نص السؤال
إن العقلَ يجبُ تقديمُهُ على ظاهرِ الشرعِ؛ فلو تعارَضَ نصٌّ وعقلٌ، أُوِّلَ النصُّ أو فُوِّضَ، وأُخِذَ بحكمِ العقل.
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
هل صحيحٌ أن النقلَ الصحيحَ يتعارَضُ مع العقلِ الصريح؟
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
للأدلَّةِ العقليَّةِ الصحيحةِ التي نصَبَها اللهُ تعالى مرشِدةً إلى المعارفِ الدينيَّةِ، مكانةٌ جليلةٌ عند أهلِ السنَّةِ والحديث، وتلك الأدلَّةُ المرشِدةُ إلى المطالبِ الاعتقاديَّةِ أنواعٌ متعدِّدةٌ؛ فمنها السَّبْرُ والتقسيم، ومنها قياسُ الأَوْلى، ومنها الاستقراءُ، ومنها التحسينُ والتقبيحُ العقليّ.
ولا يقلِّلُ مِن قِيمةِ جنسِ الدليلِ العقليِّ أحدٌ مِن أهلِ السنَّةِ والعلم، بل إنهم يُرشِدون إلى أهميَّتِهِ، ويبيِّنون أن أقوالَ السلفِ في ذمِّ علمِ الكلامِ لا تنطبِقُ عليه.
ولدى النظرِ في قضيَّةِ العَلاقةِ بين العقلِ والنقلِ نجدُ لها مستوَياتٍ كثيرةً، في البحثِ العقَديِّ الإسلاميِّ، وكذلك لدى البحثِ في الفِرَقِ والأديان:
- ففي البحثِ العقَديِّ الإسلاميِّ:
نجدُ أن المتكلِّمينَ مِن الأشعريَّةِ وغيرِهم وضَعوا قانونًا لقضيَّةِ تعارُضِ العقلِ والنقل، وأخَذَ ذلك القانونَ بعضُ مَن يخالِفُهم مِن أربابِ المدرسةِ التنويريَّةِ أو العقلانيَّةِ الحديثة، وأخَذوا يَغلُون فيه فوق غُلُوِّ مَن سبَقَهم، فرَدُّوا به المعجِزاتِ، وأنكَروا به نزولَ عيسى عليه السلامُ آخِرَ الزمان، وغيرَ ذلك.
ولدى تفكيكِ شبهةِ تعارُضِ العقلِ والنقلِ، لا بدَّ مِن تقريرِ أمور:
أوَّلًا: أن حاصلَ ما يذكُرُهُ المتكلِّمون في هذه المسألةِ هو تقديمُ نظريَّاتِهم الكلاميَّةِ على النصِّ الشرعيِّ، وتأويلُ النصوصِ لصالحِ تلك النظريَّات؛ فالمتكلِّمُ إذا أوَّل بعضَ النصوصِ بحجَّةِ معارَضتِها للعقل، فإنما يَعْني معارَضتَها لدليلٍ عقليٍّ عنده، وهذا الدليلُ العقليُّ قد يكونُ فاسدًا في نفسِ الأمر؛ مِثلُ دليلِ حدوثِ الأجسام.
ثانيًا: أن ما يَدَّعُونه مِن حصرِ طريقِ إثباتِ النقلِ في دليلٍ معيَّنٍ، ينبني عليه إثباتُ النقلِ -: لا يُسلَّمُ لهم، بل طرُقُ إثباتِ نبوَّةِ محمَّدٍ ^ كثيرةٌ، فلو سقَطَ ذلك الأصلُ الذي حصَروا فيه إثباتَ نبوَّةِ محمَّدٍ ^، لم يسقُطْ بسقوطِهِ كلُّ أصلٍ لإثباتِ صدقِ محمَّدٍ ^.
