نص السؤال
هل في القرآنِ ما يخالِفُ بعضَ حقائقِ التاريخ؟ فالقرآنُ ذكَرَ قصَّةَ موسى والخَضِرِ وذي القَرْنَيْن، مع اختلافِ زمَنِ موسى عن ذي القرنَيْن.
المؤلف: باحثو مركز أصول
المصدر: مركز أصول
عبارات مشابهة للسؤال
هل ورَدَ في قِصصِ القرآنِ ما يخالِفُ الحقائقَ التاريخيَّة؟
الجواب التفصيلي
إن القرآنَ الكريمَ قد ثبَتَتْ قطعيَّتُهُ في الصحَّة، وأنه مِن عندِ اللهِ تعالى؛ وبالتالي: فالقرآنُ هو الذي ينبغي أن يكونَ حاكمًا على مصادرِ التاريخِ وما ورَدَ فيها، وليس العكسَ.
ثم إن القرآنَ الكريمَ لا يُنسَبُ إليه إلا ما ورَدَ فيه، والقرآنُ الكريمُ لم يذكُرْ في قصَّةِ موسى والخَضِرِ زمنًا محدَّدًا، ولم يذكُرْ أنهما التقَيَا بذي القرنَيْنِ، وعليه: فلا يُنسَبُ للقرآنِ إلا ما ورَدَ فيه.
وأما أقوالُ المفسِّرين أو غيرِهم - مما اختلَفوا فيه، ولم يتَّفِقوا عليه - فلا يُمكِنُ أن تُنسَبَ إلى القرآنِ الكريم، ما لم ينُصَّ القرآنُ الكريمُ نفسُهُ على ذلك، وإلا كانت النسبةُ إليه ظالمةً.
والمَزيدُ مِن التوضيحِ يأتي مِن خلالِ النقاطِ التالية:
أوَّلًا: حجِّيَّةُ القرآنِ والسنَّةِ هي الفَيصَلُ عند المسلِمين:
فكلُّ ما ذكَرهُ القرآنُ والسنَّةُ عن «الخَضِرِ»، هو: أنه مِن عِبادِ اللهِ الذين آتاهُمُ اللهُ رحمةً مِن عندِه، وعلَّمه الكثيرَ مِن العِلْم، وأما ما عدا ذلك مِن المعلوماتِ غيرِ الواردةِ في النصوصِ الصحيحةِ، فإنما هي مِن أقوالِ المفسِّرين الذين اختَلفوا في عدَّةِ جوانبَ مِن قصَّةِ موسى مع الخَضِرِ؛ عليهما السلام. وقد اختلَفوا في تحديدِ اسمِ الخَضِرِ، وهل ما يَزالُ حيًّا، أم أنه قد مات؟ والصحيحُ: أنه قد مات، وكذلك اختَلفوا في كونِهِ نبيًّا مِن الأنبياء، أم أنه مجرَّدُ وليٍّ مِن الأولياء، بل إن بعضًا منهم قال: إنه ملَكٌ مِن الملائكة؟ والصحيحُ: أنه نبيٌّ مِن الأنبياء.
وبالنسبةِ لـ «ذي القَرْنَيْنِ»: فلم يُذكَرِ اسمُهُ في القرآن، وأما المفسِّرون، فقد اختلَفوا في اسمِهِ؛ فمنهم مَن قال: بأنه إِسكَنْدَرُ بنُ فِيلِبُسَ، وبعضُهم قال: إنه مَلِكٌ مِن ملوكِ الفُرْسِ يُدْعى: أَفْرِيدُونَ بنَ أَفْيانَ، وآخَرون قالوا: إنه مَلِكٌ مِن ملوكِ حِمْيَرَ باليمَن.
وكلُّ هذه الأقوالِ التي قالها المفسِّرون، قد تُخطِئُ، وقد تُصيبُ؛ لكونِها صادرةً مِن بشَرٍ لا يُوحَى إليهم، وهم في ذاتِ الوقتِ لم يُجمِعوا ويتَّفِقوا عليها، في حينِ أننا نجدُ أن القرآنَ والسنَّةَ لم يذكُرَا لنا شيئًا مِن ذلك.
فلنا إذنْ أنْ نتعجَّبَ ممَّن يتَّهِمون القرآنَ بالخطأِ في شيءٍ هو لم يذكُرْهُ أصلًا؛ فكلُّ الافتراءاتِ المذكورةِ في السؤالِ، لم تردْ أبدًا في القرآنِ أو السنَّة.
