نص السؤال

وقوعُ نسخِ الحُكْمِ، وبقاءِ التلاوةِ في القرآنِ: تعطيلٌ للكلامِ الإلهيّ.

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

ما فائدةُ نسخِ الحُكْمِ، مع بقاءِ تلاوةِ الآية؟

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

النسخُ في القرآنِ ثابتٌ، وليس معناهُ تعطيلَ كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى، بل له معانٍ جليلةٌ وعظيمةٌ؛ والردُّ على السؤالِ المذكورِ مِن ثلاثةِ أوجُهٍ:

الأوَّلُ: النَّسْخُ يعني: «رَفْعَ الحُكْمِ الشرعيِّ بدليلٍ شرعيٍّ متأخِّرٍ عنه»، ووقوعُ النَّسْخِ جائزٌ عقلًا، وواقعٌ شرعًا بالإجماعِ، إلا في خلافِ مَن لا يُعتَدُّ بخلافِهِ؛ كأبي مسلِمٍ الأصفهانيّ.

وأنواعُ النسخِ الواقعِ في القرآنِ الكريمِ ثلاثةٌ:

- نَسْخُ التلاوةِ والحُكْمِ معًا.

- ونَسْخُ الحُكْمِ، مع بقاءُ التلاوة.

- ونَسْخُ التلاوةِ، مع بقاءِ الحكم.

وسنُجيبُ هنا عن النوعِ الواردِ في السؤال.

الثاني: نسخُ الحُكْمِ، وبقاءُ التلاوةِ: موجودٌ في القرآنِ الكريم؛ ومِن أدلَّةِ ذلك:

1- قولُهُ تعالى:

{الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}

[الأنفال: 66]

فهذه الآيةُ الكريمةُ نسَخَتْ حُكْمَ الآيةِ التي قَبْلَها، وهي قولُهُ تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}

[الأنفال: 65].

2- قولُهُ تعالى:

{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}

[البقرة: 185]

نسَخَ قولَهُ عزَّ وجلَّ:

{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}

[البقرة: 184]

3- قولُهُ تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ}

[المجادلة: 12]

وهذا الحُكْمُ منسوخٌ، ومع ذلك تلاوةُ الآيةِ باقيةٌ.

قال الإمامُ الشَّوْكانيُّ: «ما نُسِخ حُكْمُهُ، وبَقِيَ رَسْمُهُ؛ كنسخِ آيةِ الوصيَّةِ للوالدَيْنِ والأقربِينَ بآيةِ المواريث، ونسخِ العِدَّةِ حَوْلًا بالعِدَّةِ أربعةَ أشهُرٍ وعشرًا؛ فالمنسوخُ: ثابتُ التلاوةِ، مرفوعُ الحُكْمِ، والناسخُ: ثابتُ التلاوةِ والحُكْمِ، وإلى جوازِ ذلك ذهَبَ الجمهورُ، بل ادَّعى بعضُهم الإجماعَ عليه». «إرشادُ الفحول» (2/ 63).

الثالثُ: لقد تنوَّعتْ بعضُ الأحكامِ تدرُّجًا، أو نَسْخًا؛ مراعاةً لمصالحِ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ، ولحِكَمٍ ومقاصدَ عديدةٍ:

فنزَلَ التشريعُ لبعضِ الأحكامِ لمصالحَ معيَّنةٍ في بدايةِ الدعوةِ، ثم لما اختلَفتْ تلك المصالحُ التي شُرِعَتْ مِن أجلِها تلك الأحكامُ بعدَ استقرارِ الدعوةِ الإسلاميَّة -: وقَعَ النسخُ لها بما يتناسَبُ معها، ويتَّضِحُ ذلك في بعضِ أحكامِ المرحلةِ المكِّيَّةِ، والمرحلةِ المدَنيَّة.

وفي ذلك حِكَمٌ ومقاصدُ عديدةٌ؛ منها: إرادةُ الخيرِ لهذه الأمَّةِ، والتيسيرُ عليها، واختبارُ المكلَّفينَ وابتلاؤُهم، وغيرُ ذلك مما لا يتَّسِعُ المقامُ لذِكرِهِ هنا، والجهلُ بهذه الحِكَمِ والمقاصدِ لا يعني عدمَ وجودِ النسخِ، أو تعطيلَ كلامِ اللهِ سبحانه.

وأما نسخُ الحُكْمِ دون التلاوةِ، فمِن مقاصدِه:

1- حصولُ ثوابِ التلاوةِ؛ فإن القرآنَ كما يُتْلَى لِيُعرَفَ الحكمُ منه ويُعمَلَ به، فهو يُتْلَى لِيُثابَ عليه القارئُ.

2- تذكيرُ الأمَّةِ بالنِّعْمةِ، ورفعُ المشقَّةِ بالنسخِ؛ إذْ إن النسخَ غالبًا نوعٌ مِن التخفيف.

