نص السؤال

في التوراةِ والإنجيلِ نصوصٌ تدُلُّ على أبديَّتِهِما؛ فكيف نزعُمُ أن القرآنَ قد نسَخَها؟

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

هل يجوزُ العملُ بما في التوراةِ والإنجيلِ مِن أحكام؟

الجواب التفصيلي

القرآنُ ناسخٌ للكُتُبِ السابقة، ومهيمِنٌ عليها؛ فالعملُ: إنما هو بما في القرآنِ وحدَه.

والجوابُ على ما جاء في السؤالِ مِن خلالِ ما يلي:

أوَّلًا: هناك أدلَّةٌ كثيرةٌ على عكسِ ما ورَدَ في السؤال، نذكُرُ منها:

١- لا يُمكِنُ أن تُنسَبَ النُّسَخُ المحرَّفةُ مِن التوراةِ إلى اللهِ تعالى؛ لاحتوائِها على عباراتٍ لا تَليقُ، تتكلَّمُ عن الذاتِ الإلهيَّةِ، والأنبياءِ، والملائكةِ، بأسلوبٍ يَجعَلُنا نُوقِنُ باستحالةِ صدورِهِ مِن إنسانٍ ذي فطرةٍ سليمة، 

ونفسٍ زكيَّة، فضلًا عن أن يُنسَبَ إلى نبيٍّ، فضلًا عن أن يُنسَبَ إلى ربِّ العالَمين سبحانه.

٢- يُشترَطُ لصحَّةِ ومصداقيَّةِ التوراةِ أن يكونَ رواتُها وحُفَّاظُها عدولًا ثقاتٍ، وهذه الشروطُ لم تتوافَرْ يومًا في رُواتِها وحُفَّاظِها مِن اليهود؛

 إذْ ثبَتَ عنهم تاريخيًّا ارتدادُهُمُ المتكرِّرُ عن الدِّينِ، وقتلُهم الأنبياءَ، وغيرُها مِن الجرائمِ والكبائرِ التي تَطعَنُ في عدالتِهم.

ولكونِ رِوايتِها انحصَرتْ في أمثالِ هؤلاءِ؛ فإن دعوى تواتُرِها زائفةٌ باطلةٌ، ويجدُ سليمُ الحواسِّ العقليَّةِ والمنطقيَّةِ ذلك واضحًا.

3- يَملِكُ السامِرِيُّون نسخةً مِن التوراةِ تَزيدُ ألفَ سنةٍ عن نسخةِ العِبْرانيِّين، فيما تَزيدُ عن نسخةِ النصارى ألفًا وثلاثَ مِئةِ سنةٍ، وبينهُنَّ مِن الاختلافاتِ والتناقُضاتِ ما يُثبِتُ عدمَ تواتُرِها.

4- أما بالنسبةِ للإنجيلِ، فإن الإنجيلَ الذي جاء به عيسى عليه السلامُ للناسِ، ليس هو قطعًا الإنجيلَ الموجودَ اليومَ؛ إذْ إن الناسَ أهمَلوا تعاليمَ الإنجيلِ الحقيقيِّ حتى ضاع، 

وحلَّ مَحَلَّهُ أناجيلُ عِدَّةٌ كُتِبَتْ بأيدي تلاميذِ المسيحِ عليه السلامُ، وكتَبَ بعضَها تلامذةُ تلاميذِه، أو مَن جاء بعدَهم؛ فكَثُرَتِ الأناجيلُ حتى زادت على المِئة.

واعتمَدتِ الكنيسةُ أربعةً منها حسَبَ أهوائِها، وجميعُها منقطِعةُ السنَد، ولا يَعلَمُ أحدٌ مدى صدقِ مؤلِّفيها، أو مَن ترجَمَها، وهل كان حريصًا على الدِّين؟!

ومِن الطبيعيِّ - والحالُ كذلك - أن نجدَ الكثيرَ مِن التناقُضاتِ والاختلافاتِ بينها مما يُثبِتُ عدمَ تواتُرِها.

ثانيًا: لقد حاوَلَ اليهودُ إزالةَ أيِّ إشارةٍ إلى نبيِّنا محمَّدٍ ^ في التوراةِ، وكذلك في كُتُبِ الأناجيلِ الحقيقيَّةِ؛ ومع هذا: فقد بَقِيَتْ بعضُ البِشارات:

والبِشاراتُ في الكُتُبِ السابقةِ، هي تلك الأنباءُ والأوصافُ التي ورَدتْ عن مَقْدَمِ نبيِّنا محمَّدٍ ^ مبيِّنةً اسمَهُ، وصفاتِهِ البدنيَّةَ والمعنويَّةَ، ونسَبَهُ، ومكانَ بَعْثتِه، 

 وصفةَ أصحابِه، وصفةَ أعدائِه، ومعالمَ الدِّينِ الذي يدعو إليه، والحوادثَ التي تواجِهُه، والزمَنَ الذي يُبعَثُ فيه؛ ليكونَ ذلك دليلًا على صدقِهِ عند ظهورِهِ بانطباقِ تلك الأوصافِ عليه، 

وهي أوصافٌ وبِشاراتٌ تلقَّاها أهلُ تلك الأديانِ نقلًا عن رُهْبانِهم وأحبارِهم وكهَنتِهم قبل وِلادةِ محمَّدٍ ^ بقرونٍ كثيرة.

نذكُرُ هنا مثالًا على البِشارةِ المذكورةِ في التوراة:

«أُقِيمُ لهم نبيًّا مِن وسَطِ إخوتِهم مِثلَك، وأَجعَلُ كلامي في فَمِه، فيكلِّمُهم بكلِّ ما أُوصِيهِ به، ويكونُ أن الإنسانَ الذي لا يَسمَعُ لكلامي الذي يتكلَّمُ به باسمي أنا أطالِبُه». «سِفْرُ التثنية»: (18 - 19)، 

والمقصودُ بـ «إخوتِهم»: أبناءُ إسماعيلَ عليه السلام؛ لأنه أخو إسحاقَ عليه السلامُ، الذي يُنسَبُ إليه بنو إسرائيلَ، ويؤكِّدُهُ «ولم يقُمْ بعدُ نبيٌّ في إسرائيلَ مثلُ مُوسى». «سِفْرُ التثنية»: (الإصحاح: 34، الفقرة: 10).

فمحمَّدٌ ^ هو مِن وسَطِ إخوتِهم، وهو مثلُ موسى عليه السلامُ: نبيٌّ ورسولٌ، وصاحبُ شريعةٍ جديدة، وحارَبَ المشرِكين، وتزوَّج، وكان راعيَ غَنَمٍ، ولا تنطبِقُ هذه البِشارةُ على يُوشَعَ، كما يزعُمُ اليهودُ؛

 لأن يُوشَعَ لم يُوحَ إليه بشريعةٍ جديدة، كما جاء في «سِفْرِ التثنية»: «ولم يقُمْ بعدُ نبيٌّ في إسرائيلَ مثلُ مُوسى».

ويأتي الإنجيلُ ويذكُرُ نفسَ الصفةِ في النبيِّ الخاتَمِ، فيقولُ: «وأما متى جاء ذاك، رُوحُ الحقِّ، فهو يُرشِدُكم إلى جميعِ الحقِّ؛ لأنه لا يتكلَّمُ مِن نفسِهِ، بل كلُّ ما يَسمَعُ يتكلَّمُ به، 

ويُخبِرُكم بأمورٍ آتية». «إنجيلُ يُوحَنَّا»: (الإصحاح: 16، الفقرة: 12- 13)، أليس هذا هو نفسَ ما يذكُرُهُ ربُّ العالَمين في سورةِ النجم:

{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}

[النجم: 3- 4]؟!

 إن هذا لَدليلٌ دامغٌ على هيمنةِ القرآنِ على ما سبَقهُ مِن الكتُب.

ثالثًا: اعتمادُ هؤلاءِ المغالِطين قولَ مُوسى عليه السلامُ: «هذه شريعةٌ مؤبَّدةٌ ما دامتِ السمواتُ والأرض»، وقولَ عيسى عليه السلامُ: «السمواتُ والأرضُ تَزُولان، وكلامي لا يَزُول» -: لا يصحُّ حجَّةً لهم:

وذلك لأن لفظَ «التأبيدِ» يُستعمَلُ عند أهلِ الكتابِ على غيرِ حقيقتِهِ، وكمثالٍ على ذلك: ما جاء في البقَرةِ التي أقَرُّوا بذبحِها: «هذه سُنَّةٌ لكم أبدًا».