ثالثًا: العقلُ يُقدَّمُ تارَةً، والنقلُ يُقدَّمُ تارَةً، فإذا كان النقلُ مكذوبًا أو واهيًا، أو دلالتُهُ ضعيفةٌ، قُدِّمَ عليه العقلُ، وإذا كان الدليلُ العقليُّ وَهْميًّا، قُدِّمَ عليه النقلُ الصحيحُ الصريح؛ فالنظرُ في قوَّةِ الدليلِ ودرَجتِهِ، لا في نوعِهِ العقليِّ أو النقليِّ، والممتنِعُ: أن يتعارَضَ النصُّ الصحيحُ الصريح، مع العقلِ الصريح.
رابعًا: اللهُ تعالى لم يأمُرْ باتِّباعِ الوحيِ أمرًا معلَّقًا بعدمِ معارَضةِ العقل، وإنما أمَرَ بذلك أمرًا مطلَقًا؛ وهذا يدُلُّ على بطلانِ كلِّ منهجٍ يُعْطي وِصايةً لأمرٍ مِن الأمورِ على الوحيِ الشريف.
فمِن الأصولِ المتفَقِ عليها بين الصحابةِ والتابِعين لهم بإحسانٍ: أنه لا يُقبَلُ مِن أحدٍ قطُّ أن يعارِضَ القرآنَ؛ لا برأيِه، ولا ذَوْقِه، ولا معقولِه، ولا قياسِه، ولا وَجْدِه؛ فإنهم ثبَتَ عنهم بالبراهينِ القطعيَّاتِ، والآياتِ البيِّناتِ: أن الرسولَ ^ جاء بالهُدَى ودِينِ الحَقِّ، وأن القرآنَ يَهْدي للتي هي أقوَمُ؛ كما قرَّر ذلك ابنُ تيميَّةَ رحمه اللهُ تعالى.
خامسًا: أن الوحيَ قد يأتي بمُحاراتِ العقول، لكنَّه لا يأتي بمُحالاتِ العقول؛ فما تَحارُ فيه العقولُ ليس للعقولِ فيه كلامٌ؛ فلا تعارِضُه، لكنَّ الوحيَ لا يُثبِتُ ما تُحيلُهُ العقول، كما لا يَنْفي ما تُوجِبُهُ العقول.
إذا تقرَّرَتْ هذه الأمورُ الأربعةُ، فإن العقلَ والنقلَ إذا تعارَضا، فأحدُ أمورٍ أربعةٍ لازمٌ:
إما أن العقلَ غيرُ صريحٍ، بل هو شبهةٌ عقليَّة.
وإما أن النقلَ غيرُ صحيحٍ، بل هو ضعيفُ السنَدِ أو موضوعُه. وإما أن النقلَ غيرُ صريحٍ، بل دَلالتُهُ ضعيفةٌ أو باطلة.
وإما أن النقلَ أتى بمُحاراتِ العقول، لا بمُحالاتِها.
وإذْ ذاك: فلا تعارُضَ بين العقلِ والنقل.
- أما لدى النظرِ في قضيَّةِ تعارُضِ العقلِ والدِّينِ في مباحثِ الفرقِ والأديانِ - وهي مسألةٌ أخرى تمامًا عن المسألةِ آنِفةِ الذِّكْرِ -:
نجدُ حقيقةً مهمَّةً، نبَّه إليها الشيخُ مصطفى صبري التُّوقَاديُّ، وهي أن المتديِّنين مِن علماءِ الغربِ المسيحيِّ مضطرُّون في سبيلِ نصرِ دِينِهم، والذَّوْدِ عنه، إلى نبذِ العقلِ والاستهانةِ به؛ نظرًا لأن دِينَهم «المسيحيَّةَ المحرَّفةَ» قد أقام بينهم وبين العقلِ حاجزًا مِن العقائدِ الباطلةِ، التي لا يستسيغُها العقلُ؛ مثلُ عقيدةِ التثليثِ، وبُنُوَّةِ المسيحِ للهِ؛ وهذا مما تَمنَعُهُ العقولُ السليمةُ وتُحِيلُه؛ ولهذا فإن ملاحِدتَهم يستنِدون في إلحادِهم إلى العقلِ، ويتمسَّكون به؛ لهدمِ دِينِهم؛ بحجَّةِ مناوأتِهِ لعقولِهم.
