نص السؤال

إننا نسلِّمُ أن اللهَ تعالى هو المحدِثُ للمعجِزة، ولكنْ لا يَلزَمُ مِن ذلك أن يكونَ أحدَثَها تصديقًا للنبيِّ؛ 

فلا دليلَ على كونِ اللهِ إنما فعَلَ ذلك لأجلِ إثباتِ صدقِ النبيِّ، وتدعيمِ دَعْواه.

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

هل يُمكِنُ أن يُظهِرَ اللهُ تعالى المعجِزاتِ على أيدي الكذَّابين؟

الجواب التفصيلي

هذه الشبهةُ تقومُ على انحرافٍ شديدٍ في فهمِ كمالِ اللهِ تعالى؛ في حكمتِهِ ورحمتِهِ وعدلِهِ، وهي تدُلُّ على مبلغِ ضلالِ بعضِ العقولِ في بابِ النبوَّات؛

 حيثُ جوَّزوا على اللهِ تعالى أمرًا مستشنَعًا غايةً في الشناعة، وهي - وإنْ كانت شبهةً قديمةً - فلا يبعُدُ أن يتلقَّفَها الطاعِنون في النبوَّاتِ في هذا العصر.

والجوابُ عنها يحتاجُ إلى بيانِ منافاةِ الافتراضِ المذكورِ في السؤالِ لكمالِ اللهِ تعالى، والجوابُ عنها تفصيلًا مِن وجوهٍ:

1- الكلامُ في النبوَّةِ فرعٌ عن إثباتِ الحكمةِ للهِ تعالى:

وليس القصدُ هنا ذِكرَ الآياتِ القرآنيَّةِ، والأحاديثِ النبويَّةِ التي وصَفَ اللهُ تعالى فيها نفسَهُ، ووصَفهُ فيها رسولُهُ بالحكمةِ؛ فهذا معلومٌ متواتِرٌ، وإنما نُشيرُ إلى معنى الحكمةِ في أفعالِ اللهِ تعالى:

فـ «الحكمةُ في الفعلِ»: ما له عاقبةٌ حميدةٌ، و«السَّفَهُ»: ما خلا عن العاقبةِ الحميدة، ثم «الحكمةُ»: مِن صفاتِ المدحِ والكمال،

 و«السفَهُ»: مِن صفاتِ الذمِّ والنقص؛ فكان اللهُ موصوفًا بأنه حكيمٌ، وورَدتْ به النصوصُ لا خَفَاءَ بها، وهو يتعالى عن الوصفِ بالسَّفَهِ سبحانه وتعالى.

وهذا يتَّسِقُ مع المعنى اللُّغَويِّ للحكمة؛ فأصلُ الحكمةِ في اللغةِ: المَنْعُ؛ فهي تَمنَعُ صاحبَها مِن الباطل، ومنه: حَكَمةُ الدابَّةِ؛ لأنها تَمنَعُها مِن الاعوجاج.

فإذا تقرَّر هذا، عَلِمنا أن كلَّ ما يُنافي الحكمةَ الإلهيَّةَ، فهو غيرُ ممكِنٍ، ومنه إظهارُ المعجِزةِ على يدِ الكاذب؛ وهذا ما يتَّضِحُ في النقطةِ التالية:

2- تصديقُ الكاذِبين بالمعجِزاتِ مناقِضٌ للحكمةِ والرحمة:

فإن المدَّعِيَ للنبوَّةِ يُعلِنُ للناسِ بأنه مُرسَلٌ مِن اللهِ تعالى، وأنه مبلِّغٌ عنه أمرَهُ ونهيَهُ، وأنه يبيِّنُ للناسِ ما يحبُّهُ اللهُ ويَرْضاه،

 وما يَكرَهُهُ ويُبغِضُه، وأن مَن يتَّبِعُ ما جاء به، يفوزُ بنعيمِ اللهِ وثوابِه، ومَن لم يتَّبِعْ ما جاء به، يَبُوءُ بعذابِ اللهِ وعقابِه، ثم يدَّعي بأن اللهَ أيَّده بالآيات، 

وآتاهُ البراهينَ التي تدُلُّ على أنه صادقٌ، فيستحيلُ في قوانينِ الحكمةِ والعدلِ الكاملةِ: أن يتحقَّقَ ذلك له إذا كان كاذبًا؛ فإن ذلك مِن أظهرِ ما يُنافي الكمالَ؛ 

لأن اللهَ تعالى لا يؤيِّدُ الكاذبَ عليه بادِّعاءِ النبوَّةِ والرِّسالةِ، ولا ينصُرُهُ، بل يخذُلُهُ، وتكونُ له سوءُ العاقبة.