أما ما اعتمَدوا عليه مِن قولِ عيسى عليه السلامُ: «السمواتُ والأرضُ تَزُولان، وكلامي لا يَزُول»: «إنجيل لوقا»: (21: 33( -: فقد اختتَمَ به حديثَهُ مع حواريِّيهِ حولَ أمورٍ مستقبليَّة، إذَنْ مِن الواضحِ: أن المقصودَ منه هو تأكيدُ وقوعِ تنبُّؤاتِهِ، والتي على رأسِها مجيءُ سيِّدِ المرسَلين وخاتَمِ النبييِّن محمَّدٍ ^، وبالتالي نقولُ: إن ما استنَدوا عليه لا يَنْفي أبدًا نسخَ القرآنِ للشرائعِ السابقة، بل يؤيِّدُهُ ويؤكِّدُه.

مختصر الجواب

القرآنُ ناسخٌ للكُتُبِ السابقة، ومهيمِنٌ عليها؛ فالعملُ: إنما هو بما في القرآنِ وحدَه، وأما ما جاء في السؤالِ، فمردودٌ لوجوه:

- عدمُ التواتُرِ في نقلِ التوراةِ والإنجيلِ، وإصابتُهُما بالتحريفِ -: يُبطِلُ صحَّةَ تلك النصوص.

- وجودُ البِشارةِ بالرسالةِ الخاتَمةِ في التوراةِ والإنجيل، ووجودُ الأمرِ فيهما باتِّباعِ نبيِّنا محمَّدٍ ^

 -: يُعتبَرُ أقوى دليلٍ على نسخِ القرآنِ لهما.

- الفهمُ السليمُ للكلامِ المنسوبِ لعيسى عليه السلامُ مِن خلالِ سياقِهِ في الإنجيلِ، لا يتنافى مع مبدأِ النَّسْخِ، بل يؤيِّدُ كلامَهُ، 

ويؤكِّدُ وقوعَ تنبُّؤاتِه، والتي على رأسِها مجيءُ سيِّدِ المرسَلين وخاتَمِ النبييِّن محمَّدٍ ^.

مختصر الجواب

القرآنُ ناسخٌ للكُتُبِ السابقة، ومهيمِنٌ عليها؛ فالعملُ: إنما هو بما في القرآنِ وحدَه، وأما ما جاء في السؤالِ، فمردودٌ لوجوه:

- عدمُ التواتُرِ في نقلِ التوراةِ والإنجيلِ، وإصابتُهُما بالتحريفِ -: يُبطِلُ صحَّةَ تلك النصوص.

- وجودُ البِشارةِ بالرسالةِ الخاتَمةِ في التوراةِ والإنجيل، ووجودُ الأمرِ فيهما باتِّباعِ نبيِّنا محمَّدٍ ^

 -: يُعتبَرُ أقوى دليلٍ على نسخِ القرآنِ لهما.

- الفهمُ السليمُ للكلامِ المنسوبِ لعيسى عليه السلامُ مِن خلالِ سياقِهِ في الإنجيلِ، لا يتنافى مع مبدأِ النَّسْخِ، بل يؤيِّدُ كلامَهُ، 

ويؤكِّدُ وقوعَ تنبُّؤاتِه، والتي على رأسِها مجيءُ سيِّدِ المرسَلين وخاتَمِ النبييِّن محمَّدٍ ^.

الجواب التفصيلي

القرآنُ ناسخٌ للكُتُبِ السابقة، ومهيمِنٌ عليها؛ فالعملُ: إنما هو بما في القرآنِ وحدَه.

والجوابُ على ما جاء في السؤالِ مِن خلالِ ما يلي:

أوَّلًا: هناك أدلَّةٌ كثيرةٌ على عكسِ ما ورَدَ في السؤال، نذكُرُ منها:

١- لا يُمكِنُ أن تُنسَبَ النُّسَخُ المحرَّفةُ مِن التوراةِ إلى اللهِ تعالى؛ لاحتوائِها على عباراتٍ لا تَليقُ، تتكلَّمُ عن الذاتِ الإلهيَّةِ، والأنبياءِ، والملائكةِ، بأسلوبٍ يَجعَلُنا نُوقِنُ باستحالةِ صدورِهِ مِن إنسانٍ ذي فطرةٍ سليمة، 

ونفسٍ زكيَّة، فضلًا عن أن يُنسَبَ إلى نبيٍّ، فضلًا عن أن يُنسَبَ إلى ربِّ العالَمين سبحانه.

