نص السؤال

هل للهِندُوسيَّةِ مِيزةٌ لكونِها الأقدَمَ؟ 

وبالتالي: فهي أقربُ الأديانِ لأن تكونَ الدِّينَ الأصليَّ للإنسانِ، والأكثرَ نقاءً مِن تحريفاتِ البشَر؟

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

يَرَى بعضُهم أن الهِندُوسيَّةَ هي الديانةُ الأقدَمُ؛ وبالتالي هي الديانةُ الأصحُّ والأَوْلى بالاتِّباعِ؛ في نظَرِهم.

والجوابُ على هذه الشبهةِ مِن عدَّةِ أوجُه:

الوجهُ الأوَّلُ: الحكمُ على الشيءِ: هل هو صحيحٌ أو باطلٌ؟ أو جيِّدٌ أو رديءٌ؟ يعتمِدُ على التعرُّفِ عليه، وعلى براهينِ صحَّتِهِ أو جَوْدتِه، ولا يعتمِدُ على كونِهِ قديمًا أو حديثًا؛ فليس بالضرورةِ أن يكونَ القديمُ هو الأفضلَ والأصوبَ، والأجودَ والأَنْقى، وكذلك الحديثُ أو الجديدُ قد يكونُ أفضلَ مِن القديمِ وأصوبَ، وقد لا يكون.

لذلك لا يُمكِنُ اعتبارُ الأقدمِ مِعْيارًا للصوابِ والجَوْدةِ والصحَّة، وليس مِن الصحيحِ أن نقولَ: «إنَّ ما كان قديمًا يكونُ دائمًا صحيحًا».

ويجمُلُ بنا أن نعرِّفَ «الهِندُوسيَّةَ» أوَّلًا؛ لنَكشِفَ اللِّثامَ عن تلك الديانةِ المزعومة:

فـ «الهِندُوسيَّةُ» - ويُطلَقُ عليها أيضًا: «البَرْهَميَّةُ» -: ديانةٌ وثنيَّةٌ يعتنِقُها معظمُ أهلِ الهِنْد، وهي مجموعةٌ مِن العقائدِ، والعاداتِ والتقاليدِ، التي تشكَّلت عبرَ مسيرةٍ طويلةٍ مِن القرنِ الخامسَ عشَرَ قبل الميلاد، إلى وقتِنا الحاضر.

إنها ديانةٌ تضُمُّ القِيَمَ الرُّوحيَّةَ والخُلُقيَّةَ إلى جانبِ المبادئِ القانونيَّةِ والتنظيميَّة، متَّخِذةً عدَّةَ آلهةٍ بحسَبِ الأعمالِ المتعلِّقةِ بها، فلكلِّ مِنطَقةٍ إلهٌ، ولكلِّ عملٍ أو ظاهرةٍ إلهٌ.

ولا يُوجَدُ للدِّيانةِ الهِندُوسيَّةِ مؤسِّسٌ معيَّنٌ، ولا يُعرَفُ لمعظَمِ كُتُبِها مؤلِّفون معيَّنون؛ فقد تمَّ تشكُّلُ الدِّيانةِ - وكذلك الكُتُبِ - عبرَ مراحلَ طويلةٍ مِن الزمَن، وللهِندُوسيَّةِ عدَدٌ هائلٌ مِن الكُتُبِ عسيرةِ الفهم، غريبةِ اللغة.

والدِّيانةُ الهِندُوسيَّةُ مزيجٌ مِن الفلسفةِ الهِنديَّة، والديانَتَيْنِ: اليهوديَّةِ والمسيحيَّةِ؛ كما أنها عقيدةٌ محدودةُ الأتباع.

ويعتقِدُ الهِندُوسُ أنها جاءت عن طريقِ الوحي، ولو صَحَّ هذا، فلا بُدَّ أنه قد حصَلَ لها الكثيرُ مِن التحريفِ والتبديلِ حتى أصبَحتْ أسلوبًا في الحياةِ أكثرَ مما هي عقيدةٌ واضحةُ المعالِم.

وهي تَشمَلُ مِن العقائدِ ما يَهبِطُ بالإنسانِ إلى عبادةِ الأشجارِ والأحجار، والقرودِ والأبقار، إلى غيرِ ذلك مِن أنواعِ الوثَنيَّةِ التي تتنافى مع أبسطِ قواعدِ التوحيد؛ كما أن التقسيمَ الطبَقيَّ فيها يتعارَضُ مع كرامةِ الإنسان، ويَجعَلُها بعيدةً عن الوحيِ الربَّانيّ.

