نص السؤال

لماذا رُفِعَتِ الأحرُفُ الستَّةُ، وبَقِيَ القرآنُ على حرفٍ واحد؟ أَلَا يدُلُّ هذا على عدمِ حفظِ القرآن؟

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

اندثارُ واختفاءُ الأحرُفِ الستَّةِ التي نزَلَ القرآنُ بها، وبقاءُ حرفٍ واحدٍ هو السابعُ؛ أَلَا يدُلُّ على عدمِ حفظِ القرآن؟

الجواب التفصيلي

اختلَفَ أهلُ العلمِ في معنى «الأحرُفِ السبعةِ»، وأكثرُ هذه الآراءِ متداخِلٌ، وقد ذهَبَ أكثرُ العلماءِ: إلى أن المرادَ بـ «الأحرُفِ السبعةِ»: سَبْعُ لغاتٍ مِن لغاتِ العرَبِ في المعنى الواحد؛ على معنى أنه حيثُ تختلِفُ لغاتُ العرَبِ في التعبيرِ عن معنًى مِن المعاني، يأتي القرآنُ منزَّلًا بألفاظٍ على قَدْرِ هذه اللغاتِ لهذا المعنى الواحد، وحيثُ لا يكونُ هناك اختلافٌ، فإنه يأتي بلفظٍ واحدٍ أو أكثرَ؛ بمعنى أن هذه الأحرُفَ موجودةٌ في القرآنِ متفرِّقةً، لا أن كلَّ لفظٍ قرآنيٍّ فيه سبعُ لغات.

وقد شاء اللهُ بحكمتِهِ أن يُنزِلَ القرآنُ على سبعةِ أحرُفٍ، ضمَّت عددًا مِن لهَجاتِ العربِ ولغاتِهم؛ لحِكَمٍ كثيرةٍ:

منها: تعديدُ الأحكامِ بتعديدِ الأحرُفِ؛ فالحرفُ يُنطَقُ بطريقةٍ: تؤدِّي حُكمًا ومعنًى، وبطريقةٍ أخرى: تؤدِّي حُكمًا ومعنًى آخَرَ فريدًا، مما يُعْطي جمالًا وكمالًا.

وكذلك: فيه رفعٌ للحرَجِ؛ وذلك بتيسيرِ قراءةِ المعنى الواحدِ بألفاظٍ مختلِفةٍ؛ إذْ لا بأسَ مِن تَوسِعةِ الألفاظِ ما دام المعنى واحدًا، ولو أُنزِلَ بلهجةٍ واحدةٍ، لَشَقَّ على أصحابِ بقيَّةِ الألسُنِ أن ينتقِلوا مِن الكلامِ بلهجتِهم إلى غيرِها.

وقد كانت الأحرُفُ السبعةُ متداوَلةً في لغةِ قُريشٍ؛ لأنها كانت خليطًا مِن لغاتِ ولهَجاتِ قبائلِ العرَبِ كافَّةً؛ فقد أخَذَ أهلُ قُريشٍ مِن لغاتِ ولهَجاتِ القبائلِ باستمرارٍ أثناءَ مواسمِ الحجِّ؛ لالتقاءِ القبائلِ في أسواقِها ومواسمِها، وهي أفصحُ لهَجاتِ العرَبِ؛ لبعدِها عن بلادِ العجَم؛ ولذلك كانت بقيَّةُ القبائلِ العربيَّةِ تحتكِمُ إلى لغةِ قُريشٍ في كلِّ خلافاتٍ لغويَّةٍ تَنشَأُ بينهم؛ ولهذا نزَلَ القرآنُ بالأحرُفِ السبعةِ مِن لغةِ قُريشٍ في الغالب.

ثم كان الناسُ يكتُبون المصاحفَ بحسَبِ ما عَلِموا مِن الحرفِ الذي وصَلَ إليهم، ومع انتشارِ القُرَّاءِ في بلادِ المسلِمين، واقتصارِ أهلِ كلِّ جزءٍ منها على قراءةٍ معيَّنةٍ، تارِكينَ ما سواها، التقى أهلُ الشامِ، وأهلُ الكوفةِ، في غزوِ أَرمِينيَّةَ وأَذْرَبِيجانَ، فحدَثَ أن اختلَفوا في قراءتِهم للقرآنِ؛ مما أدَّى إلى تنازُعِهم، ونشوبِ صراعٍ بينهم، كاد يؤدِّي إلى فتنةٍ عظيمةٍ بين المسلِمين.

