نص السؤال

لقد وقَعَ القرآنُ في خلطٍ واضطرابٍ؛ وذلك بوصفِهِ مَريَمَ بأنها أختُ هارونَ، مع الفارِق الزمنيِّ بين عصرَيْهما.

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

ما هو المقصودُ بقولِهِ تعالى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28]؟

الجواب التفصيلي

إن فهمَ اللغةِ العربيَّة، وسياقاتِها، وأساليبِها، أمرٌ مُهِمٌّ جِدًّا لإزالةِ الكثيرِ مِن الإشكالاتِ والتوهُّماتِ التي قد تَطْرَأُ على الذِّهْن؛ وتوضيحُ الإشكالِ في السؤالِ المذكورِ يتبيَّنُ مِن النقاطِ الآتية:

أوَّلًا: الوصفُ في القرآنِ إنما هو محكيٌّ عن قومِ مَريَمَ لها:

فالمتأمِّلُ للسياقِ القرآنيِّ الواردِ في الآيةِ لن يصعُبَ عليه أن يلاحِظَ أن وصفَ مَريَمَ بأنها أختُ هارونَ، ليس تسميةً أطلَقَها عليها القرآنُ، بل حكاه على لسانِ قومِها، فلم يقل القرآنُ:

«إن هارونَ مريمَ هو هارونُ موسى» ، ولم يقل: «إن عِمْرانَ والدَ مريمَ هو عِمْرانُ والدُ موسى»، وإنما جاء السياقُ ناقلًا قولَ اليهودِ في حقِّ مريمَ؛

قال سبحانه:

{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}

[مريم: 27- 29].

وقد رَدَّ النبيُّ ﷺ على هذا الفهمِ بنفسِهِ؛ ففي «صحيحِ مسلمٍ» (2135)، وغيرِهِ، عن المُغيرةِ بنِ شُعْبةَ، قال: «بَعَثَني رسُولُ اللهِ ﷺ إلى أهلِ نَجْرانَ، فقالوا: أرأَيْتَ ما تَقرَؤونَ:

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]

وموسى قبل عيسى بكذا وكذا؟ قال المُغيرةُ: فلم أَدْرِ ما أقولُ، فلما قَدِمتُ إلى رسولِ اللهِ ﷺ، ذكَرْتُ ذلك له، فقال: «أَلَمْ يَعْلَمُوا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحينَ قَبْلَهُمْ».

ثانيًا: المقصودُ بالأُخُوَّةِ في الآيةِ أُخُوَّةُ الدِّينِ، لا أُخُوَّةُ النسَب:

فقد ورَدَتِ التسميةُ في موقفِ توبيخٍ واستنكارٍ وتعجُّبٍ، وكأنَّ قومَ مريمَ أرادوا أن يقولوا لها: لقد كنَّا نعُدُّكِ أختًا لهارونَ في إيمانِهِ وسجاياهُ وأخلاقِه؛ فكيف سمَحْتِ لنفسِكِ أن تَصْنَعي ما صنَعْتِ؟!

فهي إذَنْ أُخُوَّةٌ إيمانيَّة، وليست أُخُوَّةَ النسَب؛ كما ورَدَ في السؤالِ أعلاه.

ويؤيِّدُ ذلك: أن العرَبَ وَرِثوا مِن البيئةِ واللغةِ ما يَنْفي حدوثَ لَبْسٍ في المعنى؛ فقد كانت تَتِمُّ المؤاخاةُ بين أصحابِ الصفاتِ المشترَكةِ؛ مثلَما حدَثَ عندما آخى الرسولُ ﷺ

بين المهاجِرين والأنصار، وقد أيَّد القرآنُ ذلك

بقولِهِ تعالى:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}

[الحجرات: 10].