وليس في ذلك معنَى تعطيلِ كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى. والحاصلُ: أن مَن يَتأمَّلُ فيما سبَقَ مِن أدلَّةٍ على وقوعِ نَسْخِ الحُكْمِ، وبقاءِ التلاوةِ في القرآنِ الكريمِ، ويتأمَّلُ بعينِ الفاحصِ التي تحلِّلُ كلَّ ما تَقرَؤُهُ مِن حِكَمٍ عظيمةٍ وراءَ النَّسْخِ في القرآنِ -: سيُدرِكُ - ولا ريبَ - أن طريقَ الحقِّ يَبدَأُ مِن هذا الكتابِ العظيم.

مختصر الجواب

مختصَرُ الإجابة:

- أنواعُ النسخِ الواقعِ في القرآنِ الكريمِ ثلاثةٌ: - نَسْخُ التلاوةِ والحُكْمِ معًا - ونَسْخُ الحُكْمِ، مع بقاءُ التلاوة - ونَسْخُ التلاوةِ، مع بقاءِ الحكم.

- وقد توافَرتِ الأدلَّةُ على وقوعِ النسخِ بأنواعِهِ الثلاثةِ في القرآنِ الكريم.

- وهذا النسخُ ليس معناهُ تعطيلَ كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى، بل له معانٍ جليلةٌ وعظيمة.

- ولقد تنوَّعتْ بعضُ الأحكامِ تدرُّجًا، أو نَسْخًا؛ مراعاةً لمصالحِ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ، ولحِكَمٍ ومقاصدَ عديدةٍ.

- مِن حِكَمِ ومقاصدِ النسخِ: إرادةُ الخيرِ لهذه الأمَّةِ، والتيسيرُ عليها، واختبارُ المكلَّفينَ وابتلاؤُهم، وغيرُ ذلك، والجهلُ بهذه الحِكَمِ والمقاصدِ لا يعني عدمَ وجودِ النسخِ، أو تعطيلَ كلامِ اللهِ سبحانه.

- وأما نسخُ الحُكْمِ دون التلاوةِ، فمِن مقاصدِه:

1- حصولُ ثوابِ التلاوةِ؛ فإن القرآنَ كما يُتْلَى لِيُعرَفَ الحكمُ منه ويُعمَلَ به، فهو يُتْلَى لِيُثابَ عليه القارئُ.

2- تذكيرُ الأمَّةِ بالنِّعْمةِ، ورفعُ المشقَّةِ بالنسخِ؛ إذْ إن النسخَ غالبًا نوعٌ مِن التخفيف.

وليس في ذلك معنَى تعطيلِ كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى.

مختصر الجواب

مختصَرُ الإجابة:

- أنواعُ النسخِ الواقعِ في القرآنِ الكريمِ ثلاثةٌ: - نَسْخُ التلاوةِ والحُكْمِ معًا - ونَسْخُ الحُكْمِ، مع بقاءُ التلاوة - ونَسْخُ التلاوةِ، مع بقاءِ الحكم.

- وقد توافَرتِ الأدلَّةُ على وقوعِ النسخِ بأنواعِهِ الثلاثةِ في القرآنِ الكريم.

- وهذا النسخُ ليس معناهُ تعطيلَ كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى، بل له معانٍ جليلةٌ وعظيمة.

- ولقد تنوَّعتْ بعضُ الأحكامِ تدرُّجًا، أو نَسْخًا؛ مراعاةً لمصالحِ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ، ولحِكَمٍ ومقاصدَ عديدةٍ.

- مِن حِكَمِ ومقاصدِ النسخِ: إرادةُ الخيرِ لهذه الأمَّةِ، والتيسيرُ عليها، واختبارُ المكلَّفينَ وابتلاؤُهم، وغيرُ ذلك، والجهلُ بهذه الحِكَمِ والمقاصدِ لا يعني عدمَ وجودِ النسخِ، أو تعطيلَ كلامِ اللهِ سبحانه.

- وأما نسخُ الحُكْمِ دون التلاوةِ، فمِن مقاصدِه:

1- حصولُ ثوابِ التلاوةِ؛ فإن القرآنَ كما يُتْلَى لِيُعرَفَ الحكمُ منه ويُعمَلَ به، فهو يُتْلَى لِيُثابَ عليه القارئُ.

2- تذكيرُ الأمَّةِ بالنِّعْمةِ، ورفعُ المشقَّةِ بالنسخِ؛ إذْ إن النسخَ غالبًا نوعٌ مِن التخفيف.

وليس في ذلك معنَى تعطيلِ كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى.

