نص السؤال

كيف أنكَرَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ وجودَ المعوِّذتَيْنِ في القرآن؛ أليس هذا تحريفًا للقرآن، ومخالَفةً لإجماعِ الصحابة؟!

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ وموقفُهُ مِن المعوِّذتَيْن

الجواب التفصيلي

ورَدَ عن الصحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه رواياتٌ تدُلُّ على أنه كان يمحُو المعوِّذتَيْنِ مِن المُصحَف، ويقولُ: «إنهما ليستا مِن كتابِ اللهِ»؛ كما في «زياداتِ المسنَد» لعبد اللهِ بنِ أحمد (35/ 117 رقم 21188)، وغيرِه.

وقد استدَلَّ بهذا الأثرِ بعضُ مَن طعَنوا في تواتُرِ القرآنِ الكريم، وفي حفظِ اللهِ تعالى له، وقالوا: «إن الصحابةَ حرَّفوا القرآنَ، وغيَّروا فيه، وحذَفوا منه أشياءَ»؛ كما زعَمَ الشِّيعةُ أنهم حذَفوا اسمَ «عليٍّ»، وأسماءَ آلِ البيتِ منه.

وحَلُّ هذا الإشكالِ، والجوابُ عنه: ذكَرهُ العلماءُ في كُتُبِهم، وقالوا فيه عددًا مِن التفسيرات:

فمنهم: مَن رَدَّ الروايةَ عنه وضعَّفها أصلًا؛ كابنِ حزمٍ، والنوَويِّ، وغيرِهما؛ لوجودِ الإشكالِ في بعضِ أسانيدِها، ولثبوتِ المصاحفِ مِن روايةِ الكوفيِّين عن ابنِ مسعودٍ، وفيها المعوِّذتان. «المحلَّى» (1/ 32)، و«المجموع» (3/ 396)، و«فتح الباري» (8/ 743).

وعلى هذا: فلا إشكالَ عندهم؛ لأنهم لا يسلِّمون بوقوعِ هذا الأمر.

ومنهم: مَن صحَّح الروايةَ، ووضَّح المرادَ بها، وشرَحَ المقصودَ مِن فعلِ ابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه:

فإنه على فرضِ صحَّتِها: فابنُ مسعودٍ هو واحدٌ مِن الصحابة؛ فلا يَلزَمُ أن يَسمَعَ جميعَ القرآنِ مِن النبيِّ ﷺ، ثم ما سَمِعَهُ قد يظُنُّهُ ليس بقرآنٍ، إنما هو دعاءٌ ونحوُه، ثم يكونُ هذا في فترةٍ مؤقَّتةٍ، ويتبيَّنُ له بعد ذلك موافَقةُ الجماعة:

قال ابنُ كَثِيرٍ: «لعلَّه لم يَسمَعْهما مِن النبيِّ ﷺ، ولم يتواتَرْ عنده، ثم لعلَّه قد رجَعَ عن قولِهِ ذلك إلى قولِ الجماعةِ؛ فإن الصحابةَ أثبَتُوهما في المصاحفِ الأئمَّةِ، ونفَّذوها إلى سائرِ الآفاقِ كذلك». «تفسير القرآن العظيم» (14/ 517).

وقال الإمامُ ابنُ قُتَيْبةَ: «لم يكتُبْ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ في مُصحَفِهِ المعوِّذتَيْن؛ لأنه كان يَسمَعُ رسولَ اللهِ ﷺ يعوِّذُ الحسَنَ والحُسَينَ بهما، فقدَّر أنهما بمنزلةِ: «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّهْ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّهْ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّهْ»؛ رواه البخاري (3371). «تأويلُ مختلِفِ الحديث» (ص 26).

وقال القاضي أبو بكرٍ الباقِلَّانيُّ في كتابِهِ «الانتصارِ» - وتابَعهُ على ذلك القاضي عِياضٌ وغيرُه -: «إنما أنكَرَ ابنُ مسعودٍ إثباتَهما في المصحَف؛ فإنه كان يَرَى ألَّا يكتُبَ في المصحفِ شيئًا، إلا إن كان النبيُّ ﷺ أَذِنَ في كتابتِهِ فيه، وكأنه لم يبلُغْهُ الإذنُ في ذلك». «فتح الباري» (8/ 743).