ونِسْبةُ ذلك - أعني: نُصْرةَ الكذَّابين - إلى اللهِ تعالى: مِن أقبحِ صُوَرِ النقصِ التي يُمكِنُ أن تُنسَبَ إليه؛ وهو كنِسْبةِ الولَدِ والزوجةِ والشريكِ له.

فالإيمانُ بكمالِ اللهِ تعالى في حكمتِهِ، وعدلِهِ، ورحمتِهِ: يُوجِبُ القطعَ بأن تأييدَ النبيِّ الذي يذكُرُ للناسِ أنه مُرسَلٌ مِن اللهِ بالآياتِ والمعجِزاتِ: دليلٌ على صدقِه،

 ولا يُمكِنُ أن يُظهِرَ اللهُ بحالٍ مِن الأحوالِ الآياتِ والمعجِزاتِ على أيدي الكذَّابين لتصديقِهم؛ تعالى اللهُ عن ذلك علُوًّا كبيرًا.

3- الفروقُ بين الأنبياءِ وآياتِهم، والسحَرةِ والكذَّابينَ وخوارقِهم: كثيرةٌ ومتنوِّعة:

بل بينهما مِن الفروقِ ما لا يُحصِيهِ إلا الله؛ فلهذا مِن دلائلِ صدقِه، ولهذا مِن دلائلِ كذبِهِ: ما لا يُمكِنُ إحصاؤُه، وآياتُ الأنبياءِ هي مِن آياتِ اللهِ الدالَّةِ على أمرِهِ ونهيِهِ،

 ووعدِهِ ووعيدِه؛ فتُعرَفُ الفروقُ الكثيرةُ بين آياتِ الأنبياءِ وبين ما يشتبِهُ بها مِن خوارقِ السحَرةِ والكذَّابين، كما يُعرَفُ الفرقُ بين النبيِّ والمتنبِّي،

 وبين ما يجيءُ به النبيُّ وما يجيءُ به المتنبِّي؛ فالنبيُّ الصادقُ خيرُ الناس، والكاذبُ على اللهِ شرُّ الناس؛ فالفرقُ حاصلٌ في نفسِ صفاتِ هذا وصفاتِ هذا،

 وأفعالِ هذا وأفعالِ هذا، وأمرِ هذا وأمرِ هذا، وخبَرِ هذا وخبَرِ هذا، وآياتِ هذا وآياتِ هذا، والفرقُ بينهما كالفرقِ بين الملائكةِ والشياطين، وأهلِ الجنَّةِ وأهلِ النار، 

وخيارِ الناسِ وشرارِهم؛ وهذا أعظَمُ الفروقِ بين الحقِّ والباطل، فكما يُعلَمُ بضرورةِ العقلِ مِن وجودِ أعظمِ الفرقِ بين الأنبياءِ وبين المجانينِ، وأنهم أعقَلُ الناسِ وأبعَدُهم عن الجنون، 

فكذلك يُعلَمُ بضرورةِ العقلِ أعظَمُ الفرقِ بين الأنبياءِ وبين السحَرة، وأنهم أفضَلُ الناسِ وأبعَدُهم عن السِّحْرِ والكذب؛

 فالفرقُ بين النبيِّ والساحرِ أعظمُ مِن الفرقِ بين الليلِ والنهار؛ فكيف يشتبِهُ هذا بهذا؟!

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

إن السائلَ يسلِّمُ أن اللهَ تعالى هو المحدِثُ للمعجِزةِ، ولكنْ لا يَلزَمُ مِن ذلك أن يكونَ أحدَثَها تصديقًا للنبيِّ - بحسَبِ وجهةِ نظَرِ السائلِ - فلا دليلَ على كونِ اللهِ إنما فعَلَ ذلك لأجلِ إثباتِ صدقِ النبيِّ،

 وتدعيمِ دعواهُ؛ فقد يكونُ الرجُلُ كذَّابًا، وتأتي هذه المعجزةُ على يدَيْهِ ليُغوِيَ اللهُ بها الناسَ ويُضِلَّهم؛ بحسَبِ وجهةِ نظَرِ السائل.

