نص السؤال
ماذا لو لم أستطِعْ أن أطبِّقَ الإسلامَ بنسبةِ (100 %)؟
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
أَجِدُ صعوبةً في تطبيقِ الإسلام. الإسلامُ دِينٌ خياليٌّ غيرُ قابلٍ للتطبيق، وليس ملائِمًا لحياةِ الناس.
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ: هذه الشبهةُ تعترِضُ كثيرًا ممن يريدُ الدخولَ في الإسلامِ، أو مَن هو مسلِمٌ جديدٌ؛ فيجدُ صعوبةً في تطبيقِ كافَّةِ أحكامِ الإسلام، والتخلِّي عن بعضِ الذنوبِ والمخالَفاتِ والمعاصي التي كان عليها؛ مما يَجعَلُهُ يُحجِمُ عن الإسلام، ويتردَّدُ في الدخولِ فيه. والجوابُ على هذه الشبهةِ مِن وجوهٍ: الوجهُ الأوَّلُ: هنالك أمورٌ وأركانٌ أساسيَّةٌ في دِينِ الإسلام، يَلزَمُ المسلِمَ أن يأتِيَ بها ويحقِّقَها ليكونَ مسلِمًا، وهي في غايةِ السهولةِ واليُسْرِ، ويستطيعُ الإنسانُ الإتيانَ بها، وتتمثَّلُ في الإتيانِ بأركانِ الإسلام، وأركانِ الإيمان، وعدمِ فعلِ ما يناقِضُها؛ فمَن أتى بها، فهو مسلِمٌ، ومِن أهلِ الجنَّة: عن طَلْحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه، قال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ، وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ»، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»؛ رواه البخاري (46). الوجهُ الثاني: المسلِمُ الجديدُ يُتدرَّجُ معه في الأحكام، ويُبدَأُ معه بالأهمِّ فالمُهِمِّ شيئًا فشيئًا؛ ولا يُطالَبُ بجميعِ أحكامِ الإسلامِ دُفْعةً واحدةً، فبعد نطقِهِ بالشهادتَيْنِ: «أَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمَّدًا رسولُ الله»، يتعلَّمُ الصلواتِ الخمسَ المفروضةَ، وكيفيَّةَ أدائِها، وبعد المواظَبةِ عليها، يتعلَّمُ أحكامَ الزكاةِ إن كان يجبُ عليه شيءٌ منها، فإذا أتى رمضانُ، يتعلَّمُ الصيامَ، وهكذا في بقيَّةِ الأحكام: عن ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ الله عنهما؛ أن النبيَّ ﷺ بعَثَ مُعاذًا رضِيَ اللهُ عنه إلى اليَمَنِ، فقال: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»؛ رواه البخاري (1395). قال الإمامُ النوَويُّ رحمه الله: «وقد كانت أمورُ الإسلامِ في التكليفِ على التدريج؛ فمتى يُسِّرَ على الداخِلِ في الطاعةِ، أو المُريدِ للدخولِ فيها، سَهُلَتْ عليه، وكانت عاقبتُهُ غالبًا التزايُدَ منها، ومتى عُسِّرَتْ عليه، أوشَكَ ألا يدخُلَ فيها، وإن دخَلَ، أوشَكَ ألا يدُومَ أو لا يستَحْلِيَها». «شرح النوَويِّ على صحيحِ مسلم» (12/ 41). وقد أشارت إلى تلك الحكمةِ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها؛ فقد أخرَجَ الإمامُ البخاريُّ في «صحيحِهِ» (4993)؛ أنها قالت: «إِنَّمَا نَزَلَ [أَيْ: مِنَ القُرْآنِ] أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ: سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلَامِ، نَزَلَ الحَلَالُ وَالحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لَا تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ: لَا