نص السؤال
المؤلف: مجموعة مؤلفي بيان الإسلام
المصدر: موسوعة بيان الإسلام
الجواب التفصيلي
توهم تعارض القرآن بشأن أول المسلمين، وأول المؤمنين
مضمون الشبهة:
يتوهم بعض المشككين وجود تعارض بين قوله تعالى لإبراهيم - عليه السلام -:
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (163)
(الأنعام)،
وقوله - عز وجل - على لسان موسى - عليه السلام -:
?وأنا أول المؤمنين (143)
(الأعراف)،
وقوله - عز وجل - على لسان السحرة:
?إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين (51)
(الشعراء).
ويتساءلون: كيف يقر القرآن في موضع أن إبراهيم - عليه السلام - هو أول من أسلم، ويثبت في موضع آخر أن موسى - عليه السلام - هو أول من أسلم، ثم يخبر في موضع ثالث أن السحرة هم أول من أسلموا؟ ويستدلون بذلك - في توهمهم - على صحة طعنهم في سلامة القرآن وعصمته من التعارض والتناقض ـ؛ ليثبتوا زعمهم بأن القرآن من صنع البشر.
وجه إبطال الشبهة:
معنى الأولية الذي تقصده الآيات التي استدل بها هؤلاء ليس واحدا، فنجد أن:
· أولية إسلام إبراهيم كانت بأنه - عليه السلام - هو أول من أسلم من أمته بأن الصلاة والنسك والمحيا والممات لله رب العالمين.
· أولية إيمان موسى كانت بأنه - عليه السلام - أول المصدقين بأن الله لا يمكن لأحد من خلقه أن يراه إلى يوم القيامة.
· أولية إيمان السحرة كانت بأنهم أول من آمن بآيات موسى - عليه السلام - حين رأوها.
التفصيل:
معنى الأولية الذي تقصده الآيات:
من الطبيعي أن كل إنسان يريد أن يدعو إلى فكرة، أو يرشد إلى طريق، لا بد أولا أن يكون هو نفسه مؤمنا بهذه الفكرة مقتنعا بها، مما يدفعه للدعوة في سبيل نشرها، والنبي أو الرسول لا بد له قبل أن يدعو إلى الإسلام أن يكون مسلما صادق الإسلام، مؤمنا حق الإيمان بالله الذي يدعو إليه ويعمل على نشر دعوته، قيل: إن فاقد الشيء لا يعطيه، وقيل أيضا: كل إناء بما فيه ينضح، فإذا كان الإناء فارغا، فبم ينضح؟!
ومن يقرأ الآيات التي ورد فيها كلمة "أول" التي استدل بها هؤلاء، يجد أن:
1. إبراهيم أول من أسلم من أمته بأن الصلاة والنسك والمحيا والممات لله:
قيل: إن المراد من
قوله:
(وأنا أول المسلمين (163))
(الأنعام)
: وأنا أول المسلمين في قومي؛ لأنه قد تقدم
قوله
(قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (163))
(الأنعام)
، ومعلوم أنه - عليه السلام - كان أول من أسلم بذلك من أمته باعتبار أنه نبي هذه الأمة[1].
قال ابن عاشور:
وقوله:
(وأنا أول المسلمين)
يعني: قبول الإسلام والثبات عليه والاغتباط به؛ لأن من أحب شيئا أسرع إليه فجاءه أول الناس، ومن استعمال "أول" في مثل هذا
قوله تعالى
[ولا تكونوا أول كافر به]
(البقرة: ٤١)
، وليس المراد معناه الصريح؛ لقلة جدوى الخبر بذلك، لأن كل داع إلى شيء فهو أول أصحابه لا محالة[2].
2. موسى - عليه السلام - أول المصدقين بأن الله لا يراه أحد من خلقه إلى يوم القيامة:
قال ابن عباس في تفسير
قوله - سبحانه وتعالى -:
[وخر موسى صعقا]
(الأعراف: ١٤٣)
: غشــــي عليه، إلا أن روحه في جسده، [فلما أفاق قال] لعظم ما رأى:[ سبحانك]، تنزيها من أن يراه، [تبت إليك] رجعت عن الأمر الذي كنت عليه،[وأنا أول المؤمنين (143)] (الأعراف)، أي: المصدقين - الآن - أنه لا يراك أحد، ومن المعلوم أنه قد كان قبل موسى - عليه السلام - مؤمنون، ولكن موسى هو أول من آمن بأن الله لا يراه أحد من خلقه إلى يوم القيامة؛ وذلك لأنه لمس ذلك بنفسه.