ومِن هنا يتبيَّنُ: عِظمُ خطأِ وجنايةِ مثقَّفي الشرقِ الإسلاميِّ العصريِّين الذين نادَوْا بمناوأةِ العقلِ للإسلام؛ تقليدًا للغربِ المسيحيِّ في ذلك، دون حجَّةٍ أو برهان.
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال:
إن النصوصَ محتمِلةٌ، ودَلالتُها ظنِّيَّةٌ، أما العقولُ، فإن دَلالتَها قطعيَّةٌ، والمنهجُ العلميُّ يقتضي تقديمَ القطعِ على الظنِّ عند التعارُض.
مختصَرُ الإجابة:
احتمالُ وجودِ قاطعٍ عقليٍّ يخالِفُ دليلًا سمعيًّا بالنسبةِ للأدلَّةِ السمعيَّةِ الثابتةِ الصحيحةِ الصريحةِ، منفيٌّ قطعًا؛ فلا يُمكِنُ أن يعارِضَ قاطعٌ عقليٌّ نصًّا في كتابِ اللهِ تعالى، أو في صحيحِ السنَّةِ النبويَّةِ؛ كجمهورِ الأحاديثِ الواردةِ في «صحيحَيِ البخاريِّ ومسلم». أما بالنسبةِ للأدلَّةِ الفاسدةِ المنسوبةِ للوحيِ - مِثلُ الأحاديثِ الواهيةِ والمكذوبةِ، أو المدلولاتِ التي تدُلُّ عليها النصوصُ دَلالةً ضعيفةً مرجوحةً، أو باطلةً - فالتعارُضُ بين القاطعِ العقليِّ وبينها، ممكِنٌ؛ وهو مما يبيِّنُ بطلانَها.
لكنَّ غالبَ ما يعارِضونَ به الوحيَ الثابتَ الصريحَ، إنما هي دعاوَى وشُبَهٌ عقليَّةٌ، وليس عقلًا سليمًا صريحًا عند التحقيق. والشريعةُ تأتي بمُحاراتِ العقولِ، لا بمُحالاتِها، وما تَحَارُ فيه العقولُ يكونُ مِن مجوَّزاتِها، لا ممتنعاتِها؛ فلا تعارُض.
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال:
إن النصوصَ محتمِلةٌ، ودَلالتُها ظنِّيَّةٌ، أما العقولُ، فإن دَلالتَها قطعيَّةٌ، والمنهجُ العلميُّ يقتضي تقديمَ القطعِ على الظنِّ عند التعارُض.
مختصَرُ الإجابة:
احتمالُ وجودِ قاطعٍ عقليٍّ يخالِفُ دليلًا سمعيًّا بالنسبةِ للأدلَّةِ السمعيَّةِ الثابتةِ الصحيحةِ الصريحةِ، منفيٌّ قطعًا؛ فلا يُمكِنُ أن يعارِضَ قاطعٌ عقليٌّ نصًّا في كتابِ اللهِ تعالى، أو في صحيحِ السنَّةِ النبويَّةِ؛ كجمهورِ الأحاديثِ الواردةِ في «صحيحَيِ البخاريِّ ومسلم». أما بالنسبةِ للأدلَّةِ الفاسدةِ المنسوبةِ للوحيِ - مِثلُ الأحاديثِ الواهيةِ والمكذوبةِ، أو المدلولاتِ التي تدُلُّ عليها النصوصُ دَلالةً ضعيفةً مرجوحةً، أو باطلةً - فالتعارُضُ بين القاطعِ العقليِّ وبينها، ممكِنٌ؛ وهو مما يبيِّنُ بطلانَها.
لكنَّ غالبَ ما يعارِضونَ به الوحيَ الثابتَ الصريحَ، إنما هي دعاوَى وشُبَهٌ عقليَّةٌ، وليس عقلًا سليمًا صريحًا عند التحقيق. والشريعةُ تأتي بمُحاراتِ العقولِ، لا بمُحالاتِها، وما تَحَارُ فيه العقولُ يكونُ مِن مجوَّزاتِها، لا ممتنعاتِها؛ فلا تعارُض.
