نص السؤال

قد يكون الإسلامُ صحيحًا؛ لكنَّه دينٌ خاصٌّ بالعرب.

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

يشكِّكُ بعضُهم في عالَميَّةِ دِينِ الإسلام، ويزعُمُ أنه دينٌ خاصٌّ بالعرب؛ والإجابةُ على هذه الشبهةِ مِن عدَّةِ أوجُه:

الوجهُ الأوَّلُ: القرآنُ الكريمُ يؤكِّدُ أن دينَ الإسلامِ لكافَّةِ الناس، وأنه رسالةٌ عالَميَّةٌ لجميعِ البشَر:

وقد نصَّت على ذلك آياتٌ كثيرةٌ، تخاطِبُ رسولَ اللهِ ﷺ بعمومِ دعوتِهِ إلى اللهِ في الناسِ؛ قال تعالى:

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}

[الأعراف: 158]

، وقال:

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}

[سبأ: 28]

، وفي آيةٍ ثالثةٍ تبيِّنُ سَعَةَ الرسالةِ الإسلاميَّةِ، وأنها رحمةٌ للعالَمين؛ قال تعالى:

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}

[الأنبياء: 107]

، وغيرَها مِن الآياتِ التي تبيِّنُ أن النبيَّ محمَّدًا ﷺ بُعِثَ بالإسلامِ إلى الناسِ كافَّةً عرَبِهم وعجَمِهم.

الوجهُ الثاني: أحاديثُ الرسولِ ﷺ تدُلُّ على عالَميَّةِ رسالتِه:

ومِن ذلك: ما جاء في الحديثِ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:

«وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً»؛

رواه البخاري (438).

وعن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:

«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ: يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»؛

رواه مسلِم (153).

الوجهُ الثالثُ: إخبارُ النبيِّ ﷺ أن الإسلامَ سينتشِرُ في كلِّ أرجاءِ الأرض:

ومِن ذلك: ما جاء في الحديثِ، عن تَمِيمٍ الداريِّ رضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ:

«لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ»؛

رواه أحمد (16957).

وهذا ما حصَلَ بعد زمَنِ النبيِّ ﷺ؛ فانتشَرَ الإسلامُ خارجَ الجزيرةِ العربيَّة، واستمَرَّ في الانتشارِ عبرَ عصورِ التاريخِ الإسلاميِّ المختلِفة، حتى امتَدَّتْ رُقْعةُ الدولةِ الإسلاميَّةِ مِن حدودِ الصِّينِ شرقًا إلى المحيطِ الأَطلَسيِّ غربًا، وامتَدَّتْ في الشمالِ إلى الأَندَلُسِ وأُرُوبَّا.

الوجهُ الرابعُ: إخبارُ النبيِّ ﷺ صحابتَهُ بفتحِ العراقِ، والشامِ، واليمَنِ:

وذلك أثناءَ حَفْرِ الخَندَقِ، عندما اعترَضَتْهمُ الصخرةُ، فضرَبَها وبرَقَ منها نُورٌ، وقال:

«اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحَمْرَاءَ السَّاعَةَ، ثُمَّ الثَّانِيَةَ: اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قَصْرَ المَدَائِنِ الْأَبْيَضَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ: اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ اليَمَنِ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذِهِ السَّاعَةَ»؛

رواه أحمد (18694)، والنَّسائيُّ في «الكبرى» (8807).

وما هي إلا سنواتٌ معدودةٌ، وتُصبِحُ تلك حقيقةً واقعةً؛ فيَفتَحُ اللهُ على المسلِمين حصونَ كِسْرى وقَيصَرَ واليمَنِ، وقصورُ كِسْرى في المدائنِ، وقصورُ قَيصَرَ في الشامِ، كانت تُعَدُّ خارجَ جزيرةِ العرب.

