نص السؤال

إن «صحيحَ البخاريِّ» قد تعدَّدت رواياتُه، ووجَدْنا اختلافاتٍ وزياداتٍ بينها؛ مما يعني أننا أمام أشكالٍ متعدِّدةٍ متعارِضةٍ للأحاديثِ، لا نَعرِفُ رجحانَ بعضِها على بعض؛ وهذا يُسقِطُ الثقةَ بـ «صحيحِ البخاريّ».

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

هل صحيحٌ أن للبخاريِّ رواياتٍ مختلِفةً؟

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:
هذه الشبهةُ نشَأتْ عن عدمِ إدراكٍ لأسبابِ الاختلافاتِ الواقعةِ بين رواياتِ «صحيحِ البخاريِّ»، والجوابُ عنها يحتاجُ إلى بيانِ أسبابِ تلك الاختلافات.
والمتأمِّلُ في أسبابِ تلك الاختلافاتِ يطمئِنُّ إلى أن الاختلافاتِ الواقعةَ بين رواياتِ «صحيحِ البخاريِّ»، مِن الأمورِ المألوفةِ جِدًّا عند الخبيرِ بالمنقولاتِ والكُتُبِ والتراث، بل هي صورةٌ حيَّةٌ عن مَدَى الدقَّةِ والأمانةِ العلميَّةِ التي كان يتميَّزُ بها المحدِّثون في تأليفِهم للمصنَّفات، ومدى رعايتِهم لعِلمِ الروايةِ، وحِرصِهم على مراجَعةِ ما يكتُبُونه، واستمرارِهم في تنقيحِ ما يأخُذُونه عن شيوخِهم، ومراجَعةِ مصادرِهم؛ للوصولِ إلى أدقِّ الرواياتِ وأتقَنِها.
ويتبيَّنُ ذلك مِن وجوه:
1- الاختلافاتُ الواقعةُ في رواياتِ «صحيحِ البخاريِّ»، التي هي مِن قَبيلِ الأوهامِ والأخطاءِ، إنما هي - في الغالِبِ - مِن قِبَلِ الرواةِ، وليست مِن الإمامِ البخاريِّ؛ كما نَصَّ عليه الأئمَّةُ النقَّاد. 
2- الاختلافاتُ التي تتعلَّقُ بترتيبِ الكُتُبِ وأسمائِها، أو تقديمِ بعضِ الأحاديثِ وتأخيرِها، أيضًا هي مِن قَبيلِ اجتهادِ الرواةِ الذين انتسَخوا مِن الكتابِ نُسَخًا متعدِّدةً، ويُمكِنُ - مِن خلالِ المقارَنةِ بين الرواياتِ - معرفةُ ترتيبِها وموضعِها الأقربِ إلى وضعِ الإمامِ البخاريّ. 
3- ما يتعلَّقُ بالاختلافاتِ الواقعةِ في الأسانيد، وهي مع كثرتِها نسبيًّا - مقارَنةً بغيرِها - لا يُوجَدُ فيها ما يترتَّبُ عليه تغييرُ المعنى إلا مواضعَ قليلةً، وقد تكفَّل العلماءُ والشرَّاحُ بتوجيهِها، وإزالةِ الإشكالاتِ الواقعةِ فيها.
4- الوقوفُ على هذه الاختلافاتِ يُعينُ المختصَّ على حَلِّ الإشكالاتِ الواقعةِ في الأسانيدِ؛ مِن وصلِ المنقطِعِ، أو رفعِ الموقوفِ، وتبيينِ سماعِ المدلِّسِ، وإزالةِ الاضطرابِ الواقعِ في السنَدِ، والوقوفِ على أسماءِ الرواةِ المهمَلينَ في الإسنادِ، وخاصَّةً شيوخَ البخاريِّ، وكانت العنايةُ بتلك الاختلافاتِ مِن المعاييرِ التي يُفاضَلُ بها بين شروحِ البخاريّ، واستحَقَّ «فتحُ الباري» لابنِ حجَرٍ التقدُّمَ لأسبابٍ، منها امتيازُهُ في هذه القضيَّة.
5- ما يتعلَّقُ بالاختلافاتِ الواقعةِ في جُمَلِ التعظيمِ للهِ سبحانه وتعالى، أو الصلاةِ والسلامِ على النبيِّ محمَّدٍ ﷺ، أو الترضِّي والترحُّمِ على الصحابةِ والتابِعين -: فهي غالبًا ما تكونُ مِن تصرُّفاتِ النُّسَّاخ.
وقد نَصَّ العلماءُ على أنه كثيرًا ما يتصرَّفُ النُّسَّاخُ في كتابةِ صيغةِ «عليه السلامُ»، أو «كرَّم اللهُ وجهَهُ» لعليٍّ .
6- هناك زياداتٌ قليلةٌ للفَرَبْريِّ - أشهرِ رواةِ البخاريِّ - على الصحيح، وهي معلومةٌ وظاهرةٌ أشار إليها شُرَّاحُ الكتاب، وبعضُ رواةِ نُسَخِ «صحيحِ البخاريّ».

