نص السؤال
القرآنُ الكريمُ لا يُوجَدُ فيه بلاغةٌ مِن ذاتِه، ونحن نسلِّمُ لكم بأن العربَ لم يأتوا بمِثلِه، ولكنَّ ذلك ليس لبلاغتِهِ الذاتيَّة، ونحن نجدُ في قولِ المعتزِلةِ بالصَّرْفةِ دليلًا على هذا. |
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
القرآنُ الكريمُ لا يتضمَّنُ بلاغةً ولا فصاحةً.
الجواب التفصيلي
إننا أمامَ مَقُولةٍ منسوبةٍ لأحدِ علماءِ المتكلِّمين المعتزِلة، وهو النَّظَّامُ، ولما كانت هذه المقولةُ تُستعمَلُ في الطعنِ في منزلةِ القرآنِ البيانيَّةِ والبلاغيَّةِ، وفي النبوَّةِ والمعجِزةِ الدالَّةِ عليها؛ مِن قِبَلِ المشكِّكين والملاحدةِ -: احتَجْنا إلى بيانِ ما في هذه المقولةِ مِن فسادٍ، وبيانِ مخالَفةِ علماءِ المعتزِلةِ أنفُسِهم وغيرِهم للنَّظَّامِ، وردِّهم عليه. وبيانُ ذلك مِن وجهَيْن: 1- القولُ بالصَّرْفةِ يستلزِمُ الطعنَ في بلاغةِ القرآنِ الذاتيَّةِ الداخليَّة، ويعارِضُ ما فَهِمَهُ المفسِّرون مِن آياتِ التحدِّي في القرآنِ الكريم: وبيانُ ذلك: أن للصَّرْفةِ معنيَيْنِ رئيسَيْن؛ أحدُهما مردودٌ، والآخَرُ مقبولٌ: فالمردودُ: هو الزعمُ بأن العرَبَ لو لم تُصرَفْ عن المعارَضةِ، وكان اللهُ قد أقدَرَهم، لجاءت بمِثلِ القرآن؛ وهذا المعنى هو المتبادِرُ إلى الذهنِ عند إطلاقِ الصَّرْفةِ، دون غيرِهِ مِن المعاني. والمقبولُ: هو أن العرَبَ قد انصرَفتْ عن المعارَضةِ، بعد تيقُّنِها العجزَ عن ذلك؛ سواءٌ كان ذلك انبهارًا ببلاغتِه، أو تيقُّنًا للعجزِ بعد المحاوَلةِ، أو غيرَ ذلك. أما المعنى المقبولُ للصَّرْفةِ: فهو يتوافَقُ مع قولِ اللهِ تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] ، وقولِهِ تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] ؛ فقولُهُ تعالى: {وَلَنْ تَفْعَلُوا} ، وقولُهُ: {لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} : قاطِعانِ بأنه يستحيلُ على أحدٍ أن يأتِيَ بمِثلِ هذا القرآن؛ وهذا صرفٌ قَدَريٌّ يؤكِّدُ إعجازَ هذا القرآن، مع توافُرِ الدواعي للمعارَضةِ مِن كلِّ وجه. وأما المعنى المردودُ: فهو يَنزِلُ بإعجازِ القرآنِ مِن مرتبةِ الإعجازِ الذاتيِّ إلى مرتبةِ الإعجازِ الخارجيِّ؛ وفرقٌ بين المرتبتَيْن. وليس هذا فحَسْبُ، بل هذا يَجعَلُ كونَ كلامِ اللهِ له مَزِيَّةٌ على كلامِ الناسِ مَحَلَّ شكٍّ؛ إذْ حاصلُهُ: أن كلامَ اللهِ ككلامِ غيرِه، بَيْدَ أن اللهَ - بمشيئتِهِ وقدرتِهِ - قد صرَفَ الناسَ عن معارَضةِ كلامِه، دون أن يكونَ فيه إعجازٌ ذاتيٌّ داخليّ. وهذا وجهٌ قبيحٌ لا ينبغي التساهُلُ به؛ إذ إن أهلَ السنَّةِ قاطِبةً مجمِعون على أن الخلقَ كلَّهم يَعجِزون عن معارَضةِ القرآن، بل النبيُّ ^ عاجزٌ عن الإتيانِ بمِثلِ القرآن، وكلامُهُ ^ - على فصاحتِهِ وبلاغتِهِ - مبايِنٌ أشدَّ المبايَنةِ لكلامِ اللهِ تعالى؛ فإن كلامَ النبيِّ ^ مخلوقٌ، وكلامُ اللهِ تعالى غيرُ مخلوقٍ، ولا يتقارَبانِ فضلًا عن أن يستوِيَا؛ إذْ لا يُشبِهُ الكلامُ غيرُ المخلوقِ الكلامَ المخلوقَ، وما كان له أن يكون. ثم إن الإعجازَ بمعاني القرآنِ أعظمُ مِن الإعجازِ بلفظِهِ ونظمِه؛ فقد اشتمَلَ القرآنُ الكريمُ على أعظمِ المعاني، وأصدقِ الأخبار، وأدقِّ التشريعات، وأحسنِ القَصَص، وأصدقِها،،، إلى غيرِ ذلك مِن أوجُهِ الإعجازِ فيه؛ مما يَجعَلُ عجزَ الخلقِ عن معارَضتِهِ أمرًا متيقَّنًا لكلِّ ذي لُبّ. وعلى ذلك: فيُحمَلُ كلامُ المعارِضين للصَّرْفةِ على أنهم يعارِضون المعنى المردودَ الذي يستلزِمُ الطعنَ في بلاغةِ القرآنِ الذاتيَّةِ الداخليَّة. ويُحمَلُ كلامُ المجيزين لها على المعنى المقبولِ، أو أنه قَبِلَ بعضُهم هذا القولَ في جِدالِهم للمخالِفين على سبيلِ التقديرِ والتنزُّلِ مع الخصمِ، لا على سبيلِ الموافَقةِ على هذا القولِ؛ كما فعَلَ ابنُ تيميَّةَ، وابنُ القيِّمِ، وابنُ كَثِير. 2- القولُ بالصَّرْفةِ لم يقُلْ به أحدٌ مِن أهلِ السنَّةِ في القرونِ المتقدِّمةِ وما بعدها وجهًا لإعجازِ القرآن، والذين حُفِظَتْ أقوالُهم، فهم يرُدُّونها ويُبطِلونها: والمشهورُ: أن القولَ بالصَّرْفةِ هو قولُ المعتزِلة، وهو مشهورٌ عن النظَّام، وممَّن تصدَّى لتقريرِهِ عَلَّامةُ الشيعةِ الإماميَّةِ: الشريفُ المرتضَى، والتحقيقُ: أنه ليس قولًا لجميعِ المعتزِلةِ، وإنما هو قولُ بعضِهم، وقد خالَفهُ الأكثَرون، ونقَضهُ علماءُ المعتزِلةِ أنفسُهم؛ كالقاضي عبدِ الجبَّارِ الهَمَذانيِّ، والحاكمِ الجُشَميِّ، والزَّمَخشَريّ. ومع ذلك: فمَن قال به؛ كالشريفِ المرتضَى، لا يقولُ: إن القرآنَ يَخْلو مِن الفصاحةِ، وعجيبِ النظمِ المبايِنِ لكلامِ البشَر. والقولُ بالصَّرْفةِ - وإن كان اعترافًا في الجملةِ بصحَّةِ الإعجازِ - إلا أنه لا يقولُ به إلا أعجميٌّ وشِبهُهُ ممن لم يَذُقْ للبلاغةِ طعمًا؛ ولذلك لم يتابِعِ النظَّامَ عليه تلميذُهُ الجاحظُ، ولا أحدٌ مِن علماءِ العربيَّة، وهو يُعَدُّ خلافَ ما عُرِفَ عن العربِ أنفُسِهم. فالقولُ بالصَّرْفةِ رأيٌ مرفوضٌ؛ لأنه متهافِتٌ باطلٌ فاسدٌ عند علماءِ المسلِمين، معتزِلةً وسُنَّةً. وفي نسبةِ هذا القولِ إلى فِرْقةِ المعتزِلةِ: ظلمٌ وافتراءٌ؛ فهو - وإن كان قد عُرِفَ عن بعضِ أئمَّتِهم - فمنهم مَن ردَّه ورفَضهُ معتقِدًا أن الإعجازَ في القرآنِ هو في بلاغتِهِ وفصاحتِهِ، أو في نظمِهِ، وما جاء فيه مِن الغيبيَّات. وقد وصَفهُ رشيد رضا بأنه: «رأيُ كسولٍ أحَبَّ أن يُرِيحَ نفسَهُ مِن عناءِ البحث، وإجالةِ قَدْحِ الفِكْرِ في هذا الأمر». «تفسيرُ المَنَار» (1/ 198).