الوجهُ الخامسُ: رسالاتُ النبيِّ ﷺ إلى ملوكِ وأُمراءِ العالَمِ في ذلك العصرِ خارجَ الجزيرةِ العربيَّة، ودعوتُهم إلى الدخولِ في الإسلام:

فهذا يؤكِّدُ ويدُلُّ على عالَميَّةِ الدعوةِ الإسلاميَّة؛ فقد أرسَلَ النبيُّ ﷺ إلى كِسْرى مَلِكِ الفُرْس، وإلى هِرَقْلَ عظيمِ الروم، وإلى النَّجَاشيِّ مَلِكِ الحَبَشة، وإلى المقوقِسِ عظيمِ القِبْطِ في مصر، وإلى المُنذِرِ بنِ ساوَى مَلِكِ البَحْرَيْن، وإلى باذانَ في اليَمَنِ، وغيرِهم:

عن أَنَسٍ رضيَ اللهُ عنه:

«أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى، وَإِلَى قَيْصَرَ، وَإِلَى النَّجَاشِيِّ، وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ؛ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى»؛

رواه مسلم (1774).

وقد ذكَرَ المؤرِّخون - كالطبَريِّ، وابنِ الأثيرِ، وابنِ كَثيرٍ - نصوصَ ما ورَدَ في تلك الرسالات.

الوجهُ السادسُ: واقعُ انتشارِ الإسلامِ في العصرِ الحاضر:

فيُقدَّرُ عددُ المسلِمين في العالَمِ خلالَ العامِ (2020م)، حسَبَ تقديرِ مركزِ (بيو pew) للدراساتِ والأبحاثِ: بأنه بلَغَ (1.9) مليارِ مسلمٍ، وهو العددُ الذي يشكِّلُ ما نِسبتُهُ ربعُ سكَّانِ الأرض، ويتوقَّعُ المركزُ بأن الديانةَ الإسلاميَّةَ ستَصِلُ للمركزِ الأوَّلِ بعد النصفِ الثاني مِن القرنِ الميلاديِّ الحاليّ.

ولا يكادُ يُوجَدُ بلدٌ في العالَمِ إلا ويُوجَدُ فيه عددٌ مِن المسلِمين؛ وهذا يؤكِّدُ أن الإسلامَ دينٌ عالَميٌّ بلَغَ أرجاءَ الأرض، وجميعَ البلدان.

وأخيرًا:

مزَجَتِ الدولةُ الإسلاميَّةُ مختلِفَ الأجناسِ والأعراقِ في مواطِنيها؛ فقد مزَجَتْ أيضًا في أمرائِها وملوكِها وحُكَّامِها بين مختلِفِ الأجناسِ والأعراق؛ فكان منهم العربُ وهم الأمويُّون والعبَّاسيُّون، والمماليكُ الذين هم أجناسٌ مختلِفةٌ، والسلاجقةُ وهم أتراكٌ، والأيوبيُّون الذين هم أكرادٌ، والطُّولُونيُّون والإِخْشِيديُّون وهم أتراكٌ، والمرابِطون وهم مِن البَرْبَر، والعثمانيُّون وهم أيضًا أتراك.

وقد أكَّد على فكرةِ عالَميَّةِ الإسلامِ الكثيرُ مِن غيرِ المسلِمين؛ كما نُقِلَ عن بعضِ حكماءِ أُورُبَّا قولُهُ: «لو كان محمَّدٌ بيننا، لَحَلَّ مشاكلَ العالَمِ، وهو يتناوَلُ فِنْجانَ قَهْوةٍ؛ لا بدَّ أن نُطلِقَ عليه لقَبَ «مُنقِذِ الإنسانيَّة»، وأعتقِدُ: لو وُجِدَ رجُلٌ مثلُهُ، وتولَّى قيادةَ العالَمِ المعاصِرِ، لنجَحَ في حلِّ جميعِ مشاكِلِهِ بطريقةٍ تَجلِبُ السعادةَ والسلام».

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

السائلُ يَرَى أن دينَ الإسلامِ دينٌ صحيحٌ، ولكنَّه دينٌ خاصٌّ بالعرب؛ لأن كلَّ نبيٍّ بُعِثَ إلى قومِهِ خاصَّةً، والنبيُّ محمَّدٌ ﷺ بُعِثَ إلى العربِ خاصَّةً؛ فلا يَلزَمُ غيرَ العربِ، أو اليهودَ والنصارى، الدخولُ في دِينِ الإسلام؛ لأنه لا يَشمَلُهم.

