نص السؤال

الفهم الخاطئ لدعاء نوح - عليه السلام - على قومه بالهلاك

المصدر: شبهات المشككين في الإسلام

الجواب التفصيلي

الفهم الخاطئ لدعاء نوح - عليه السلام - على قومه بالهلاك (*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المتوهمين أن نوحا - عليه السلام - أخطأ حينما دعا على قومه بالهلاك بما فيهم أطفالهم، كما في

قوله عزوجل:

(وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا (26) إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا (27)

(نوح)

فيزعمون أنه - عليه السلام - دعا على قومه بالهلاك بما فيهم الأطفال الذين لا ذنب لهم، ويتساءلون: كيف يدعو على ذريتهم بالهلاك مع احتمال أن يولد منهم من يؤمن بالله؟! كما يزعمون أنه استغفر لنفسه عقب الدعاء عليهم بالهلاك في

قوله عزوجل:

(رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا)

(نوح:28)

وأنه اعتذر يوم القيامة عن الشفاعة بهذه الدعوة التي دعا بها على قومه. ويتساءلون: ألا يعد هذا متنافيا مع ما يتصف به الأنبياء من العصمة؟!

وجوه إبطال الشبهة:

1)  دعاء نوح - عليه السلام - على قومه بالهلاك جاء بعد أن أوحى الله له أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن.

2) الهلاك كان رحمة للأطفال قبل أن يجري عليهم القلم ولا سيما أن الله أوحى إلى نوح أنه لن يؤمن أحد إلا من قد آمن، وقيل: منعوا الإنجاب قبل الطوفان بأربعين عاما؛ فلم يكن لديهم أطفال يوم الطوفان.

3) اعتذار نوح - عليه السلام - يوم القيامة عن الشفاعة، بل واعتذار جميع الأنبياء - عليهم السلام - لا لأخطاء ارتكبوها، ولكن لشدة وقع أهوال القيامة عليهم.

التفصيل:

 أولا. دعاء نوح - عليه السلام - على قومه بالهلاك جاء بعد أن أوحى الله إليه أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن:

قال عزوجل:

(وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن)

(هود: 36)

 فبعد تسعمائة وخمسين سنة من إقامة نوح - عليه السلام - بين قومه يدعوهم لم ير منهم "إلا آذانا صما، وقلوبا غلفا، وعقولا متحجرة، لقد كانت نفوسهم أشد من الصخر، وأفئدتهم أصلب من الحديد، لم ينفعهم نصح أو تذكير، ولم يزجرهم وعيد أو تحذير، وكلما ازداد لهم نصحا ازدادوا عنادا، وكلما ذكرهم بالله زادوا ضلالا وفسادا، وظلوا في طريق الضلال سائرين، لا يلتفتون إلى دعوة نوح - عليه السلام - ولا يبالون بتحذيره وإنذاره"[1]. وقد ظل فيهم داعيا، مذكرا ناصحا، وكانت دعوته لهم ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، ومع كل ذلك لم تلن قلوبهم، بل قابلوا الإحسان بالإساءة، واللطف بالشدة ومالوا عليه بالضرب والأذى، وهو لا يفتأ يقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".

قال تعالى:

(قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا (5) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا (6) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا (7) ثم إني دعوتهم جهارا (8) ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا (9) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا (10) 

(نوح)[2].

روى المفسرون: أن نوحا - عليه السلام - كان يأتي قومه؛ فيدعوهم إلى الله، فيجتمعون عليه ويضربونه الضرب المبرح [3] ويخنقونه حتى يغشى عليه ثم يلفونه في حصير ويرمون به في الطريق، ويقولون: إنه سيموت بعد هذا اليوم، فيعيد الله - عزوجل - إليه قوته فيرجع إليهم ويدعوهم إلى الله فيفعلون به مثل ذلك، وهكذا ظل يؤذى ويعذب وهو مع ذلك صابر لا يدعو على قومه بالعذاب؛ وإنما كان يأمل فيهم أو في أبنائهم الخير والصلاح، ويقول: "لعل الله يخرج من أصلابهم من يستجيب لدعوتي ويؤمن بالله"، ولكن مع هذه المدة الطويلة لم يؤمن معه إلا قليل منهم، وكان كلما انقرض جيل جاء من بعده جيل أخبث وألعن، فلقد كانوا يوصون أبناءهم بعدم الإيمان له وكان الوالد يقول لولده إذا بلغ وعقل: يا بني احذر هذا لا يغرنك عن دينك وآلهتك. قال عزوجل: )وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36)( (هود)، ولهذا دعا عليهم بعد أن يئس من إيمانهم

