نص السؤال
المصدر: شبهات المشككين في الإسلام
الجواب التفصيلي
ادعاء كفر سليمان - عليه السلام - وعبادته الأصنام (*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المتوهمين أن سليمان - عليه السلام - كفر في أخريات حياته؛ إذ قادته زوجاته إلى عبادة الأصنام.
وجوه إبطال الشبهة:
1) مصدر هذا الكلام هو الكتاب المقدس الذي أصابه التحريف والتغيير، فهو ليس ثقة، وفضلا عن هذا فمعلوم أن اليهود لا يتركون نقيصة صغيرة ولا كبيرة إلا ألصقوها بالأنبياء.
2) الثابت عند العلماء أن القرآن مصدر ثقة غير محرف، فما ورد به فهو الصحيح الذي تزكيه الأدلة التاريخية، والمنطق العقلي السليم.
3) العقل يستنكر أن يفعل ذلك إنسان مؤمن، فما بالنا بالنبي سليمان عليه السلام.
التفصيل:
أولا. مصدر هذا الكلام هو الكتاب المقدس، وهو غير ثقة فقد أصابه التحريف والتغيير:
إن افتراءات اليهود على الأنبياء لم تتوقف عند سليمان - عليه السلام - فأنبياء التوراة كلهم لصوص ومجرمون وزناة ومفسدون في الأرض، فكيف يؤخذ من هذا الكتاب معلومة أو حكم؟ وكيف يكون مصدرا لسير الأنبياء؟ وياليت الأمر وقف عند الأنبياء، بل إن الأدهى من ذلك أن نصوص الكتاب المقدس تصف الله - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا - بالجهل والعجز والغفلة والنسيان وتنعته بصفات النقص وأنه - عز وجل - يعتريه كل ما يعتري البشر من النقص، فهل هذا يصح أن يكون إلها؟!
ولقد شهد علماء الأديان والدراسات المقارنة ودائرة المعارف الأمريكية بأن نصوص الكتاب المقدس تم تحريفها، وأن معظمها من وضع البشر النساخ للكتاب المقدس، والنقلة له على مر التاريخ، وهي مليئة بالأخطاء والتناقضات والاضطرابات[1].
والقرآن لم يذكر قصة كفر سليمان - عليه السلام - التي قادته إليه إحدى نسائه المزعومة، بل نفى عنه الكفر والسحر؛ لأن بعض بني إسرائيل اتهم سليمان بأنه كفر، ويقرر الحق عدم كفره
في قوله سبحانه وتعالى:
(واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر)
(البقرة: 102)
ويدلنا الحق أن الكفر كان من الشياطين الذين يعلمون الناس السحر ونكتشف من ذلك أن نبي الله سليمان - عليه السلام - لم يكن يعلم السحر، وأن ملكه واستتباب الأمر له لم تكن له علاقة بقضية سحر إنما هي مشيئة الحق سبحانه[2]، فإن نقل أحد من المفسرين مثل هذه الروايات الواهية المكذوبة على نبي الله سليمان - عليه السلام - فالقرآن منها براء ولا تنسب إلى القرآن ما دامت غير واردة به.
ثانيا. الثابت عند العلماء أن القرآن مصدر موثوق به؛ لأنه غير محرف، فكل ما ورد به الصحيح:
ما أشد الفارق وأبعده بين ما جاء في القرآن الكريم عن سليمان - عليه السلام - وما جاء في التوراة المحرفة!! فالقرآن ثبتت حجته تاريخيا، والتوراة والإنجيل لم تثبت حجتهما.
فهو - عليه السلام - في القرآن الكريم من رسل الله - عز وجل - أيده الله بالملك فآتاه الله ملكا لم يهبه لأحد من بعده:
(قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب)
(ص:35)
وكان - عليه السلام - يقابل هذه النعم العظيمة بالمزيد من الشكر لله تعالى، فقال الله عنه في القرآن:
(ولقد آتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين (15) وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين (16)
(النمل).
وفي القرآن الكريم نفي صريح لكفر سليمان - عليه السلام - وكأنه رد مباشر على من اتهمه بهذا الجرم الشنيع من أهل الكتاب؛ قال سبحانه وتعالى: )وما كفر سليمان( وكيف يتفق الكفر وعبادة الأوثان مع نبي ورسول كرس كل حياته للإسلام، ولدعوة التوحيد، ومقاومة الوثنيات؟! وقصته مع ملكة سبأ وقومها في دعوتهم إلى عبادة الله تعالى وعقيدة التوحيد مشهورة، حيث كانوا يعبدون الشمس من دون الله، فدعاهم إلى التوحيد، وأخرجهم من هذه العبادة الوثنية إلى عبادة الله وحده، والقصة واردة في سورة النمل:
(وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (20) لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين (21) فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين (22) إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم (23) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون (24) ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون (25)
(النمل).
