نص السؤال
.
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
السلفيُّون يقولون: بحجِّيَّةِ قولِ كلِّ واحدٍ مِن الصحابةِ، مع أن فيهم مَن ليس مِن المجتهِدين.
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
هذه الشبهةُ يُقصَدُ بها الطعنُ في حجِّيَّةِ إجماعِ السلفِ الذي هو أصلٌ مِن أصولِ أهلِ السنَّةِ والجماعة.
وهذه الشبهةُ مِن الشبهاتِ التي أُثيرتْ مِن جهةِ بعضِ مُناوِئي منهجِ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ في الفهمِ والاستدلال، والواقعُ: أن المقاصدَ العلميَّةَ تُنالُ بالأدواتِ والوسائلِ العلميَّة، لا بالاستخفافِ والتشويهِ الذي يَقدِرُ عليه كلُّ أحد.
والجوابُ عنها يحتاجُ إلى إزالةِ اللَّبْسِ عن مرادِ أتباعِ المنهجِ السلفيِّ بـ «إجماعِ السلف»، وبيانُ ذلك تفصيلًا مِن وجهَيْن:
1- ظهورُ المرادِ بـ «إجماعِ السلفِ»، يُغْني عن النصِّ على عدمِ إرادةِ غيرِ المجتهِدين منهم:
فإن تخصيصَ الإجماعِ بـ: «مَن عُرِفَ بالعلمِ والاجتهادِ فيه»، ليس مِن الأمورِ الخفيَّة، وإنما هو مِن الأمورِ المعلومِ وجودُها بالضرورةِ في أصولِ الفقه، لمَن هو مشتغِلٌ بالعلومِ الشرعيَّة، فإذا أطلَقَ أتباعُ المنهجِ السلفيِّ لفظَ «الإجماع»، فهم يَعْنون بلا شكٍّ ولا ريبٍ: أصولَ المَضامينِ التي يتضمَّنُها لفظُ «الإجماع»، ومنها شرطُ كونِهِ حاصلًا مِن المجتهِدين.
ولا يَصِحُّ الاستخفافُ إلى درجةِ أن يُنسَبَ إلى جماعةٍ كبيرةٍ مِن أتباعِ المنهجِ السلفيِّ: الجهلُ بوجودِ أمورٍ هي مِن ضروريَّاتِ العلمِ وبدَهيَّاتِه؛ اعتمادًا على ظنونٍ وجُمَلٍ في غايةِ البعدِ عن المراد، وإنْ فُرِضَ وجودُ فردٍ منهم أو أفرادٍ لا يَعلَمون ذلك؛ فلا يَصِحُّ تعميمُ هذا الحكمِ على جميعِهم؛ لظهورِ خطئِهم ومناقضَتِهِ لما هو معلومٌ وجودُهُ بالضرورةِ في أصولِ الفقه.
2- استعمالُ الجُمَلِ التي يَظهَرُ فيها نسبةُ الإجماعِ إلى جملةِ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم، بل إلى جملةِ العلماءِ، بل إلى جملةِ الأمَّةِ، هو أسلوبٌ شائعٌ، ومنتشِرٌ في لغةِ علماءِ الشريعة:
فليس خاصًّا بأتباعِ المنهجِ السلفيِّ؛ ولذلك نماذجُ كثيرةٌ: - قال ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه:
«إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ ^ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ»
رواه أحمد (6/ 84 رقم 3600).
- وقال حُذَيفةُ بنُ اليَمَانِ رضيَ اللهُ عنه:
«اتَّقُوا اللهَ يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، وَخُذُوا بِطَرِيقِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ»
رواه ابنُ المبارَكِ في «الزهدِ» (رقم 47)، وابن وضَّاحٍ في «البدع» (رقم 10، 11، 14).
وقال ابنُ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه في محاوَرتِهِ للخوارجِ: «أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ^»؛ رواه النَّسائيُّ في «السُّنَنِ الكبرى» (7/ 480 رقم 8522)، ولم يقل: مِن عند علماءِ أصحابِ رسولِ اللهِ ^.
وكذلك الحالُ في العباراتِ التي أطلَقَها أئمَّةُ السلفِ المتقدِّمون في الدعوةِ إلى اقتفاءِ أثرِ الصحابةِ، لم يقيِّدوها بعلمائِهم؛ قال عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ: «قِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ»؛ رواه أبو داودَ (4612). وينظر: «لمعةُ الاعتقادِ» لابنِ قُدامةَ (ص 8).
وقال الأوزاعيُّ: «اصْبِرْ نَفْسَكَ عَلَى السُّنَّةِ، وَقِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ، وَاسْلُكْ سَبِيلَ السَّلَفِ الصَّالِحِ»؛ رواه الآجُرِّيُّ في «الشريعة» (2/ 674).