وحتى لو حمَلْنا هذه التسميةَ على أنها تسميةٌ حقيقيَّةٌ، فهذا ليس بمستنكَرٍ؛ فالقرآنُ حين ذكَرَ قصَّةَ وِلادتِها، لم يَنْفِ أن لها أخًا، إذَنْ فلا مانعَ مِن أن مَريَمَ عليها السلامُ كان لدَيْها أخٌ اسمُهُ هارونُ، وأنه كان صالحًا؛ لذلك خاطَبَها قومُها بالإضافةِ إليه:

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]

وذلك لزيادةِ التوبيخ.

ثالثًا: اليهودُ الذين عاشوا وعاصَروا نزولَ القرآنِ، لم يستنكِروا هذه الآيةَ، ولم يحتجُّوا عليها، وهم الذين كانوا يتحيَّنون الفُرَصَ للنيلِ مِن الإسلامِ، ونبيِّهِ، وكتابِه:

وبهذا يتبيَّنُ أن القرآنَ الكريمَ ليس كالكتابِ المقدَّسِ، ولا يَصِحُّ أبدًا أن يقارِنَ أحدٌ بينهما:

فالأوَّلُ: كتابٌ محفوظٌ سماويٌّ كاملٌ، لا يأتيهِ الباطلُ مِن بينِ يدَيْه، ولا مِن خلفِه، وحيٌ مِن السماءِ، نزَلَ به جبريلُ على النبيِّ ﷺ، فحَفِظَهُ، وتلقَّاهُ الصحابةُ مِن النبيِّ ﷺ، فحَفِظوه، وانتقَلَ عبرَ الأجيالِ بالتواتُرِ، حتى وصَلَ إلينا اليومَ.

وأما الكتابُ المقدَّسُ: فهو عبارةٌ عن مجموعةٍ مِن شهاداتٍ بشَريَّةٍ متعدِّدةٍ وغيرِ مباشِرةٍ؛ فلا تُوجَدُ شهادةٌ لشاهدِ عِيانٍ لحياةِ عيسى عليه السلامُ، وأصحابُ الأناجيلِ كتَبوا أناجيلَهم مِن أفواهِ الناس، وليس عن طريقِ الوحي، وما أُخِذَ مِن أفواهِ الناسِ لا يَصِحُّ أن يكونَ وحيًا؛ وبالتالي: فإنه لا يَصِحُّ أبدًا الاحتجاجُ بصحَّةِ الأناجيل، أو أن يُقاسَ عليها صحَّةُ الأخبارِ الواردةِ في غيرِها. 

  وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (261).

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى أن القرآنَ قد خاطَبَ مَريَمَ بـ

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]

والفارقُ الزمنيُّ بين هارونَ ومَريَمَ كبيرٌ جِدًّا؛ فكيف يكونُ أخًا لها؟!

فهذا يدُلُّ - في زعمِهِ - على خطأِ القرآنِ واختلاقِه؛ وهو بذلك يدُلُّ على أنه ليس وحيًا مِن عندِ الله.

مختصَرُ الإجابة:

الوصفُ الذي وُصِفَتْ به مَريَمُ ليس تسميةً قرآنيَّةً، وإنما هو محكيٌّ عن قومِ مَريَمَ لها، وليس هارونُ مريمَ هو هارونَ موسى، ولا عِمْرانُ والدُ مريمَ هو عِمْرانَ والدَ موسى، وإنما كانوا يسمُّون بأسماءِ أنبيائِهم والصالحين قبلهم؛ كما أجاب النبيُّ ﷺ.

 والقرآنُ عندما ذكَرَ الأُخُوَّةَ، لم يكن يَقصِدُ بها أُخُوَّةَ النسَب، بل أخوَّةَ الدِّين، ومع ذلك: فالقرآنُ حين ذكَرَ قصَّةَ وِلادةِ مريمَ، لم يَنْفِ أن لها أخًا؛ فلا مانعَ مِن أن مَريَمَ عليها السلامُ كان لدَيْها أخٌ اسمُهُ هارونُ، وأنه كان صالحًا؛ لذلك خاطَبَها قومُها بالإضافةِ إليه؛ لزيادةِ التوبيخ.