مختصَرُ الإجابة:

الإسلامُ هو الدِّينُ الحقُّ، أنزَلهُ اللهُ تعالى على نبيِّه محمَّدٍ ﷺ، وبعَثهُ لكافَّةِ الثَّقَلَيْنِ مِن الجنِّ والإنسِ؛ فلا يَسَعُ أحدًا منهم إلا اتِّباعُهُ والإيمانُ برسالتِه.

ومَن يقولُ: «إن الإسلامَ دِينٌ صحيحٌ»، ويصدِّقُ برسالةِ النبيِّ محمَّدٍ ﷺ -: فإنه يَلزَمُهُ أن يصدِّقَ بكلِّ ما جاء به عن اللهِ تعالى في كتابِهِ الكريمِ، وفي سنَّةِ نبيِّهِ المطهَّرةِ؛ مِن عالَميَّةِ رسالةِ النبيِّ محمَّدٍ ﷺ، وهي رسالةُ الإسلامِ، وأنها للناسِ كافَّةً، مع إخبارِ النبيِّ ﷺ أن الإسلامَ سينتشِرُ في كلِّ أرجاءِ الأرض، وإخبارِهِ ﷺ صحابتَهُ بفتحِ العراقِ والشامِ واليمَن، وكذلك ما جاء في سِيرتِهِ ﷺ؛ مِن أنه بعَثَ كتُبَهُ إلى الملوكِ والأمراءِ في أقطارِ الأرضِ، والواقعُ اليومَ يَشهَدُ أن دِينَ الإسلامِ دينٌ عالَميٌّ.

خاتمة الجواب

يجبُ على المسلِمِ الإيمانُ بما جاء به محمَّدٌ ﷺ، وأنه رسولُ اللهِ تعالى إلى جميعِ الخَلْقِ: إنسِهم وجِنِّهم، عرَبِهم وعجَمِهم، وأن دِينَ الإسلامِ الذي جاء به، هو للبشَرِ جميعًا، وليس خاصًّا بالعرَب.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

السائلُ يَرَى أن دينَ الإسلامِ دينٌ صحيحٌ، ولكنَّه دينٌ خاصٌّ بالعرب؛ لأن كلَّ نبيٍّ بُعِثَ إلى قومِهِ خاصَّةً، والنبيُّ محمَّدٌ ﷺ بُعِثَ إلى العربِ خاصَّةً؛ فلا يَلزَمُ غيرَ العربِ، أو اليهودَ والنصارى، الدخولُ في دِينِ الإسلام؛ لأنه لا يَشمَلُهم.

مختصَرُ الإجابة:

الإسلامُ هو الدِّينُ الحقُّ، أنزَلهُ اللهُ تعالى على نبيِّه محمَّدٍ ﷺ، وبعَثهُ لكافَّةِ الثَّقَلَيْنِ مِن الجنِّ والإنسِ؛ فلا يَسَعُ أحدًا منهم إلا اتِّباعُهُ والإيمانُ برسالتِه.

ومَن يقولُ: «إن الإسلامَ دِينٌ صحيحٌ»، ويصدِّقُ برسالةِ النبيِّ محمَّدٍ ﷺ -: فإنه يَلزَمُهُ أن يصدِّقَ بكلِّ ما جاء به عن اللهِ تعالى في كتابِهِ الكريمِ، وفي سنَّةِ نبيِّهِ المطهَّرةِ؛ مِن عالَميَّةِ رسالةِ النبيِّ محمَّدٍ ﷺ، وهي رسالةُ الإسلامِ، وأنها للناسِ كافَّةً، مع إخبارِ النبيِّ ﷺ أن الإسلامَ سينتشِرُ في كلِّ أرجاءِ الأرض، وإخبارِهِ ﷺ صحابتَهُ بفتحِ العراقِ والشامِ واليمَن، وكذلك ما جاء في سِيرتِهِ ﷺ؛ مِن أنه بعَثَ كتُبَهُ إلى الملوكِ والأمراءِ في أقطارِ الأرضِ، والواقعُ اليومَ يَشهَدُ أن دِينَ الإسلامِ دينٌ عالَميٌّ.

