نص السؤال

هل الحَلُّ الأمثلُ لعلاجِ الجريمةِ في المجتمَعاتِ هو الاعتداءُ بالمِثلِ؛ كما ورَدَ في الآيةِ:

{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِين}

[البقرة: 194]

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

هل يدعو القرآنُ للانتقامِ، وسَفْكِ الدماء؟

الجواب التفصيلي

القرآنُ يدعو للدفاعِ عن النَّفْسِ، والقِصاصِ العادلِ، وبهما تستقِرُّ حياةُ البشريَّة، كما يحُثُّ على التسامُحِ والعفو.

فالآيةُ تحُثُّ على الدفاعِ عن النفس، وليس الانتقامَ، أو الاعتداءَ، وبيانُ ذلك فيما يلي:

أوَّلًا: لقد انتُزِعَتِ الآيةُ التي يُستدَلُّ بها مِن سياقِها؛ فساء فَهْمُهم لها:

ولو أنهم قرَؤُوها مِن أوَّلِها، لوَجَدوا أن اللهَ تعالى يقولُ:

{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}

[البقرة: 194]

.

وسببُ نزولِ هذه الآيةِ: هو أن المشرِكين قالوا للنبيِّ ^ في عُمْرةِ القضاءِ: أَنُهِيتَ يا محمَّدُ عن القتالِ في الشَّهْرِ الحرام؟ قال: نَعَمْ، فأرادوا قتالَهُ، فنزَلتِ الآيةُ تُبِيحُ قتالَهم في الشهرِ الحرامِ؛ دِفاعًا عن النَّفْس، وليس انتقامًا مِن أحدٍ: عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه في تفسيرِهِ لقولِهِ تعالى:

{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}

[البقرة: 194]

أنه قال:

«هذا ونحوُهُ نزَلَ بمكَّةَ، والمسلِمونَ يومئِذٍ قليلٌ، ليس لهم سلطانٌ يَقهَرُ المشرِكين، وكان المشرِكون يَتَعاطَوْنهم بالشَّتْمِ والأذى»؛

رواه البيهقيُّ في «سننِهِ» (8/ 107 رقم 16080)

فالآيةُ إذنْ تحُثُّ على الدفاعِ عن النَّفْسِ، وليس على القتلِ والانتقامِ، وغيرِ ذلك.

ثانيًا: القِصاصُ العادلُ حقٌّ مشروعٌ، وقد دعا القرآنُ إليه:

فالقِصاصُ ليس انتقامًا ناجمًا عن حِقْدٍ، وإنما هو عقوبةٌ مقدَّرةٌ تُوجِبُ حقًّا على الواقعةِ الإجراميَّةِ بمِثلِها تمامًا؛ وهذا فيه فوائدُ جمَّةٌ في حياةِ البشَر.

فما الذي سيَمنَعُ القاتلَ مِن قتلِ الناسِ إلا معرفتُهُ أنه سيَخسَرُ حياتَهُ نتيجةَ فِعلِهِ؛ فيؤدِّي امتناعُهُ عن القتلِ إلى الحفاظِ على أرواحِ الآخَرين؟!

وأفرادُ المجتمَعِ متساوُون في الحقوقِ والواجباتِ حسَبَ ما جاء به القرآنُ الكريمُ، الذي حرَّم سَلْبَ حقوقِ الآخَرين؛ فشرَعَ أن يأخُذَ القاضي الحقَّ مِن المعتدي، ويرُدَّهُ لصاحبِه.

فهناك بَوْنٌ شاسعٌ بين القِصاصِ والانتقامِ، وفيما يلي نُورِدُ بعضَ الاختلافاتِ بينهما؛ كي نوضِّحَ ذلك لمَن غاب عنه هذا الأمرُ:

1- القِصاصُ يتولَّاهُ وليُّ الأمرِ، أو يكونُ بإذنِهِ، بينما الانتقامُ يقومُ به المعتدَى عليه، أو أحدُ أقاربِه.

2- طلَبُ العَدْلِ هو الغايةُ المنشودةُ مِن القِصاصِ، بينما الدافعُ الأكبرُ للانتقامِ: هو الحِقدُ.

3- القِصاصُ تَتِمُّ فيه معاقَبةُ المجرِمِ دون غيرِه، بينما الانتقامُ قد يَطالُ غيرَ المجرِم.

4- لا يَتِمُّ الحكمُ بالقِصاصِ إلا بعد الأدلَّةِ اليقينيَّة، وليس الأمرُ كذلك في حالةِ الانتقام، والذي تَلعَبُ فيه دَوْرًا بارزًا: الظنونُ، ومشاعرُ النَّفْسِ الثائرةِ لدى المعتدَى عليه.

كما لا نَنْسَى أن نذكُرَ: أن القِصاصَ كان عقوبةً مقرَّرةً في كلِّ الشرائعِ السماويَّةِ؛

قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}

[المائدة: 32]

وقال سبحانه:

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}

[المائدة: 45]

والمقصودُ هنا التوراة.