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
للأدلَّةِ العقليَّةِ الصحيحةِ التي نصَبَها اللهُ تعالى مرشِدةً إلى المعارفِ الدينيَّةِ، مكانةٌ جليلةٌ عند أهلِ السنَّةِ والحديث، وتلك الأدلَّةُ المرشِدةُ إلى المطالبِ الاعتقاديَّةِ أنواعٌ متعدِّدةٌ؛ فمنها السَّبْرُ والتقسيم، ومنها قياسُ الأَوْلى، ومنها الاستقراءُ، ومنها التحسينُ والتقبيحُ العقليّ.
ولا يقلِّلُ مِن قِيمةِ جنسِ الدليلِ العقليِّ أحدٌ مِن أهلِ السنَّةِ والعلم، بل إنهم يُرشِدون إلى أهميَّتِهِ، ويبيِّنون أن أقوالَ السلفِ في ذمِّ علمِ الكلامِ لا تنطبِقُ عليه.
ولدى النظرِ في قضيَّةِ العَلاقةِ بين العقلِ والنقلِ نجدُ لها مستوَياتٍ كثيرةً، في البحثِ العقَديِّ الإسلاميِّ، وكذلك لدى البحثِ في الفِرَقِ والأديان:
- ففي البحثِ العقَديِّ الإسلاميِّ:
نجدُ أن المتكلِّمينَ مِن الأشعريَّةِ وغيرِهم وضَعوا قانونًا لقضيَّةِ تعارُضِ العقلِ والنقل، وأخَذَ ذلك القانونَ بعضُ مَن يخالِفُهم مِن أربابِ المدرسةِ التنويريَّةِ أو العقلانيَّةِ الحديثة، وأخَذوا يَغلُون فيه فوق غُلُوِّ مَن سبَقَهم، فرَدُّوا به المعجِزاتِ، وأنكَروا به نزولَ عيسى عليه السلامُ آخِرَ الزمان، وغيرَ ذلك.
ولدى تفكيكِ شبهةِ تعارُضِ العقلِ والنقلِ، لا بدَّ مِن تقريرِ أمور:
أوَّلًا: أن حاصلَ ما يذكُرُهُ المتكلِّمون في هذه المسألةِ هو تقديمُ نظريَّاتِهم الكلاميَّةِ على النصِّ الشرعيِّ، وتأويلُ النصوصِ لصالحِ تلك النظريَّات؛ فالمتكلِّمُ إذا أوَّل بعضَ النصوصِ بحجَّةِ معارَضتِها للعقل، فإنما يَعْني معارَضتَها لدليلٍ عقليٍّ عنده، وهذا الدليلُ العقليُّ قد يكونُ فاسدًا في نفسِ الأمر؛ مِثلُ دليلِ حدوثِ الأجسام.
ثانيًا: أن ما يَدَّعُونه مِن حصرِ طريقِ إثباتِ النقلِ في دليلٍ معيَّنٍ، ينبني عليه إثباتُ النقلِ -: لا يُسلَّمُ لهم، بل طرُقُ إثباتِ نبوَّةِ محمَّدٍ ^ كثيرةٌ، فلو سقَطَ ذلك الأصلُ الذي حصَروا فيه إثباتَ نبوَّةِ محمَّدٍ ^، لم يسقُطْ بسقوطِهِ كلُّ أصلٍ لإثباتِ صدقِ محمَّدٍ ^.
ثالثًا: العقلُ يُقدَّمُ تارَةً، والنقلُ يُقدَّمُ تارَةً، فإذا كان النقلُ مكذوبًا أو واهيًا، أو دلالتُهُ ضعيفةٌ، قُدِّمَ عليه العقلُ، وإذا كان الدليلُ العقليُّ وَهْميًّا، قُدِّمَ عليه النقلُ الصحيحُ الصريح؛ فالنظرُ في قوَّةِ الدليلِ ودرَجتِهِ، لا في نوعِهِ العقليِّ أو النقليِّ، والممتنِعُ: أن يتعارَضَ النصُّ الصحيحُ الصريح، مع العقلِ الصريح.