وقال آخَرون: «لم يكن اختلافُ ابنِ مسعودٍ مع غيرِهِ في قرآنيَّتِهما، وإنما كان في صفةٍ مِن صفاتِهما». «فتح الباري» (8/ 743).

وقد كان هذا الفِعلُ مِن ابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه في فترةٍ وجيزةٍ بين موتِ رسولِ اللهِ ﷺ، إلى أن تَمَّ جمعُ الصحابةِ على القرآنِ بالإجماع، فأما بعد هذا، فلم يُحْكَ عنه شيءٌ مِن الإصرارِ على ذلك، وكان يدرِّسُ القرآنَ ويفسِّرُهُ على الناسِ طِيلةَ حياتِهِ بعد رسولِ اللهِ، إلى أن توفَّاهُ الله، ولم يُحْكَ عنه بعد الجمعِ أيُّ إصرارٍ أو استنكارٍ، ولو أنه بَقِيَ على موقفِهِ، لَبلَغَنا ذلك؛ كما بلَغَنا إصرارُ بعضِ الصحابة؛ كابنِ عبَّاسٍ الذي بَقِيَ حتى خلافةِ عُمَرَ، وهو يظُنُّ أنه لم يَرِدْ مِن النبيِّ كلامٌ حول تحريمِ مُتْعةِ النساء. فإذَنْ قد صدَرَ مِن ابنِ مسعودٍ هذا القولُ، ولم يكن الإجماعُ قد استقَرَّ بعدُ، فأما لو ثبَتَ عن أحدٍ المنازَعةُ فيه بعد إجماعِ الصحابةِ عليه، فإن ذلك منه كفرٌ؛ ولهذا حكَمْنا بالكفرِ في حقِّ كلِّ مَن شكَّك في القرآنِ مِن الرافضة، بعد استقرارِ الإجماعِ على هذا القرآنِ الذي بين أيدينا.

وخلاصةُ الأمرِ: أن ابنَ مسعودٍ لم يُنكِرْ كونَهما مِن كلامِ اللهِ تعالى، لكنه كان يعترِضُ على قرآنيَّتِهما وإثباتِهما في المُصحَفِ، وكان هذا أوَّلَ الأمرِ، إلى أن تَمَّ جمعُ الصحابةِ على القرآنِ بالإجماع، فأما بعد هذا، فلم يَرِدْ عنه شيءٌ مِن الإصرارِ على ذلك.

مختصر الجواب

مختصَرُ الإجابة:

القرآنُ الذي بين أيدينا اليومَ، هو ما أجمَعَ عليه جميعُ المسلِمين - بما فيهم عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ - مِن لَدُنْ جِيلِ الصحابةِ إلى يومِنا هذا.

ولقد كان ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه، في أوَّلِ الأمرِ يحُكُّ المعوِّذتَيْنِ مِن مُصحَفِه، ولا يُثبِتُ قرآنيَّتَهما - كما ورَدَ في بعضِ الآثار، وإن كان بعضُ العلماءِ يضعِّفُها ويرُدُّها - وأن فِعْلَهُ هذا كان استنادًا إلى فهمِهِ رضيَ اللهُ عنه لفعلِ النبيِّ ﷺ، ولم يكن ابتداعًا مِن عندِه؛ فقد رأى النبيَّ ﷺ يعوِّذُ بهما الحسَنَ والحُسَيْنَ، ولم يَشهَدِ النبيَّ ﷺ يصلِّي بهما؛ فظَنَّ عدَمَ قرآنيَّتِهما، وأنهما ليستا مِن المُصحَفِ، ولم يقل: «إنهما ليستا مِن كلامِ اللهِ تعالى»؛ فإنه كان يَرَى ألَّا يكتُبَ في المُصحَفِ شيئًا، إلا إن كان النبيُّ ﷺ أَذِنَ في كتابتِهِ فيه، وكأنه لم يبلُغْهُ الإذنُ في ذلك.