فقال:

(إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا)

(نوح:27)

فكان بعد ذلك الطوفان[4].

ثانيا. الهلاك كان رحمة للأطفال:

أما قولهم: ما ذنب أطفالهم حتى يهلكوا؟ وكأن الشفقة قد ألهبت قلوب هؤلاء المبطلين تجاه الأطفال الصغار الذين لا جريرة [5] لهم فيما ارتكبه آباؤهم المجرمون، وكأنهم ألطف من الله بعباده وأرحم لهم من خالقهم، غير أنه الحنان الكاذب والشفقة المتوهمة، فالله تعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وما كان ليعذب إنسانا بوزر آخر، فضلا عن طفل بريء.

ولقد بينت السنة أن كل إنسان سوف يبعث على ما مات عليه حسب قصده ونيته وإن عم البلاء الجميع في الدنيا، ف

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«يغزو جيش الكعبة حتى إذا كانوا ببيداء [6] من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم. قالت: قلت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم»[7].

ولقد علم نوح بالوحي والتجربة أن نسل قومه سيكون على شاكلة الآباء في الإصرار على الكفر فقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما: )ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما( (العنكبوت: 14) ففي هذه المدة الطويلة عرف طبائعهم وجربهم حتى قيل: إن الرجل فيهم كان ينطلق بابنه إلى نوح ويقول له: احذر هذا فإنه كذاب وإن أبي أوصاني بمثل هذه الوصية؛ فيموت الكبير وينشأ الصغير على ذلك مما قطع الأمل في إيمانهم، وبذا يكون الخير والراحة في هلاكهم لتتخلص الأرض من شرورهم باستئصالهم، وأما أطفالهم فعلى قول من قال: إن الله تعالى يبس أصلاب رجالهم، وأعقم نساءهم قبل الطوفان بأربعين سنة أو سبعين سنة، فلا إشكال لعدم وجود أطفال فيهم، وقد يستأنس لهذا

بقوله عزوجل:

(فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا (10) يرسل السماء عليكم مدرارا (11) ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا (12)

(نوح)

فإنه يفيد - بحسب المفهوم - أنهم إذا لم يستغفروا فإن الله تعالى لا يمدهم بالبنين.

وأما على قول من قال بوجود الأطفال فيهم، فإن عذاب الله لهم لم يكن على وجه العقاب لهم والصيرورة بعد ذلك إلى عذاب النار كآبائهم، بل كان ذلك لزيادة تعذيب الآباء والأمهات إذا أبصروا أطفالهم يغرقون ثم لا يعذب الأطفال في الآخرة[8].

 وحتى ندرك مدى الرحمة بهؤلاء الأطفال في هلاكهم قبل أن يجري عليهم القلم على رأى من قال بوجود الأطفال وقت الهلاك، نبين حكم هؤلاء الأطفال في الآخرة.

أما عن أطفال المشركين، فقد اختلفت الآراء فيهم على النحو التالي:

· الرأي الأول: التوقف فيهم وعدم الجزم بحكم معين؛ لأن الله تعالى هو الذي خلقهم وهو أعلم بما كانوا سيعملونه - لو عاشوا - وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أولاد المشركين فقال: «الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين»[9].