ثالثًا: القِصاصُ فيه حياةٌ واستقرارٌ للبشَر:

ففي القِصاصِ: رَدْعٌ للناسِ عن قتلِ بعضِهم بعضًا، ولولاه، لما ارتَدَع الناسُ؛ فإن أكبَرَ ما يَخشاهُ الإنسانُ هو الموت، ولو عَلِمَ القاتلُ أنه لن يمُوتَ بسببِ قتلِهِ للناسِ؛ فلن يهتمَّ بحُرْمةِ حياةِ غيرِهِ مِن البشَرِ، وسينتشِرُ القتلُ بين الناسِ بشكلٍ مُفرِطٍ؛ كما هو حاصلٌ في حوادثِ الثأر.

وأهلُ النظَرِ الصحيحِ فقطْ هم مَن يَرَوْنَ الحكمةَ مِن القِصاص، ويُدرِكون أن فيه حياةً للمجتمَعاتِ؛ لأنه يَحفَظُ للناسِ حياتَهم. وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (50)، (228).

مختصر الجواب

القرآنُ يدعو للدفاعِ عن النَّفْسِ، والقِصاصِ العادلِ، وبهما تستقِرُّ حياةُ البشريَّة، كما يحُثُّ على التسامُحِ والعفو؛ فالآيةُ المذكورةُ في السؤالِ تحُثُّ على الدفاعِ عن النفس، وليس الانتقامَ، أو الاعتداءَ، وإنما ساء فهمُهم لها؛ لأنهم انتزَعوها مِن سياقِها، ولو أنهم قرَؤُوها مِن أوَّلِها، وعرَفوا سببَ نزولِها، لعرَفوا أن الآيةَ تحُثُّ على الدفاعِ عن النَّفْسِ، وليس على القتلِ والانتقامِ، وغيرِ ذلك.

والقِصاصُ العادلُ حقٌّ مشروعٌ، وقد دعا القرآنُ إليه؛ فليس القِصاصُ انتقامًا ناجمًا عن حِقْدٍ، وإنما هو عقوبةٌ مقدَّرةٌ ومقرَّرةً في كلِّ الشرائعِ السماويَّةِ، وهي تُوجِبُ حقًّا على الواقعةِ الإجراميَّةِ بمِثلِها تمامًا؛ وهذا فيه فوائدُ جمَّةٌ، وفيه حياةٌ واستقرارٌ للبشَر؛ فهناك بَوْنٌ شاسعٌ واختلافاتٌ كبيرةٌ بين القِصاصِ والانتقام.

مختصر الجواب

القرآنُ يدعو للدفاعِ عن النَّفْسِ، والقِصاصِ العادلِ، وبهما تستقِرُّ حياةُ البشريَّة، كما يحُثُّ على التسامُحِ والعفو؛ فالآيةُ المذكورةُ في السؤالِ تحُثُّ على الدفاعِ عن النفس، وليس الانتقامَ، أو الاعتداءَ، وإنما ساء فهمُهم لها؛ لأنهم انتزَعوها مِن سياقِها، ولو أنهم قرَؤُوها مِن أوَّلِها، وعرَفوا سببَ نزولِها، لعرَفوا أن الآيةَ تحُثُّ على الدفاعِ عن النَّفْسِ، وليس على القتلِ والانتقامِ، وغيرِ ذلك.

والقِصاصُ العادلُ حقٌّ مشروعٌ، وقد دعا القرآنُ إليه؛ فليس القِصاصُ انتقامًا ناجمًا عن حِقْدٍ، وإنما هو عقوبةٌ مقدَّرةٌ ومقرَّرةً في كلِّ الشرائعِ السماويَّةِ، وهي تُوجِبُ حقًّا على الواقعةِ الإجراميَّةِ بمِثلِها تمامًا؛ وهذا فيه فوائدُ جمَّةٌ، وفيه حياةٌ واستقرارٌ للبشَر؛ فهناك بَوْنٌ شاسعٌ واختلافاتٌ كبيرةٌ بين القِصاصِ والانتقام.

الجواب التفصيلي

القرآنُ يدعو للدفاعِ عن النَّفْسِ، والقِصاصِ العادلِ، وبهما تستقِرُّ حياةُ البشريَّة، كما يحُثُّ على التسامُحِ والعفو.

فالآيةُ تحُثُّ على الدفاعِ عن النفس، وليس الانتقامَ، أو الاعتداءَ، وبيانُ ذلك فيما يلي:

أوَّلًا: لقد انتُزِعَتِ الآيةُ التي يُستدَلُّ بها مِن سياقِها؛ فساء فَهْمُهم لها:

ولو أنهم قرَؤُوها مِن أوَّلِها، لوَجَدوا أن اللهَ تعالى يقولُ:

{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}

[البقرة: 194]

.

