نص السؤال
كيف نوفِّقُ بين العملِ والسعيِ، وبين التوكُّلِ على الله؟
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
ما أهمِّيَّةُ السعيِ والبذلِ، وكلُّ شيءٍ مكتوبٌ عند اللهِ في اللَّوْحِ المحفوظ؟
لماذا نَسْعى، والأمورُ كلُّها بيدِ اللهِ يَفعَلُ منها ما يشاء؟
الجواب التفصيلي
التوكُّلُ على اللهِ تعالى ركنٌ عظيمٌ، وعبادةٌ جليلة، وهو دأبُ الصالِحين مِن عبادِ الله، وحالُ الأنبياءِ في دعوتِهم وجهادِهم. وهو وصيَّةُ اللهِ تعالى لنبيِّهِ وللأمَّةِ مِن بعدِهِ؛ قال تعالى: {وَلِلهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود: 123]، وقال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58]، وقال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [الشعراء: 217]. وغيرُها مِن الآياتِ كثيرٌ؛ أمَرَ اللهُ تعالى فيها نبيَّه وأمَّتَهُ بالتوكُّلِ عليه وحده، دون مَن سواه. وحقيقةُ التوكُّلِ: الاعتمادُ المطلَقُ على اللهِ تعالى، في كلِّ شيء، مع الأخذِ بالأسبابِ التي أمَرَ اللهُ بها، والسعيِ، وبذلِ الوُسْع. ولا يعني ذلك: تركَ العملِ، وعدمَ الأخذِ بالأسباب، بل الإسلامُ يذُمُّ تاركَ العملِ ذمًّا شديدًا، ولا يصحُّ إسلامُ المرءِ إن كان تاركًا للعملِ بالكلِّيَّة، ودائمًا ما يَقرِنُ اللهُ الإيمانَ به سبحانه مع العملِ الصالح. فالعملُ بلا توكُّلٍ لا يَنفَعُ؛ لأن الأمورَ كلَّها بيدِ اللهِ يقلِّبُها كيف يشاء، وكذلك التوكُّلُ بلا عملٍ لا يَنفَعُ؛ لأن اللهَ تعالى أمَرَنا بالعملِ والسعيِ وبذلِ الوُسْع؛ فإن اللهَ تعالى قدَّر كلَّ شيءٍ بسببِه. وهذا ما كان عليه النبيُّ ﷺ في مسيرتِهِ الدعَويَّة، وكذلك كان أصحابُهُ رضوانُ الله عليهم. والعقلاءُ متَّفِقون على أن السعيَ وبذلَ الوسعِ؛ كطلبِ العلمِ، والذَّهابِ للطبيبِ -: كلُّ هذه أسبابٌ لا يُنازَعُ في أثرِها وأهميَّتِها. فإن قال قائلٌ: «ما فائدةُ السعيِ، مع أن أفعالَ العبادِ مكتوبةٌ في اللَّوْحِ المحفوظ؟»: نقولُ: إن اللهَ تعالى قدَّر كلَّ شيءٍ بأسبابِه، والعملُ بالأسبابِ لا ينافي التقديرَ السابق؛ فإن اللهَ تعالى هو الذي عَلِمَ ما سيكونُ، وهو الذي قدَّر الأشياءَ بأسبابِها. فالدواءُ سببٌ في الشفاء، والسعيُ في طلبِ العلمِ سببٌ في تحصيلِه، والبذلُ في طلبِ الرزقِ سببٌ في تحصيلِه. فالعبدُ يدورُ مع الأسبابِ، ويتعامَلُ معها بحكمةٍ وعقلٍ؛ فلا يلتفِتُ إلى الأسبابِ وَيْكأنَّها كلُّ شيء، ولا يُعرِضُ عنها وَيْكأنَّها ليست بشيء. وإنما يُؤمِنُ أن اللهَ قدَّر الأشياءَ إذا حصَلتْ أسبابُها، ولم يقدِّرْها إن لم تحصُلْ أسبابُها. ولذا كان ردُّ النبيِّ ﷺ عندما قال له القومُ: «أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ فقال ﷺ: «لَا، اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»؛ رواه البخاري (4949)، ومسلم (2647). |
مختصر الجواب
الإسلامُ دِينٌ يدعو إلى الأخذِ بالأسبابِ، والتوكُّلِ على اللهِ تعالى، والرضا بقضائِهِ، والاطمئنانِ إلى تدبيرِه، لا التواكُلِ والركون.
وقدوتُنا الأنبياءُ، وسيرةُ نبيِّنا ﷺ، وهو ما سار عليه المسلِمون.
فإنهم كانوا يتوكَّلون على اللهِ حقَّ التوكُّل؛ فكانوا يبذُلون أقصى ما يستطيعون مِن جهدٍ وتضحيةٍ، ويأخُذون بكلِّ أسبابِ الدعوة.
كما أن نصوصَ القضاءِ والقدَرِ لا تؤدِّي إلى التواكُلِ، بل تَدْعو إلى التوكُّلِ على الله، مع أخذِ الأسبابِ الشرعيَّةِ والقدريَّة.
خاتمة الجواب
فالخلاصةُ: أن القولَ بعدمِ الحاجةِ إلى الأخذِ بالأسبابِ، وتركَ العملِ، راجعٌ إلى عدمِ فقهِ حقيقةِ الإيمانِ بالقضاءِ والقدَرِ؛ فهو إيمانٌ يتعلَّقُ بعلمِ اللهِ وعظيمِ قدرتِه، ولا يؤثِّرُ في تركِ العمل.
