نص السؤال
إن رواةَ السنَّةِ عن رسولِ اللهِ ﷺ بشَرٌ يُخطِئون ويُصيبُون؛ فهم - إذَنْ - غيرُ معصومين؛ فكيف نُؤمِنُ بصحَّةِ وصدقِ ما روَوْهُ لنا مِن مئاتِ الآلافِ مِن الأحاديثِ المنسوبةِ إلى رسولِ الله ﷺ؟
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
السنَّةُ النبويَّةُ مشكوكٌ فيها.
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
يُمكِنُ تجليةُ هذا الإشكالِ مِن خلالِ النقاطِ التالية:
1- العصمةُ لمجموعِ الأمَّةِ ثابتةٌ، وقد أجمَعتِ الأمَّةُ على تلقِّي السنَّةِ النبويَّةِ بالقَبول:
فآحادُ الأئمَّةِ والمحدِّثين هم بشَرٌ يَطرَأُ عليهم ما يَطرَأُ على البشَرِ مِن غفلةٍ وسهوٍ ونِسْيانٍ وخطأٍ، إلا أن إجماعَ الأمَّةِ إجماعٌ معصومٌ بالأدلَّةِ الدالَّةِ على حجِّيَّةِ الإجماع، وإذا كان الإجماعُ معصومًا، لم يكن للاحتجاجِ ببشَريَّةِ نَقَلةِ السنَّةِ معنًى؛ لأنكم تطلُبون العصمةَ فيمَن يقفُ موقفَ الاحتجاجِ بالسنَّة، وقد ثبَتَ إجماعُ الأمَّةِ - المعصومُ - على تلقِّي السنَّةِ بالقَبول.
2- أئمَّةُ السنَّةِ وضَعوا منهجًا محكَمًا للتعامُلِ مع لوازمِ بشَريَّةِ الرواة:
فالبشَرُ يَعرِضُ لهم النِّسْيانُ والخطأُ والسهوُ، وقد وضَعَ أئمَّةُ السنَّةِ منهجًا في التحرِّي والتوقِّي، في التعامُلِ مع الرواياتِ؛ لاجتنابِ هذه الاحتمالات.
حيثُ نشَأَ فنُّ أو علمُ الجرحِ والتعديل، هذا الفنُّ أو العلمُ - الذي اختَصَّتْ به أمَّةُ الإسلام - وقَفهُ علماءُ الحديثِ على معرفةِ أحوالِ الرواةِ مِن التابِعين وتابِعيهم ومِن غيرِهم، وصنَّفوا الرواةَ أصنافًا مختلِفةً، ووضَعوا لقَبولِ الروايةِ مِن كلِّ راوٍ شروطًا دقيقةً ومحكَمةً.
والتعديلُ يعني: وَصْفَ الراوي بالعدالةِ إذا توافَرتْ فيه شروطُها، والتجريحُ يعني: معرفةَ الرواةِ غيرِ العدولِ الذين لا تُقبَلُ روايةُ الحديثِ عنهم.
فالحديثُ الذي يُقبَلُ مِن حيثُ الروايةُ، ينبغي أن يكونَ الراوي له ضابطًا ثقةً، وهو المسلِمُ البالغُ العاقل، السالِمُ مِن أسبابِ الفِسقِ وخوارمِ المروءة، المتيقِّظُ غيرُ المغفَّلِ (الغافل)، وأن يكونَ حافظًا إذا حدَّث مِن حِفظِهِ، فاهمًا إذا روَى الحديثَ بالمعنى في الروايةِ الشَّفَهيَّة.
أما روايةُ مَن خالَفَ حالُهُ هذه الأوصافَ، فلا تُقبَلُ، وكذلك لا تُقبَلُ روايةُ أصحابِ الأهواءِ إذا روَوْا ما يوافِقُ أهواءَهم، ولا تُقبَلُ أيضًا روايةُ مجهولِ الحال.
