نص السؤال

الزعم أن آدم وحواء - عليهما السلام - قد أشركا بالله تعالى

المصدر: شبهات المشككين في الإسلام

الجواب التفصيلي

الزعم أن آدم وحواء - عليهما السلام - قد أشركا بالله تعالى (*)

مضمون الشبهة:

يزعم بعض المتوهمين أن آدم - عليه السلام - قد أشرك بالله تعالى هو وزوجه حواء - عليهما السلام - حينما جاءهما الشيطان ونصحهما أن يسميا ولدهما عبد الحارث(1)؛ كي يحيا، وكان لا يعيش لهما ولد.. ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: )هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين (189) فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون (190)( (الأعراف)، كما يستدلون بحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه: «لما حملت حواء، طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث؛ فإنه يعيش، فسموه عبد الحارث، فعاش وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره»([2]). ويهدفون من وراء ذلك إلى التشكيك في عصمة آدم عليه السلام.

وجه إبطال الشبهة:

اتفق العلماء على تنزيه آدم - عليه السلام - وعصمته من الشرك واختلفوا في قبول الحديث وتأويل الآية على مذهبين:

·   قبول الحديث والآية على ظاهرهما في قصة آدم وحواء - عليهما السلام - والقول أن الشرك لم يكن شركا في العبادة بل شركا في التسمية أو الطاعة.

·   تضعيف الحديث وتأويل الآية في غير آدم وحواء، وإنما للجنس البشري عموما, فالشرك لم يقع منهما ولكن كان في ذريتهما من بعدهما.

التفصيل:

مذاهب العلماء في تفسير الآية والحديث:

اتفق العلماء على تنزيه مقام آدم - عليه السلام - من الشرك، وأن ذلك لم يقع منه، ولا من الأنبياء قط، وقد عدوا هذه الآية والحديث الوارد في تفسيرها من مشكلات التفسير، ولهم في تأويلها أقوال خلاصتها راجعة إلى مذهبين:

الأول: مذهب قبول الحديث، والآية على ظاهرهما في قصة آدم وحواء:

وهذا رأي الجمهور من المفسرين، حيث ذهبوا إلى أن الآية معني بها آدم وحواء - رضي الله عنهم جميعا - حيث سميا ابنهما عبد الحارث. وروي ذلك عن: أبي بن كعب، وسمرة بن جندب، وابن عباس. وهو اختيار جمع من المفسرين كما سيأتي ذكرهم. واختلف هؤلاء في معنى الشرك المضاف إلى آدم وحواء - عليهما السلام - على أقوال:

القول الأول: أنه كان شركا في التسمية، ولم يكن شركا في العبادة كما روي عن قتادة، والسدي، واختاره الطبري، والبغوي، والألوسي... وغيرهم([3]).

قال البغوي: جعلا له شريكا إذ سمياه عبد الحارث، ولم يكن هذا إشراكا في العبادة، ولا أن الحارث ربهما؛ فإن آدم - عليه السلام - كان نبيا معصوما من الشرك، ولكن قصد إلى أن الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامة أمه، وقد يطلق اسم العبد على من يراد به أنه معبود هذا، كالرجل إذا نزل به ضيف يسمي نفسه عبد الضيف، على وجه الخضوع، لا على وجه أن الضيف ربه، ويقول للغير أنا عبدك،

وقال يوسف - عليه السلام - لعزيز مصر:

(وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون)

(يوسف:23)

([4])، ولم يرد به أنه معبوده، كذلك هذا.

القول الثاني: أنه كان شركا في الطاعة، ولم يكن شركا في العبادة. وهذا هو المروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وقتادة.

القول الثالث: أن أي إشراك وقع من حواء لا من آدم - عليه السلام - ولم يشرك آدم قط، وأما قوله: "جعلا له شركاء فيما آتاهما" بصيغة المثنى فلا ينافي ذلك؛ لأنه قد يسند فعل الواحد إلى الاثنين، بل إلى جماعة، وهو شائع في كلام العرب وهذا قول القنوجي([5]).

واعترض عليه من قال: بأن الله تعالى قال: "جعلا" حيث نسب الجعل إليهما، والأصل حمل اللفظ على ظاهره، وبأن آدم - عليه السلام - قد أقر حواء على ذلك، وبأنه في حديث سمرة - رضي الله عنه - التصريح بأنهما سمياه بذلك معا([6]).

أدلة هذا المذهب:

استدل القائلون بأن الآية معني بها آدم وحواء بأدلة منها:

· حديث سمرة رضي الله عنه، وقد صرح بعضهم بصحته، والآخر سكت بما يشعر بإقراره بصحة الحديث.

·أن هذا المذهب هو المروي عن سمرة، وأبي بن كعب، وابن عباس رضي الله عنهم، ومثل هذا لا يقال بالرأي، فدل على أن للقصة أصلا؛ فيكون لها حكم الرفع.

الاعتراض على هذا المذهب:

اعترض على هذا المذهب

بقوله تعالى في آخر الآية:

(فتعالى الله عما يشركون)

(الأعراف:190)

بصيغة الجمع، فلو كان المراد آدم وحواء عليهما السلام لقال: يشركان، بصيغة التثنية وفي هذا دلالة واضحة بأن الآية معني بها الذرية لا آدم وحواء - عليهما السلام -.

ردهم على الاعتراض:

وقد أجابوا بأن آخر الآية معني بها مشركو العرب من عبدة الأوثان، وأن الخبر عن آدم وحواء - عليهما السلام - قد انقضى عند قوله: (جعلا له شركاء) وهذا رأى الطبرى، والسيوطى وغيرهم([7]).

المذهب الثاني: مذهب تضعيف الحديث، وتأويل الآية في غير آدم وحواء.

حيث ذهب آخرون إلى تضعيف حديث سمرة رضي الله عنه، وأن الشرك المذكور في الآية معني به غير آدم وحواء عليهما السلام، واختلفوا في المعني به على أقوال:

القول الأول: أن الشرك نسب إلى آدم، وحواء ظاهرا، والمعني به أولادهما، كاليهود، والنصارى، والمشركين. وآدم وحواء - عليهما السلام - بريئان من الشرك، والآية فيها انتقال من ذكر النوع إلى الجنس؛ فإن أول الكلام في آدم وحواء عليهما السلام، ثم انتقل الكلام إلى الجنس من أولادهما.