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

يشكِّكُ بعضُهم في عالَميَّةِ دِينِ الإسلام، ويزعُمُ أنه دينٌ خاصٌّ بالعرب؛ والإجابةُ على هذه الشبهةِ مِن عدَّةِ أوجُه:

الوجهُ الأوَّلُ: القرآنُ الكريمُ يؤكِّدُ أن دينَ الإسلامِ لكافَّةِ الناس، وأنه رسالةٌ عالَميَّةٌ لجميعِ البشَر:

وقد نصَّت على ذلك آياتٌ كثيرةٌ، تخاطِبُ رسولَ اللهِ ﷺ بعمومِ دعوتِهِ إلى اللهِ في الناسِ؛ قال تعالى:

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}

[الأعراف: 158]

، وقال:

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}

[سبأ: 28]

، وفي آيةٍ ثالثةٍ تبيِّنُ سَعَةَ الرسالةِ الإسلاميَّةِ، وأنها رحمةٌ للعالَمين؛ قال تعالى:

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}

[الأنبياء: 107]

، وغيرَها مِن الآياتِ التي تبيِّنُ أن النبيَّ محمَّدًا ﷺ بُعِثَ بالإسلامِ إلى الناسِ كافَّةً عرَبِهم وعجَمِهم.

الوجهُ الثاني: أحاديثُ الرسولِ ﷺ تدُلُّ على عالَميَّةِ رسالتِه:

ومِن ذلك: ما جاء في الحديثِ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:

«وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً»؛

رواه البخاري (438).

وعن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:

«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ: يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»؛

رواه مسلِم (153).

الوجهُ الثالثُ: إخبارُ النبيِّ ﷺ أن الإسلامَ سينتشِرُ في كلِّ أرجاءِ الأرض:

ومِن ذلك: ما جاء في الحديثِ، عن تَمِيمٍ الداريِّ رضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ:

«لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ»؛

رواه أحمد (16957).

وهذا ما حصَلَ بعد زمَنِ النبيِّ ﷺ؛ فانتشَرَ الإسلامُ خارجَ الجزيرةِ العربيَّة، واستمَرَّ في الانتشارِ عبرَ عصورِ التاريخِ الإسلاميِّ المختلِفة، حتى امتَدَّتْ رُقْعةُ الدولةِ الإسلاميَّةِ مِن حدودِ الصِّينِ شرقًا إلى المحيطِ الأَطلَسيِّ غربًا، وامتَدَّتْ في الشمالِ إلى الأَندَلُسِ وأُرُوبَّا.

الوجهُ الرابعُ: إخبارُ النبيِّ ﷺ صحابتَهُ بفتحِ العراقِ، والشامِ، واليمَنِ:

وذلك أثناءَ حَفْرِ الخَندَقِ، عندما اعترَضَتْهمُ الصخرةُ، فضرَبَها وبرَقَ منها نُورٌ، وقال:

«اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحَمْرَاءَ السَّاعَةَ، ثُمَّ الثَّانِيَةَ: اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قَصْرَ المَدَائِنِ الْأَبْيَضَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ: اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ اليَمَنِ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذِهِ السَّاعَةَ»؛

رواه أحمد (18694)، والنَّسائيُّ في «الكبرى» (8807).

وما هي إلا سنواتٌ معدودةٌ، وتُصبِحُ تلك حقيقةً واقعةً؛ فيَفتَحُ اللهُ على المسلِمين حصونَ كِسْرى وقَيصَرَ واليمَنِ، وقصورُ كِسْرى في المدائنِ، وقصورُ قَيصَرَ في الشامِ، كانت تُعَدُّ خارجَ جزيرةِ العرب.