٢- يُشترَطُ لصحَّةِ ومصداقيَّةِ التوراةِ أن يكونَ رواتُها وحُفَّاظُها عدولًا ثقاتٍ، وهذه الشروطُ لم تتوافَرْ يومًا في رُواتِها وحُفَّاظِها مِن اليهود؛

 إذْ ثبَتَ عنهم تاريخيًّا ارتدادُهُمُ المتكرِّرُ عن الدِّينِ، وقتلُهم الأنبياءَ، وغيرُها مِن الجرائمِ والكبائرِ التي تَطعَنُ في عدالتِهم.

ولكونِ رِوايتِها انحصَرتْ في أمثالِ هؤلاءِ؛ فإن دعوى تواتُرِها زائفةٌ باطلةٌ، ويجدُ سليمُ الحواسِّ العقليَّةِ والمنطقيَّةِ ذلك واضحًا.

3- يَملِكُ السامِرِيُّون نسخةً مِن التوراةِ تَزيدُ ألفَ سنةٍ عن نسخةِ العِبْرانيِّين، فيما تَزيدُ عن نسخةِ النصارى ألفًا وثلاثَ مِئةِ سنةٍ، وبينهُنَّ مِن الاختلافاتِ والتناقُضاتِ ما يُثبِتُ عدمَ تواتُرِها.

4- أما بالنسبةِ للإنجيلِ، فإن الإنجيلَ الذي جاء به عيسى عليه السلامُ للناسِ، ليس هو قطعًا الإنجيلَ الموجودَ اليومَ؛ إذْ إن الناسَ أهمَلوا تعاليمَ الإنجيلِ الحقيقيِّ حتى ضاع، 

وحلَّ مَحَلَّهُ أناجيلُ عِدَّةٌ كُتِبَتْ بأيدي تلاميذِ المسيحِ عليه السلامُ، وكتَبَ بعضَها تلامذةُ تلاميذِه، أو مَن جاء بعدَهم؛ فكَثُرَتِ الأناجيلُ حتى زادت على المِئة.

واعتمَدتِ الكنيسةُ أربعةً منها حسَبَ أهوائِها، وجميعُها منقطِعةُ السنَد، ولا يَعلَمُ أحدٌ مدى صدقِ مؤلِّفيها، أو مَن ترجَمَها، وهل كان حريصًا على الدِّين؟!

ومِن الطبيعيِّ - والحالُ كذلك - أن نجدَ الكثيرَ مِن التناقُضاتِ والاختلافاتِ بينها مما يُثبِتُ عدمَ تواتُرِها.

ثانيًا: لقد حاوَلَ اليهودُ إزالةَ أيِّ إشارةٍ إلى نبيِّنا محمَّدٍ ^ في التوراةِ، وكذلك في كُتُبِ الأناجيلِ الحقيقيَّةِ؛ ومع هذا: فقد بَقِيَتْ بعضُ البِشارات:

والبِشاراتُ في الكُتُبِ السابقةِ، هي تلك الأنباءُ والأوصافُ التي ورَدتْ عن مَقْدَمِ نبيِّنا محمَّدٍ ^ مبيِّنةً اسمَهُ، وصفاتِهِ البدنيَّةَ والمعنويَّةَ، ونسَبَهُ، ومكانَ بَعْثتِه، 

 وصفةَ أصحابِه، وصفةَ أعدائِه، ومعالمَ الدِّينِ الذي يدعو إليه، والحوادثَ التي تواجِهُه، والزمَنَ الذي يُبعَثُ فيه؛ ليكونَ ذلك دليلًا على صدقِهِ عند ظهورِهِ بانطباقِ تلك الأوصافِ عليه، 

وهي أوصافٌ وبِشاراتٌ تلقَّاها أهلُ تلك الأديانِ نقلًا عن رُهْبانِهم وأحبارِهم وكهَنتِهم قبل وِلادةِ محمَّدٍ ^ بقرونٍ كثيرة.