3. السحرة أول من آمن بآيات موسى - عليه السلام - حين رأوها:
لقد كان السحرة أول من آمن بآيات موسى - عليه السلام -، لا سيما عصاه التي صارت حية بإذن الله وذلك لعلمهم أن ما يصنعون ما هو إلا خيال؛
لقوله - سبحانه وتعالى -:
[يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى (66)( (طه)، وعندما رأوا ما فعله موسى - عليه السلام - علموا أن هذا الذي صنعه ليس سحرا يستطيعه بشر، وإنما هو معجزة إلهية يهبها الله لمن يشاء من عباده، فآمنوا به وبآياته بمجرد إلقائها )فألقاها فإذا هي حية تسعى (20)]
(طه).
الخلاصة:
ليس هناك أي وجه للتناقض بين آيات القرآن بشأن أول المسلمين، وأول المؤمنين؛ إذ إن إسلام كل نبي متقدم على إسلام أمته، فلا بد أن يكون النبي مؤمنا بربه ومسلما له حتى يدعو إليه ويرشد إلى طريقه، فنجد أن:
· إبراهيم - عليه السلام - أول من أسلم من أمته، وعلم أن الصلاة والنسك والممات والمحيا لله رب العالمين.
· كان قبل موسى مؤمنون، ولكنه أول من آمن من أمته بأن الله لا يراه أحد من خلقه إلى يوم القيامة؛ وذلك لأنه قد لمس ذلك بنفسه.
· السحرة أول من آمن بآيات موسى - عليه السلام - حين رأوها؛ وذلك لعلمهم أن ما يصنعون إنما هو سحر لأعين الناس، بحيث يخيل إليهم أن العصا تسعى، أما ما وقع من موسى - عليه السلام - فهو معجزة إلاهية يهبها الله لمن يشاء من عباده، فآمنوا به وكانوا أول من آمن بآياته.
المراجع
- (*) موقع ابن مريم. www.ebnmaryam.com [1]. تنزيه القرآن عن المطاعن، القاضي عبد الجبار، تحقيق: د. أحمد عبد الرحيم السايح، المستشار توفيق علي وهبة، مكتبة النافذة، القاهرة، ط1، 2006م، ص165.
- .[2] التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، د. ت، مج3، ج5، ص204، 205 بتصرف.
الجواب التفصيلي
توهم تعارض القرآن بشأن أول المسلمين، وأول المؤمنين
مضمون الشبهة:
يتوهم بعض المشككين وجود تعارض بين قوله تعالى لإبراهيم - عليه السلام -:
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (163)
(الأنعام)،
وقوله - عز وجل - على لسان موسى - عليه السلام -:
?وأنا أول المؤمنين (143)
(الأعراف)،
وقوله - عز وجل - على لسان السحرة:
?إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين (51)
(الشعراء).
ويتساءلون: كيف يقر القرآن في موضع أن إبراهيم - عليه السلام - هو أول من أسلم، ويثبت في موضع آخر أن موسى - عليه السلام - هو أول من أسلم، ثم يخبر في موضع ثالث أن السحرة هم أول من أسلموا؟ ويستدلون بذلك - في توهمهم - على صحة طعنهم في سلامة القرآن وعصمته من التعارض والتناقض ـ؛ ليثبتوا زعمهم بأن القرآن من صنع البشر.
وجه إبطال الشبهة:
معنى الأولية الذي تقصده الآيات التي استدل بها هؤلاء ليس واحدا، فنجد أن:
· أولية إسلام إبراهيم كانت بأنه - عليه السلام - هو أول من أسلم من أمته بأن الصلاة والنسك والمحيا والممات لله رب العالمين.
· أولية إيمان موسى كانت بأنه - عليه السلام - أول المصدقين بأن الله لا يمكن لأحد من خلقه أن يراه إلى يوم القيامة.
· أولية إيمان السحرة كانت بأنهم أول من آمن بآيات موسى - عليه السلام - حين رأوها.
التفصيل:
معنى الأولية الذي تقصده الآيات:
من الطبيعي أن كل إنسان يريد أن يدعو إلى فكرة، أو يرشد إلى طريق، لا بد أولا أن يكون هو نفسه مؤمنا بهذه الفكرة مقتنعا بها، مما يدفعه للدعوة في سبيل نشرها، والنبي أو الرسول لا بد له قبل أن يدعو إلى الإسلام أن يكون مسلما صادق الإسلام، مؤمنا حق الإيمان بالله الذي يدعو إليه ويعمل على نشر دعوته، قيل: إن فاقد الشيء لا يعطيه، وقيل أيضا: كل إناء بما فيه ينضح، فإذا كان الإناء فارغا، فبم ينضح؟!