وقد اشتهر هذا القول عن الحسن البصري - رحمه الله - وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في إحدى الروايات عنه([8]).

قال الحسن البصري في تفسير الآية: "كان هذا في بعض أهل الملل([9]) ولم يكن بآدم"، وعنه قال: "عني بهذا ذرية آدم من أشرك منهم بعده". وعنه قال: "هم اليهود، والنصارى رزقهم الله أولادا فهودوا، ونصروا".

واختار هذا القول جمع من المفسرين منهم: النسفي، والقرطبي، وابن القيم، وابن كثير، والسعدي،... إلخ.

قال الزمخشري: في قوله عزوجل: (جعلا له شركاء): أي جعل أولادهما له شركاء، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وكذلك فيما آتاهما، أي آتى أولادهما.

وآدم وحواء عليهما السلام بريئان من الشرك، ومعنى إشراكهم فيما آتاهم الله: تسميتهم أولادهم بعبد العزى، وعبد مناة، وعبد شمس، وما أشبه ذلك، فكان عبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الرحيم([10]).

وقال الحافظ ابن كثير: وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري - رحمه الله - في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء - عليهما السلام -، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته، فذكر آدم وحواء - عليهما السلام - أولا كالتوطئة ([11]) لما بعدهما من الوالدين وهي كالاستطراد ([12]) من ذكر الشخص إلى الجنس،

كما في قوله عزوجل:

(ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (12) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (13)

(المؤمنون)

وقوله عزوجل:

(ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير)

(الملك:5)


ومعلوم أن المصابيح، وهي النجوم التي زينت بها السماء، ليست هي التي يرمى بها، وإنما هذا استطراد من شخص المصابيح إلى جنسها، ولهذا نظائر في القرآن، والله أعلم".

الاعتراض على هذا القول:

اعترض على هذا القول بأن فيه تشتيتا للضمائر، والأصل اتساق الضمائر، وعودها لمذكور واحد.

أي أن الضمائر في الآية للمثنى فكيف يقصد بها الجمع.

القول الثاني: أن الآية معني بها المشركون من بني آدم عموما، وليس فيها تعرض لآدم وحواء - عليهما السلام - بوجه من الوجوه. وهذا اختيار: ابن حزم، والرازي، والقفال، وابن عثيمين... وغيرهم.

قال القفال: "ذكر الله تعالى هذه القصة على سبيل ضرب المثل، وبيان أن هذه الحالة صورة من حالة هؤلاء المشركين في جهلهم، وقولهم بالشرك، وتقرير هذا الكلام، كأنه تعالى يقول: هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الإنسانية، فلما تغشى الزوج زوجته وظهر الحمل؛ دعا الزوج والزوجة ربهما لئن آتيتنا ولدا صالحا سويا لنكونن من الشاكرين لآلائك([13])؛ فلما آتاهما الله ولدا صالحا سويا جعل الزوج والزوجة لله شركاء فيما آتاهما؛ لأنهم تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائع، كما هو قول الطبائعيين، وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين، وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام، ثم قال تعالى: "فتعالى الله عما يشركون": أي تنزه الله عن ذلك الشرك"([14]).

واعترض على هذا القول:

1. بأن

قوله عزوجل:

(هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها)

(الأعراف:189)

لا يصح حمله على غير آدم وحواء - عليهما السلام؛ فهي ضمائر تثنية عائدة على المذكورة في أول الكلام وهي آدم وحواء.

2. وبقوله: "دعوا الله ربهما" فإن كل مولود يولد من الجنسين لا يكون منهما عند مقاربة وضعه هذا الدعاء([15]). أي أن الزوجين وخاصة الكفار لا يكون منهما هذا الدعاء قبل وضع الولد.

القول الثالث: أن المشركين كانوا يقولون: إن آدم - عليه السلام - كان يعبد الأصنام ويرجع إليها في طلب الخير ودفع الشر، فذكر تعالى قصة آدم وحواء - عليهما السلام - وحكى عنهما أنهما قالا:

(لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين)

(الأعراف: 189)

أي ذكرا أنه تعالى لو آتاهما ولدا سويا صالحا لاشتغلوا بشكر تلك النعمة، ثم قال:

 (فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون)

(الأعراف:190)

فقوله: "جعلا له شركاء" ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار، والتبعيد، والتقرير، والمعنى: أجعلا له شركاء فيما آتاهما؟ ثم قال: "فتعالى الله عما يشركون" أي: تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك وينسبونه إلى آدم عليه السلام.

ذكر هذا التأويل: الفخر الرازي في تفسيره([16]).

ويرده أن الآية وردت بصيغة الخبر، وحملها على معنى الاستفهام يفتقر إلى دليل، وليس ثمة دليل.

القول الرابع: أن الخطاب لقريش، الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم آل قصي.

والمراد من قوله: هو الذي خلقكم من نفس واحدة أي قصي وجعل من جنسها زوجها، عربية قرشية ليسكن إليها، فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح السوي جعلا له شركاء فيما آتاهما، حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف، وعبد العزى، وعبد قصي، وعبد اللات، وجعل الضمير في "يشركون" لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك. ذكر هذا التأويل: الزمخشري، والبيضاوي.

الاعتراض على هذا القول:                    

قال ابن جزي: وهذا القول بعيد لوجهين:

أحدهما: أن الخطاب على هذا خاص بذرية قصي من قريش، والظاهر أن الخطاب عام لبني آدم.

والآخر: أن قوله: "وجعل منها زوجها" فإن هذا يصح في حواء؛ لأنها خلقت من ضلع آدم، ولا يصح في زوجة قصي.

القول الخامس: أن الضمير في قوله: "جعلا" راجع إلى الولد الصالح، والمعنى جعل ذلك الولد الصالح - الذي رزقهما الله إياه - جعل لله شركاء، وإنما قال: "جعلا" لأن حواء كانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى. ذكره ابن الجوزي، والجصاص([17]).