ثم لما تبيَّن له صحَّةُ قرآنيَّةِ المعوِّذتَيْنِ، وأنه ينبغي إثباتُهما في المُصحَفِ، أقَرَّ بذلك، ورجَعَ عن قولِه، ولم يدُمْ إنكارُهُ بعد ما بيَّن له الصحابةُ قرآنيَّةَ المعوِّذتَيْن؛ فقد كان إنكارُ ابنِ مسعودٍ في فترةٍ وجيزةٍ بين موتِ رسولِ اللهِ ﷺ، إلى أن تَمَّ جمعُ الصحابةِ على القرآنِ بالإجماع، فأما بعد هذا، فلم يُحْكَ عنه شيءٌ مِن الإصرارِ على ذلك، وقد كان يدرِّسُ القرآنَ ويفسِّرُهُ على الناسِ طِيلةَ حياتِهِ بعد رسولِ اللهِ، إلى أن توفَّاهُ الله، ولم يُحْكَ عنه بعد الجمعِ أيُّ إصرارٍ أو استنكارٍ؛ ودليلُ ذلك: أن القرآنَ الذي بين أيدِينا اليومَ في المُصحَفِ: عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه أحدُ رواتِه، وهو أحدُ الأعلامِ الكبارِ الذين تَرجِعُ إليهم أسانيدُ القُرَّاءِ إلى يومِ القيامة.

 وخلاصةُ الأمرِ: أن ابنَ مسعودٍ لم يُنكِرْ كونَهما مِن كلامِ اللهِ تعالى، لكنه كان يعترِضُ على قرآنيَّتِهما وإثباتِهما في المُصحَف، وكان هذا أوَّلَ الأمرِ، إلى أن تَمَّ جمعُ الصحابةِ على القرآنِ بالإجماع، فأما بعد هذا، فلم يَرِدْ عنه شيءٌ مِن الإصرارِ على ذلك.

خاتمة الجواب


مختصر الجواب

مختصَرُ الإجابة:

القرآنُ الذي بين أيدينا اليومَ، هو ما أجمَعَ عليه جميعُ المسلِمين - بما فيهم عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ - مِن لَدُنْ جِيلِ الصحابةِ إلى يومِنا هذا.

ولقد كان ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه، في أوَّلِ الأمرِ يحُكُّ المعوِّذتَيْنِ مِن مُصحَفِه، ولا يُثبِتُ قرآنيَّتَهما - كما ورَدَ في بعضِ الآثار، وإن كان بعضُ العلماءِ يضعِّفُها ويرُدُّها - وأن فِعْلَهُ هذا كان استنادًا إلى فهمِهِ رضيَ اللهُ عنه لفعلِ النبيِّ ﷺ، ولم يكن ابتداعًا مِن عندِه؛ فقد رأى النبيَّ ﷺ يعوِّذُ بهما الحسَنَ والحُسَيْنَ، ولم يَشهَدِ النبيَّ ﷺ يصلِّي بهما؛ فظَنَّ عدَمَ قرآنيَّتِهما، وأنهما ليستا مِن المُصحَفِ، ولم يقل: «إنهما ليستا مِن كلامِ اللهِ تعالى»؛ فإنه كان يَرَى ألَّا يكتُبَ في المُصحَفِ شيئًا، إلا إن كان النبيُّ ﷺ أَذِنَ في كتابتِهِ فيه، وكأنه لم يبلُغْهُ الإذنُ في ذلك.