ويُلاحَظُ: أن هذه الضوابطَ وُضِعَتْ لهدَفٍ سامٍ؛ وهو دفعُ احتمالِ الخطأِ أو الكذبِ في روايةِ الحديث؛ حتى تطمئِنَّ النفسُ إلى أن ما روى المحدِّثُ العدلُ الضابطُ الثقةُ قد صَحَّ صدورُهُ عن النبيِّ ﷺ. ولم يكن علماءُ الحديثِ يَقبَلون كلَّ ما يُرْوى عن رسولِ اللهِ ﷺ؛ حتى تتوافَرَ فيه شروطُ الروايةِ الصحيحة.
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال:
يريدُ السائلُ أن يقولَ: إن البشريَّةَ وصفٌ يلازِمُهُ جملةٌ مِن العوارض؛ وهي الخطأُ، والكذبُ، والسهوُ، والنِّسْيانُ، والتشهِّي، والهَوَى، وغيرُ ذلك، وهذا كلُّه يَمنَعُنا مِن الاطمئنانِ إلى السنَّةِ النبويَّةِ، واعتمادِها مصدرًا في تلقِّي الدينِ؛ بحسَبِ وجهةِ نظَرِ السائل.
مختصَرُ الإجابة:
إن بشَريَّةَ الرواةِ أمرٌ مسلَّمٌ به، ولكنَّ منكري السنَّةِ لا يلتفِتون إلى المناهجِ التي وضَعَها أئمَّةُ الحديثِ؛ للتعامُلِ مع لوازمِ بشَريَّةِ الرواة، واحتمالاتِ الخطأِ والسهوِ والكذبِ الواردةِ عليهم؛ فهؤلاءِ المنكِرون لم يُدرِكوا منزلةَ علمِ مصطلَحِ الحديث، وعلمِ العِلَل، وعلمِ الجرحِ والتعديل، وهي علومٌ دقيقةٌ جِدًّا، تدُلُّ على مبلغٍ مِن التحرِّي والتوقِّي لدى أئمَّةِ السنَّةِ في نقلِ الحديثِ لا يبلُغُ شَأْوَه أيُّ علمٍ آخَر.
وإذا كان إجماعُ الأمَّةِ معصومًا، لا يَرِدُ عليه ما يلازِمُ البشَريَّةَ مِن الخطأِ والسهوِ؛ فإن الأمَّةَ مُجمِعةٌ على تلقِّي السنَّةِ بالقَبول؛ كما أن اللهَ سبحانه حَفِظَ الوحيَ لفظَهُ ومعناهُ مِن الضياعِ والتحريف.
وكلُّ هذا يَدفَعُ بكلِّ قوَّةٍ ما أثاره منكِرو السنَّةِ مِن أن رواةَ السنَّةِ بشَرٌ يخطِئون ويُصيبون؛ فهذه العبارةُ - وإن كانت صحيحةً في آحادِ الرواةِ مِن حيثُ الجملةُ - فلا مفهومَ لها في واقعِ روايةِ الحديث؛ لأن الشروطَ التي وضَعَها علماءُ الحديثِ، جديرةٌ بتحقيقِ الإصابةِ في الرواية، ودفعِ الخطأِ عنها.
خاتمة الجواب
خاتِمةُ الجواب - توصية: ما سبَقَ يَدفَعُ بكلِّ قوَّةٍ ما أثاره منكِرو السنَّةِ مِن أن رواةَ السنَّةِ بشَرٌ يخطِئون ويُصيبون؛ فهذه العبارةُ - وإن كانت صحيحةً في آحادِ الرواةِ مِن حيثُ الجملةُ - فلا مفهومَ لها في واقعِ روايةِ الحديث؛ لأن الشروطَ التي وضَعَها علماءُ الحديثِ رضيَ اللهُ عنهم، جديرةٌ بتحقيقِ الإصابةِ في الرواية، ودفعِ الخطأِ عنها، وهم أعلمُ بأسبابِ الإصابةِ والخطأِ عشَراتِ المرَّاتِ مِن هؤلاءِ الذين يُنكِرون السنَّةَ، وهم لا يَعرِفون شيئًا عن علومِها، ودقَّةِ مناهجِ المحدِّثين فيها في تمييزِ صحيحِها مِن سقيمِها.