الترجيح([18]):

الراجح لدينا - والله تعالى أعلى وأعلم - أن الآية ليست في آدم وحواء - عليهما السلام -، وإنما هي خطاب للمشركين من قريش وغيرهم، والمقصود بها ضرب المثل، وأن هذه حالة المشركين، فهو سبحانه يذكر أنه خلق كل واحد منهم من نفس واحدة، وجعل من جنسها زوجها، ولما كان من طبيعة البشر حب الولد ذكر الله تعالى أن هذين الزوجين كانا حريصين على أن يرزقا بولد صالح لينتفعا به، وأنهما قد عاهدا الله لإن آتاهما صالحا ليكونن من الشاكرين، فلما آتاهما صالحا جعلا لله شركاء فيما آتاهما، حيث نسبا هذه النعمة لغير الله، وعبدا أولادهما لغير الله، ثم أخبر سبحانه أنه بريء مما يشرك به هؤلاء، وغيرهم؛ فقال:

(فتعالى الله عما يشركون)

(الأعراف:190)

والآية مراد بها ذكر الجنس لا النوع؛ فقوله عزوجل: (خلقكم من نفس واحدة) أي من جنس واحد، وقوله: "وجعل منها زوجها" أي وجعل من هذا الجنس زوجة هي على شاكلته، ولم يجعلها من جنس آخر، ولفظ النفس قد يطلق ويراد به الجنس كما في

قوله عزوجل:

(لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)

(آل عمران:164)

أي من جنسهم.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: قوله تعالى في آخر الآية:

(فتعالى الله عما يشركون)

(الأعراف:190)

، وهذا يدل على أن الذين أتوا بهذا الشرك جماعة، ولو كان المراد آدم وحواء - عليهما السلام -، لعبر عنهما بصيغة التثنية.

الدليل الثاني: أنه تعالى قال بعد هذه الآية:

(أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون)

(الأعراف:191)

 وهذا يدل على أن المقصود من هذه الآية الرد على من جعل الأصنام شركاء لله تعالى، وليس المراد بها آدم وحواء - عليهما السلام -.

الدليل الثالث: لو كان المراد إبليس لقال: أيشركون "من" لا يخلق شيئا ولم يقل "ما"؛ لأن العاقل إنما يذكر بصيغة "من" لا بصيغة "ما".

  الدليل الرابع: أن هذا القول فيه تنزيه لمقام آدم - عليه السلام - من الشرك والقول الذي فيه تنزيه وإجلال لمقام الأنبياء، مقدم في التفسير على القول الذي فيه قدح بعصمتهم، وحط من منزلتهم.

  الدليل الخامس: أن المروي عن سمرة - رضي الله عنه - في تفسير الآية لم يثبت بسند صحيح، وعليه فلا يصح حمل الآية على أمور مغيبة لم يثبت فيها دليل من كتاب أو سنة.

الدليل السادس: أنه لو كانت هذه القصة في آدم وحواء - عليهما السلام -، لكان حالهما إما أن يتوبا من ذلك الشرك أو يموتا عليه، فإن قلنا ماتا عليه، كان في هذا القول فرية عظيمة؛ لأنه لا يجوز موت أحد من الأنبياء على الشرك.

وإن كانا قد تابا من الشرك، فلا يليق بحكمة الله وعدله ورحمته أن يذكر خطأهما ولا يذكر توبتهما منه، فيمتنع غاية الامتناع أن يذكر الله الخطيئة من آدم وحواء - عليهما السلام - وقد تابا، ثم لا يذكر توبتهما، والله تعالى إذا ذكر خطيئة بعض أنبيائه ورسله ذكر توبتهم عنها، كما في قصة آدم نفسه - عليه السلام - حين أكل من الشجرة هو وزوجه - عليهما السلام - وتابا عن ذلك.

الدليل السابع: أنه ثبت في حديث الشفاعة أن الناس يأتون إلى آدم - عليه السلام - يطلبون منه الشفاعة فيعتذر بأكله من الشجرة التي عصى الله تعالى بالأكل منها في الجنة، فلو كان وقع منه الشرك، لكان اعتذاره منه أقوى وأولى وأحرى.

الدليل الثامن: أن الله تعالى أسند فعل الذرية إلى آدم وحواء - عليهما السلام ـ؛ لأنهما أصل لذريتهما، كما

في قوله:

(ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين)

(الأعراف:11)

 أي بتصويرنا لأبيكم آدم عليه السلام؛ لأنه أصلكم، بدليل قوله بعده: "ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم".

الدليل التاسع: أن الله تعالى قال في هذه الآية

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)

(النساء:1)

وآية النساء معني بها آدم، وحواء - عليهما السلام - باتفاق، وعبر بقوله: (وخلق منها زوجها)؛ لأن حواء مخلوقة من نفس آدمعليه السلام، وأما في آية الأعراف فقال:

(وجعل منها زوجها)

(الأعراف: 189)

لأن المراد ذكر الجنس، لا ذكر النوع وهو آدمعليه السلام، والفرق بين الخلق والجعل: أن الخلق هو ابتداء الشيء من غير مثال سابق، وأما الجعل فهو إيجاد شيء وتكوينه منها([19])، وهذا هو حال كل فرد من بني آدم؛ فإنهم يتناسلون ويتوالدون من بعضهم البعض، وأما حواء فإنها خلقت ابتداء من آدم - عليه السلام - من غير أم ولا أب.

وقد وردت عدة آيات تدل على أنه إذا ورد لفظ "جعل" فالمراد به الجنس، منها:

قوله عزوجل:

(والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون)

(النحل:72)

 وقال عزوجل:

(خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون)

(الزمر:6)

وقال عزوجل:

(فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)

(الشورى:11)

الدليل العاشر: ومما يؤكد أن الآية معني بها المشركون على وجه العموم: أنه لم يصرح بذكر آدم وحواء - عليهما السلام - في الآية، والمتأمل في قصص الأنبياء الواردة في القرآن الكريم يلاحظ التصريح بذكر أسمائهم، ومن هؤلاء آدم عليه السلام؛ فإنه إذا ذكرت قصته يذكر باسمه الصريح غالبا.

الدليل الحادي عشر: ويدل على أن الآية في المشركين عامة: الاستطراد في الآيات التي بعد هذه الآية في وصف حال مشركي العرب، وهي صريحة بأنهم هم المرادون بهذا الشرك، وليس آدم وحواء - عليهما السلام -.