ومِن جهةٍ أخرى: فإن القرآنَ الكريمَ كتابٌ سَماويٌّ مِن عند اللهِ سبحانه وتعالى، ولو أنه ذكَرَ أن موسى والخَضِرَ التقَيَا بذي القَرْنَيْن، وحدَّد اسمَهُ، واسمَ الخَضِرِ، فسنصدِّقُ بلا شكٍّ، ولن نصدِّقَ كتُبَ التاريخ:
لأن «القرآنَ» قد ثبَتَ أنه لم يُحرَّفْ، وإعجازُهُ في شتَّى المجالاتِ واضحٌ للعِيان؛ فهو الأَوْلى بالتصديقِ والثقةِ بمحتواه.
وأما «كتُبُ التاريخ»، فقد أصابها الخَلْطُ والاضطرابُ والتحريفُ، ومصادرُها ليست معصومةً؛ فكيف إذَنْ نَجعَلُها هي الحَكَمَ على أوثَقِ كتابٍ بين أيدي البشَرِ على الإطلاق؟!
ثانيًا: لم يذكُرِ القرآنُ والسنَّةُ أن موسى عليه السلامُ والخَضِرَ قد أدْرَكا ذا القَرْنَيْن:
فالنصوصُ مِن القرآنِ أو السنَّةِ لم تذكُرْ أن موسى والخَضِرَ عليهما السلامُ قد التقَيَا ذا القرنَيْن، ولم يذكُرِ القرآنُ أو السنَّةُ اسمَ ذي القَرْنَيْن، ولا حدَّد ميلادَهُ ووفاتَه؛ فلا يَصِحُّ إذنْ أن تُنسَبَ إلى القرآنِ أمورٌ لم يذكُرْها أصلًا، ثم يقالَ عنه: إنه مناقِضٌ للتاريخ. والجديرُ بالذِّكْرِ هنا: أن موسى عليه السلامُ لم يكن يَعرِفُ الخَضِرَ، والخَضِرُ لم يكن يَعرِفُ موسى، بل لما سلَّم عليه موسى، قال له الخَضِرُ:
«وأنَّى بأَرضِكَ السلامُ؟ فقال له: أنا موسى، فقال: موسى بني إسرائيلَ؟ قال: نَعَمْ»؛
رواه البخاري (122)، ومسلم (2380)
فكان قد بلَغهُ اسمُهُ وخبرُهُ، ولم يكن يَعرِفُ عَيْنَه.
ثم إن ذا القرنَيْنِ مما يقَعُ الخلطَ فيه بين ذي القرنَيْنِ الذي هو عبدٌ صالحٌ، وبين الإسكَندَرِ المَقْدونيِّ الذي قد يُلقَّبُ ذا القرنَيْنِ أيضًا، وبينهما فرقٌ؛ فإن ذا القرنَيْنِ عبدٌ مسلِمٌ صالحٌ، وقيل: إنه مِن العرَبِ، وإن عَهْدَهُ قريبٌ مِن عهدِ إبراهيمَ عليه السلامُ، وأما المَقْدونيُّ، فكان مشرِكًا ظالمًا مِن اليونانِ، ولم يصلْ إلى السدِّ. والمقصودُ: أن القرآنَ الكريمَ ثبَتتْ صحَّتُهُ بالأدلَّةِ الصحيحةِ الصريحة؛ فلا يُمكِنُ اتِّهامُهُ بما لم يَرِدْ فيه، ولا يُمكِنُ معارَضتُهُ بأدلَّةٍ ضعيفة.
مختصر الجواب
القرآنُ الكريمُ والسنَّةُ النبويَّةُ هي أعظمُ المصادرِ ثبوتًا وصدقًا؛ فينبغي ابتداءً تقديمُهما على غيرِهما، وهما أثبَتُ صحَّةً مما يظُنُّهُ كثيرٌ مِن الناسِ مصادرَ للتاريخ، فلا يَصِحُّ إبطالُ الأقوى بالأضعف.
ثم إن القرآنَ والسنَّةَ ذكَرَا وقائعَ معيَّنةً، ولم يحدِّدا تاريخًا لحادثةِ الخَضِرِ مع موسى، ولم يذكُرا أنهما قابَلا ذا القرنَيْنِ أصلًا.
وأما أقوالُ بعضِ المسلِمين، فلو وقَعتْ، فهي اجتهاداتٌ منهم لنقلِ ما ذُكِرَ في كتبِ التاريخِ الأخرى، لكنها ليست حاكمةً على القرآنِ والسنَّة، ولم يقولوا: إن هذا ما قاله الكتابُ والسنَّة، والعصمةُ في الكتابِ والسنَّة، لا في كتُبِ التاريخ.
