نص السؤال

لماذا توقَّفتِ النبوَّةُ منذ أكثرَ مِن أربعةَ عشَرَ قرنًا؟ فهل يَليقُ في الحكمةِ الإلهيَّةِ أن يُعطِيَ اللهُ الحقيقةَ العُظْمى لرجُلٍ واحدٍ في قريةٍ بين صحارَى وجبالٍ،

 قبل زمنٍ طويلٍ جِدًّا، ثم يكلِّفَ الناسَ كلَّهم في كلِّ الأماكنِ والأوقاتِ إلى يومِ القيامةِ باتِّباعِه؟

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

لماذا جعَلَ اللهُ وسائطَ مِن الرسُلِ، وهم يموتون وينقطِعون؟ لماذا خُتِمَتِ الرسالةُ بمحمَّدٍ ^؟

الجواب التفصيلي

السؤالُ تضمَّن حشوًا مِن الكلامِ بقصدِ التنفيرِ، وأما الأدلَّةُ، فلا تستقيمُ مع ما ذكَروهُ، وبيانُ ذلك تفصيلًا مِن وجوه:

1- النبوَّاتُ ثبَتتْ بالبراهينِ العقليَّة، والبراهينُ العقليَّةُ لا يؤثِّرُ فيها تغيُّرُ الزمانِ والمكان:

فالعِبْرةُ في التصديقِ بالنبوَّةِ، والتسليمِ بها: ليس في زمانِها، ولا في مكانِها، ولا في شخصِ النبيِّ الذي يَحمِلُها، وإنما العِبْرةُ في ذلك كلِّه: بالبُرْهانِ الدالِّ على صدقِها،

 فمتى ما وُجِدَ البُرْهانُ الصادقُ اليقينيُّ الدالُّ على صدقِ النبوَّةِ، فإنه يجبُ الأخذُ به مِن غيرِ التفاتٍ إلى زمانِهِ، ومكانِهِ، وحالِ الشخصِ الذي يَحمِلُه؛

 فالبراهينُ العقليَّةُ لا تتغيَّرُ بتغيُّرِ الزمانِ والمكانِ، وإنما تَبْقى دائمًا وأبدًا، فليس للبراهينِ العقليَّةِ وقتٌ تَشِيخُ فيه، وتنتهي دَلَالتُها، وليس لها مكانٌ تتحقَّقُ فيه دَلَالتُها، 

ومكانٌ آخَرُ تَفقِدُها فيه، وإنما هي مطَّرِدةٌ مستقيمةٌ في دَلَالاتُها في كلِّ زمانٍ ومكان.

2- أدلَّةُ نبوَّةِ النبيِّ ^ تتَّصِفُ بصفةِ الشمولِ واختراقِ الأزمِنةِ والأمكِنة:

فلم تكن نبوَّةُ النبيِّ ^ ذاتَ طبيعةٍ زمنيَّةٍ خاصَّةٍ، بحيثُ تنتهي دَلالتُها، وتضعُفُ بعد زمَنِ حصولِها، وإنما كانت ذاتَ طبيعةٍ شموليَّةٍ عابرةٍ للأزمانِ والأماكنِ،

 وباقيةً ما بَقِيَ البشَرُ؛ فإن بُرْهانَ صدقِ النبيِّ ^ الأعظَمَ، وآيتَهُ الكُبْرى: القرآنُ الكريمُ؛ وهو عبارةٌ عن كلامٍ مُعجِزٍ خارجٍ عن مقدورِ الإنسِ والجنّ، وكلُّ الناسِ يتكلَّمون عنه،

 وسيَبْقَوْنَ كذلك إلى قيامِ الساعة.

وقد أشار النبيُّ ^ إلى هذه القضيَّةِ المنهجيَّةِ في الدَّلالةِ على نبوَّتِهِ، فقال ^:

«مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيَّ؛ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»؛

رواه البخاري (7274)، ومسلم (152).

فأدلَّةُ نبوَّةِ النبيِّ ^ باقيةٌ، وبقاؤُها يستلزِمُ بقاءَ نبوَّتِهِ بالضرورة.