وسببُ نزولِ هذه الآيةِ: هو أن المشرِكين قالوا للنبيِّ ^ في عُمْرةِ القضاءِ: أَنُهِيتَ يا محمَّدُ عن القتالِ في الشَّهْرِ الحرام؟ قال: نَعَمْ، فأرادوا قتالَهُ، فنزَلتِ الآيةُ تُبِيحُ قتالَهم في الشهرِ الحرامِ؛ دِفاعًا عن النَّفْس، وليس انتقامًا مِن أحدٍ: عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه في تفسيرِهِ لقولِهِ تعالى:

{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}

[البقرة: 194]

أنه قال:

«هذا ونحوُهُ نزَلَ بمكَّةَ، والمسلِمونَ يومئِذٍ قليلٌ، ليس لهم سلطانٌ يَقهَرُ المشرِكين، وكان المشرِكون يَتَعاطَوْنهم بالشَّتْمِ والأذى»؛

رواه البيهقيُّ في «سننِهِ» (8/ 107 رقم 16080)

فالآيةُ إذنْ تحُثُّ على الدفاعِ عن النَّفْسِ، وليس على القتلِ والانتقامِ، وغيرِ ذلك.

ثانيًا: القِصاصُ العادلُ حقٌّ مشروعٌ، وقد دعا القرآنُ إليه:

فالقِصاصُ ليس انتقامًا ناجمًا عن حِقْدٍ، وإنما هو عقوبةٌ مقدَّرةٌ تُوجِبُ حقًّا على الواقعةِ الإجراميَّةِ بمِثلِها تمامًا؛ وهذا فيه فوائدُ جمَّةٌ في حياةِ البشَر.

فما الذي سيَمنَعُ القاتلَ مِن قتلِ الناسِ إلا معرفتُهُ أنه سيَخسَرُ حياتَهُ نتيجةَ فِعلِهِ؛ فيؤدِّي امتناعُهُ عن القتلِ إلى الحفاظِ على أرواحِ الآخَرين؟!

وأفرادُ المجتمَعِ متساوُون في الحقوقِ والواجباتِ حسَبَ ما جاء به القرآنُ الكريمُ، الذي حرَّم سَلْبَ حقوقِ الآخَرين؛ فشرَعَ أن يأخُذَ القاضي الحقَّ مِن المعتدي، ويرُدَّهُ لصاحبِه.

فهناك بَوْنٌ شاسعٌ بين القِصاصِ والانتقامِ، وفيما يلي نُورِدُ بعضَ الاختلافاتِ بينهما؛ كي نوضِّحَ ذلك لمَن غاب عنه هذا الأمرُ:

1- القِصاصُ يتولَّاهُ وليُّ الأمرِ، أو يكونُ بإذنِهِ، بينما الانتقامُ يقومُ به المعتدَى عليه، أو أحدُ أقاربِه.

2- طلَبُ العَدْلِ هو الغايةُ المنشودةُ مِن القِصاصِ، بينما الدافعُ الأكبرُ للانتقامِ: هو الحِقدُ.

3- القِصاصُ تَتِمُّ فيه معاقَبةُ المجرِمِ دون غيرِه، بينما الانتقامُ قد يَطالُ غيرَ المجرِم.

4- لا يَتِمُّ الحكمُ بالقِصاصِ إلا بعد الأدلَّةِ اليقينيَّة، وليس الأمرُ كذلك في حالةِ الانتقام، والذي تَلعَبُ فيه دَوْرًا بارزًا: الظنونُ، ومشاعرُ النَّفْسِ الثائرةِ لدى المعتدَى عليه.

كما لا نَنْسَى أن نذكُرَ: أن القِصاصَ كان عقوبةً مقرَّرةً في كلِّ الشرائعِ السماويَّةِ؛

قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}

[المائدة: 32]

وقال سبحانه:

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}

[المائدة: 45]

والمقصودُ هنا التوراة.

ثالثًا: القِصاصُ فيه حياةٌ واستقرارٌ للبشَر:

ففي القِصاصِ: رَدْعٌ للناسِ عن قتلِ بعضِهم بعضًا، ولولاه، لما ارتَدَع الناسُ؛ فإن أكبَرَ ما يَخشاهُ الإنسانُ هو الموت، ولو عَلِمَ القاتلُ أنه لن يمُوتَ بسببِ قتلِهِ للناسِ؛ فلن يهتمَّ بحُرْمةِ حياةِ غيرِهِ مِن البشَرِ، وسينتشِرُ القتلُ بين الناسِ بشكلٍ مُفرِطٍ؛ كما هو حاصلٌ في حوادثِ الثأر.

وأهلُ النظَرِ الصحيحِ فقطْ هم مَن يَرَوْنَ الحكمةَ مِن القِصاص، ويُدرِكون أن فيه حياةً للمجتمَعاتِ؛ لأنه يَحفَظُ للناسِ حياتَهم. وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (50)، (228).