قال عزوجل:

(أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون (191) ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون (192) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون (193) إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين (194)

(الأعراف)

الدليل الثاني عشر: أنه لم يثبت دليل على أن الآية معنى بها آدم وحواء - عليهما السلام - إلا ما روي من حديث سمرة رضي الله عنه، وهو ضعيف - كما تقدم - وما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية يعد من الإسرائيليات ([22]) الملفقة التي أخذت عن أهل الكتاب، وإنما التبس على كثير من المفسرين الأمر، وظنوا أنها في آدم وحواء - عليهما السلام - بسبب هذه الروايات، وهذه آفة من آفات الإسرائيليات والتي تعتبر من الدخيل السيئ في التفسير([23]).

وفي هذا الصدد يقول الأستاذ سيد قطب: "إن بعض الروايات في التفسير تذكر هذه القصة على أنها قصة حقيقية وقعت لآدم وحواء - عليهما السلام - إذ كان أبناؤهما يولدون مشوهين، فجاء إليهما الشيطان فأغرى حواء أن تسمي ما في بطنها "عبد الحارث"... والحارث اسم لإبليس؛ ليولد صحيحا ويعيش؛ ففعلت وأغرت آدم - عليه السلام - معها. وظاهر ما في هذه الرواية من طابع إسرائيلي، ذلك أن التصور الإسرائليي المسيحي - كما حرفوا ديانتهم - هو الذي يلقي عبء الغواية على حواء وهو مخالف تماما للتصور الإسلامي الصحيح... ولا حاجة بنا إلى هذه الإسرائيليات لتفسير هذا النص القرآني... فهو يصور مدارج الانحراف في النفس البشرية... ولقد كان المشركون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبله، ينذرون بعض أبنائهم للآلهة أو لخدمة معابد الآلهة تقربا وزلفى([24]) إلى الله! ومع توجههم في أول الأمر لله، فإنهم بعد دحرجة قمة التوحيد إلى درك الوثنية كانوا ينذرون أبناءهم لهذه الآلهة لتعيش وتصبح وتوقى المخاطر"([25]).

الخلاصة:

· اتفق العلماء على تنزيه مقام آدم - عليه السلام - من الشرك وأن ذلك لم يقع منه ولا من الأنبياء قط، وقد عدوا هذه الآية والحديث الوارد في التفسير عند بعضهم من مشكلات التفسير، ولهم في تأويلها أقوال خلاصتها راجعة إلى مذهبين:

الأول: مذهب قبول الحديث والآية على ظاهرهما في قصة آدم وحواء - عليهما السلام - مع القول الشرك المضاف إليهما هنا ليس شركا في العبادة، وإنما هو شرك في التسمية أو الطاعة.

الثاني: مذهب تضعيف الحديث وتأويل الآية في غير آدم وحواء - عليهما السلام -، وإنما هي في أولادهما والمعني بها المشركون من بني آدم عموما وليس فيها تعرض لآدم وحواء - عليهما السلام - بوجه من الوجوه، وهذا هو الراجح.

كلا المذهبين يبرئ آدم - عليه السلام - من الشرك؛ لأنه لا يصح أن يقع من نبي من أنبياء الله، فهم معصومون بعصمة الله من ذلك وغيره، مما لا يليق بمقام الأنبياء.

المراجع

  1. (*) مكتبة شبكة التفسير، والدراسات القرآنية. www.tafsir.com.
  2. الحارث: هو اسم إبليس.
  3.  ضعيف: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم (20129)، والترمذي في سننه، كتاب تفسير القرآن، باب سورة الأعراف (3077)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (342). 
  4.  مكتبة شبكة التفسير والدراسات القرآنية. www.tafsir.com. وانظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج7، ص338. 
  5. هيت لك: هلم وأقبل علي. 
  6.  تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، دار الفكر، بيروت، 1971م، 8/ 367. 
  7.  روح المعاني، الألوسي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت، 9/ 189. 
  8. الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، دار إحياء العلوم، بيروت، 1987م، 1/ 281. 
  9.  الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج7، ص338، 339. 
  10.  الملل: جمع ملة، وهي الشريعة والدين، وهي اسم لما شرع الله لعباده بواسطة أنبيائه؛ ليتوصلوا به إلى السعادة في الدنيا والآخرة، وتطلق كذلك على الطائفة الدينية، وهي المجموعة المتحدة بعقيدة مشتركة، وتحت اسم واحد، قال تعالى:) إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ( (الكهف: ٢٠). 
  11.  الكشاف، الزمخشري، طبعة البابي الحلبي، القاهرة، د. ت، 2/ 180.
  12.  التوطئة: التمهيد. 
  13. الاستطراد: الخروج.
  14.  الآلاء: جمع الألى أو الإلى، أي النعمة. 
  15.  مفاتيح الغيب، فخر الدين الرازي، دار الفكر، بيروت، 1993م، 15/ 71. محاسن التأويل، القاسمي، دار الحديث، القاهرة، 1424هـ/ 2003م، ص240. 
  16.  فتح القدير، محمد بن علي الشوكاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت، 2/ 401. 
  17.  مفاتيح الغيب، فخر الدين الرازي، دار الفكر، بيروت، 1993م، 15/ 17. 
  18.  أحكام القرآن، الجصاص، دار إحياء التراث، بيروت، د. ت، 3/ 49. زاد المسير في علم التفسير، عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1404هـ، 3/ 231.
  19. التحقيق فيما نسب إلى آدم وحواء، أحمد بن عبد العزيز القصير، شبكة التفسير والدراسات القرآنية، في تفسير سورة الأعراف، آية 190: ) فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء (. 
  20.  انظر تفاسير: الكشاف، الزمخشري، طبعة البابي الحلبي، القاهرة، د. ت. مفاتيح الغيب، فخر الدين الرازي، دار الفكر، بيروت، 1993م. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م. تفسير النسفي، النسفي،دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، د. ت، عند تفسير آية الأعراف التي نحن بصددها.
  21. حفدة: حفدة الرجل: أولاد أولاده. 
  22. فأنى تصرفون: عجبا! كيف تصرفون عبادتكم لغيره؟ 
  23. الإسرائيليات: الأخبار المنقولة عن اليهود في كتب التفسير أو التاريخ وغيرهما. 
  24. للمزيد انظر: التحقيق فيما نسب إلى آدم وحواء، عبد الرحمن بن عبد العزيز القصير، شبكة التفسير والدراسات القرآنية، في تفسير آية 190 من سورة الأعراف. 
  25. لزلفى: القربى. 
  26.  في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج3، ص1412.