وقال أبو العاليةِ: «عَلَيْكُمْ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقُوا»؛ رواه أبو نُعَيمٍ في «حِلْيةِ الأولياء» (2/ 218).
وقال الإمامُ أحمدُ: «أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا: التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ»؛ «أصولُ السُّنَّة» للإمام أحمد (ص 14).
وقال الإمامُ أبو عُبَيدٍ القاسمُ بنُ سلَّامٍ: «فَأَيُّ شَيْءٍ يُتَّبَعُ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ^ وَمِنْهَاجِ السَّلَفِ بَعْدَهُ، الَّذِينَ هُمْ مَوْضِعُ الْقُدْوَةِ وَالْإِمَامَةِ؟!»؛ «الإيمان» لأبي عُبَيدٍ (ص 19).
فهؤلاءِ الأئمَّةُ لم يقيِّدوا مَن أوصَوْا باتِّباعِ آثارِهم بـ «علمائِهم»؛ لأن ذلك معلومٌ بَدَاهةً.
وحين لخَّص اللَّالَكائيُّ ما يجبُ على المسلِمِ في أصولِ الدِّينِ، قال: «أوجَبُ ما على المرءِ: معرفةُ اعتقادِ الدِّينْ، وما كلَّف اللهُ به عبادَهُ مِن فهمِ توحيدِهِ وصفاتِهِ وتصديقِ رسُلِهِ بالدلائلِ واليقينْ، والتوصُّلِ إلى طرُقِها والاستدلالِ عليها بالحُجَجِ والبراهينْ، وكان مِن أعظمِ مَقولْ، وأوضحِ حُجَّةٍ ومعقولْ: كتابُ اللهِ الحقُّ المُبينْ، ثم قولُ رسولِ اللهِ ^ وصحابتِهِ الأخيارِ المُتَّقِينْ رضيَ اللهُ عنهم، ثم ما أجمَعَ عليه السلفُ الصالِحونْ، ثم التمسُّكُ بمجموعِها والمُقامُ عليها إلى يومِ الدِّينْ، ثم الاجتنابُ عن البِدَعِ والاستماعِ إليها مما أحدَثَها المضلِّونْ»؛ «شرحِ أصولِ اعتقادِ أهلِ السنَّة» (1/ 9).
وقال المَلَطيُّ: «الذي عندي مِن ذلك: أن تَلزَمَ المنهجَ المستقيم، وما نزَلَ به التنزيلُ وسُنَّةُ الرسول، وما مضى عليه السلفُ الصالح؛ فعليك بالسنَّةِ والجماعةِ ترشُدْ إنْ شاء الله»؛ «التنبيهُ والردُّ على أهلِ الأهواءِ والبِدَع» (ص 41).
ولم يقيِّدوا ذلك بعلماءِ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم؛ لأن ذلك معلومٌ بالضرورةِ عند المشتغِلين بالعلومِ الشرعيَّة.
وكذلك الحالُ في الأصوليِّين وغيرِهم؛ فإنهم كثيرًا ما يُطلِقون جملةَ: «إجماعِ الأمَّةِ»، أو «أجمَعَتِ الأمَّةُ»، وهم بلا شكٍّ لا يَقصِدون كلَّ فردٍ مِن أفرادِ الأمَّة، وإنما يَقصِدون أهلَ الاجتهادِ منها، فكذلك الحالُ فيمَن أطلَقَ «إجماعَ السلفِ»، أو «إجماعَ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم»؛ فلا شكَّ أنهم لا يَقصِدون كلَّ فردٍ منهم، وإنما يَقصِدون أهلَ العلمِ والاجتهادِ منهم.
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال:
مِن المعلومِ: أن الصحابةَ والتابعين ليسوا جميعًا مجتهِدين؛ فمِن العجيبِ - في وجهةِ نظرِ السائلِ - أن يُقالَ: بأن فَهْمَهم وعِلْمَهم واستنباطَهم جميعًا حجَّةٌ في دِينِ الله، بل هو بمنزلةِ الإجماعِ الذي لا يسَعُ أحدًا خلافُه.
مختصَرُ الإجابة:
أتباعُ المنهجِ السَّلَفيِّ لا يعُدُّون جميعَ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم مِن أهلِ الاجتهادِ والفتوى، بل يُدرِكون أنهم على درَجاتٍ في هذه الأمور. وتعبيرُهم بـ «إجماعِ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم»، يريدون به: المجتهِدين منهم ، ولا يعنون به كلَّ فردٍ فردٍ مِن الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم، ولا يَصِحُّ إلزامُهم بهذا، ولا ينُصُّون على هذا لظهورِه؛ كما أن هذا التعبيرَ ليس خاصًّا بهم، بل هو مطروقٌ على ألسنةِ علماءِ الشريعةِ مِن عهدِ الصحابةِ فمَن بعدَهم.