ثالثا. العقل يستنكر أن يفعل ذلك إنسان مؤمن فما بالنا بالنبي سليمان عليه السلام:
كيف يليق بمن وصفتموه بالحكمة، والعلم، والفلسفة، والشعر عندكم في كتابكم، وهو عن سائر الأنبياء مفضل عندكم بكل صفات الكمال البشري، كيف بمن هذه صفته أن يسقط في عبادة الأصنام، ويترك التوحيد؛ استجابة لرغبة نسائه، وانسياقا وراء شهواته؟!
فهل بقيت بعد ذلك حكمة؟ ومن من العقلاء يصدق أن رجلا واحدا يتزوج في وقت واحد بمئات الزوجات بالإضافة إلى الجواري؟! ومتى يتفرغ من هذا شأنه - لو صدقنا جدلا - لشئون الحكم؟
وإذا كانت هذه تصرفات أحكم ملك في تاريخ بني إسرائيل، فكيف تكون تصرفات ملوكهم من دونه؟ وكيف تكون تصرفات عامتهم؟!
الخلاصة:
·إن ما ورد في التوراة بشأن عبادة سليمان - عليه السلام - للأصنام وكفره بالله استجابة لرغبة نسائه - باطل ولا يوثق به؛ لأن مصدره محرف ومغير لعبت فيه أيدي العابثين والمفسدين من اليهود.
·الصحيح ما ورد في القرآن الكريم؛ لأنه كتاب مجمع على أنه غير محرف، وثابت الحجة، وقد ذكر القرآن: )واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر( (البقرة: 102).
· العقل الصحيح يستنكر أن يفعل ذلك إنسان مؤمن فكيف يقبل أن يصدر ذلك عن نبي الله ورسوله سليمان عليه السلام؟!
المراجع
- (*) بنو إسرائيل من التاريخ القديم وحتى الوقت الحاضر، د. محمد الحسيني إسماعيل، مكتبة وهبة، القاهرة، 1422هـ/ 2002م. الوحي القرآني من المنظور الاستشراقي، د. محمود ماضي، دار الدعوة، القاهرة، 1416 هـ/ 1996م.
- رد القرآن والكتاب المقدس على أكاذيب القمص زكريا بطرس، إيهاب حسن عبده، مكتبة النافذة، القاهرة، ط1، 1426هـ/ 2005م، ج1، ص94.
- قصص الأنبياء، محمد متولي الشعراوي، دار القدس، القاهرة، ط1، 2006م، ص384.
الجواب التفصيلي
ادعاء كفر سليمان - عليه السلام - وعبادته الأصنام (*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المتوهمين أن سليمان - عليه السلام - كفر في أخريات حياته؛ إذ قادته زوجاته إلى عبادة الأصنام.
وجوه إبطال الشبهة:
1) مصدر هذا الكلام هو الكتاب المقدس الذي أصابه التحريف والتغيير، فهو ليس ثقة، وفضلا عن هذا فمعلوم أن اليهود لا يتركون نقيصة صغيرة ولا كبيرة إلا ألصقوها بالأنبياء.
2) الثابت عند العلماء أن القرآن مصدر ثقة غير محرف، فما ورد به فهو الصحيح الذي تزكيه الأدلة التاريخية، والمنطق العقلي السليم.
3) العقل يستنكر أن يفعل ذلك إنسان مؤمن، فما بالنا بالنبي سليمان عليه السلام.
التفصيل:
أولا. مصدر هذا الكلام هو الكتاب المقدس، وهو غير ثقة فقد أصابه التحريف والتغيير:
إن افتراءات اليهود على الأنبياء لم تتوقف عند سليمان - عليه السلام - فأنبياء التوراة كلهم لصوص ومجرمون وزناة ومفسدون في الأرض، فكيف يؤخذ من هذا الكتاب معلومة أو حكم؟ وكيف يكون مصدرا لسير الأنبياء؟ وياليت الأمر وقف عند الأنبياء، بل إن الأدهى من ذلك أن نصوص الكتاب المقدس تصف الله - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا - بالجهل والعجز والغفلة والنسيان وتنعته بصفات النقص وأنه - عز وجل - يعتريه كل ما يعتري البشر من النقص، فهل هذا يصح أن يكون إلها؟!
ولقد شهد علماء الأديان والدراسات المقارنة ودائرة المعارف الأمريكية بأن نصوص الكتاب المقدس تم تحريفها، وأن معظمها من وضع البشر النساخ للكتاب المقدس، والنقلة له على مر التاريخ، وهي مليئة بالأخطاء والتناقضات والاضطرابات[1].