3- الوحيُ المنزَّلُ على محمَّدٍ ^ محفوظٌ بحفظِ اللهِ تعالى:

فإن اللهَ تعالى:

حَفِظَ وَحْيَهُ الذي أنزَلَهُ على نبيِّهِ بأنواعٍ متعدِّدةٍ مِن الحفظ؛ فقد حَفِظَ القرآنَ الكريمَ مِن الضياعِ، والتحريفِ والتبديلِ، والتغييرِ، والزيادةِ، والنقصِ، بل أضحى لفظُهُ منقولًا إلى الأُمَّةِ بالتواتُرِ اللفظيِّ القَطْعيِّ الذي لا يَقبَلُ التشكيكَ والارتيابَ.

وحَفِظَ سِيرةَ النبيِّ ^؛ فنُقِلَتْ إلينا أخلاقُهُ، وأفعالُهُ، وتصرُّفاتُهُ، ونعوتُهُ، ومُجمَلُ سِيرتِهِ؛ حتى كأنه يَعيشُ بيننا، ونراهُ يَسيرُ في طرُقاتِنا، وحَفِظَ شرائعَ دِينِ الإسلام، وقيَّض لحفظِ نصوصِهِ وبحثِ مسائلِهِ علماءَ أفذاذًا، فقاموا بجمعِها، وتنسيقِها، وترتيبِها، ورَصْدِ أدلَّتِها وبراهينِها.

فهذه الأنواعُ مِن الحفظِ، وغيرُها، جعَلَتْ آثارَ نبوَّةِ النبيِّ ^ ومعالِمَها وبراهينَها باقيةً إلى وقتِنا هذا، وستَبْقى إلى أوقاتٍ متطاوِلةٍ؛ فكأن النبيَّ ^ - بأخلاقِهِ، وسِيرتِهِ، ودعوتِهِ، وبراهينِ صدقِهِ - يَعيشُ معنا.

إن هذه الشبهةَ إنما أُتِيَ أصحابُها مِن حيثُ قصورُ نظَرِهم في تاريخِ الخلقِ؛ فإن ما بين بَعْثةِ النبيِّ ^ وبين الساعةِ مُدَّةٌ يسيرةٌ، إذا نُسِبَتْ إلى تاريخِ الخَلْق؛ فقد جاء في الحديثِ:

«بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ»

، وأشار بين السبَّابةِ والوُسْطى

رواه البخاري (6504)، ومسلم (2951).

وبالتالي: مَن استعرَضَ تاريخَ البشَريَّةِ - والخلقِ عمومًا - في عقلِهِ، رأى أن هذه المُدَّةَ التي بعد النبيِّ ^، ليست بتلك المُدَّةِ الطويلةِ التي يُستنكَرُ فيها الخُلُوُّ مِن الأنبياء، كيف والحاجةُ إليهم كُفِيَتْ بالنبيِّ ^؟!

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

إنكارُ النبوَّةِ، أو إنكارُ مناسَبةِ الختمِ بالنبوَّةِ، بالنظَرِ إلى حالِ النبيِّ ^.

مختصَرُ الإجابة:

القولُ بأن خَتْمَ النبوَّةِ قبل أكثرَ مِن أربعةَ عشَرَ قرنًا يَقدَحُ في ثبوتِها وكمالِها -: قولٌ خارجٌ عن مناهجِ الاستدلالِ، والتفكيرِ السليم؛ لأنه ليس قادحًا.

والجوابُ عن ذلك، مع إثباتِ النبوَّةِ بالأدلَّةِ: يَحتاجُ إلى بيانِ طريقةِ التفكيرِ الصحيحةِ في هذه المسألة:

فإن الوحيَ قد حَفِظَهُ اللهُ تعالى بحفظِه؛ فكأن النبيَّ ^ - بأخلاقِهِ، وسِيرتِهِ، ودعوتِهِ، وبراهينِ صِدقِهِ - يعيشُ معنا؛ كما أن نبوَّةَ محمَّدٍ ^ ثبَتَتْ بالدلائلِ العقليَّة، والدلائلُ العقليَّةُ لا تتأثَّرُ بتأثُّرِ الزمانِ والمكان، 

كما أن أدلَّةَ نبوَّةِ النبيِّ ^ تتَّصِفُ بصفةِ الشمولِ واختراقِ الأزمِنةِ والأمكِنة.

خاتمة الجواب

يُوجَدُ في كلِّ مسألةٍ أدلَّةٌ واضحةٌ، كما يُوجَدُ فيها جدَليَّاتٌ فيها شغَبٌ واعتراضاتٌ بما لا يَقدَحُ في الأصل.