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال:
يريدُ السائلُ أن يقولَ: إن البشريَّةَ وصفٌ يلازِمُهُ جملةٌ مِن العوارض؛ وهي الخطأُ، والكذبُ، والسهوُ، والنِّسْيانُ، والتشهِّي، والهَوَى، وغيرُ ذلك، وهذا كلُّه يَمنَعُنا مِن الاطمئنانِ إلى السنَّةِ النبويَّةِ، واعتمادِها مصدرًا في تلقِّي الدينِ؛ بحسَبِ وجهةِ نظَرِ السائل.
مختصَرُ الإجابة:
إن بشَريَّةَ الرواةِ أمرٌ مسلَّمٌ به، ولكنَّ منكري السنَّةِ لا يلتفِتون إلى المناهجِ التي وضَعَها أئمَّةُ الحديثِ؛ للتعامُلِ مع لوازمِ بشَريَّةِ الرواة، واحتمالاتِ الخطأِ والسهوِ والكذبِ الواردةِ عليهم؛ فهؤلاءِ المنكِرون لم يُدرِكوا منزلةَ علمِ مصطلَحِ الحديث، وعلمِ العِلَل، وعلمِ الجرحِ والتعديل، وهي علومٌ دقيقةٌ جِدًّا، تدُلُّ على مبلغٍ مِن التحرِّي والتوقِّي لدى أئمَّةِ السنَّةِ في نقلِ الحديثِ لا يبلُغُ شَأْوَه أيُّ علمٍ آخَر.
وإذا كان إجماعُ الأمَّةِ معصومًا، لا يَرِدُ عليه ما يلازِمُ البشَريَّةَ مِن الخطأِ والسهوِ؛ فإن الأمَّةَ مُجمِعةٌ على تلقِّي السنَّةِ بالقَبول؛ كما أن اللهَ سبحانه حَفِظَ الوحيَ لفظَهُ ومعناهُ مِن الضياعِ والتحريف.
وكلُّ هذا يَدفَعُ بكلِّ قوَّةٍ ما أثاره منكِرو السنَّةِ مِن أن رواةَ السنَّةِ بشَرٌ يخطِئون ويُصيبون؛ فهذه العبارةُ - وإن كانت صحيحةً في آحادِ الرواةِ مِن حيثُ الجملةُ - فلا مفهومَ لها في واقعِ روايةِ الحديث؛ لأن الشروطَ التي وضَعَها علماءُ الحديثِ، جديرةٌ بتحقيقِ الإصابةِ في الرواية، ودفعِ الخطأِ عنها.
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
يُمكِنُ تجليةُ هذا الإشكالِ مِن خلالِ النقاطِ التالية:
1- العصمةُ لمجموعِ الأمَّةِ ثابتةٌ، وقد أجمَعتِ الأمَّةُ على تلقِّي السنَّةِ النبويَّةِ بالقَبول:
فآحادُ الأئمَّةِ والمحدِّثين هم بشَرٌ يَطرَأُ عليهم ما يَطرَأُ على البشَرِ مِن غفلةٍ وسهوٍ ونِسْيانٍ وخطأٍ، إلا أن إجماعَ الأمَّةِ إجماعٌ معصومٌ بالأدلَّةِ الدالَّةِ على حجِّيَّةِ الإجماع، وإذا كان الإجماعُ معصومًا، لم يكن للاحتجاجِ ببشَريَّةِ نَقَلةِ السنَّةِ معنًى؛ لأنكم تطلُبون العصمةَ فيمَن يقفُ موقفَ الاحتجاجِ بالسنَّة، وقد ثبَتَ إجماعُ الأمَّةِ - المعصومُ - على تلقِّي السنَّةِ بالقَبول.