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال:
مِن المعلومِ: أن الصحابةَ والتابعين ليسوا جميعًا مجتهِدين؛ فمِن العجيبِ - في وجهةِ نظرِ السائلِ - أن يُقالَ: بأن فَهْمَهم وعِلْمَهم واستنباطَهم جميعًا حجَّةٌ في دِينِ الله، بل هو بمنزلةِ الإجماعِ الذي لا يسَعُ أحدًا خلافُه.
مختصَرُ الإجابة:
أتباعُ المنهجِ السَّلَفيِّ لا يعُدُّون جميعَ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم مِن أهلِ الاجتهادِ والفتوى، بل يُدرِكون أنهم على درَجاتٍ في هذه الأمور. وتعبيرُهم بـ «إجماعِ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم»، يريدون به: المجتهِدين منهم ، ولا يعنون به كلَّ فردٍ فردٍ مِن الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم، ولا يَصِحُّ إلزامُهم بهذا، ولا ينُصُّون على هذا لظهورِه؛ كما أن هذا التعبيرَ ليس خاصًّا بهم، بل هو مطروقٌ على ألسنةِ علماءِ الشريعةِ مِن عهدِ الصحابةِ فمَن بعدَهم.
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
هذه الشبهةُ يُقصَدُ بها الطعنُ في حجِّيَّةِ إجماعِ السلفِ الذي هو أصلٌ مِن أصولِ أهلِ السنَّةِ والجماعة.
وهذه الشبهةُ مِن الشبهاتِ التي أُثيرتْ مِن جهةِ بعضِ مُناوِئي منهجِ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ في الفهمِ والاستدلال، والواقعُ: أن المقاصدَ العلميَّةَ تُنالُ بالأدواتِ والوسائلِ العلميَّة، لا بالاستخفافِ والتشويهِ الذي يَقدِرُ عليه كلُّ أحد.
والجوابُ عنها يحتاجُ إلى إزالةِ اللَّبْسِ عن مرادِ أتباعِ المنهجِ السلفيِّ بـ «إجماعِ السلف»، وبيانُ ذلك تفصيلًا مِن وجهَيْن:
1- ظهورُ المرادِ بـ «إجماعِ السلفِ»، يُغْني عن النصِّ على عدمِ إرادةِ غيرِ المجتهِدين منهم:
فإن تخصيصَ الإجماعِ بـ: «مَن عُرِفَ بالعلمِ والاجتهادِ فيه»، ليس مِن الأمورِ الخفيَّة، وإنما هو مِن الأمورِ المعلومِ وجودُها بالضرورةِ في أصولِ الفقه، لمَن هو مشتغِلٌ بالعلومِ الشرعيَّة، فإذا أطلَقَ أتباعُ المنهجِ السلفيِّ لفظَ «الإجماع»، فهم يَعْنون بلا شكٍّ ولا ريبٍ: أصولَ المَضامينِ التي يتضمَّنُها لفظُ «الإجماع»، ومنها شرطُ كونِهِ حاصلًا مِن المجتهِدين.
ولا يَصِحُّ الاستخفافُ إلى درجةِ أن يُنسَبَ إلى جماعةٍ كبيرةٍ مِن أتباعِ المنهجِ السلفيِّ: الجهلُ بوجودِ أمورٍ هي مِن ضروريَّاتِ العلمِ وبدَهيَّاتِه؛ اعتمادًا على ظنونٍ وجُمَلٍ في غايةِ البعدِ عن المراد، وإنْ فُرِضَ وجودُ فردٍ منهم أو أفرادٍ لا يَعلَمون ذلك؛ فلا يَصِحُّ تعميمُ هذا الحكمِ على جميعِهم؛ لظهورِ خطئِهم ومناقضَتِهِ لما هو معلومٌ وجودُهُ بالضرورةِ في أصولِ الفقه.
2- استعمالُ الجُمَلِ التي يَظهَرُ فيها نسبةُ الإجماعِ إلى جملةِ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم، بل إلى جملةِ العلماءِ، بل إلى جملةِ الأمَّةِ، هو أسلوبٌ شائعٌ، ومنتشِرٌ في لغةِ علماءِ الشريعة:
فليس خاصًّا بأتباعِ المنهجِ السلفيِّ؛ ولذلك نماذجُ كثيرةٌ: - قال ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه:
«إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ ^ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ»
رواه أحمد (6/ 84 رقم 3600).
- وقال حُذَيفةُ بنُ اليَمَانِ رضيَ اللهُ عنه:
«اتَّقُوا اللهَ يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، وَخُذُوا بِطَرِيقِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ»
رواه ابنُ المبارَكِ في «الزهدِ» (رقم 47)، وابن وضَّاحٍ في «البدع» (رقم 10، 11، 14).