تَزْنُوا، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الزِّنَى أَبَدًا». وأثناءَ ذلك: فإذا عَسُرَ عليه تطبيقٌ مِن الإسلامِ، لم يجبْ عليه؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ، وقال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. الوجهُ الثالثُ: على المسلِمِ أن يَحرِصَ على اجتنابِ المحرَّماتِ والمنهيَّات، والابتعادِ عنها؛ لأن المطلوبَ منه هو الكفُّ والتركُ، وكلُّ إنسانٍ يستطيعُ ذلك إذا جاهَدَ نفسَهُ، وأما المأموراتُ، فيأتي منها حسَبَ قدرتِهِ واستطاعتِه، ولا يكلِّفُ نفسَهُ فوق طاقتِها: عن أبي هُرَيرةَ رضِيَ الله عنه؛ أنه سَمِعَ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»؛ رواه مسلم (1337). وعن جابرٍ رضِيَ الله عنه؛ أن رجُلًا سأل رسولَ اللهِ ﷺ، فقال: «أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا»؛ رواه مسلم (15). ومهما اضطَرَّ المسلِمُ إلى محرَّمٍ لغيرِهِ اضطرارًا حقيقيًّا، بحيثُ لا يُوجَدُ بديلٌ مباحٌ عنه؛ فإن الضروراتِ تُبِيحُ المحظورات، والضرورةُ تُقدَّرُ بقَدْرِها؛ كما فصَّله ابنُ تيميَّةَ في «مجموعِ الفتاوى» (14/470، وما بعدها)، وفي ذلك تفاصيلُ فقهيَّةٌ يُسْتفتى فيها العلماء. الوجهُ الرابعُ: على المسلِمِ أن يأخُذَ الدِّينَ بتوسُّطٍ واعتدال، ويتجنَّبَ الغُلُوَّ والتشدُّدَ، وتحميلَ نفسِهِ ما لا تُطيقُ مِن الأعمالِ الصالحةِ المستحَبَّة، فتَعجِزُ وتترُكُ العملَ بعد ذلك، وإنما يَعمَلُ الصالِحاتِ، ويستزيدُ منها حسَبَ نشاطِ نفسِهِ وإقبالِها، ويتدرَّجُ مع نفسِهِ ويترفَّقُ بها حتى تألَفَ الخيرَ وتُحِبَّه: عن أنَسِ بنِ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ؛ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ»؛ رواه أحمد (13052). وعن أنَسٍ رضِيَ اللهُ عنه أيضًا، قال: «جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ^، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ^، فَلَمَّا أُخْبِرُوا، كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ ^؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ، وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ، فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ ^ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللهِ، إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي»؛ متفَقٌ عليه: رواه البخاري (5063)، ومسلم (1401). مثالٌ: لو أن شخصًا أراد قيامَ الليل، وبدأ مِن أوَّلِ مرَّةٍ بإحدى عَشْرةَ ركعةً، فإنه في الغالبِ سيستمِرُّ مدَّةً مِن الزمَنِ، ثم يُصيبُهُ الفتورُ، ويترُكُ قيامَ الليل، ولكنْ لو بدأ بركعَتَيْنِ، أو ثلاثٍ، واستمَرَّ عليها حتى تتعوَّدَ نفسُهُ، ثم زاد رَكَعاتٍ في قيامِ الليل، فإنه سوف يستمِرُّ في قيامِ الليل، وهكذا في سائرِ أمورِ الدِّين؛ فعلى المسلِمِ: أن يتعامَلَ بحكمةٍ وتدرُّجٍ مع نفسِهِ، ولا يُلزِمَ نفسَهُ تطبيقَ كافَّةِ أمورِ الدينِ مِن البداية. الوجهُ الخامسُ: مَن أسلَمَ وصَعُبَ عليه تطبيقُ شيءٍ مِن أحكامِ الشرع، فإنه يُتسامَحُ معه في ذلك، حتى يستقِرَّ الإسلامُ في قلبِه، وتسهُلَ عليه شرائِعُه؛ كمَن يصعُبُ عليها لُبْسُ الحجابِ الشرعيِّ، أو مَن يصعُبُ عليه تركُ شيءٍ مِن المحرَّمات، ويريدُ أن يُسلِمَ، فالأفضلُ له أن يُسلِمَ مع النقصِ الذي عنده، مِن أن يَبْقى على الكفر. |
