نص السؤال

ورَدَتْ رواياتٌ تُفيدُ حذفَ عثمانَ بنِ عفَّانَ لآياتٍ مِن القرآن؛ فكيف نَثِقُ في حفظِ القرآن؟

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

هل حصَلَ حذفٌ أو تحريفٌ لآياتِ القرآن؟

هل وُجِدَ سقطٌ في القرآن؟

الجواب التفصيلي

مَن عرَفَ أحوالَ الصحابةِ، وكيف تَمَّ حِفْظُ القرآنِ، وما رافَقَ جمعَ المصحَفِ -: لا يُمكِنُهُ أن يقولَ بما جاء في السؤال؛ وتفصيلُ ذلك فيما يلي:

أوَّلًا: أن اللهَ تعالى قد تكفَّل بحفظِ كتابِهِ مِن وجودِ أيِّ زيادةٍ أو نقصانٍ، فتَمَّ حفظُهُ وكتابتُهُ على عهدِ النبيِّ ، وجُمِعَ على عهدِ أبي بكرٍ كتابةً في صُحُفٍ، وتَمَّ توحيدُ المصاحفِ في مصحفٍ واحدٍ في عهدِ عثمانَ، رِضْوانُ اللهِ عليهم:

فاللهُ سبحانه وتعالى قد تكفَّل بحفظِ كتابِهِ الكريمِ في كلِّ الأزمانِ والأحوالِ؛ قال تعالى:

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}

[الحجر: 9].

ولذلك سخَّر اللهُ الكثيرَ مِن الصحابةِ؛ ليتلقَّوُا القرآنَ سماعًا مِن النبيِّ ﷺ، ويَحفَظوهُ عن ظهرِ قَلْبٍ، وقام العديدُ منهم بتدوينِهِ وكتابتِهِ تحت إشرافِ النبيِّ ﷺ.

ثم بعدَ وفاةِ النبيِّ ﷺ، وخوفًا مِن ذَهابِ القرآنِ بذَهابِ حَفَظَتِه، قرَّر أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضيَ اللهُ عنه جَمْعَ القرآنِ مِن صدورِ القرَّاءِ، ومِن الجلودِ والجَرِيد.

وأتى بعد ذلك دَوْرُ عثمانَ رضيَ اللهُ عنه، الذي خاف على الأُمَّةِ الفتنةَ؛ بسببِ اختلافِ الحروفِ التي يُقرَأُ بها القرآنُ؛ وهذا كلُّه مِن الأسبابِ التي قدَّرها اللهُ تعالى لِحِفْظِ كتابِه، وحمايتِهِ مِن أن يقَعَ فيه التحريفُ والتبديل. فمِن غيرِ المعقولِ: أن نصدِّقَ بعد هذا كلِّه: أن حِفْظَ اللهِ لكتابِهِ، وتسخيرَهُ لأصحابِ النبيِّ ﷺ؛ ليقُومُوا بهذه المهمَّةِ الساميةِ على أكمَلِ وجهٍ -: لم يَمنَعْ مِن تحريفِ وتبديلِ ذلك الكتابِ الإلهيِّ؛ إنَّ هذا لا يقولُ به مُنصِفٌ عاقل.

ثانيًا: لم يختصَّ عثمانُ بجمعِ القرآنِ وحده حتى يُنسَبَ إليه حَذْفُ ما شاء، وإنما هو إجماعُ كبارِ الصحابةِ وغيرِهم معه؛ وهذا ظاهرٌ ومشهورٌ عنهم:

ولهذا لا يَصِحُّ الاستدلالُ بما يُنسَبُ مثَلًا مِن السُّورتَيْنِ المنسوبتَيْنِ إلى مصحفِ أُبَيٍّ رضيَ اللهُ عنه أو غيرِهِ، وهي ليست مِن القرآن؛ وهاتان المدَّعاتانِ في قراءةِ أُبَيٍّ، هما:

- «اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ».

- «اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ؛ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ».

كما في «قيامِ الليل» للمَروَزيِّ (ص 321/ مختصَره).