ومن يقرأ الآيات التي ورد فيها كلمة "أول" التي استدل بها هؤلاء، يجد أن:
1. إبراهيم أول من أسلم من أمته بأن الصلاة والنسك والمحيا والممات لله:
قيل: إن المراد من
قوله:
(وأنا أول المسلمين (163))
(الأنعام)
: وأنا أول المسلمين في قومي؛ لأنه قد تقدم
قوله
(قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (163))
(الأنعام)
، ومعلوم أنه - عليه السلام - كان أول من أسلم بذلك من أمته باعتبار أنه نبي هذه الأمة[1].
قال ابن عاشور:
وقوله:
(وأنا أول المسلمين)
يعني: قبول الإسلام والثبات عليه والاغتباط به؛ لأن من أحب شيئا أسرع إليه فجاءه أول الناس، ومن استعمال "أول" في مثل هذا
قوله تعالى
[ولا تكونوا أول كافر به]
(البقرة: ٤١)
، وليس المراد معناه الصريح؛ لقلة جدوى الخبر بذلك، لأن كل داع إلى شيء فهو أول أصحابه لا محالة[2].
2. موسى - عليه السلام - أول المصدقين بأن الله لا يراه أحد من خلقه إلى يوم القيامة:
قال ابن عباس في تفسير
قوله - سبحانه وتعالى -:
[وخر موسى صعقا]
(الأعراف: ١٤٣)
: غشــــي عليه، إلا أن روحه في جسده، [فلما أفاق قال] لعظم ما رأى:[ سبحانك]، تنزيها من أن يراه، [تبت إليك] رجعت عن الأمر الذي كنت عليه،[وأنا أول المؤمنين (143)] (الأعراف)، أي: المصدقين - الآن - أنه لا يراك أحد، ومن المعلوم أنه قد كان قبل موسى - عليه السلام - مؤمنون، ولكن موسى هو أول من آمن بأن الله لا يراه أحد من خلقه إلى يوم القيامة؛ وذلك لأنه لمس ذلك بنفسه.
3. السحرة أول من آمن بآيات موسى - عليه السلام - حين رأوها:
لقد كان السحرة أول من آمن بآيات موسى - عليه السلام -، لا سيما عصاه التي صارت حية بإذن الله وذلك لعلمهم أن ما يصنعون ما هو إلا خيال؛
لقوله - سبحانه وتعالى -:
[يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى (66)( (طه)، وعندما رأوا ما فعله موسى - عليه السلام - علموا أن هذا الذي صنعه ليس سحرا يستطيعه بشر، وإنما هو معجزة إلهية يهبها الله لمن يشاء من عباده، فآمنوا به وبآياته بمجرد إلقائها )فألقاها فإذا هي حية تسعى (20)]
(طه).
الخلاصة:
ليس هناك أي وجه للتناقض بين آيات القرآن بشأن أول المسلمين، وأول المؤمنين؛ إذ إن إسلام كل نبي متقدم على إسلام أمته، فلا بد أن يكون النبي مؤمنا بربه ومسلما له حتى يدعو إليه ويرشد إلى طريقه، فنجد أن:
· إبراهيم - عليه السلام - أول من أسلم من أمته، وعلم أن الصلاة والنسك والممات والمحيا لله رب العالمين.
· كان قبل موسى مؤمنون، ولكنه أول من آمن من أمته بأن الله لا يراه أحد من خلقه إلى يوم القيامة؛ وذلك لأنه قد لمس ذلك بنفسه.
· السحرة أول من آمن بآيات موسى - عليه السلام - حين رأوها؛ وذلك لعلمهم أن ما يصنعون إنما هو سحر لأعين الناس، بحيث يخيل إليهم أن العصا تسعى، أما ما وقع من موسى - عليه السلام - فهو معجزة إلاهية يهبها الله لمن يشاء من عباده، فآمنوا به وكانوا أول من آمن بآياته.
المراجع
- (*) موقع ابن مريم. www.ebnmaryam.com [1]. تنزيه القرآن عن المطاعن، القاضي عبد الجبار، تحقيق: د. أحمد عبد الرحيم السايح، المستشار توفيق علي وهبة، مكتبة النافذة، القاهرة، ط1، 2006م، ص165.
- .[2] التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، د. ت، مج3، ج5، ص204، 205 بتصرف.