ولذلك عمَدَ عثمانُ رضيَ اللهُ عنه إلى توحيدِ مصاحِفِ المسلِمينَ على مصحفٍ واحدٍ، يُكتَبُ بحرفٍ واحدٍ، وهو حرفُ قُريشٍ؛ وذلك لِما للغةِ قُريشٍ مِن خصائصَ ذُكِرتْ آنِفًا؛ وتبقى الأحرُفُ الأخرى الثابتةُ قابلةً أن تُقرَأَ بنفسِ الأحرُفِ المكتوبةِ أو بنحوِها.

فهذا ما فعَلهُ عثمانُ رضيَ اللهُ عنه، ووافَقهُ على ذلك بقيَّةُ الصحابةِ، وأقَرُّوا فِعلَه؛ وعلى هذا سارَتِ الأمَّةُ الإسلاميَّة.

غيرَ أن هذا ليس فيه شيءٌ مما ورَدَ في السؤال؛ فالأمَّةُ لم تضيِّعْ حفظَ القرآنِ بذلك؛ لأن اللهَ تعالى قد جعَلَ الخيارَ لها في حفظِ وقراءةِ القرآنِ بما شاءت مِن تلك الأحرُفِ السبعة، مثلَما خيَّرها في أمورٍ أخرى؛ ككفَّارةِ حِنْثِ اليمينِ على سبيلِ المثال. ولا نزاعَ بين المسلِمينَ: أن الحروفَ السبعةَ التي أُنزِلَ القرآنُ عليها، لا تتضمَّنُ تناقُضَ المعنى وتضادَّهُ، بل قد يكونُ معناها متَّفِقًا أو متقارِبًا؛ كما قال ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه: «إنما هو كقولِ أحدِكم: «أَقبِلْ، وهَلُمَّ، وتَعَالَ»، وقد يكونُ معنى أحدِهما ليس هو معنى الآخَرِ؛ لكنَّ كلا المعنيَيْنِ حقٌّ، وهذا اختلافُ تنوُّع وتغايُرٍ، لا اختلافُ تضادٍّ وتناقُضٍ.

مختصر الجواب

مختصَرُ الإجابة:

تعدُّدُ الأحرُفِ القرآنيَّةِ يُقصَدُ به التعدُّدُ لطريقةِ نطقِ الكلماتِ في بعضِ المواضعِ في القرآنِ - وليس في كلِّها - وكان هذا التعدُّدُ لحِكَمٍ خاصَّةٍ؛ مِن رفعِ المشقَّةِ، وتعديدِ الأحكامِ، والتحدِّي، وغيرِها.

وقد كانت المصاحفُ في أوَّلِ الأمرِ تُكتَبُ برسمٍ مختلِفٍ لاختلافِ الأحرُفِ؛ لرفعِ المشقَّةِ عن العرَبِ حين نزَلَ القرآنُ؛ لاختلافِ لهَجاتِهم، وتبايُنِ ألسنتِهم، ولكنْ بعد اتِّساعِ رُقْعةِ بلادِ الإسلامِ، صار ذلك سببًا في تنازُعِ المسلِمينَ، واختلافِهم فيما بينهم؛ لذا كان لزامًا توحيدُ تلك الحروفِ على مصحفٍ واحدٍ، وحرفٍ واحدٍ.

وهذا ما فعَلهُ عثمانُ رضيَ اللهُ عنه، ووافَقهُ على ذلك بقيَّةُ الصحابةِ، وأقَرُّوا فِعلَه؛ وعلى هذا سارَتِ الأمَّةُ الإسلاميَّة.

وهذا لا يعني أن الأمَّةَ ضيَّعتْ حِفظَ القرآنِ بذلك؛ لأن اللهَ تعالى قد جعَلَ الخيارَ لها في حفظِ وقراءةِ القرآنِ بما شاءت مِن تلك الأحرُفِ السبعة، مثلَما خيَّرها في أمورٍ أخرى؛ ككفَّارةِ حِنْثِ اليمينِ على سبيلِ المثال.

ولا نزاعَ بين المسلِمينَ: أن الحروفَ السبعةَ التي أُنزِلَ القرآنُ عليها، لا تتضمَّنُ تناقُضَ المعنى وتضادَّهُ، بل قد يكونُ معناها متَّفِقًا أو متقارِبًا، وقد يكونُ معنى أحدِهما ليس هو معنى الآخَرِ؛ لكنَّ كلا المعنيَيْنِ حقٌّ، وهذا اختلافُ تنوُّع وتغايُرٍ، لا اختلافُ تضادٍّ وتناقُضٍ.