فعلى فرضِ صحَّةِ نسبتِهما إلى أُبَيٍّ: هما في الأصلِ أدعيةٌ مأثورةٌ عن النبيِّ ﷺ، أراد أبيٌّ أن يُضيفَها إلى مصحفِهِ الخاصِّ، ولم يقُلْ: «إنهما قرآنٌ»، وهذا يقَعُ كثيرًا قديمًا أو حديثًا: أن يكتُبَ في المصحفِ أدعيةً أو تفاسيرَ أو غيرَه، ويَعلَمَ هو ومَن قرأها أنه ليست قرآنًا.

ولذلك لم يُنكِرْ أُبَيٌّ على عثمانَ ما فعَلهُ عند كتابةِ المصحف، وعدمِ كتابةِ ما كتَبهُ هو أو غيرُه.

وقد قال عليٌّ رضيَ اللهُ عنه: «يَرْحَمُ اللهُ عُثْمَانَ؛ لَوْ كُنْتُ أَنَا، لَصَنَعْتُ فِي الْمَصَاحِفِ مَا صَنَعَ عُثْمَانُ»؛ رواه البَيهَقيُّ في «المَدخَلِ إلى علمِ السنن» (2/ 498 رقم 1065).

ويُستبعَدُ جِدًّا: أن يُثنِيَ عليه، أو يترحَّمَ عليه بعد موتِهِ، لو أنه حقًّا فعَلَ خطأً، ويُستبعَدُ كذلك: أن نتصوَّرَ أن عليًّا كان سيسكُتُ - وكذلك بقيَّةُ الصحابة - عن عملٍ كهذا في وقتِ وقوعِهِ أيضًا.

وقد اجتمَعَ عدَدٌ مِن كَتَبةِ الوحيِ، وحُفَّاظِ القرآنِ الكريم، وأشاروا بتوحيدِ المصاحفِ، وقاموا بمراقَبةِ العمليَّةِ كلِّها، أي: أن عثمانَ لم ينفرِدْ بهذا القرارِ وحده. وهناك الكثيرُ مِن الرواياتِ الصحيحةِ الدالَّةِ على أن توحيدَ المصحفِ لم يكن رأيَ عثمانَ وحده، وإنما كان دَوْرُهُ في ذلك ينحصِرُ في متابَعةِ اللجنةِ المختصَّةِ بذلك العملِ، والإشرافِ عليها، أما الذين قاموا بالعمليَّةِ، فهم مجموعةٌ مِن الصحابةِ الكبارِ العدولِ الثقات؛ رضي الله عنهم.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

يدورُ السؤالُ حول رواياتٍ تُفيدُ حذفَ بعضِ آياتِ القرآن.

مختصَرُ الإجابة:

مَن عرَفَ أحوالَ الصحابةِ، وكيف تَمَّ حِفْظُ القرآنِ، وما رافَقَ جمعَ المصحَفِ -: لا يُمكِنُهُ أن يقولَ بما جاء في السؤال؛ وذلك لما يلي:

1- استحالةُ وجودِ زيادةٍ أو نقصانٍ في القرآن؛ لأن اللهَ سبحانه تكفَّل بحفظِ كتابِه، فتَمَّ حفظُهُ وكتابتُهُ على عهدِ النبيِّ ﷺ، وجُمِعَ على عهدِ أبي بكرٍ كتابةً في صُحُفٍ، وتَمَّ توحيدُ المصاحفِ في مصحفٍ واحدٍ في عهدِ عثمانَ، رِضْوانُ اللهِ عليهم.

2- اتفَقَ الصحابةُ كلُّهم على موافَقةِ عثمانَ على الجمعِ؛ فقد ثبَتَ عن عليٍّ وأُبَيٍّ ثناؤُهما على عثمانَ رضيَ اللهُ عنهم، وهذا لا يُمكِنُ أن يحدُثَ لو كان عثمانُ حقًّا قد حذَفَ مِن القرآنِ ما يتعلَّقُ بهما.

ثم كيف يسكُتُ بقيَّةُ الصحابةِ كذلك عن حذفِ ما كانوا يَحفَظونه مِن كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ؟!