فإذا ثبَتتِ النبوَّةُ بالأدلَّةِ الصحيحةِ، فلا ينبغي الاعتراضُ عليها بأيِّ شبهةٍ واحتمالٍ عقليٍّ؛ فإن القاطعَ العقليَّ لا يُعارَضُ باحتمالٍ عقليّ، بل العاقلُ يتمسَّكُ بالأصل، 

ويَعلَمُ أن اللهَ تعالى له حكمتُهُ وقدَرُه، وهو أعلمُ بما يُصلِحُ خلقَه.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

إنكارُ النبوَّةِ، أو إنكارُ مناسَبةِ الختمِ بالنبوَّةِ، بالنظَرِ إلى حالِ النبيِّ ^.

مختصَرُ الإجابة:

القولُ بأن خَتْمَ النبوَّةِ قبل أكثرَ مِن أربعةَ عشَرَ قرنًا يَقدَحُ في ثبوتِها وكمالِها -: قولٌ خارجٌ عن مناهجِ الاستدلالِ، والتفكيرِ السليم؛ لأنه ليس قادحًا.

والجوابُ عن ذلك، مع إثباتِ النبوَّةِ بالأدلَّةِ: يَحتاجُ إلى بيانِ طريقةِ التفكيرِ الصحيحةِ في هذه المسألة:

فإن الوحيَ قد حَفِظَهُ اللهُ تعالى بحفظِه؛ فكأن النبيَّ ^ - بأخلاقِهِ، وسِيرتِهِ، ودعوتِهِ، وبراهينِ صِدقِهِ - يعيشُ معنا؛ كما أن نبوَّةَ محمَّدٍ ^ ثبَتَتْ بالدلائلِ العقليَّة، والدلائلُ العقليَّةُ لا تتأثَّرُ بتأثُّرِ الزمانِ والمكان، 

كما أن أدلَّةَ نبوَّةِ النبيِّ ^ تتَّصِفُ بصفةِ الشمولِ واختراقِ الأزمِنةِ والأمكِنة.

الجواب التفصيلي

السؤالُ تضمَّن حشوًا مِن الكلامِ بقصدِ التنفيرِ، وأما الأدلَّةُ، فلا تستقيمُ مع ما ذكَروهُ، وبيانُ ذلك تفصيلًا مِن وجوه:

1- النبوَّاتُ ثبَتتْ بالبراهينِ العقليَّة، والبراهينُ العقليَّةُ لا يؤثِّرُ فيها تغيُّرُ الزمانِ والمكان:

فالعِبْرةُ في التصديقِ بالنبوَّةِ، والتسليمِ بها: ليس في زمانِها، ولا في مكانِها، ولا في شخصِ النبيِّ الذي يَحمِلُها، وإنما العِبْرةُ في ذلك كلِّه: بالبُرْهانِ الدالِّ على صدقِها،

 فمتى ما وُجِدَ البُرْهانُ الصادقُ اليقينيُّ الدالُّ على صدقِ النبوَّةِ، فإنه يجبُ الأخذُ به مِن غيرِ التفاتٍ إلى زمانِهِ، ومكانِهِ، وحالِ الشخصِ الذي يَحمِلُه؛

 فالبراهينُ العقليَّةُ لا تتغيَّرُ بتغيُّرِ الزمانِ والمكانِ، وإنما تَبْقى دائمًا وأبدًا، فليس للبراهينِ العقليَّةِ وقتٌ تَشِيخُ فيه، وتنتهي دَلَالتُها، وليس لها مكانٌ تتحقَّقُ فيه دَلَالتُها، 

ومكانٌ آخَرُ تَفقِدُها فيه، وإنما هي مطَّرِدةٌ مستقيمةٌ في دَلَالاتُها في كلِّ زمانٍ ومكان.

2- أدلَّةُ نبوَّةِ النبيِّ ^ تتَّصِفُ بصفةِ الشمولِ واختراقِ الأزمِنةِ والأمكِنة:

فلم تكن نبوَّةُ النبيِّ ^ ذاتَ طبيعةٍ زمنيَّةٍ خاصَّةٍ، بحيثُ تنتهي دَلالتُها، وتضعُفُ بعد زمَنِ حصولِها، وإنما كانت ذاتَ طبيعةٍ شموليَّةٍ عابرةٍ للأزمانِ والأماكنِ،

 وباقيةً ما بَقِيَ البشَرُ؛ فإن بُرْهانَ صدقِ النبيِّ ^ الأعظَمَ، وآيتَهُ الكُبْرى: القرآنُ الكريمُ؛ وهو عبارةٌ عن كلامٍ مُعجِزٍ خارجٍ عن مقدورِ الإنسِ والجنّ، وكلُّ الناسِ يتكلَّمون عنه،

 وسيَبْقَوْنَ كذلك إلى قيامِ الساعة.