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:
إن تعدُّدَ رواياتِ «صحيحِ البخاريِّ» أمرٌ مسلَّمٌ به، وهو - مِن وجهةِ نظرِ صاحبِ السؤال - أدَّى إلى إشكاليَّاتٍ كبيرةٍ وخطيرة، وهو التعارُضُ ووجودُ زيادات؛ بحيثُ لا يُمكِنُ بعد ذلك الاطمئنانُ إلى النُّسَخِ التي بين أيدينا؛ لأن ما بأيدينا ليس شيئًا معصومًا، بل هو جهدٌ بشَريٌّ. 
مختصَرُ الإجابة:
إن وقوعَ الاختلافِ في الرواياتِ له أسبابٌ، وليس أمرًا مَهُولًا، كما صوَّر السائلُ، ولم يأتِ بمثالٍ واحدٍ سالمٍ مِن المعارَضةِ أدَّى فيه وقوعُ الاختلافِ بين الرواياتِ إلى مَثْلَبةٍ منهجيَّةٍ أو علميَّةٍ في «الصحيح»؛ إذ ليس في أسبابِ اختلافِ رواياتِ البخاريِّ ما يَقدَحُ في منهجيَّتِه؛ ويَظهَرُ ذلك بالتالي:
- الاختلافاتُ في الرواياتِ التي هي مِن قَبيلِ الأوهامِ والأخطاءِ، هي - في الغالِبِ - مِن قِبَلِ الرواةِ.
- واختلافاتُ ترتيبِ الكُتُبِ وأسمائِها، أو تقديمِ بعضِ الأحاديثِ وتأخيرِها، هي مِن قَبيلِ اجتهادِ الرواةِ أيضًا.
- والاختلافاتُ الواقعةُ في الأسانيد، وهي مع كثرتِها نسبيًّا، لا يُوجَدُ فيها ما يترتَّبُ عليه تغييرُ المعنى إلا مواضعَ قليلةً، تكفَّل العلماءُ بتوجيهِها.
- معرفةُ هذه الاختلافاتِ يُعينُ في حَلِّ إشكالاتِ الأسانيدِ؛ مِن وصلِ المنقطِعِ، أو رفعِ الموقوفِ، وتبيينِ سماعِ المدلِّسِ، وإزالةِ الاضطرابِ الواقعِ في السنَدِ، والوقوفِ على أسماءِ الرواةِ المهمَلينَ في الإسنادِ، وخاصَّةً شيوخَ البخاريّ.
- هناك زياداتٌ قليلةٌ للفَرَبْريِّ على الصحيح، وهي معلومةٌ وظاهرةٌ أشار إليها شُرَّاحُ الكتاب.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:
إن تعدُّدَ رواياتِ «صحيحِ البخاريِّ» أمرٌ مسلَّمٌ به، وهو - مِن وجهةِ نظرِ صاحبِ السؤال - أدَّى إلى إشكاليَّاتٍ كبيرةٍ وخطيرة، وهو التعارُضُ ووجودُ زيادات؛ بحيثُ لا يُمكِنُ بعد ذلك الاطمئنانُ إلى النُّسَخِ التي بين أيدينا؛ لأن ما بأيدينا ليس شيئًا معصومًا، بل هو جهدٌ بشَريٌّ. 
مختصَرُ الإجابة:
إن وقوعَ الاختلافِ في الرواياتِ له أسبابٌ، وليس أمرًا مَهُولًا، كما صوَّر السائلُ، ولم يأتِ بمثالٍ واحدٍ سالمٍ مِن المعارَضةِ أدَّى فيه وقوعُ الاختلافِ بين الرواياتِ إلى مَثْلَبةٍ منهجيَّةٍ أو علميَّةٍ في «الصحيح»؛ إذ ليس في أسبابِ اختلافِ رواياتِ البخاريِّ ما يَقدَحُ في منهجيَّتِه؛ ويَظهَرُ ذلك بالتالي:
- الاختلافاتُ في الرواياتِ التي هي مِن قَبيلِ الأوهامِ والأخطاءِ، هي - في الغالِبِ - مِن قِبَلِ الرواةِ.
- واختلافاتُ ترتيبِ الكُتُبِ وأسمائِها، أو تقديمِ بعضِ الأحاديثِ وتأخيرِها، هي مِن قَبيلِ اجتهادِ الرواةِ أيضًا.
- والاختلافاتُ الواقعةُ في الأسانيد، وهي مع كثرتِها نسبيًّا، لا يُوجَدُ فيها ما يترتَّبُ عليه تغييرُ المعنى إلا مواضعَ قليلةً، تكفَّل العلماءُ بتوجيهِها.
- معرفةُ هذه الاختلافاتِ يُعينُ في حَلِّ إشكالاتِ الأسانيدِ؛ مِن وصلِ المنقطِعِ، أو رفعِ الموقوفِ، وتبيينِ سماعِ المدلِّسِ، وإزالةِ الاضطرابِ الواقعِ في السنَدِ، والوقوفِ على أسماءِ الرواةِ المهمَلينَ في الإسنادِ، وخاصَّةً شيوخَ البخاريّ.
- هناك زياداتٌ قليلةٌ للفَرَبْريِّ على الصحيح، وهي معلومةٌ وظاهرةٌ أشار إليها شُرَّاحُ الكتاب.