بل قاموا بمتابَعةِ عمليَّةِ الجمعِ؛ فعثمانُ رضيَ اللهُ عنه لم يكن وحده في جميعِ ذلك.


مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

يدورُ السؤالُ حول رواياتٍ تُفيدُ حذفَ بعضِ آياتِ القرآن.

مختصَرُ الإجابة:

مَن عرَفَ أحوالَ الصحابةِ، وكيف تَمَّ حِفْظُ القرآنِ، وما رافَقَ جمعَ المصحَفِ -: لا يُمكِنُهُ أن يقولَ بما جاء في السؤال؛ وذلك لما يلي:

1- استحالةُ وجودِ زيادةٍ أو نقصانٍ في القرآن؛ لأن اللهَ سبحانه تكفَّل بحفظِ كتابِه، فتَمَّ حفظُهُ وكتابتُهُ على عهدِ النبيِّ ﷺ، وجُمِعَ على عهدِ أبي بكرٍ كتابةً في صُحُفٍ، وتَمَّ توحيدُ المصاحفِ في مصحفٍ واحدٍ في عهدِ عثمانَ، رِضْوانُ اللهِ عليهم.

2- اتفَقَ الصحابةُ كلُّهم على موافَقةِ عثمانَ على الجمعِ؛ فقد ثبَتَ عن عليٍّ وأُبَيٍّ ثناؤُهما على عثمانَ رضيَ اللهُ عنهم، وهذا لا يُمكِنُ أن يحدُثَ لو كان عثمانُ حقًّا قد حذَفَ مِن القرآنِ ما يتعلَّقُ بهما.

ثم كيف يسكُتُ بقيَّةُ الصحابةِ كذلك عن حذفِ ما كانوا يَحفَظونه مِن كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ؟!

بل قاموا بمتابَعةِ عمليَّةِ الجمعِ؛ فعثمانُ رضيَ اللهُ عنه لم يكن وحده في جميعِ ذلك.


الجواب التفصيلي

مَن عرَفَ أحوالَ الصحابةِ، وكيف تَمَّ حِفْظُ القرآنِ، وما رافَقَ جمعَ المصحَفِ -: لا يُمكِنُهُ أن يقولَ بما جاء في السؤال؛ وتفصيلُ ذلك فيما يلي:

أوَّلًا: أن اللهَ تعالى قد تكفَّل بحفظِ كتابِهِ مِن وجودِ أيِّ زيادةٍ أو نقصانٍ، فتَمَّ حفظُهُ وكتابتُهُ على عهدِ النبيِّ ، وجُمِعَ على عهدِ أبي بكرٍ كتابةً في صُحُفٍ، وتَمَّ توحيدُ المصاحفِ في مصحفٍ واحدٍ في عهدِ عثمانَ، رِضْوانُ اللهِ عليهم:

فاللهُ سبحانه وتعالى قد تكفَّل بحفظِ كتابِهِ الكريمِ في كلِّ الأزمانِ والأحوالِ؛ قال تعالى:

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}

[الحجر: 9].

ولذلك سخَّر اللهُ الكثيرَ مِن الصحابةِ؛ ليتلقَّوُا القرآنَ سماعًا مِن النبيِّ ﷺ، ويَحفَظوهُ عن ظهرِ قَلْبٍ، وقام العديدُ منهم بتدوينِهِ وكتابتِهِ تحت إشرافِ النبيِّ ﷺ.

ثم بعدَ وفاةِ النبيِّ ﷺ، وخوفًا مِن ذَهابِ القرآنِ بذَهابِ حَفَظَتِه، قرَّر أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضيَ اللهُ عنه جَمْعَ القرآنِ مِن صدورِ القرَّاءِ، ومِن الجلودِ والجَرِيد.