·الرأي الثاني: أنهم في الجنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء»[10] [11]. ويؤيده ما جاء من حديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعا: «سألت ربي اللاهين من ذرية البشر ألا يعذبهم فأعطانيهم»[12]. وورد تفسير "اللاهين" بأنهم الأطفال من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعا[13]، وأخرج أحمد من طريق حسناء بنت معاوية بن صريم عن عمها قال: «قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: من في الجنة؟ قال: النبي في الجنة والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة والوئيد[14] في الجنة»[15].

واحتجوا أيضا بقوله عن أطفال المشركين: «هم خدم الجنة» [16]، والقول بأنهم في الجنة هو قول جمع من أهل العلم، وهو اختيار أبي الفرج بن الجوزي وصححه النووي ورجحه القرطبي.

·الرأي الثالث: وقد ذهب إليه جمع من أهل العلم، وهو أنهم في مشيئة الله تعالى[17]، وهذا منقول عن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإسحاق، ونقله البيهقي في "الاعتقاد"، عن الشافعي في حق أولاد الكفار خاصة، قال ابن عبد البر: وهو مقتضى صنيع مالك، وليس عنده في هذا شيء منصوص، إلا أن أصحابه صرحوا بأن أطفال المسلمين في الجنة، وأطفال الكفار خاصة في المشيئة، والحجة في حديث:«الله أعلم بما كانوا عاملين»[18].

وهذا القول حكاه أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة[19]، وهو اختيار شيخ الإسلام، فقد اختار أن الأطفال المشركين في مشيئة الله، وأنهم يمتحنون في يوم القيامة، وعزا القول بذلك إلى أبي الحسن الأشعري والإمام أحمد، قال شيخ الإسلام: والصواب أن يقال فيهم: الله أعلم بما كانوا عاملين، ولا يحكم لمعين منهم بجنة أو نار، وقد جاء في عدة أحاديث أنهم يوم القيامة يمتحنون في عرصات [20] القيامة يؤمرون وينهون، فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، وهذا الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة[21].

وقال في موضع آخر: أطفال المشركين الذين لم يكلفوا في الدنيا يكلفون في الآخرة، كما وردت بذلك أحاديث متعددة، وهو القول الذي حكاه أبو الحسن الأشعري في أطفال المشركين، كما تقدم في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عنهم؛ فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين[22].

وقد ذكر ابن حجر أنهم يمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار، فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن أبى عذب. وحكى البيهقي في كتاب "الاعتقاد" أنه المذهب الصحيح.

ويدل على هذا القول ما ورد في محكم القرآن في قصة العبد الصالح الذي رحل نبي الله موسى إلى لقائه في مجمع البحرين، فإنه

قال مبينا السر في قتله الغلام:

(وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا)

(الكهف:80)

وفي صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:

«قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغلام الذي قتله الخضر: طبع[23] يوم طبع كافرا، ولو ترك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا»

[24]. قال ابن تيمية معلقا على الحديث: "يعني طبعه الله تعالى في أم الكتاب، أي أثبته وكتبه كافرا، أي إنه إن عاش كفر بالفعل".

وهنا يتبين لنا أن الرحمة كانت في هلاك هؤلاء الأطفال مع آبائهم قبل أن يجري عليهم القلم وينشئوا على الكفر ويكونوا من أصحاب الجحيم.

ثالثا. اعتذار نوح - عليه السلام - يوم القيامة عن الشفاعة؛ قد يكون لهول هذا اليوم أو لتركه ما كان يجب أن يفعله وهو ترك أمر قومه إلى الله، إن شاء أهلكهم وإن شاء أبقاهم، وليس في هذا معصية لله تعالى:

لم يدع نوح - عليه السلام - على قومه إلا بعد أن أخبره الله - عزوجل - أنه لن يؤمن من قومه غير من قد آمن،

قال عزوجل:

(وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون)

(هود:36) [25]

وأما عن اعتذاره عن الشفاعة كما في الحديث:«إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعد مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري..» [26].