الوجهُ الثاني: القولُ بأن الهِندُوسيَّةَ هي أقدمُ الأديان، زعمٌ باطلٌ ليس له مستنَدٌ ولا دليلٌ؛ فماذا كان دِينُ الناسِ قبل الهِندُوسيَّة؟! بل ما هو الدينُ الذي كان عليه الإنسانُ الأوَّلُ الذي وُجِدَ على الأرض؟!

فالدينُ وُجِدَ منذُ أن وُجِدَ الإنسانُ على وجهِ هذه الأرضِ، والذي عليه الكتُبُ السماويَّةُ - ومنها القرآنُ الكريمُ - أن الإنسانَ الأوَّلَ الذي خلَقهُ اللهُ تعالى هو آدَمُ عليه السلام، وهو أبو البَشَرِ، وكان دينُهُ الإيمانَ باللهِ تعالى، وتوحيدَهُ، وإفرادَهُ بالعبادة.

فآدمُ عليه السلامُ قد فطَرهُ اللهُ على العقيدةِ السليمة، وعلَّمه ما لم يَعلَمْ مِن أمورِ الدِّين؛ فكان موحِّدًا للهِ تعالى التوحيدَ الخالصَ، معتقِدًا للهِ ما يجبُ له مِن التعظيمِ والطاعة؛ قال اللهُ تعالى:

{إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}

[آل عمران: 33].

فعقيدةُ التوحيدِ والخيرِ والصلاحِ، هي الأصلُ الذي كان عليه آدمُ عليه السلام، والأجيالُ الأُولى مِن ذُرِّيَّتِهِ؛ فكانوا على التوحيدِ الخالص، أما الشركُ والضلالُ، وعبادةُ غيرِ اللهِ تعالى مِن الأصنامِ والأشجارِ وغيرِها -: فإنما هي أمورٌ طارئةٌ لم تحدُثْ إلا بعد آدمَ عليه السلامُ، بأزمانٍ وأجيال:

قال تعالى:

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

[الروم: 30].

وعن عِيَاضٍ المُجَاشِعيِّ رضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:

«إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ، فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا»؛

رواه مسلم (2865).

وعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما؛ أنه قال:

«كَانَ بَيْنَ نُوحٍ وَآدَمَ عَشَرَةُ قُرُونٍ، كُلُّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ، فَاخْتَلَفُوا، فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ»؛

رواه الحاكمُ (2/ 546 رقم 4009).

فالعقيدةُ السليمةُ، والتوحيدُ الخالصُ: هما الأصلُ في تاريخِ البشَر، وأما الضلالُ والشركُ والوثَنيَّةُ: فأمورٌ طارئةٌ بعد أحقابٍ مِن الزمان، بعد آدَمَ عليه السلامُ؛ فالهِندُوسيَّةُ هي مِن الأديانِ الوثَنيَّةِ الباطلةِ والطارئةِ في حياةِ البشَرِ.

الوجهُ الثالثُ: الإسلامُ الذي جاء به محمَّدٌ ﷺ، هو امتدادٌ للدِّينِ الحقِّ الذي كان عليه آدَمُ عليه السلامُ، الذي هو الإنسانُ الأوَّلُ وأبو البشَر.

فالإسلامُ بالمعنى العامِّ، هو: الاستسلامُ للهِ تعالى، والانقيادُ له، وعبادتُهُ بما شرَعهُ مِن العباداتِ التي جاءت بها رسُلُه.

فهو على هذا المعنى يَشمَلُ ما جاء به آدَمُ منذُ أن خلَقَ اللهُ تعالى الخَلْقَ، وما جاء به نُوحٌ، وما جاء به موسى، وما جاء به عيسى، ويَشمَلُ ما جاء به إبراهيمُ عليهم السلام.

وقد جاءت آياتٌ كثيرةٌ في القرآنِ الكريمِ تدُلُّ على أن دِينَ الأنبياءِ هو الإسلامُ؛ منها قولُهُ تعالى:

{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا واحَدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}

[البقرة: 133].