وعلى سبيلِ المثالِ الواردِ في السؤالِ: ليس في القرآنِ دليلٌ واحدٌ على لقاءِ ذي القَرْنَيْنِ بموسى عليه السلام والخَضِر.
مختصر الجواب
القرآنُ الكريمُ والسنَّةُ النبويَّةُ هي أعظمُ المصادرِ ثبوتًا وصدقًا؛ فينبغي ابتداءً تقديمُهما على غيرِهما، وهما أثبَتُ صحَّةً مما يظُنُّهُ كثيرٌ مِن الناسِ مصادرَ للتاريخ، فلا يَصِحُّ إبطالُ الأقوى بالأضعف.
ثم إن القرآنَ والسنَّةَ ذكَرَا وقائعَ معيَّنةً، ولم يحدِّدا تاريخًا لحادثةِ الخَضِرِ مع موسى، ولم يذكُرا أنهما قابَلا ذا القرنَيْنِ أصلًا.
وأما أقوالُ بعضِ المسلِمين، فلو وقَعتْ، فهي اجتهاداتٌ منهم لنقلِ ما ذُكِرَ في كتبِ التاريخِ الأخرى، لكنها ليست حاكمةً على القرآنِ والسنَّة، ولم يقولوا: إن هذا ما قاله الكتابُ والسنَّة، والعصمةُ في الكتابِ والسنَّة، لا في كتُبِ التاريخ.
وعلى سبيلِ المثالِ الواردِ في السؤالِ: ليس في القرآنِ دليلٌ واحدٌ على لقاءِ ذي القَرْنَيْنِ بموسى عليه السلام والخَضِر.
الجواب التفصيلي
إن القرآنَ الكريمَ قد ثبَتَتْ قطعيَّتُهُ في الصحَّة، وأنه مِن عندِ اللهِ تعالى؛ وبالتالي: فالقرآنُ هو الذي ينبغي أن يكونَ حاكمًا على مصادرِ التاريخِ وما ورَدَ فيها، وليس العكسَ.
ثم إن القرآنَ الكريمَ لا يُنسَبُ إليه إلا ما ورَدَ فيه، والقرآنُ الكريمُ لم يذكُرْ في قصَّةِ موسى والخَضِرِ زمنًا محدَّدًا، ولم يذكُرْ أنهما التقَيَا بذي القرنَيْنِ، وعليه: فلا يُنسَبُ للقرآنِ إلا ما ورَدَ فيه.
وأما أقوالُ المفسِّرين أو غيرِهم - مما اختلَفوا فيه، ولم يتَّفِقوا عليه - فلا يُمكِنُ أن تُنسَبَ إلى القرآنِ الكريم، ما لم ينُصَّ القرآنُ الكريمُ نفسُهُ على ذلك، وإلا كانت النسبةُ إليه ظالمةً.
والمَزيدُ مِن التوضيحِ يأتي مِن خلالِ النقاطِ التالية:
أوَّلًا: حجِّيَّةُ القرآنِ والسنَّةِ هي الفَيصَلُ عند المسلِمين:
فكلُّ ما ذكَرهُ القرآنُ والسنَّةُ عن «الخَضِرِ»، هو: أنه مِن عِبادِ اللهِ الذين آتاهُمُ اللهُ رحمةً مِن عندِه، وعلَّمه الكثيرَ مِن العِلْم، وأما ما عدا ذلك مِن المعلوماتِ غيرِ الواردةِ في النصوصِ الصحيحةِ، فإنما هي مِن أقوالِ المفسِّرين الذين اختَلفوا في عدَّةِ جوانبَ مِن قصَّةِ موسى مع الخَضِرِ؛ عليهما السلام. وقد اختلَفوا في تحديدِ اسمِ الخَضِرِ، وهل ما يَزالُ حيًّا، أم أنه قد مات؟ والصحيحُ: أنه قد مات، وكذلك اختَلفوا في كونِهِ نبيًّا مِن الأنبياء، أم أنه مجرَّدُ وليٍّ مِن الأولياء، بل إن بعضًا منهم قال: إنه ملَكٌ مِن الملائكة؟ والصحيحُ: أنه نبيٌّ مِن الأنبياء.
وبالنسبةِ لـ «ذي القَرْنَيْنِ»: فلم يُذكَرِ اسمُهُ في القرآن، وأما المفسِّرون، فقد اختلَفوا في اسمِهِ؛ فمنهم مَن قال: بأنه إِسكَنْدَرُ بنُ فِيلِبُسَ، وبعضُهم قال: إنه مَلِكٌ مِن ملوكِ الفُرْسِ يُدْعى: أَفْرِيدُونَ بنَ أَفْيانَ، وآخَرون قالوا: إنه مَلِكٌ مِن ملوكِ حِمْيَرَ باليمَن.