فالواضح من هذا الحديث أن اعتذار نوح - عليه السلام - عن الشفاعة لقومه لم يكن لخطأ قد ارتكبه فحرم من الشفاعة، ولكن لأنه كانت له دعوة مستجابة فدعا بها على قومه ولو أخرها لدعا واستشفع بها في هذا اليوم. وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة»[27].

وعلى هذا فإن اعتذار نوح - عليه السلام - عن الشفاعة يوم القيامة يكون لتركه الأولى؛ إذ كان الأولى أن يوكل أمر قومه إلى الله إن شاء أهلكهم وإن شاء أبقاهم.

كما صنع إبراهيم عليه السلام؛ إذ قال: )رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم (36)( (إبراهيم). وكما صنع عيسى عليه السلام؛ إذ قال: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم (118) (المائدة).

فلما دعا نوح - عليه السلام - بإهلاك قومه كان قد ترك الأولى، وترك الأولى ليس ذنبا كما يدعي بعض الواهمين ومع هذا يستغفر منه الأنبياء؛ لسمو درجتهم عند الله وهذا ما فعله نوحعليه السلام[28].

أما استغفار نوح - عليه السلام - بعد ذلك: "رب اغفر لي ولوالدي" فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مهما أطاع وجاهد وعبد فإنه بشر معرض للخطأ والتقصير، وهذا هو قمة الأدب مع الله تعالى من أنبيائه، وتعليم لنا ألا نستكثر أعمالنا وجهادنا على الله تعالى، بل إننا إذ وقفنا فمن الله تعالى وعلى الإنسان أن يستغفر الله تعالى حتى بعد عمل الصالحات كما «كان النبي صلى الله عليه وسلم - يستغفر الله تعالى في اليوم والليلة، أكثر من سبعين مرة»[29]، وفي رواية: «مائة مرة»[30]، وليس ذلك لمعصية ارتكبها أو لخطأ فعله.

الخلاصة:

·لم يدع نوح - عليه السلام - على قومه إلا بعد أن أوحى الله إليه وأيقن أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن قال عزوجل: )وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36)( (هود)، وعرف أن نسلهم سيكون على شاكلة الآباء في الإصرار على الكفر بالتجربة، فقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وفي هذه المدة الطويلة عرف طباعهم وجربهم حتى يقال: إن الرجل منهم كان يحذر ابنه من نوح ويقول له: احذر هذا فإنه كذاب، وهذا مما قطع الأمل في إيمانهم، وبذا يكون الخير في هلاكهم، لتتخلص الأرض من شرهم.

·وأما أطفالهم: فعلى قول من قال: إن الله تعالى يبس أصلاب رجالهم وأعقم أرحام نسائهم قبل الطوفان بأربعين سنة، أو سبعين سنة، فلا إشكال، لعدم وجود أطفال فيهم.

·وأما على قول إغراق الأطفال فإن ذلك لم يكن على وجه العقاب للأطفال والصيرورة بعده إلى عذاب النار كآبائهم، بل لزيادة تعذيب الآباء والأمهات إذا أبصروا أطفالهم يغرقون ثم لا يعذب الأطفال في الآخرة.

·اعتذار نوح - عليه السلام - يوم القيامة من الشفاعة لتركه ما كان يجب أن يفعله وهو ترك أمر قومه إلى الله إن شاء أهلكهم وإن شاء أبقاهم لا أن يدعو عليهم بالهلاك.

المراجع

  1. (*) عصمة الأنبياء والرد على الشبه الموجهة إليهم، د. محمد أبو النور الحديدي، مطبعة الأمانة، القاهرة، 1399هـ/ 1979م. 
  2. موقع الكلمة. www.alkalema.net [1].
  3.  النبوة والأنبياء، محمد علي الصابوني، دار الصابوني، مكة المكرمة، 1390هـ، ص140.
  4.  استغشوا ثيابهم: غطوا رؤوسهم بثيابهم. 
  5.  المبرح: الشديد.
  6.  النبوة والأنبياء، محمد علي الصابوني، دار الصابوني، مكة المكرمة، 1390هـ، ص140، 141. 
  7.  الجريرة: الذنب. 
  8. البيداء: الصحراء.