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

النسخُ في القرآنِ ثابتٌ، وليس معناهُ تعطيلَ كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى، بل له معانٍ جليلةٌ وعظيمةٌ؛ والردُّ على السؤالِ المذكورِ مِن ثلاثةِ أوجُهٍ:

الأوَّلُ: النَّسْخُ يعني: «رَفْعَ الحُكْمِ الشرعيِّ بدليلٍ شرعيٍّ متأخِّرٍ عنه»، ووقوعُ النَّسْخِ جائزٌ عقلًا، وواقعٌ شرعًا بالإجماعِ، إلا في خلافِ مَن لا يُعتَدُّ بخلافِهِ؛ كأبي مسلِمٍ الأصفهانيّ.

وأنواعُ النسخِ الواقعِ في القرآنِ الكريمِ ثلاثةٌ:

- نَسْخُ التلاوةِ والحُكْمِ معًا.

- ونَسْخُ الحُكْمِ، مع بقاءُ التلاوة.

- ونَسْخُ التلاوةِ، مع بقاءِ الحكم.

وسنُجيبُ هنا عن النوعِ الواردِ في السؤال.

الثاني: نسخُ الحُكْمِ، وبقاءُ التلاوةِ: موجودٌ في القرآنِ الكريم؛ ومِن أدلَّةِ ذلك:

1- قولُهُ تعالى:

{الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}

[الأنفال: 66]

فهذه الآيةُ الكريمةُ نسَخَتْ حُكْمَ الآيةِ التي قَبْلَها، وهي قولُهُ تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}

[الأنفال: 65].

2- قولُهُ تعالى:

{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}

[البقرة: 185]

نسَخَ قولَهُ عزَّ وجلَّ:

{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}

[البقرة: 184]

3- قولُهُ تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ}

[المجادلة: 12]

وهذا الحُكْمُ منسوخٌ، ومع ذلك تلاوةُ الآيةِ باقيةٌ.

قال الإمامُ الشَّوْكانيُّ: «ما نُسِخ حُكْمُهُ، وبَقِيَ رَسْمُهُ؛ كنسخِ آيةِ الوصيَّةِ للوالدَيْنِ والأقربِينَ بآيةِ المواريث، ونسخِ العِدَّةِ حَوْلًا بالعِدَّةِ أربعةَ أشهُرٍ وعشرًا؛ فالمنسوخُ: ثابتُ التلاوةِ، مرفوعُ الحُكْمِ، والناسخُ: ثابتُ التلاوةِ والحُكْمِ، وإلى جوازِ ذلك ذهَبَ الجمهورُ، بل ادَّعى بعضُهم الإجماعَ عليه». «إرشادُ الفحول» (2/ 63).

الثالثُ: لقد تنوَّعتْ بعضُ الأحكامِ تدرُّجًا، أو نَسْخًا؛ مراعاةً لمصالحِ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ، ولحِكَمٍ ومقاصدَ عديدةٍ:

فنزَلَ التشريعُ لبعضِ الأحكامِ لمصالحَ معيَّنةٍ في بدايةِ الدعوةِ، ثم لما اختلَفتْ تلك المصالحُ التي شُرِعَتْ مِن أجلِها تلك الأحكامُ بعدَ استقرارِ الدعوةِ الإسلاميَّة -: وقَعَ النسخُ لها بما يتناسَبُ معها، ويتَّضِحُ ذلك في بعضِ أحكامِ المرحلةِ المكِّيَّةِ، والمرحلةِ المدَنيَّة.

وفي ذلك حِكَمٌ ومقاصدُ عديدةٌ؛ منها: إرادةُ الخيرِ لهذه الأمَّةِ، والتيسيرُ عليها، واختبارُ المكلَّفينَ وابتلاؤُهم، وغيرُ ذلك مما لا يتَّسِعُ المقامُ لذِكرِهِ هنا، والجهلُ بهذه الحِكَمِ والمقاصدِ لا يعني عدمَ وجودِ النسخِ، أو تعطيلَ كلامِ اللهِ سبحانه.

وأما نسخُ الحُكْمِ دون التلاوةِ، فمِن مقاصدِه:

1- حصولُ ثوابِ التلاوةِ؛ فإن القرآنَ كما يُتْلَى لِيُعرَفَ الحكمُ منه ويُعمَلَ به، فهو يُتْلَى لِيُثابَ عليه القارئُ.

2- تذكيرُ الأمَّةِ بالنِّعْمةِ، ورفعُ المشقَّةِ بالنسخِ؛ إذْ إن النسخَ غالبًا نوعٌ مِن التخفيف.

وليس في ذلك معنَى تعطيلِ كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى. والحاصلُ: أن مَن يَتأمَّلُ فيما سبَقَ مِن أدلَّةٍ على وقوعِ نَسْخِ الحُكْمِ، وبقاءِ التلاوةِ في القرآنِ الكريمِ، ويتأمَّلُ بعينِ الفاحصِ التي تحلِّلُ كلَّ ما تَقرَؤُهُ مِن حِكَمٍ عظيمةٍ وراءَ النَّسْخِ في القرآنِ -: سيُدرِكُ - ولا ريبَ - أن طريقَ الحقِّ يَبدَأُ مِن هذا الكتابِ العظيم.