نذكُرُ هنا مثالًا على البِشارةِ المذكورةِ في التوراة:

«أُقِيمُ لهم نبيًّا مِن وسَطِ إخوتِهم مِثلَك، وأَجعَلُ كلامي في فَمِه، فيكلِّمُهم بكلِّ ما أُوصِيهِ به، ويكونُ أن الإنسانَ الذي لا يَسمَعُ لكلامي الذي يتكلَّمُ به باسمي أنا أطالِبُه». «سِفْرُ التثنية»: (18 - 19)، 

والمقصودُ بـ «إخوتِهم»: أبناءُ إسماعيلَ عليه السلام؛ لأنه أخو إسحاقَ عليه السلامُ، الذي يُنسَبُ إليه بنو إسرائيلَ، ويؤكِّدُهُ «ولم يقُمْ بعدُ نبيٌّ في إسرائيلَ مثلُ مُوسى». «سِفْرُ التثنية»: (الإصحاح: 34، الفقرة: 10).

فمحمَّدٌ ^ هو مِن وسَطِ إخوتِهم، وهو مثلُ موسى عليه السلامُ: نبيٌّ ورسولٌ، وصاحبُ شريعةٍ جديدة، وحارَبَ المشرِكين، وتزوَّج، وكان راعيَ غَنَمٍ، ولا تنطبِقُ هذه البِشارةُ على يُوشَعَ، كما يزعُمُ اليهودُ؛

 لأن يُوشَعَ لم يُوحَ إليه بشريعةٍ جديدة، كما جاء في «سِفْرِ التثنية»: «ولم يقُمْ بعدُ نبيٌّ في إسرائيلَ مثلُ مُوسى».

ويأتي الإنجيلُ ويذكُرُ نفسَ الصفةِ في النبيِّ الخاتَمِ، فيقولُ: «وأما متى جاء ذاك، رُوحُ الحقِّ، فهو يُرشِدُكم إلى جميعِ الحقِّ؛ لأنه لا يتكلَّمُ مِن نفسِهِ، بل كلُّ ما يَسمَعُ يتكلَّمُ به، 

ويُخبِرُكم بأمورٍ آتية». «إنجيلُ يُوحَنَّا»: (الإصحاح: 16، الفقرة: 12- 13)، أليس هذا هو نفسَ ما يذكُرُهُ ربُّ العالَمين في سورةِ النجم:

{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}

[النجم: 3- 4]؟!

 إن هذا لَدليلٌ دامغٌ على هيمنةِ القرآنِ على ما سبَقهُ مِن الكتُب.

ثالثًا: اعتمادُ هؤلاءِ المغالِطين قولَ مُوسى عليه السلامُ: «هذه شريعةٌ مؤبَّدةٌ ما دامتِ السمواتُ والأرض»، وقولَ عيسى عليه السلامُ: «السمواتُ والأرضُ تَزُولان، وكلامي لا يَزُول» -: لا يصحُّ حجَّةً لهم:

وذلك لأن لفظَ «التأبيدِ» يُستعمَلُ عند أهلِ الكتابِ على غيرِ حقيقتِهِ، وكمثالٍ على ذلك: ما جاء في البقَرةِ التي أقَرُّوا بذبحِها: «هذه سُنَّةٌ لكم أبدًا».

أما ما اعتمَدوا عليه مِن قولِ عيسى عليه السلامُ: «السمواتُ والأرضُ تَزُولان، وكلامي لا يَزُول»: «إنجيل لوقا»: (21: 33( -: فقد اختتَمَ به حديثَهُ مع حواريِّيهِ حولَ أمورٍ مستقبليَّة، إذَنْ مِن الواضحِ: أن المقصودَ منه هو تأكيدُ وقوعِ تنبُّؤاتِهِ، والتي على رأسِها مجيءُ سيِّدِ المرسَلين وخاتَمِ النبييِّن محمَّدٍ ^، وبالتالي نقولُ: إن ما استنَدوا عليه لا يَنْفي أبدًا نسخَ القرآنِ للشرائعِ السابقة، بل يؤيِّدُهُ ويؤكِّدُه.