وعليه: فثبوتُ الإعجازِ في القرآنِ الكريمِ: ثابتٌ في اللفظِ والمعنى، والنظمِ، والإخبارِ بالغيبِ، وغيِرِ ذلك، وقد تكرَّر التحدِّي به في القرآنِ الكريمِ ومِن المسلِمين على مرِّ التاريخِ إلى يومِنا هذا، وإلى أن يَرِثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها، ولا يَصِحُّ معارَضتُهُ بافتراضاتٍ عقليَّةٍ يخالِفُها العقلُ والواقع. ولا شكَّ أن القولَ بالصرفةِ - لو قيل على سبيلِ التنزُّلِ - فليس هو قادحًا في إعجازِ القرآن، ولا في دَلَالتِهِ على النبوَّةِ، وصدقِ النبيِّ ^، وصحَّةِ دعوتِه؛ قال الشريفُ المرتضَى - وهو مِن أبرزِ القائِلين بالصرفةِ، والمناصِرين لها -: «الحمدُ للهِ الذي جعَلَ مذاهبَ المختلِفين في وجهِ الإعجاز - وإن تفرَّعتْ وتنوَّعتْ - فالقرآنُ غيرُ خارجٍ بينها؛ مِن أن يكونَ معجِزًا للبَرِيَّهْ، وعلَمًا علي النبوَّهْ، وجعَلَ ما يتردَّدُ بينهم فيه مِن المسائلِ والجواباتِ - وإن قدَحتْ في صحَّةِ مذاهبِهم في تفصيلِ الإعجازِ - فإنها غيرُ قادحةٍ في أصلِ الإعجازِ، وجملةِ الدَّلالة؛ لأنه لا فرقَ بين أن يكونَ خارقًا للعادةِ بفصاحتِهِ دون طريقةِ نظمِه، أو بنظمِهِ دون فصاحتِه، أو يكونَ متضمِّنًا للإخبارِ عن الغيوب، أو بأن يكونَ اللهُ تعالي صرَفَ عنه العرَبَ، وسلَبَهم العلمَ به؛ في أنه على الوجوهِ كلِّها مُعجِزٌ، دالٌّ علي النبوَّةِ وصدقِ الدعوة، وإن اختلَفَ وجهُ دَلَالتِهِ بحسَبِ اختلافِ الطُّرُق». «المُوضِحُ عن جهةِ إعجازِ القرآن» (ص 45). وأخيرًا: فإن سِرَّ انتهاضِ علماءِ أهلِ السُّنَّةِ لردِّ القولِ بالصَّرْفةِ، وبيانِ بطلانِهِ وفسادِهِ: أنه يؤُولُ إلى القولِ بخلقِ القرآنِ، وأنه مقدورٌ للبشَرِ أن يأتوا بمِثلِهِ، لولا أن اللهَ - بمشيئتِهِ وقدرتِهِ - صرَفَ دواعِيَهم وسلَبَ قُدْرَتهم عن معارَضتِه؛ وهذا قد يكونُ متمشِّيًا مع قولِ المعتزِلةِ في خلقِ القرآن، لكنه يتنافى مع قولِ أهلِ السنَّةِ القائلين بأن القرآنَ كلامُ اللهِ غيرُ مخلوقٍ، وأن إعجازَهُ ذاتيٌّ داخليٌّ؛ فهو معجِزٌ للبشَرِ أن يأتوا بمِثلِهِ؛ مِن وجوهٍ متعدِّدةٍ: مِن جهةِ اللفظِ، ومِن جهةِ النظمِ، ومِن جهةِ البلاغةِ في دلالةِ اللفظِ على المعنى، ومِن جهةِ معانيهِ التي أخبَرَ بها عن اللهِ تعالى وأسمائِهِ وصفاتِهِ وملائكتِهِ، وغيرِ ذلك، ومِن جهةِ معانيهِ التي أخبَرَ بها عن الغيبِ الماضي، وعن الغيبِ المستقبَلِ، ومِن جهةِ ما أخبَرَ به عن المعادِ، ومِن جهةِ ما بيَّن فيه مِن الدلائلِ اليقينيَّة، والأقيسةِ العقليَّةِ التي هي الأمثالُ المضروبةُ. وكلُّ هذا يمتنِعُ أن يكونَ في قدرةِ المخلوق؛ إذْ مِن المحالِ عقلًا أن يكونَ كلامُ الخالقِ مخلوقًا، أو كلامًا لمخلوق. |