الجواب التفصيلي

الزعم أن آدم وحواء - عليهما السلام - قد أشركا بالله تعالى (*)

مضمون الشبهة:

يزعم بعض المتوهمين أن آدم - عليه السلام - قد أشرك بالله تعالى هو وزوجه حواء - عليهما السلام - حينما جاءهما الشيطان ونصحهما أن يسميا ولدهما عبد الحارث(1)؛ كي يحيا، وكان لا يعيش لهما ولد.. ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: )هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين (189) فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون (190)( (الأعراف)، كما يستدلون بحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه: «لما حملت حواء، طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث؛ فإنه يعيش، فسموه عبد الحارث، فعاش وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره»([2]). ويهدفون من وراء ذلك إلى التشكيك في عصمة آدم عليه السلام.

وجه إبطال الشبهة:

اتفق العلماء على تنزيه آدم - عليه السلام - وعصمته من الشرك واختلفوا في قبول الحديث وتأويل الآية على مذهبين:

·   قبول الحديث والآية على ظاهرهما في قصة آدم وحواء - عليهما السلام - والقول أن الشرك لم يكن شركا في العبادة بل شركا في التسمية أو الطاعة.

·   تضعيف الحديث وتأويل الآية في غير آدم وحواء، وإنما للجنس البشري عموما, فالشرك لم يقع منهما ولكن كان في ذريتهما من بعدهما.

التفصيل:

مذاهب العلماء في تفسير الآية والحديث:

اتفق العلماء على تنزيه مقام آدم - عليه السلام - من الشرك، وأن ذلك لم يقع منه، ولا من الأنبياء قط، وقد عدوا هذه الآية والحديث الوارد في تفسيرها من مشكلات التفسير، ولهم في تأويلها أقوال خلاصتها راجعة إلى مذهبين:

الأول: مذهب قبول الحديث، والآية على ظاهرهما في قصة آدم وحواء:

وهذا رأي الجمهور من المفسرين، حيث ذهبوا إلى أن الآية معني بها آدم وحواء - رضي الله عنهم جميعا - حيث سميا ابنهما عبد الحارث. وروي ذلك عن: أبي بن كعب، وسمرة بن جندب، وابن عباس. وهو اختيار جمع من المفسرين كما سيأتي ذكرهم. واختلف هؤلاء في معنى الشرك المضاف إلى آدم وحواء - عليهما السلام - على أقوال:

القول الأول: أنه كان شركا في التسمية، ولم يكن شركا في العبادة كما روي عن قتادة، والسدي، واختاره الطبري، والبغوي، والألوسي... وغيرهم([3]).

قال البغوي: جعلا له شريكا إذ سمياه عبد الحارث، ولم يكن هذا إشراكا في العبادة، ولا أن الحارث ربهما؛ فإن آدم - عليه السلام - كان نبيا معصوما من الشرك، ولكن قصد إلى أن الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامة أمه، وقد يطلق اسم العبد على من يراد به أنه معبود هذا، كالرجل إذا نزل به ضيف يسمي نفسه عبد الضيف، على وجه الخضوع، لا على وجه أن الضيف ربه، ويقول للغير أنا عبدك،

وقال يوسف - عليه السلام - لعزيز مصر:

(وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون)

(يوسف:23)

([4])، ولم يرد به أنه معبوده، كذلك هذا.

القول الثاني: أنه كان شركا في الطاعة، ولم يكن شركا في العبادة. وهذا هو المروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وقتادة.

القول الثالث: أن أي إشراك وقع من حواء لا من آدم - عليه السلام - ولم يشرك آدم قط، وأما قوله: "جعلا له شركاء فيما آتاهما" بصيغة المثنى فلا ينافي ذلك؛ لأنه قد يسند فعل الواحد إلى الاثنين، بل إلى جماعة، وهو شائع في كلام العرب وهذا قول القنوجي([5]).

واعترض عليه من قال: بأن الله تعالى قال: "جعلا" حيث نسب الجعل إليهما، والأصل حمل اللفظ على ظاهره، وبأن آدم - عليه السلام - قد أقر حواء على ذلك، وبأنه في حديث سمرة - رضي الله عنه - التصريح بأنهما سمياه بذلك معا([6]).

أدلة هذا المذهب:

استدل القائلون بأن الآية معني بها آدم وحواء بأدلة منها:

· حديث سمرة رضي الله عنه، وقد صرح بعضهم بصحته، والآخر سكت بما يشعر بإقراره بصحة الحديث.

·أن هذا المذهب هو المروي عن سمرة، وأبي بن كعب، وابن عباس رضي الله عنهم، ومثل هذا لا يقال بالرأي، فدل على أن للقصة أصلا؛ فيكون لها حكم الرفع.

الاعتراض على هذا المذهب:

اعترض على هذا المذهب

بقوله تعالى في آخر الآية:

(فتعالى الله عما يشركون)

(الأعراف:190)

بصيغة الجمع، فلو كان المراد آدم وحواء عليهما السلام لقال: يشركان، بصيغة التثنية وفي هذا دلالة واضحة بأن الآية معني بها الذرية لا آدم وحواء - عليهما السلام -.

ردهم على الاعتراض:

وقد أجابوا بأن آخر الآية معني بها مشركو العرب من عبدة الأوثان، وأن الخبر عن آدم وحواء - عليهما السلام - قد انقضى عند قوله: (جعلا له شركاء) وهذا رأى الطبرى، والسيوطى وغيرهم([7]).

المذهب الثاني: مذهب تضعيف الحديث، وتأويل الآية في غير آدم وحواء.

حيث ذهب آخرون إلى تضعيف حديث سمرة رضي الله عنه، وأن الشرك المذكور في الآية معني به غير آدم وحواء عليهما السلام، واختلفوا في المعني به على أقوال:

القول الأول: أن الشرك نسب إلى آدم، وحواء ظاهرا، والمعني به أولادهما، كاليهود، والنصارى، والمشركين. وآدم وحواء - عليهما السلام - بريئان من الشرك، والآية فيها انتقال من ذكر النوع إلى الجنس؛ فإن أول الكلام في آدم وحواء عليهما السلام، ثم انتقل الكلام إلى الجنس من أولادهما.