فالإسلامُ هو دِينُ الله، لا يَقبَلُ مِن أحدٍ سِواه، وهو دِينُ الأنبياءِ كلِّهم، هو دِينُ آدَمَ أبينا عليه الصلاةُ والسلام، وهو دينُ الأنبياءِ بعدَه، وهو دينُ نبيِّنا محمَّدٍ ﷺ، الذي بعَثهُ اللهُ به إلى الناسِ عامَّةً.

فجميعُ الأنبياءِ المرسَلين مسلِمون، وأتباعُهُمُ الذين كانوا على دِينِهم الصحيحِ قبل أن يُحرَّفَ يُعَدُّون مسلِمين.

فالإسلامُ هو الدِّينُ الصحيحُ والأقدَمُ الذي كان عليه الناسُ منذ أنْ وُجِدوا على الأرض.

أما الدِّيانةُ الهِندُوسيَّةُ، فهي مزيجٌ مِن الفلسفةِ الهِنديَّة، والديانَتَيْنِ: اليهوديَّةِ والمسيحيَّةِ؛ كما أنها عقيدةٌ محدودةُ الأتباع؛ كما تقدَّم.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

السائلُ يَرَى أنا إذا كنَّا سنَتَّبِعُ دِينًا، فلْنَتَّبِعِ الهِندُوسيَّةَ؛ لكونِها أقدَمَ الأديان؛ فهي أَنْقى وأصحُّ وأَوْلى بالاتِّباع.

مختصَرُ الإجابة:

ليس بالضرورةِ أن يكونَ كلُّ قديمٍ هو الأَوْلى والأَنْقى والأصحَّ؛ فالحكمُ على الشيءِ: هل هو صحيحٌ أو باطلٌ؟ أو جيِّدٌ أو رديءٌ؟ يعتمِدُ على التعرُّفِ عليه، وعلى براهينِ صحَّتِهِ أو جَوْدتِه، ولا يعتمِدُ على كونِهِ قديمًا أو حديثًا.

والقولُ بأن الهِندُوسيَّةَ هي أقدَمُ الأديان، زعمٌ باطلٌ ليس له مستنَدٌ ولا دليلٌ؛ فالدِّينُ الذي كان عليه الإنسانُ الأوَّلُ الذي وُجِدَ على هذه الأرضِ، وهو آدَمُ عليه السلامُ أبو البَشَرِ -: هو الإيمانُ باللهِ تعالى، والتسليمُ له، وتوحيدُهُ، وإفرادُهُ بالعبادة.

فعقيدةُ التوحيدِ والخيرِ والصلاحِ هي الأصلُ الذي كان عليه آدمُ عليه السلام، والأجيالُ الأُولى مِن ذُرِّيَّتِه، أما الشركُ والضلالُ، وعبادةُ غيرِ اللهِ تعالى مِن الأصنامِ والأشجارِ وغيرِها -: فإنما هي أمورٌ طارئةٌ لم تحدُثْ إلا بعد آدمَ عليه السلامُ، بأزمانٍ وأجيال.

وهذا الدِّينُ الحقُّ الذي كان عليه آدمُ عليه السلامُ، الذي هو الإنسانُ الأوَّلُ، وأبو البشَرِ -: هو دِينُ الإسلام، وهو دِينُ الأنبياءِ بعده، وهو دِينُ نبيِّنا محمَّدٍ ﷺ الذي بعَثهُ اللهُ تعالى به إلى الناسِ كافَّةً.

فالإسلامُ هو الدِّينُ الصحيحُ والأقدَمُ، الذي كان عليه الناسُ منذُ أن وُجِدوا على الأرض.

خاتمة الجواب

فالإسلامُ هو الدِّينُ الحقُّ، والدِّينُ الصحيحُ الذي ارتضاهُ اللهُ تعالى للبشَرِ، منذُ أن خلَقَهم وأوجَدَهم في هذه الأرض، وهو الذي كان عليه آدَمُ عليه السلامُ أبو البشَر، وهو الذي كان عليه الأنبياءُ والرسُلُ وأتباعُهم، وهو الذي جاء به محمَّدٌ ﷺ؛ فهو الدينُ الأقدمُ والأفضلُ والأجود، والأصوبُ والأصحُّ والأَنْقى، في حياةِ البشَريَّة؛ فيجبُ عليهم اتِّباعُه، وتركُ الدِّياناتِ الطارئةِ الباطلةِ في حياةِ البشَريَّةِ؛ كالهِندُوسيَّةِ، وغيرِها.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

السائلُ يَرَى أنا إذا كنَّا سنَتَّبِعُ دِينًا، فلْنَتَّبِعِ الهِندُوسيَّةَ؛ لكونِها أقدَمَ الأديان؛ فهي أَنْقى وأصحُّ وأَوْلى بالاتِّباع.