ومما يدُلُّ على صحَّةِ هذه الإضافةِ: عدمُ استنكارِ مَن عاصَروا القرآنَ مِن اليهود، وعدمُ اعتراضِهم على هذه الآية.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى أن القرآنَ قد خاطَبَ مَريَمَ بـ

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]

والفارقُ الزمنيُّ بين هارونَ ومَريَمَ كبيرٌ جِدًّا؛ فكيف يكونُ أخًا لها؟!

فهذا يدُلُّ - في زعمِهِ - على خطأِ القرآنِ واختلاقِه؛ وهو بذلك يدُلُّ على أنه ليس وحيًا مِن عندِ الله.

مختصَرُ الإجابة:

الوصفُ الذي وُصِفَتْ به مَريَمُ ليس تسميةً قرآنيَّةً، وإنما هو محكيٌّ عن قومِ مَريَمَ لها، وليس هارونُ مريمَ هو هارونَ موسى، ولا عِمْرانُ والدُ مريمَ هو عِمْرانَ والدَ موسى، وإنما كانوا يسمُّون بأسماءِ أنبيائِهم والصالحين قبلهم؛ كما أجاب النبيُّ ﷺ.

 والقرآنُ عندما ذكَرَ الأُخُوَّةَ، لم يكن يَقصِدُ بها أُخُوَّةَ النسَب، بل أخوَّةَ الدِّين، ومع ذلك: فالقرآنُ حين ذكَرَ قصَّةَ وِلادةِ مريمَ، لم يَنْفِ أن لها أخًا؛ فلا مانعَ مِن أن مَريَمَ عليها السلامُ كان لدَيْها أخٌ اسمُهُ هارونُ، وأنه كان صالحًا؛ لذلك خاطَبَها قومُها بالإضافةِ إليه؛ لزيادةِ التوبيخ.

ومما يدُلُّ على صحَّةِ هذه الإضافةِ: عدمُ استنكارِ مَن عاصَروا القرآنَ مِن اليهود، وعدمُ اعتراضِهم على هذه الآية.

الجواب التفصيلي

إن فهمَ اللغةِ العربيَّة، وسياقاتِها، وأساليبِها، أمرٌ مُهِمٌّ جِدًّا لإزالةِ الكثيرِ مِن الإشكالاتِ والتوهُّماتِ التي قد تَطْرَأُ على الذِّهْن؛ وتوضيحُ الإشكالِ في السؤالِ المذكورِ يتبيَّنُ مِن النقاطِ الآتية:

أوَّلًا: الوصفُ في القرآنِ إنما هو محكيٌّ عن قومِ مَريَمَ لها:

فالمتأمِّلُ للسياقِ القرآنيِّ الواردِ في الآيةِ لن يصعُبَ عليه أن يلاحِظَ أن وصفَ مَريَمَ بأنها أختُ هارونَ، ليس تسميةً أطلَقَها عليها القرآنُ، بل حكاه على لسانِ قومِها، فلم يقل القرآنُ:

«إن هارونَ مريمَ هو هارونُ موسى» ، ولم يقل: «إن عِمْرانَ والدَ مريمَ هو عِمْرانُ والدُ موسى»، وإنما جاء السياقُ ناقلًا قولَ اليهودِ في حقِّ مريمَ؛

قال سبحانه:

{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}

[مريم: 27- 29].

وقد رَدَّ النبيُّ ﷺ على هذا الفهمِ بنفسِهِ؛ ففي «صحيحِ مسلمٍ» (2135)، وغيرِهِ، عن المُغيرةِ بنِ شُعْبةَ، قال: «بَعَثَني رسُولُ اللهِ ﷺ إلى أهلِ نَجْرانَ، فقالوا: أرأَيْتَ ما تَقرَؤونَ:

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]

وموسى قبل عيسى بكذا وكذا؟ قال المُغيرةُ: فلم أَدْرِ ما أقولُ، فلما قَدِمتُ إلى رسولِ اللهِ ﷺ، ذكَرْتُ ذلك له، فقال: «أَلَمْ يَعْلَمُوا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحينَ قَبْلَهُمْ».