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:
هذه الشبهةُ نشَأتْ عن عدمِ إدراكٍ لأسبابِ الاختلافاتِ الواقعةِ بين رواياتِ «صحيحِ البخاريِّ»، والجوابُ عنها يحتاجُ إلى بيانِ أسبابِ تلك الاختلافات.
والمتأمِّلُ في أسبابِ تلك الاختلافاتِ يطمئِنُّ إلى أن الاختلافاتِ الواقعةَ بين رواياتِ «صحيحِ البخاريِّ»، مِن الأمورِ المألوفةِ جِدًّا عند الخبيرِ بالمنقولاتِ والكُتُبِ والتراث، بل هي صورةٌ حيَّةٌ عن مَدَى الدقَّةِ والأمانةِ العلميَّةِ التي كان يتميَّزُ بها المحدِّثون في تأليفِهم للمصنَّفات، ومدى رعايتِهم لعِلمِ الروايةِ، وحِرصِهم على مراجَعةِ ما يكتُبُونه، واستمرارِهم في تنقيحِ ما يأخُذُونه عن شيوخِهم، ومراجَعةِ مصادرِهم؛ للوصولِ إلى أدقِّ الرواياتِ وأتقَنِها.
ويتبيَّنُ ذلك مِن وجوه:
1- الاختلافاتُ الواقعةُ في رواياتِ «صحيحِ البخاريِّ»، التي هي مِن قَبيلِ الأوهامِ والأخطاءِ، إنما هي - في الغالِبِ - مِن قِبَلِ الرواةِ، وليست مِن الإمامِ البخاريِّ؛ كما نَصَّ عليه الأئمَّةُ النقَّاد. 
2- الاختلافاتُ التي تتعلَّقُ بترتيبِ الكُتُبِ وأسمائِها، أو تقديمِ بعضِ الأحاديثِ وتأخيرِها، أيضًا هي مِن قَبيلِ اجتهادِ الرواةِ الذين انتسَخوا مِن الكتابِ نُسَخًا متعدِّدةً، ويُمكِنُ - مِن خلالِ المقارَنةِ بين الرواياتِ - معرفةُ ترتيبِها وموضعِها الأقربِ إلى وضعِ الإمامِ البخاريّ. 
3- ما يتعلَّقُ بالاختلافاتِ الواقعةِ في الأسانيد، وهي مع كثرتِها نسبيًّا - مقارَنةً بغيرِها - لا يُوجَدُ فيها ما يترتَّبُ عليه تغييرُ المعنى إلا مواضعَ قليلةً، وقد تكفَّل العلماءُ والشرَّاحُ بتوجيهِها، وإزالةِ الإشكالاتِ الواقعةِ فيها.
4- الوقوفُ على هذه الاختلافاتِ يُعينُ المختصَّ على حَلِّ الإشكالاتِ الواقعةِ في الأسانيدِ؛ مِن وصلِ المنقطِعِ، أو رفعِ الموقوفِ، وتبيينِ سماعِ المدلِّسِ، وإزالةِ الاضطرابِ الواقعِ في السنَدِ، والوقوفِ على أسماءِ الرواةِ المهمَلينَ في الإسنادِ، وخاصَّةً شيوخَ البخاريِّ، وكانت العنايةُ بتلك الاختلافاتِ مِن المعاييرِ التي يُفاضَلُ بها بين شروحِ البخاريّ، واستحَقَّ «فتحُ الباري» لابنِ حجَرٍ التقدُّمَ لأسبابٍ، منها امتيازُهُ في هذه القضيَّة.
5- ما يتعلَّقُ بالاختلافاتِ الواقعةِ في جُمَلِ التعظيمِ للهِ سبحانه وتعالى، أو الصلاةِ والسلامِ على النبيِّ محمَّدٍ ﷺ، أو الترضِّي والترحُّمِ على الصحابةِ والتابِعين -: فهي غالبًا ما تكونُ مِن تصرُّفاتِ النُّسَّاخ.
وقد نَصَّ العلماءُ على أنه كثيرًا ما يتصرَّفُ النُّسَّاخُ في كتابةِ صيغةِ «عليه السلامُ»، أو «كرَّم اللهُ وجهَهُ» لعليٍّ .
6- هناك زياداتٌ قليلةٌ للفَرَبْريِّ - أشهرِ رواةِ البخاريِّ - على الصحيح، وهي معلومةٌ وظاهرةٌ أشار إليها شُرَّاحُ الكتاب، وبعضُ رواةِ نُسَخِ «صحيحِ البخاريّ».