وقد أشار النبيُّ ^ إلى هذه القضيَّةِ المنهجيَّةِ في الدَّلالةِ على نبوَّتِهِ، فقال ^:

«مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيَّ؛ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»؛

رواه البخاري (7274)، ومسلم (152).

فأدلَّةُ نبوَّةِ النبيِّ ^ باقيةٌ، وبقاؤُها يستلزِمُ بقاءَ نبوَّتِهِ بالضرورة.

3- الوحيُ المنزَّلُ على محمَّدٍ ^ محفوظٌ بحفظِ اللهِ تعالى:

فإن اللهَ تعالى:

حَفِظَ وَحْيَهُ الذي أنزَلَهُ على نبيِّهِ بأنواعٍ متعدِّدةٍ مِن الحفظ؛ فقد حَفِظَ القرآنَ الكريمَ مِن الضياعِ، والتحريفِ والتبديلِ، والتغييرِ، والزيادةِ، والنقصِ، بل أضحى لفظُهُ منقولًا إلى الأُمَّةِ بالتواتُرِ اللفظيِّ القَطْعيِّ الذي لا يَقبَلُ التشكيكَ والارتيابَ.

وحَفِظَ سِيرةَ النبيِّ ^؛ فنُقِلَتْ إلينا أخلاقُهُ، وأفعالُهُ، وتصرُّفاتُهُ، ونعوتُهُ، ومُجمَلُ سِيرتِهِ؛ حتى كأنه يَعيشُ بيننا، ونراهُ يَسيرُ في طرُقاتِنا، وحَفِظَ شرائعَ دِينِ الإسلام، وقيَّض لحفظِ نصوصِهِ وبحثِ مسائلِهِ علماءَ أفذاذًا، فقاموا بجمعِها، وتنسيقِها، وترتيبِها، ورَصْدِ أدلَّتِها وبراهينِها.

فهذه الأنواعُ مِن الحفظِ، وغيرُها، جعَلَتْ آثارَ نبوَّةِ النبيِّ ^ ومعالِمَها وبراهينَها باقيةً إلى وقتِنا هذا، وستَبْقى إلى أوقاتٍ متطاوِلةٍ؛ فكأن النبيَّ ^ - بأخلاقِهِ، وسِيرتِهِ، ودعوتِهِ، وبراهينِ صدقِهِ - يَعيشُ معنا.

إن هذه الشبهةَ إنما أُتِيَ أصحابُها مِن حيثُ قصورُ نظَرِهم في تاريخِ الخلقِ؛ فإن ما بين بَعْثةِ النبيِّ ^ وبين الساعةِ مُدَّةٌ يسيرةٌ، إذا نُسِبَتْ إلى تاريخِ الخَلْق؛ فقد جاء في الحديثِ:

«بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ»

، وأشار بين السبَّابةِ والوُسْطى

رواه البخاري (6504)، ومسلم (2951).

وبالتالي: مَن استعرَضَ تاريخَ البشَريَّةِ - والخلقِ عمومًا - في عقلِهِ، رأى أن هذه المُدَّةَ التي بعد النبيِّ ^، ليست بتلك المُدَّةِ الطويلةِ التي يُستنكَرُ فيها الخُلُوُّ مِن الأنبياء، كيف والحاجةُ إليهم كُفِيَتْ بالنبيِّ ^؟!

خاتمة الجواب

يُوجَدُ في كلِّ مسألةٍ أدلَّةٌ واضحةٌ، كما يُوجَدُ فيها جدَليَّاتٌ فيها شغَبٌ واعتراضاتٌ بما لا يَقدَحُ في الأصل.

فإذا ثبَتتِ النبوَّةُ بالأدلَّةِ الصحيحةِ، فلا ينبغي الاعتراضُ عليها بأيِّ شبهةٍ واحتمالٍ عقليٍّ؛ فإن القاطعَ العقليَّ لا يُعارَضُ باحتمالٍ عقليّ، بل العاقلُ يتمسَّكُ بالأصل، 

ويَعلَمُ أن اللهَ تعالى له حكمتُهُ وقدَرُه، وهو أعلمُ بما يُصلِحُ خلقَه.