مختصَرُ الإجابة:

ليس بالضرورةِ أن يكونَ كلُّ قديمٍ هو الأَوْلى والأَنْقى والأصحَّ؛ فالحكمُ على الشيءِ: هل هو صحيحٌ أو باطلٌ؟ أو جيِّدٌ أو رديءٌ؟ يعتمِدُ على التعرُّفِ عليه، وعلى براهينِ صحَّتِهِ أو جَوْدتِه، ولا يعتمِدُ على كونِهِ قديمًا أو حديثًا.

والقولُ بأن الهِندُوسيَّةَ هي أقدَمُ الأديان، زعمٌ باطلٌ ليس له مستنَدٌ ولا دليلٌ؛ فالدِّينُ الذي كان عليه الإنسانُ الأوَّلُ الذي وُجِدَ على هذه الأرضِ، وهو آدَمُ عليه السلامُ أبو البَشَرِ -: هو الإيمانُ باللهِ تعالى، والتسليمُ له، وتوحيدُهُ، وإفرادُهُ بالعبادة.

فعقيدةُ التوحيدِ والخيرِ والصلاحِ هي الأصلُ الذي كان عليه آدمُ عليه السلام، والأجيالُ الأُولى مِن ذُرِّيَّتِه، أما الشركُ والضلالُ، وعبادةُ غيرِ اللهِ تعالى مِن الأصنامِ والأشجارِ وغيرِها -: فإنما هي أمورٌ طارئةٌ لم تحدُثْ إلا بعد آدمَ عليه السلامُ، بأزمانٍ وأجيال.

وهذا الدِّينُ الحقُّ الذي كان عليه آدمُ عليه السلامُ، الذي هو الإنسانُ الأوَّلُ، وأبو البشَرِ -: هو دِينُ الإسلام، وهو دِينُ الأنبياءِ بعده، وهو دِينُ نبيِّنا محمَّدٍ ﷺ الذي بعَثهُ اللهُ تعالى به إلى الناسِ كافَّةً.

فالإسلامُ هو الدِّينُ الصحيحُ والأقدَمُ، الذي كان عليه الناسُ منذُ أن وُجِدوا على الأرض.

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

يَرَى بعضُهم أن الهِندُوسيَّةَ هي الديانةُ الأقدَمُ؛ وبالتالي هي الديانةُ الأصحُّ والأَوْلى بالاتِّباعِ؛ في نظَرِهم.

والجوابُ على هذه الشبهةِ مِن عدَّةِ أوجُه:

الوجهُ الأوَّلُ: الحكمُ على الشيءِ: هل هو صحيحٌ أو باطلٌ؟ أو جيِّدٌ أو رديءٌ؟ يعتمِدُ على التعرُّفِ عليه، وعلى براهينِ صحَّتِهِ أو جَوْدتِه، ولا يعتمِدُ على كونِهِ قديمًا أو حديثًا؛ فليس بالضرورةِ أن يكونَ القديمُ هو الأفضلَ والأصوبَ، والأجودَ والأَنْقى، وكذلك الحديثُ أو الجديدُ قد يكونُ أفضلَ مِن القديمِ وأصوبَ، وقد لا يكون.

لذلك لا يُمكِنُ اعتبارُ الأقدمِ مِعْيارًا للصوابِ والجَوْدةِ والصحَّة، وليس مِن الصحيحِ أن نقولَ: «إنَّ ما كان قديمًا يكونُ دائمًا صحيحًا».

ويجمُلُ بنا أن نعرِّفَ «الهِندُوسيَّةَ» أوَّلًا؛ لنَكشِفَ اللِّثامَ عن تلك الديانةِ المزعومة:

فـ «الهِندُوسيَّةُ» - ويُطلَقُ عليها أيضًا: «البَرْهَميَّةُ» -: ديانةٌ وثنيَّةٌ يعتنِقُها معظمُ أهلِ الهِنْد، وهي مجموعةٌ مِن العقائدِ، والعاداتِ والتقاليدِ، التي تشكَّلت عبرَ مسيرةٍ طويلةٍ مِن القرنِ الخامسَ عشَرَ قبل الميلاد، إلى وقتِنا الحاضر.