ثم لما تبيَّن له صحَّةُ قرآنيَّةِ المعوِّذتَيْنِ، وأنه ينبغي إثباتُهما في المُصحَفِ، أقَرَّ بذلك، ورجَعَ عن قولِه، ولم يدُمْ إنكارُهُ بعد ما بيَّن له الصحابةُ قرآنيَّةَ المعوِّذتَيْن؛ فقد كان إنكارُ ابنِ مسعودٍ في فترةٍ وجيزةٍ بين موتِ رسولِ اللهِ ﷺ، إلى أن تَمَّ جمعُ الصحابةِ على القرآنِ بالإجماع، فأما بعد هذا، فلم يُحْكَ عنه شيءٌ مِن الإصرارِ على ذلك، وقد كان يدرِّسُ القرآنَ ويفسِّرُهُ على الناسِ طِيلةَ حياتِهِ بعد رسولِ اللهِ، إلى أن توفَّاهُ الله، ولم يُحْكَ عنه بعد الجمعِ أيُّ إصرارٍ أو استنكارٍ؛ ودليلُ ذلك: أن القرآنَ الذي بين أيدِينا اليومَ في المُصحَفِ: عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه أحدُ رواتِه، وهو أحدُ الأعلامِ الكبارِ الذين تَرجِعُ إليهم أسانيدُ القُرَّاءِ إلى يومِ القيامة.

 وخلاصةُ الأمرِ: أن ابنَ مسعودٍ لم يُنكِرْ كونَهما مِن كلامِ اللهِ تعالى، لكنه كان يعترِضُ على قرآنيَّتِهما وإثباتِهما في المُصحَف، وكان هذا أوَّلَ الأمرِ، إلى أن تَمَّ جمعُ الصحابةِ على القرآنِ بالإجماع، فأما بعد هذا، فلم يَرِدْ عنه شيءٌ مِن الإصرارِ على ذلك.

الجواب التفصيلي

ورَدَ عن الصحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه رواياتٌ تدُلُّ على أنه كان يمحُو المعوِّذتَيْنِ مِن المُصحَف، ويقولُ: «إنهما ليستا مِن كتابِ اللهِ»؛ كما في «زياداتِ المسنَد» لعبد اللهِ بنِ أحمد (35/ 117 رقم 21188)، وغيرِه.

وقد استدَلَّ بهذا الأثرِ بعضُ مَن طعَنوا في تواتُرِ القرآنِ الكريم، وفي حفظِ اللهِ تعالى له، وقالوا: «إن الصحابةَ حرَّفوا القرآنَ، وغيَّروا فيه، وحذَفوا منه أشياءَ»؛ كما زعَمَ الشِّيعةُ أنهم حذَفوا اسمَ «عليٍّ»، وأسماءَ آلِ البيتِ منه.

وحَلُّ هذا الإشكالِ، والجوابُ عنه: ذكَرهُ العلماءُ في كُتُبِهم، وقالوا فيه عددًا مِن التفسيرات:

فمنهم: مَن رَدَّ الروايةَ عنه وضعَّفها أصلًا؛ كابنِ حزمٍ، والنوَويِّ، وغيرِهما؛ لوجودِ الإشكالِ في بعضِ أسانيدِها، ولثبوتِ المصاحفِ مِن روايةِ الكوفيِّين عن ابنِ مسعودٍ، وفيها المعوِّذتان. «المحلَّى» (1/ 32)، و«المجموع» (3/ 396)، و«فتح الباري» (8/ 743).

وعلى هذا: فلا إشكالَ عندهم؛ لأنهم لا يسلِّمون بوقوعِ هذا الأمر.

ومنهم: مَن صحَّح الروايةَ، ووضَّح المرادَ بها، وشرَحَ المقصودَ مِن فعلِ ابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه:

فإنه على فرضِ صحَّتِها: فابنُ مسعودٍ هو واحدٌ مِن الصحابة؛ فلا يَلزَمُ أن يَسمَعَ جميعَ القرآنِ مِن النبيِّ ﷺ، ثم ما سَمِعَهُ قد يظُنُّهُ ليس بقرآنٍ، إنما هو دعاءٌ ونحوُه، ثم يكونُ هذا في فترةٍ مؤقَّتةٍ، ويتبيَّنُ له بعد ذلك موافَقةُ الجماعة:

قال ابنُ كَثِيرٍ: «لعلَّه لم يَسمَعْهما مِن النبيِّ ﷺ، ولم يتواتَرْ عنده، ثم لعلَّه قد رجَعَ عن قولِهِ ذلك إلى قولِ الجماعةِ؛ فإن الصحابةَ أثبَتُوهما في المصاحفِ الأئمَّةِ، ونفَّذوها إلى سائرِ الآفاقِ كذلك». «تفسير القرآن العظيم» (14/ 517).

