نص السؤال
هل الآياتُ التي تَحْكي مجيءَ إبراهيمَ إلى مكَّةَ حقيقةٌ؟ أم كانت لغرَضِ أن يتألَّفَ اليهودَ، ويتقرَّبَ إليهم، ويثبِّتَ الصلةَ بينهم وبين العرَب؟! في مثلِ ما ورَدَ في الآيةِ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: 126] |
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
هل تَمَّ افتعالُ قصَّةِ إبراهيمَ في القرآنِ مداهَنةً لليهود؟ |
الجواب التفصيلي
إن قصَّةَ سيِّدِنا إبراهيمَ وزيارتِهِ لمكَّةَ ثابتةٌ تاريخيًّا، لا يَجحَدُها منصِفٌ؛ كما أن مَن قرَأَ القرآنَ سيَرَى أن الكلامَ في القرآنِ عن سيِّدِنا إبراهيمَ عليه السلامُ، وعن اليهودِ، يبيِّنُ مدى البَوْنِ الشاسعِ، والبُعْدِ الكبيرِ بين الواقع، وبين الكلامِ الموجودِ في الدعوى المذكورة.
وفي النقاطِ التاليةِ مَزيدُ توضيحٍ:
أوَّلًا: لم يكن القرآنُ الكريمُ وحدَهُ الذي ذكَرَ قصَّةَ مجيءِ إبراهيمَ عليه السلامُ إلى مكَّةَ:
فقد سبَقهُ في ذلك كتُبُ العهدِ القديم؛ لذا يَحِقُّ لأيِّ عاقلٍ على وجهِ الأرضِ أن يتساءَلَ حول ما إذا كان مِن المَنطِقيِّ إنكارُ ذِكْرِها في الكُتُبِ السابقةِ لمجرَّدِ أنها ذُكِرَتْ في القرآنِ الكريم؟!
كما أن نسبةَ إسماعيلَ عليه السلامُ لأبيهِ ثابتةٌ عندنا وعندهم؛ فعليهم إذَنْ أن يُجِيبوا على سؤالِنا: كيف ذهَبَ إسماعيلُ إلى مكَّةَ؟ وهل إبراهيمُ هو الذي ذهَبَ به إلى هناك، كما ذكَرَ القرآنُ الكريم؟
ثانيًا: لو كان ما جاء في السؤالِ صحيحًا في أن النبيَّ ﷺ كان يُريدُ تأليفَ قلوبِ اليهودِ بذكرِهِ قصَّةَ مجيءِ إبراهيمَ -: لَمَا أعلَنَ - منذ البدايةِ - أن العقيدةَ التي جاء بها القرآنُ مخالِفةٌ تمامًا للعقائدِ المحرَّفةِ لليهودِ والنصارى وغيرِهم:
فالمَنطِقُ يقولُ: إن ذلك لا يستقيمُ على الإطلاق؛ لأن الذي يَسْعى لاستمالةِ قلوبِ جماعةٍ مِن الناسِ لا يُمكِنُ أن يُعلِنَ مسبَقًا عداءَهُ لجميعِ عقائدِهم المحرَّفة.
ثالثًا: الآيةُ التي ابتدَأتْ ذِكرَ قصَّةِ قدومِ إبراهيمَ عليه السلامُ إلى مكَّةَ، وهي
قولُهُ تعالى:
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}
[إبراهيم: 35]
، هذه الآيةُ مكِّيَّةٌ، أي: نزلَتْ في مكَّةَ؛ حيثُ لا يَهُودَ هناك على الإطلاق؛ وهذا دليلٌ على أن ما جاء في السؤالِ ليس صحيحًا.
رابعًا: هل ذكَرُ القرآنُ الكريمُ أن إبراهيمَ عليه السلامُ كان يهوديًّا أو نصرانيًّا؟:
الجوابُ هو: لا، بل ذكَرَ حقيقةً واضحةً جليَّةً، وهي أنه كان حنيفًا مسلِمًا، وما كان مِن المشرِكين، وقد صرَّح بذلك حين جادَلَ أهلُ الكتابِ في شأنِ إبراهيمَ وعقيدتِهِ؛ فهل يستقيمُ عقليًّا أن يَسْعى القرآنُ إلى تأليفِ قلوبِ أُناسٍ، بذِكرِهِ لقصَّةِ نبيٍّ يخالِفُهم تمامًا في عقائدِهم المحرَّفة؟! ألم يكن السكوتُ عن ذلك هو الأنسَبَ والأَوْلى؟!