ثانيًا: المقصودُ بالأُخُوَّةِ في الآيةِ أُخُوَّةُ الدِّينِ، لا أُخُوَّةُ النسَب:

فقد ورَدَتِ التسميةُ في موقفِ توبيخٍ واستنكارٍ وتعجُّبٍ، وكأنَّ قومَ مريمَ أرادوا أن يقولوا لها: لقد كنَّا نعُدُّكِ أختًا لهارونَ في إيمانِهِ وسجاياهُ وأخلاقِه؛ فكيف سمَحْتِ لنفسِكِ أن تَصْنَعي ما صنَعْتِ؟!

فهي إذَنْ أُخُوَّةٌ إيمانيَّة، وليست أُخُوَّةَ النسَب؛ كما ورَدَ في السؤالِ أعلاه.

ويؤيِّدُ ذلك: أن العرَبَ وَرِثوا مِن البيئةِ واللغةِ ما يَنْفي حدوثَ لَبْسٍ في المعنى؛ فقد كانت تَتِمُّ المؤاخاةُ بين أصحابِ الصفاتِ المشترَكةِ؛ مثلَما حدَثَ عندما آخى الرسولُ ﷺ

بين المهاجِرين والأنصار، وقد أيَّد القرآنُ ذلك

بقولِهِ تعالى:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}

[الحجرات: 10].

وحتى لو حمَلْنا هذه التسميةَ على أنها تسميةٌ حقيقيَّةٌ، فهذا ليس بمستنكَرٍ؛ فالقرآنُ حين ذكَرَ قصَّةَ وِلادتِها، لم يَنْفِ أن لها أخًا، إذَنْ فلا مانعَ مِن أن مَريَمَ عليها السلامُ كان لدَيْها أخٌ اسمُهُ هارونُ، وأنه كان صالحًا؛ لذلك خاطَبَها قومُها بالإضافةِ إليه:

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]

وذلك لزيادةِ التوبيخ.

ثالثًا: اليهودُ الذين عاشوا وعاصَروا نزولَ القرآنِ، لم يستنكِروا هذه الآيةَ، ولم يحتجُّوا عليها، وهم الذين كانوا يتحيَّنون الفُرَصَ للنيلِ مِن الإسلامِ، ونبيِّهِ، وكتابِه:

وبهذا يتبيَّنُ أن القرآنَ الكريمَ ليس كالكتابِ المقدَّسِ، ولا يَصِحُّ أبدًا أن يقارِنَ أحدٌ بينهما:

فالأوَّلُ: كتابٌ محفوظٌ سماويٌّ كاملٌ، لا يأتيهِ الباطلُ مِن بينِ يدَيْه، ولا مِن خلفِه، وحيٌ مِن السماءِ، نزَلَ به جبريلُ على النبيِّ ﷺ، فحَفِظَهُ، وتلقَّاهُ الصحابةُ مِن النبيِّ ﷺ، فحَفِظوه، وانتقَلَ عبرَ الأجيالِ بالتواتُرِ، حتى وصَلَ إلينا اليومَ.

وأما الكتابُ المقدَّسُ: فهو عبارةٌ عن مجموعةٍ مِن شهاداتٍ بشَريَّةٍ متعدِّدةٍ وغيرِ مباشِرةٍ؛ فلا تُوجَدُ شهادةٌ لشاهدِ عِيانٍ لحياةِ عيسى عليه السلامُ، وأصحابُ الأناجيلِ كتَبوا أناجيلَهم مِن أفواهِ الناس، وليس عن طريقِ الوحي، وما أُخِذَ مِن أفواهِ الناسِ لا يَصِحُّ أن يكونَ وحيًا؛ وبالتالي: فإنه لا يَصِحُّ أبدًا الاحتجاجُ بصحَّةِ الأناجيل، أو أن يُقاسَ عليها صحَّةُ الأخبارِ الواردةِ في غيرِها. 

  وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (261).