وقد اشتهر هذا القول عن الحسن البصري - رحمه الله - وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في إحدى الروايات عنه([8]).

قال الحسن البصري في تفسير الآية: "كان هذا في بعض أهل الملل([9]) ولم يكن بآدم"، وعنه قال: "عني بهذا ذرية آدم من أشرك منهم بعده". وعنه قال: "هم اليهود، والنصارى رزقهم الله أولادا فهودوا، ونصروا".

واختار هذا القول جمع من المفسرين منهم: النسفي، والقرطبي، وابن القيم، وابن كثير، والسعدي،... إلخ.

قال الزمخشري: في قوله عزوجل: (جعلا له شركاء): أي جعل أولادهما له شركاء، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وكذلك فيما آتاهما، أي آتى أولادهما.

وآدم وحواء عليهما السلام بريئان من الشرك، ومعنى إشراكهم فيما آتاهم الله: تسميتهم أولادهم بعبد العزى، وعبد مناة، وعبد شمس، وما أشبه ذلك، فكان عبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الرحيم([10]).

وقال الحافظ ابن كثير: وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري - رحمه الله - في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء - عليهما السلام -، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته، فذكر آدم وحواء - عليهما السلام - أولا كالتوطئة ([11]) لما بعدهما من الوالدين وهي كالاستطراد ([12]) من ذكر الشخص إلى الجنس،

كما في قوله عزوجل:

(ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (12) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (13)

(المؤمنون)

وقوله عزوجل:

(ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير)

(الملك:5)


ومعلوم أن المصابيح، وهي النجوم التي زينت بها السماء، ليست هي التي يرمى بها، وإنما هذا استطراد من شخص المصابيح إلى جنسها، ولهذا نظائر في القرآن، والله أعلم".

الاعتراض على هذا القول:

اعترض على هذا القول بأن فيه تشتيتا للضمائر، والأصل اتساق الضمائر، وعودها لمذكور واحد.

أي أن الضمائر في الآية للمثنى فكيف يقصد بها الجمع.

القول الثاني: أن الآية معني بها المشركون من بني آدم عموما، وليس فيها تعرض لآدم وحواء - عليهما السلام - بوجه من الوجوه. وهذا اختيار: ابن حزم، والرازي، والقفال، وابن عثيمين... وغيرهم.

قال القفال: "ذكر الله تعالى هذه القصة على سبيل ضرب المثل، وبيان أن هذه الحالة صورة من حالة هؤلاء المشركين في جهلهم، وقولهم بالشرك، وتقرير هذا الكلام، كأنه تعالى يقول: هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الإنسانية، فلما تغشى الزوج زوجته وظهر الحمل؛ دعا الزوج والزوجة ربهما لئن آتيتنا ولدا صالحا سويا لنكونن من الشاكرين لآلائك([13])؛ فلما آتاهما الله ولدا صالحا سويا جعل الزوج والزوجة لله شركاء فيما آتاهما؛ لأنهم تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائع، كما هو قول الطبائعيين، وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين، وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام، ثم قال تعالى: "فتعالى الله عما يشركون": أي تنزه الله عن ذلك الشرك"([14]).

واعترض على هذا القول:

1. بأن

قوله عزوجل:

(هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها)

(الأعراف:189)

لا يصح حمله على غير آدم وحواء - عليهما السلام؛ فهي ضمائر تثنية عائدة على المذكورة في أول الكلام وهي آدم وحواء.

2. وبقوله: "دعوا الله ربهما" فإن كل مولود يولد من الجنسين لا يكون منهما عند مقاربة وضعه هذا الدعاء([15]). أي أن الزوجين وخاصة الكفار لا يكون منهما هذا الدعاء قبل وضع الولد.

القول الثالث: أن المشركين كانوا يقولون: إن آدم - عليه السلام - كان يعبد الأصنام ويرجع إليها في طلب الخير ودفع الشر، فذكر تعالى قصة آدم وحواء - عليهما السلام - وحكى عنهما أنهما قالا:

(لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين)

(الأعراف: 189)

أي ذكرا أنه تعالى لو آتاهما ولدا سويا صالحا لاشتغلوا بشكر تلك النعمة، ثم قال:

 (فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون)

(الأعراف:190)

فقوله: "جعلا له شركاء" ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار، والتبعيد، والتقرير، والمعنى: أجعلا له شركاء فيما آتاهما؟ ثم قال: "فتعالى الله عما يشركون" أي: تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك وينسبونه إلى آدم عليه السلام.

ذكر هذا التأويل: الفخر الرازي في تفسيره([16]).

ويرده أن الآية وردت بصيغة الخبر، وحملها على معنى الاستفهام يفتقر إلى دليل، وليس ثمة دليل.

القول الرابع: أن الخطاب لقريش، الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم آل قصي.

والمراد من قوله: هو الذي خلقكم من نفس واحدة أي قصي وجعل من جنسها زوجها، عربية قرشية ليسكن إليها، فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح السوي جعلا له شركاء فيما آتاهما، حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف، وعبد العزى، وعبد قصي، وعبد اللات، وجعل الضمير في "يشركون" لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك. ذكر هذا التأويل: الزمخشري، والبيضاوي.

الاعتراض على هذا القول:                    

قال ابن جزي: وهذا القول بعيد لوجهين:

أحدهما: أن الخطاب على هذا خاص بذرية قصي من قريش، والظاهر أن الخطاب عام لبني آدم.

والآخر: أن قوله: "وجعل منها زوجها" فإن هذا يصح في حواء؛ لأنها خلقت من ضلع آدم، ولا يصح في زوجة قصي.

القول الخامس: أن الضمير في قوله: "جعلا" راجع إلى الولد الصالح، والمعنى جعل ذلك الولد الصالح - الذي رزقهما الله إياه - جعل لله شركاء، وإنما قال: "جعلا" لأن حواء كانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى. ذكره ابن الجوزي، والجصاص([17]).