إنها ديانةٌ تضُمُّ القِيَمَ الرُّوحيَّةَ والخُلُقيَّةَ إلى جانبِ المبادئِ القانونيَّةِ والتنظيميَّة، متَّخِذةً عدَّةَ آلهةٍ بحسَبِ الأعمالِ المتعلِّقةِ بها، فلكلِّ مِنطَقةٍ إلهٌ، ولكلِّ عملٍ أو ظاهرةٍ إلهٌ.

ولا يُوجَدُ للدِّيانةِ الهِندُوسيَّةِ مؤسِّسٌ معيَّنٌ، ولا يُعرَفُ لمعظَمِ كُتُبِها مؤلِّفون معيَّنون؛ فقد تمَّ تشكُّلُ الدِّيانةِ - وكذلك الكُتُبِ - عبرَ مراحلَ طويلةٍ مِن الزمَن، وللهِندُوسيَّةِ عدَدٌ هائلٌ مِن الكُتُبِ عسيرةِ الفهم، غريبةِ اللغة.

والدِّيانةُ الهِندُوسيَّةُ مزيجٌ مِن الفلسفةِ الهِنديَّة، والديانَتَيْنِ: اليهوديَّةِ والمسيحيَّةِ؛ كما أنها عقيدةٌ محدودةُ الأتباع.

ويعتقِدُ الهِندُوسُ أنها جاءت عن طريقِ الوحي، ولو صَحَّ هذا، فلا بُدَّ أنه قد حصَلَ لها الكثيرُ مِن التحريفِ والتبديلِ حتى أصبَحتْ أسلوبًا في الحياةِ أكثرَ مما هي عقيدةٌ واضحةُ المعالِم.

وهي تَشمَلُ مِن العقائدِ ما يَهبِطُ بالإنسانِ إلى عبادةِ الأشجارِ والأحجار، والقرودِ والأبقار، إلى غيرِ ذلك مِن أنواعِ الوثَنيَّةِ التي تتنافى مع أبسطِ قواعدِ التوحيد؛ كما أن التقسيمَ الطبَقيَّ فيها يتعارَضُ مع كرامةِ الإنسان، ويَجعَلُها بعيدةً عن الوحيِ الربَّانيّ.

الوجهُ الثاني: القولُ بأن الهِندُوسيَّةَ هي أقدمُ الأديان، زعمٌ باطلٌ ليس له مستنَدٌ ولا دليلٌ؛ فماذا كان دِينُ الناسِ قبل الهِندُوسيَّة؟! بل ما هو الدينُ الذي كان عليه الإنسانُ الأوَّلُ الذي وُجِدَ على الأرض؟!

فالدينُ وُجِدَ منذُ أن وُجِدَ الإنسانُ على وجهِ هذه الأرضِ، والذي عليه الكتُبُ السماويَّةُ - ومنها القرآنُ الكريمُ - أن الإنسانَ الأوَّلَ الذي خلَقهُ اللهُ تعالى هو آدَمُ عليه السلام، وهو أبو البَشَرِ، وكان دينُهُ الإيمانَ باللهِ تعالى، وتوحيدَهُ، وإفرادَهُ بالعبادة.

فآدمُ عليه السلامُ قد فطَرهُ اللهُ على العقيدةِ السليمة، وعلَّمه ما لم يَعلَمْ مِن أمورِ الدِّين؛ فكان موحِّدًا للهِ تعالى التوحيدَ الخالصَ، معتقِدًا للهِ ما يجبُ له مِن التعظيمِ والطاعة؛ قال اللهُ تعالى:

{إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}

[آل عمران: 33].

فعقيدةُ التوحيدِ والخيرِ والصلاحِ، هي الأصلُ الذي كان عليه آدمُ عليه السلام، والأجيالُ الأُولى مِن ذُرِّيَّتِهِ؛ فكانوا على التوحيدِ الخالص، أما الشركُ والضلالُ، وعبادةُ غيرِ اللهِ تعالى مِن الأصنامِ والأشجارِ وغيرِها -: فإنما هي أمورٌ طارئةٌ لم تحدُثْ إلا بعد آدمَ عليه السلامُ، بأزمانٍ وأجيال:

قال تعالى:

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

[الروم: 30].

