحُ صاحبُه؛ بل الواجبُ محاكَمةُ هذه جميعًا إلى أصولِ الشريعةِ ومحكَماتِها؛ فما كان موافِقًا لها، فهو الاعتدالُ، وما كان مخالِفًا، فليس مِن الاعتدالِ، ولو ملَأَ صاحِبُها فضاءَ الدنيا حديثًا عن الاعتدال.

هذا هو المنهجُ الذي يجبُ أن يكونَ عميقًا في وعيِ كلِّ مسلِمٍ؛ فلا يكتفي بمجرَّدِ رفعِ لافتةِ الاعتدال، واتِّخاذِهِ شعارًا؛ بل يجبُ فحصُ هذه الدعوى وَفْقَ منهجِ الشريعةِ؛ لمعرفةِ الصحيحِ مِن المغشوش.

وتَلحَظُ هنا: أن شيوعَ ظاهرةِ التساهُلِ في اللَّمْزِ، والاتِّهامَ بالغُلُوِّ والتطرُّفِ، لا يُضعِفُ تأثيرَ مثلِ هذه التُّهْمةِ في الواقع؛ فلا يَبْقى لها ذاك الأثَرُ في صرفِ الوجوهِ والقلوبِ عنه؛ لأن كلَّ طرَفٍ يُطلِقُ على الآخَرِ تُهْمةَ الغُلُوِّ، ثمَّ يتفاخَرُ بالانتسابِ إلى الاعتدال؛ فالحلُّ لمعالَجةِ إشكالاتِ التطرُّفِ والغُلُوِّ: هو التحاكُمُ إلى كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِهِ ^؛ لمعرفةِ مواطِنِ الغُلُوِّ والتطرُّف، والجفاءِ والتساهُل، ولنُدرِكَ موضعَ الاعتدالِ حقًّا، ونَعِيَ دائرتَه، وهو ما يحتِّمُ على كلِّ طرَفٍ أن يُثبِتَ اعتدالَهُ مِن خلالِ التزامِهِ بدلائلِ الكتابِ والسنَّة، لا مِن خلالِ الشِّعاراتِ والدَّعاوى الفارغة.