الوجهُ الخامسُ: رسالاتُ النبيِّ ﷺ إلى ملوكِ وأُمراءِ العالَمِ في ذلك العصرِ خارجَ الجزيرةِ العربيَّة، ودعوتُهم إلى الدخولِ في الإسلام:

فهذا يؤكِّدُ ويدُلُّ على عالَميَّةِ الدعوةِ الإسلاميَّة؛ فقد أرسَلَ النبيُّ ﷺ إلى كِسْرى مَلِكِ الفُرْس، وإلى هِرَقْلَ عظيمِ الروم، وإلى النَّجَاشيِّ مَلِكِ الحَبَشة، وإلى المقوقِسِ عظيمِ القِبْطِ في مصر، وإلى المُنذِرِ بنِ ساوَى مَلِكِ البَحْرَيْن، وإلى باذانَ في اليَمَنِ، وغيرِهم:

عن أَنَسٍ رضيَ اللهُ عنه:

«أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى، وَإِلَى قَيْصَرَ، وَإِلَى النَّجَاشِيِّ، وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ؛ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى»؛

رواه مسلم (1774).

وقد ذكَرَ المؤرِّخون - كالطبَريِّ، وابنِ الأثيرِ، وابنِ كَثيرٍ - نصوصَ ما ورَدَ في تلك الرسالات.

الوجهُ السادسُ: واقعُ انتشارِ الإسلامِ في العصرِ الحاضر:

فيُقدَّرُ عددُ المسلِمين في العالَمِ خلالَ العامِ (2020م)، حسَبَ تقديرِ مركزِ (بيو pew) للدراساتِ والأبحاثِ: بأنه بلَغَ (1.9) مليارِ مسلمٍ، وهو العددُ الذي يشكِّلُ ما نِسبتُهُ ربعُ سكَّانِ الأرض، ويتوقَّعُ المركزُ بأن الديانةَ الإسلاميَّةَ ستَصِلُ للمركزِ الأوَّلِ بعد النصفِ الثاني مِن القرنِ الميلاديِّ الحاليّ.

ولا يكادُ يُوجَدُ بلدٌ في العالَمِ إلا ويُوجَدُ فيه عددٌ مِن المسلِمين؛ وهذا يؤكِّدُ أن الإسلامَ دينٌ عالَميٌّ بلَغَ أرجاءَ الأرض، وجميعَ البلدان.

وأخيرًا:

مزَجَتِ الدولةُ الإسلاميَّةُ مختلِفَ الأجناسِ والأعراقِ في مواطِنيها؛ فقد مزَجَتْ أيضًا في أمرائِها وملوكِها وحُكَّامِها بين مختلِفِ الأجناسِ والأعراق؛ فكان منهم العربُ وهم الأمويُّون والعبَّاسيُّون، والمماليكُ الذين هم أجناسٌ مختلِفةٌ، والسلاجقةُ وهم أتراكٌ، والأيوبيُّون الذين هم أكرادٌ، والطُّولُونيُّون والإِخْشِيديُّون وهم أتراكٌ، والمرابِطون وهم مِن البَرْبَر، والعثمانيُّون وهم أيضًا أتراك.

وقد أكَّد على فكرةِ عالَميَّةِ الإسلامِ الكثيرُ مِن غيرِ المسلِمين؛ كما نُقِلَ عن بعضِ حكماءِ أُورُبَّا قولُهُ: «لو كان محمَّدٌ بيننا، لَحَلَّ مشاكلَ العالَمِ، وهو يتناوَلُ فِنْجانَ قَهْوةٍ؛ لا بدَّ أن نُطلِقَ عليه لقَبَ «مُنقِذِ الإنسانيَّة»، وأعتقِدُ: لو وُجِدَ رجُلٌ مثلُهُ، وتولَّى قيادةَ العالَمِ المعاصِرِ، لنجَحَ في حلِّ جميعِ مشاكِلِهِ بطريقةٍ تَجلِبُ السعادةَ والسلام».

خاتمة الجواب

يجبُ على المسلِمِ الإيمانُ بما جاء به محمَّدٌ ﷺ، وأنه رسولُ اللهِ تعالى إلى جميعِ الخَلْقِ: إنسِهم وجِنِّهم، عرَبِهم وعجَمِهم، وأن دِينَ الإسلامِ الذي جاء به، هو للبشَرِ جميعًا، وليس خاصًّا بالعرَب.