قال اللهُ تعالى:
{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
[آل عمران: 67]
،
وقال عزَّ وجلَّ:
{قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
[البقرة: 135]
، وفي آيةٍ أخرى
يقولُ اللهُ سبحانه:
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}
[آل عمران: 65]
،
وقال عزَّ وجلَّ:
{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}
[البقرة: 133].
فالحاصلُ: أن قصَّةَ إبراهيمَ وزيارتِهِ لمكَّةَ ثابتةٌ، وفيها دليلٌ على وَحْدةِ أديانِ الأنبياءِ عليهم السلامُ؛ مِن حيثُ توحيدُ اللهِ سبحانه وتعالى، ولا يتطلَّبُ الأمرُ لمعرفةِ الحقِّ إلا عقلًا صافيًا نقيًّا، لا تشوبُهُ شوائبُ أهواءِ النفسِ، أو تؤثِّرُ فيه غَوَاياتٌ مِن أحد.
مختصر الجواب
كلُّ الكُتُبِ المقدَّسةِ ذكَرَتْ قصَّةَ قدومِ إبراهيمَ عليه السلامُ إلى مكَّةَ، والقرآنُ ذكَرَها في آياتٍ مكِّيَّةٍ، أي: نزلَتْ في مكَّةَ؛ حيثُ لا يَهُودَ هناك على الإطلاق؛ فكيف يداهِنُهم عليه الصلاةُ والسلام؟! وهذا دليلٌ على أن ما جاء في السؤالِ ليس صحيحًا.
كما أن القرآنَ أخبَرَنا أن إبراهيمَ عليه السلامُ كان حنيفًا مسلِمًا، وما كان يهوديًّا، ولا نصرانيًّا، ولا مِن المشرِكين، والرسولُ ^ كانت عقيدتُهُ كذلك عقيدةَ الحنيفيَّةِ والتوحيدِ؛ لذلك لا يُمكِنُ أن يداهِنَ أحدًا.
مختصر الجواب
كلُّ الكُتُبِ المقدَّسةِ ذكَرَتْ قصَّةَ قدومِ إبراهيمَ عليه السلامُ إلى مكَّةَ، والقرآنُ ذكَرَها في آياتٍ مكِّيَّةٍ، أي: نزلَتْ في مكَّةَ؛ حيثُ لا يَهُودَ هناك على الإطلاق؛ فكيف يداهِنُهم عليه الصلاةُ والسلام؟! وهذا دليلٌ على أن ما جاء في السؤالِ ليس صحيحًا.
كما أن القرآنَ أخبَرَنا أن إبراهيمَ عليه السلامُ كان حنيفًا مسلِمًا، وما كان يهوديًّا، ولا نصرانيًّا، ولا مِن المشرِكين، والرسولُ ^ كانت عقيدتُهُ كذلك عقيدةَ الحنيفيَّةِ والتوحيدِ؛ لذلك لا يُمكِنُ أن يداهِنَ أحدًا.
الجواب التفصيلي
إن قصَّةَ سيِّدِنا إبراهيمَ وزيارتِهِ لمكَّةَ ثابتةٌ تاريخيًّا، لا يَجحَدُها منصِفٌ؛ كما أن مَن قرَأَ القرآنَ سيَرَى أن الكلامَ في القرآنِ عن سيِّدِنا إبراهيمَ عليه السلامُ، وعن اليهودِ، يبيِّنُ مدى البَوْنِ الشاسعِ، والبُعْدِ الكبيرِ بين الواقع، وبين الكلامِ الموجودِ في الدعوى المذكورة.