وعن عِيَاضٍ المُجَاشِعيِّ رضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:

«إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ، فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا»؛

رواه مسلم (2865).

وعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما؛ أنه قال:

«كَانَ بَيْنَ نُوحٍ وَآدَمَ عَشَرَةُ قُرُونٍ، كُلُّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ، فَاخْتَلَفُوا، فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ»؛

رواه الحاكمُ (2/ 546 رقم 4009).

فالعقيدةُ السليمةُ، والتوحيدُ الخالصُ: هما الأصلُ في تاريخِ البشَر، وأما الضلالُ والشركُ والوثَنيَّةُ: فأمورٌ طارئةٌ بعد أحقابٍ مِن الزمان، بعد آدَمَ عليه السلامُ؛ فالهِندُوسيَّةُ هي مِن الأديانِ الوثَنيَّةِ الباطلةِ والطارئةِ في حياةِ البشَرِ.

الوجهُ الثالثُ: الإسلامُ الذي جاء به محمَّدٌ ﷺ، هو امتدادٌ للدِّينِ الحقِّ الذي كان عليه آدَمُ عليه السلامُ، الذي هو الإنسانُ الأوَّلُ وأبو البشَر.

فالإسلامُ بالمعنى العامِّ، هو: الاستسلامُ للهِ تعالى، والانقيادُ له، وعبادتُهُ بما شرَعهُ مِن العباداتِ التي جاءت بها رسُلُه.

فهو على هذا المعنى يَشمَلُ ما جاء به آدَمُ منذُ أن خلَقَ اللهُ تعالى الخَلْقَ، وما جاء به نُوحٌ، وما جاء به موسى، وما جاء به عيسى، ويَشمَلُ ما جاء به إبراهيمُ عليهم السلام.

وقد جاءت آياتٌ كثيرةٌ في القرآنِ الكريمِ تدُلُّ على أن دِينَ الأنبياءِ هو الإسلامُ؛ منها قولُهُ تعالى:

{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا واحَدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}

[البقرة: 133].

فالإسلامُ هو دِينُ الله، لا يَقبَلُ مِن أحدٍ سِواه، وهو دِينُ الأنبياءِ كلِّهم، هو دِينُ آدَمَ أبينا عليه الصلاةُ والسلام، وهو دينُ الأنبياءِ بعدَه، وهو دينُ نبيِّنا محمَّدٍ ﷺ، الذي بعَثهُ اللهُ به إلى الناسِ عامَّةً.

فجميعُ الأنبياءِ المرسَلين مسلِمون، وأتباعُهُمُ الذين كانوا على دِينِهم الصحيحِ قبل أن يُحرَّفَ يُعَدُّون مسلِمين.

فالإسلامُ هو الدِّينُ الصحيحُ والأقدَمُ الذي كان عليه الناسُ منذ أنْ وُجِدوا على الأرض.

أما الدِّيانةُ الهِندُوسيَّةُ، فهي مزيجٌ مِن الفلسفةِ الهِنديَّة، والديانَتَيْنِ: اليهوديَّةِ والمسيحيَّةِ؛ كما أنها عقيدةٌ محدودةُ الأتباع؛ كما تقدَّم.

خاتمة الجواب

فالإسلامُ هو الدِّينُ الحقُّ، والدِّينُ الصحيحُ الذي ارتضاهُ اللهُ تعالى للبشَرِ، منذُ أن خلَقَهم وأوجَدَهم في هذه الأرض، وهو الذي كان عليه آدَمُ عليه السلامُ أبو البشَر، وهو الذي كان عليه الأنبياءُ والرسُلُ وأتباعُهم، وهو الذي جاء به محمَّدٌ ﷺ؛ فهو الدينُ الأقدمُ والأفضلُ والأجود، والأصوبُ والأصحُّ والأَنْقى، في حياةِ البشَريَّة؛ فيجبُ عليهم اتِّباعُه، وتركُ الدِّياناتِ الطارئةِ الباطلةِ في حياةِ البشَريَّةِ؛ كالهِندُوسيَّةِ، وغيرِها.