مختصَرُ الإجابة:

الكلامُ في النبوَّةِ فرعٌ عن إثباتِ الحكمةِ للهِ تعالى ورحمتِهِ وعدلِهِ، وإثباتُ الحكمةِ للهِ تعالى والرحمةِ والعدلِ يناقِضُ القولَ بأنه يُمكِنُ أن يُظهِرَ اللهُ المعجِزةَ المستمِرَّةَ الظاهرةَ غيرَ المنقوضةِ على أيدي الكذَّابين؛

 ليصدِّقَهم بها، ويُغوِيَ الناسَ؛ تعالى اللهُ عن ذلك علُوًّا كبيرًا.

والفروقُ بين الأنبياءِ وآياتِهم، والسحَرةِ والكذَّابينَ وخوارقِهم: كثيرةٌ ومتنوِّعة؛ بل بينهما مِن الفروقِ ما لا يُحصِيهِ إلا الله؛ فالنبيُّ الصادقُ خيرُ الناس،

 والكاذبُ على اللهِ شرُّ الناس؛ فالفرقُ بينهما كالفرقِ بين الملائكةِ والشياطين، وأهلِ الجنَّةِ وأهلِ النار، وخيارِ الناسِ وشرارِهم،

 بل الفرقُ بين النبيِّ والساحرِ أعظمُ مِن الفرقِ بين الليلِ والنهار؛ فكيف يشتبِهُ هذا بهذا؟!

خاتمة الجواب

فلا يُمكِنُ لكاذبٍ أن يدَّعِيَ النبوَّةَ، وهو يُظهِرُ الصلاحَ والخيرَ، وتعضُدُهُ الأدلَّةُ بالكثرةِ والظهورِ، والاستمرارِ والتعاضُدِ؛ 

فهي أمورٌ لا تجتمِعْ إلا في نبيٍّ، ودراسةُ سِيَرِ الأنبياءِ التي ثبَتَتْ نبوَّتُهم،

 وسِيَرِ الكاذِبينَ الذين ثبَتَ كَذِبُهم -: كافٍ في معرفةِ الفرقِ بين النبيِّ الصادق، والمتنبِّئِ الكاذب.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

إن السائلَ يسلِّمُ أن اللهَ تعالى هو المحدِثُ للمعجِزةِ، ولكنْ لا يَلزَمُ مِن ذلك أن يكونَ أحدَثَها تصديقًا للنبيِّ - بحسَبِ وجهةِ نظَرِ السائلِ - فلا دليلَ على كونِ اللهِ إنما فعَلَ ذلك لأجلِ إثباتِ صدقِ النبيِّ،

 وتدعيمِ دعواهُ؛ فقد يكونُ الرجُلُ كذَّابًا، وتأتي هذه المعجزةُ على يدَيْهِ ليُغوِيَ اللهُ بها الناسَ ويُضِلَّهم؛ بحسَبِ وجهةِ نظَرِ السائل.

مختصَرُ الإجابة:

الكلامُ في النبوَّةِ فرعٌ عن إثباتِ الحكمةِ للهِ تعالى ورحمتِهِ وعدلِهِ، وإثباتُ الحكمةِ للهِ تعالى والرحمةِ والعدلِ يناقِضُ القولَ بأنه يُمكِنُ أن يُظهِرَ اللهُ المعجِزةَ المستمِرَّةَ الظاهرةَ غيرَ المنقوضةِ على أيدي الكذَّابين؛

 ليصدِّقَهم بها، ويُغوِيَ الناسَ؛ تعالى اللهُ عن ذلك علُوًّا كبيرًا.

والفروقُ بين الأنبياءِ وآياتِهم، والسحَرةِ والكذَّابينَ وخوارقِهم: كثيرةٌ ومتنوِّعة؛ بل بينهما مِن الفروقِ ما لا يُحصِيهِ إلا الله؛ فالنبيُّ الصادقُ خيرُ الناس،

 والكاذبُ على اللهِ شرُّ الناس؛ فالفرقُ بينهما كالفرقِ بين الملائكةِ والشياطين، وأهلِ الجنَّةِ وأهلِ النار، وخيارِ الناسِ وشرارِهم،

 بل الفرقُ بين النبيِّ والساحرِ أعظمُ مِن الفرقِ بين الليلِ والنهار؛ فكيف يشتبِهُ هذا بهذا؟!

الجواب التفصيلي

هذه الشبهةُ تقومُ على انحرافٍ شديدٍ في فهمِ كمالِ اللهِ تعالى؛ في حكمتِهِ ورحمتِهِ وعدلِهِ، وهي تدُلُّ على مبلغِ ضلالِ بعضِ العقولِ في بابِ النبوَّات؛

 حيثُ جوَّزوا على اللهِ تعالى أمرًا مستشنَعًا غايةً في الشناعة، وهي - وإنْ كانت شبهةً قديمةً - فلا يبعُدُ أن يتلقَّفَها الطاعِنون في النبوَّاتِ في هذا العصر.

والجوابُ عنها يحتاجُ إلى بيانِ منافاةِ الافتراضِ المذكورِ في السؤالِ لكمالِ اللهِ تعالى، والجوابُ عنها تفصيلًا مِن وجوهٍ:

1- الكلامُ في النبوَّةِ فرعٌ عن إثباتِ الحكمةِ للهِ تعالى:

وليس القصدُ هنا ذِكرَ الآياتِ القرآنيَّةِ، والأحاديثِ النبويَّةِ التي وصَفَ اللهُ تعالى فيها نفسَهُ، ووصَفهُ فيها رسولُهُ بالحكمةِ؛ فهذا معلومٌ متواتِرٌ، وإنما نُشيرُ إلى معنى الحكمةِ في أفعالِ اللهِ تعالى:

فـ «الحكمةُ في الفعلِ»: ما له عاقبةٌ حميدةٌ، و«السَّفَهُ»: ما خلا عن العاقبةِ الحميدة، ثم «الحكمةُ»: مِن صفاتِ المدحِ والكمال،

 و«السفَهُ»: مِن صفاتِ الذمِّ والنقص؛ فكان اللهُ موصوفًا بأنه حكيمٌ، وورَدتْ به النصوصُ لا خَفَاءَ بها، وهو يتعالى عن الوصفِ بالسَّفَهِ سبحانه وتعالى.

وهذا يتَّسِقُ مع المعنى اللُّغَويِّ للحكمة؛ فأصلُ الحكمةِ في اللغةِ: المَنْعُ؛ فهي تَمنَعُ صاحبَها مِن الباطل، ومنه: حَكَمةُ الدابَّةِ؛ لأنها تَمنَعُها مِن الاعوجاج.

فإذا تقرَّر هذا، عَلِمنا أن كلَّ ما يُنافي الحكمةَ الإلهيَّةَ، فهو غيرُ ممكِنٍ، ومنه إظهارُ المعجِزةِ على يدِ الكاذب؛ وهذا ما يتَّضِحُ في النقطةِ التالية:

2- تصديقُ الكاذِبين بالمعجِزاتِ مناقِضٌ للحكمةِ والرحمة:

فإن المدَّعِيَ للنبوَّةِ يُعلِنُ للناسِ بأنه مُرسَلٌ مِن اللهِ تعالى، وأنه مبلِّغٌ عنه أمرَهُ ونهيَهُ، وأنه يبيِّنُ للناسِ ما يحبُّهُ اللهُ ويَرْضاه،

 وما يَكرَهُهُ ويُبغِضُه، وأن مَن يتَّبِعُ ما جاء به، يفوزُ بنعيمِ اللهِ وثوابِه، ومَن لم يتَّبِعْ ما جاء به، يَبُوءُ بعذابِ اللهِ وعقابِه، ثم يدَّعي بأن اللهَ أيَّده بالآيات، 

وآتاهُ البراهينَ التي تدُلُّ على أنه صادقٌ، فيستحيلُ في قوانينِ الحكمةِ والعدلِ الكاملةِ: أن يتحقَّقَ ذلك له إذا كان كاذبًا؛ فإن ذلك مِن أظهرِ ما يُنافي الكمالَ؛ 

لأن اللهَ تعالى لا يؤيِّدُ الكاذبَ عليه بادِّعاءِ النبوَّةِ والرِّسالةِ، ولا ينصُرُهُ، بل يخذُلُهُ، وتكونُ له سوءُ العاقبة.

