نص السؤال
إن حديثَ:
«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي»،
حديثٌ يعارِضُ حقيقةَ أن مؤسَّسةَ الخلافةِ مؤسَّسةٌ محدَثةٌ بعد وفاةِ النبيِّ ﷺ؛ فكيف نَقبَلُه؟
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
حديثُ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي»، يعارِضُ الحقائقَ التاريخيَّةَ.
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
حقيقةُ هذه الشبهةِ: الطعنُ في الحديثِ الذي رواهُ العِرْباضُ بنُ سارِيَةَ مرفوعًا:
«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي»؛
رواه أحمد (17142، 17144، 17145)، وأبو داود (4607)، وابنُ ماجهْ (42) وغيرُهم
والاستشكالُ الواردُ في السؤالِ يتضمَّنُ الحاجةَ لإزالةِ ذلك التعارُضِ المتوهَّم.
وذلك يتبيَّنُ مِن وجوه:
1- انفرادُ اللهِ تعالى بعلمِ الغيبِ لا يَمنَعُ مِن إطلاعِهِ بعضَ رسُلِهِ على بعضِ الغيوب:
فلا مانعَ مِن إخبارِ النبيِّ ﷺ بما سيَطرَأُ بعده مِن أحداثٍ سياسيَّةٍ؛ فالنبيُّ ﷺ - وإن كان لا يَعلَمُ الغيبَ علمًا مطلَقًا؛ كما في قولِهِ تعالى:
{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}
[الأعراف: ١٨٨]
وقولِهِ تعالى:
{وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ}
[هود: ٣١]
- إلا أن هذا لا يَمنَعُ مِن إطلاعِ اللهِ عزَّ وجلَّ نبيَّهُ ﷺ على بعضِ الغيوب؛ بدليلِ قولِهِ تعالى:
{تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}
[هود: ٤٩]
وقولِهِ تعالى:
{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}
[الجن: 26-٢٧]
وعلى هذا: يُمكِنُ اعتبارُ إخبارِ النبيِّ ﷺ أن الخِلافةَ تكونُ في قُريشٍ مِن ذاك الغيبِ الذي أَوْحى اللهُ به إلى نبيِّه ﷺ.
2- لفظُ «الخِلافةِ»، و«الخليفةِ»، ورَدَ في السنَّةِ النبويَّةِ في أحاديثَ كثيرةٍ:
ومِن أشهرِها: حديثُ سَفِينةَ رضيَ اللهُ عنه مرفوعًا:
«الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا»، وهو حديثٌ مرويٌّ في «السُّنَنِ»، وصحَّحه الإمامُ أحمدُ، واحتَجَّ به على التربيعِ بعليٍّ رضيَ اللهُ عنه في الخلافة؛
رواه أحمدُ (36/ 248 رقم 21919)، وأبو داودَ (4646، 4647)، والتِّرمِذيُّ (2226)
ومنها أيضًا: قولُ النبيِّ ﷺ: «مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالخَيْرِ، وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ، وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، والمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ»؛ رواه البخاري (6611، 7198).
وليس اللفظُ واردًا في حديثِ العِرْباضِ بنِ سارِيَةَ فحَسْبُ، بل إن الإجماعَ المستنِدَ إلى النصِّ قد انعقَدَ على وجوبِ انحِصارِ الخلافةِ في قُريشٍ.
3- الأدلَّةُ على وجوبِ نصبِ الإمامِ كثيرةٌ:
فإن التسليمَ بالطعنِ في حديثِ العِرْباضِ بنِ سارِيَةَ رضيَ اللهُ عنه لا يُسقِطُ أصلَ وجوبِ نصبِ الإمام؛ لأن أدلَّةَ نصبِ الإمامِ عديدةٌ، منها: مبادَرةُ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم إلى نصبِ الإمامِ قبل دفنِ النبيِّ ﷺ، وغيرُ ذلك مِن الأدلَّةِ المبسوطةِ في الكُتُبِ العقَديَّةِ والفقهيَّة.