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال: السائلُ يستشكِلُ إذا أسلَمَ أن يُطالَبَ بتطبيقِ كافَّةِ أحكامِ الإسلام، وأن هذا الأمرَ يصعُبُ عليه، ويشُقُّ عليه، ولا يستطيعُه. وربما يكونُ عنده بعضُ الأمورِ التي يحرِّمُها الإسلامُ، ولا يستطيعُ أن يترُكَها في حالِ إسلامِه، كما أن عاداتِ وثقافةَ مجتمَعِهِ الذي يعيشُ فيه، قد تكونُ عائقًا له عن التمسُّكِ ببعضِ ما جاء في الإسلام؛ وهذا ما يَجعَلُهُ حائرًا ومتردِّدًا في دخولِ الإسلام. كما أن هذا السؤالَ قد يُورِدُهُ مَن يريدُ أن يصُدَّ عن الإسلامِ: بأنه دينٌ خياليٌّ يصعُبُ تطبيقُه؛ لكثرةِ التكاليفِ والأحكامِ المطلوبةِ فيه، والتي لا تلائِمُ حياةَ الناسِ في العصرِ الحاضر. |
مختصَرُ الإجابة: الإسلامُ دِينُ السماحةِ واليُسْر، ولا يَلزَمُ مَن أسلَمَ أن يطبِّقَ كافَّةَ أحكامِ وتعاليمِ الإسلام، وإنما هنالك أركانٌ أساسيَّةٌ في الدين، لا بدَّ مِن الإتيانِ بها؛ حتى يكونَ الشخصُ مسلِمًا: فأوَّلًا: يجبُ عليه الإتيانُ بأركانِ الإسلامِ الخمسةِ، وهي: شهادةُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمَّدًا رسولُ الله، وإقامُ الصلاة، وإيتاءُ الزكاة، وصومُ رمضانَ، وحجُّ بَيْتِ اللهِ الحرام. وكذلك: تَلزَمُهُ أركانُ الإيمانِ الستةُ، وهي: الإيمانُ بالله، وملائكتِهِ، وكُتُبِهِ، ورسُلِهِ، واليومِ الآخِرِ، والقدَر. وهذه الأمورُ في غايةِ السهولةِ واليُسْر، ويستطيعُ الإنسانُ الإتيانَ بها، وأكثرُها أعمالٌ قلبيَّةٌ يَتِمُّ اعتقادُها بالقلب، ومنها قوليَّةٌ تُنطَقُ باللسان، وعمليَّةٌ بالجوارح؛ وهذان مبنيَّانِ على القدرةِ والاستطاعة. وبقيَّةُ أحكامِ وشرائعِ الدِّينِ: على المسلِمِ أن يجاهِدَ نفسَهُ في تركِ ما هو منهيٌّ عنه، ويتدرَّجَ مع نفسِهِ في القيامِ بامتثالِ المأمورِ به، ولا يشُقَّ على نفسِه، ولا يحمِّلَها ما لا تُطيقُ مِن الأعمالِ الصالحةِ المستحَبَّة، ويترقَّى بنفسِهِ في تطبيقِ أحكامِ الدينِ حتى يستطيعَ أن يصلَ إلى أفضلِ حالٍ مِن الاستقامةِ على دِينِ اللهِ تعالى، والتمسُّكِ به. |
خاتمة الجواب
فالإسلامُ دِينُ السماحةِ واليُسْر، وهو واقعيُّ التطبيق؛ فليس في شرائعِ الدينِ وأحكامِهِ ما يُعجِزُ الإنسانَ، ويشُقُّ عليه القيامُ به، وفيه مِن السَّعَةِ واليُسْرِ ما يَجعَلُ المسلِمَ يُقبِلُ عليه، ويُحِبُّهُ؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ، وقال تعالى: {يريدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يريدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. فالإسلامُ يَسْعى للرُّقِيِّ بالإنسانِ المسلِم، وتحسينِ حياتِه، والارتقاءِ بها؛ مِن خلالِ تطبيقِ كافَّةِ أحكامِ الإسلامِ وتعاليمِه، ولكنَّه يتدرَّجُ مع الناسِ في ذلك، ويطلُبُ مِن كلِّ إنسانٍ أن يتمسَّكَ بالدِّين، ويلتزِمَ به حسَبَ قدرتِهِ واستطاعتِهِ؛ قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. |