الجواب التفصيلي

الفهم الخاطئ لدعاء نوح - عليه السلام - على قومه بالهلاك (*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المتوهمين أن نوحا - عليه السلام - أخطأ حينما دعا على قومه بالهلاك بما فيهم أطفالهم، كما في

قوله عزوجل:

(وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا (26) إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا (27)

(نوح)

فيزعمون أنه - عليه السلام - دعا على قومه بالهلاك بما فيهم الأطفال الذين لا ذنب لهم، ويتساءلون: كيف يدعو على ذريتهم بالهلاك مع احتمال أن يولد منهم من يؤمن بالله؟! كما يزعمون أنه استغفر لنفسه عقب الدعاء عليهم بالهلاك في

قوله عزوجل:

(رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا)

(نوح:28)

وأنه اعتذر يوم القيامة عن الشفاعة بهذه الدعوة التي دعا بها على قومه. ويتساءلون: ألا يعد هذا متنافيا مع ما يتصف به الأنبياء من العصمة؟!

وجوه إبطال الشبهة:

1)  دعاء نوح - عليه السلام - على قومه بالهلاك جاء بعد أن أوحى الله له أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن.

2) الهلاك كان رحمة للأطفال قبل أن يجري عليهم القلم ولا سيما أن الله أوحى إلى نوح أنه لن يؤمن أحد إلا من قد آمن، وقيل: منعوا الإنجاب قبل الطوفان بأربعين عاما؛ فلم يكن لديهم أطفال يوم الطوفان.

3) اعتذار نوح - عليه السلام - يوم القيامة عن الشفاعة، بل واعتذار جميع الأنبياء - عليهم السلام - لا لأخطاء ارتكبوها، ولكن لشدة وقع أهوال القيامة عليهم.

التفصيل:

 أولا. دعاء نوح - عليه السلام - على قومه بالهلاك جاء بعد أن أوحى الله إليه أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن:

قال عزوجل:

(وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن)

(هود: 36)

 فبعد تسعمائة وخمسين سنة من إقامة نوح - عليه السلام - بين قومه يدعوهم لم ير منهم "إلا آذانا صما، وقلوبا غلفا، وعقولا متحجرة، لقد كانت نفوسهم أشد من الصخر، وأفئدتهم أصلب من الحديد، لم ينفعهم نصح أو تذكير، ولم يزجرهم وعيد أو تحذير، وكلما ازداد لهم نصحا ازدادوا عنادا، وكلما ذكرهم بالله زادوا ضلالا وفسادا، وظلوا في طريق الضلال سائرين، لا يلتفتون إلى دعوة نوح - عليه السلام - ولا يبالون بتحذيره وإنذاره"[1]. وقد ظل فيهم داعيا، مذكرا ناصحا، وكانت دعوته لهم ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، ومع كل ذلك لم تلن قلوبهم، بل قابلوا الإحسان بالإساءة، واللطف بالشدة ومالوا عليه بالضرب والأذى، وهو لا يفتأ يقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".

قال تعالى:

(قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا (5) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا (6) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا (7) ثم إني دعوتهم جهارا (8) ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا (9) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا (10) 

(نوح)[2].

روى المفسرون: أن نوحا - عليه السلام - كان يأتي قومه؛ فيدعوهم إلى الله، فيجتمعون عليه ويضربونه الضرب المبرح [3] ويخنقونه حتى يغشى عليه ثم يلفونه في حصير ويرمون به في الطريق، ويقولون: إنه سيموت بعد هذا اليوم، فيعيد الله - عزوجل - إليه قوته فيرجع إليهم ويدعوهم إلى الله فيفعلون به مثل ذلك، وهكذا ظل يؤذى ويعذب وهو مع ذلك صابر لا يدعو على قومه بالعذاب؛ وإنما كان يأمل فيهم أو في أبنائهم الخير والصلاح، ويقول: "لعل الله يخرج من أصلابهم من يستجيب لدعوتي ويؤمن بالله"، ولكن مع هذه المدة الطويلة لم يؤمن معه إلا قليل منهم، وكان كلما انقرض جيل جاء من بعده جيل أخبث وألعن، فلقد كانوا يوصون أبناءهم بعدم الإيمان له وكان الوالد يقول لولده إذا بلغ وعقل: يا بني احذر هذا لا يغرنك عن دينك وآلهتك. قال عزوجل: )وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36)( (هود)، ولهذا دعا عليهم بعد أن يئس من إيمانهم