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال:
في الحديثِ الواردِ عن العِرْباضِ بنِ سارِيَةَ مرفوعًا:
«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي»؛
ويومئذٍ لم تكن مؤسَّسةُ الخلافةِ قد رأتِ النورَ بعدُ، ولا كان متوقَّعًا لها أن تَرَى النورَ؛ لأنها واحدةٌ مِن كُبرَياتِ النوازلِ التي لم يَنزِلْ فيها قرآنٌ؛ فقد مات النبيُّ ﷺ، ولم يسمِّ أحدًا لخلافتِه، وما كان أحدٌ يَدْري أن خلفاءَهُ سيُسَمَّوْنَ بـ «الخلفاءِ»، ولا على الأخَصِّ: أن الأربعةَ الأوائلَ منهم سيُسَمَّوْنَ دون غيرِهم مِن الخلفاءِ اللاحِقينَ بـ: «الراشِدين»، وهو تعبيرٌ لم يَرَ النورَ بدَوْرِهِ إلا في زمنٍ متأخِّرٍ؛ فهذا كلُّه - مِن وجهةِ نظرِ السائل - دليلٌ على أن الحديثَ مختلَقٌ مردودٌ.
مختصَرُ الإجابة:
الحديثُ ثابتٌ صحيحٌ، ومثلُهُ أحاديثُ صحيحةٌ كثيرة، وهو مِن أعلامِ النبوَّة؛ فإخبارُ النبيِّ ﷺ به مما أطلَعهُ اللهُ تعالى عليه مِن بعضِ الغيوب، ومنها الأحوالُ السياسيَّةُ مِن بعدِه؛ فإن انفرادَ اللهِ تعالى بعلمِ الغيبِ لا يَمنَعُ مِن إطلاعِهِ بعضَ رسُلِهِ على بعضِ الغيوب.
كما أن الأدلَّةَ على وجوبِ نصبِ الإمامِ كثيرةٌ، لا تسقُطُ بالتسليمِ بالطعنِ في هذا الحديثِ تسليمًا جدَليًّا، ومنها: مبادَرةُ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم إلى نصبِ الإمامِ قبل دفنِ النبيِّ ﷺ، وغيرُ ذلك مِن الأدلَّةِ المبسوطةِ في الكُتُبِ العقَديَّةِ والفقهيَّة.
خاتمة الجواب
خاتِمةُ الجواب - توصية:
إن الطعنَ في أصلِ الخلافةِ نشأ في حِقْبةِ الاستعمارِ وسقوطِ الدولةِ العثمانيَّةِ مَطلَعَ القرنِ العشرينَ الميلاديِّ، وتوارَثَ ذلك الطعنَ بعضُ ذوي الاتِّجاهاتِ العَلْمانيَّةِ مِن العرَب، وتصدَّى علماءُ المسلِمين للردِّ عليهم منذُ ذلك الوقتِ؛ مِثلُ ما كتَبهُ الشيخُ رشيد رضا، وما كتبه الشيخُ مصطفى صبري التُّوقاديّ.
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال:
في الحديثِ الواردِ عن العِرْباضِ بنِ سارِيَةَ مرفوعًا:
«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي»؛
ويومئذٍ لم تكن مؤسَّسةُ الخلافةِ قد رأتِ النورَ بعدُ، ولا كان متوقَّعًا لها أن تَرَى النورَ؛ لأنها واحدةٌ مِن كُبرَياتِ النوازلِ التي لم يَنزِلْ فيها قرآنٌ؛ فقد مات النبيُّ ﷺ، ولم يسمِّ أحدًا لخلافتِه، وما كان أحدٌ يَدْري أن خلفاءَهُ سيُسَمَّوْنَ بـ «الخلفاءِ»، ولا على الأخَصِّ: أن الأربعةَ الأوائلَ منهم سيُسَمَّوْنَ دون غيرِهم مِن الخلفاءِ اللاحِقينَ بـ: «الراشِدين»، وهو تعبيرٌ لم يَرَ النورَ بدَوْرِهِ إلا في زمنٍ متأخِّرٍ؛ فهذا كلُّه - مِن وجهةِ نظرِ السائل - دليلٌ على أن الحديثَ مختلَقٌ مردودٌ.
مختصَرُ الإجابة:
الحديثُ ثابتٌ صحيحٌ، ومثلُهُ أحاديثُ صحيحةٌ كثيرة، وهو مِن أعلامِ النبوَّة؛ فإخبارُ النبيِّ ﷺ به مما أطلَعهُ اللهُ تعالى عليه مِن بعضِ الغيوب، ومنها الأحوالُ السياسيَّةُ مِن بعدِه؛ فإن انفرادَ اللهِ تعالى بعلمِ الغيبِ لا يَمنَعُ مِن إطلاعِهِ بعضَ رسُلِهِ على بعضِ الغيوب.
كما أن الأدلَّةَ على وجوبِ نصبِ الإمامِ كثيرةٌ، لا تسقُطُ بالتسليمِ بالطعنِ في هذا الحديثِ تسليمًا جدَليًّا، ومنها: مبادَرةُ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم إلى نصبِ الإمامِ قبل دفنِ النبيِّ ﷺ، وغيرُ ذلك مِن الأدلَّةِ المبسوطةِ في الكُتُبِ العقَديَّةِ والفقهيَّة.