وقال الإمامُ ابنُ قُتَيْبةَ: «لم يكتُبْ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ في مُصحَفِهِ المعوِّذتَيْن؛ لأنه كان يَسمَعُ رسولَ اللهِ ﷺ يعوِّذُ الحسَنَ والحُسَينَ بهما، فقدَّر أنهما بمنزلةِ: «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّهْ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّهْ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّهْ»؛ رواه البخاري (3371). «تأويلُ مختلِفِ الحديث» (ص 26).

وقال القاضي أبو بكرٍ الباقِلَّانيُّ في كتابِهِ «الانتصارِ» - وتابَعهُ على ذلك القاضي عِياضٌ وغيرُه -: «إنما أنكَرَ ابنُ مسعودٍ إثباتَهما في المصحَف؛ فإنه كان يَرَى ألَّا يكتُبَ في المصحفِ شيئًا، إلا إن كان النبيُّ ﷺ أَذِنَ في كتابتِهِ فيه، وكأنه لم يبلُغْهُ الإذنُ في ذلك». «فتح الباري» (8/ 743).

وقال آخَرون: «لم يكن اختلافُ ابنِ مسعودٍ مع غيرِهِ في قرآنيَّتِهما، وإنما كان في صفةٍ مِن صفاتِهما». «فتح الباري» (8/ 743).

وقد كان هذا الفِعلُ مِن ابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه في فترةٍ وجيزةٍ بين موتِ رسولِ اللهِ ﷺ، إلى أن تَمَّ جمعُ الصحابةِ على القرآنِ بالإجماع، فأما بعد هذا، فلم يُحْكَ عنه شيءٌ مِن الإصرارِ على ذلك، وكان يدرِّسُ القرآنَ ويفسِّرُهُ على الناسِ طِيلةَ حياتِهِ بعد رسولِ اللهِ، إلى أن توفَّاهُ الله، ولم يُحْكَ عنه بعد الجمعِ أيُّ إصرارٍ أو استنكارٍ، ولو أنه بَقِيَ على موقفِهِ، لَبلَغَنا ذلك؛ كما بلَغَنا إصرارُ بعضِ الصحابة؛ كابنِ عبَّاسٍ الذي بَقِيَ حتى خلافةِ عُمَرَ، وهو يظُنُّ أنه لم يَرِدْ مِن النبيِّ كلامٌ حول تحريمِ مُتْعةِ النساء. فإذَنْ قد صدَرَ مِن ابنِ مسعودٍ هذا القولُ، ولم يكن الإجماعُ قد استقَرَّ بعدُ، فأما لو ثبَتَ عن أحدٍ المنازَعةُ فيه بعد إجماعِ الصحابةِ عليه، فإن ذلك منه كفرٌ؛ ولهذا حكَمْنا بالكفرِ في حقِّ كلِّ مَن شكَّك في القرآنِ مِن الرافضة، بعد استقرارِ الإجماعِ على هذا القرآنِ الذي بين أيدينا.

وخلاصةُ الأمرِ: أن ابنَ مسعودٍ لم يُنكِرْ كونَهما مِن كلامِ اللهِ تعالى، لكنه كان يعترِضُ على قرآنيَّتِهما وإثباتِهما في المُصحَفِ، وكان هذا أوَّلَ الأمرِ، إلى أن تَمَّ جمعُ الصحابةِ على القرآنِ بالإجماع، فأما بعد هذا، فلم يَرِدْ عنه شيءٌ مِن الإصرارِ على ذلك.

خاتمة الجواب