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال: يريدُ السائلُ أن يقولَ: إن القرآنَ الكريمَ لا يُوجَدُ فيه بلاغةٌ مِن ذاتِه، وهو يسلِّمُ بأن العربَ لم يأتوا بمِثلِه، ولا يَقدَحُ في هذه الحقيقةِ التاريخيَّة، ولكنَّ ذلك - بحسَبِ وجهةِ نظرِ السائل - ليس لبلاغةِ القرآنِ الذاتيَّة، وهو يريدُ أن يستدِلَّ لذلك بقولِ بعضِ المعتزِلةِ بالصَّرْفة. |
مختصَرُ الإجابة: لا يَصِحُّ القولُ بأن العرَبَ صُرِفَتْ عن معارَضةِ القرآنِ الكريمِ قدَرًا، وليس لما تضمَّنه مِن أوجُهِ الإعجازِ البيانيِّ والبلاغيِّ، والتشريعيِّ والتاريخيِّ، أي: إنما صرَفَهم اللهُ تعالى عن ذلك بتعطيلِ هِمَمِهم ودواعيهم. فإن في القولِ بالصَّرْفةِ انتقاصًا مِن رتبةِ القرآنِ وشرَفِ ألفاظِهِ ومعانيه؛ فهو يستلزِمُ الطعنَ في بلاغةِ القرآنِ الذاتيَّةِ الداخليَّة، ويعارِضُ ما فَهِمَهُ المفسِّرون مِن آياتِ التحدِّي في القرآنِ الكريم، وفوق ذلك: فإنه لا يقولُ به إلا النَّظَّامُ - مع جماعةٍ تابَعوه - وهو مِن المعتزِلة، وهي فرقةٌ بِدْعيَّة، بل إن علماءَ هذه الفرقةِ أنفُسَهم ردُّوا قولَهُ، وخالَفوهُ فيه. وقد استُعْمِلتْ هذه المقولةُ في الطعنِ في منزلةِ القرآنِ البيانيَّةِ والبلاغيَّةِ، وفي النبوَّةِ والمعجِزةِ الدالَّةِ عليها؛ مِن قِبَلِ المشكِّكين والملاحدة. والحقُّ: ما أجمَعَ عليه أهلُ السنَّةِ قاطِبةً: أن الخلقَ كلَّهم عاجِزون عن معارَضةِ القرآن، بل النبيُّ ^ عاجزٌ عن الإتيانِ بمِثلِ القرآن، وكلامُهُ ^ - على فصاحتِهِ وبلاغتِهِ - مبايِنٌ أشدَّ المبايَنةِ لكلامِ اللهِ تعالى؛ فإن كلامَ النبيِّ ^ مخلوقٌ، وكلامُ اللهِ تعالى غيرُ مخلوقٍ، ولا يتقارَبانِ فضلًا عن أن يستوِيَا؛ إذْ لا يُشبِهُ الكلامُ غيرُ المخلوقِ الكلامَ المخلوقَ، وما كان له أن يكون. وثبوتُ الإعجازِ في القرآنِ الكريمِ: ثابتٌ في اللفظِ والمعنى، والنظمِ، والإخبارِ بالغيبِ، وغيِرِ ذلك، وقد تكرَّر التحدِّي به في القرآنِ الكريمِ ومِن المسلِمين على مرِّ التاريخِ إلى يومِنا هذا، وإلى أن يَرِثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها، ولا يَصِحُّ معارَضتُهُ بافتراضاتٍ عقليَّةٍ يخالِفُها العقلُ والواقع. والقولُ بالصَّرْفةِ: يؤُولُ إلى القولِ بخلقِ القرآنِ، وأنه مقدورٌ للبشَرِ أن يأتوا بمِثلِهِ، لولا أن اللهَ - بمشيئتِهِ وقدرتِهِ - صرَفَ دواعِيَهم وسلَبَ قُدْرَتهم عن معارَضتِه؛ وهذا إن تمشَّى مع قولِ المعتزِلةِ في خلقِ القرآن، لكنه يتنافى مع قولِ أهلِ السنَّةِ القائلين: بأن القرآنَ كلامُ اللهِ غيرُ مخلوقٍ، وأن إعجازَهُ ذاتيٌّ داخليٌّ؛ فهو معجِزٌ للإنسِ والجِنِّ أن يأتوا بمِثلِهِ؛ مِن وجوهٍ متعدِّدةٍ: مِن جهةِ اللفظِ، ومِن جهةِ النظمِ، ومِن جهةِ البلاغةِ في دلالةِ اللفظِ على المعنى، ومِن جهةِ معانيهِ التي أخبَرَ بها عن اللهِ تعالى وأسمائِهِ وصفاتِهِ وملائكتِهِ، وغيرِ ذلك، ومِن جهةِ معانيهِ التي أخبَرَ بها عن الغيبِ الماضي، وعن الغيبِ المستقبَلِ، ومِن جهةِ ما أخبَرَ به عن المعادِ، ومِن جهةِ ما بيَّن فيه مِن الدلائلِ اليقينيَّة، والأقيسةِ العقليَّةِ التي هي الأمثالُ المضروبةُ. وكلُّ هذا يمتنِعُ أن يكونَ في قدرةِ المخلوق؛ إذْ مِن المحالِ عقلًا أن يكونَ كلامُ الخالقِ مخلوقًا، أو كلامًا لمخلوق. |