2- أئمَّةُ السنَّةِ وضَعوا منهجًا محكَمًا للتعامُلِ مع لوازمِ بشَريَّةِ الرواة:
فالبشَرُ يَعرِضُ لهم النِّسْيانُ والخطأُ والسهوُ، وقد وضَعَ أئمَّةُ السنَّةِ منهجًا في التحرِّي والتوقِّي، في التعامُلِ مع الرواياتِ؛ لاجتنابِ هذه الاحتمالات.
حيثُ نشَأَ فنُّ أو علمُ الجرحِ والتعديل، هذا الفنُّ أو العلمُ - الذي اختَصَّتْ به أمَّةُ الإسلام - وقَفهُ علماءُ الحديثِ على معرفةِ أحوالِ الرواةِ مِن التابِعين وتابِعيهم ومِن غيرِهم، وصنَّفوا الرواةَ أصنافًا مختلِفةً، ووضَعوا لقَبولِ الروايةِ مِن كلِّ راوٍ شروطًا دقيقةً ومحكَمةً.
والتعديلُ يعني: وَصْفَ الراوي بالعدالةِ إذا توافَرتْ فيه شروطُها، والتجريحُ يعني: معرفةَ الرواةِ غيرِ العدولِ الذين لا تُقبَلُ روايةُ الحديثِ عنهم.
فالحديثُ الذي يُقبَلُ مِن حيثُ الروايةُ، ينبغي أن يكونَ الراوي له ضابطًا ثقةً، وهو المسلِمُ البالغُ العاقل، السالِمُ مِن أسبابِ الفِسقِ وخوارمِ المروءة، المتيقِّظُ غيرُ المغفَّلِ (الغافل)، وأن يكونَ حافظًا إذا حدَّث مِن حِفظِهِ، فاهمًا إذا روَى الحديثَ بالمعنى في الروايةِ الشَّفَهيَّة.
أما روايةُ مَن خالَفَ حالُهُ هذه الأوصافَ، فلا تُقبَلُ، وكذلك لا تُقبَلُ روايةُ أصحابِ الأهواءِ إذا روَوْا ما يوافِقُ أهواءَهم، ولا تُقبَلُ أيضًا روايةُ مجهولِ الحال.
ويُلاحَظُ: أن هذه الضوابطَ وُضِعَتْ لهدَفٍ سامٍ؛ وهو دفعُ احتمالِ الخطأِ أو الكذبِ في روايةِ الحديث؛ حتى تطمئِنَّ النفسُ إلى أن ما روى المحدِّثُ العدلُ الضابطُ الثقةُ قد صَحَّ صدورُهُ عن النبيِّ ﷺ. ولم يكن علماءُ الحديثِ يَقبَلون كلَّ ما يُرْوى عن رسولِ اللهِ ﷺ؛ حتى تتوافَرَ فيه شروطُ الروايةِ الصحيحة.
خاتمة الجواب
خاتِمةُ الجواب - توصية: ما سبَقَ يَدفَعُ بكلِّ قوَّةٍ ما أثاره منكِرو السنَّةِ مِن أن رواةَ السنَّةِ بشَرٌ يخطِئون ويُصيبون؛ فهذه العبارةُ - وإن كانت صحيحةً في آحادِ الرواةِ مِن حيثُ الجملةُ - فلا مفهومَ لها في واقعِ روايةِ الحديث؛ لأن الشروطَ التي وضَعَها علماءُ الحديثِ رضيَ اللهُ عنهم، جديرةٌ بتحقيقِ الإصابةِ في الرواية، ودفعِ الخطأِ عنها، وهم أعلمُ بأسبابِ الإصابةِ والخطأِ عشَراتِ المرَّاتِ مِن هؤلاءِ الذين يُنكِرون السنَّةَ، وهم لا يَعرِفون شيئًا عن علومِها، ودقَّةِ مناهجِ المحدِّثين فيها في تمييزِ صحيحِها مِن سقيمِها.