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال: السائلُ يستشكِلُ إذا أسلَمَ أن يُطالَبَ بتطبيقِ كافَّةِ أحكامِ الإسلام، وأن هذا الأمرَ يصعُبُ عليه، ويشُقُّ عليه، ولا يستطيعُه. وربما يكونُ عنده بعضُ الأمورِ التي يحرِّمُها الإسلامُ، ولا يستطيعُ أن يترُكَها في حالِ إسلامِه، كما أن عاداتِ وثقافةَ مجتمَعِهِ الذي يعيشُ فيه، قد تكونُ عائقًا له عن التمسُّكِ ببعضِ ما جاء في الإسلام؛ وهذا ما يَجعَلُهُ حائرًا ومتردِّدًا في دخولِ الإسلام. كما أن هذا السؤالَ قد يُورِدُهُ مَن يريدُ أن يصُدَّ عن الإسلامِ: بأنه دينٌ خياليٌّ يصعُبُ تطبيقُه؛ لكثرةِ التكاليفِ والأحكامِ المطلوبةِ فيه، والتي لا تلائِمُ حياةَ الناسِ في العصرِ الحاضر. |
مختصَرُ الإجابة: الإسلامُ دِينُ السماحةِ واليُسْر، ولا يَلزَمُ مَن أسلَمَ أن يطبِّقَ كافَّةَ أحكامِ وتعاليمِ الإسلام، وإنما هنالك أركانٌ أساسيَّةٌ في الدين، لا بدَّ مِن الإتيانِ بها؛ حتى يكونَ الشخصُ مسلِمًا: فأوَّلًا: يجبُ عليه الإتيانُ بأركانِ الإسلامِ الخمسةِ، وهي: شهادةُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمَّدًا رسولُ الله، وإقامُ الصلاة، وإيتاءُ الزكاة، وصومُ رمضانَ، وحجُّ بَيْتِ اللهِ الحرام. وكذلك: تَلزَمُهُ أركانُ الإيمانِ الستةُ، وهي: الإيمانُ بالله، وملائكتِهِ، وكُتُبِهِ، ورسُلِهِ، واليومِ الآخِرِ، والقدَر. وهذه الأمورُ في غايةِ السهولةِ واليُسْر، ويستطيعُ الإنسانُ الإتيانَ بها، وأكثرُها أعمالٌ قلبيَّةٌ يَتِمُّ اعتقادُها بالقلب، ومنها قوليَّةٌ تُنطَقُ باللسان، وعمليَّةٌ بالجوارح؛ وهذان مبنيَّانِ على القدرةِ والاستطاعة. وبقيَّةُ أحكامِ وشرائعِ الدِّينِ: على المسلِمِ أن يجاهِدَ نفسَهُ في تركِ ما هو منهيٌّ عنه، ويتدرَّجَ مع نفسِهِ في القيامِ بامتثالِ المأمورِ به، ولا يشُقَّ على نفسِه، ولا يحمِّلَها ما لا تُطيقُ مِن الأعمالِ الصالحةِ المستحَبَّة، ويترقَّى بنفسِهِ في تطبيقِ أحكامِ الدينِ حتى يستطيعَ أن يصلَ إلى أفضلِ حالٍ مِن الاستقامةِ على دِينِ اللهِ تعالى، والتمسُّكِ به. |
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ: هذه الشبهةُ تعترِضُ كثيرًا ممن يريدُ الدخولَ في الإسلامِ، أو مَن هو مسلِمٌ جديدٌ؛ فيجدُ صعوبةً في تطبيقِ كافَّةِ أحكامِ الإسلام، والتخلِّي عن بعضِ الذنوبِ والمخالَفاتِ والمعاصي التي كان عليها؛ مما يَجعَلُهُ يُحجِمُ عن الإسلام، ويتردَّدُ في الدخولِ فيه. والجوابُ على هذه الشبهةِ مِن وجوهٍ: الوجهُ الأوَّلُ: هنالك أمورٌ وأركانٌ أساسيَّةٌ في دِينِ الإسلام، يَلزَمُ المسلِمَ أن يأتِيَ بها ويحقِّقَها ليكونَ مسلِمًا، وهي في غايةِ السهولةِ واليُسْرِ، ويستطيعُ الإنسانُ الإتيانَ بها، وتتمثَّلُ في الإتيانِ بأركانِ الإسلام، وأركانِ الإيمان، وعدمِ فعلِ ما يناقِضُها؛ فمَن أتى بها، فهو مسلِمٌ، ومِن أهلِ الجنَّة: عن طَلْحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه، قال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ، وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ»، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»؛ رواه البخاري (46). الوجهُ الثاني: المسلِمُ الجديدُ يُتدرَّجُ معه في الأحكام، ويُبدَأُ معه بالأهمِّ فالمُهِمِّ شيئًا فشيئًا؛ ولا يُطالَبُ بجميعِ أحكامِ الإسلامِ دُفْعةً واحدةً، فبعد نطقِهِ بالشهادتَيْنِ: «أَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمَّدًا رسولُ الله»، يتعلَّمُ الصلواتِ الخمسَ المفروضةَ، وكيفيَّةَ أدائِها، وبعد المواظَبةِ عليها، يتعلَّمُ أحكامَ الزكاةِ إن كان يجبُ عليه شيءٌ منها، فإذا أتى رمضانُ، يتعلَّمُ الصيامَ، وهكذا في بقيَّةِ الأحكام: عن ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ الله عنهما؛ أن النبيَّ ﷺ بعَثَ مُعاذًا رضِيَ اللهُ عنه إلى اليَمَنِ، فقال: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»؛ رواه البخاري (1395). قال الإمامُ النوَويُّ رحمه الله: «وقد كانت أمورُ الإسلامِ في التكليفِ على التدريج؛ فمتى يُسِّرَ على الداخِلِ في الطاعةِ، أو المُريدِ للدخولِ فيها، سَهُلَتْ عليه، وكانت عاقبتُهُ غالبًا التزايُدَ منها، ومتى عُسِّرَتْ عليه، أوشَكَ ألا يدخُلَ فيها، وإن دخَلَ، أوشَكَ ألا يدُومَ أو لا يستَحْلِيَها». «شرح النوَويِّ على صحيحِ مسلم» (12/ 41). وقد أشارت إلى تلك الحكمةِ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها؛ فقد أخرَجَ الإمامُ البخاريُّ في «صحيحِهِ» (4993)؛ أنها قالت: «إِنَّمَا نَزَلَ [أَيْ: مِنَ القُرْآنِ] أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ: سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلَامِ، نَزَلَ الحَلَالُ وَالحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لَا تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ: لَا تَزْنُوا، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الزِّنَى أَبَدًا». وأثناءَ ذلك: فإذا عَسُرَ عليه تطبيقٌ مِن الإسلامِ، لم يجبْ عليه؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ، وقال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. الوجهُ الثالثُ: على المسلِمِ أن يَحرِصَ على اجتنابِ المحرَّماتِ والمنهيَّات، والابتعادِ عنها؛ لأن المطلوبَ منه هو الكفُّ والتركُ، وكلُّ إنسانٍ يستطيعُ ذلك إذا جاهَدَ نفسَهُ، وأما المأموراتُ، فيأتي منها حسَبَ قدرتِهِ واستطاعتِه، ولا يكلِّفُ نفسَهُ فوق طاقتِها: عن أبي هُرَيرةَ رضِيَ الله عنه؛ أنه سَمِعَ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»؛ رواه مسلم (1337). وعن جابرٍ رضِيَ الله عنه؛ أن رجُلًا سأل رسولَ اللهِ ﷺ، فقال: «أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا»؛ رواه مسلم (15). ومهما اضطَرَّ المسلِمُ إلى محرَّمٍ لغيرِهِ اضطرارًا حقيقيًّا، بحيثُ لا يُوجَدُ بديلٌ مباحٌ عنه؛ فإن الضروراتِ تُبِيحُ المحظورات، والضرورةُ تُقدَّرُ بقَدْرِها؛ كما فصَّله ابنُ تيميَّةَ في «مجموعِ الفتاوى» (14/470، وما