نص السؤال

دعوى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملة اليهود أو النصارى

المصدر: شبهات المشككين في الإسلام

الجواب التفصيلي

دعوى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملة اليهود أو النصارى(*)

مضمون الشبهة:

ادعت كل طائفة من اليهود والنصارى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتها، وهذه عقيدة الفريقين إلى اليوم.

قال سبحانه وتعالى:

(وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى)

(البقرة: ١١١).

وجها إبطال الشبهة:

1) هذه الدعوى من أمانيهم التي لا يدركونها، فلا بد من الإتيان بالبرهان لإثبات صحة الدعوى؛ لأنه لا يقبل قول بلا دليل.

2)  الجنة متاحة لكل من يعمل لها وليست حكرا على طائفة دون طائفة والحكم لله بين الجميع وهو أعلم بأهل الحق.

التفصيل:

يغتر اليهود والنصارى بما هم فيه، ويدعون أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتهم، وهي عقيدتهم إلى يومنا هذا، كما قالوا أيضا فيما حكاه عنهم القرآن:

(نحن أبناء الله وأحباؤه)

(المائدة: ١٨)

وقد أكذبهم الله - عز وجل - بما أخبرهم أنه يعذبهم في الدنيا والآخرة بذنوبهم، ولو كانوا كما ادعوا لما كان الأمر كذلك، ومثله ما ادعوه من أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة ثم ينتقلون إلى الجنة،

ورد الله - سبحانه وتعالى - عليهم قائلا:

(قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون)

(البقرة:80)

أولا. أمنية بلا برهان:

 رد الله على هؤلاء المدعين، بأن هذا من أمانيهم التي لا يدركونها،

فقال سبحانه وتعالى:

(تلك أمانيهم)

(البقرة: ١١١)

ثم طالبهم الله - عز وجل - بالبرهان على دعواهم

فقال سبحانه وتعالى:

(قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)

(البقرة:111)

فهذه دعوى بلا دليل ولا حجة ولا بينة، وهنا يقرر القرآن قاعدة جليلة لا توجد في غير القرآن من الكتب السماوية، وهي أنه لا يقبل من أحد قول لا دليل عليه، ولا يحكم لأحد بدعوى ينتحلها بغير برهان يؤيدها.

والدعاوى ما لم تقيموا عليها

بينات أبناؤها أدعياء

وإيضاح ذلك أن الأمم التي خوطبت بالكتب السالفة لم تكن مستعدة لاستغلال الفكر ومعرفة الأمور بأدلتها وبراهينها، ولذلك اكتفى الله منهم بتقليد الأنبياء فيما يبلغونهم وإن لم يعرفوا برهانه، فهم مكلفون أن يفعلوا ما يؤمرون سواء عرفوا لماذا أمروا أو لم يعرفوا، ولكن القرآن يخاطب من أنزل عليه بمثل

قوله:

(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)

(يوسف: ١٠٨)

وقد فسروا البصيرة بالحجة الواضحة، وهذه عادة القرآن في الاستدلال على قدرة الله ووحدانيته وعلمه وحكمته بالآيات الكونية والأدلة النظرية والعقلية.

فالقرآن يعلم أهله أن يطالبوا الناس بالحجة فيما يدعون؛ لأنه أقامهم على سواء المحجة، وجدير بصاحب اليقين أن يطالب خصمه به ويدعوه إليه، وعلى هذا درج سلف هذه الأمة الصالح، قالوا بالدليل وطالبوا بالدليل، ونهوا عن الأخذ بشيء من غير دليل.

ثانيا. الجنة متاحة لكل من يعمل لها:

يقول الله - عز وجل - ردا عليهم أيضا:

(بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)

(البقرة:112)

والمعنى: بلى إنه يدخل الجنة من لم يكن هودا ولا نصارى؛ لأن رحمة الله ليست خاصة بشعب دون شعب، وإنما هي مبذولة لكل من يطلبها ويعمل لها عملها، وهو أن يسلم وجهه لله - عز وجل - وحده ويخصصه بالعبادة دون سواه، فهذا له الأجر حقا، ولا يصيبه خوف ولا حزن.

"وبذلك يقرر القرآن قاعدة من قواعد التصور الإسلامي في ترتيب الجزاء على العمل بلا محاباة لأمة ولا لطائفة ولا لفرد، إنما هو الإسلام والإحسان لا الاسم والعنوان: (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، ومن قبل قرر هذه القاعدة في العقاب ردا على قولهم:

(لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)

(البقرة: ٨٠).