وفي النقاطِ التاليةِ مَزيدُ توضيحٍ:
أوَّلًا: لم يكن القرآنُ الكريمُ وحدَهُ الذي ذكَرَ قصَّةَ مجيءِ إبراهيمَ عليه السلامُ إلى مكَّةَ:
فقد سبَقهُ في ذلك كتُبُ العهدِ القديم؛ لذا يَحِقُّ لأيِّ عاقلٍ على وجهِ الأرضِ أن يتساءَلَ حول ما إذا كان مِن المَنطِقيِّ إنكارُ ذِكْرِها في الكُتُبِ السابقةِ لمجرَّدِ أنها ذُكِرَتْ في القرآنِ الكريم؟!
كما أن نسبةَ إسماعيلَ عليه السلامُ لأبيهِ ثابتةٌ عندنا وعندهم؛ فعليهم إذَنْ أن يُجِيبوا على سؤالِنا: كيف ذهَبَ إسماعيلُ إلى مكَّةَ؟ وهل إبراهيمُ هو الذي ذهَبَ به إلى هناك، كما ذكَرَ القرآنُ الكريم؟
ثانيًا: لو كان ما جاء في السؤالِ صحيحًا في أن النبيَّ ﷺ كان يُريدُ تأليفَ قلوبِ اليهودِ بذكرِهِ قصَّةَ مجيءِ إبراهيمَ -: لَمَا أعلَنَ - منذ البدايةِ - أن العقيدةَ التي جاء بها القرآنُ مخالِفةٌ تمامًا للعقائدِ المحرَّفةِ لليهودِ والنصارى وغيرِهم:
فالمَنطِقُ يقولُ: إن ذلك لا يستقيمُ على الإطلاق؛ لأن الذي يَسْعى لاستمالةِ قلوبِ جماعةٍ مِن الناسِ لا يُمكِنُ أن يُعلِنَ مسبَقًا عداءَهُ لجميعِ عقائدِهم المحرَّفة.
ثالثًا: الآيةُ التي ابتدَأتْ ذِكرَ قصَّةِ قدومِ إبراهيمَ عليه السلامُ إلى مكَّةَ، وهي
قولُهُ تعالى:
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}
[إبراهيم: 35]
، هذه الآيةُ مكِّيَّةٌ، أي: نزلَتْ في مكَّةَ؛ حيثُ لا يَهُودَ هناك على الإطلاق؛ وهذا دليلٌ على أن ما جاء في السؤالِ ليس صحيحًا.
رابعًا: هل ذكَرُ القرآنُ الكريمُ أن إبراهيمَ عليه السلامُ كان يهوديًّا أو نصرانيًّا؟:
الجوابُ هو: لا، بل ذكَرَ حقيقةً واضحةً جليَّةً، وهي أنه كان حنيفًا مسلِمًا، وما كان مِن المشرِكين، وقد صرَّح بذلك حين جادَلَ أهلُ الكتابِ في شأنِ إبراهيمَ وعقيدتِهِ؛ فهل يستقيمُ عقليًّا أن يَسْعى القرآنُ إلى تأليفِ قلوبِ أُناسٍ، بذِكرِهِ لقصَّةِ نبيٍّ يخالِفُهم تمامًا في عقائدِهم المحرَّفة؟! ألم يكن السكوتُ عن ذلك هو الأنسَبَ والأَوْلى؟!
قال اللهُ تعالى:
{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
[آل عمران: 67]
،
وقال عزَّ وجلَّ:
{قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
[البقرة: 135]
، وفي آيةٍ أخرى
يقولُ اللهُ سبحانه:
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}
[آل عمران: 65]
،
وقال عزَّ وجلَّ:
{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}
[البقرة: 133].
فالحاصلُ: أن قصَّةَ إبراهيمَ وزيارتِهِ لمكَّةَ ثابتةٌ، وفيها دليلٌ على وَحْدةِ أديانِ الأنبياءِ عليهم السلامُ؛ مِن حيثُ توحيدُ اللهِ سبحانه وتعالى، ولا يتطلَّبُ الأمرُ لمعرفةِ الحقِّ إلا عقلًا صافيًا نقيًّا، لا تشوبُهُ شوائبُ أهواءِ النفسِ، أو تؤثِّرُ فيه غَوَاياتٌ مِن أحد.