الجواب التفصيلي
الجوابُ التفصيليّ:
حقيقةُ هذه الشبهةِ: الطعنُ في الحديثِ الذي رواهُ العِرْباضُ بنُ سارِيَةَ مرفوعًا:
«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي»؛
رواه أحمد (17142، 17144، 17145)، وأبو داود (4607)، وابنُ ماجهْ (42) وغيرُهم
والاستشكالُ الواردُ في السؤالِ يتضمَّنُ الحاجةَ لإزالةِ ذلك التعارُضِ المتوهَّم.
وذلك يتبيَّنُ مِن وجوه:
1- انفرادُ اللهِ تعالى بعلمِ الغيبِ لا يَمنَعُ مِن إطلاعِهِ بعضَ رسُلِهِ على بعضِ الغيوب:
فلا مانعَ مِن إخبارِ النبيِّ ﷺ بما سيَطرَأُ بعده مِن أحداثٍ سياسيَّةٍ؛ فالنبيُّ ﷺ - وإن كان لا يَعلَمُ الغيبَ علمًا مطلَقًا؛ كما في قولِهِ تعالى:
{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}
[الأعراف: ١٨٨]
وقولِهِ تعالى:
{وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ}
[هود: ٣١]
- إلا أن هذا لا يَمنَعُ مِن إطلاعِ اللهِ عزَّ وجلَّ نبيَّهُ ﷺ على بعضِ الغيوب؛ بدليلِ قولِهِ تعالى:
{تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}
[هود: ٤٩]
وقولِهِ تعالى:
{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}
[الجن: 26-٢٧]
وعلى هذا: يُمكِنُ اعتبارُ إخبارِ النبيِّ ﷺ أن الخِلافةَ تكونُ في قُريشٍ مِن ذاك الغيبِ الذي أَوْحى اللهُ به إلى نبيِّه ﷺ.
2- لفظُ «الخِلافةِ»، و«الخليفةِ»، ورَدَ في السنَّةِ النبويَّةِ في أحاديثَ كثيرةٍ:
ومِن أشهرِها: حديثُ سَفِينةَ رضيَ اللهُ عنه مرفوعًا:
«الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا»، وهو حديثٌ مرويٌّ في «السُّنَنِ»، وصحَّحه الإمامُ أحمدُ، واحتَجَّ به على التربيعِ بعليٍّ رضيَ اللهُ عنه في الخلافة؛
رواه أحمدُ (36/ 248 رقم 21919)، وأبو داودَ (4646، 4647)، والتِّرمِذيُّ (2226)
ومنها أيضًا: قولُ النبيِّ ﷺ: «مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالخَيْرِ، وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ، وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، والمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ»؛ رواه البخاري (6611، 7198).
وليس اللفظُ واردًا في حديثِ العِرْباضِ بنِ سارِيَةَ فحَسْبُ، بل إن الإجماعَ المستنِدَ إلى النصِّ قد انعقَدَ على وجوبِ انحِصارِ الخلافةِ في قُريشٍ.
3- الأدلَّةُ على وجوبِ نصبِ الإمامِ كثيرةٌ:
فإن التسليمَ بالطعنِ في حديثِ العِرْباضِ بنِ سارِيَةَ رضيَ اللهُ عنه لا يُسقِطُ أصلَ وجوبِ نصبِ الإمام؛ لأن أدلَّةَ نصبِ الإمامِ عديدةٌ، منها: مبادَرةُ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم إلى نصبِ الإمامِ قبل دفنِ النبيِّ ﷺ، وغيرُ ذلك مِن الأدلَّةِ المبسوطةِ في الكُتُبِ العقَديَّةِ والفقهيَّة.
خاتمة الجواب
خاتِمةُ الجواب - توصية:
إن الطعنَ في أصلِ الخلافةِ نشأ في حِقْبةِ الاستعمارِ وسقوطِ الدولةِ العثمانيَّةِ مَطلَعَ القرنِ العشرينَ الميلاديِّ، وتوارَثَ ذلك الطعنَ بعضُ ذوي الاتِّجاهاتِ العَلْمانيَّةِ مِن العرَب، وتصدَّى علماءُ المسلِمين للردِّ عليهم منذُ ذلك الوقتِ؛ مِثلُ ما كتَبهُ الشيخُ رشيد رضا، وما كتبه الشيخُ مصطفى صبري التُّوقاديّ.