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال: يريدُ السائلُ أن يقولَ: إن القرآنَ الكريمَ لا يُوجَدُ فيه بلاغةٌ مِن ذاتِه، وهو يسلِّمُ بأن العربَ لم يأتوا بمِثلِه، ولا يَقدَحُ في هذه الحقيقةِ التاريخيَّة، ولكنَّ ذلك - بحسَبِ وجهةِ نظرِ السائل - ليس لبلاغةِ القرآنِ الذاتيَّة، وهو يريدُ أن يستدِلَّ لذلك بقولِ بعضِ المعتزِلةِ بالصَّرْفة. |
مختصَرُ الإجابة: لا يَصِحُّ القولُ بأن العرَبَ صُرِفَتْ عن معارَضةِ القرآنِ الكريمِ قدَرًا، وليس لما تضمَّنه مِن أوجُهِ الإعجازِ البيانيِّ والبلاغيِّ، والتشريعيِّ والتاريخيِّ، أي: إنما صرَفَهم اللهُ تعالى عن ذلك بتعطيلِ هِمَمِهم ودواعيهم. فإن في القولِ بالصَّرْفةِ انتقاصًا مِن رتبةِ القرآنِ وشرَفِ ألفاظِهِ ومعانيه؛ فهو يستلزِمُ الطعنَ في بلاغةِ القرآنِ الذاتيَّةِ الداخليَّة، ويعارِضُ ما فَهِمَهُ المفسِّرون مِن آياتِ التحدِّي في القرآنِ الكريم، وفوق ذلك: فإنه لا يقولُ به إلا النَّظَّامُ - مع جماعةٍ تابَعوه - وهو مِن المعتزِلة، وهي فرقةٌ بِدْعيَّة، بل إن علماءَ هذه الفرقةِ أنفُسَهم ردُّوا قولَهُ، وخالَفوهُ فيه. وقد استُعْمِلتْ هذه المقولةُ في الطعنِ في منزلةِ القرآنِ البيانيَّةِ والبلاغيَّةِ، وفي النبوَّةِ والمعجِزةِ الدالَّةِ عليها؛ مِن قِبَلِ المشكِّكين والملاحدة. والحقُّ: ما أجمَعَ عليه أهلُ السنَّةِ قاطِبةً: أن الخلقَ كلَّهم عاجِزون عن معارَضةِ القرآن، بل النبيُّ ^ عاجزٌ عن الإتيانِ بمِثلِ القرآن، وكلامُهُ ^ - على فصاحتِهِ وبلاغتِهِ - مبايِنٌ أشدَّ المبايَنةِ لكلامِ اللهِ تعالى؛ فإن كلامَ النبيِّ ^ مخلوقٌ، وكلامُ اللهِ تعالى غيرُ مخلوقٍ، ولا يتقارَبانِ فضلًا عن أن يستوِيَا؛ إذْ لا يُشبِهُ الكلامُ غيرُ المخلوقِ الكلامَ المخلوقَ، وما كان له أن يكون. وثبوتُ الإعجازِ في القرآنِ الكريمِ: ثابتٌ في اللفظِ والمعنى، والنظمِ، والإخبارِ بالغيبِ، وغيِرِ ذلك، وقد تكرَّر التحدِّي به في القرآنِ الكريمِ ومِن المسلِمين على مرِّ التاريخِ إلى يومِنا هذا، وإلى أن يَرِثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها، ولا يَصِحُّ معارَضتُهُ بافتراضاتٍ عقليَّةٍ يخالِفُها العقلُ والواقع. والقولُ بالصَّرْفةِ: يؤُولُ إلى القولِ بخلقِ القرآنِ، وأنه مقدورٌ للبشَرِ أن يأتوا بمِثلِهِ، لولا أن اللهَ - بمشيئتِهِ وقدرتِهِ - صرَفَ دواعِيَهم وسلَبَ قُدْرَتهم عن معارَضتِه؛ وهذا إن تمشَّى مع قولِ المعتزِلةِ في خلقِ القرآن، لكنه يتنافى مع قولِ أهلِ السنَّةِ القائلين: بأن القرآنَ كلامُ اللهِ غيرُ مخلوقٍ، وأن إعجازَهُ ذاتيٌّ داخليٌّ؛ فهو معجِزٌ للإنسِ والجِنِّ أن يأتوا