مختصر الجواب

مختصَرُ الإجابة:

تعدُّدُ الأحرُفِ القرآنيَّةِ يُقصَدُ به التعدُّدُ لطريقةِ نطقِ الكلماتِ في بعضِ المواضعِ في القرآنِ - وليس في كلِّها - وكان هذا التعدُّدُ لحِكَمٍ خاصَّةٍ؛ مِن رفعِ المشقَّةِ، وتعديدِ الأحكامِ، والتحدِّي، وغيرِها.

وقد كانت المصاحفُ في أوَّلِ الأمرِ تُكتَبُ برسمٍ مختلِفٍ لاختلافِ الأحرُفِ؛ لرفعِ المشقَّةِ عن العرَبِ حين نزَلَ القرآنُ؛ لاختلافِ لهَجاتِهم، وتبايُنِ ألسنتِهم، ولكنْ بعد اتِّساعِ رُقْعةِ بلادِ الإسلامِ، صار ذلك سببًا في تنازُعِ المسلِمينَ، واختلافِهم فيما بينهم؛ لذا كان لزامًا توحيدُ تلك الحروفِ على مصحفٍ واحدٍ، وحرفٍ واحدٍ.

وهذا ما فعَلهُ عثمانُ رضيَ اللهُ عنه، ووافَقهُ على ذلك بقيَّةُ الصحابةِ، وأقَرُّوا فِعلَه؛ وعلى هذا سارَتِ الأمَّةُ الإسلاميَّة.

وهذا لا يعني أن الأمَّةَ ضيَّعتْ حِفظَ القرآنِ بذلك؛ لأن اللهَ تعالى قد جعَلَ الخيارَ لها في حفظِ وقراءةِ القرآنِ بما شاءت مِن تلك الأحرُفِ السبعة، مثلَما خيَّرها في أمورٍ أخرى؛ ككفَّارةِ حِنْثِ اليمينِ على سبيلِ المثال.

ولا نزاعَ بين المسلِمينَ: أن الحروفَ السبعةَ التي أُنزِلَ القرآنُ عليها، لا تتضمَّنُ تناقُضَ المعنى وتضادَّهُ، بل قد يكونُ معناها متَّفِقًا أو متقارِبًا، وقد يكونُ معنى أحدِهما ليس هو معنى الآخَرِ؛ لكنَّ كلا المعنيَيْنِ حقٌّ، وهذا اختلافُ تنوُّع وتغايُرٍ، لا اختلافُ تضادٍّ وتناقُضٍ.

الجواب التفصيلي

اختلَفَ أهلُ العلمِ في معنى «الأحرُفِ السبعةِ»، وأكثرُ هذه الآراءِ متداخِلٌ، وقد ذهَبَ أكثرُ العلماءِ: إلى أن المرادَ بـ «الأحرُفِ السبعةِ»: سَبْعُ لغاتٍ مِن لغاتِ العرَبِ في المعنى الواحد؛ على معنى أنه حيثُ تختلِفُ لغاتُ العرَبِ في التعبيرِ عن معنًى مِن المعاني، يأتي القرآنُ منزَّلًا بألفاظٍ على قَدْرِ هذه اللغاتِ لهذا المعنى الواحد، وحيثُ لا يكونُ هناك اختلافٌ، فإنه يأتي بلفظٍ واحدٍ أو أكثرَ؛ بمعنى أن هذه الأحرُفَ موجودةٌ في القرآنِ متفرِّقةً، لا أن كلَّ لفظٍ قرآنيٍّ فيه سبعُ لغات.

وقد شاء اللهُ بحكمتِهِ أن يُنزِلَ القرآنُ على سبعةِ أحرُفٍ، ضمَّت عددًا مِن لهَجاتِ العربِ ولغاتِهم؛ لحِكَمٍ كثيرةٍ:

منها: تعديدُ الأحكامِ بتعديدِ الأحرُفِ؛ فالحرفُ يُنطَقُ بطريقةٍ: تؤدِّي حُكمًا ومعنًى، وبطريقةٍ أخرى: تؤدِّي حُكمًا ومعنًى آخَرَ فريدًا، مما يُعْطي جمالًا وكمالًا.