وأتى بعد ذلك دَوْرُ عثمانَ رضيَ اللهُ عنه، الذي خاف على الأُمَّةِ الفتنةَ؛ بسببِ اختلافِ الحروفِ التي يُقرَأُ بها القرآنُ؛ وهذا كلُّه مِن الأسبابِ التي قدَّرها اللهُ تعالى لِحِفْظِ كتابِه، وحمايتِهِ مِن أن يقَعَ فيه التحريفُ والتبديل. فمِن غيرِ المعقولِ: أن نصدِّقَ بعد هذا كلِّه: أن حِفْظَ اللهِ لكتابِهِ، وتسخيرَهُ لأصحابِ النبيِّ ﷺ؛ ليقُومُوا بهذه المهمَّةِ الساميةِ على أكمَلِ وجهٍ -: لم يَمنَعْ مِن تحريفِ وتبديلِ ذلك الكتابِ الإلهيِّ؛ إنَّ هذا لا يقولُ به مُنصِفٌ عاقل.

ثانيًا: لم يختصَّ عثمانُ بجمعِ القرآنِ وحده حتى يُنسَبَ إليه حَذْفُ ما شاء، وإنما هو إجماعُ كبارِ الصحابةِ وغيرِهم معه؛ وهذا ظاهرٌ ومشهورٌ عنهم:

ولهذا لا يَصِحُّ الاستدلالُ بما يُنسَبُ مثَلًا مِن السُّورتَيْنِ المنسوبتَيْنِ إلى مصحفِ أُبَيٍّ رضيَ اللهُ عنه أو غيرِهِ، وهي ليست مِن القرآن؛ وهاتان المدَّعاتانِ في قراءةِ أُبَيٍّ، هما:

- «اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ».

- «اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ؛ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ».

كما في «قيامِ الليل» للمَروَزيِّ (ص 321/ مختصَره).

فعلى فرضِ صحَّةِ نسبتِهما إلى أُبَيٍّ: هما في الأصلِ أدعيةٌ مأثورةٌ عن النبيِّ ﷺ، أراد أبيٌّ أن يُضيفَها إلى مصحفِهِ الخاصِّ، ولم يقُلْ: «إنهما قرآنٌ»، وهذا يقَعُ كثيرًا قديمًا أو حديثًا: أن يكتُبَ في المصحفِ أدعيةً أو تفاسيرَ أو غيرَه، ويَعلَمَ هو ومَن قرأها أنه ليست قرآنًا.

ولذلك لم يُنكِرْ أُبَيٌّ على عثمانَ ما فعَلهُ عند كتابةِ المصحف، وعدمِ كتابةِ ما كتَبهُ هو أو غيرُه.

وقد قال عليٌّ رضيَ اللهُ عنه: «يَرْحَمُ اللهُ عُثْمَانَ؛ لَوْ كُنْتُ أَنَا، لَصَنَعْتُ فِي الْمَصَاحِفِ مَا صَنَعَ عُثْمَانُ»؛ رواه البَيهَقيُّ في «المَدخَلِ إلى علمِ السنن» (2/ 498 رقم 1065).

ويُستبعَدُ جِدًّا: أن يُثنِيَ عليه، أو يترحَّمَ عليه بعد موتِهِ، لو أنه حقًّا فعَلَ خطأً، ويُستبعَدُ كذلك: أن نتصوَّرَ أن عليًّا كان سيسكُتُ - وكذلك بقيَّةُ الصحابة - عن عملٍ كهذا في وقتِ وقوعِهِ أيضًا.

وقد اجتمَعَ عدَدٌ مِن كَتَبةِ الوحيِ، وحُفَّاظِ القرآنِ الكريم، وأشاروا بتوحيدِ المصاحفِ، وقاموا بمراقَبةِ العمليَّةِ كلِّها، أي: أن عثمانَ لم ينفرِدْ بهذا القرارِ وحده. وهناك الكثيرُ مِن الرواياتِ الصحيحةِ الدالَّةِ على أن توحيدَ المصحفِ لم يكن رأيَ عثمانَ وحده، وإنما كان دَوْرُهُ في ذلك ينحصِرُ في متابَعةِ اللجنةِ المختصَّةِ بذلك العملِ، والإشرافِ عليها، أما الذين قاموا بالعمليَّةِ، فهم مجموعةٌ مِن الصحابةِ الكبارِ العدولِ الثقات؛ رضي الله عنهم.