بمِثلِهِ؛ مِن وجوهٍ متعدِّدةٍ: مِن جهةِ اللفظِ، ومِن جهةِ النظمِ، ومِن جهةِ البلاغةِ في دلالةِ اللفظِ على المعنى، ومِن جهةِ معانيهِ التي أخبَرَ بها عن اللهِ تعالى وأسمائِهِ وصفاتِهِ وملائكتِهِ، وغيرِ ذلك، ومِن جهةِ معانيهِ التي أخبَرَ بها عن الغيبِ الماضي، وعن الغيبِ المستقبَلِ، ومِن جهةِ ما أخبَرَ به عن المعادِ، ومِن جهةِ ما بيَّن فيه مِن الدلائلِ اليقينيَّة، والأقيسةِ العقليَّةِ التي هي الأمثالُ المضروبةُ. وكلُّ هذا يمتنِعُ أن يكونَ في قدرةِ المخلوق؛ إذْ مِن المحالِ عقلًا أن يكونَ كلامُ الخالقِ مخلوقًا، أو كلامًا لمخلوق. |
الجواب التفصيلي
إننا أمامَ مَقُولةٍ منسوبةٍ لأحدِ علماءِ المتكلِّمين المعتزِلة، وهو النَّظَّامُ، ولما كانت هذه المقولةُ تُستعمَلُ في الطعنِ في منزلةِ القرآنِ البيانيَّةِ والبلاغيَّةِ، وفي النبوَّةِ والمعجِزةِ الدالَّةِ عليها؛ مِن قِبَلِ المشكِّكين والملاحدةِ -: احتَجْنا إلى بيانِ ما في هذه المقولةِ مِن فسادٍ، وبيانِ مخالَفةِ علماءِ المعتزِلةِ أنفُسِهم وغيرِهم للنَّظَّامِ، وردِّهم عليه. وبيانُ ذلك مِن وجهَيْن: 1- القولُ بالصَّرْفةِ يستلزِمُ الطعنَ في بلاغةِ القرآنِ الذاتيَّةِ الداخليَّة، ويعارِضُ ما فَهِمَهُ المفسِّرون مِن آياتِ التحدِّي في القرآنِ الكريم: وبيانُ ذلك: أن للصَّرْفةِ معنيَيْنِ رئيسَيْن؛ أحدُهما مردودٌ، والآخَرُ مقبولٌ: فالمردودُ: هو الزعمُ بأن العرَبَ لو لم تُصرَفْ عن المعارَضةِ، وكان اللهُ قد أقدَرَهم، لجاءت بمِثلِ القرآن؛ وهذا المعنى هو المتبادِرُ إلى الذهنِ عند إطلاقِ الصَّرْفةِ، دون غيرِهِ مِن المعاني. والمقبولُ: هو أن العرَبَ قد انصرَفتْ عن المعارَضةِ، بعد تيقُّنِها العجزَ عن ذلك؛ سواءٌ كان ذلك انبهارًا ببلاغتِه، أو تيقُّنًا للعجزِ بعد المحاوَلةِ، أو غيرَ ذلك. أما المعنى المقبولُ للصَّرْفةِ: فهو يتوافَقُ مع قولِ اللهِ تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] ، وقولِهِ تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] ؛ فقولُهُ تعالى: {وَلَنْ تَفْعَلُوا} ، وقولُهُ: {لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} : قاطِعانِ بأنه يستحيلُ على أحدٍ أن يأتِيَ بمِثلِ هذا القرآن؛ وهذا صرفٌ قَدَريٌّ يؤكِّدُ إعجازَ هذا القرآن، مع توافُرِ الدواعي للمعارَضةِ مِن كلِّ وجه. وأما المعنى المردودُ: فهو يَنزِلُ بإعجازِ القرآنِ مِن مرتبةِ الإعجازِ الذاتيِّ إلى مرتبةِ الإعجازِ الخارجيِّ؛ وفرقٌ بين المرتبتَيْن. وليس هذا فحَسْبُ، بل هذا يَجعَلُ كونَ كلامِ اللهِ له مَزِيَّةٌ على كلامِ الناسِ مَحَلَّ شكٍّ؛ إذْ حاصلُهُ: أن كلامَ اللهِ ككلامِ غيرِه، بَيْدَ أن اللهَ - بمشيئتِهِ وقدرتِهِ - قد صرَفَ الناسَ عن معارَضةِ كلامِه، دون أن يكونَ فيه إعجازٌ ذاتيٌّ داخليّ. وهذا وجهٌ قبيحٌ لا ينبغي التساهُلُ به؛ إذ إن أهلَ السنَّةِ قاطِبةً مجمِعون على أن الخلقَ كلَّهم يَعجِزون عن معارَضةِ القرآن، بل النبيُّ ^ عاجزٌ عن الإتيانِ بمِثلِ القرآن، وكلامُهُ ^ - على فصاحتِهِ وبلاغتِهِ - مبايِنٌ أشدَّ المبايَنةِ لكلامِ اللهِ تعالى؛ فإن كلامَ النبيِّ ^ مخلوقٌ، وكلامُ اللهِ تعالى غيرُ مخلوقٍ، ولا يتقارَبانِ فضلًا عن أن يستوِيَا؛ إذْ لا يُشبِهُ الكلامُ غيرُ المخلوقِ الكلامَ المخلوقَ، وما كان له أن يكون. ثم إن الإعجازَ بمعاني القرآنِ أعظمُ مِن الإعجازِ بلفظِهِ ونظمِه؛ فقد اشتمَلَ القرآنُ الكريمُ على أعظمِ المعاني، وأصدقِ الأخبار، وأدقِّ التشريعات، وأحسنِ القَصَص، وأصدقِها،،، إلى غيرِ ذلك مِن أوجُهِ الإعجازِ فيه؛ مما يَجعَلُ عجزَ الخلقِ عن معارَضتِهِ أمرًا متيقَّنًا لكلِّ ذي لُبّ. وعلى ذلك: فيُحمَلُ كلامُ المعارِضين للصَّرْفةِ على أنهم يعارِضون المعنى المردودَ الذي يستلزِمُ الطعنَ في بلاغةِ القرآنِ الذاتيَّةِ الداخليَّة. ويُحمَلُ كلامُ المجيزين لها على المعنى المقبولِ، أو أنه قَبِلَ بعضُهم هذا القولَ في جِدالِهم للمخالِفين على سبيلِ التقديرِ والتنزُّلِ مع الخصمِ، لا على سبيلِ الموافَقةِ على هذا القولِ؛ كما فعَلَ ابنُ تيميَّةَ، وابنُ القيِّمِ، وابنُ كَثِير. 2- القولُ بالصَّرْفةِ لم يقُلْ به أحدٌ مِن أهلِ السنَّةِ في القرونِ المتقدِّمةِ وما بعدها وجهًا لإعجازِ القرآن، والذين حُفِظَتْ أقوالُهم، فهم يرُدُّونها ويُبطِلونها: والمشهورُ: أن القولَ بالصَّرْفةِ هو قولُ المعتزِلة، وهو مشهورٌ عن النظَّام، وممَّن تصدَّى لتقريرِهِ عَلَّامةُ الشيعةِ الإماميَّةِ: الشريفُ المرتضَى، والتحقيقُ: أنه ليس قولًا لجميعِ المعتزِلةِ، وإنما هو قولُ بعضِهم، وقد خالَفهُ الأكثَرون، ونقَضهُ علماءُ المعتزِلةِ أنفسُهم؛ كالقاضي عبدِ الجبَّارِ الهَمَذانيِّ، والحاكمِ الجُشَميِّ، والزَّمَخشَريّ. ومع ذلك: فمَن قال به؛ كالشريفِ المرتضَى، لا يقولُ: إن القرآنَ يَخْلو مِن الفصاحةِ، وعجيبِ النظمِ المبايِنِ لكلامِ البشَر. والقولُ بالصَّرْفةِ - وإن كان اعترافًا في الجملةِ بصحَّةِ الإعجازِ - إلا أنه لا يقولُ به إلا أعجميٌّ وشِبهُهُ ممن لم يَذُقْ للبلاغةِ طعمًا؛ ولذلك لم يتابِعِ النظَّامَ عليه تلميذُهُ الجاحظُ، ولا أحدٌ مِن علماءِ العربيَّة، وهو يُعَدُّ خلافَ ما عُرِفَ عن العربِ أنفُسِهم. فالقولُ بالصَّرْفةِ رأيٌ مرفوضٌ؛ لأنه متهافِتٌ باطلٌ فاسدٌ عند علماءِ المسلِمين، معتزِلةً وسُنَّةً. وفي نسبةِ هذا القولِ إلى فِرْقةِ المعتزِلةِ: ظلمٌ وافتراءٌ؛ فهو - وإن كان قد عُرِفَ عن بعضِ أئمَّتِهم - فمنهم مَن ردَّه ورفَضهُ معتقِدًا أن الإعجازَ في القرآنِ هو في بلاغتِهِ وفصاحتِهِ، أو في نظمِهِ، وما جاء فيه مِن الغيبيَّات. وقد وصَفهُ رشيد رضا بأنه: «رأيُ كسولٍ أحَبَّ أن يُرِيحَ نفسَهُ مِن عناءِ البحث، وإجالةِ قَدْحِ الفِكْرِ في هذا الأمر». «تفسيرُ المَنَار» (1/ 198).