فقال:

(إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا)

(نوح:27)

فكان بعد ذلك الطوفان[4].

ثانيا. الهلاك كان رحمة للأطفال:

أما قولهم: ما ذنب أطفالهم حتى يهلكوا؟ وكأن الشفقة قد ألهبت قلوب هؤلاء المبطلين تجاه الأطفال الصغار الذين لا جريرة [5] لهم فيما ارتكبه آباؤهم المجرمون، وكأنهم ألطف من الله بعباده وأرحم لهم من خالقهم، غير أنه الحنان الكاذب والشفقة المتوهمة، فالله تعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وما كان ليعذب إنسانا بوزر آخر، فضلا عن طفل بريء.

ولقد بينت السنة أن كل إنسان سوف يبعث على ما مات عليه حسب قصده ونيته وإن عم البلاء الجميع في الدنيا، ف

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«يغزو جيش الكعبة حتى إذا كانوا ببيداء [6] من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم. قالت: قلت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم»[7].

ولقد علم نوح بالوحي والتجربة أن نسل قومه سيكون على شاكلة الآباء في الإصرار على الكفر فقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما: )ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما( (العنكبوت: 14) ففي هذه المدة الطويلة عرف طبائعهم وجربهم حتى قيل: إن الرجل فيهم كان ينطلق بابنه إلى نوح ويقول له: احذر هذا فإنه كذاب وإن أبي أوصاني بمثل هذه الوصية؛ فيموت الكبير وينشأ الصغير على ذلك مما قطع الأمل في إيمانهم، وبذا يكون الخير والراحة في هلاكهم لتتخلص الأرض من شرورهم باستئصالهم، وأما أطفالهم فعلى قول من قال: إن الله تعالى يبس أصلاب رجالهم، وأعقم نساءهم قبل الطوفان بأربعين سنة أو سبعين سنة، فلا إشكال لعدم وجود أطفال فيهم، وقد يستأنس لهذا

بقوله عزوجل:

(فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا (10) يرسل السماء عليكم مدرارا (11) ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا (12)

(نوح)

فإنه يفيد - بحسب المفهوم - أنهم إذا لم يستغفروا فإن الله تعالى لا يمدهم بالبنين.

وأما على قول من قال بوجود الأطفال فيهم، فإن عذاب الله لهم لم يكن على وجه العقاب لهم والصيرورة بعد ذلك إلى عذاب النار كآبائهم، بل كان ذلك لزيادة تعذيب الآباء والأمهات إذا أبصروا أطفالهم يغرقون ثم لا يعذب الأطفال في الآخرة[8].

 وحتى ندرك مدى الرحمة بهؤلاء الأطفال في هلاكهم قبل أن يجري عليهم القلم على رأى من قال بوجود الأطفال وقت الهلاك، نبين حكم هؤلاء الأطفال في الآخرة.

أما عن أطفال المشركين، فقد اختلفت الآراء فيهم على النحو التالي:

· الرأي الأول: التوقف فيهم وعدم الجزم بحكم معين؛ لأن الله تعالى هو الذي خلقهم وهو أعلم بما كانوا سيعملونه - لو عاشوا - وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أولاد المشركين فقال: «الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين»[9].