فقال:

(بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)

(البقرة:81)

إنها قاعدة واحدة بطرفيها في العقوبة والمثوبة، طرفاها المتقابلان: (من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته) وفي مقابله (من أسلم وجهه لله وهو محسن), فأخلص ذاته كلها لله ووجه مشاعره كلها إليه وخلص لله، في مقابل خلوص الآخر للخطيئة.

لقد كانوا - يهودا ونصارى - يطلقون تلك الدعوى العريضة، بينما يقول كل منهما عن الفريق الآخر: إنه ليس على شيء، وبينما كان المشركون يجابهون الفريقين بالقولة ذاتها:

(وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)

(البقرة:113)

)الذين لا يعلمون( هم الأميون العرب الذين لم يكن لهم كتاب؛ وكانوا يرون ما عليه اليهود والنصارى من الفرقة والتقاذف بالاتهام، ومن التمسك بخرافات وأساطير لا ترتفع كثيرا عن خرافات العرب وأساطيرهم في الشرك ونسبة الأبناء أو البنات لله عز وجل، فكانوا يزهدون في دين اليهود ودين النصارى ويقولون: إنهم ليسوا على شيء، والقرآن يسجل على الجميع ما يقوله بعضهم على بعض، وذلك عقب تفنيد دعوى اليهود والنصارى في ملكية الجنة، ثم يدع أمر الخلاف بينهم إلى الله: (فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (113)، فهو الحكم العدل وإليه تصير الأمور... وهذه الإحالة إلى حكم الله هي وحدها المجدية في مواجهة قوم لا يستمدون أحكامهم من منطق ولا يعتمدون على دليل، بعد دحض دعواهم العريضة في أنهم وحدهم أهل الجنة وأنهم وحدهم المهديون"[1]!

الخلاصة:

·كذب الله اليهود والنصارى في دعواهم أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتهم وبين أن هذا تقول بلا علم أو برهان، وأنها أمنية لم يعملوا لها؛ لذا فهي أمنية لن يدركوها.

·أن الجنة ليست حكرا على طائفة دون أخرى بل هي لكل من عمل صالحا وأسلم وجهه لله وهو محسن.

المراجع

  1. (*) الآية التي وردت فيها الشبهة: (البقرة/ 111). الآيات التي ورد فيها الرد على الشبهة: (البقرة/ 111: 113).
  2. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج1، ص104.

الجواب التفصيلي

دعوى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملة اليهود أو النصارى(*)

مضمون الشبهة:

ادعت كل طائفة من اليهود والنصارى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتها، وهذه عقيدة الفريقين إلى اليوم.

قال سبحانه وتعالى:

(وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى)

(البقرة: ١١١).

وجها إبطال الشبهة:

1) هذه الدعوى من أمانيهم التي لا يدركونها، فلا بد من الإتيان بالبرهان لإثبات صحة الدعوى؛ لأنه لا يقبل قول بلا دليل.

2)  الجنة متاحة لكل من يعمل لها وليست حكرا على طائفة دون طائفة والحكم لله بين الجميع وهو أعلم بأهل الحق.

التفصيل:

يغتر اليهود والنصارى بما هم فيه، ويدعون أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتهم، وهي عقيدتهم إلى يومنا هذا، كما قالوا أيضا فيما حكاه عنهم القرآن:

(نحن أبناء الله وأحباؤه)

(المائدة: ١٨)

وقد أكذبهم الله - عز وجل - بما أخبرهم أنه يعذبهم في الدنيا والآخرة بذنوبهم، ولو كانوا كما ادعوا لما كان الأمر كذلك، ومثله ما ادعوه من أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة ثم ينتقلون إلى الجنة،

ورد الله - سبحانه وتعالى - عليهم قائلا:

(قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون)

(البقرة:80)

أولا. أمنية بلا برهان:

 رد الله على هؤلاء المدعين، بأن هذا من أمانيهم التي لا يدركونها،

فقال سبحانه وتعالى:

(تلك أمانيهم)

(البقرة: ١١١)

ثم طالبهم الله - عز وجل - بالبرهان على دعواهم

فقال سبحانه وتعالى:

(قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)

(البقرة:111)

فهذه دعوى بلا دليل ولا حجة ولا بينة، وهنا يقرر القرآن قاعدة جليلة لا توجد في غير القرآن من الكتب السماوية، وهي أنه لا يقبل من أحد قول لا دليل عليه، ولا يحكم لأحد بدعوى ينتحلها بغير برهان يؤيدها.