مختصر الجواب
الإسلامُ دِينٌ يدعو إلى الأخذِ بالأسبابِ، والتوكُّلِ على اللهِ تعالى، والرضا بقضائِهِ، والاطمئنانِ إلى تدبيرِه، لا التواكُلِ والركون.
وقدوتُنا الأنبياءُ، وسيرةُ نبيِّنا ﷺ، وهو ما سار عليه المسلِمون.
فإنهم كانوا يتوكَّلون على اللهِ حقَّ التوكُّل؛ فكانوا يبذُلون أقصى ما يستطيعون مِن جهدٍ وتضحيةٍ، ويأخُذون بكلِّ أسبابِ الدعوة.
كما أن نصوصَ القضاءِ والقدَرِ لا تؤدِّي إلى التواكُلِ، بل تَدْعو إلى التوكُّلِ على الله، مع أخذِ الأسبابِ الشرعيَّةِ والقدريَّة.
الجواب التفصيلي
التوكُّلُ على اللهِ تعالى ركنٌ عظيمٌ، وعبادةٌ جليلة، وهو دأبُ الصالِحين مِن عبادِ الله، وحالُ الأنبياءِ في دعوتِهم وجهادِهم. وهو وصيَّةُ اللهِ تعالى لنبيِّهِ وللأمَّةِ مِن بعدِهِ؛ قال تعالى: {وَلِلهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود: 123]، وقال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58]، وقال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [الشعراء: 217]. وغيرُها مِن الآياتِ كثيرٌ؛ أمَرَ اللهُ تعالى فيها نبيَّه وأمَّتَهُ بالتوكُّلِ عليه وحده، دون مَن سواه. وحقيقةُ التوكُّلِ: الاعتمادُ المطلَقُ على اللهِ تعالى، في كلِّ شيء، مع الأخذِ بالأسبابِ التي أمَرَ اللهُ بها، والسعيِ، وبذلِ الوُسْع. ولا يعني ذلك: تركَ العملِ، وعدمَ الأخذِ بالأسباب، بل الإسلامُ يذُمُّ تاركَ العملِ ذمًّا شديدًا، ولا يصحُّ إسلامُ المرءِ إن كان تاركًا للعملِ بالكلِّيَّة، ودائمًا ما يَقرِنُ اللهُ الإيمانَ به سبحانه مع العملِ الصالح. فالعملُ بلا توكُّلٍ لا يَنفَعُ؛ لأن الأمورَ كلَّها بيدِ اللهِ يقلِّبُها كيف يشاء، وكذلك التوكُّلُ بلا عملٍ لا يَنفَعُ؛ لأن اللهَ تعالى أمَرَنا بالعملِ والسعيِ وبذلِ الوُسْع؛ فإن اللهَ تعالى قدَّر كلَّ شيءٍ بسببِه. وهذا ما كان عليه النبيُّ ﷺ في مسيرتِهِ الدعَويَّة، وكذلك كان أصحابُهُ رضوانُ الله عليهم. والعقلاءُ متَّفِقون على أن السعيَ وبذلَ الوسعِ؛ كطلبِ العلمِ، والذَّهابِ للطبيبِ -: كلُّ هذه أسبابٌ لا يُنازَعُ في أثرِها وأهميَّتِها. فإن قال قائلٌ: «ما فائدةُ السعيِ، مع أن أفعالَ العبادِ مكتوبةٌ في اللَّوْحِ المحفوظ؟»: نقولُ: إن اللهَ تعالى قدَّر كلَّ شيءٍ بأسبابِه، والعملُ بالأسبابِ لا ينافي التقديرَ السابق؛ فإن اللهَ تعالى هو الذي عَلِمَ ما سيكونُ، وهو الذي قدَّر الأشياءَ بأسبابِها. فالدواءُ سببٌ في الشفاء، والسعيُ في طلبِ العلمِ سببٌ في تحصيلِه، والبذلُ في طلبِ الرزقِ سببٌ في تحصيلِه. فالعبدُ يدورُ مع الأسبابِ، ويتعامَلُ معها بحكمةٍ وعقلٍ؛ فلا يلتفِتُ إلى الأسبابِ وَيْكأنَّها كلُّ شيء، ولا يُعرِضُ عنها وَيْكأنَّها ليست بشيء. وإنما يُؤمِنُ أن اللهَ قدَّر الأشياءَ إذا حصَلتْ أسبابُها، ولم يقدِّرْها إن لم تحصُلْ أسبابُها. ولذا كان ردُّ النبيِّ ﷺ عندما قال له القومُ: «أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ فقال ﷺ: «لَا، اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»؛ رواه البخاري (4949)، ومسلم (2647). |
خاتمة الجواب
فالخلاصةُ: أن القولَ بعدمِ الحاجةِ إلى الأخذِ بالأسبابِ، وتركَ العملِ، راجعٌ إلى عدمِ فقهِ حقيقةِ الإيمانِ بالقضاءِ والقدَرِ؛ فهو إيمانٌ يتعلَّقُ بعلمِ اللهِ وعظيمِ قدرتِه، ولا يؤثِّرُ في تركِ العمل.