وكلُّ هذه الأقوالِ التي قالها المفسِّرون، قد تُخطِئُ، وقد تُصيبُ؛ لكونِها صادرةً مِن بشَرٍ لا يُوحَى إليهم، وهم في ذاتِ الوقتِ لم يُجمِعوا ويتَّفِقوا عليها، في حينِ أننا نجدُ أن القرآنَ والسنَّةَ لم يذكُرَا لنا شيئًا مِن ذلك.
فلنا إذنْ أنْ نتعجَّبَ ممَّن يتَّهِمون القرآنَ بالخطأِ في شيءٍ هو لم يذكُرْهُ أصلًا؛ فكلُّ الافتراءاتِ المذكورةِ في السؤالِ، لم تردْ أبدًا في القرآنِ أو السنَّة.
ومِن جهةٍ أخرى: فإن القرآنَ الكريمَ كتابٌ سَماويٌّ مِن عند اللهِ سبحانه وتعالى، ولو أنه ذكَرَ أن موسى والخَضِرَ التقَيَا بذي القَرْنَيْن، وحدَّد اسمَهُ، واسمَ الخَضِرِ، فسنصدِّقُ بلا شكٍّ، ولن نصدِّقَ كتُبَ التاريخ:
لأن «القرآنَ» قد ثبَتَ أنه لم يُحرَّفْ، وإعجازُهُ في شتَّى المجالاتِ واضحٌ للعِيان؛ فهو الأَوْلى بالتصديقِ والثقةِ بمحتواه.
وأما «كتُبُ التاريخ»، فقد أصابها الخَلْطُ والاضطرابُ والتحريفُ، ومصادرُها ليست معصومةً؛ فكيف إذَنْ نَجعَلُها هي الحَكَمَ على أوثَقِ كتابٍ بين أيدي البشَرِ على الإطلاق؟!
ثانيًا: لم يذكُرِ القرآنُ والسنَّةُ أن موسى عليه السلامُ والخَضِرَ قد أدْرَكا ذا القَرْنَيْن:
فالنصوصُ مِن القرآنِ أو السنَّةِ لم تذكُرْ أن موسى والخَضِرَ عليهما السلامُ قد التقَيَا ذا القرنَيْن، ولم يذكُرِ القرآنُ أو السنَّةُ اسمَ ذي القَرْنَيْن، ولا حدَّد ميلادَهُ ووفاتَه؛ فلا يَصِحُّ إذنْ أن تُنسَبَ إلى القرآنِ أمورٌ لم يذكُرْها أصلًا، ثم يقالَ عنه: إنه مناقِضٌ للتاريخ. والجديرُ بالذِّكْرِ هنا: أن موسى عليه السلامُ لم يكن يَعرِفُ الخَضِرَ، والخَضِرُ لم يكن يَعرِفُ موسى، بل لما سلَّم عليه موسى، قال له الخَضِرُ:
«وأنَّى بأَرضِكَ السلامُ؟ فقال له: أنا موسى، فقال: موسى بني إسرائيلَ؟ قال: نَعَمْ»؛
رواه البخاري (122)، ومسلم (2380)
فكان قد بلَغهُ اسمُهُ وخبرُهُ، ولم يكن يَعرِفُ عَيْنَه.
ثم إن ذا القرنَيْنِ مما يقَعُ الخلطَ فيه بين ذي القرنَيْنِ الذي هو عبدٌ صالحٌ، وبين الإسكَندَرِ المَقْدونيِّ الذي قد يُلقَّبُ ذا القرنَيْنِ أيضًا، وبينهما فرقٌ؛ فإن ذا القرنَيْنِ عبدٌ مسلِمٌ صالحٌ، وقيل: إنه مِن العرَبِ، وإن عَهْدَهُ قريبٌ مِن عهدِ إبراهيمَ عليه السلامُ، وأما المَقْدونيُّ، فكان مشرِكًا ظالمًا مِن اليونانِ، ولم يصلْ إلى السدِّ. والمقصودُ: أن القرآنَ الكريمَ ثبَتتْ صحَّتُهُ بالأدلَّةِ الصحيحةِ الصريحة؛ فلا يُمكِنُ اتِّهامُهُ بما لم يَرِدْ فيه، ولا يُمكِنُ معارَضتُهُ بأدلَّةٍ ضعيفة.