الترجيح([18]):

الراجح لدينا - والله تعالى أعلى وأعلم - أن الآية ليست في آدم وحواء - عليهما السلام -، وإنما هي خطاب للمشركين من قريش وغيرهم، والمقصود بها ضرب المثل، وأن هذه حالة المشركين، فهو سبحانه يذكر أنه خلق كل واحد منهم من نفس واحدة، وجعل من جنسها زوجها، ولما كان من طبيعة البشر حب الولد ذكر الله تعالى أن هذين الزوجين كانا حريصين على أن يرزقا بولد صالح لينتفعا به، وأنهما قد عاهدا الله لإن آتاهما صالحا ليكونن من الشاكرين، فلما آتاهما صالحا جعلا لله شركاء فيما آتاهما، حيث نسبا هذه النعمة لغير الله، وعبدا أولادهما لغير الله، ثم أخبر سبحانه أنه بريء مما يشرك به هؤلاء، وغيرهم؛ فقال:

(فتعالى الله عما يشركون)

(الأعراف:190)

والآية مراد بها ذكر الجنس لا النوع؛ فقوله عزوجل: (خلقكم من نفس واحدة) أي من جنس واحد، وقوله: "وجعل منها زوجها" أي وجعل من هذا الجنس زوجة هي على شاكلته، ولم يجعلها من جنس آخر، ولفظ النفس قد يطلق ويراد به الجنس كما في

قوله عزوجل:

(لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)

(آل عمران:164)

أي من جنسهم.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: قوله تعالى في آخر الآية:

(فتعالى الله عما يشركون)

(الأعراف:190)

، وهذا يدل على أن الذين أتوا بهذا الشرك جماعة، ولو كان المراد آدم وحواء - عليهما السلام -، لعبر عنهما بصيغة التثنية.

الدليل الثاني: أنه تعالى قال بعد هذه الآية:

(أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون)

(الأعراف:191)

 وهذا يدل على أن المقصود من هذه الآية الرد على من جعل الأصنام شركاء لله تعالى، وليس المراد بها آدم وحواء - عليهما السلام -.

الدليل الثالث: لو كان المراد إبليس لقال: أيشركون "من" لا يخلق شيئا ولم يقل "ما"؛ لأن العاقل إنما يذكر بصيغة "من" لا بصيغة "ما".

  الدليل الرابع: أن هذا القول فيه تنزيه لمقام آدم - عليه السلام - من الشرك والقول الذي فيه تنزيه وإجلال لمقام الأنبياء، مقدم في التفسير على القول الذي فيه قدح بعصمتهم، وحط من منزلتهم.

  الدليل الخامس: أن المروي عن سمرة - رضي الله عنه - في تفسير الآية لم يثبت بسند صحيح، وعليه فلا يصح حمل الآية على أمور مغيبة لم يثبت فيها دليل من كتاب أو سنة.

الدليل السادس: أنه لو كانت هذه القصة في آدم وحواء - عليهما السلام -، لكان حالهما إما أن يتوبا من ذلك الشرك أو يموتا عليه، فإن قلنا ماتا عليه، كان في هذا القول فرية عظيمة؛ لأنه لا يجوز موت أحد من الأنبياء على الشرك.

وإن كانا قد تابا من الشرك، فلا يليق بحكمة الله وعدله ورحمته أن يذكر خطأهما ولا يذكر توبتهما منه، فيمتنع غاية الامتناع أن يذكر الله الخطيئة من آدم وحواء - عليهما السلام - وقد تابا، ثم لا يذكر توبتهما، والله تعالى إذا ذكر خطيئة بعض أنبيائه ورسله ذكر توبتهم عنها، كما في قصة آدم نفسه - عليه السلام - حين أكل من الشجرة هو وزوجه - عليهما السلام - وتابا عن ذلك.

الدليل السابع: أنه ثبت في حديث الشفاعة أن الناس يأتون إلى آدم - عليه السلام - يطلبون منه الشفاعة فيعتذر بأكله من الشجرة التي عصى الله تعالى بالأكل منها في الجنة، فلو كان وقع منه الشرك، لكان اعتذاره منه أقوى وأولى وأحرى.

الدليل الثامن: أن الله تعالى أسند فعل الذرية إلى آدم وحواء - عليهما السلام ـ؛ لأنهما أصل لذريتهما، كما

في قوله:

(ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين)

(الأعراف:11)

 أي بتصويرنا لأبيكم آدم عليه السلام؛ لأنه أصلكم، بدليل قوله بعده: "ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم".

الدليل التاسع: أن الله تعالى قال في هذه الآية

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)

(النساء:1)

وآية النساء معني بها آدم، وحواء - عليهما السلام - باتفاق، وعبر بقوله: (وخلق منها زوجها)؛ لأن حواء مخلوقة من نفس آدمعليه السلام، وأما في آية الأعراف فقال:

(وجعل منها زوجها)

(الأعراف: 189)

لأن المراد ذكر الجنس، لا ذكر النوع وهو آدمعليه السلام، والفرق بين الخلق والجعل: أن الخلق هو ابتداء الشيء من غير مثال سابق، وأما الجعل فهو إيجاد شيء وتكوينه منها([19])، وهذا هو حال كل فرد من بني آدم؛ فإنهم يتناسلون ويتوالدون من بعضهم البعض، وأما حواء فإنها خلقت ابتداء من آدم - عليه السلام - من غير أم ولا أب.

وقد وردت عدة آيات تدل على أنه إذا ورد لفظ "جعل" فالمراد به الجنس، منها:

قوله عزوجل:

(والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون)

(النحل:72)

 وقال عزوجل:

(خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون)

(الزمر:6)

وقال عزوجل:

(فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)

(الشورى:11)

الدليل العاشر: ومما يؤكد أن الآية معني بها المشركون على وجه العموم: أنه لم يصرح بذكر آدم وحواء - عليهما السلام - في الآية، والمتأمل في قصص الأنبياء الواردة في القرآن الكريم يلاحظ التصريح بذكر أسمائهم، ومن هؤلاء آدم عليه السلام؛ فإنه إذا ذكرت قصته يذكر باسمه الصريح غالبا.

الدليل الحادي عشر: ويدل على أن الآية في المشركين عامة: الاستطراد في الآيات التي بعد هذه الآية في وصف حال مشركي العرب، وهي صريحة بأنهم هم المرادون بهذا الشرك، وليس آدم وحواء - عليهما السلام -.