والدعاوى ما لم تقيموا عليها

بينات أبناؤها أدعياء

وإيضاح ذلك أن الأمم التي خوطبت بالكتب السالفة لم تكن مستعدة لاستغلال الفكر ومعرفة الأمور بأدلتها وبراهينها، ولذلك اكتفى الله منهم بتقليد الأنبياء فيما يبلغونهم وإن لم يعرفوا برهانه، فهم مكلفون أن يفعلوا ما يؤمرون سواء عرفوا لماذا أمروا أو لم يعرفوا، ولكن القرآن يخاطب من أنزل عليه بمثل

قوله:

(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)

(يوسف: ١٠٨)

وقد فسروا البصيرة بالحجة الواضحة، وهذه عادة القرآن في الاستدلال على قدرة الله ووحدانيته وعلمه وحكمته بالآيات الكونية والأدلة النظرية والعقلية.

فالقرآن يعلم أهله أن يطالبوا الناس بالحجة فيما يدعون؛ لأنه أقامهم على سواء المحجة، وجدير بصاحب اليقين أن يطالب خصمه به ويدعوه إليه، وعلى هذا درج سلف هذه الأمة الصالح، قالوا بالدليل وطالبوا بالدليل، ونهوا عن الأخذ بشيء من غير دليل.

ثانيا. الجنة متاحة لكل من يعمل لها:

يقول الله - عز وجل - ردا عليهم أيضا:

(بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)

(البقرة:112)

والمعنى: بلى إنه يدخل الجنة من لم يكن هودا ولا نصارى؛ لأن رحمة الله ليست خاصة بشعب دون شعب، وإنما هي مبذولة لكل من يطلبها ويعمل لها عملها، وهو أن يسلم وجهه لله - عز وجل - وحده ويخصصه بالعبادة دون سواه، فهذا له الأجر حقا، ولا يصيبه خوف ولا حزن.

"وبذلك يقرر القرآن قاعدة من قواعد التصور الإسلامي في ترتيب الجزاء على العمل بلا محاباة لأمة ولا لطائفة ولا لفرد، إنما هو الإسلام والإحسان لا الاسم والعنوان: (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، ومن قبل قرر هذه القاعدة في العقاب ردا على قولهم:

(لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)

(البقرة: ٨٠).

فقال:

(بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)

(البقرة:81)

إنها قاعدة واحدة بطرفيها في العقوبة والمثوبة، طرفاها المتقابلان: (من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته) وفي مقابله (من أسلم وجهه لله وهو محسن), فأخلص ذاته كلها لله ووجه مشاعره كلها إليه وخلص لله، في مقابل خلوص الآخر للخطيئة.

لقد كانوا - يهودا ونصارى - يطلقون تلك الدعوى العريضة، بينما يقول كل منهما عن الفريق الآخر: إنه ليس على شيء، وبينما كان المشركون يجابهون الفريقين بالقولة ذاتها:

(وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)

(البقرة:113)

)الذين لا يعلمون( هم الأميون العرب الذين لم يكن لهم كتاب؛ وكانوا يرون ما عليه اليهود والنصارى من الفرقة والتقاذف بالاتهام، ومن التمسك بخرافات وأساطير لا ترتفع كثيرا عن خرافات العرب وأساطيرهم في الشرك ونسبة الأبناء أو البنات لله عز وجل، فكانوا يزهدون في دين اليهود ودين النصارى ويقولون: إنهم ليسوا على شيء، والقرآن يسجل على الجميع ما يقوله بعضهم على بعض، وذلك عقب تفنيد دعوى اليهود والنصارى في ملكية الجنة، ثم يدع أمر الخلاف بينهم إلى الله: (فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (113)، فهو الحكم العدل وإليه تصير الأمور... وهذه الإحالة إلى حكم الله هي وحدها المجدية في مواجهة قوم لا يستمدون أحكامهم من منطق ولا يعتمدون على دليل، بعد دحض دعواهم العريضة في أنهم وحدهم أهل الجنة وأنهم وحدهم المهديون"[1]!

الخلاصة:

·كذب الله اليهود والنصارى في دعواهم أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتهم وبين أن هذا تقول بلا علم أو برهان، وأنها أمنية لم يعملوا لها؛ لذا فهي أمنية لن يدركوها.

·أن الجنة ليست حكرا على طائفة دون أخرى بل هي لكل من عمل صالحا وأسلم وجهه لله وهو محسن.

المراجع

  1. (*) الآية التي وردت فيها الشبهة: (البقرة/ 111). الآيات التي ورد فيها الرد على الشبهة: (البقرة/ 111: 113).
  2. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج1، ص104.