بعدها)، وفي ذلك تفاصيلُ فقهيَّةٌ يُسْتفتى فيها العلماء. الوجهُ الرابعُ: على المسلِمِ أن يأخُذَ الدِّينَ بتوسُّطٍ واعتدال، ويتجنَّبَ الغُلُوَّ والتشدُّدَ، وتحميلَ نفسِهِ ما لا تُطيقُ مِن الأعمالِ الصالحةِ المستحَبَّة، فتَعجِزُ وتترُكُ العملَ بعد ذلك، وإنما يَعمَلُ الصالِحاتِ، ويستزيدُ منها حسَبَ نشاطِ نفسِهِ وإقبالِها، ويتدرَّجُ مع نفسِهِ ويترفَّقُ بها حتى تألَفَ الخيرَ وتُحِبَّه: عن أنَسِ بنِ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ؛ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ»؛ رواه أحمد (13052). وعن أنَسٍ رضِيَ اللهُ عنه أيضًا، قال: «جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ^، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ^، فَلَمَّا أُخْبِرُوا، كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ ^؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ، وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ، فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ ^ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللهِ، إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي»؛ متفَقٌ عليه: رواه البخاري (5063)، ومسلم (1401). مثالٌ: لو أن شخصًا أراد قيامَ الليل، وبدأ مِن أوَّلِ مرَّةٍ بإحدى عَشْرةَ ركعةً، فإنه في الغالبِ سيستمِرُّ مدَّةً مِن الزمَنِ، ثم يُصيبُهُ الفتورُ، ويترُكُ قيامَ الليل، ولكنْ لو بدأ بركعَتَيْنِ، أو ثلاثٍ، واستمَرَّ عليها حتى تتعوَّدَ نفسُهُ، ثم زاد رَكَعاتٍ في قيامِ الليل، فإنه سوف يستمِرُّ في قيامِ الليل، وهكذا في سائرِ أمورِ الدِّين؛ فعلى المسلِمِ: أن يتعامَلَ بحكمةٍ وتدرُّجٍ مع نفسِهِ، ولا يُلزِمَ نفسَهُ تطبيقَ كافَّةِ أمورِ الدينِ مِن البداية. الوجهُ الخامسُ: مَن أسلَمَ وصَعُبَ عليه تطبيقُ شيءٍ مِن أحكامِ الشرع، فإنه يُتسامَحُ معه في ذلك، حتى يستقِرَّ الإسلامُ في قلبِه، وتسهُلَ عليه شرائِعُه؛ كمَن يصعُبُ عليها لُبْسُ الحجابِ الشرعيِّ، أو مَن يصعُبُ عليه تركُ شيءٍ مِن المحرَّمات، ويريدُ أن يُسلِمَ، فالأفضلُ له أن يُسلِمَ مع النقصِ الذي عنده، مِن أن يَبْقى على الكفر. |
خاتمة الجواب
فالإسلامُ دِينُ السماحةِ واليُسْر، وهو واقعيُّ التطبيق؛ فليس في شرائعِ الدينِ وأحكامِهِ ما يُعجِزُ الإنسانَ، ويشُقُّ عليه القيامُ به، وفيه مِن السَّعَةِ واليُسْرِ ما يَجعَلُ المسلِمَ يُقبِلُ عليه، ويُحِبُّهُ؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ، وقال تعالى: {يريدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يريدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. فالإسلامُ يَسْعى للرُّقِيِّ بالإنسانِ المسلِم، وتحسينِ حياتِه، والارتقاءِ بها؛ مِن خلالِ تطبيقِ كافَّةِ أحكامِ الإسلامِ وتعاليمِه، ولكنَّه يتدرَّجُ مع الناسِ في ذلك، ويطلُبُ مِن كلِّ إنسانٍ أن يتمسَّكَ بالدِّين، ويلتزِمَ به حسَبَ قدرتِهِ واستطاعتِهِ؛ قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. |