·الرأي الثاني: أنهم في الجنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء»[10] [11]. ويؤيده ما جاء من حديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعا: «سألت ربي اللاهين من ذرية البشر ألا يعذبهم فأعطانيهم»[12]. وورد تفسير "اللاهين" بأنهم الأطفال من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعا[13]، وأخرج أحمد من طريق حسناء بنت معاوية بن صريم عن عمها قال: «قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: من في الجنة؟ قال: النبي في الجنة والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة والوئيد[14] في الجنة»[15].

واحتجوا أيضا بقوله عن أطفال المشركين: «هم خدم الجنة» [16]، والقول بأنهم في الجنة هو قول جمع من أهل العلم، وهو اختيار أبي الفرج بن الجوزي وصححه النووي ورجحه القرطبي.

·الرأي الثالث: وقد ذهب إليه جمع من أهل العلم، وهو أنهم في مشيئة الله تعالى[17]، وهذا منقول عن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإسحاق، ونقله البيهقي في "الاعتقاد"، عن الشافعي في حق أولاد الكفار خاصة، قال ابن عبد البر: وهو مقتضى صنيع مالك، وليس عنده في هذا شيء منصوص، إلا أن أصحابه صرحوا بأن أطفال المسلمين في الجنة، وأطفال الكفار خاصة في المشيئة، والحجة في حديث:«الله أعلم بما كانوا عاملين»[18].

وهذا القول حكاه أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة[19]، وهو اختيار شيخ الإسلام، فقد اختار أن الأطفال المشركين في مشيئة الله، وأنهم يمتحنون في يوم القيامة، وعزا القول بذلك إلى أبي الحسن الأشعري والإمام أحمد، قال شيخ الإسلام: والصواب أن يقال فيهم: الله أعلم بما كانوا عاملين، ولا يحكم لمعين منهم بجنة أو نار، وقد جاء في عدة أحاديث أنهم يوم القيامة يمتحنون في عرصات [20] القيامة يؤمرون وينهون، فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، وهذا الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة[21].

وقال في موضع آخر: أطفال المشركين الذين لم يكلفوا في الدنيا يكلفون في الآخرة، كما وردت بذلك أحاديث متعددة، وهو القول الذي حكاه أبو الحسن الأشعري في أطفال المشركين، كما تقدم في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عنهم؛ فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين[22].

وقد ذكر ابن حجر أنهم يمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار، فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن أبى عذب. وحكى البيهقي في كتاب "الاعتقاد" أنه المذهب الصحيح.

ويدل على هذا القول ما ورد في محكم القرآن في قصة العبد الصالح الذي رحل نبي الله موسى إلى لقائه في مجمع البحرين، فإنه

قال مبينا السر في قتله الغلام:

(وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا)

(الكهف:80)

وفي صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:

«قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغلام الذي قتله الخضر: طبع[23] يوم طبع كافرا، ولو ترك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا»

[24]. قال ابن تيمية معلقا على الحديث: "يعني طبعه الله تعالى في أم الكتاب، أي أثبته وكتبه كافرا، أي إنه إن عاش كفر بالفعل".

وهنا يتبين لنا أن الرحمة كانت في هلاك هؤلاء الأطفال مع آبائهم قبل أن يجري عليهم القلم وينشئوا على الكفر ويكونوا من أصحاب الجحيم.

ثالثا. اعتذار نوح - عليه السلام - يوم القيامة عن الشفاعة؛ قد يكون لهول هذا اليوم أو لتركه ما كان يجب أن يفعله وهو ترك أمر قومه إلى الله، إن شاء أهلكهم وإن شاء أبقاهم، وليس في هذا معصية لله تعالى:

لم يدع نوح - عليه السلام - على قومه إلا بعد أن أخبره الله - عزوجل - أنه لن يؤمن من قومه غير من قد آمن،

قال عزوجل:

(وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون)

(هود:36) [25]

وأما عن اعتذاره عن الشفاعة كما في الحديث:«إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعد مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري..» [26].

فالواضح من هذا الحديث أن اعتذار نوح - عليه السلام - عن الشفاعة لقومه لم يكن لخطأ قد ارتكبه فحرم من الشفاعة، ولكن لأنه كانت له دعوة مستجابة فدعا بها على قومه ولو أخرها لدعا واستشفع بها في هذا اليوم. وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة»[27].