ونِسْبةُ ذلك - أعني: نُصْرةَ الكذَّابين - إلى اللهِ تعالى: مِن أقبحِ صُوَرِ النقصِ التي يُمكِنُ أن تُنسَبَ إليه؛ وهو كنِسْبةِ الولَدِ والزوجةِ والشريكِ له.

فالإيمانُ بكمالِ اللهِ تعالى في حكمتِهِ، وعدلِهِ، ورحمتِهِ: يُوجِبُ القطعَ بأن تأييدَ النبيِّ الذي يذكُرُ للناسِ أنه مُرسَلٌ مِن اللهِ بالآياتِ والمعجِزاتِ: دليلٌ على صدقِه،

 ولا يُمكِنُ أن يُظهِرَ اللهُ بحالٍ مِن الأحوالِ الآياتِ والمعجِزاتِ على أيدي الكذَّابين لتصديقِهم؛ تعالى اللهُ عن ذلك علُوًّا كبيرًا.

3- الفروقُ بين الأنبياءِ وآياتِهم، والسحَرةِ والكذَّابينَ وخوارقِهم: كثيرةٌ ومتنوِّعة:

بل بينهما مِن الفروقِ ما لا يُحصِيهِ إلا الله؛ فلهذا مِن دلائلِ صدقِه، ولهذا مِن دلائلِ كذبِهِ: ما لا يُمكِنُ إحصاؤُه، وآياتُ الأنبياءِ هي مِن آياتِ اللهِ الدالَّةِ على أمرِهِ ونهيِهِ،

 ووعدِهِ ووعيدِه؛ فتُعرَفُ الفروقُ الكثيرةُ بين آياتِ الأنبياءِ وبين ما يشتبِهُ بها مِن خوارقِ السحَرةِ والكذَّابين، كما يُعرَفُ الفرقُ بين النبيِّ والمتنبِّي،

 وبين ما يجيءُ به النبيُّ وما يجيءُ به المتنبِّي؛ فالنبيُّ الصادقُ خيرُ الناس، والكاذبُ على اللهِ شرُّ الناس؛ فالفرقُ حاصلٌ في نفسِ صفاتِ هذا وصفاتِ هذا،

 وأفعالِ هذا وأفعالِ هذا، وأمرِ هذا وأمرِ هذا، وخبَرِ هذا وخبَرِ هذا، وآياتِ هذا وآياتِ هذا، والفرقُ بينهما كالفرقِ بين الملائكةِ والشياطين، وأهلِ الجنَّةِ وأهلِ النار، 

وخيارِ الناسِ وشرارِهم؛ وهذا أعظَمُ الفروقِ بين الحقِّ والباطل، فكما يُعلَمُ بضرورةِ العقلِ مِن وجودِ أعظمِ الفرقِ بين الأنبياءِ وبين المجانينِ، وأنهم أعقَلُ الناسِ وأبعَدُهم عن الجنون، 

فكذلك يُعلَمُ بضرورةِ العقلِ أعظَمُ الفرقِ بين الأنبياءِ وبين السحَرة، وأنهم أفضَلُ الناسِ وأبعَدُهم عن السِّحْرِ والكذب؛

 فالفرقُ بين النبيِّ والساحرِ أعظمُ مِن الفرقِ بين الليلِ والنهار؛ فكيف يشتبِهُ هذا بهذا؟!

خاتمة الجواب

فلا يُمكِنُ لكاذبٍ أن يدَّعِيَ النبوَّةَ، وهو يُظهِرُ الصلاحَ والخيرَ، وتعضُدُهُ الأدلَّةُ بالكثرةِ والظهورِ، والاستمرارِ والتعاضُدِ؛ 

فهي أمورٌ لا تجتمِعْ إلا في نبيٍّ، ودراسةُ سِيَرِ الأنبياءِ التي ثبَتَتْ نبوَّتُهم،

 وسِيَرِ الكاذِبينَ الذين ثبَتَ كَذِبُهم -: كافٍ في معرفةِ الفرقِ بين النبيِّ الصادق، والمتنبِّئِ الكاذب.