وقال ابنُ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه في محاوَرتِهِ للخوارجِ: «أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ^»؛ رواه النَّسائيُّ في «السُّنَنِ الكبرى» (7/ 480 رقم 8522)، ولم يقل: مِن عند علماءِ أصحابِ رسولِ اللهِ ^.
وكذلك الحالُ في العباراتِ التي أطلَقَها أئمَّةُ السلفِ المتقدِّمون في الدعوةِ إلى اقتفاءِ أثرِ الصحابةِ، لم يقيِّدوها بعلمائِهم؛ قال عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ: «قِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ»؛ رواه أبو داودَ (4612). وينظر: «لمعةُ الاعتقادِ» لابنِ قُدامةَ (ص 8).
وقال الأوزاعيُّ: «اصْبِرْ نَفْسَكَ عَلَى السُّنَّةِ، وَقِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ، وَاسْلُكْ سَبِيلَ السَّلَفِ الصَّالِحِ»؛ رواه الآجُرِّيُّ في «الشريعة» (2/ 674).
وقال أبو العاليةِ: «عَلَيْكُمْ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقُوا»؛ رواه أبو نُعَيمٍ في «حِلْيةِ الأولياء» (2/ 218).
وقال الإمامُ أحمدُ: «أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا: التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ»؛ «أصولُ السُّنَّة» للإمام أحمد (ص 14).
وقال الإمامُ أبو عُبَيدٍ القاسمُ بنُ سلَّامٍ: «فَأَيُّ شَيْءٍ يُتَّبَعُ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ^ وَمِنْهَاجِ السَّلَفِ بَعْدَهُ، الَّذِينَ هُمْ مَوْضِعُ الْقُدْوَةِ وَالْإِمَامَةِ؟!»؛ «الإيمان» لأبي عُبَيدٍ (ص 19).
فهؤلاءِ الأئمَّةُ لم يقيِّدوا مَن أوصَوْا باتِّباعِ آثارِهم بـ «علمائِهم»؛ لأن ذلك معلومٌ بَدَاهةً.
وحين لخَّص اللَّالَكائيُّ ما يجبُ على المسلِمِ في أصولِ الدِّينِ، قال: «أوجَبُ ما على المرءِ: معرفةُ اعتقادِ الدِّينْ، وما كلَّف اللهُ به عبادَهُ مِن فهمِ توحيدِهِ وصفاتِهِ وتصديقِ رسُلِهِ بالدلائلِ واليقينْ، والتوصُّلِ إلى طرُقِها والاستدلالِ عليها بالحُجَجِ والبراهينْ، وكان مِن أعظمِ مَقولْ، وأوضحِ حُجَّةٍ ومعقولْ: كتابُ اللهِ الحقُّ المُبينْ، ثم قولُ رسولِ اللهِ ^ وصحابتِهِ الأخيارِ المُتَّقِينْ رضيَ اللهُ عنهم، ثم ما أجمَعَ عليه السلفُ الصالِحونْ، ثم التمسُّكُ بمجموعِها والمُقامُ عليها إلى يومِ الدِّينْ، ثم الاجتنابُ عن البِدَعِ والاستماعِ إليها مما أحدَثَها المضلِّونْ»؛ «شرحِ أصولِ اعتقادِ أهلِ السنَّة» (1/ 9).
وقال المَلَطيُّ: «الذي عندي مِن ذلك: أن تَلزَمَ المنهجَ المستقيم، وما نزَلَ به التنزيلُ وسُنَّةُ الرسول، وما مضى عليه السلفُ الصالح؛ فعليك بالسنَّةِ والجماعةِ ترشُدْ إنْ شاء الله»؛ «التنبيهُ والردُّ على أهلِ الأهواءِ والبِدَع» (ص 41).
ولم يقيِّدوا ذلك بعلماءِ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم؛ لأن ذلك معلومٌ بالضرورةِ عند المشتغِلين بالعلومِ الشرعيَّة.
وكذلك الحالُ في الأصوليِّين وغيرِهم؛ فإنهم كثيرًا ما يُطلِقون جملةَ: «إجماعِ الأمَّةِ»، أو «أجمَعَتِ الأمَّةُ»، وهم بلا شكٍّ لا يَقصِدون كلَّ فردٍ مِن أفرادِ الأمَّة، وإنما يَقصِدون أهلَ الاجتهادِ منها، فكذلك الحالُ فيمَن أطلَقَ «إجماعَ السلفِ»، أو «إجماعَ الصحابةِ والتابِعين وأتباعِهم»؛ فلا شكَّ أنهم لا يَقصِدون كلَّ فردٍ منهم، وإنما يَقصِدون أهلَ العلمِ والاجتهادِ منهم.