وعلى هذا فإن اعتذار نوح - عليه السلام - عن الشفاعة يوم القيامة يكون لتركه الأولى؛ إذ كان الأولى أن يوكل أمر قومه إلى الله إن شاء أهلكهم وإن شاء أبقاهم.

كما صنع إبراهيم عليه السلام؛ إذ قال: )رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم (36)( (إبراهيم). وكما صنع عيسى عليه السلام؛ إذ قال: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم (118) (المائدة).

فلما دعا نوح - عليه السلام - بإهلاك قومه كان قد ترك الأولى، وترك الأولى ليس ذنبا كما يدعي بعض الواهمين ومع هذا يستغفر منه الأنبياء؛ لسمو درجتهم عند الله وهذا ما فعله نوحعليه السلام[28].

أما استغفار نوح - عليه السلام - بعد ذلك: "رب اغفر لي ولوالدي" فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مهما أطاع وجاهد وعبد فإنه بشر معرض للخطأ والتقصير، وهذا هو قمة الأدب مع الله تعالى من أنبيائه، وتعليم لنا ألا نستكثر أعمالنا وجهادنا على الله تعالى، بل إننا إذ وقفنا فمن الله تعالى وعلى الإنسان أن يستغفر الله تعالى حتى بعد عمل الصالحات كما «كان النبي صلى الله عليه وسلم - يستغفر الله تعالى في اليوم والليلة، أكثر من سبعين مرة»[29]، وفي رواية: «مائة مرة»[30]، وليس ذلك لمعصية ارتكبها أو لخطأ فعله.

الخلاصة:

·لم يدع نوح - عليه السلام - على قومه إلا بعد أن أوحى الله إليه وأيقن أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن قال عزوجل: )وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36)( (هود)، وعرف أن نسلهم سيكون على شاكلة الآباء في الإصرار على الكفر بالتجربة، فقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وفي هذه المدة الطويلة عرف طباعهم وجربهم حتى يقال: إن الرجل منهم كان يحذر ابنه من نوح ويقول له: احذر هذا فإنه كذاب، وهذا مما قطع الأمل في إيمانهم، وبذا يكون الخير في هلاكهم، لتتخلص الأرض من شرهم.

·وأما أطفالهم: فعلى قول من قال: إن الله تعالى يبس أصلاب رجالهم وأعقم أرحام نسائهم قبل الطوفان بأربعين سنة، أو سبعين سنة، فلا إشكال، لعدم وجود أطفال فيهم.

·وأما على قول إغراق الأطفال فإن ذلك لم يكن على وجه العقاب للأطفال والصيرورة بعده إلى عذاب النار كآبائهم، بل لزيادة تعذيب الآباء والأمهات إذا أبصروا أطفالهم يغرقون ثم لا يعذب الأطفال في الآخرة.

·اعتذار نوح - عليه السلام - يوم القيامة من الشفاعة لتركه ما كان يجب أن يفعله وهو ترك أمر قومه إلى الله إن شاء أهلكهم وإن شاء أبقاهم لا أن يدعو عليهم بالهلاك.

المراجع

  1. (*) عصمة الأنبياء والرد على الشبه الموجهة إليهم، د. محمد أبو النور الحديدي، مطبعة الأمانة، القاهرة، 1399هـ/ 1979م. 
  2. موقع الكلمة. www.alkalema.net [1].
  3.  النبوة والأنبياء، محمد علي الصابوني، دار الصابوني، مكة المكرمة، 1390هـ، ص140.
  4.  استغشوا ثيابهم: غطوا رؤوسهم بثيابهم. 
  5.  المبرح: الشديد.
  6.  النبوة والأنبياء، محمد علي الصابوني، دار الصابوني، مكة المكرمة، 1390هـ، ص140، 141. 
  7.  الجريرة: الذنب. 
  8. البيداء: الصحراء.