وكذلك: فيه رفعٌ للحرَجِ؛ وذلك بتيسيرِ قراءةِ المعنى الواحدِ بألفاظٍ مختلِفةٍ؛ إذْ لا بأسَ مِن تَوسِعةِ الألفاظِ ما دام المعنى واحدًا، ولو أُنزِلَ بلهجةٍ واحدةٍ، لَشَقَّ على أصحابِ بقيَّةِ الألسُنِ أن ينتقِلوا مِن الكلامِ بلهجتِهم إلى غيرِها.

وقد كانت الأحرُفُ السبعةُ متداوَلةً في لغةِ قُريشٍ؛ لأنها كانت خليطًا مِن لغاتِ ولهَجاتِ قبائلِ العرَبِ كافَّةً؛ فقد أخَذَ أهلُ قُريشٍ مِن لغاتِ ولهَجاتِ القبائلِ باستمرارٍ أثناءَ مواسمِ الحجِّ؛ لالتقاءِ القبائلِ في أسواقِها ومواسمِها، وهي أفصحُ لهَجاتِ العرَبِ؛ لبعدِها عن بلادِ العجَم؛ ولذلك كانت بقيَّةُ القبائلِ العربيَّةِ تحتكِمُ إلى لغةِ قُريشٍ في كلِّ خلافاتٍ لغويَّةٍ تَنشَأُ بينهم؛ ولهذا نزَلَ القرآنُ بالأحرُفِ السبعةِ مِن لغةِ قُريشٍ في الغالب.

ثم كان الناسُ يكتُبون المصاحفَ بحسَبِ ما عَلِموا مِن الحرفِ الذي وصَلَ إليهم، ومع انتشارِ القُرَّاءِ في بلادِ المسلِمين، واقتصارِ أهلِ كلِّ جزءٍ منها على قراءةٍ معيَّنةٍ، تارِكينَ ما سواها، التقى أهلُ الشامِ، وأهلُ الكوفةِ، في غزوِ أَرمِينيَّةَ وأَذْرَبِيجانَ، فحدَثَ أن اختلَفوا في قراءتِهم للقرآنِ؛ مما أدَّى إلى تنازُعِهم، ونشوبِ صراعٍ بينهم، كاد يؤدِّي إلى فتنةٍ عظيمةٍ بين المسلِمين.

ولذلك عمَدَ عثمانُ رضيَ اللهُ عنه إلى توحيدِ مصاحِفِ المسلِمينَ على مصحفٍ واحدٍ، يُكتَبُ بحرفٍ واحدٍ، وهو حرفُ قُريشٍ؛ وذلك لِما للغةِ قُريشٍ مِن خصائصَ ذُكِرتْ آنِفًا؛ وتبقى الأحرُفُ الأخرى الثابتةُ قابلةً أن تُقرَأَ بنفسِ الأحرُفِ المكتوبةِ أو بنحوِها.

فهذا ما فعَلهُ عثمانُ رضيَ اللهُ عنه، ووافَقهُ على ذلك بقيَّةُ الصحابةِ، وأقَرُّوا فِعلَه؛ وعلى هذا سارَتِ الأمَّةُ الإسلاميَّة.

غيرَ أن هذا ليس فيه شيءٌ مما ورَدَ في السؤال؛ فالأمَّةُ لم تضيِّعْ حفظَ القرآنِ بذلك؛ لأن اللهَ تعالى قد جعَلَ الخيارَ لها في حفظِ وقراءةِ القرآنِ بما شاءت مِن تلك الأحرُفِ السبعة، مثلَما خيَّرها في أمورٍ أخرى؛ ككفَّارةِ حِنْثِ اليمينِ على سبيلِ المثال. ولا نزاعَ بين المسلِمينَ: أن الحروفَ السبعةَ التي أُنزِلَ القرآنُ عليها، لا تتضمَّنُ تناقُضَ المعنى وتضادَّهُ، بل قد يكونُ معناها متَّفِقًا أو متقارِبًا؛ كما قال ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه: «إنما هو كقولِ أحدِكم: «أَقبِلْ، وهَلُمَّ، وتَعَالَ»، وقد يكونُ معنى أحدِهما ليس هو معنى الآخَرِ؛ لكنَّ كلا المعنيَيْنِ حقٌّ، وهذا اختلافُ تنوُّع وتغايُرٍ، لا اختلافُ تضادٍّ وتناقُضٍ.