وعليه: فثبوتُ الإعجازِ في القرآنِ الكريمِ: ثابتٌ في اللفظِ والمعنى، والنظمِ، والإخبارِ بالغيبِ، وغيِرِ ذلك، وقد تكرَّر التحدِّي به في القرآنِ الكريمِ ومِن المسلِمين على مرِّ التاريخِ إلى يومِنا هذا، وإلى أن يَرِثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها، ولا يَصِحُّ معارَضتُهُ بافتراضاتٍ عقليَّةٍ يخالِفُها العقلُ والواقع. ولا شكَّ أن القولَ بالصرفةِ - لو قيل على سبيلِ التنزُّلِ - فليس هو قادحًا في إعجازِ القرآن، ولا في دَلَالتِهِ على النبوَّةِ، وصدقِ النبيِّ ^، وصحَّةِ دعوتِه؛ قال الشريفُ المرتضَى - وهو مِن أبرزِ القائِلين بالصرفةِ، والمناصِرين لها -: «الحمدُ للهِ الذي جعَلَ مذاهبَ المختلِفين في وجهِ الإعجاز - وإن تفرَّعتْ وتنوَّعتْ - فالقرآنُ غيرُ خارجٍ بينها؛ مِن أن يكونَ معجِزًا للبَرِيَّهْ، وعلَمًا علي النبوَّهْ، وجعَلَ ما يتردَّدُ بينهم فيه مِن المسائلِ والجواباتِ - وإن قدَحتْ في صحَّةِ مذاهبِهم في تفصيلِ الإعجازِ - فإنها غيرُ قادحةٍ في أصلِ الإعجازِ، وجملةِ الدَّلالة؛ لأنه لا فرقَ بين أن يكونَ خارقًا للعادةِ بفصاحتِهِ دون طريقةِ نظمِه، أو بنظمِهِ دون فصاحتِه، أو يكونَ متضمِّنًا للإخبارِ عن الغيوب، أو بأن يكونَ اللهُ تعالي صرَفَ عنه العرَبَ، وسلَبَهم العلمَ به؛ في أنه على الوجوهِ كلِّها مُعجِزٌ، دالٌّ علي النبوَّةِ وصدقِ الدعوة، وإن اختلَفَ وجهُ دَلَالتِهِ بحسَبِ اختلافِ الطُّرُق». «المُوضِحُ عن جهةِ إعجازِ القرآن» (ص 45). وأخيرًا: فإن سِرَّ انتهاضِ علماءِ أهلِ السُّنَّةِ لردِّ القولِ بالصَّرْفةِ، وبيانِ بطلانِهِ وفسادِهِ: أنه يؤُولُ إلى القولِ بخلقِ القرآنِ، وأنه مقدورٌ للبشَرِ أن يأتوا بمِثلِهِ، لولا أن اللهَ - بمشيئتِهِ وقدرتِهِ - صرَفَ دواعِيَهم وسلَبَ قُدْرَتهم عن معارَضتِه؛ وهذا قد يكونُ متمشِّيًا مع قولِ المعتزِلةِ في خلقِ القرآن، لكنه يتنافى مع قولِ أهلِ السنَّةِ القائلين بأن القرآنَ كلامُ اللهِ غيرُ مخلوقٍ، وأن إعجازَهُ ذاتيٌّ داخليٌّ؛ فهو معجِزٌ للبشَرِ أن يأتوا بمِثلِهِ؛ مِن وجوهٍ متعدِّدةٍ: مِن جهةِ اللفظِ، ومِن جهةِ النظمِ، ومِن جهةِ البلاغةِ في دلالةِ اللفظِ على المعنى، ومِن جهةِ معانيهِ التي أخبَرَ بها عن اللهِ تعالى وأسمائِهِ وصفاتِهِ وملائكتِهِ، وغيرِ ذلك، ومِن جهةِ معانيهِ التي أخبَرَ بها عن الغيبِ الماضي، وعن الغيبِ المستقبَلِ، ومِن جهةِ ما أخبَرَ به عن المعادِ، ومِن جهةِ ما بيَّن فيه مِن الدلائلِ اليقينيَّة، والأقيسةِ العقليَّةِ التي هي الأمثالُ المضروبةُ. وكلُّ هذا يمتنِعُ أن يكونَ في قدرةِ المخلوق؛ إذْ مِن المحالِ عقلًا أن يكونَ كلامُ الخالقِ مخلوقًا، أو كلامًا لمخلوق. |