رابعًا: اللهُ تعالى لم يأمُرْ باتِّباعِ الوحيِ أمرًا معلَّقًا بعدمِ معارَضةِ العقل، وإنما أمَرَ بذلك أمرًا مطلَقًا؛ وهذا يدُلُّ على بطلانِ كلِّ منهجٍ يُعْطي وِصايةً لأمرٍ مِن الأمورِ على الوحيِ الشريف.
فمِن الأصولِ المتفَقِ عليها بين الصحابةِ والتابِعين لهم بإحسانٍ: أنه لا يُقبَلُ مِن أحدٍ قطُّ أن يعارِضَ القرآنَ؛ لا برأيِه، ولا ذَوْقِه، ولا معقولِه، ولا قياسِه، ولا وَجْدِه؛ فإنهم ثبَتَ عنهم بالبراهينِ القطعيَّاتِ، والآياتِ البيِّناتِ: أن الرسولَ ^ جاء بالهُدَى ودِينِ الحَقِّ، وأن القرآنَ يَهْدي للتي هي أقوَمُ؛ كما قرَّر ذلك ابنُ تيميَّةَ رحمه اللهُ تعالى.
خامسًا: أن الوحيَ قد يأتي بمُحاراتِ العقول، لكنَّه لا يأتي بمُحالاتِ العقول؛ فما تَحارُ فيه العقولُ ليس للعقولِ فيه كلامٌ؛ فلا تعارِضُه، لكنَّ الوحيَ لا يُثبِتُ ما تُحيلُهُ العقول، كما لا يَنْفي ما تُوجِبُهُ العقول.
إذا تقرَّرَتْ هذه الأمورُ الأربعةُ، فإن العقلَ والنقلَ إذا تعارَضا، فأحدُ أمورٍ أربعةٍ لازمٌ:
إما أن العقلَ غيرُ صريحٍ، بل هو شبهةٌ عقليَّة.
وإما أن النقلَ غيرُ صحيحٍ، بل هو ضعيفُ السنَدِ أو موضوعُه. وإما أن النقلَ غيرُ صريحٍ، بل دَلالتُهُ ضعيفةٌ أو باطلة.
وإما أن النقلَ أتى بمُحاراتِ العقول، لا بمُحالاتِها.
وإذْ ذاك: فلا تعارُضَ بين العقلِ والنقل.
- أما لدى النظرِ في قضيَّةِ تعارُضِ العقلِ والدِّينِ في مباحثِ الفرقِ والأديانِ - وهي مسألةٌ أخرى تمامًا عن المسألةِ آنِفةِ الذِّكْرِ -:
نجدُ حقيقةً مهمَّةً، نبَّه إليها الشيخُ مصطفى صبري التُّوقَاديُّ، وهي أن المتديِّنين مِن علماءِ الغربِ المسيحيِّ مضطرُّون في سبيلِ نصرِ دِينِهم، والذَّوْدِ عنه، إلى نبذِ العقلِ والاستهانةِ به؛ نظرًا لأن دِينَهم «المسيحيَّةَ المحرَّفةَ» قد أقام بينهم وبين العقلِ حاجزًا مِن العقائدِ الباطلةِ، التي لا يستسيغُها العقلُ؛ مثلُ عقيدةِ التثليثِ، وبُنُوَّةِ المسيحِ للهِ؛ وهذا مما تَمنَعُهُ العقولُ السليمةُ وتُحِيلُه؛ ولهذا فإن ملاحِدتَهم يستنِدون في إلحادِهم إلى العقلِ، ويتمسَّكون به؛ لهدمِ دِينِهم؛ بحجَّةِ مناوأتِهِ لعقولِهم.
ومِن هنا يتبيَّنُ: عِظمُ خطأِ وجنايةِ مثقَّفي الشرقِ الإسلاميِّ العصريِّين الذين نادَوْا بمناوأةِ العقلِ للإسلام؛ تقليدًا للغربِ المسيحيِّ في ذلك، دون حجَّةٍ أو برهان.