قال عزوجل:

(أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون (191) ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون (192) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون (193) إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين (194)

(الأعراف)

الدليل الثاني عشر: أنه لم يثبت دليل على أن الآية معنى بها آدم وحواء - عليهما السلام - إلا ما روي من حديث سمرة رضي الله عنه، وهو ضعيف - كما تقدم - وما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية يعد من الإسرائيليات ([22]) الملفقة التي أخذت عن أهل الكتاب، وإنما التبس على كثير من المفسرين الأمر، وظنوا أنها في آدم وحواء - عليهما السلام - بسبب هذه الروايات، وهذه آفة من آفات الإسرائيليات والتي تعتبر من الدخيل السيئ في التفسير([23]).

وفي هذا الصدد يقول الأستاذ سيد قطب: "إن بعض الروايات في التفسير تذكر هذه القصة على أنها قصة حقيقية وقعت لآدم وحواء - عليهما السلام - إذ كان أبناؤهما يولدون مشوهين، فجاء إليهما الشيطان فأغرى حواء أن تسمي ما في بطنها "عبد الحارث"... والحارث اسم لإبليس؛ ليولد صحيحا ويعيش؛ ففعلت وأغرت آدم - عليه السلام - معها. وظاهر ما في هذه الرواية من طابع إسرائيلي، ذلك أن التصور الإسرائليي المسيحي - كما حرفوا ديانتهم - هو الذي يلقي عبء الغواية على حواء وهو مخالف تماما للتصور الإسلامي الصحيح... ولا حاجة بنا إلى هذه الإسرائيليات لتفسير هذا النص القرآني... فهو يصور مدارج الانحراف في النفس البشرية... ولقد كان المشركون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبله، ينذرون بعض أبنائهم للآلهة أو لخدمة معابد الآلهة تقربا وزلفى([24]) إلى الله! ومع توجههم في أول الأمر لله، فإنهم بعد دحرجة قمة التوحيد إلى درك الوثنية كانوا ينذرون أبناءهم لهذه الآلهة لتعيش وتصبح وتوقى المخاطر"([25]).

الخلاصة:

· اتفق العلماء على تنزيه مقام آدم - عليه السلام - من الشرك وأن ذلك لم يقع منه ولا من الأنبياء قط، وقد عدوا هذه الآية والحديث الوارد في التفسير عند بعضهم من مشكلات التفسير، ولهم في تأويلها أقوال خلاصتها راجعة إلى مذهبين:

الأول: مذهب قبول الحديث والآية على ظاهرهما في قصة آدم وحواء - عليهما السلام - مع القول الشرك المضاف إليهما هنا ليس شركا في العبادة، وإنما هو شرك في التسمية أو الطاعة.

الثاني: مذهب تضعيف الحديث وتأويل الآية في غير آدم وحواء - عليهما السلام -، وإنما هي في أولادهما والمعني بها المشركون من بني آدم عموما وليس فيها تعرض لآدم وحواء - عليهما السلام - بوجه من الوجوه، وهذا هو الراجح.

كلا المذهبين يبرئ آدم - عليه السلام - من الشرك؛ لأنه لا يصح أن يقع من نبي من أنبياء الله، فهم معصومون بعصمة الله من ذلك وغيره، مما لا يليق بمقام الأنبياء.

المراجع

  1. (*) مكتبة شبكة التفسير، والدراسات القرآنية. www.tafsir.com.
  2. الحارث: هو اسم إبليس.
  3.  ضعيف: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم (20129)، والترمذي في سننه، كتاب تفسير القرآن، باب سورة الأعراف (3077)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (342). 
  4.  مكتبة شبكة التفسير والدراسات القرآنية. www.tafsir.com. وانظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج7، ص338. 
  5. هيت لك: هلم وأقبل علي. 
  6.  تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، دار الفكر، بيروت، 1971م، 8/ 367. 
  7.  روح المعاني، الألوسي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت، 9/ 189. 
  8. الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، دار إحياء العلوم، بيروت، 1987م، 1/ 281. 
  9.  الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج7، ص338، 339. 
  10.  الملل: جمع ملة، وهي الشريعة والدين، وهي اسم لما شرع الله لعباده بواسطة أنبيائه؛ ليتوصلوا به إلى السعادة في الدنيا والآخرة، وتطلق كذلك على الطائفة الدينية، وهي المجموعة المتحدة بعقيدة مشتركة، وتحت اسم واحد، قال تعالى:) إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ( (الكهف: ٢٠). 
  11.  الكشاف، الزمخشري، طبعة البابي الحلبي، القاهرة، د. ت، 2/ 180.
  12.  التوطئة: التمهيد. 
  13. الاستطراد: الخروج.
  14.  الآلاء: جمع الألى أو الإلى، أي النعمة. 
  15.  مفاتيح الغيب، فخر الدين الرازي، دار الفكر، بيروت، 1993م، 15/ 71. محاسن التأويل، القاسمي، دار الحديث، القاهرة، 1424هـ/ 2003م، ص240. 
  16.  فتح القدير، محمد بن علي الشوكاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت، 2/ 401. 
  17.  مفاتيح الغيب، فخر الدين الرازي، دار الفكر، بيروت، 1993م، 15/ 17. 
  18.  أحكام القرآن، الجصاص، دار إحياء التراث، بيروت، د. ت، 3/ 49. زاد المسير في علم التفسير، عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1404هـ، 3/ 231.
  19. التحقيق فيما نسب إلى آدم وحواء، أحمد بن عبد العزيز القصير، شبكة التفسير والدراسات القرآنية، في تفسير سورة الأعراف، آية 190: ) فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء (. 
  20.  انظر تفاسير: الكشاف، الزمخشري، طبعة البابي الحلبي، القاهرة، د. ت. مفاتيح الغيب، فخر الدين الرازي، دار الفكر، بيروت، 1993م. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م. تفسير النسفي، النسفي،دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، د. ت، عند تفسير آية الأعراف التي نحن بصددها.
  21. حفدة: حفدة الرجل: أولاد أولاده. 
  22. فأنى تصرفون: عجبا! كيف تصرفون عبادتكم لغيره؟ 
  23. الإسرائيليات: الأخبار المنقولة عن اليهود في كتب التفسير أو التاريخ وغيرهما. 
  24. للمزيد انظر: التحقيق فيما نسب إلى آدم وحواء، عبد الرحمن بن عبد العزيز القصير، شبكة التفسير والدراسات القرآنية، في تفسير آية 190 من سورة الأعراف. 
  25. لزلفى: القربى. 
  26.  في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج3، ص1412.