والقرآن لم يذكر قصة كفر سليمان - عليه السلام - التي قادته إليه إحدى نسائه المزعومة، بل نفى عنه الكفر والسحر؛ لأن بعض بني إسرائيل اتهم سليمان بأنه كفر، ويقرر الحق عدم كفره
في قوله سبحانه وتعالى:
(واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر)
(البقرة: 102)
ويدلنا الحق أن الكفر كان من الشياطين الذين يعلمون الناس السحر ونكتشف من ذلك أن نبي الله سليمان - عليه السلام - لم يكن يعلم السحر، وأن ملكه واستتباب الأمر له لم تكن له علاقة بقضية سحر إنما هي مشيئة الحق سبحانه[2]، فإن نقل أحد من المفسرين مثل هذه الروايات الواهية المكذوبة على نبي الله سليمان - عليه السلام - فالقرآن منها براء ولا تنسب إلى القرآن ما دامت غير واردة به.
ثانيا. الثابت عند العلماء أن القرآن مصدر موثوق به؛ لأنه غير محرف، فكل ما ورد به الصحيح:
ما أشد الفارق وأبعده بين ما جاء في القرآن الكريم عن سليمان - عليه السلام - وما جاء في التوراة المحرفة!! فالقرآن ثبتت حجته تاريخيا، والتوراة والإنجيل لم تثبت حجتهما.
فهو - عليه السلام - في القرآن الكريم من رسل الله - عز وجل - أيده الله بالملك فآتاه الله ملكا لم يهبه لأحد من بعده:
(قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب)
(ص:35)
وكان - عليه السلام - يقابل هذه النعم العظيمة بالمزيد من الشكر لله تعالى، فقال الله عنه في القرآن:
(ولقد آتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين (15) وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين (16)
(النمل).
وفي القرآن الكريم نفي صريح لكفر سليمان - عليه السلام - وكأنه رد مباشر على من اتهمه بهذا الجرم الشنيع من أهل الكتاب؛ قال سبحانه وتعالى: )وما كفر سليمان( وكيف يتفق الكفر وعبادة الأوثان مع نبي ورسول كرس كل حياته للإسلام، ولدعوة التوحيد، ومقاومة الوثنيات؟! وقصته مع ملكة سبأ وقومها في دعوتهم إلى عبادة الله تعالى وعقيدة التوحيد مشهورة، حيث كانوا يعبدون الشمس من دون الله، فدعاهم إلى التوحيد، وأخرجهم من هذه العبادة الوثنية إلى عبادة الله وحده، والقصة واردة في سورة النمل:
(وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (20) لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين (21) فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين (22) إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم (23) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون (24) ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون (25)
(النمل).
ثالثا. العقل يستنكر أن يفعل ذلك إنسان مؤمن فما بالنا بالنبي سليمان عليه السلام:
كيف يليق بمن وصفتموه بالحكمة، والعلم، والفلسفة، والشعر عندكم في كتابكم، وهو عن سائر الأنبياء مفضل عندكم بكل صفات الكمال البشري، كيف بمن هذه صفته أن يسقط في عبادة الأصنام، ويترك التوحيد؛ استجابة لرغبة نسائه، وانسياقا وراء شهواته؟!
فهل بقيت بعد ذلك حكمة؟ ومن من العقلاء يصدق أن رجلا واحدا يتزوج في وقت واحد بمئات الزوجات بالإضافة إلى الجواري؟! ومتى يتفرغ من هذا شأنه - لو صدقنا جدلا - لشئون الحكم؟
وإذا كانت هذه تصرفات أحكم ملك في تاريخ بني إسرائيل، فكيف تكون تصرفات ملوكهم من دونه؟ وكيف تكون تصرفات عامتهم؟!
الخلاصة:
·إن ما ورد في التوراة بشأن عبادة سليمان - عليه السلام - للأصنام وكفره بالله استجابة لرغبة نسائه - باطل ولا يوثق به؛ لأن مصدره محرف ومغير لعبت فيه أيدي العابثين والمفسدين من اليهود.
·الصحيح ما ورد في القرآن الكريم؛ لأنه كتاب مجمع على أنه غير محرف، وثابت الحجة، وقد ذكر القرآن: )واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر( (البقرة: 102).
· العقل الصحيح يستنكر أن يفعل ذلك إنسان مؤمن فكيف يقبل أن يصدر ذلك عن نبي الله ورسوله سليمان عليه السلام؟!
المراجع
- (*) بنو إسرائيل من التاريخ القديم وحتى الوقت الحاضر، د. محمد الحسيني إسماعيل، مكتبة وهبة، القاهرة، 1422هـ/ 2002م. الوحي القرآني من المنظور الاستشراقي، د. محمود ماضي، دار الدعوة، القاهرة، 1416 هـ/ 1996م.
- رد القرآن والكتاب المقدس على أكاذيب القمص زكريا بطرس، إيهاب حسن عبده، مكتبة النافذة، القاهرة، ط1، 1426هـ/ 2005م، ج1، ص94.
- قصص الأنبياء، محمد متولي الشعراوي، دار القدس، القاهرة، ط1، 2006م، ص384.